عربي
Friday 5th of July 2024
0
نفر 0

إن الاعتقاد بالموجود غير المرئي

إن الاعتقاد بالموجود غير المرئي

لا يختص بالله

إن من خصائص الله الواحد الذي دعانا الأنبياء وقادة الدين إلى معرفته وعبادته ، هو أنه غير محسوس بصورة مطلقة ، أزلي أبدي ، في كل شيء لا بمقارنة ولا في شيء لا بمفارقة ، له مظاهر متجسدة في جميع المحسوسات من عالم الطبيعة ، إرادته ظاهرة متجلية في أي نقطة من عالم الوجود ، وإن ظواهر الطبيعة مرآة لتلك القوة والذات العالمية ، ليس غير مرئي فحسب بل إن حواسنا عاجزة عن دركه ، إذ كل ما يمكن أن يجول في أذهاننا إنما هو في إطار المحدودية بينما الله مطلق لا نهاية له .

لا شك في صعوبة تصوّر هكذا موجود لا يدركه الإنسان بحواسه ولا لون ولا سمة له من الماديات ولا يلائم ما جرّبناه من المشاهدات العادية ، وإذا صعب تصوّر شيء على الإنسان هان عليه إنكاره .

والذين يريدون حل مسألة وجود الله في إطارهم الفكري المحدود ونظرتهم الضيقة المادية يقولون : كيف يمكن الاعتقاد بموجود لا نراه ؟ ولكنهم يغفلون أو يتغافلون عن حقيقة : أن الإنسان بمساعدة الحواس الطبيعية وبالنظر إلى محدوديتها إنما يتمكن من درك ظاهر من هذه الحياة الدنيا ، ولا يتمكن من معرفة سائر أبعاد الوجود ، وأنه لا يخطو خطوة خلف الظواهر بمساعدة الأجهزة الحسيّة ، كما أن العلوم التجريبية إنما تستطيع أن

نتقدم بأفكار الإنسان حتى حدود الطبيعة دون ما وراءها .

إذا لم يستطع الإنسان أن يدرك شيئاً من طريق العلوم والوسائل والمقاييس العلمية فما لم يمتلك برهاناً على امتناعه واستحالته لا يملك ردّه وإنكاره بالاستناد إلى عدم انسجامه مع المقاييس المادية التي لديه .

وأما نحن فنكتشف القانون الغيبي من خلال مجموعة من الظواهر التي لا يفسّرها إلاّ ذلك القانون الغيبي . ولو لم يمكن إثبات حقيقة علمية إلاّ بالإحساس المستقيم المباشر ، لخرج أكثر الحقائق العلمية عن كونها ثابتة علمية إذ لا يدخل كثير منها في الحس والتجربة .

لا يوجد عاقل يجعل أساس إنكاره للواقعيات المادية عدم رؤيته وإحساسه لها في مسائل حياته اليومية ، ولا يتّهم بالنفي كل ما لم يدخل في حوزة إحساسه من الماديات ، فكيف بالحقائق غير المادية .

إننا في التجارب العلمية فيما إذ لم نجد علة لمعلول خاص لا نحكم ببطلان قانون العلية ، وإنما نقول : نحن نجهل بالعلة الخاصة وهذا يعني استقلال قـانون العلية عن التجارب العلمية ، وعدم صحّة نفي العلية بالتجربة .

هل أن وجود كل ما نقبله ونعتقد بوجوده مما رأيناه بأم أعيننا ؟ وهل نحن في هذه الدنيا المادية نرى كل شيء ونحسّ به ثم لا نحسّ بوجود الله ؟ بل يعلم جميع الماديين أن كثيراً من معلوماتنا هو من الحقائق والقضايا غير المحسوسة ولا المأنوسة من قبل ، وأن الموجودات الخفية كثيرة في عالم الوجود ولا سيما بالنظر إلى الحقائق الكثيرة التي اكتشفها التقدم العلمي في هذا العصر الحاضر ، وأن من أوسع الفصول التحقيقية العلمية لعلماء العالم الطبيعي اليوم هي مسألة تبدّل المادّة بالطاقة .

نفس هذه الموجودات والأجسام الطبيعية المرئية حينما تريد أن تبقى من نفسها طاقة كان عليها أن تبدّل صورتها الأولى حتى تتبدّل إلى الطاقة ،

فهل هذه الطاقة التي تدور على أساسها كثير من الانفعالات المادّية قابلة للرؤية أو اللمس ؟ .

نحن نعلم أن الطاقة ذات قدرة ، أما ما هي ماهيتها فهذا سر غير مكتشف ، إن بعض النتائج العلمية حصيلة الاستدلال والبرهان لا المشاهدات العينية ، إن معرفة أوضاع الذرّات الغاية في الصغر إنما تحصل من طريق الاستنتاجات المستندة إلى المشاهدة والتجربة ، وإن الاطلاع على الحقائق العلمية المتعلقة بفيزياء الذرّة إنما يحصل من طريق الاستدلال ، ولو لم تكن الآثار الظاهرة لبقي الإنسان جاهلاً بما في بطن الذرّة من الواقعيات والحوادث .

هذه الكهرباء الجارية في بنائنا العلمي وحضارتنا وحياتنا لم يرها فيزياوي في المختبر ولا أي فرد يزاول الوسائل الكهربائية الالكترونية ، ولم يزنها ولم يحس بنعومتها أو خشونتها ولم يسمع حسيسها ولم يلمسها أبداً ، بل إن من غير الممكن أن يرى أحد عبود الكهرباء في السلك أبداً ، اللهم إلاّ عن طريق التجربة والوسائل الالكترونية .

إن الفيزياء الجديدة تقول : إن الأشياء التي تحسّ بها صعبة جامدة هامدة لا يرى أي أثر للحركة فيها ، ولكنها على الرغم من ظاهرها هذا هي مجموعة من ذرّات لا صعبة ولا جامدة ولا ثابتة ولا هامدة ، بل ليست إلاّ حركات متحوّلة متغيرة ، وإن ما تراه أجهزتنا البصرية والحسيّة كأنها ثابتة غير متحركة هو غير ثابت ولا ساكن ولا هادئ ، بل يحيط بها السير والحركة والدوران ، من دون أن تكون مدركة لنا من طريق الإحساس المباشر .

إن للهواء الذي يحيط بنا وزناً ثقيلاً ، والبدن دائماً تحت وطأة هذا الثقل ، يتحمّل كل شخص مقدار ستة عشر ألفاً من الكيلوغرامات من ثقله ، وحيث يبطل الثقل من أثر الضغط الداخلي للبدن فلا نحسّ بألم الثقل هذا ، هذه حقيقة ثابتة علمية لم يعلم أحد بها قبل ( كاليلة ) و ( باسكال ) ولم تدركه حواسنا أبداً .

بل حتى الصفات التي يعددها العلماء بالنسبة إلى العوامل الطبيعية على أساس التجارب الحسية والاستنباطات العقلية ليست مدركة بعقولنا مباشرة ، فأمواج الراديو موجودة في كل مكان وغير محسوسة ولا يخلو محل من قولة الجاذبية الماديّة من دون أن يقل شيء من تلك المادة أو يزيد عليها .

إن الهدف من جميع التحقيقات العلمية والذي نحصل عليه منها هو مطالقعة الآثار الجزئية المحسوسة من المادة للتوصل إلى العوامل الخفية والقوانين العامة فيها .

يخبروننا في علم الجيولوجيا عن تشكيل طبقات الأرض قبل ملايين السنين ، ويتكلمون لنا عن أشكال الانكماشات والطبقات والفسيلات وإحاطة المحيطات بكثير من الجبال والصحارى الجرداء اليوم ، بينما لم يكن أحدهم يشاهد هذه الماجريات .

والمفاهيم الذهنية كالعدالة والجمال والمحبة والعداوة والبغضاء والعلم ليس وجودها معيناً محدوداً قابلاً للرؤية ، وليس لها أي أثر فيزياوي ، ومع ذلك نحن نعدها من الواقعيات ، وأخيراً فماهية الكهرباء وأمواج الاسلكيات والطاقة لا يعلم بها الإنسان ، وليس له علم بماهية الألكترون والنيوترون ولا يعلم بوجودها إلا عن طريق آثارها ونتائجها فقط .

ولا شك في وجود الحياة ولا يمكننا أن ننكرها ، ولكن كيف يمكننا أن نقدرها ونقيسها ؟ وبأي وسيلة نتمكن من تقدير وقياس سرعة سير الأفكار والأوهام والخيالات والظنون والتصوّرات ؟

يقول البروفيسور ( ستانلي كونكدون ) : « أنا كثيراً ما أطلب من تلامذتي أن يكتبوا لي بتطبيق القوانين الكيماوية على عملية تفكير فيكتبون لي عن طول العملية بالسانتيمتر ووزنها بالكيلوغرام ولونها وشكلها وحجمها ومدى الضغط والجاذبية الداخلية فيها وفاعليتها وحركتها وجهة الحركة وسرعتها . . ولكنهم لم يتمكنوا أن يبيّنوا عن العملية الفكرية بتعبير فيزياوي

أو معادلة رياضية ، اللهم إلاّ أن توجد لغة جديدة تفقد فيها كلمات الطول والوزن ونظائرهما معناها الخاص الذي كان لها في علم الفيزياء .

إن علوم المعرفة مجربة ولكنها أيضاً معرضة للخطأ والضلال والتيه والضياع ، ولا صحة ولا قانوية لها في الحياة إلاّ في حدودها الخاصة ، فإنها محصورة بحصار المعلومات الكمية ، وهي إنما تبدأ وتنتهي بالاحتمالات لا باليقين ، ونتائجها ولا سيما في التقديرات والارتباطات بين الظواهر المختلفة تقريبية معرضة لخظأ الحدس والتخمين وهي مؤقتة غير مقطوع بها ، ولا تلبث أن تتغير بالحصول على معلومات جديدة ، إذ لا نهاية للاستنتاجات العلمية ، والعالم يقول : إن الواقعيات حتى هذا الوقت الحاضر كذا وكيت ، وإن مدركاتنا الشخصية بالنسبة إلى ظواهر الطبيعة نسبية محدودة .

ولا واقعية في هذا العالم المتلاطم العجيب يمكنها أن تنفي آثار فعالية الله المطلق أو تثبت عدمه »(1) .

وعلى هذا فواضح جداً أن إنكار ما وراء المرئيات والمسموعات بعيد عن المنطق والأصول العقلية المتعارفة ، لماذا يستثني منكر والله تطبيق الأصل المعمول به في جميع المسائل العلمية بشأن القوّة القاهرة للطبيعة ؟

لا ننسى أننا محبوسون في أبعاد المادة ، ولا يمكننا أن نتصوّر الموجود المطلق في أنظارنا كما نتوقع ، نحن إذا قلنا لقروي عادي : هناك مدينة في العالم كبيرة وسيعة مليئة بملايين البشر تسمى ( لندن ) تصوّر في ذهنه شكل معمورة كبيرة أكبر من قريته تلك بعشرات المرات بنفس الكيفية الخاصة في البناء والأزياء ونوعية العلاقات والمعاشرات ، ويتصور أن وضع الناس كأهل قريته في جميع الخصوصيات ! .

ولإصلاح فكره البعيد عن الواقع بالنسبة إلى لندن ، فالشيء الوحيد الذي نتمكن أن نقوله هو : إن لندن بلاد معمورة ولكنها ليست كبلادكم ولا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 إثبات وجود الخالق : ص 34 ( بالفارسية ) .

 

الوضع السائد هنا نفس الوضع هناك .

كذلك الذي نقوله بشأن الله الخالق : إنه موجود حي قادر عليم لا من نوع هذه الموجودات والعلوم والقدرات ، وبهذا نتمكن من أن نخرج شيئاً ما عن بلاء المحدودية، وإن تصوّر حقيقة ذات المادّة الأولى غير ممكنة أيضاً.

إن المحسوسات وإن كانت من أوضح وأدق معلوماتنا في نظرنا لكننا لا يمكننا الاعتماد عليها فقط في المسائل العلمية والفلسفية ، بل يجب أن نعرف حقيقتها وماهيتها ومدى مساعدتها للإنسان على كشف الحقائق بعيدين عن النظرات المتعصبة ، فإن المحسوسات في غير هذه الصورة ستغشنا وتضللنا ، إذ إن الإدراكات الحسية إنما تتعلق بكيفيات معينة من ظواهر المحسوسات لا بجميعها ولا بغير المحسوسات من الجواهر والذوات ، وهي لا تتمكن من الإدراك إلاّ في حدود خاصة .

هذه العين التي هي أوثق وسيلة لدرك الواقعيات تصبح في كثير من الموارد عاجزة عن رؤية الواقعية ، فلا  ترى من الأنوار إلاّ ما لم يكن طول موجبة أقل من ( 4% ) ميكرون ، وأكثر من ( 8% ) ميكرون ، ولهذا فهي لا ترى أشعة ما وراء البنفسجية وما وراء الحمراء ! ، وقد خصصت كتب الدراسات العلمية النفسية وغيرها فصولاص هامة للتعرّض لأخطاء الحواس ، إن الألوان التي نعرفها في هذا العالم الخارجي هي ليست في الحقيقة ألواناً ، بل هي ارتعاشات بطول أمواج مختلفة ، فالعيون تحس بطول أمواج مختلفة من النور وبميكانيكية خاصة ، فالتي ندركها بحواسنا تتحدد بحدود قدرتها ، وبعض الحيوانات ترى بعض الواقعيات بألوان مختلفة .

ولم يتّضح في التحليل العلمي بعد كيفية درك حاسة البصر للألوان المختلفة ، ولم يخرج التحقيق المعمول به بهذا الصدد والنظريات المبررة عن صورة فرضيات ، والرؤية بعد مبهمة ! .

ولإدراك مدى تغرير حاسة اللمس بإمكانات أن تملأ ثلاث كؤوس من

الماء ، أو لاها حارة جداً ، والثانية باردة جداً ، والثالثة فاترة ، فتدخل إحدى يديك في الحارة والأخرى في الباردة ثم تخرجهما فتدخلهما في الفاترة ، فإنك سترى ـ بكل عجب ـ أنك تحس بإحساسين متضادين ، فإحدى يديك تحسّ ببرودة الماء جداً ، وبالاخرى تحسّ حرارته الشديدة ، بينما الماء واحد وله درجة واحدة من الحرارة .

والعقل يقول : لا يمكن أن يكون الماء في لحظة واحدة بارداً وحاراً ، بحالتين متضادتين ، وأن هذا من خطأ اللامسة التي فقدت إدراكها بتأثير من المياه السابقة ، فما تحسه الآن يتنافى وحقيقة الأمر ، وإن العقل يؤكّد
خطأه .

وعلى هذا فكيف يمكننا أن نعتمد على الإحساس فحسب بدون قيادة عقلية ومقاييس فكرية ؟ وهل من سبيل للأمان من هذه الأخطاء الحسية غير الإدراكات العقلية ؟ أجل هو الذي يتكفل بإصلاح مدركات الحواس ، وهو فوق الحواس .

وعلى هذا نقول : إن المحسوسات تفقد قيمتها بعنوان مدركات واقعية ، وإنما لها قيمة علمية ، وإن الذين يحصرون اعتمادهم في مطالعاتهم على الحواس فلن يوافقوا إلى حل مسائل الوجود ولغز الحياة .

وما علمناه بخصوص إدراك الحواس للواقع ينتج لنا : أن الحواس لا تقدر وحدها أن تصل بالإنسان إلى العلم اليقيني وأن تقوده إلى الحقيقة حتى في المحسوسات ، فضلاً عن المسائل التي لا سبيل للحواس إليها فكيف تبدي بشأنها النظر ؟ .

إن أتباع المدرسة الميتافيزيقية يعتقدون بأنه كما أن أسلوب التحقيق والمعرفة في العلوم الحسية هي التجربة ، كذلك في معرفة المسائل الميتافيزيقية يكون أسلوب التعقّل هو الوسيلة لاكتشاف الحقائق .

كتب المحقق الشهير : ( كميل فلاماريون ) في كتابه : (  أسرار

الموت ) يقول : « إن الناس يعيشون في صحراء من التيه والجهل والضلال والضياع ، ولا يعلمون أن هذا التركيب الجسماني للإنسان لا يقدر على قيادته إلى الحقائق ، وأن هذه الحواس الخمس تغشه وتخدعه وتغريه في كل شيء ، وأن الشيء الوحيد الذي يهدي الإنسان إلى الحقائق هو العقل والفكر والدقة العلمية .

إن العقل والعلم يحكمان اليوم بوجود ذرّات من الأشياء وفي الهواء والقوى والطاقات التي لا نراها ولا يمكننا إحساسها بأي واحد من حواسنا ، وعلى هذا فمن الممكن وجود أشياء وموجودات أحياء خارجة عن حدود حواسنا .

فإذا ثبت بالدليل العلمي عدم قدرة الحواس الظاهرة على معرفة جميع الموجودات ، وأنها قد تغشنا وتخدعنا وتغربنا بخلاف الواقع ، فلا ينبغي لنا أن نتصور حصر جميع الموجودات فيما ندركه بحواسنا ، بل علينا أن نذعن بخلافه ، وقبل اكتشاف الميكروب لم يكن أحد يتصوّر ملايين الميكروبات في أطراف الأجسام ، وأن حياة كل حي معرّضة لتجوال أنواع هذه الميكروبات ولذلك نحن نقول : إن الذي يقودنا إلى الواقعيات بصورة كاملة هو العقل والفكر » .

وبناء على ما سبق نكرر : أن لا قدرة كافية لحواسنا حتى على معرفة المحسوسات والمشهودات ، فان الإدراكات الحسية صور عن ظواهر الحياة من دون الوصول إلى أعماقها ، ودون أن تقدر على رؤية مستقبل ومصير ظاهرة خاصة ، لكننا بالتحليل الفكري وتعمق النظر نستطيع الوصول إلى أعماق حقائق الأشياء » .

وخلاصة القول : إن المعرفة الموثوق بها هي التي تكون بعيدة عن قصر النظر والحكم بالظواهر ، بل قرينة للتحقيق الدقيق الفكري والعقلي .

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإمامَةُ والخِلافَةُ (2)
المهدي المنتظر في كلمات محي الدين بن عربي/ ق2
ما معنى الحديث القائل "الحسود لا يسود"؟ هل هو ...
الأبعاد الروحية للشعائر الإسلامية
الجبر والاختيار
ظاهرة تشيع علماء السنة ومثقفيهم استوقفتني
الشفاعة عند الشيعة الإمامية
التجهيز
الذنوب الكبيرة (4)
أشراط الساعة (1)

 
user comment