[وجه معرفته تعالى مع عدم كونه مرئيا]
سـؤال (225) : اذا كـان الـخـالـق غـيـر مـرئى , فـأيـن حـصـل الـعـلـم بـه حـتـى قيل : الخالق الرازق (226) ؟.
الـجـواب : جـبـل تـعالى فينا العلوم الضرورية , كالوجدانيات من الالام , واللذة , والسرور,وحسن الاشيأ وقبحها في مواضعها. فان الصنع من غير صانع محال , كالنقش من غيرنقاش , والكتبة من غير كـاتـب والـبـنـأ مـن غـيـر بـان (227) . وجـعـل الـتـصـورات فيناضرورية , فنستدل بها و (228) بـالـتصديقات الضروريات أن ورأ هذاالمشاهد لابد أن يكون واجب قديم أزلى , منه هذه الاشيأ. فهذه الاستحالات والتغيرات في العالم ألجأناالى القول بالصانع . وذكرنا هذا في كتاب (نزهة (229) الاصول في تحفة آل الرسول ) (230) فصل (231)
فصل [الحاجة الى الشريعة و الخليفة عن اللّه ]
اذا صح أ نه أراد اظهار عظمته , فلابد أن ينفذ أمره ونهيه في خلقه , لكن هذا من صفات الـجـسـم فاختار خلافة عنه (232) نيابة , الرسل , ومنه قوله تعالى : (اني جاعل في الارض خـلـيـفـة ) (233) والخليفة من يقوم مقام الغير لترويج بعض ما كان من همه أن يروج لو كان حاضرا (234) , فلذلك قلنا بعصمة الانبيأ والخلفأ.
ولابد للنبى والخليفة من ضابطة وهي المسماة بالشرع . وحاصله (235) أ ن نوع الانسان يحتاج بعضهم الى آخر, كل واحد بشي ء آخر, وبينهم المعاملات , والطمع ,وحيلة (236) الجور بمال غـيـره , وسـلـبـه عنه بشدة الحاجة اليه بالنظر الى حرصه . فلابد من حاكم من عنده تعالى حتى يـؤدي (237) عـنه ـ تعالى ـ الى عباده , ويقطع الخصومات , ويهديهم الى سبيل الرشاد, ويمنعهم عـن عـبـادة غـيـره وعـن الـشـرك بـه تـعـالـى آوالـوثوق لايحصل بما قلناه به الا بالمعصوم , فوجب (238) علينا لذلك , القول بعصمة الخليفة من يوم الولادة الى يوم الوفاة (239) ليحصل بـوجوده (240) تمام غرضه تعالى , ويحصل بوجوده ضبط العباد, والبلاد, ويستقيم أمر ملكه , ولا يطمع القوى في الضعيف .
فصل (241)
فصل [الحاجة الى ما هو بمنزلة الامام أصل ثابت في العالم ]
اسـتـقـرأنـا الـكـائنات فوجدناها أ ن اللّه تعالى لم يحمل ولم يخل نوعا ما من (242) عليه من الحيوانات والجمادات في العلويات و السفليات (243) . وبسطت هذاالباب في الكتاب (244) الفارسي الا أني أذكر (245) ههنا مجملا على سبيل الارشادوالتنبيه .
فصل (246)
فصل [تفصيل ذلك بطريق الاستقرأ]
وجـدنا سائر الاناسى أنهم قالوا بالرئيس من السلطان والملك والزعيم , حتى الرعاة على المواشي , والنعم (247) في كل بيت . ومنه قوله (ع ) : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته (248) .
وقال تعالى : (الرجال قوامون على النسأ). (249) حـتـى رأيـنـا الـصبيان ينصبون أحدا منهم على أنفسهم في الملاعب . وكذلك في المكاتب ينصب الـمـؤدب حال خروجه من مكتبه أحدا من صبيانه من له سداد في تلك الصنعة (250) . وما اهمل كـل بـدن من غير متقدم مرشد مصلح , كالعقل والقلب , وجعل الحواس وسائرالاعضأ في حكمها وما مـن (251) عـضـو الا ولـه مـقد م حتى الاصابع ,كالابهام وفي الاسنان . وما نجد قوما الا وهم ينصبون صاحب الحزم والرأي على أنفسهم .
وكذلك جميع الحيوانات لكل منهم مقدم (252) آمر لهم بما هو من شأنه في سرحته (253) مـن سـائر الـحـيـوانات , حتى النحل , والغربان , والكراكي , والعصافير,والطيور المرفوفة اللا ئي (254) يطرن صافات في الجو, لكل منهن متقدم يطير مقدماويصلح من هو بمنزلة وزيره في سـربـه (255) وثلته (256) , ومثله في الحيات ,واليحامير والغزلان . (257) فاذا جبل اللّه (258) تـعـالـى فـي نـفـوس هـؤلأ أ نه لابدلهم من متقدم , فكيف يخلي العالمين مع جواز خـطاهم (259) وطمعهم وبغضهم لاخر؟ فلذلك جعل اللّه تعالى في الفلكيات (260) الشمس امـامـهـم , والـقمر وزيره ,والافلاك أقاليمها, والبروج بلادها, (261) والعلوية والسفلية في حكمها وفي تدبيرهاوجعل أنوار الكواكب (262) منها ومن ضوئها, وأسكنها وسط الافلاك , و جعلها كل شهر في بلد من بلاد ملكها, وجميع الكواكب والبروج في (263) قبضتها ومن ذلك قوله تعالى : (سنريهم اياتنا في الا فاق و في انفسهم حتى يتبين لهم ا نه الحق ). (264) وفي المعادن جعل الذهب خلاصتها, وجعلها جوهر الاثمان , وجعلها على وجه التراب (265) ثم اخـتـار الـلا لـي الـثـمـيـنـة واحـدا فواحدا دون مرتبة الذهب . وكذلك في الاشجار, والنبات , والـمـطعومات , والمشروبات , (266) والملبوسات , الى آخرالكائنات . فلابد من كون الانسان مـثـلـهـا عـلـى سبيل الاستمرار ببقأ نوع الانسان . ومنه قوله تعالى : (ايحسب الانسان ان يترك سدى ). (267) فصل (268)
فصل [لزوم الامامة عقلا مع وجود شواهد نقلية أيضا]
لـما بذل الانسان العقل وحلي (269) به , وكلف , ولم يترك سدى , وأخبر الصادقون بأن الحشر لـلـجزأ حق , وورد النقل المقطوع والاجماع بأ نه حق , و قال اللّه تعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خـيـرا يـره ومـن يـعـمـل مثقال ذرة شرا يره ), (270) ووكل الخالق الحفظة9 على عباده , وأطـلعهم على أفعال العباد حتى يكتبون و يحفظون , كما أخبر عنه قائلا:(وكل صغير وكبير مـسـتـطـر), (271) وقـال : (يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادرصغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربك احدا), (272) وانماهذه لاقامة الحجة على الـعـبد ولايكذب الرب بمحازاته (273) اياه , فيفعل ما يستحقه بعد اقامة الحجة والشهود عليه لئلا يظن ظان بأ نه تعالى يظلمه , ثم قال تعالى : (وقفوهم انهم مسؤولون ), (274) وقال تعالى : (فـلـنـسـألن الذين ارسل اليهم ولنسألن المرسلين ). (275) وقال تعالى : (يوم يجمع اللّه الـرسـل فيقول ماذا اجبتم ), (276) فعلى هذا اذا سئل عن الذرة , فكيف يمكن أن لا يسأل عن أعـظـم امور الدين , وهو الامامة بازأ شأن (277) النبوة سوى الوحي , كما قال اللّه تعالى يوم الـغـديـر: (وان لم تفعل فمابلغت رسالته , (278) وقال تعالى : (قل لا اسألكم عليه أجرا الا الـمـودة فـي الـقـربـى ), (279) فـاذا كـان الـشـخـص مـسـؤولا عـنـهـا ووقـع اختلافات (280) الحجة , (281) وجب على المكلف العاقل معرفة حقيقتها, أ ن المستحق لهذه الـمـرتـبـة مـن هـو الـمـحـق مـن الـمختلفين ؟, و تخليص نفسه من جملة من اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللّه , قال اللّه تعالى : (و لا تلقوا بايديكم الى التهلكة ). (282) فـالـتهلكة هيهنا أن يهلك نفسه لمحبة قوم أرذل , أولئك كالا نعام بل هم اضل . والنبي (ص )أخبر بأن الحق ليس الا واحدا.قال اللّه تعالى : (فماذا بعد الحق الا الضلال ). (283) وقال تعالى : (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ). (284) أصل (285)
اصل ألنبأ العظيم في القرآن هو على (ع )
وظهر في الاسلام سبع مائة مذهب , امها ثلاثة وسبعون . (286) وجميع ذلك لعلى وأولاده (ع ) والـصحابة , ابي بكر (287) وعمر وعثمان . ووجدنا اللّه تعالى يقول :(عم يتسألون عن النبأ الـعـظـيـم الـذي هـم فـيـه مـخـتـلـفـون ). (288) وقـال : (قـل هو نبأعظيم انتم عنه معرضون ). (289) فـالنبأ العظيم (290) هو على بن أبى طالب (ع ) (291) الذي اختلف فيه الناس . (292) فقال قوم : بامامته بعد النبى (ص ) بلافصل (293) .
و قوم قالوا بامامته بعدالصحابة .
وقوم قالوا انه رسول اللّه ومحمد (ص ) كان نائبه و وكيله في القيام بالامر. (294) وقوم قالوا بالهيته . (295) وقوم قالوا بعصمته مع العدالة .
وقال قوم : انه عدل بغير عصمة . (296) وورد فـي ذلك الاخبار عن الاخيار: أن النبأ العظيم هو على (ع ) يصدقه شعر عمرو بن العاص حيث قال من أبياته في مدحه (شعر): اذا نادت صوارمه نفوسا ـــــ فليس لها سوى (نعم ) جواب هو النبأ العظيم وفلك نوح ـــــ وباب اللّه وانقطع الخطاب (297) فـعـند ذلك أقول بفضل ذي الجلال : دع نفسك و تعال , (298) و اعلم أ ن اللّه تعالى أخبربأن الانـسـان مختبر, (299) فكثير (300) منهم يرتد على الاعقاب قهقرى , لما قال اللّه تعالى : (الم احسب الناس أن يتركوا أن يقولوا امنا وهم لا يفتنون ), (301) وقال تعالى : (أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ). (302) وقـال : (يـا أيـهـا الـذيـن آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ). (303) وقـال : (و مـايـؤمـن أكـثـرهـم بـاللّه الا و هـم مشركون ). (304) وأمثالها في القرآن كـثيرة .فوجب وقوعه رفعا للكذب عن اللّه تعالى , فاذا ثبت هذا وجب على العاقل تتبع الاحوال حتى يعلم , من المرتد عن دينه ؟ الاحوال حتى يعلم , من المرتد عن دينه
فصل [انكار الامامة بمنزلة الارتداد]
سـئل القائم (ع ) عن المرتدين . فقال (ع ): مثل الرسول كمثل تاجر نزل على باب بلدة , وزعم أ نه يمشي الى البلد الذي بناه السلطان الفلانى كذا وكذا, نزهة وخصبا, ورحب العرصة وسعة المعيشة عـلى وجه لم يوجد مثلها في الدنيا, فتبعه قوم ليشاهدوا تلك السعة و ذلك الخصب , فمات التاجر في الـطـريـق و نـدم هؤلأ التبع , فقالوا: كان قول هذا التاجرمن أساطير الاولين , و من جأ من تلك البلدة ؟, و من رآها؟. فرجعوا الى بلدة كانوا فيها.فهذا التاجر هو (305) النبى (ص ), والمخبر عنه الجنة . فلما مات ندم القوم (306) ,ورجعوا الى ما كانوا فيه من عالم الشرك . (307) ويدل عـلـى ما قاله [(ع )] قول يزيداللعين حيث يقول بعد قتل الحسين و أقربائه وأصحابه (308) (ع ) شعر: (309) ليت أشياخي ببدر شهدوا ـــــ جزع الخزرج من وقع الاسل فأهلوا (310) واستهلوا فرحا ـــــ ثم قالوا: يا يزيد لا تشل لست من خندف (311) ان لم انتقم ـــــ من بني أحمد ما كان فعل ثم قال : لعبت هاشم بالملك فلا ـــــ خبر جأ ولا وحي نزل (312) أصل (313)