أفضلية الائمة واحداً واحداً
وأمّا أفضليّتهم واحداً واحداً، أي من الحسن والحسين إلى
____________
(1) تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان 2/221 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1416.
|
|
|
آخرهم (عليهم السلام)، فأقرأ لكم حول كلّ إمام بعض الكلمات وبسرعة:
ثبتت أفضليّتهما بآية المباهلة وآية التطهير وغيرهما، وبالاحاديث المتّفق عليها الواردة في حقّهما، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة»، رواه أحمد في المسند، الترمذي والنسائي في صحيحيهما والحاكم في المستدرك، وهو أيضاً في الاصابة وغير هذه الكتب(1) ، وحتّى أنّ المنّاوي يقول عن السيوطي: إنّ هذا الحديث متواتر(2) .
وصفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)بزين العابدين، والحديث متّفق عليه، ومن رواته صاحب الصّواعق(3) ، وعن يحيى ابن سعيد إنّه قال: هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة(4) ، وقصيدة الفرزدق في حقّه
____________
(1) مسند أحمد 3/3، 62، 64، 82، سنن الترمذي 5/656 رقم 3768، مستدرك الحاكم 3/167، الاصابة 2/12 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(2) فيض القدير 3/415.
(3) الصواعق المحرقة: 302 ـ 304.
(4) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3 / 415.
|
|
|
معروفة ومشهورة(1) .
أعلم الناس وأفضلهم في عهده، ولذا لقّبه النبي بالباقر، لانّه بقر العلم، وكان من الاخذين عنه أبو حنيفة وابن جريج والاوزاعي والزهري وغيرهم، وهؤلاء أئمّة أهل السنّة في ذلك العصر.
قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد(2) ، وقد حضر عنده هو ومالك بن أنس وغيرهما من أئمّة أهل السنّة، وفي مختصر التحفة الاثنا عشرية عن أبي حنيفة إنّه قال: لولا السنتان لهلك النعمان(3) ، يعني السنتين اللتين حضر فيهما عند الامام الصادق (عليه السلام)، وقال ابن حبّان: من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً.
____________
(1) ديوان الفرزدق 2/178 ـ دار صادر ـ بيروت.
(2) سير أعلام النبلاء 6/257 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1405.
(3) مختصر التحفة الاثنا عشرية: 9.
|
|
|
لقّبوه بالعبد الصالح كما في تهذيب الكمال وغيره من المصادر(1) ، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: مناقبه كثيرة(2) ، وقال ابن حجر المكي في الصواعق: كان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم(3) ، قالوا: وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله(4) ـ أي في حياته وبعد حياته ـ وقد ذكروا له كرامات عجيبة، كقضيّته مع شقيق البلخي التي ذكرها ابن الجوزي في صفة الصفوة(5) .
ذكروا إنّه كان يجلس في المسجد النبوي ويفتي الناس وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، لاحظوا هذه الكلمة في تهذيب التهذيب وفي المنتظم لابن الجوزي وغيرهما من الكتب(6) ، وقد رووا أنّ
____________
(1) تهذيب الكمال 29/44، تاريخ بغداد 13 / 27.
(2) تهذيب التهذيب 10 / 303.
(3) الصواعق المحرقة: 307.
(4) الصواعق المحرقة: 307.
(5) صفة الصفوة 2/185.
(6) تهذيب التهذيب 7/339 ـ دارالفكر ـ 1404، المنتظم لابن الجوزي 10/119 ـ 120 رقم 1114 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1412.
|
|
|
من تلامذته: أحمد بن حنبل كما في سير أعلام النبلاء(1) ، وقال الذهبي عن الامام الرضا (عليه السلام): كان سيّد بني هاشم في زمانه وأجلّهم وأنبلهم وكان المأمون يعظّمه ويخضع له(2) ، وقال ابن حجر: قال الحاكم ـ رجاءً لاحظوا هذه القضية ـ: سمعت أبا بكر بن المؤمّل بن الحسن بن عيسى يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة، وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافرون، خرجنا إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس، فرأيت من تعظيمه ـ أي تعظيم ابن خزيمة ـ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحيّرنا(3) .
فليسمع من يحرّم زيارة القبور والتضرّع عند القبور في المشاهد المشرفة.
قال الذهبي بترجمته: من سادات أهل بيت النبوّة، وكذا قال
____________
(1) سير أعلام النبلاء 9/388 ـ مؤسسة الرسالة ـ 1405.
(2) تاريخ الاسلام من 201 ـ 210: 270 ـ دار الكتاب العربي ـ 1411.
(3) تهذيب التهذيب 7 / 339.
|
|
|
الصفدي(1) ، وفي تاريخ الخطيب ما يفيد أنّه كان يرجع إليه ـ أي إلى الامام الجواد ـ في معاني الاخبار وحقائق الاحكام(2) .
قال الخطيب: أشخصه جعفر المتوكل من مدينة رسول الله إلى بغداد، ثمّ إلى سرّ من رأى، فقدمها وأقام فيها عشرين سنة وتسعة أشهر، ولذا عرف بالعسكري(3) ، وقال الذهبي: كان المتوكل فيه نصب وانحراف(4) ، وقد شهد أعلام أهل السنّة بفقه الامام الهادي وعبادته وزهده، قال اليافعي: كان الامام علي الهادي متعبّداً فقيهاً إماماً(5) ، وقال ابن كثير: كان عابداً زاهداً(6) ، وكان سلام الله عليه أعلم علماء عصره، وقد ظهرت منزلته العلميّة في قضيّة اتّفقت للمتوكل عجز العلماء عن إعطاء الرأي الصحيح فيها، وكان الرأي في تلك القضية للامام (عليه السلام)، ذكر القضيّة الخطيب البغدادي في تاريخ
____________
(1) تاريخ الاسلام من 211 ـ 220: 385، وفيه «كان من سَرَوات آل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم).
(2) تاريخ بغداد 3 / 54.
(3) تاريخ بغداد 12/56.
(4) سير أعلام النبلاء 12 / 35، الكامل في التاريخ 7 / 55.
(5) مرآة الجنان 2/119 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1417.
(6) البداية والنهاية المجلد 6 الجزء 11/15 ـ دارالفكر ـ بيروت.
|
|
|
بغداد(1) .
كان أكثر عمره تحت النظر، وكان الناس ممنوعين من الالتقاء به، والاستفادة منه، وحال الحكام دون أن تظهر علوم هذا الامام (عليه السلام) للاُمّة، ومع ذلك فقد ظهرت منه فوائد، وظهرت منه كرامات، ونقلت عنه روايات كثيرة، وبإمكانكم المراجعة إلى كتاب حلية الاولياء وإلى لسان الميزان(2) ، إلى الفصول المهمّة في معرفة الائمّة(3) وإلى الصواعق المحرقة(4) وإلى نور الابصار(5) والى روض الرياحين لليافعي(6) وإلى جامع كرامات الاولياء للنبهاني(7) ، وغير هذه الكتب.
____________
(1) تاريخ بغداد 12/56 ـ 57.
(2) لسان الميزان 1 / 209.
(3) الفصول المهمّة: 284 ـ 290 ـ منشورات الاعلمي طهران.
(4) الصواعق المحرقة: 314.
(5) نور الابصار: 183 ـ 185 ـ دارالفكر ـ بيروت.
(6) روض الرياحين، وعنه جواهر العقدين ق2 ج2 / 431.
(7) جامع كرامات الاولياء 2/18 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1417.
|
|
|
سنبحث عنه وعمّا يتعلّق به في ليلة خاصّة، إن شاء الله تعالى.
وإن أردتم أن تعرفوا ابن تيميّة ورأيه في هؤلاء الائمّة وحقده وتعصّبه ونصبه، فراجعوا كتاب منهاج السنّة، ولربّما نخصص ليلة للتحقيق عمّا جاء في منهاج السنّة في حقّ الائمّة والشيعة والتشيّع.
ونسأل الله التوفيق لنا ولكم وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.