المناظرة الثامنة
سماحة الشيخ مصطفى الطائي:
بسم الله الرحمن الرحيم المناظرة الثامنة, والتي جرت في غرفة الحق.
السيد رفيق الموسوي مدير الحوار:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, حياكم الله إخواني جميعاً, وخير ما نبدأ به إن شاء الله الصلاة على محمد ـ اللهم صلّ على محمد وآل محمد ـ.
نرحب بالشيخ عثمان الخميس في غرفة الحق الإسلامية, ونرحب أيضاً بسماحة الدكتور السيد عصام العماد أيضاً, معنا في هذه الحوار من أجل التقارب ما بين المسلمين إن شاء الله.
تفضل سماحة الشيخ عثمان الخميس, نسمع صوتكم, لكم المايك, تفضلوا.
سماحة الشيخ عثمان:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وإمامنا ومولانا وحبيبنا محمد بن عبد الله, وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد؛ حيا الله تبارك وتعالى جميع من حضر, وأسأله جل وعلا أن يوفقنا وإياهم إلى اتباع الحق بعد معرفته, وإلى التزامه بعد اتباعه, والموت عليه بعد التزامه, ونسأل الله جلّ وعلا أن يوفقنا إلى أن نبين هذا الحق, الذي ندين الله جل وعلا به, أو أن نقتنع بما عند غيرنا إن كان عندهم حق. وجزاكم الله تبارك وتعالى خيراً.
السيد رفيق:
جزاكم الله ألف خير شيخ عثمان, يتفضل سماحة الدكتور السيد عصام, إن شاء الله أيضاً نسمع منكم.
السيد عصام:
«رب اشرح لي صدري, ويسّر لي أمري, واحلل عقدة من لساني, يفقهوا قولي» وأفوض أمري إلى الله, إن الله بصير بالعباد.
إخواني أكرر هذا الأمر مراراً, كما تشاهدون يعيش المسلمون من سنة ومن وهابية ومن سلفيه ومن اثني عشرية في مرحلة من أسوأ مراحل التاريخ الإسلامي, ولم يتعرض الإسلام للهجوم من قبل الاستكبار الصليبي والصهيوني كما هو الحال في هذه المرحلة التاريخية الصعبة.
والمشكلة الكبرى التي أرى من المسؤولية أمام الذات الإلهية أن أذكرها, إنهم يحاربون الإسلام تحت عنوان محاربة الإرهاب, وإذا تم محاربة الحركة الإسلامية ما الذي سيبقي من المسلمين؟ إن كيان الأمة الإسلامية قائم بالحركات الإسلامية, وهذه العبارة محاربة الإرهاب هي كلمة حق يراد بها باطل كما عبّر الإمام علي ـ رضوان الله عليه ـ عن عبارة الخوارج, حين قالوا لا حكم إلا لله, فقال: [كلمة حق يراد بها باطل]. ومن هنا منذ أن انتقلت من الوهابية إلى الاثني عشرية وأنا أطالب ـ حتى أضيّع وآخذ الكرة من الاستكبار الصليبي ـ بفكرة تأسيس جماعة تحت عنوان: «جماعة التقريب بين الاثني عشرية وبين الوهابية» من أجل أن نتوجه جميعاً إلى عدونا الرئيسي, وهو الصليبية والصهيونية, ولكن هذا التقريب لن يتم إلا إذا قمنا بتبيين وتوضيح ما هي الوهابية وما هي الاثنا عشرية, حتى يفهم الجميع مذهب الآخر, وإذا فهم بعضنا البعض فسوف تزول ما بيننا من كدورة, وأنا أرى إن الشيخ عثمان بحواره الهادئ مع الاثني عشرية سوف يكون من قادة هذه الجماعة, التي أرغب في تأسيسها «جماعة التقريب بين الوهابية وبين الاثني عشرية», وأسأل الله أن يوفقنا لنكون دعاة لهذه الجماعة, وتفضلوا معكم المايك.
السيد رفيق:
تفضلوا شيخ عثمان معكم المايك, البداية معكم إن شاء الله.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم لا شك إن الدعوة إلى التقريب التي يدعو إليها الشيخ الدكتور عصام العماد, نحن لا نمارسها ولا ندعو إليها ولكن ندعو إلى اتباع الحق، ندعو إلى اتباع الكتاب والسنة، ندعو إلى أن يقول كل مسلم: «اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين». أما التقريب فإن كل المذاهب والأفكار والأديان التي على وجه الأرض لا شك إن بينها وجه مقاربة, ووجه مباعدة, فلو كنا ندعو إلى التقريب سندعو الجميع إلى التقريب, ولكن نحن نقول:«وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله». ولكن ليس هذا موضوعنا الآن.
المهم أنا قلت كل ما عندي عن «آية التطهير», وعن «حديث الكساء», والشيخ الدكتور عصام قال عنده حديث كثير عن ذلك, فليسمعنا إن شاء الله تعالى.
السيد رفيق:
تفضلوا سماحة الدكتور السيد عصام, إن شاء الله نسمع منكم.
السيد طلال:
يتفضل سماحة الدكتور السيد عصام.
السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, في البداية أطلب العذر من أخي الشيخ عثمان, حيث إنه كرر مراراً بأن كل ما لديه حول «آية التطهير» و«حديث الكساء» قد قاله, ومن هنا أصرّ في الجلسة الماضية أن نترك البحث حول «آية التطهير» أو «حديث الكساء», إلى آية أخرى أو حديث آخر, ولكن على الشيخ أن يحتمل عذري إذا أصريت على البقاء في «آية التطهير» و«حديث الكساء»؛ لأنني أعتبر آية التطهير, مع حديث الكساء بالنسبة لي أنظر إليها بمنظار يختلف عن منظور الشيخ عثمان, فالشيخ عثمان مع احترامي الكثير له, ورث الفهم عن «آية التطهير» أو فهمه عن «حديث الكساء» من والده, كما ورث الصفات الجسمية منه, في حين أنني كنت مثله في البداية، فقد ورثت فهم «آية التطهير» و«حديث الكساء» من عائلتي ومن آبائي ومن البيئة التي عشت فيها, عندما كنت وهابياً, ثم مرت عليّ الأيام كنت إماماً في أحد المساجد الوهابية في اليمن, وخطيباً للجامع ومدرس للعلوم الدينية الوهابية.
لكنني بعد بحث طويل وتجرد من ضغوط الأسرة والبيت عرفت الحق, وانتقلت من الوهابية إلى الاثني عشرية, وقد ظليت ثلاثة عشر عاماً وأنا أقراً الاثني عشرية في أكبر حوزة علمية عند الاثني عشرية في مدينة قم, وكل يوم يزداد يقيني أن الحق معهم, وكان من أسباب انتقالي «آية التطهير وآية المباهلة وحديث الكساء وحديث الاثني عشر وحديث الثقلين».
ومن هنا فآية التطهير وحديث الكساء يشكلا لي أهمية كبرى, أكثر من الأهمية التي تشكل هذه الآية عند سماحة الشيخ عثمان الخميس, إن الشيخ عثمان طالما كرر السؤال ماذا تريد من «آية التطهير»؟ ماذا تريد من «حديث الكساء»؟ لماذا هذه الإطالة في البحث عنهما؟ والجواب على أخي الشيخ عثمان هو إن الذي يبحث عن آية التطهير وعن حديث الكساء, شخص كانت هذه الآية من أسباب انتقاله, فلذلك هذه الآية تشكل أهمية كبرى عنده, ومن هنا يعذرني, لأنني وجدت أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ركّز على «حديث الكساء» تركيزاً غير عادي.
وهذا الاهتمام من النبي في «آية التطهير» وفي «حديث الكساء», كان السبب فيه أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قرن أهل البيت بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية, فكان من المناسب أن يحصر النبي أهل البيت الذين أطلق عليهم كلمة ثقل فصفة ثقل لا تنطبق إلا على دائرة المطهرين فقط، وفي عدد محدود وأسماء معينة, كما حصر القرآن حتى لا يتم الخلط بين المطهرين من أهل البيت, وغير المطهرين من أهل البيت, وذكر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ «حديث الكساء» في مرار عديدة, وفي أماكن متعددة, وأدخل علياً وفاطمة والحسن والحسين, ولم يدخل غيرهم من بني هاشم, وقال: [اللهم هؤلاء هم أهل بيتي]، لاحظ ضمير (هم)، هؤلاء أهل بيتي.
إذن فقد كان النبي يريد أن يبين لنا أن دائرة المطهرين من أهل البيت, تختلف عن دائرة غير المطهرين من أهل البيت؛ لأنه يعلم أنه سيأتي من أهل بيته من غير المطهرين من يدعي مقام المطهرين.
وقضية حصر دائرة المطهرين عن غيرهم, سواء كانوا من دائرة الصالحين غير المطهرين, أم كانوا من دائرة الرجس, الذين يخرجوا عن دائرة المطهرين وعن دائرة الصالحين, هي قضية اهتم بها القرآن.
وسوف أبحث في هذه الجلسة كيف فصل القرآن الكريم بين دائرة المطهرين وبين دائرة الرجس؟ وآية التطهير تبين لنا أنّ الله يريد أن يذهب دائرة الرجس عن أهل البيت، ويبين للأمة الإسلامية من هم المطهرون. قال ابن عباس - رضي الله عنه -: يذهب عنكم الرجس (أي عمل الشيطان, وما ليس لله فيه رضى).
وقال الأزهري: الرجس اسم لكل مستقذر من كل عمل.
وقال ابن حجر: والمعنى التطهير من الأرجاس والأدناس ونجاسة الآثام. (الفتح الرباني / الجزء 13 ص 238) ثم بعد أن أراد إذهاب الرجس عن أهل البيت, أعطاهم مقام المطهرين، قال تعالى: (و يطهركم تطهيراً).
إذن «فآية التطهير» بالنسبة لي و«حديث الكساء» ـ أيضاً ـ لا تستحق منا النظرة العابرة، هي قضية هامة، كانت من الأسباب الرئيسية, في أنه يوجد في العالم الإسلامي الآن ثلاث مائة مليوناً شيعي, ومن الأسباب الرئيسية في هذه الكثرة للاثني عشرية, فلذلك أنا أتعجب من الشيخ عثمان عندما يقول لي: [نمرّ ونتجاوز (يعني من آية التطهير) نحن، سلّمنا، سلّمنا لك تنزلاً]، لا والله ليست القضية سلّمنا وانتهى الأمر.
قضية أن هنالك دائرة لأهل الرجس, ودائرة لأهل التطهير, دائرة الرجس هي دائرة الباطل, ودائرة الطهر هي دائرة الحق, والقرآن رسم الصراع بين الدائرتين، واستمر الصراع بعد النبي بين رموز دائرة الرجس من بني أمية, وبين دائرة المطهرين من أهل البيت, وأن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ يريد أن يفصل بين الدائرتين، وأن هناك صراع بين دائرة الطهر ودائرة الرجس. وسوف نشرح الفرق بين الدائرتين من خلال القرآن الكريم في هذه الجلسة، ولكن بعد أن يتكلم سماحة الشيخ عثمان الخميس. تفضل معك المايك.
السيد رفيق:
تفضل شيخ عثمان.
سماحة الشيخ عثمان الخميس:
ليس عندي رد، يحسب الوقت، وليبدأ الشيخ الدكتور عصام ليبين لنا، ما يعرف عن «آية التطهير».
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أريد من الشيخ عثمان فقط أن يبيّن, لماذا اهتم القرآن الكريم بفصل دائرة المطهرين عن دائرة الرجس؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
عفواً لو شرحت لنا هذا دورك أنت, اشرح لنا ما تريده, ونحن نعلّق إن شاء الله.
سماحة الدكتور السيد عصام:
أنا شرحت لك وبينت ذلك سابقاً, إنه يوجد أقوال في هذا الموضوع وهذا سؤال فقط نريده أن تبين لماذا اهتم القرآن الكريم بفصل دائرة المطهرين عن دائرة غير المطهرين؟
سماحة الشيخ عثمان:
لسنا في محاكمة جنائية، أجب، ما أريد أن أجيب، اشرح لنا أنت حتى نسمع.
سماحة الدكتور السيد عصام:
عندما نبحث عن القرآن الكريم, نجد أن القرآن قدم لنا نماذجاً إنسانية كثيرة, هذه النماذج الإنسانية تدخل في دائرة الطهر, ونماذج إنسانية كثيرة عرضها القرآن, ولكنها تدخل في دائرة الرجس, وتاريخ الصراع في القرآن هو صراع بين الدائرتين, ثم جاء النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ورسم لنا وبين لنا المطهرين في زمانه وأدخلهم في الكساء وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين، وأدار عليهم الثوب والكساء حتى لا يخلط الناس بين المطهرين وغير المطهرين من أهل البيت؛ لأنه سيقرنهم بالقرآن الكريم.
إن من يخلط بين مريم وقد طهرها الله وانتخبها واصطفاها من بين النساء كل نساء آل إبراهيم؛ لأنها من آل عمران والمعروف أن آل عمران هم من آل إبراهيم, ففضل القرآن الكريم مريم, ونزهها من بين بقية آل عمران, ومن خلط بين مريم كمطهرة منتخبة من بين جميع نساء آل إبراهيم, سوف يقع في خطأ كبير، وهكذا من يخلط بين المطهرين من آل محمد, وبين بقية آل محمد, سوف يقع في خطأ عظيم؛ لأنه سوف يساوي بين من طهره الله, وبين من لم يطهره.
ومن هنا نجد النبي يقرن في الحديث الصحيح بين مريم وفاطمة. قال ـ عليه السلام ـ: [أفضل نساء أهل الجنة فاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران... الخ] الحديث رواه الحاكم والذهبي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ؛ لأن مريم وفاطمة من دائرة المطهرين, ففاطمة من أهل الكساء. وكما قرن النبي بين مريم وفاطمة؛ ليبين أن هناك دائرة خاصة للمطهرين, قرن ـ أيضاً ـ بين علي ـ رضوان الله عليه ـ وبين هارون ـ عليه السلام ـ قال ـ صلى الله عليه وآله ـ للإمام علي: [أنت مني بمنزلة هارون من موسى]. فكما أن هارون كان من المنتخبين ومن المطهرين من آل موسى, فكذلك النبي بيّن في هذا الحديث أن الإمام علي من المطهرين من آل محمد.
ومن هنا أريد أن أقول: إنه لا ينبغي أن نخلط بين المطهرين وبين غير المطهرين، وكما أننا يجب أن نعرف دائرة الرجس بعد النبي؛ لأنه ـ صلى الله عليه وآله ـ كما أمرنا بالتمسك بدائرة الطهر, فقد حذرنا ـ صلى الله عليه وآله ـ من دائرة الرجس, وكما رسم لنا ـ صلى الله عليه وآله ـ دائرة الطهر فقد رسم لنا دائرة الرجس, وحذر منها وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ: «هلاك أمتي على يد أغيلمة من قريش»، وهكذا قال: «أول من يغير سنتي رجل من بني أمية», وهذا الحديث صححه الألباني وذكره برقم (1749)، إذن فكما جعل النبي نجاة أمته على يد دائرة الطهر, فقد بين النبي أنّ هلاك أمته على يد دائرة الرجس من بني أمية, إذن فلا بدّ من التمييز بين دائرة الطهر ودائرة الرجس, ولا يصح الخلط بين دائرة الطهر ودائرة الرجس, فإن اتضح ذلك فأجب على السؤال تفضل معك المايك؟
الشيخ عثمان:
نحن لن نخلط إن شاء الله بين المطهرين, وبين غير المطهرين, توكل على الله, على ماذا تدل الآية وعلى ماذا يدل الحديث؟
السيد رفيق:
يتفضل سماحة الدكتور السيد عصام.
السيد عصام:
يعذرني الشيخ عثمان أن هذه الأسئلة, على ماذا تدل آية التطهير؟ قد طرحها مائة مرة وأجبتها فإذا كان هو لم يعد عنده شيء فيلتركني أبيّن وأوضح وهو يأتي مجرد مستمع. يعني لا أدري يجب أن يكون هناك حوار مشترك في هذه المسألة, فإذا كان هو لم يعد عنده شيء, فأنا عندي أشياء كثيرة في «آية التطهير», وفي «حديث الكساء», فأنا أريد أن أبيّن أن هذه الأسئلة أجبت عنها في الجلسة الماضية, ولكن أريد أن أبيّن أن هناك مقام للمطهرين أعطاه الله للخمسة من أهل الكساء, كما أنّ هناك دائرة ومقام للرجس.
ورد عن النبي روايات كثيرة صحيحة أن دائرة الرجس تشمل بعض بني أمية, ولكن مقام ودائرة الرجس هذا المقام أذهبه الله عن الخمسة أهل الكساء. ومقام التطهير ليس مقاماً هيّناً؛ لأن «آية التطهير» تشمل النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وعلي وفاطمة والحسن والحسين, فالنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ منهم, وهذا مقام عظيم؛ لأن النبي أخذ هذا المقام, ومن هنا أجمع المسلمون أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ من أهل الكساء, ولو قال قائل اللهم صلّ على أهل الكساء لشملت النبي.
أنا أريد أن أبيّن أن هنالك دائرة في القرآن الكريم للرجس بيدها هلاك الأمة، ودائرة كذلك للطهر بيدها نجاة الأمة, فمن هنا أريد أن أبيّن أنه عندما يأتي الشيخ عثمان الخميس, ـ ويقول في الجلسة الماضية ـ: إن أهل البيت هم كل بني هاشم, فمعنى ذلك سيكون مليارات, وليس خمسين مليوناً, باعتبار العصر الحديث يعني باعتبار ما هو كائن الآن, وأما باعتبار ما كان وما سيكون فسوف يكون عددهم مليارات.
أنا أريد فقط لماذا يصر الشيخ عثمان الخميس على الخلط بين المطهرين من أهل البيت, وغير المطهرين من أهل البيت؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
يا شيخ عصام، ما أدري هذه الطريقة في الحوار غريبة جداً, يعني ما هي طريقة أكاديمية! ولا علميّة أبداً, يعني الآن أنت تقول: عندي كلام كثير وفي كلام كثير، وعندي كلام كثير، ولم أسمع شيئاً جديداً.
اسمعنا على ماذا يدل أنا قلت ما عندي عن «حديث الكساء» قلت معنى التطهير, ومعنى الرجس، وقلت من هم أهل البيت، وكذا يكفي. قل لي أنت ما عندك اسمعنا شيئاً، افدنا جلسنا سبع جلسات لم نسمع منك شيئاً؛ حتى نتبعك في التشيّع، أفدنا شيئاً، اسمعنا شيئاً جديداً، ما جئتنا إلاّ بالإرداة، خالفت فيها الشيعة حسب علمي, وإلا من الذي قال إن هذه الإرادة غير باقي الإرادات كلها في القرآن الكريم؟ من هم علماء الشيعة الذين يفرقون بين الإرادتين؟ لم أسمع شيئاً منك إلى الآن.
وكذلك الخميني والخوئي والمفيد والصدوق والمجلسي, لم أسمع منك إلى الآن هل هؤلاء من الغلاة أم لا؟ إلى الآن ما سمعت منك من أول جلسة معك إلى الآن.
وكذلك الحصر طلبت منك أن تنقل عن أهل اللغة أن هؤلاء أهل بيتي دليل الحصر فلم تنقله عن أهل اللغة.
وكذلك ترجمة محمد بن علي البار, الذي قلت إنّه من كبار علماء السنة, ومن كبار علماء الوهابية, ما جئتنا بترجمته أنّه من كبار علماء الوهابية.
وكلام ابن الأثير إنه قال عن الكليني إنه مجدد أيضاً نريد أن نعرف أين يوجد هذا الكلام؟
والآن آخر واحدة جديدة وهي قضية الإحصائية الجديدة أن أهل البيت خمسون مليوناً, هذه أيضاً نريد أن نعرفها, يعني العدد كبير جداً في الحقيقة, خمسون مليوناً كلهم أهل البيت، آل بيت محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا عدد كبير جداً, أنا لا أتصور أنه صحيح, لكن نريد أن تقرأ لنا الإحصائية, من أين صدرت؟
ثم كذلك تريد تقول: إن النبي يريد أن يذهب دائرة الرجس عنهم, هم خلقوا مطهرين عندكم, لماذا يذهب عنهم دائرة الرجس, النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يذهب شيئاً غير موجود لا يذهب شيئاً غير موجود, النبي, بل كان هذا تحصيل حاصل, وهو كلام ليس له معنى؛ لأنهم مطهرون خلقة أصلاً.
ثم كذلك أنت قلت في بيت أم سلمة, طيب الذي يريد أن ينبّه الناس إن هؤلاء أهل بيتي يجلس في بيت أم سلمة, ويدير عليهم الكساء, ولا يراه إلا من لا يحب أهل البيت كعائشة كما تدَّعون, أم سلمة فقط تراه من الموالين عندكم, أين بقية المسلمين؟ ما يرضون هذا سيقال إن هؤلاء الذين أذهب الله عنهم الرجس خلقةً, ويدير عليهم الكساء.
لا أسمع إجابات على هذه الأسئلة, ثم تقول: أجيبك على كل أسئلتك.
وتقول في الجلسة الماضية لا تكن مباحثاً جنائية, ولكن أقول أجب، أجب، أجب، نعم هنا مباحث جنائية أجب، أجب، أجب, أسمعنا الكلام الكثير الذي تقول إنّه عندك, ما نسمع شيئاً من الكلام الكثير, وإنما نسمع ونرى ونستشعر مضيعة للوقت, وتمويهاً للموضوع, ولا تقل ما عندك في «حديث الكساء», ولا رددت شيئاً ولا تستطيع وأتحداك أن ترد شيئا مما قلته, ومع هذا أريد أن أسمع منك شيئاً يستفيد منه الناس, إن شاء الله تبارك وتعالى, تفضل.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أجدد اعتذاري للشيخ عثمان الخميس؛ لأنه كما يبدوا, قد انتهى كلما يريد أن يقوله في آية التطهير, ومن هنا يريد أن نكرر الماضي, كلما سأل من سؤال أجبته, لكن لأنه انتهى كلامه حول الآية فيريد أن نكرر الماضي.
يا أخوان نحن الآن في ثلاثين شريطاً, كل شريط ساعة ونصف, وبعضها ساعة في «آية التطهير», فلذلك كلما سأل أجبته؛ ولأنه قد انتهى من كل شيء يريدني أن لا آتي بشيء جديد، يريد أن أظل أدور حول ما انتهى منه.
ومن هنا يريد أن نعيد ما سبق أن طرحناه في الجلسة الماضية؛ لأنه لم يعد عنده شيء كما قال, أما أنا فما زال عندي الشيء الكثير الكثير عن «آية التطهير», وعن «حديث الكساء», وأنا أعلم لو فهم الشيخ عثمان «حديث الكساء», وفهم «آية التطهير» لانتقل من الوهابية إلى الاثني عشرية, ولترك عقيدة الآباء والأجداد.
وما زلت أبحث معه عن دائرة الطهر ومقام المطهرين في القرآن, وعن دائرة الرجس ومقام الرجس في القرآن الكريم؛ لأن آية التطهير ذكرت الرجس وذكرت الطهر, ومن هنا المتدبر للقرآن الكريم يجد أن هنالك منزلة عالية هي منزلة المطهرين, وهناك منزلة سافلة هي منزلة أهل الرجس قال تعالى في وصف أهل الرجس: (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً, وماتوا وهم كارهون) في سورة التوبة, وكما في غيرها من السور, وهذا هو الموضوع الرئيسي في هذه الجلسة, وأقول: إن القرآن الكريم في عشرات من آياته, تحدث عن دائرة الرجس، وبيّن الله سبحانه أنّ دائرة الرجس هي الدائرة التي تصد عن سبيل الله, وعن دائرة الطهر, تماماً كما حدث وتكرر في أمة محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ , حيث أن دائرة الرجس من بني أمية, هي الدائرة التي سوف تصدنا وتبعدنا وتفصلنا عن دائرة الطهر من أهل البيت, وقد حذر تعالى من دائرة الرجس، قال سبحانه وتعالى: (فاعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم) كما في سورة التوبة, وقال سبحانه وتعالى كما في آيات عديدة موجودة في القرآن الكريم، فالذات الإلهية المقدسة كما اهتمت بتبيين دائرة الرجس والتحذير منها تجد في المقابل اهتمت الذات الإلهية في تبيين دائرة المطهرين والحث على اتباع المطهرين, كما حث القرآن على الابتعاد عن الرّجس لأنه لا يمكن مواجهة دائرة الرجس إلا من خلال السير وراء دائرة الطهر وأتباع دائرة الطهر.
ومن هنا جعل النبي نجاة الأمة بدائرة الطهر من أهل البيت, كما جعل هلاك الأمة من دائرة الرّجس من بني أمية, وكما أن القرآن رسم مساحة واسعة لدائرة الرّجس فقد رسم في المقابل مساحة واسعة لدائرة الطهر, والصراع بين الدائرتين هو الصراع بين الحق والباطل؛ لأن الوظيفة الرئيسية لدائرة الرّجس هي قطع الطريق عن دائرة المطهرين تماماً, كما قطع بنو أمية الطريق عن أهل البيت. ومن هنا نجد القرآن الكريم ينقل لنا كلمة زعيم دائرة الرجس حيث يخاطب الله سبحانه وتعالى: (فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم) كما في سورة الأعراف. قال الإمام ابن كثير ـ رضوان الله عليه ـ: [لأقعدن لعبادك الذين تخلفهم من ذرية آدم أقعدن لهم على طريق الحق وسبيل النجاة ولأظللنهم ضلالاً بعيداً، حتى لا يوحدوك ولا يعبدوك]. ودائماً نجد في القرآن الكريم صراعاً شديداً بين المطهّرين (دائرة المطهرين) (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) بين دائرة المطهّرين وبين دائرة أتباع الرجس, ونجد إن الله سبحانه وتعالى هو الذي حدد دائرة الطهر, قال جلّ سبحانه وتعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) كما في سورة آل عمران, وهي سورة آل إبراهيم. فاصطفى الله من نساء آل عمران أي من نساء آل إبراهيم من بين آلاف النساء اصطفى الله مريم وطهر مريم من بين جميع النساء, كما قال تعالى في آية اصطفاء أهل البيت كما اصطفى الله مريم من بين آلاف النساء, فقد اصطفى هؤلاء الأربعة من بين أهل البيت وقال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً), فاختار الله فاطمة من جميع نساء بني هاشم, واختار علياً من جميع بني هاشم, واختار الحسنين من جميع بني هاشم. أليس لله الخيرة في أمره؟ فلماذا لم نعترض على الله فيما صنعه في آل عمران ونعترض على الذات الإلهية فيما صنعته في آل محمد؟! فأدخل النبي الأكرم أهل الكساء أدخل الإمام علي مع زوجته ومع ابنيه, وكما لا يمكن أن نخلط بين من طهرهم الله مثل السيدة مريم من آل إبراهيم, وبين من لم يطهرهم, كذلك لا يمكن الخلط بين من طهرهم الله من آل محمد وأدار عليهم النبي الكساء, وبين من لم يطهرهم.
نعم, لقد طهرهم الله ثم أتى النبي وأطلق عليهم الثقلين, الثقل الثاني بعد القرآن وبعد السنة النبوية, فالمسألة أنا أريد من الشيخ عثمان الخميس أن يقول لي لماذا يصر على الخلط بين المطهّرين وغير المطهّرين من آل البيت؟ وتفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
عفواً نحن لم نلزم الشيخ الدكتور حسب ما مرّ من لقاءات أن هؤلاء فقط هم أهل البيت، وفسرت له الأحاديث الدالة على أنّ غيرهم من أهل البيت, وذكرتها من كتب الشيعة, وذكرتها من كتب السنة، وذكرت كذلك من كتاب الله تبارك وتعالى, وتفسير الآية من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ فما أدري ما هذا الإصرار على أنّ هؤلاء فقط أهل البيت؟! هذه قضية.
القضية الثانية: وهي قضية التطهير, أنا الآن سألته سؤالاً وأرجو جواباً عنه وهي التطهير من ماذا؟ طهرهم من ماذا؟ ما هو الشيء الذي أذهب عنهم؟ وهل كل من لم يطهَّر يكون رجساً؟
كل جلسة يأتينا بكلام جديد غير الكلام الذي قاله! أنت تهّربت أن تتكلم عن الخميني والخوئي والمفيد وهل هم من الغلاة أم ليس من الغلاة؟ وتقول: أجبتك. متى أجبت عن هذه؟! لم تجب عنها سألت عنها أكثر من مرة ولم تجب عنها! ما عندك ما تتكلم ولا تتكلم إلا قولك: (يا شيخ عثمان)! أنا قلت كل شيء عن «آية التطهير» وأنت لم تقل شيئاً عن «آية التطهير»! فقط تريد تكرر.. تكرر.. تكرر!! ما جئت إلا بالإرادة وقلت كلاماً غريباً ولا أحد من الشيعة قال بهذا الكلام؟! والآن تفهمني الكلام! لأنني أنا ادَّعيت في الجلسة الماضية وقلت: اعرف عن الشيعة أكثر منك! هبني أني لا أعرف عن الشيعة وأنت الذي تعرف عن الشيعة أكثر منّي وأكثر من غيري, فأقول: يا شيخ عصام آية التطهير في نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ و«حديث الكساء» في علي والحسن والحسين وفاطمة، أكرر أهل النبي نحن نحبهم, وإننا نتقرب إلى الله بحبهم وحب النبي لهم, جعلنا نحبهم ولا نغلو فيهم أبداً, فلعنة الله على الغلاة الذين تلعنهم أنت كما قلت ليلاً ونهاراً, ونحن نلعن الغلاة أيضاً. فلذلك نقول: إننا نحب أهل البيت, وكما تقول في «آية التطهير», ولكن كما قلت لك الآن: هل كل من لم يدخل في دائرة التطهير يكون من دائرة الرجس حتى تقول إنهما دائرتان؟ تفضل.
السيد رفيق مدير الحوار من طرف الاثني عشرية:
يتفضل سماحة الدكتور السيد عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
شيخ عثمان لا أريد أن أخرج عن موضوع «آية التطهير», ولذلك أنا فقط أريد أن أقول: أليس «حديث الكساء» وقراءة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ «آية التطهير» أمام الأربعة، أمام علي والحسن والحسين وفاطمة أكثر من مرة في أحاديث صحيحة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) وإدخالهم في الكساء وتكريره لهذه المسألة أكثر من مرة في أكثر من موقع؛ أليس هذا يدل أنّ هناك من أهل البيت البعض منهم من المطهرين والبعض منهم من غير المطهرين؟ أليس هذا يدل على ذلك أم لا؟ معك المايك تفضل.
سماحة الشيخ عثمان:
يا دكتور عصام قلنا لك: إنهم ما صاروا مطهرين إلا بدعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم, وأنا أعتقد أنهم مطهرون من الشرك, كما أن النساء مطهرات من الشرك, نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، هذا ما نعتقده, تفضل.
سماحة الدكتور السيد عصام:
لكن ما هو الفرق إذن، إذا كان الكثير من أهل البيت مطهرين من الشرك إذن ما هي الميزة بين أن النبي يدخلهم داخل الكساء ثم يلف الكساء عليهم ويضع الثوب حولهم أكثر من مرة وأكثر من مكان ويقول: (هؤلاء أهل بيتي)؟ إذن إذا كانت هذه القضية هي فقط قضية الشرك فكذلك العباس مطهر من الشرك فلماذا لم يدخل العباس في الكساء مع أنه مطهر من الشرك؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
قولك: إنه في كل مرة يلف عليهم الكساء.
أنا لا أعرف أحد قال ذلك, ولا أعرف إلا حديث عائشة وحديث أم سلمة, ولا أحداً قال ذلك من السلف, ولعله في مكان واحد, من أين لك في كل مرة، أو عشر مرات أو أقل أو أكثر؟ تفضل.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أنا ذكرت لك المصادر والروايات الكثيرة, لا أريد أن أكرر, ذكرت ذلك أكثر من مائة مرة, أريد أن أقول لك شيئاً: لماذا أدخل الإمام علي في الكساء والحسن والحسين ولم يدخل بقية بني هاشم؟ أنت تقول: إن أهل البيت في «حديث الثقلين» هم كل بني هاشم! لماذا أدخل علي والحسن والحسين ولم يدخل غيرهم؟ ألا يدل هذا أن بعض أهل البيت لهم خصوصية لا توجد في أهل البيت الآخرين؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
يا دكتور عصام لا ننكر أن هذا الحديث خاصّ بعلي والحسن والحسين وفاطمة؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا لهم دون غيرهم, هذا كلام واضح, أما العباس وغيره فهؤلاء لهم فضائل أخرى كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن عبد الله بن عباس وأبيه وغيرهم لهم فضائل أخرى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ , لكن لا شك أنّ هذا الحديث خاص بعلي والحسن والحسين وفاطمة, والآية في نساء النبي, هذا لا خلاف فيه أبداً.
أمّا لماذا لم يدخل العباس؟ هذه فضائل.
وأما الحديث الذي تقول لا أريد أن أكرر.
لا نريد أن تكرر, نريد أن تجيبنا على هذا حين تقول: خصوصاً هذا الحديث الذي تكرر مرات كثيرة! عندنا حديث عائشة هذا الذي في صحيح مسلم, وحديث أم سلمة الذي ذكرته, طيب هذا فقط حديث أم سلمه «حديث الكساء» أمامي الآن طيب، وحديث علي ـ رضي الله عنه ـ لا يصح, ضعيف في هذه المسألة, وإنما هنالك حديث عائشة تماماً, ليس فيه نزلت آية التطهير في أهل الكساء.
تقول: أدخلهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الكساء ودعا لهم فاستجاب الله جل وعلا لدعائه, فيذهب عنهم جل وعلا الرجس الذي هو عندنا الشرك, أما أنّ الرجس شيء آخر, فنريد أن نسمع الشيء الآخر؟ ما هو هذا الشيء الآخر؟ ما هو الرّجس الذي أذهبه؟
قلت أنت: دائرتان, دائرة الرجس ودائرة الطهارة.
فهل أنت في دائرة الرجس أو في دائرة الطهارة, وأنا في دائرة الرجس أو في دائرة الطهارة؟ وما أدري الذين يسمعوننا الآن هم في دائرة الرجس أم في دائرة الطهارة؟ نريد أن نسمع, تفضل.
السيد رفيق الموسوي:
تفضل سماحة الدكتور.
السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, يا أخي يبدو أن الشيخ عثمان الخميس يعرف ـ وهو رجل درس العلوم الدينية ـ أنّ الفضيلة تدل على شيء، هذه فضيلة نعم لأهل البيت, لكن الرسول في هذه الفضيلة يريد أن يحدد من هم المطهرون من أهل البيت عندما تقول حديث الكساء يدل على الفضيلة.. أنا لا أعتبر هذا جواب على حديث الكساء, بل عندي سؤال آخر: هذه الفضيلة على ماذا تدل؟ اكثر من مرة قلت لك: النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أدخلهم في الكساء وفي الثوب وأدار الكساء أكثر من مرة قلت لك: مثلاً لو كان لديك أنت أبناء معينين يلعبون مع عشرين ولداً من الأطفال, ثم أدخلت الكساء عليهم (يعني على أبنائك فقط) وأدخلتهم وسط الثوب وأدرت الحبل عليهم وربطت الحبل عليهم وقلت: اللهم هؤلاء هم أهل بيتي. اللهم هؤلاء هم أهل بيتي.. اللهم هؤلاء هم أهل بيتي! أريد أن أقول لك: إنّ القضيّة في غاية الأهمية, كان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يريد أن يقرر لهم فضيله, نعم لا شك في ذلك, ولكن من خلال هذه الفضيلة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يريد يحدد دائرة أهل البيت ودائرة المطهرين منهم, كما كان القرآن يحدد ذلك في الرسالات السماوية السابقة, فجاء النبي وسار بسيرة القرآن ورسم لنا وبيّن لنا من هم المطهرون في زمانه وأدخلهم في الكساء وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين, وأدار عليهم الثوب حتى لا يخلط الناس بين المطهرين وغير المطهرين؛ ولأنه يعلم ـ صلى الله عليه وآله ـ إن دائرة الطهر سوف تحارب من دائرة الرجس من بني أمية وغيرهم. وهذا الكلام غريب! أنت تظن أنّه كل ما هو غير مطهر فهو رجس؟! يا أخي يوجد دائرة الصالحين في الوسط دائرة أخرى, وليس كل غير مطهر يعتبر رجس, ولكن أنا ذكرت لك الدائرتين المتناقضتين, وأنا لا أدري كيف غاب عنك هذا الأمر!
أما مسألة ما ذكرته من كلامي حول الإرادة فأنا أتحداك تأتي لي بعالم اثني عشري لم يميز بين الإرادة في آية التطهير وبين الإرادة في غير «آية التطهير».
تقول: ما سبقني أحد.
يا أخي أنت تأتي بأشياء غريبة جداً! مثلاً تقول: إنه ما سبقك أحد في التفريق بين الإرادة في «آية التطهير» والإرادة في غير آية التطهير؟
أقول: الفرق بين الإرادة في «آية التطهير» والإرادة في غير آية التطهير, أقول الفرق بين الإرادة في آية التطهير والإرادة في بعض الآيات الأخرى أنّ معنى الإرادة في آية التطهير بسبب القرائن التي حولها, بسبب أنّها جاءت في سياق عبارة «آية التطهير»؛ أعطت معنى آخر.
فأنت غريب تسأل أسئلة غريبة, وهذا يدل أنك لم تقرأ كتب الاثني عشرية، أتحداك تأتي لي بعالم شيعي قال: إن الإرادة في «آية التطهير» وفي غير «آية التطهير» لا فرق بينهما لذلك!!
أنا أقول لك: دائماً أنت لا تعرف عن الاثني عشرية إلاّ كما كنت أنا أعرف عنهم عندما كنت وهابـياً قبل ثلاثة عشر عاماً! أنت لا تعرف عنهم شيئاً مع احترامي لك, تعرف عن الاثني عشرية كما يعرف سلمان رشدي عن الإسلام, فقط تحاول أن تجمع التشنيعات ضد الاثني عشرية, والتي هي في الحقيقة ليست فيهم, بل تنسب إليهم ما ليس فيهم وقد ردّ عليك كبار علماء أهل السنة, ولا داعي أن ندخل الآن في نقاش في هذه المسألة.
وأنا أريد أقول لك: إنك تخلط بين المطهرين وبين غير المطهرين! تريد أن تقع في مشكلة الخلط, تخلط بين مريم وبين بقية النساء من آل إبراهيم، وبين السيدة فاطمة وبين بقية النساء من بني هاشم، فهذه دائرة طهر, وهذه دائرة غير مطهرة, والنبي عندما أدخلهم في الكساء وأدار عليهم الكساء يريد أن يميز بين المطهرين من غير المطهرين، يريد أن يبيّن بأن هناك دائرة تختلف عن هذه الدائرة, يريد أن يبيّن أن هذه الدائرة سوف تتعرض للهجوم من دائرة الرجس؛ لأن القرآن بيّن لنا إن دائرة الطهر لا تحارب إلا من قبل دائرة الرّجس, وسوف تقع في خطأ كبير عندما تخلط بين الدائرتين. إنّ من يخلط بين الأربعة المطهرين وبين بقية آل محمد غير المحصورين, إن المطهرين هم الذين حصرهم النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وأدخلهم الكساء من يخلط بينهم سوف يقع في خطأ من يخلط بين مريم كمطهرة ـ كما ذكرتها الآية القرآنية ـ وبين غيرها من نساء آل عمران. ومن هنا نجد النبي يقرن بالحديث ـ كما قلت لك الصحيح ـ بين مريم وفاطمة ويقول: [أفضل نساء أهل الجنة فاطمة بنت محمد وأفضل النساء مريم بنت عمران], كما رواه الحاكم والذهبي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قرن النبي بين مريم وفاطمة؛ لأنهما من المطهرين.
فقال - صلى الله عليه وآله -: [أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي], النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يريد أن يبيّن أن هنالك مطهرين, كما اصطفى الله هارون من بين بقية آل موسى، اصطفى الله كذلك علياً من بين بقية آل محمد. وهذا الاصطفاء لا يعني أنّ علياً صار نبياً؛ لأن من قال بنبوته فهو كافر بإجماع المسلمين.
أنا أقول لك: لماذا أدخل النبي علي في الكساء من بين بقيه بني هاشم؟ يريد أن يبين لك أنه حتى لا يأتي أحد ويحرَّف الدين ويلعب في الدين ويقول: أنا من المطهرين من أهل البيت ثم يتلاعب في الدين.
فأنا أريد أن أسأل: لماذا تصر يا شيخ عثمان على الخلط بين المطهرين وغير المطهرين من أهل البيت، وبين دائرة الطهر ودائرة الرجس؟ ولماذا تخالف القرآن في هذه المسألة؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
عفواً يا شيخ.. يا دكتور عصام لا تؤاخذني تقول: إني لا أعرف عن التشيع شيئاً صحيحاً, يعني أن أوافقك تماماً الشيعة لا أعرفهم جيداً, وخاصّة فرقة الإسماعيلية، فرقة الدروز, فرقة المطرفية والقرامطة والجارودية! صحيح إني لا أعرفهم جيداً, لكن فرقتكم أنتم التي تسمونها الاثني عشرية أو الرافضة أعرفها جيداً, متخصص فيها, أعرفها جيداً وأعرف ماذا تقولون وماذا في كتبكم وبشكل جيد, فأنا من هذه الجهة متحرَّز, ولكن أنت تذكَّرني الآن بطريقة الحوار مع النصارى لأننا نناقش النصارى، ويكون الحوار بهذه الصورة؛ النصارى يستدلون على فضل عيسي بكتاب الله وسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نحن لا ننكر فضل عيسى, وإنه رسول كريم صلوات الله وسلامه عليه, من أولي العزم والرسل. أنت لا تناقشني في علي والحسن والحسين وفاطمة, هؤلاء أئمتنا, وهم بريئون منكم, هذا الذي نعتقده, فلا تناقشني في هذه القضية وهي: هل لهم فضل أم ليس لهم فضل؟ نحن نعرف أن لهم فضلاً, ونعرف مكانتتهم, وندين الله سبحانه وتعالى بذلك, والذي نقول: هو أنتم تغالون في هؤلاء الأئمة ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ وأنت تقول: لماذا وضع عليهم الكساء؟ لماذا أدخلهم في الكساء؟
نحن نقول: طهرهم بعد أن دعا لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبما أننا نعتقد أنّ دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مجاب, ولذلك الله طهرهم ـ صلوات الله عليهم ـ وطهرهم من الشرك. هذا الذي نعتقده, ولكن أنا أسأل طهرهم من ماذا؟ هل طهروا من الشرك فقط أو طهروا من الكبائر والصغائر أو طهرت فاطمة من الحيض فصارت فاطمة لا تحيض ثم ماذا؟ نحن الآن نقول ونتفق معك أنّ الله طهرهم بدعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ واستجاب الله تبارك وتعالى, إن الله ـ جل وعلا ـ استجاب لدعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومع هذا نحن لا نعتقد فيهم العصمة ـ رضوان الله عليهم ـ.
والآن نريد أن نعرف: ما هو الرجس الذي طهرهم عنه؟ طهرهم عن ماذا؟ وما يترتب على هذا التطهير, وعندك كلام كثير ولم نسمع شيئاً إلى الآن, تفضل.
السيد رفيق:
يتفضل سماحة الدكتور السيد عصام.
السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أنا لا أريد أن نخرج من الموضوع, ولكن أريد أن أبيّن إنه ربما الشيخ عثمان فهم منّي خطأ, أنا أريد أن أقول: أنت تعرف الاثني عشرية, لكن معرفة خاطئة، كما كنت أنا قبل ثلاثة عشر سنة, أنا كتبت كتاباً تحت عنوان [الصلة بين الاثني عشرية والغلاة], وكفرت الاثني عشرية في القديم, وأخطأت، ثم تراجعت وبينت الحقيقة.
الإمام محمود شلتوت (الإمام الأكبر) كان موقفه سلبياً مع الاثني عشرية, ثم أفتى أنه يتعبد بالمذهب الاثني عشري كما يتعبد بالمذاهب الأربعة, والإمام الغزالي كذلك دافع عن الاثني عشرية في كتبه؛ انظر كتابه «ليس من الإسلام», والإمام محمد البهي من كبار علماء أهل السنة دافع عن الاثني عشرية كما في كتابه الذي أشار فيه إلى موضوع السنة والشيعة وهو كتاب [الفكر الإسلامي وتطوره], والعلامة المصري المعروف علي عبد الواحد وافي دافع عن الاثني عشرية كما في كتابه [بين الشيعة والسنة], والإمام حسن البنا دافع عن الاثني عشرية.
أنا أقول: أنت أخطأت، أخطأت في المعرفة عن الاثني عشرية جدد النظر لا أقول: أن ترجع إلى كتب الاثني عشرية, بل ارجع إلى كتب الإمام حسن البنا, كتب الإمام الغزالي، كتب الإمام الأكبر محمود شلتوت.. وسوف تعرف أنك لم تعرف الاثني عشرية يا أخي (خير الخطائين التوابون). أنا أعترف بخطأي وإني كنت قبل ثلاثة عشر عاماً انظر للاثني عشرية كما ينظر إليها أخي الشيخ عثمان الخميس الآن, ولكن الله استنقذني بكلام الإمام محمود شلتوت, بكلام الإمام حسن البنا, بكلام الإمام محمد الغزالي, بكلام الإمام العلامة الدكتور يوسف القرضاوي, بكلام مشايخ علماء السنّة في العالم, قالوا: ما وصلنا عن الاثني عشرية, وما رسمه إحسان إلهي ظهير عن الاثني عشرية يختلف تماماً عن حقيقة وواقع الاثني عشرية. ومشكلتك أنك تقّلد إحسان إلهي ظهير! تحرر من إحسان إلهي ظهير وسوف تعرف الاثني عشرية. أنت في كتبك وفي أشرطتك تقلد إحسان إلهي ظهير.
أريد أن أعود للموضوع، أريد أن أقول: إن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في «حديث الكساء» يريد أن يبيّن, كما أن الله بيّن في القرآن أنّ هناك دائرة من أهل البيت المطهرين ودائرة من أهل البيت الصالحين الذين هم أعم من الدئرة المطهرة، ولكن بيّن القرآن ـ أيضاً ـ أن جزءاً من أهل البيت هم دائرة الرجس, ويدخل من ضمن هذا الدائرة بعض بني أمية وبعض أهل البيت, وهؤلاء ليسوا من المطهرين ولا من الصالحين إذن هنالك دائرة غير المطهرين وهنالك دائرة الرجس من أهل البيت, وأبرز مصاديقهم في القرآن الكريم أبو لهب عم النبي, وقرأنا لك عدة آيات عن وصف دائرة الرجس, وهنالك دائرة الطهر طهرهم الله تطهيراً، وهناك دائرة من لم يذهب عنهم الرجس ولم يطهرهم تطهيراً.
وأما بالنسبة لمعنى الرجس:
الرجس هو كل ما استقذر من عمل، ثم بعد أن أذهب عنهم الرجس قال: «ويطهرهم تطهيراً», أي تجهيزهم بإدراك الحق عند الاختلاف.
أمّا كيف حدد الله دائرة الطهر؟ فقد روى الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ إنها قالت: [خرج النبي وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله (أي أدخله في الكساء تأمل في الحديث ولا تتعصب للباطل), ثم جاء الحسين فدخل معهم, ثم جاءت فاطمة فأدخلها, ثم جاء علي فأدخله, ثم قال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) الحديث في صحيح مسلم.
إذن النبي حدد دائرة الطهر فلماذا لا يرضى الشيخ عثمان أن يتأمل في حديث الكساء؟
ولماذا يريد أن ينهي هذا الحديث بهذه السرعة؟ أليس كلام النبي يستحق منّا التأمل؟ أليس يحتاج منّا إلى تأمّل أكثر؟ ولماذا يصرّ أن يخلط بين المطهرين وغير المطهرين؟! أنت لا تخلط بين المطهرين وغير المطهرين من آل إبراهيم, ولا يمكن أن تسوي المطهرين من آل عمران بغير المطهرين من آل عمران, فلماذا أهل بيت محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ تساوى بين المطهرين وغير المطهرين؟! وآل محمد المطهرين لهم مقام عظيم لا يصح أن نخلط بينهم وبين غيرهم من الهاشميين غير المطهرين، وأنت ستعرف لماذا أنا أصر على هذه المسألة عندما نأتي نبحث عن حديث الثقلين؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في «حديث الثقلين» كما في صحيح مسلم ذكر حديث الثقلين في باب فضائل الإمام علي؛ ستعرف أن النبي عندما قرن أهل البيت بالقرآن في [حديث الثقلين» إنّما قرن المطهرين، لا أن يأتي أي واحد ويحرف الدين ويدّعي أنّه من المطهرين! ومعاذ الله أن نساوي بين المطهرين من أهل البيت وغير المطهرين من أهل البيت وإلا فلا قيمة لحديث الكساء!! لماذا أنت مثلا لا تخلط في شأن آل إبراهيم وآل عمران؟ لماذا نحن نقول: اللهم صلِّ على آل إبراهيم المطهرين؟ ألسنا نصلي على المطهرين من آل إبراهيم فقط المطهرين؟ ألسنا عندما نقول: [اللهم صلِّ على محمد نقول الطيبين الطاهرين؟ يجب أن لا نخلط, وهذه مشكلة الوهابية ومشكلة أهل السنة أيضاً, خلطوا بين المطهرين من أهل البيت وغير المطهرين ولم يدركوا الصراع الذي وقع بين دائرة الرجس من بني أمية وبين دائرة الطهر من أهل البيت؛ فأنا أريد أن أقول: ما هو الفرق بين المطهر وغير المطهر؟ وإذا كان لا يوجد فرق فما هو دور «حديث الكساء», وما هي دلالة «آية التطهير»؟ وتفضل معك المايك.
السيد رفيق:
تفضلوا شيخ عثمان معكم المايك, العفو ظاهراً الشيخ عثمان حصل عنده انقطاع.
محمد علي من طرف الوهابية:
ظاهراً الكابتن يعني أبو عائشة عنده خط آخر, إذا عنده مشكله يبدأ بمحاولة الدخول من جديد بأكثر من اسم, وأعتقد أنّ الشيخ عثمان قد دخل باسم جديد وهم اسم الكابتن والله أعلم عفواً لقد كتب الشيخ عثمان أنّه لم يسمع كلام الدكتور الشيخ عصام.
السيد رفيق:
إذن سيعيد سماحة الدكتور السيد عصام, تفضل سيد عصام معك المايك وإن شاء الله تعيد من حيث وقفت أولاً هل تسمعون صوتنا؟ هل يسمع صوتنا أم لا؟ أخي الكابتن: هل تسمعون صوتنا؟ هل الشيخ عثمان يسمع؟ إذن تسمعون رحم الله والديكم, تفضل سيد عصام أعد كلامك.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, في الحقيقة أنا كررت أن في القرآن جاءت كلمة الرّجس كثيراً وجاءت كلمة التطهير, فأنا أريد أن أقول: إن هناك دائرة في القرآن الكريم تسمّى (دائرة الطهر), وهنالك دائرة أخرى تسمى (دائرة الرجس), والصراع دائماً بين الحق والباطل يكون عبر الصراع بين دائرة الطهر ودائرة الرّجس, ومن هنا بعد رحيل النبي وقع الصراع بين دائرة الرّجس من بني أمية وبين دائرة الطهر من أهل البيت, فالنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عندما أدخل أهل البيت المطهّرين في الكساء قرأ عليهم «آية التطهير»؛ ليبيّن أن هذه دائرة الطهر حتى لا يأتي أحد من أهل البيت ويدّعي أنه دخل في دائرة التطهير.
نحن نقول: إن بقية أهل البيت ممكن أن يكونون من الصالحين, ولكن ليسوا من دائرة المطهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً, وتفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب, أقول:
ومهما تكن في امرء من خليقة |
وإن خالها تخفى على الناس تعلم |
الآن نسمع كلاماً جديداً, نسمع الشيخ الدكتور عصام يقول: كفَّرت الاثني عشرية في القديم! وبالقريب الماضي قلت: لم أكّفرهم, والآن تكفّرهم!
ومهما تكن في امرء من خليقة |
وإن خالها تخفى على الناس تعلم |
(ولتعرفنهم في لحن القول) كل شيء تنكره تخرجه أو أخرجه, فلا يخفى شيء ولله الحمد والمنة. أنا سألتك: هل نحن رجس أم لا إذا لم ندخل في دائرة التطهير؟ لم أسمع ما معنى الرجس الذي أذهب عنهم، ما هو الرجس الذي أذهب عنهم؟ ما معنى التطهير الذي طهروا به؟ ماذا من لوازم هذا التطهير؟ لم أسمع شيئاً من ذلك. وكلام الطوفي الذي نقلته وقلت: إنه يقول انها للحصر، طيب, وأنا أريد أن أسمع منك. مكانة هؤلاء العلماء الذين تنقل عنهم, يعني كلمات غريبة جداً! مريم عليها السلام كانت وحيدة ما عندها أخوات.
المهم الآن يا دكتور الآن ما معنى الرّجس؟ وما معنى التطهير؟ الآن سأرجع إلى المباحث الجنائية: أجب.. أجب.. أجب! ما هو الرجس الذي أذهبه الله؟ وما هو التطهير الذي يكون من لازم هذا الدعاء؟ أجب.. أجب.. أجب يا دكتور.
السيد رفيق الموسوي:
تفضل سيد عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, في الأخير الشيخ عثمان يقول: إنه انتهى من البحث عن آية التطهير, فيريد الآن أن يخرج من الموضوع، وأنا لن أخرج من الموضوع. هذا السؤال أجبته في الماضي, نحن الآن في ثلاثين شريطاً كل شريط ساعة ونصف حول «آية التطهير», ولو كنت صدَّقته كنا خرجنا من «آية التطهير» قبل خمس جلسات, لكن أنا عندي مباحث أخرى كثيرة, عندي شيء أقوله, إذا كان لا يوجد عنده شيء يقوله فليتركني أتكلم.
أما إصراره على الرجس:
أقول له: الرّجس, قال تعالى وسياق الآية عن المنافقين: (فاعرض عنهم أنهم رجس ومأواهم جهنم), وقال سبحانه: (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) والرّجس هو كل قذر, وقد يعبر عنه بالحرام والفعل القبيح واللعنة والكفر ومعانيه كثيرة, فلا يصح أن نحصره بالشرك؛ لأن له معان كثيرة في القرآن والسنة واللغة, ولكن نقول: أحد معاني الرجس الشرك. لا يصح أن تأتي إلى كلمة قرآنية لها معاني عديدة وتحصرها في معنى واحد, من أين لك يا شيخ عثمان أن كلمة الرّجس فقط لا تطلق إلا على الشرك؟ هذا تحكُّم في اللغة! ارجع إلى قواميس اللغة ستجد أن الزجاج قال ـ وهو من علماء اللغة ـ: الرجس في اللغة اسم لكل ما استقذر من عمل في كل شيء, ويشمل كل شيء, وما دام الأمر هكذا فلماذا أنت حصرت الرجس في الشرك وقلت: إنه أذهب عنهم الشرك؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
عفواً دكتور أنت تريد نأخذ بقول الزجاج؟! مالك والزجاج! اتركه أنا أنقل لك من أهل البيت, أليس هم أفضل من الزجاج إلا تقبلهم اسمع: عن الباقر ـ رضي الله عنه ـ يقول: [الرجس: هو الشك, والله لا نشك في ربنا]. وفي رواية [في ديننا] وفي أخرى: [في الله الحق ودينه], وهذا الصادق يقول في قوله جل وعلا: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) قال: [الرجس هو الشك], فلماذا تذهب إلى الزجاج؟ خذ قول المعصومين؟ تفضل يا دكتور.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, شيخ عثمان, ألم أقل لك أنت لا تعرف مذهب الاثني عشرية؟ الإمام الصادق فسّر الرجس بأحد معانيه, وهو يطلق على معانٍ كثيرة, يطلق على الشك, ويطلق على الشرك, ولا معارضة بين كلام الزجاج وكلام الإمام الصادق؛ لأن الرّجس يطلق على كل ما استقذر من العمل، والشك يستقذر. أنا أقول: أتحداك أن تأتي لي بكلمة واحدة للإمام الصادق أنه قال: لا يجوز إطلاق كلمة الرجس إلا على الشك فقط! هذا أحد معاني الرّجس التي ذكرها الإمام الباقر, كما في رواية الإمام الباقر.
أنا أريد أن أقول لك: إن هنالك معانٍ كثيرة للرجس, وأحد معانيه الشك, فلا أدري لماذا فهمت أنّ هناك معارضة بين كلام الإمام الزجاج ـ وهو إمام في اللغة ـ وبين كلام الإمام الباقر؟ أهل البيت لم يخرجوا عن قواعد اللغة العربية, هل تفكّر بأن أهل البيت خرجوا عن قواعد اللغة؟ تفضّل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
عفواً دكتور مالك واللغة! أنت الآن تبحث عن اللغة وتبحث عن المعنى اللغوي! نريد المعنى الشرعي للرّجس, مالك وللمعني اللغوي لكلمة الرّجس! اترك المعنى اللغوي! أنت رفضت المعنى اللغوي في أهل البيت, الآن تريد أن تبحث عن المعنى اللغوي في حين أن الإمام الصادق يقول عن الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) قال: الشك! اصحَ من النوم يا دكتور! فسِّر الآية، لا تدخل في المعنى اللغوي, أنت لا تعرف شيئاً عن الرافضة!! هذا هو الرّجس يا شيخ بارك الله فيك, لماذا لا تقبل بذلك؟ طيب هذه المعاني الكثيرة أيها يريد الله تبارك وتعالى والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. [اللهم أذهب عنهما الرجس] أيّ معنى من هذه المعاني أم كل المعاني يريدها؟ ومن أين لك هذا؟ ومن سبقك إليه؟ دكتور أنا أنقل لك تفسيراً ولم يذكر هو الإمام الباقر قال هذا من معاني الرجس, وإنما قال: الآية كذا وتفسيرها هذا. طيب ما هو الرّجس أذهب كله؟ وما هو التطهير الوارد في هذا الدعاء؟ نريد أن نسمع هذا ما سمعنا شيئاً إلى الآن! لا تضيع الوقت! أنا الآن أدخلتك في محكمة جنائية فسِّر!
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, حتى لو أدخلتني في محكمة جنائية فأنا سأجيبك ليس مشكلة؛ لأن صاحب الحق لا يخاف حتى لو أصبح متهم، أنا في قفص الاتهام لا توجد مشكلة, ارتاح نفسياً، وهذه ليست قضية وأنا محكوم وأنا جاني عليك وأنا ضال ليست مشكلة, سأجيبك لا تقلق، الحمد لله إن صاحب الحق يكون مطمئن. والله إنني منذ أن انتقلت من الوهابية إلى الاثني عشرية جعل الله في قلبي الاطمئنان؛ فلذلك أنا لا أقلق سأجيبك.
أقول لك: أولاً: أنت لم تستطع أن تتعامل مع كتب أهل السنة بطريقة موضوعية, إن شاء الله سأبيّن لك الأخطاء التي وقعت فيها بسبب عدم فهمك لمذهب أهل السنة, وبيّنت لك أنك خرجت من منهج أهل السنّة في التعامل مع الفرق الإسلامية, فكيف ستفهم مذهب الاثني عشرية؟! أهل البيت يعتمدون على لغة العرب, هل تظن أنّهم أتوا بأشياء خلاف اللغة العربية؟ هل تظن أنّهم خرجوا عن قواعد اللغة؟ تفضل.
سماحة الشيخ عثمان:
لماذا تبحث عن المعنى اللغوي، الإمام الصادق والإمام الباقر وهما يفسران الآية أنت أدري منهما؟ وكذلك أقول: من أين لك أن بقية الأئمة أنهم اثنا عشر؟ هذا الأمر لا تستطيع أن تجيب عليه، هذه دعوى أنا أدعيها؟ ولذلك لم تلتزموا بها؛ لأنها تخرجكم مما أنتم عليه من الضلال, ولذلك خالفكم جمهور الشيعة, بل كل فرق الشيعة, ولم يقولوا قولكم هذا. وأنا خرجت عن الموضوع؛ لأنني قلت للدكتور الشيخ عصام في المرة السابقة أما أن تتكلم بما يدل عليه «حديث كساء», وأما أنا أتكلم «بحديث الاثني عشر» حتى أبيّن لك أنكم لا تتبعون هؤلاء الأئمة, بل هم بريئون منكم برائة الذئب من يوسف ـ عليه السلام ـ ولذلك أقول وأكرر: إنّي إذا لم أسمع شيئاً عن «حديث الكساء» يدل على معنى التطهير ومعنى الرجس ومعنى الإرادة ومن قال: إن الإرادة في «آية التطهير» تختلف عن الإرادة في كتاب الله تعالى من علماء الشيعة الذي يقول الدكتور الشيخ عصام العماد كلهم يقولون ذلك؟! دكتور اذكر لنا أقوال من علماء الشيعة في كتبهم نرجع إليها! وكتب الشيعة عندي هنا وسأرجع إليها الآن إذا نقلت! مَن مِن علماء الشيعة قال: الإرادة في «آية التطهير» تختلف عن الإرادة في كتاب الله تبارك وتعالى كله؟ نريد أن نسمع شيئاً من هذا الكلام, ولذلك أنا أذكر لك الآن معنى الرجس عندنا, الرجس يأتي بمعنى: الفساد ومعنى الزلل, ومعنى الإثم, ومعنى الفسق, ومعنى الشيطان, ومعني الشرك كل هذه المعاني مشتركة في الرّجس؛ أنا أدري هذا, ولكنك تلتزم مذهباً معيناً, وهذا المذهب الذي تلتزمه تقول أنت: إنّه يدل على شيء معين وهو إذهاب الرجس عن هؤلاء الخمسة دون غيرهم! أنا أقول لك الآن: ما هو الرجس، ماذا يستلزم من إذهابه ثم بعد ذلك أسمعك الآيات والنصوص التي تدل على أنه أذهب كذلك عن غيرهم الرجس؟ تفضل يا دكتور.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أخي الشيخ عثمان الخميس إنّ من حقّي أن أختار الحديث لسببين:
السبب الأول: إنك قلت في أول جلسة: أنا موافق أن يختار السيد عصام أيّ آية يريد وأيّ رواية يريد, والمؤمن لا ينقض العهد, لاسيما إنك رددت وكررت هذه العبارة مرات عديدة؛ ائتي بأعلى ما عندك! ائتي بأقوى أدلتك! ائتي بأقوى حجة عندك ستجدني أجيبك على كل شيء, هذا الذي جعلك تنتقل من المذهب السني إلى الاثني عشرية؟!
السبب الثاني: إنني انتقلت من الوهابية إلى الاثني عشرية وأنا أريد أن أبيّن الأسباب الرئيسية لانتقالي, وذكر السبب يحتاج منّي إلى ترتيب الأدلة بطريقة علمية حتى يفهم المستمع لماذا انتقل المئات من الوهابيين إلى الاثني عشرية؟ ومن هنا أنا بدأت «بحديث الكساء» لماذا؟ لأن حديث الكساء سوف يكون مدخلاً ضرورياً إلى حديث الثقلين. ومن هنا أعتبر أنك عندما بدأت بالبحث عن حديث الاثني عشر هذا خلاف المنهج الذي أنا أريد أن أسير عليه, والذي أنت وعدتني بأنك سوف تسير عليه! قلت لك منذ البداية: أنا عندي كتاب «المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابية», وأنا أرى إن طرح «حديث الاثني عشر» قبل «حديث الثقلين» ليس من الأسلوب العلمي, ولن يقودك إلى الحقيقة! حتى أنا ولله إنني أعتقد إنك لن تهتدي إلى الحق إلاّ إذا مشيت على الطريقة التي أنا أريد أن أذهب بك إليها. وأنت قلت في البداية: لو هديتني إلى الحق، أو عفواً لو بيّنت لي أنّ الحق مع الاثني عشرية فسوف أترك مذهبي وأدخل مذهبك! وأنا أقول لك: كذلك لو بيّنت لي أن ألحق مع الوهابية سوف أترك الاثني عشرية وأرجع إلى نفس مذهبي القديم, ولكن معاذ الله أن أرجع إلى مذهبي القديم بعد أن استبان لي الحق.
فأنا أريد أن أبيّن لك أننا علمنا من السيرة النبوية أنه ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يكرر جوابه على من يسأله أكثر من مرة, وربما يكرر الجواب ثلاث أو سبع مرات, وكان يتحدث بالحديث الواحد في أكثر من موضع, كل ذلك ليحقق الاستماع والإنصاف والفهم لمن حوله, كي يبيّن لمن لم ير ويسمع. وإعلانه ـ صلى الله عليه وآله ـ في «حديث الكساء» لا يخرج عن هذه القاعدة النبوية، النبي كان يريد أن يبين للناس, كان يريد يقول للناس: إنّ هؤلاء هم المطهرون, في أكثر من موضع, ليعلم الناس أنّ هؤلاء في القرآن هم أهل البيت المطهرون, «وآية التطهير» نزلت في بيت أم سلمة, وإنما أوردنا حديث عائشة في أول حديثنا عنها لكون حديث عائشة ورد في صحيح مسلم, ومن بيت أم سلمة روي الحديث؛ أم سلمة, وعمر بن أبي سلمة, وزينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: [دعا النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ: فاطمة وحسن وحسيناً وعلياً خلف ظهره فجللهم ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي, فأذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيراً, فقالت: أم سلمة: هل أنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك وأنت على خير]. وهكذا روايات كثيرة.. كثيرة جداً. وعن أنس بن مالك: [إن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يمرُّ على بيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)..]. لماذا كان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يمر على هذا البيت بالذات من بين سائر بيوت بناته؟ إنه ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يريد ان يحصر دائرة المطهرين.
لماذا هذه الفترة الطويلة؟ لماذا هكذا التكرار؟ كان يريد أن لا يأتي أمثال أخي سماحة الشيخ عثمان الخميس ويخلط بين ملايين من البشر من بني هاشم، ولا يميز بينهم وبين المطهرين من أهل البيت.
إن هؤلاء مطهرين، هؤلاء هم قرناء القرآن والسنة النبوية, قال في كتاب [الفتح الرباني], للإمام البنا والد الإمام حسن البنا, قال: [قال جماعة من التابعين بينهم مجاهد وقتادة: إن أهل البيت علي وفاطمة والحسن والحسين] لنفهم جماعة من التابعين, جماعة من السلف الصالح قالوا بذلك؛ فالمسألة هنالك دليل يا شيخ عثمان, ليس القضية فقط عند الاثني عشرية, المسألة لديها دليل من السلف الصالح. أنا قلت: إن قدماء أهل السنّة كانوا أمناء ـ رضوان الله عليهم ـ بالقياس إلى الوهابيين, لا يتعاملون مع الآخرين بنفس الطريقة التي تتعامل فيها الوهابية مع الاثني عشرية, لقد تمسك كثير من قدماء أهل السنه بحديث الكساء وحديث أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يمرّ ببيب فاطمة ستة أشهر، وعلموا وصرحوا في كتبهم, كما ذكرت لك أن آل البيت هم هؤلاء الخمسة, بل سأذكر لك حينما نتحاور في المستقبل حول حديث الثقلين سأذكر لك أنّ بعض أهل السنة قالوا: إن حديث الثقلين يدل على التمسك بالقرآن والسنة وأهل البيت, ثم حصر النبي أهل البيت بهؤلاء الخمسة هؤلاء هم الذين يتمسك بهم بعد القرآن, لا كل من هبّ ودب من أهل البيت نتمسك به.
فإذا كان حديث نبوي قد ذكر في أكثر من مرة وفي أكثر من مكان في زمن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ كي يتذكر من أراد أن يتذكر، وإذا كان قد روي في عالم الخوف «حديث الكساء», وأيام بني أمية فإنه أيضاً روي في أشد الأوقات, وذكر في كل مكان, ولقد روي أن الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ عندما طالب القوم بالصلح مع معاوية خطب بالناس وقال: [أيها الناس إنّما نحن أمراؤكم وكباركم, ونحن أهل بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وكرر ذلك حتى ما بقي في المجلس إلاّ من بكى حتى سمع نشيجه].
أنا أريد أن أقول: إن الإمام الحسن ـ رضي الله عنه ـ يبيّن أن دائرة الطهر مخصوصة بأشخاص معيّنين وليست لكل من هبّ ودب.
وهكذا جاءت الروايات الكثيرة التي حدد فيها النبي دائرة الطهر بأشخاص معينين, وعلى امتداد الدعوة في زمن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كانت تجري أحداث يترتب عليها غرس مفهوم من أهل البيت المطهرين في ذاكرة الذين عاصروا النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وهم الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ على اعتبار أنّهم الجيل الذين سيفتح لهم أبواباً بعده, ووفقاً لحركة هذا الجيل ستسير الحركة على امتداد المسيرة. ومن هذه الأحداث التي غرست مفهوم من هم أهل البيت المطهرون، أحداث يوم المباهلة, وملخص القصة ـ طويل مذكورة في كتب الحديث ـ: يروي أصحاب التفسير بالمأثور أن رؤساء النصارى قالوا لبعضهم بعد أن اتفقوا على موعد المباهلة: إن باهلنا بقومه باهلناه, ولكن النبي لم يخرج بقومه, وروى الإمام مسلم ـ رضوان الله عليه ـ في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال: لما نزلت هذه الآية (فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم) دعا الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي.
إذن كرر النبي في أكثر من موضع، ليس فقط في «آية التطهير»، لماذا دعا هؤلاء الأربعة؟ ولماذا قال يوم المباهلة: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي؟ انظر صحيح مسلم, فضائل الصحابة, باب فضل علي, فلما قدم الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ للمباهلة مع النصارى قال النصارى: من هؤلاء؟ قيل لهم: هذا ابن عمه وهذه ابنته فاطمة وهذا ابنه الحسن والحسين، فخرجوا فقالوا لرسول الله: نأتيك بما تريد واعفنا من المباهلة, فصالحوا رسول الله على الجزية وانصرفوا. وذكر العلامة السنّي صاحب «تحفة الأحوذي» دعا علياً فنزله بمنزل نفسه، وفاطمة لأنها أخص نسائه وحسناً وحسيناً بمنزلة ابنيه.
وهكذا نجد أنّ النبي كان يصرّ على هذا الحصر لدائرة المطهرين من أهل بيته, فلماذا يا شيخ عثمان تصر على عدم التمييز بين المطهرين وغير المطهرين؟
أنا أريد أن أقول لك: ما هي وظيفة «حديث الكساء»؟ ما هي وظيفته؟ وما هي دلالة «حديث الكساء»؟ أجبني على هذا السؤال!
السيد رفيق الموسوي:
تفضلوا الشيخ عثمان معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, يقول الشيخ الدكتور: المؤمن لا ينقض العهد!
أنا أريد أن أقرأ الآيات التي أرسل فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علياً ـ رضي الله عنه ـ , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وإنّ الله مخزي الكافرين، وآذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله, فإن تبتم فهو خير لكم, وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم), هذه الآيات من الله جل وعلا أنزلها على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمره أن يبلّغ بها المشركين, فهل نقض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ العهد؟ لم ينقض العهد, وأنا ـ أيضاً ـ لم أنقض عهدي معك! وأنت تسألني على ماذا يدل [حديث الكساء]؟ أنا الذي يجب أن أعرف منك على ماذا يدل؟ تقول: عندي كلام كثير، ويدل على أشياء كثيرة.
أزعجتنا بقولك كنت وهابياً وصرت اثني عشرياً وكنت.. وكنت.. وكنت!! والله ما جئنا لنسمع عن قصة حياتك, وهي مزعجة لنا! اسمعنا شيئاً نستفيد منه! ألست تقول: إنك صرت شيعياً وإن عندي الكثير العجيب الذي لم تسمع مثله أبداً؟! أين هذا الكلام العجيب الذي لم أسمع مثله أبداً؟ (شنشنة نسمعها من أخزم)! ما نرى هذه الأشياء! وإنما دعاوى.. دعاوى.. ولا نرى شيئاً, والله ما جئنا لنسمع قصتك, وإنما جئنا وأنت تمثِّل هذه الغرفة. أنا أسمّي هذه الغرفة حسب ما يحب الأخوان بغرفة الرافضة, هذا لا يخصني, أنا جئت المناظرة لأحاورك في هذه الغرفة, غرفة الرافضة, والله إنني أستغرب كيف اختاروك لهذا اللقاء والله أستغرب كثيراً!! في هذه الغرفة أو المكان لأنني أستغرب كيف اختاروك لهذا اللقاء والله أستغرب كثيراً!! لأنني لا أسمع علماً أو شيئاً أستفيد منه! لم تقل يا دكتور عصام شيئاً نستفيد منه!! قد يكون الشيخ الدكتور قد استفاد منّي شيئاً, وهذا أمر طبيعي أن يقول: مثل هذا الكلام, ولكن الآن أنا أقول: أستغرب في الحقيقة لماذا تم اختيار الشيخ الدكتور عصام العماد للمناظرة؟ يعني كلام غريب جداً جداً! والآن كذلك هو يوجه لي الأسئلة على ماذا يدل «حديث الكساء»؟! أنا الذي تسألني على ماذا يدل «حديث الكساء»؟! أنا الذي يجب أن أسألك! أنا قلت: ما عندي حول حديث الكساء فلماذا تسألني أنا؟! أريد أن أسمع شيئاً الآن, وكما قلت: أن لم أسمع شيئاً الآن عن «حديث الكساء» يدل على ما تذهبون إليه من العصمة، والطهارة سأتمم موضوع الإمامة وسأنتقل إلى شرك الإلوهية عندكم, وأنت ـ أيضاً ـ انتقل إلى بحث الشرك عندكم, وإلى عبادة القبور عندكم, وإلى غيرها من المسائل الكثيرة التي أريد مناقشتها مع الشيخ الدكتور عصام بعد موضوع الإمامة، والخلافات بين الشيعة والسنة؛ فأمّا أن نصير كلنا شيعة أو نصير كلنا سنّة. هذا مبدأ للنقاش يصل إلى هذه النتيجة.
الآن وهي أن نتفق لا أن يهجر بعضنا بعضاً ولا على أن نتقارب, لا نريد التقارب، نريد الاتحاد, نريد التوافق، نريد أن نجتمع على كلمه سواء. هناك كلمة لا إله إلاّ الله محمد رسول الله نريدها هذه! نريد: (إن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل). نريد قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: [افترقت اليهود على سبعين فرقة وافترقت النصارى إلى سبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقه كلها في النار إلا واحدة)! نحن نريد هذه الوحداة. نريد أن نسمع شيئاً مفيداً، نريد أن نستفيد, نريد الناس أن يسمعوا شيئاً تستدل به الشيعى في بحث حديث الكساء وآية التطهير, أو تستفيد من نصوص أخرى. أن نتكلم ونتحاور لنصل إلى الحقيقة! وإلى الآن لم أسمع شيئاً, وليس هذا خلافاً للميعاد, بل هذا التزام للميعاد إن شاء الله تعالى, تفضل يا دكتور.
السيد رفيق:
تفضلوا سماحة الدكتور السيد عصام.
السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم جزاك الله خيراً؛ ولأنني في الحقيقة عندما أتكلم كلاماً فأنا أقول: إنني منذ ثلاثة عشر سنة عندما انتقلت من الوهابية إلى الاثني عشرية وأنا أدعوا إلى تأسيس جماعة التقريب بين الوهابية وبين الاثني عشرية, واحتراماً لهذه الجماعة، لأنني أعتبر أن هذه الجماعة مقدّسة وسوف تضيّع المؤامرة الصليبية التي تريد أن تفرق بين المسلمين الوهابيين وبين المسلمين الاثني عشريين, فلذلك عفا الله عنك وجزاك الله خيراً, ولا أريد أنا هنا أن أستعرض عضلاتي, ولكن أقول: والله لقد ظلمتني يا أخي! ظلمتني كثيراً عندما قلت: لماذا اختاروك؟!
اختاروني لأنهم يعرفون أنني من العلماء, وإن كانت مرتبتي ليست مرتبة كبيرة, أنا من العلماء, ولكن لا أبلغ إلى درجة العلامة الشيخ الكوراني ولا إلى درجة العلامة السيد أحمد المددي ولا إلى درجة العلامة هادي آل راضي, ولكن أنا من العلماء الذين في مرتبة أقل من درجة هؤلاء.
وتتهمني لماذا اختاروني, وإني ليس لي من العلم شيء!
فأقول: أحسن الله إليك وجزاك الله خيراً وأحتسبها عند الله, حفاظاً على جماعة التقريب بين الوهابين والاثني عشرية التي هي جماعة أتبناها وأدعو إليها, ولديَّ بحوث في هذه الجماعة, فلذلك أنا أقول: من أجل أن نفوّت الفرصة على أعداء الإسلام, ولعل بعض أعداء الإسلام يسمعوننا في هذه المناظرة من الذين يريدون أن يدمروا الإسلام تحت عنوان محاربة الإرهاب، أنا صاحب قضية يا شيخ عثمان الخميس، أنا أريد فقط أن تعرف الحق، وأن تهتدي إلى الحق, لديّ كنز عظيم في يدي, وأنت لا تحارب الاثني عشريه؛ لأنك تعرفهم, بل أنت تحاربهم لأنك لا تعرفهم! وأسأل الله أن يكون استبصارك إما على يدي أو على يد غيري، وأرى فيك خيراً كثيراً, وإن لم تهتد في هذه المناظرات فسوف يجعل الله لك الهداية في المستقبل.
وأقول: أعود إلى موضوعنا إنني وجدت أن كثير من العلماء وفي مقدمتهم صاحب «تحفه الأحوذي» من علماء أهل السنة بيّن وقال بهذا النص: دعا عليّاً عندما نزلت آية المباهلة نزّله منزلة نفسه, وفاطمة لأنها أخصّ النساء وحسناً وحسيناً ومنزلتهما بمنزلة ابنيه ـ صلى الله عليه وآله ـ. وهكذا نجد في موارد عديدة بهذا الشكل, ونجد أنّ النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يحدد من هم أهل بيت النبوة المطهرين كما في حديث المباهلة, روي من إحدى وخمسين طريقاً كما سأبيّن لك بالمستقبل وأثبتها أرباب الجوامع في جوامعهم, وأثبتها المفسرون في تفاسيرهم من غير اعتراض, كالإمام الطبري والإمام ابن كثير ـ رضوان الله عليه ـ والإمام السيوطي ـ رضوان الله عليه ـ وروى القصة ابن معين والبيهقي, والقصة موجودة في الحلية ورواها ابن إسحاق وغيرهم من السلف الصالح.
وعلى هذا نقول: بأن مفهوم من هم أهل البيت المطهرين قد غرس غرساً في ذاكرة العديد على زمن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وعلى زمن غيرهم كلهم, قالوا: أبناءنا تعني الحسن والحسين, وأنفسنا تعني ـ كما في حديث جابر ـ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وعلي بن أبي طالب, ونساءنا تعني فاطمة, ثم أدخلهم النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مرة أخرى في الكساء وقال: «اللهم إن هؤلاء أهل بيتي», في مواضع عديدة, وبعد أن حدد النبي من هم أهل البيت المطهرون وبيّن وأدخلهم في الكساء وأدار الكساء وبيّن كل شيء؛ ربط النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بينهم وبين القرآن الكريم, وبينهم وبين السنة النبوية برباط وثيق، وهذا الرباط غرس درساً في ذاكرة العديد في زمن النبي من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كما في رواية مسلم عن زيد بن أرقم ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: [أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي وأجيب ـ سوف أغادر الحياة عما قريب ـ إني تارك فيكم الثقلين؛ أولهما كتاب الله, ثم قال وأهل بيتي].
لا أريد أن أذكر الحديث كله, قال النووي: [سميا (الثقلين) لعظمهما وكبر شأنهما, وقيل: لثقل العمل بهما، ولأن ما عدا القرآن والسنة وأهل البيت خفيف] ما عداهما خفيف، النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يريد أن يحدد أهل البيت المطهرين حتى لا يأتي أحد ويتلاعب بالدين, وكان يريد أن يعرفهم لنا؛ لأنه يعلم أنّ دائرة الرّجس من بني أمية سوف تحارب هذه الدائرة المطهرة يا شيخ عثمان الخميس هل هذا الكلام ليس علمياً؟ أتريدني أن أأتي فقط بالكلام الذي تريده حينئذ سوف أصبح عندك من العلماء؟! أما إذا أتيت بالكلام الذي لا ترغب فيه أكون من الجهلاء! هل هذا من الإنصاف؟ والله إنني لا أتهمك بالجهل, لا أتهمك بذلك ـ معاذ الله ـ أن أأتي وأقول: إن عثمان الخميس جاهل, وهو رجل من رجال الدين, ولكن أقول: إنني يهمني, أهم شيء.. القضية الكبرى عندي مذهبي قضيتي الكبرى هي عقيدتي ولا يهمني أن يقول الناس عني ما قالوا, جاهل أو عالم, فبعد أن انتقلت من الوهابية إلى الاثني عشرية اتهمني بعض المتعصبين اتهامات كثيرة, وآخر من اتهمني منهم هو سماحة الشيخ عثمان خميس!! وأسأل الله أن يهديه إلى الحق, وتفضل معك المايك.
السيد رفيق الموسوي:
تفضل شيخ عثمان معكم المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
يقول الشيخ الدكتور عصام إنه يدعو إلى جماعة التقريب بين الوهابية والاثني عشرية!
نقول: لا تدعو إلى هذه الجماعة ادعوا إلى اتباع الكتاب والسنة, ادعوا إلى اتباع الحق.
أنت قلت: الوهابية الذين لا يفهمون ولا يعقلون وهم بدويون!
هذه الوهابية الذين تريد أن تقرب بينهم؟ لماذا تقول لي سامحك الله، لماذا هذا الكلام؟ أنت لم تفهم هكذا لماذا؟ لماذا لا تتبع الحق؟ لماذا لا تجيب على الأسئلة التي أطرحها؟ وكما يقول المثل المصري: «أسمع كلامك أصدقك, أرى أعمالك أتعجب»!
أنت تتكلم بلين وضعف, فأشفق عليك, ولكن لمّا أرى أعمالك أغير نظرتي تماماً! إني أرى أشياء أخرى، إني أرى الشيخ الدكتور عصام يهرب من الإجابات! أرى أن الشيخ الدكتور عصام يلف ويدور! أرى الدكتور عصام يُسأل فلا يجيب!
يقول: أنا أريد الحق وأنا كنت في الوهابية, تحولت من الوهابية واسترحت الحمد لله إنك تحولت ما في مشكلة.
تقول: آية المباهلة.. آية المباهلة.. أليس موضوعنا في «الحديث الكساء»؟ ما هو الرجس؟ وماذا يترتب على التطهير؟
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, الشيخ عثمان الخميس يريد أن يجعل المسألة شخصية, أنا ليس بيني وبين الشيخ عثمان الخميس أي عداوة شخصية, وكما قال في أول المناظرة: أنا لا أعرف الدكتور عصام العماد, وكذلك أنا أقول: أنا لا أعرف الشيخ عثمان الخميس, فليس بيني وبينه أي عداوة شخصية, ولكن جئت هنا أدعوا إلى الله وإلى أن يعرف الناس بأنّ الحق مع أهل بيت النبوة, وأنا ما زلت في بداية الطريق, لا تتسرع يا شيخ عثمان، أنا ما زلت في رأس الهرم, أعني هرم الاثني عشرية, وما زال عندي عشرات الروايات, فإذا كنت أنا في «آية التطهير» وحدها هذه الجلسات استغرقت فماذا تتوقع كم عندي من الكلام حول [حديث الاثني عشر]؟ كم عندي من الكلام حول «آية المباهلة»؟ كم عندي من الكلام حول «آية الولاية»؟ كم عندي من الكلام حول حديث المنزلة؟ هناك مئات الروايات وكذلك آيات كثيرة! لا تستعجل يا شيخ عثمان الخميس, أنت الآن تقول: ليس عندي أنا شيء! لا تستعجل, الآن لم أذكر شيئاً؛ لأنني ما زلت في البداية.
تقول: الشيخ عصام لم يأت بشيء.
نعم ما زلت في رأس الهرم, فقط أريد منك عهداً إذا عاهدتني إنك ستستمر معي فأنا سأستمر معك, أنا من خلال أسلوبك وتعاملك معي بدأت أشعر أنك ربما تترك المناظرة, ولذلك أنا أريد أن تضمن لي هل فعلاً ستستمر بالمناظرة؟ ومَن مِن الأشخاص من يجهل من هو عصام العماد في اليمن؟ أنا لا أريد أن أمدح نفسي, ولكن أحياناً عندما تأتيك المطاعن من أخيك في الله وفي الإسلام قد تضطر أن تتحدث عن نفسك, يعني أنا في الحقيقة تنازلت وتتاظرت مع أخي الشيخ عثمان الخميس, وإلا كنت أريد أن أأتي بأحد تلامذتي يتناظر مع سماحة الشيخ عثمان الخميس! ولكن منّي تتازلاً! قلت لهم: ارسلوا أحد تلامذتي من أجل أن يتناظر مع سماحة الشيخ عثمان الخميس! قالوا (تلامذتي): إننا نرى أن تأتي أنت تناظر, فلذلك أنا أعتبر نفسي تنازلت وأتيت أتناظر معك, وإلا أنت لست في مقام علمي, ولكن لا أريد أن أتكلم في مسائل شخصية, أريد أن أبيّن أن المسألة شخصية, ليس بيني وبينك أي عداوة, وأنا أحترمك وأنت تحترمني بإذن الله وإن شاء الله.
أريد أن يكون الحوار بيني وبينك علمياً, لا يتحول إلى مسائل غير علمية, وإذا كنت أنت تقول عن نفسك: يا عثمان الخميس إنك لست عالماً كما قلت في جلسة سابقة, فأنا أقول: أعوذ بالله أن أكون أنا من الجاهلين, أنا لست من الجهال, بل أنا من العلماء, لكن أنت تقول: إنك لست عالماً, فأنا والله أتألم كثيراً كيف عرف الوهابيون للمناظرة معي شخصاً غير عالم! كان الأولى أن يختاروا أحد علمائهم! وهذا اتفاقي معكم, فو الله لو قالوا لي: إنّ هذا الشخص ليس عالماً لرفضت المناظرة معك يا عثمان الخميس! إنني لا أريد أن أناقش جاهلاً, لأن المشكلة أنه أحياناً عندما تناظر شخصاً عالماً تصل معه إلى نقطة معينة, لكن عندما تناظر شخصاً غير عالم لا تصل معه إلى نقطة معينة. ولذلك أنا أستغرب كيف تنتقد مذهباً عظيماً. وأنت تقول: إنك لست عالماً!! إذا كنت كما تقول لست عالماً من علماء الوهابية ولست بعالم من علماء أهل السنة فكيف تدعي إنك عالم في الاثني عشرية؟! كيف تقول: إنك تعرف الاثني عشرية؟ إذا كنت لا تعرف مذهبك فكيف تدعي إنك تعرف مذهب الآخرين؟!
ولذلك أنا أطالب الأخوان وأسألهم هذا السؤال.. إنني أسأل إخواني من الوهابيين المشرفين على المناظرة أبو أحمد أو محمد علي، هل عثمان الخميس من علمائكم؟ هل عثمان الخميس من علمائكم؟ أوجّه السؤال إلى محمد علي, عفواً محمد علي هل هو من علمائكم أم لا؟ هل عثمان الخميس من علمائكم أم لا؟ أجب أيّها المسؤول عن الوهابيين؟
الأخ محمد علي مدير الحوار من قبل الوهابيين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أما بالنسبة للشيخ عثمان الخميس فالشيخ عثمان الخميس عالم عندنا ويمثلنا ويشرفنا, والآن يتفضل السيد عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
أريد أن أبيّن للشيخ عثمان الخميس أنه لا يمكن الكلام عن العصمة الآن وهو مصر كما فهمت أن نتكلم عن العصمة، والشيخ عثمان يريد أن نتحاور في العصمة, يا أخي عثمان العصمة التي أنا أفهمها عن الاثني عشرية غير العصمة التي أنت تفهمها! أن تفهم العصمة عند الاثني عشريه كما كنت أنا أفهمها قبل ثلاثة عشر سنه وهي العصمة الملازمة للنبوة, العصمة التي تحلل حرام محمد وتحرم حلال محمد! العصمة التي تأتي بدين جديد, العصمة التي تأتي برسالة جديدة, العصمة التي ترفع الإمام علي عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وفوق النبي, العصمة هذه لا أريدها وليست هذه معالم العصمة عند الاثني عشرية, هذا أولاً.
أما ثانياً: أنا أقول: إنه يجب أن نحدد ما معنى العصمة, ما هي العصمة؟ لأن الكثير من الوهابيين لا يدركون الفرق بين العصمة المريمية (عصمت مريم) وبين عصمة عيسى، عصمة عيسى تستلزم بأن يكون صاحب رسالة جديدة, أما عصمة مريم فلا تستلزم ذلك.
العصمة التي عند أهل البيت المطهرين هي كعصمة مريم, لا نبوة جديدة ولا رسالة جديدة, بل هم اتباع للنبي محمد, يتلزمون بما أحله محمد ويلتزمون بما حرّمه محمد, لذلك ما لم نحرر محل النزاع وما لم نتفق في تعريف العصمة, فكيف نتحدث ونتحاور عن العصمة؟ هذه هي المشكلة, ولن يتم التقريب بين الوهابيين وبين الاثني عشرية ما لم يكن هنالك اتفاق في المحتوى الداخلي الذي يشرح المصطلح, أما أن يكون مجرد الاتفاق في الغلاف الخارجي في اللفظ أما في المحتويات وفي المعنى الداخلي وفي المضمون الداخلي نختلف فكيف سنتفق؟! نريدك أن تفهم العصمة, هذا ثانياً.
أما ثالثاً: فأنا أريد أن أقول: إنه ما لم تسلّم بالحصر (حصر المطهرين من أهل البيت) فكيف سنبحث في العصمة وتريدني أن أقول بعصمة خمسين مليوناً؟! أنت تقول: ليس خمسين مليوناً! إذن أربعين مليوناً فلنقل عشرة ملايين, ما لم تسلم بالحصر.. هنالك ملازمة كبيرة بين القول بالحصر لأهل البيت المطهرين وبين القول بالعصمة, أنت تقول: لا.. لا يوجد حصر، ثم إنك تطالبني بأن أقول بعصمة خمسين مليوناً أو ثلاثين مليوناً! يا أخي تسألني: لماذا أصر على الحصر؟ لأنه ما لم نحصر أهل البيت المطهرين كما حصرهم النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بأهل الكساء، فلا يمكن أن تقول بالعصمة؛ لأن هؤلاء المطهرين الأربعة (أهل الكساء) الذين أقول بعصمتهم قد بشرهم النبي بالجنّة, قال: إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة! وبشر الإمام علي بالجنة والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة, فمن الطبيعي أن يكونون هؤلاء معصومين, أيّ أنهم لا يخالفون القرآن والسنة.
فالعصمة عند الاثني عشرية بمعنى أنه لا يمكن أن يخالفوا الكتاب والسنة, العصمة في هؤلاء الأربعة. أتريدني أن أقول بعصمة خمسين مليوناً؟! فلذلك أنا أقول: لا بدّ أن تحصر أهل البيت وإلا فلا داعي للعصمة, أهل البيت عندك يعني يعطي مداليل كثيرة، ملايين من الناس ما كان منهم من الذين ولدوا في زمن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ عندك كلهم أهل البيت, والذين ولدوا بعده ـ صلى الله عليه وآله ـ والذين الآن ما زالوا على قيد الحياة من أهل البيت عندك! والذين سيلدون إلى آخر الزمان, هؤلاء أهل البيت! من دون تمييز بين دائرة المطهرين وبين دائرة غير المطهرين, بين الإمام علي وبين غيره من الهاشميين! تريد أن أقول بعصمة ما كان منهم وما سيكون منهم وما سيلدون, والذين سيلدون, ومنهم الفاجر ومنهم التقي ومنهم البر, منهم دائرة الرّجس ودائرة الصالحين ودائرة المطهّرين؛ لأنني أعتقد أن دائرة الرجس تشمل بعض بني أمية كما تشمل بعض أهل البيت, وتشمل غيرهما من بعض بطون قريش؟! لا يا أخي نحن نقول بعصمة هؤلاء الذين قرنهم النبي بالقرآن, هؤلاء الذين أدخلهم في الكساء، هؤلاء الذين جعلهم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة, هؤلاء هم؛ لأنهم لا يمكن أن يخالفون القرآن والسنّة. هذه هي العصمة التي أقول بها, لا العصمة التي تفهمها أنت؛ لأنها تقتضي أنهم جاءوا بشيء جديد في مقابل القرآن والسنة! معاذ الله أن يكون لأهل البيت المطهّرين شيء أو قول يخالف القرآن والسنة وإلا لما كانوا أهل البيت المطهرين, ولا كانت كرامة لهم, وتفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
نريد أن نعرف الآن ما هو الرّجس الذي أذهبه الله عنهم؟ وماذا يستلزم من ذلك؟ ما فهمت شيئاً منك! ما فهمت شيئاً منك! لم أفهم من كلامك إلا عبارة معاذ الله، اذكر ما يدل, وتوكل علي الله.
أحد مدراء المناظرة:
أعتذر إلى كل الحاضرين لهذه المناظرة إننا سنضطر اليوم إلى إتمام المناظرة على أن نلتقي في الأسبوع القادم في غرفة الشيخ عثمان الخميس, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.