عربي
Wednesday 25th of December 2024
0
نفر 0

الاولوية غير كافية في الايجاد

الثاني : الاولوية غير كافية في الايجاد

  عدة اجزا فلا تخلو العلة :
امـا ان تـسـد جـمـيع ابواب العدم عليه باجتماع الاجزا او لا,فعلى الاول يثبت المطلوب اي يكون وجـوده واجبا وضروريا,لان المفروض ان كل ما يحتاج اليه المعلول في وجوده فهوموجود بالفرض وشي دخيل في تحقق المعلول الا وهوموجود.
وعـلـى الـثـانـي اي لا يسد جميع ابواب العدم عليه وذلك بفقدبعض الاجزا يكون ممتنع الوجود , والقول بوجوده مع نقصان العلة يرجع معناه الى وجود المعلول بلا علة وهو باطل بالضرورة .
وامـا مـا ربما يقال من كفاية الاولوية في تحقق المعلول ,وعدم لزوم وصول وجود المعلول الى حد الوجوب بل يكفي ترجح جانب الوجود على العدم , فغير تام .
لانـه ان اراد مـن الاولـويـة كـفـاية وجود بعض اجزا العلة دون بعض , لحصول الاولوية بذلك فغير صـحـيـح , لان مـعـنـى ذلـك عـدم مدخلية غير الموجود من اجزا العلة في تحقق المعلول مع ان المفروض انه من اجزائها ومدخليته في تحققه ومرجعه الى التناقض .
وان اراد مـنـها لزوم اجتماع جميع اجزا العلة لكن لا يشترطوصول وجود المعلول الى حد الوجوب فـقـد عـرفت بطلانه ,لانه مع ذلك الفرض يسد جميع ابواب العدم ويستحيل عروضه عليه , فيكون النقيض الاخر واجبا بلا كلام .
فاتضح بذلك امران :
1 ان وجـود الـشـي فـرع اجتماع جميع اجزا علته حتى ينسد به ابواب العدم على المعلول وتحقق جـمـيع الاجزايلازم وجوب الوجود ولزومه , والا فلو افترضنا اجتماع جميع اجزا العلة ومع ذلك لم يـكـن الـمـعـلـول مـتحققا يرجع معناه الى عدم كفاية الموجود في التحقق , والا فمع افتراضها لا وجه للانفكاك وعدم التحقق .
2 عـدم كفاية رجحان الوجود على العدم في تحققه لماعرفت من ان مرجع كفاية الرجحان اما الى الـتناقض في القول وافتراض مدخلية شي في تحقق المعلول واما عدم تحققه مع اجتماع جميع ما يتوقف عليه من اجزا العلة .
اذا عـلـمـت هـذين الامرين , تقف على ان القاعدة لا تنفي اختيارية الفاعل في فعله اذا كان الفاعل فـاعـلا مـختارا, بل تؤكدالاختيار, لان الفاعل بارادته واختياره يوجب وجود المعلول ويحتم ثبوته , والـوجـوب والايـجـاب بـالاخـتيار لا ينافي الاختيار, وعلى ذلك فالفاعل فاعل موجب (بالكسر) لا فاعل موجب (بالفتح ).
وان شـئت قـلـت : ان مـفاد القاعدة هو ان المعلول لا يتحقق الا بسد جميع ابواب العدم عليه , ولا يـسده الا الفاعل , فهو لو كان فاعلا مضطرا يسده بالاضطرار, ولو كان فاعلا مختارا يسده كذلك , فلا صلة بين القاعدة ونفي الاختيار.

تنبيه :

وربـمـا يـتـصـور ان الـقاعدة مبنية على القول بامتناع الترجيح بلا مرجح وعدمه , فاذا قلنا بالاول فالقاعدة تامة والا فلا.
يـلاحـظ عليه : اولا: ان قاعدة امتناع الترجيح بلا مرجح , من الاوليات التي لا يشك فيها ذو مسكة , لان مل تجويزه هوجواز الترجح بلا مرجح والمعلول بلا علته وهو باطل بالضرورة .
وجـه ذلـك لو افترضنا ان بين يديك رغيفين او امام الهارب طريقين , فكما ان اصل الاكل والهرب يـحـتـاج الـى عـلة , فهكذاتخصيص احدهما دون الاخر امر وجودي لا يفارق العلة فمن قال بجواز الـترجيح بلا مرجح , فقد جوز تحقق امر وجودي وهو تخصيص احدهما دون الاخر بلا علة , وما مثل برغيفي الجائع او طريقي الهارب فثمة مرجحات خفية لا يلتفت اليهاالانسان بتفصيل , كان يختار ما يـقع في جانب اليمين على ما في جانب اليسار, او يختار اول ما تطرف اليه عيناه , الى غير ذلك من المرجحات التي ربما تخفى على الانسان الا بعد الامعان والدقة .
وثانيا: ان ترجيح احد الفعلين متقدم على تعلق ارادته بالايجاد فهو يرجح اولا ثم يريد الايجاد, فعند ذلك ياتي دورقاعدة ((الشي ما لم يجب لم يوجد)) فاختيار الفعل عن ترجيح متقدم على الارادة ثم الايجاب والوجوب , فكيف يناط وجوب المعلول وعدمه بشي لا دخل له فيه ؟.
وان شـئت قـلت : ان النفس بعد اختيارها ايجاد شي باي نحو حصل , يكون فاعلا موجبا للارادة اولا, وفـاعـلا موجبابتوسط الارادة لتحريك العضلات ثانيا, وفاعلا موجبابالمعلول الخارجي ثالثا, فجواز الترجيح بلا مرجح وعدمه المتقدم على مسالة الايجاب والوجوب لا صلة له بالقاعدة .
نـعـم ثـمة نكتة وهي : ان الاستقلال في الايجاد والايجاب فرع الاستقلال في الوجود, والعلة التامة الـمستقلة ما تسدبنفسها وبذاتها جميع الاعدام الممكنة للمعلول , ومن تلك الاعدام عدمه بانعدام فـاعـلـه ولا تـجـد لذلك مصداقا في نظام الوجود يسد بنفسه جميع الاعدام سوى الخالق المتعال (جلت قدرته ) وما سواه يمتنع عليه سد جميع ابواب العدم التي منهاعدم وجود الفاعل .

الشبهة الثالثة : تعلق علمه بافعال العبد ينافي الاختيار

ان صـفـاتـه الـجمالية سبحانه مع كثرتها واختلافها في المفاهيم , ترجع حسب الوجود الى حقيقة بـسيطة هي صرف كل كمال وجمال وليس في مقام الذات اي كثرة وتعدد, بمعنى ان حيثية علمه في الوجود هي حيثية قدرته وارادته وبالعكس ,فالذات كلها علم , وكلها قدرة , وكلها ارادة , فصدور فـعل عن ارادته عين صدوره عن علمه , وهو عين صدوره عن ذاته الاحدية اخذا بوحدة الصفات في مقام الذات .
اذا علمت ذلك فتقرر الشبهة بالنحو التالي :
ان الـعـلم على قسمين : انفعالي وفعلي , ففي الاول , العلم يتبع المعلوم الخارجي ويستند اليه , فاذا راى ان زيـدا قـائم , يـحصل له العلم بانه كذا وكذا فليس للعلم اي تاثير في المعلوم الخارجي ,وانما الامر على العكس فالخارج , هو الذي صار مبدا لعلم الانسان بكونه قائما.
وفي الثاني الامر على العكس , فالعلم يكون سببا لحدوث المعلوم وتحققه في الخارج كما هو الحال في الفاعل العنائي والتجلي (على الفرق المقرر بينهما).
فـالـنـاظر من شاهق يتصور السقوط ويكون مبدا لسقوطه ,فالمعلوم تابع للعلم ويكون متحققا في ظله , واللّه سبحانه فاعل بالتجلي الذي يكون نفس العلم فيه مبدا ومصدرا من غيراستعانة بشي آخر, وما شانه كذلك يكون العلم متبوعاوالمعلوم تابعا, والى ذلك ينظر قول الاكابر من ان النظام الكياني تـابـع لـلـعـلم الرباني وانه المبدا لنظام الوجود من الغيب والشهود, وان ما في سلسلة الوجود من الجواهر والاعراض والمجردات والماديات تابع لعلمه الذاتي الذي هو علة لتحقق السلسلة .
وعـلـى هذا يكون علمه سبحانه مبدا لما في الكون من سلسلة الوجود على وجه لا يتخلف المعلوم عـن علمه , فعندئذيجب صدور جميع الموجودات ومنها افعال العباد, بالقضاالالهي والعلم الازلي , والا لـزم تـخـلـف الـمـعـلـوم عـن الـعـلم ,والمراد عن الارادة الممتنع في حقه عز وجل , فيصير العبادمقهورين في افعالهم وان كانوا مختارين في الظاهر.

الجواب عن الشبهة

ان الـجـواب عـن الـشـبهة واضح بشرط الالتفات الى ما ذكرناسابقا, وهو ان علمه تعالى لم يتعلق بـتـحـقـق الموجودات في عرض واحد حتى تسلب العلية عن سائر مراتب الوجودويستند الكل اليه سـبـحـانـه فـي درجـة واحـدة , بـل تـعلق علمه بالنظام الكياني على ترتيب الاسباب والمسببات والـعـلل والمعلولات بحيث يصدر كل مسبب عن سببه القريب حقيقة ,ولم يتعلق بتحقق الموجود فـي عرض علته او به بلا توسطسببه , والشاهد على ذلك كون الوجود معقولا بالتشكيك وتعلق كل مـرتـبـة بـمرتبة متلوة على وجه لا يكون لكل درجة من الوجود, التجافي عنها, والا يلزم الانقلاب الذاتي الممتنع ,وعلى ذلك فكل ما في الكون من وجود وتحقق فهو مرتبطبعلته القريبة وسببه .
فـالـسبب يؤثر في مسببه , والعلة في معلوله , وبه تعلق علمه الرباني وعلى ذلك يكون علمه بصدور كـل معلول عن علته مؤكدا للاختيار, لا سالبا له , اذ معناه انه تعلق علمه بصدور كل فعل عن فاعله فـلـو كـان الفاعل مضطرا تعلق علمه بصدوره عنه على وجه الاضطرار, ولو كان فاعلا مختارا تعلق عـلـمـه بـصدوره عنه كذلك , فالنظام الكياني بوجوده وصفاته , متعلق علمه , ولوصدر فعل الفاعل الاختياري عنه على وجه الاضطرار لزم تخلف علمه عن معلومه .
وان شئت قلت : ان كل ما يوجد من الكمال والجمال فهومن صقع وجوده وتجليات ذاته وان ما في دار الـوجود من النظام الاتم فهو عين علمه الفعلي الا انه لا يلازم الاضطرار, لان كل مرتبة متعلقة مـتـدلية بتمام هويتها لما فوقها, بحيث لا يمكن التجافي عنها ولا التنزل الى ما دونها ومعنى ذلك تـعـلق علمه بصدور كل مسبب عن سببه , والمعلول عن علته على النظام الخاص ولم يتعلق علمه بصدور كل معلول عن علته فقط,وانما تعلق بصدور كل معلوم عن علته على الوصف الخاص لها من اضطرار واختيار, فالقول بعلمه العنائي , وان النظام الكياني تابع للعلم الرباني مع التحفظ على نظام العلل والمعاليل يؤكد الاختيار وينفي الاضطرار.
وبـعبارة موجزة : من عرف كيفية صلة الموجودات باسبابهايعرف ان لكل جز من النظام الكياني مع كونه مظهرا لاسمائه وصفاته , اثر خاص , فالانسان فاعل مختار تحت ظل العامل المختار بالذات كاللّه سـبحانه وفاعليته ظل فاعليته تعالى (وماتشاؤون الا ان يشا اللّه ) فتعلقت ارادته بالنظام الاتم على وجه يكون الانسان فيه فاعلا مختارا والنار فاعلا مضطرا, فكون علمه العنائي منشا للنظام الكياني , لا ينافي الاختيار.
الى هنا تمت الشبهات الثلاث مع اجوبتها, اعني :
ا : كون فعل الانسان داخلا في اطار ارادته سبحانه , ينافي الاختيار.
ب : ان تحقق كل فعل اذا كان رهن الايجاب , فهو ينافي الاختيار.
ج : ان كون علمه العنائي منشا للنظام الكياني , ينافي الاختيار وقد عرفت عقم تلك الشبهات .
بقي الكلام في شبهه اخرى وهي السعادة والشقا الذاتيين .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

اصل في معرفة ذوات المعصومين (ع ) وحياتهم بالاجمال ...
اللسان نعمة ونقمة
معرفة الله تعالى أساس إنساني
هل للتوحيد مراتب ؟ وما هي ؟
الأوقاف العامة عند الشيعة
التقية المحرمة والمکروهة عند الشيعة الإمامية
القائد والمجاهد والشهيد
الاسلام واليهودية
فصل: فيما ذكر في بيان(1) عمره عليه السلام.
الوحدة الإسلامية عصمة التعدد

 
user comment