عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

ضرورة عرض المعضلات على الكتاب والسنة

الخط الثالث : ضرورة عرض المعضلات على الكتاب والسنة

يتمثل الخط الثالث من خطوط حصانة التشريع الالهي بالتشديد على ضرورة عرض الامور المعضلة والـمـشتبهة على كتاب اللّه الكريم وسنة رسوله القطعية , فما وافقهمامن تلك الامور فهو مقبول , وما خالفهما فهو مرفوض يجب القاؤه والتخلي عنه , فقد وردعن رسول اللّه (ص ) في حجة الوداع انه قال :
(( قـد كـثـرت عـلـي الكذابة وستكثر , فمن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار ,فاذا اتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اللّه وسنتي , فما وافق كتاب اللّه وسنتي فخذوا به ,وما خالف كتاب اللّه وسنتي فلا تاخذوا به )) ((90)) .
وذكر امير المؤمنين (ع ) ذلك في عهده لمالك الاشتر حيث يقول :
(( واردد الى اللّه ورسوله ما يضلعك من الخطوب , ويشتبه عليك من الامور , فقدقال اللّه سبحانه لـقـوم احـب ارشـادهـم : ( يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه واطيعواالرسول واولي الامر منكم فان تـنازعتم في شي فردوه الى اللّه والرسول ) ((91)) , فالرد الى اللّه الاخذ بمحكم كتابه , والرد الى الرسول الاخذ بسنته الجامعة غير المفرقة )) ((92)) .
وعن ابي عبد اللّه الصادق (ع ) عن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( اذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني اهناه واسهله وارشده , فان وافق كتاب اللّه فانا قلته , وان لم يوافق كتاب اللّه فلم اقله )) ((93)) .
وعنه ايضا(ع ) انه قال :
(( كل شي مردود الى الكتاب والسنة , وكل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهوزخرف )) ((94)) .

الخط الرابع : التوقف عند الشبهات

اكـدت الـشريعة على ضرورة التوقف عند الشبهات , وعدم اقتحامها , وضرورة التثبت عندها , من اجـل الاحـتـيـاط فـي الدين , وضمان سلامة التحرك في حدوده المشروعة وفي ضمن اطاراته الـمـقـررة , ولكي لا يقع المكلف في مخالفة شرعية ولوعلى مستوى الاحتمال , حرصا على ايجاد الفواصل المنيعة بين المحللات والمحرمات ,وتلافيا لاحتمال اختلاط بعضها بالبعض الاخر.
قال رسول اللّه (ص ):
(( ايـهـا الـنـاس حلالي حلال الى يوم القيامة , وحرامي حرام الى يوم القيامة , الاوقد بينهما اللّه عـزوجـل فـي الكتاب , وبينتهما في سيرتي وسنتي , وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي , من تـركـها صلح له امر دينه , وصلحت له مروته وعرضه , ومن تلبس بها ووقع فيها واتبعها كان كمن رعـى غـنمه قرب الحمى , ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه ان يرعاها في الحمى , الا وان لكل ملك حمى , الا وان حمى اللّه عزوجل محارمه , فتوقوا حمى اللّه ومحارمه )) ((95)) .
وعنه (ص ) انه قال :
(( دع ما يريبك الى ما لا يريبك , فانك لن تجد فقد شي تركته للّه عزوجل )) ((96)) .
وعن امير المؤمنين (ع ) في وصيته لكميل بن زياد انه قال :
(( يا كميل اخوك دينك فاحتط لدنيك بما شئت )) ((97)) .
وعن ابي عبد اللّه الصادق (ع ) انه قال :
(( الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة , وتركك حديثا لم تروه خيرمن روايتك حديثا لم تحصه )) ((98)) .
وعنه ايضا(ع ) انه قال : (( اورع الناس من وقف عند الشبهة )) ((99)) .

الخط الخامس : الرجوع في تفاصيل التشريع الى العلما

تـظـافـرت الادلـة على امر ارجاع الشريعة الاسلامية مكلفيها الى العلما المؤتمنين على الدين في فروع المسائل الشرعية وتفصيلاتها , والترغيب في طلب المعرفة قدرالمستطاع , قال تعالى :
( فـلـولا نـفـر مـن كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذارجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) ((100)) .
وعن ابي جعفر الباقر(ع ) انه قال :
(( عالم ينتفع بعلمه افضل من سبعين الف عابد )) ((101)) .
وعن معاوية بن عمار قال :
(( قـلـت لابي عبداللّه (ع ) : رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس , ويشدده في قلوبهم وقلوب شـيعتكم , ولعل عابدا من شيعتكم ليس له هذه الرواية , ايهما افضل ؟قال : الراوية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا افضل من الف عابد )) ((102)) .
وعن عبد السلام بن صالح الهروي قال :
(( سـمـعت الرضا(ع ) يقول : رحم اللّه عبدا احيى امرنا , قلت : وكيف يحيي امركم ؟قال : يتعلم علومنا ويعلمها الناس )) ((103)) .
وقد حملت الشريعة هؤلا العلما وظيفة حفظ معالم التشريع , واستفراغ الوسع في الذب عن حريم الاسـلام الـعـظـيم , واعلا كلمته , وادامة خط الانبيا والمرسلين (ع ) في تبليغ الرسالة , وادائها لـلـنـاس , وفي تحمل مهامهم الجسيمة , ووظائفهم الثقيلة , فيكونوابذلك ورثة حقيقيين لمعارفهم وعلومهم , فقد ورد عن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( الـلـهـم ارحـم خـلفائي , قيل : يا رسول اللّه , ومن خلفاؤك ؟ قال (ص ) : الذين ياتون من بعدي يروون حديثي وسنتي )) ((104)) .
وعنه (ص ) انه قال :
(( الـفـقـهـا امنا الرسل , ما لم يدخلوا في الدنيا , قيل : يا رسول اللّه , وما دخولهم في الدنيا ؟ قال (ص ) : اتباع السلطان , فان فعلوا ذلك , فاحذروهم على دينكم )) ((105)) .
ولـم يـكن هذا التاهيل تاهيلا عفويا , وانما كان مبنيا على اسس موضوعيه دقيقة ,ومؤهلات ذاتية مـقـومـة , فـقـد افـترضت الشريعة الاسلامية في هؤلا العلما المتصدين شروطا دقيقة وحساسة ترشحهم لهذا المنصب الخطير , فعن ابي عبداللّه (ع ) في قول اللّه عزوجل : ( انما يخشى اللّه من عباده العلما ) ((106)) , قال :
(( يعني بالعلما : من صدق فعله قوله , ومن لم يصدق فعله قوله فليس بعالم )) ((107)) .
وورد عن الامام العسكري (ع ) انه قال :
(( من كان من الفقها صائنا لنفسه , حافظا لدينه , مخالفا لهواه , مطيعا لامرمولاه , فللعوام ان يقلدوه )) ((108)) .
وعن امير المؤمنين (ع ) انه قال :
(( الا اخـبـركم بالفقيه حق الفقيه ؟ من لم يقنط الناس من رحمة اللّه , ولم يؤمنهم من عذاب اللّه , ولـم يرخص لهم في معاصي اللّه , ولم يترك القرآن رغبة عنه الى غيره , الا لاخير في علم ليس فيه تفهم , الا لا خير في قراة ليس فيها تدبر , الا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر )) ((109)) .
وعن الامام الرضا(ع ) انه قال :
(( ان من علامات الفقيه الحلم والصمت )) ((110)) .
فـاذا تـوفرت هذه الشروط والمؤهلات في عالم معين وجب على العوام الرجوع اليه في شؤون , دينهم وتحتم عليهم ان ياخذوا عنه معالم التشريع , فقد ورد عن اسحاق بن يعقوب انه قال :
(( سـالـت مـحمد بن عثمان العمري ان يوصل لي كتابا قد سالت فيه عن مسائل اشكلت علي , فورد الـتـوقـيع بخط مولانا صاحب الزمان (ع )... واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا , فانهم حجتي عليكم وانا حجة اللّه عليهم )) ((111)) .
وعن ابي يعفور قال :
(( قـلت لابي عبداللّه (ع ) : انه ليس كل ساعة القاك , ولا يمكن القدوم , ويجي الرجل من اصحابنا فيسالني , وليس عندي كل ما يسالني عنه , فقال (ع ) : فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي ؟ فانه قد سمع عن ابي وكان عنده وجيها )) ((112)) .
وعن الحسن بن علي بن يقطين قال :
(( قـلـت لابـي الحسن الرضا(ع ) : جعلت فداك لا اكاد اصل اليك لاسئلك عن كل ما احتاج اليه من مـعـالـم ديني , افيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج اليه من معالم ديني ؟ فقال (ع ) : نعم )) ((113)) .
ومـن جـانـب آخـر نـجد ان الشريعة قد اوصت هؤلا العلما المتصدين لامر الفتيافي الدين بالتقيد بـالـحجة , واعتماد الدليل المقر من قبل الشريعة , وان يوثقوا كل ما يصدرعنهم من اقوال في شان الـتشريع بالادلة والبراهين والمدارك المعتبرة , كما جا التحذيرالشديد عن مخالفة هذه الضوابط والحدود , والافتا للناس من غير علم , فقد قال تعالى :
( ولا تـقـولـوا لـمـا تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفترواعلى اللّه الكذ ب ان الذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون ) ((114)) .
وقال تعالى :
( ومن اظلم ممن افترى على اللّه كذبا او كذب بياته انه لا يفلح الظالم ون ) ((115)) .
وعن ابي جعفر الباقر(ع ) انه قال :
(( مـن افـتـى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة , وملائكة العذاب ,ولحقه وزر من عمل بفتياه )) ((116)) .
وعن زرارة بن اعين قال :
(( سـالت ابا جعفر(ع ) : ما حق اللّه على العباد ؟ فقال (ع ) : ان يقولوا ما يعلمون ,ويقفوا عند ما لا يعلمون )) ((117)) .
وعن المفضل بن يزيد قال :
(( قـال لـي ابـو عبداللّه (ع ) : انهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال : انهاك ان تدين اللّه بالباطل , وتفتي الناس بما لا تعلم )) ((118)) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

حركة الإمام المهدي «عجل اللّه فرجه» والحتمية ...
الخروج من القبر
القوانين المحدودة والحاجات غير المتناهية
عدلُ اللهِ الشّاملْ
قلب المؤمن عرش الله
عقيدتنا في ان الامامة بالنص
كيف تكتب بحثا أو رسالة ماجستير أو دكتوراه
موقف الفكر الشيعي من الحركات الباطنية
واقعية المنهج الكلامي ودورها في مواجهة التحديات ...
الظاهر أن أهل الجنة أكثر من أهل النار

 
user comment