عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

هـويـة الابتـداع

البـاب الثـاني هـويـة الابتـداع

الفصل الاول : البدعة في اللغة والاصطلاح الشرعي الفصل الثاني : تقسيم البدعة .
الفصل الثالث : مفهوم البدعة في النصوص الاسلامية .
الفصل الرابع : مفهوم البدعة بين الاطرد والانعكاس .

الفصل الاول البدعة في اللغة والاصطلاح الشرعي

البدعة لغة .
البدعة في الاصطلاح الشرعي .

البدعة في اللغة الاصطلاح الشرعي البدعة لغة :

لـلـبدعة في اللغة اصلان , احدهما : ( البدع ) , وهو ماخوذ من ( بدع ) , وثانيهما :( الابداع ) , وهو ما ماخوذ من ( ابدع ).
وكـلا هذين الاصلين يعطي معنى واحدا , وهو عبارة عن انشا الشي لاعلى مثال سابق , واختراعه وابتكاره بعد ان لم يكن .
يـقـول الـفراهيدي عن ( البدع ) : (( هو احداث شي لم يكن له من قبل خلق ولاذكر ولا معرفة )) ((366)) .
ويقول الراغب عن ( الابداع ) : (( هو انشا صفة بلا احتذا واقتدا )) ((367)) .
ويـنـص الازهـري على ان ( الابداع ) اكثر استعمالا من ( البدع ) , وهذا لا يعني ان استعمال ( الـبدع ) خطا , وانما هو صحيح ولكنه قليل , فيقول في ذلك : و (( ( ابدع ) اكثر في الكلام من ( ((368)). وعلى هذا الاساس تقول من ( البدع ) : (( بدعت الشي اذا انشاته )) ((369)) .
وتـقـول من ( الابداع ) : ابتدع الشي : اي (( انشاه وبداه )) ((370)) , وتقول ايضا :(( ابدعت الشي اي اخترعته لا على مثال )) ((371)) .
و ( ابـدع ) اللّه تـعـالـى الخلق ( ابداعا ) : اي خلقهم لا على مثال سابق , و ( ابدعت )الشي و ( ابتدعته ) : استخرجته واحدثته , ومنه قيل للحالة المخالفة ( بدعة ) , وهي اسم من ( الابتداع ) , كالرفعة من الارتفاع ((372)) , ومعنى ( البدعة ) : الشي الذي يكون اولا ((373)) , وجمع ( البدعة ) ( البدع ) ((374)) , وانما سميت ( بدعة ) لان قائلها ابتدعها هونفسه ((375)) .
وفي اسما اللّه تعالى ( البديع ) : وهو الخالق المخترع لا على مثال سابق ((376)) .
يـقـول اللّه تـعـالـى : ( بـديع السموات والارض ) ((377)) : اي مبتدعها ومبتدئها لاعلى مثال سـبق ((378)) , وبديع الحكمة غرئبها , ومنه الحديث : (( روحوا انفسكم ببديع الحكمة , فانها تكل كما تكل الابدان )) ((379)) .
ويقول اللّه تعالى : ( ورهبانية ابتدعوها ) ((380)) : اي احدثوها من عندانفسهم ((381)) .
فيتحصل لدينا من خلال كل ما تقدم ان المعنى اللغوي لـ ( البدعة ) : هو الشي الذي يبتكر ويخترع من دون مثال سابق , ويبتدا به بعد ان لم يكن موجودا من قبل .

البدعة في الاصطلاح الشرعي :

اكـتـنف مفهوم ( البدعة ) بالكثير من التشويش والغموض في كلمات العلماوالباحثين , فوردت في مقام تحديد هويته , وتوضيح قيوده , عدة تعريفات متفاوته ومختلفة .
وكان ان اختلفت تبعا لذلك رؤى هؤلا الاعلام في المفردات التطبيقية لهذاالمفهوم على الواقع العملي , حتى وصل الامر الى ان تقاطعت بعض هذه الحدودوالتعريفات فيما بينها مما ادى الى تكفير بعض الـطـوائف الاسـلامـيـة للبعض الاخر ,بذريعة ( الابتداع ) , والخروج عن حياط السنة النبوية الشريفة .
وقـد اسـتـغـل هـذا المفهوم الاسلامي ابشع استغلال من قبل بعض المتطرفين , الذين عمدوا الى تـحريفه عن واقعه , والتدليس في حقيقته , من اجل النيل من معتقدات اتباع مدرسة اهل البيت (ع ) , واتهامهم بمختلف الاباطيل .
وقد عد هذا الامر من ابرز الوسائل التي اعلنتها ( الوهابية ) , واتخذتها شعارا في امر التشنيع على اتباع مدرسة اهل البيت (ع ) , والصاق التهم المفتعلة بهم , كذبا وبهتاناوزورا.
وفي حقيقة الامر انه على الرغم من الملابسات التي اكتنفت هذا المفهوم الاسلامي الواضح , والهالة الـمفتعلة من التشويش والغموض التي احيطت به الا انا نرى بان جلاه ووضوحه في التشريع اكبر من ان تنال منه تلك الاقاويل , او ان تحجب حقيقته يدالتزوير , كما ان حضوره في صفوف المفردات الـبارزة للتشريع , قد ترك الارتكازالواضح عنه في اذهان المسلمين , والانطباع الذي لا يتعرض الى الاهتزاز والتحريف بمجرد ما ى طلق حوله من ادعاات ولهذا نرى ان المعنى النظري لمفهوم ( الـبـدعـة ) قداخذ موقعه المتقدم من الوضوح في النصوص الشرعية التي تعرضت له , وفي اقوال الكثيرمن العلما الذين تعرضوا لبيان حده ومفهومه , ولكن نقطة الاضطراب التي انطلق منهاالتشويش على هذا المفهوم , انما بدات عندما حاول البعض ان يعكس آثار المواردالتطبيقية على اصل المفهوم , ويكيف الحد والتعريف تبعا لتلك الموارد المدعاة .
فـوقع الخلاف والتقاطع في الارا التي تعرضت لتحديد هوية الابتداع , في الجانب العملي للمفهوم , ان صح هذا التعبير.
عـلـى ان مـن الواضح ان محاولة التوفيق بين المفهوم والمصداق الذي يعبر عنه , لاينبغي ان تلجئ الـباحث الى حرف المفهوم عن واقعه وحقيقته , لجعله متلائما ومنسجمامع مصداق خارجي محدد , ومـورد تطبيقي معين , فتقع حنيئذ هوية الحد والمفهوم ضحية لمثل هذا التلاعب غير المشروع , وهذا ما حدث مع مفهوم ( البدعة ) الذي يعد من اكثرالمفاهيم الاسلامية دقة وحساسية وعمقا.
كـمـا ان مـن الـمـفترض ان تحدد اولا هوية المفهوم الواقعية بدقة متناهية , ارتكازاعلى الاسس والـمباني السليمة والثابتة , ثم تاتي بعد ذلك مرحلة تطبيق ذلك المفهوم على موارده , من دون تحيز او استثنا.
ومما يؤسف له ان مفهوم ( البدعة ) قد خضع مع جملة اخرى من مفردات الثقافة الاسلامية الى هذا النوع من المهاترات .
ومـن خـلال الـقـا نظرة فاحصة في النصوص الاسلامية المستفيضة التي تعرضت لتحديد مفهوم ( الـبدعة ) , ومن ثم محاولة اعداد قاسم مشترك لاقوال العلما في تحديدهذا المفهوم بشكل مجمل , يـمكن لنا ان ننتزع قدرا متيقنا يمثل نحوا من الاتفاق على ان معنى ( البدعة ) هو : ( ادخال ما ليس من الدين فيه ).
ولـعـل هـذا الـمـعنى المذكور قد حظي بهذا التواطؤ المطرد , بسبب وضوح امره في التشريع , وارتكاز معناه في اذهان المتعاملين مع النصوص الاسلامية , ولو على مستوى الاطلاع .
ولـذا نـلاحـظ ان هـذا الـمفهوم بمعناه المتقدم , ما برح يلقي بظلاله الطويلة على كل الدراسات , والاقـوال الـتي تعرضت لتحديد هويته , وبيان معناه , من خلال قوة التصريحات الواردة على لسان صاحب الرسالة (ص ) بشانه .
الامـر الذي لم يكن بوسع احد ان يحرفه نظريا عما هو عليه , الا ثلة قليلة ممن حاول عبثا ان يغير مسار المفهوم عما هو عليه , ويعطيه بعدا ضيقا وافقا محدودا , الا انه مايلبث ان ينجرف الى حقيقته , بفعل تيار الوضوح المشار اليه آنفا.
وهذا يدعونا الى الحديث عن قيود احترازية وتوضيحية ينطوي عليها تعريف ( البدعة ) المذكور آنفا , ولكن الحديث الاهم يبقى حول وضع الضابطة التي يتم بموجبهاانطباق مفهوم ( البدعة ) على هـذا الـمـورد دون ذلـك , بـاعتبار ان اصل الخلاف ينطلق من هذه النقطة ويتفرع عليها , وهذا ما سنتعرض له مفصلا تحت عنوان ( مفهوم البدعة بين الاطراد والانعكاس ) ان شا اللّه تعالى .
وقـبل الخوض في بيان هذين المطلبين نرى ان ضرورة البحث العلمي تدعوناالى التعرض لموضوع ( تـقـسـيـم الـبـدعة ) , باعتبار انه يرتبط ارتباطا وثيقا , بتحديدمفهومها وتوضيح معالمها , كما سنلاحظه بين طيات البحث .
وقـصـدنـا مـن ( تـقسيم البدعة ) هنا هو تقسيمها الى ممدوحة ومذمومة على مايدعى , دون بقية التقسيمات , لان هذا التقسيم هو الذي يعنينا بحثه في معرض الحديث عن هوية الابتداع , وهو الذي يتصل اتصالا مباشرا برسم الصورة النهائية لمفهوم ( البدعة ) , ويدخل في صميم التعريف .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكرَى تَنفَعُ ...
العلاقة بين رجل الدين والمجتمع
مسؤوليات الشباب في كلام القائد
ما تفسیر آیة "ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ ...
ارضاء الروح
تنصيص النبي السابق على نبوة اللاحق
في قول النبي لأهل بيته: (أنا حرب لمن حاربكم) ...
نظرة قرآنية حول مفهوم الموت
کیف ندعو الله اذا مرضنا؟
وقفة بين يدي زِيارة الأربعِين

 
user comment