اقامة المتم ومجالس العزا :
وردت الاحاديث المتظافرة الدالة على استحباب الترحم على الموتى , وضرورة مواساة المسلمين بـعضهم للبعض الاخر عند نزول الموت , والمشاركة في مراسيم التشييع والدفن , وبقية مراسيم العزا.
وقد اعتاد المسلمون في الفترات الاخيرة على تجسيد هذا الندب الشرعي المؤكد ,من خلال اقامة مـجـالـس الفاتحة على ارواح اولئك الموتى , وذكرهم بالخيرات , وقراة القرآن والدعا , واطعام المعزين من باب ادب الضيافة .
ولـم يـكـن لـيـدعي احد من هؤلا المسلمين بان هذا العمل ضروري او واجب ,وانما يقوم به اوليا الـمتوفى كل بحسب شانه وطاقته , بل وقد لا يقوم به البعض الاخر لقلة ذات يساره , على ان دعم بـقـية المسلمين لهؤلا المصابين , وقيامهم باغلب نفقات هذه المتم , يحول غالبا دون عدم تحقيق هذا الامر المندوب .
فهذا ايضا من نوع تطبيق وتجسيد عموميات الشريعة المقدسة .
ولكن المؤسف ان البعض قد عد هذا العمل من قبيل البدعة المحرمة , وتسرع الى اطلاق هذا العنوان عليه من دون محاولة التامل في خلفياته ومبرراته الشرعية , جافي ( الفقه الاسلامي وادلته ) :
(( امـا صـنـع اهـل الـبيت طعاما للناس فمكروه وبدعة لا اصل لها , لان فيه زيادة على مصيبتهم , وشغلا لهم الى شغلهم , وتشبها بصنع اهل الجاهلية , وان كان في الورثة قاصر دون البلوغ , فيحرم اعـداد الطعام وتقديمه , قال جرير بن عبداللّه : كنا نعد الاجتماع الى اهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة )) ((686)) .
ويفصل ( الفوزان ) هذا التحريم بالقول :
(( ومنها : اقامة المتم على الاموات , وصناعة الاطعمة , واستئجار المقرئين ,يزعمون ان ذلك من بـاب العزا , او ان ذلك ينفع الميت , وكل ذلك بدعة لا اصل لها ,وآصار واغلال ما انزل اللّه بها من سلطان )) ((687)) .
فـمـتـى كـانـت قـراة الـقرآن , والدعا , واطعام الطعام ( بدع ) لا اصل لها ؟ الشرعية الخاصة والعامة التي حثت المسلمين على هذه الامور جميعا ,واكدت على ضرورة مواساة اولـيـا الـميت , ومشاركتهم في العزا , وتقديم العون لهم ,وندبت المسلمين الى كل ذلك في مختلف الازمان والعصور ؟.
فقد ورد عن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( من عزى مصابا فله مثل اجره )) ((688)) .
وعنه (ص ) :
(( ما من مؤمن يعزي اخاه بمصيبة الا كساه اللّه من حلل الكرامة يوم القيامة )) ((689)) .
فـهـذه ادلـة عـامـة تـنـص على مشروعية , الاجتماع واللقا عند المصاب , وزيارة اوليا الميت , ومـواسـاتـهـم , وتقديم العزا لهم اضافة الى الادلة العامة الواردة بشان التعاون على البر والتقوى , ومـواسـاة الاخـوان , وزيارة المؤمنين , وادخال السرورعلى قلوبهم , وصلة الارحام وغيرها من العموميات التي تشمل هذا النوع من الاجتماع والائتلاف والتعاون , وتدفع الانسان المؤمن للوقوف الى جنب اخيه المؤمن في الشدائدومواطن الابتلا.
وامـا قـضـيـة اطـعام المعزين فهي قضية جرى عليها عرف الانسان , واندفع نحوهابايحا فطرته الـبـشـرية , كما انها وجدت حوافزها ودوافعها الشرعية من خلال النصوص الكثيرة الواردة في الـحـث عـلـى اكرام الضيف , وايصال البر والمعروف الى الناس , وانفاق ما زاد عن الحاجة , وبذل الـمستطاع من المال والمتاع واوضح مصاديق ذلك هو اطعام الطعام , واشباع المؤمنين تقربا الى اللّه تعالى .
فما دخل هذا العمل الذي يقوم به اوليا الميت بالابتداع , وكيف يمكن لمتشرع يخاف يوم الحساب من ان يطبق عليه حد ( البدعة ) ويقول بان هؤلا قد ادخلوا في الدين ما ليس منه ؟.
وهـل يعقل ان تحرم الشريعة الاسلامية اكرام الضيف المعزي وتقديم الطعام له , لاسيما وان اغلب هؤلا المعزين ياتون من مناطق بعيدة ونائية , ويتركون اعمالهم وشؤونهم الخاصة , قاصدين مواساة اولـيـا الـميت والشد على ايديهم , علاوة على انهم يتحملون في الغالب عملية اعداد الطعام ونفقاته والامور الاخرى المتعلقة به ؟.
من هنا نرى ان البعض حين يصطدم بالواقع الذي يرفض هذا الاتهام المجحف اشدالرفض , يستدرك ما اطلقه من تحريم بالقول :
(( وان دعـت الحاجة الى ذلك جاز , فانهم ربما جاهم من يحضر ميتهم من القرى والاماكن البعيدة , ويبيت عندهم , ولا يمكنهم الا ان يضيفوه )) ((690)) .
ان الاسـلام اسـمـى واقدس من ان يفهم بهذه الطريقة الشلا التي يلصقها به الجهلاوالمضللون , او ينظر اليه بهذه النظرة السوداوية القاتمة ا لتي تحجبه عن المجتمع , وتمنعه من التفاعل معه وفيه .
ان الاسـلام دين الحياة الذي ينفتح معها في مختلف الخصوصيات والابعاد ,ويستجيب لمتطلباتها مهما اتـسـعـت وتـقدمت بالانسان , والا فيكف يمكن ان نامن على الدين الاسلامي من ان يواكب المجتمع المتمدن ويحاكي تطور الحياة ؟ ولـكـنـنا لا نستغرب كثيرا اذا ما ادركنا بان الدين الذي يريده هؤلا هو دين السلاطين والملوك , ودين التحجر والانزوا.
واما استحباب تلاوة القرآن الكريم , والتجمع للاستماع له , فهو لا يتطلب منامزيدا من البيان , ولا يـحـتـاج الـى ان نذكر له دليلا او برهانا , لكونه امرا جليا لا يشكك فيه الا الجاهل المتعنت , ولا ينكره الا من لاحظ له من العلم بشريعة سيد المرسلين (ص ).
وامـا ايـصـال ثواب هذه القراة الى الميت فهو امر مندوب بالادلة العامة والخاصة ,فروي مثلا عن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( اقرؤها على موتاكم , يعني يس )) ((691)) .
وفي رواية اخرى عنه (ص ) انه قال :
(( , ويـس قـلـب الـقـرآن , لا يـقرؤها رجل يريد اللّه تبارك وتعالى والدار الاخرة الاغفر له , واقروها على موتاكم )) ((692)) .
وروي عنه (ص ) :
(( من مر على المقابر فقرا فيها احدى عشرة مرة ( قل هو اللّه احد ) , ثم وهب اجره الاموات , ا عطي من الاجر بعدد الاموات )) ((693)) .
وعن ابي هريرة عن رسول اللّه :
(( مـن دخل المقابر , ثم قرا فاتحة الكتاب وقل هو اللّه احد , والهاكم التكاثر , ثم قال : اني جعلت ثـواب مـا قـرات مـن كـلامـك لاهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات ,كانوا شفعا له الى اللّه تعالى )) ((694)) .
وعن عائشة :
(( ان رجلا قال لرسول اللّه (ص ) : ان امي افتلتت نفسها , وانها لو تكلمت تصدقت ,افاتصدق عنها ؟ فقال رسول اللّه (ص ) : نعم , فتصدق عنها )) ((695)) .
وعن كعب بن عجرة قال :
(( قـلت يا : رسول اللّه قـلـت : الربع , قال : ما شئت , فان زدت فهو خير لك , قلت : النصف , قال : ما شئت , فان زدت فهو خـير لك , قال : قلت : فالثلثين , قال : ما شئت , فان زدت فهوخير لك قلت : اجعل لك صلاتي كلها , قال : اذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك )) ((696)) .
فـهذه الاحاديث والكثير غيرها تدل بوضوح على مطلوبية ذكر الاموات بالدعا , والقرآن , واعمال الـبـر الاخـرى , وان ثـواب هـذه الاعمال يصل الى الميت في قبره وينتفع به قال صاحب كتاب ( صاروخ القرآن والسنة ) حول هذا الموضوع :
(( قـال مـفتي الديار الحضرمية في رسالته المذكورة : اما قراة القرآن العظيم للاموات , ثم الدعا بـعـدهـا بان يوصل ثواب القراة الى روح فلان الخ , فقد كفاناالمؤونة في ذلك الامام العلا مة الشيخ مـحـمـد العربي التباني , المدرس بالمسجد الحرام , واحداساتذة مدرسة الفلاح بمكة سابقا , فانه صـنف في هذا الموضوع رسالة سماها [ اسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراة ووصول ثوابها للاموات ] , ذكر في صدرها ان قراة القرآن على الاموات جائزة , يصل ثوابها لهم عند جمهور فقها الاسلام اهل السنة , وان كانت باجرة على التحقيق .
ثـم نـقل عن الامام شيخ الاسلام زكريا في [ شرح الروض ] ما مثاله : [ فرع ]الاجارة للقراة على القبر مدة معلومة , او قدرا معلوما , جائزة للانتفاع بنزول الرحمة حين يقرا القرآن , كالاستئجار لـلاذان , وتـعـليم القرآن , ويكون الميت كالحي الحاضر ,سوا عقب القرآن بالدعا , او جعل اجر قراته له , ام لا , فتعود منفعة القرآن الى الميت في ذلك .
ثم قال : بل قال السبكي تبعا لابن الرفعة على ان الذي دل عليه الخبر بالاستنباطان القرآن اذا قصد به نفع الميت نفعه .
ثـم نـقـل عـن الامام الرملي في [ النهاية ] والشبراملسي في حاشيته عليها , وعن شيخ الاسلام في فـتاويه , وعن الحافظ السيوطي , وابن الصلاح ما يؤيد ذلك , الى ان قال : وقال النووي رحمه اللّه فـي [ شرح المهذب ] : يستحب لزائر القبور ان يقرا ما تيسرمن القرآن , ويدعو لهم عقبها , نص عليه الشافعي واتفق عليه الاصحاب , وزاد في موضع آخر : ان ختموا القرآن على القبر كان افضل ا ه )).
ثم نقل عن علما بقية المذاهب الاربعة ما لا يخرج عما ذكر , الى ان قال في الخاتمة :(( والخلاصة قد تحقق وتلخص من كلام العلما كابن قدامة , وابن القيم , وغيرهما المنقول عن الائمة الاقدمين من اهـل الاثـر , ان القراة على الاموات فعلها السلف الصالح , وان عمل المسلمين شرقا وغربا لم يزل مستمرا عليها , وانهم وقفوا على ذلك اوقافا , واطال في ذلك .
ثم نقل عن الشيخ تقي الدين ابي العباس احمد بن تيمية انه قال : من اعتقد ان الانسان لا ينتفع الا بعمله , فـقـد خـرق الاجـماع , وذلك باطل من وجوه كثيرة , احدها ان الانسان ينتفع بدعا غيره , وهو انتفاع بعمل الغير , واطال الى ان عد واحدا وعشرين وجها.
ثـم قـال : ومـن تامل العلم وجد من انتفاع الانسان بما لم يعمله ما لا يكاديحصى ا هـ كلام ابن تيمية )) ((697)) .
فـهـذه هي نصوص الشريعة الاسلامية الناصعة , وآرا اتباع مدرسة اهل البيت (ع )المستقاة منها , وهـذه اقوال اهل السنة وفتاواهم التي يحكى عنها الاجماع , فاين نضع قول من يقول (( ومنها اقامة المتم على الاموات , وصناعة الاطعمة , واستئجار المقرئين يزعمون ان ذلك من العزا , او ان ذلك ينفع الميت , وكل ذلك بدعة لا اصل لها , وآصارواغلال ما انزل اللّه بها من سلطان )) ((698)) .
فـلـمـاذا الـتسرع في اطلاق لفظ ( البدعة ) على الامور المقطوعة الثبوت في التشريع ؟ولماذا الاسـتـعجال بتكفير الاف الموحدين من الطوائف الاسلامية المختلفة لانهم يعتقدون بامر منتزع من صميم التشريع , ويمارسونه على هذا الاساس المشروع ؟.
ان التهاون في مثل هذه الامور , والتسامح في اطلاق لفظ ( البدعة ) مع ما له من خطورة وحساسية فـي الـتـصور الاسلامي , لا يمكن ان يغتفر ويتجاوز عنه , خصوصا اذاما صدر من شخصيات لها وزنها وموقعها , في مختلف المقاييس والاعتبارات .
جا في كتاب ( الروح ) لـ (ابن القيم الجوزية ) :
(( قـال الـخلال : واخبرني الحسن بن احمد الوراق : حدثني علي بن موسى الحدادوكان صدوقا , قـال : كنت مع احمد بن حنبل , ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة , فلمادفن الميت , جلس رجل ضرير يقرا عند القبر , فقال له احمد : يا هذا ان القراه عند القبربدعة فـلـمـا خـرجـنا من المقابر , قال محمد بن قدامة لاحمد بن حنبل : يا ابا عبداللّه ما تقول في مبشر الـحـلـبي ؟ قال : ثقة , قال : كتبت عنه شيئا ؟ قال : نعم , قال : فاخبرني مبشر عن عبدالرحمن بن الـعـلا بـن اللجلاج عن ابيه انـه اوصى اذا دفن ان يقرا عند راسه بفاتحة البقرة وخاتمتها , وقال :
. ويـحـاول الشيخ ( الغزالي ) ان يبني نسبة ( الابتداع ) الى اطعام الطعام , وتلاوة القرآن وتوزيع الاشربة والسجائر وجـعـلـهـا شـاهـدا لـكثير من احكامه بالابتداع على ما لاينسجم معها من الامور الحادثة في حياة المسلمين , فيقول عند التعرض لموضوع الابتداع :
(( ومـن الـفـقها الذين برزوا في هذا الميدان ابو اسحق الشاطبي , واظنه واضع هذه القاعدة : ( ما تـركـه النبي عليه الصلاة والسلام مع وجود الداعي , وانتفا المانع ,فتركه سنة , وفعله بدعة ) , وهـي قـاعدة جليلة تحمي الاسلام من تقاليد رديئة اختلقهاالمسلمون في مناسبات كثيرة , وحسبها العامة دينا , وما هي بدين )) ((700)) .
يـسـتعين ( الغزالي ) بهذه القاعدة على نسبة ( الابتداع ) الى من يقيم متم العزا ,ومجالس الترحم على الموتى , ويطعم الطعام , ويقرا القرآن , ويوزع السجائر والاشربة (( كان الناس يموتون , ولم يتجاوز الامر عند موتهم الدفن بعد صلاة الجنائز , ثم قبول العزا على نحو عابر لا افتعال فيه .
وربما كلف جيران الميت باعداد الطعام لاهله , فان مصابهم شغلهم عن اعداده لانفسهم , لكن مسلمي الـيـوم راوا ان يجتمعوا عقب الوفاة في اندية او سرادقات ,يستمعون فيها الى القرآن , ويستقبلون فيها الوفود , وتوزع فيها السجائر والاشربة ,ويتكلف فيها اهل الميت ما يبهظهم .
والـجـمـاهير ترى ان قراة القرآن في حشديضم المعزين لا بد منه , ولكن العلمامجمعون على ان الـرسـول وصـحابته لم يفعلوا هذا مع وجود الداعي له وهو الموت , وطلب الثواب , وانتفا المانع فالامن مستقر والتجمع سهل .
وما دام الامر كذلك فالترك سنة , والفعل بدعة )) ((701)) .
ونـحـن نعجب لصاحب هذه الشخصية العلمية كيف ينحى هذه الطريقة الخطيرة من التفكير , وكيف يـسمح لنفسه نعت مثل هذه الاعمال المشروعة بالابتداع , في الوقت الذي لم يعهد من ممارسي هذه الاعراف القول بانها ضرورة لا بد منها كما ذكر في كلامه .
وحتى القاعدة التي تم استشهاده بها , والتي كانت تمثل ظفرا علميا نفيسا بالنسبة اليه , لا تصلح لان تـكـون ضابطة لحد الابتداع , اذ ليس المدار في انطباق مفهوم ( البدعة )على الامور الحادثة هو عـدم فـعـلـهـا في حياة الرسول (ص ) مع وجود الداعي لذلك وارتفاع المانع عنه , على ما صوره ( الغزالي ) في كلامه المتقدم , اذ ان هناك خصوصيات اساسية متممة قد اغفلها صاحب القاعدة , ومن هام اعجابا بها في آن واحد , تلك هي مراعاة طبيعة المجتمع , وعاداته , واعرافه ومثل هذا الامر مـوكـول الـى سليقة الناس , وطبائعهم ,وتقاليدهم الخاصة , يعبرون عنه كيف يشاؤون , وياتون به بـالـطـريـقة التى تفرضهاضرورات الحياة , ومتطلبات العصر , واعراف المجتمع , بشرط ان لا يـصـطـدموامع خطوط الشريعة الحمرا , ولا ينسبوا العمل بكيفيته التفصيلية الى الشرع المقدس ,عندما لا يرد بشانه دليل خاص , وهذا ما يحصل في هذه المجالس والمتم , فهي تشتمل على الذكر , والـدعـا , وتـلاوة القرآن الكريم , واطعام الطعام , واكرام الضيف , ومواساة المؤمنين , وتسلية الـمـصـاب وكل هذه الامور قضايا مندوبة ومستحبة , ولا توجد اية مساحة للمخالفة الشرعية في عناوينها وتطبيقاتها في هذه المجالس .
اضف الى ان مقيمي هذه المجالس وحضارها لا يدعون وجوبها وحتميتها , ولذانرى ان بعضهم يكتفي بـمراسيم التشييع والدفن ليس غير , واما البعض الاخر فيبذل مايقدر عليه من بر واحسان حسب وسعه وطاقته .
فـطبيعة المجتمع اذن لها مدخلية في رسم الصورة النهائية لهذا النمط من التعبيرالعاطفي المسموح بـه في ثوابت الشريعة , وهو امر مغروس في نفوس الناس , ومختزن في اعماقهم , غاية الامر ان هـناك اختلافا في طريقة ترجمته على الواقع العملي المعاش , وهذاالاختلاف ينتج عن الاختلاف في اعراف الناس وطبعائهم .
بـل ويـمـكن ان نلتمس من نفس كلام ( الغزالي ) شاهدا ومؤشرا على كون اصول هذا العمل كانت مـوجـودة فيما سبق , الا انها كانت بدرجة محدودة , وبمستوى ضئيل ,يتناسب مع طبيعة المجتمع القائم آنذاك , ونوع الاعراف والتقاليد التي كانت تحكمه وتسوده , لا سيما اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الناس كانوا جديدي عهد باحكام الشريعة وتعاليمها واسرارها , فقد مر معنا انه يقول : (( ثم قبول العزا بنحو عابر لا افتعال فيه )).
ويقول : (( وربما كلف جيران الميت باعداد الطعام لاهله )).
وفي هذا اشارة الى ما ورد في الاثر :
(( ولـمـا جـا نعي جعفر بن ابي طالب الى رسول اللّه (ص ) قال : اصنعوا لال جعفرطعاما , فانه قد اتاهم ما شغلهم )) ((702)) .
وفي رواية اخرى انه (ص ) قال :
(( لا تغفلوا آل جعفر ان تصنعوا لهم طعاما فانهم قد شغلوا بامر مصابهم )) ((703)) .
وهـذا يـدلـل عـلـى ان جذور هذه المراسيم كانت قد بدات تضرب بجذورها في نفوس المسلمين وطـبـائعـهـم , باعتبار استجابتهم لارشادات الشريعة التي توصي بالاهتمام بل المتوفى من جانب , وتوصي باكرام الضيف واطعامه والتصدق عن الموتى بمختلف اعمال البر والمعروف من جانب آخر , ثـم اخـذت هـذه الممارسة تقوى وتشتد وتستجيب لواقع العصر مع مرور الزمن , الى ان اتصفت بالطابع الذي هي عليه الان .
وربما ينتقل احد هؤلا المسلمين الذين نعتهم ( الغزالي ) بالابتداع الى احدالبلدان التي لا تسود فيها مـثل هذه الاعراف , فيبدا يتكيف مع الجو الجديد , ويقتصر من مجمل هذه المراسيم المتعارفة على ما هو سائد ومالوف في ذلك المجتمع .
ولا يحس من نفسه بانه ترك واجبا , او يشعر بانه ارتكب حراما فـالامـر اذن مرتبط باعراف الناس ومشاعرهم من ناحية , وبمستجدات الزمن وتطوراته من ناحية اخرى هذا بالنسبة الى هيكليته العامة وطابعه الشكلي , واما في واقع تشريعه وانتساب مفرداته الى الدين , فهو مشمول بالادلة التي اشرنا الى بعضهاآنفا.
هـذا ونـجـد ان ( الـغـزالـي ) يـصرح بنفسه في موضع آخر بما يخالف دعواه هذه بشكل معلن , ويستدرك الاذعان المطلق الى القاعدة التي ذكرها سابقا , فيقول :
(( ونحن نحترم هذه القاعدة مع اضافة وجيزة تشرحها هـنـاك ادلـة عامة في الدين يجب النزول عندها , بيد ان صورتها تتجددعلى اختلاف الليل والنهار , كـفـعـل الـخير مثلا ـ وهناك امر به ـ وكالتواصي بالحق والصبر ,والتعاون على البر والتقوى , والجهاد بالمال والنفس واللسان الخ .
ان صـور الـطـاعـات هـنا تكثر وتتغاير , فهل تدخل في باب الابتداع ؟ كلا نحترز به من البدع ؟.
الـمخوف هو تحويل الصورة التي يقوم بها امرؤ ما الى قانون عام يحمد فاعله , ويذم تاركه , وكانما هو وحي من عند اللّه )).
ويضيف :
(( سـئلت عن التلاوة الجماعية للقرآن الكريم في بعض مساجد المغرب ؟ فقلت : لاآمر بها ولا , انهى عنها , والاحب الي ان اقرا وحدي , وليس لمن يفعلها ان يشد الناس اليها , او يلوم من تخلف عنها.
وسـئلـت عـن شيخ ينصح تلاميذه ومريديه بالمحافظة على الوضؤ وتجديده كلماانتقض قائلا : ان الشعور بالطهارة الحسية يعين على الطهارة الروحية , ويبعث على التسامي فـقـلـت : لم يرد امر بذلك , وللصفا الروحي طرق شتى , قد يكون من بينها ان يجدد المسلم وضؤه كلما احدث .
على ان عد ذلك قانونا عاما ملزما لا اصل له )) ((704)) .
فـهـلا تعامل ( الغزالي ) مع مجالس الفاتحة كما تعامل مع مجالس تلاوة القرآن الكريم , ومع قضية تـجـديـد الوضؤ فهل ان مجالس التلاوة الجماعية كانت موجودة في عهدرسول اللّه (ص ) ؟ اليس المقتضي لذلك كان موجودا وهو طلب الثواب , وتعاهد القرآن الكريم , والتقرب به الى اللّه تعالى , واليس المانع كان مرتفعا اذ الامن مستقر , والتجمع سهل ؟ الـم يـقـل ( الغزالي ) ان تجديد الوضؤ لم يرد به امر , افلا يمكن لقاعدة ( المقتضي والمانع ) ان تـشمله وتنطبق عليه ايضا , فنقول ان مقتضيه كان موجودا وهو طلب الصفاالروحي , والمانع كان مرتفعا اذ الما متوفر , والعمل سهل ؟ الـم يـقـل ( الـغـزالـي ) ان فعل الخير يتجدد على اختلاف الليل والنهار , افليس هذاالعمل خيرا ومشتملا على الخير , اوليس هو من باب التواصي بالحق والصبر , والتعاون على البر والتقوى كما قال ؟ وهـل اضـاف ( الغزالي ) جديدا حين قال : (( على ان عد لك قانونا عاما ملزما لااصل له )) , فهل ينكر هذه الحقيقة من كان له ادنى مستوى من الثقافة الاسلامية والوعي الديني ؟.
فلماذا هذه المفارقة ؟ ولماذا هذا اللف والدوران ؟.
والانكى من ذلك ان ( الغزالي ) ينكر على الشهيد ( حسن البنا ) تجويزه لهذاالامر , ويعتبر قوله بالجواز مناورة لتوحيد الامة , ورص صفوفها.
يقول الشيخ ( الغزالي ) :
(( والاسـتـاذ حـسـن الـبنا راى فرارا من الاصطدام بحراس البدع الاضافية والتركية ان يدخل الموضوع في دائرة الخلاف الفقهي , والخلاف الفقهي يتحمل وجهات النظرالمتباينة .
ومن ثم لم ير حرجا من ترك مؤذن يضم الصلاة على رسول اللّه الى الفاظ الاذان ,ولم ير حرجا من ترك الاسر الكبيرة والصغيرة تتكلف فوق طاقتها , لادا مراسم التعزية المخترعة )).
ويوجه ( الغزالي ) ما ذهب اليه الاستاذ ( حسن البنا ) بالقول :
(( والواقع ان صنيعه (رض ) كان سياسة مؤقتة لتجميع الامة على امهات الدين ,وقواعده الممهدة , فقبل المكروه اتقاا للحرام , من باب اخف الضررين )) ((705)) .
فـقـل لي ايها القارئ الكريم ماذا يكره الشيخ ( الغزالي ) من تجميع الامة على امهات الدين وقواعده الـممهدة , ولماذا يعد ذلك العمل سياسة مؤقتة , ويجعل السياسة الثابتة خلاف ذلك , فيقبل الحرام , ويرتكب ابشع الضررين ؟ فانا للّه وانا اليه راجعون .
قصد التشريع
لا شك في ان نسبة العمل الى الدين تتوقف على ورود النص الاسلامي الصريح الذي يذكره بالتفصيل , ويـعـيـنه على نحو الخصوص , كما هو الامر في نسبة العبادات والمعاملات والاحكام الشرعية المسلمة الاخرى الى الشريعة , والقول بانها ماخوذة منها.
كـما ان العمل الذي يشمله الدليل العام يمكن ان ينتسب الى التشريع عن طريق تلك العموميات ايضا , ولـكـن لا يصح ان تتجاوز هذه النسبة اصل العمل الى حيث الخصوصيات والتفاصيل غير المذكورة في لسان الدليل .
وبعبارة اخرى ان العمل الذي يشمله العنوان العام يتصف بعنوانين .
الاول : هـو العنوان العام الذي يكون مشمولا بالدليل الشرعي الذي يبررصدوره من المكلف بصورة مشروعة .
الثاني : هو العنوان الخاص الذي اتى به المكلف , والذي قد يحمل عناوين تفصيلية غير مذكورة في الدليل .
فـمن جهة العنوان الاول يمكن نسبة العمل الى الشريعة , واما من جهة العنوان الثاني فلا يصح نسبة الـعمل الى الشريعة , واذا ما نسب العمل الى الشريعة كذلك , فهو يدخل في حيز ( الابتداع ) لانه ادخال ما ليس من الدين فيه , وهو ما يطلق عليه عادة بـ ( قصدالتشريع ).
فـمثلا نجد في الادلة الشرعية العامة انها تندب المسلمين الى الصيام طيلة ايام السنة , باستثنا يومي الـعـيدين المحرم صيامهما بالدليل الخاص , فلو ان شخصا صام يومامعينا غير مشمول باي دليل معين يـذكـره عـلى نحو الخصوص , فقد امتثل ذلك الدليل العام , واستمد صيامه لذلك اليوم الشرعية من خلال هذا الدليل , فيستطيع ان ينسب صيامه الى الشريعة , ويقول بان هذا الصيام مستفاد من الشريعة الاسلامية وهو جزمن تعاليمها الثابتة .
وامـا اذا نـسب خصوص العمل الذي مارسه الى الدين , وقال بان صيام هذا اليوم بعينه وخصوصياته مـطلوب من قبل الشريعة , في الوقت الذي لا يوجد بشانه اي دليل خاص , فقد قصد التشريع , ولا يشك في كونه قد ادخل في الدين ما ليس منه , اذ ان الشريعة لم تطلب صيام ذلك اليوم بعنوانه الخاص , وانما ندبت الى الصيام بشكل عام .
وهكذا لو اتخذ الانسان ذكرا , او دعاا , او نسكا معينا , لم يرد به دليل خاص ,ولكنه يندرج تحت عموميات التشريع , كان الزم نفسه بالاستغفار في كل يوم , او بعد كل فريضه ( اربعين مرة ) مثلا , او بالصلاة عددا من الركعات تطوعا للّه مثلا , فان ادعى ان هذا العمل مطلوب بخصوصه من قبل الـشـرع , وقـصـد نـسبته الى الدين بالعنوان الخاص فهو مبتدع , وان كان ياتي به بعنوان الامتثال والجري على مقتضى الادلة العامة , فهوداخل في دائرة الندب .
ومن الطبيعي ان كل تلك الممارسات المشروعة والمنسوبة الى الدين عن طريق الدليل العام يجب ان لا تـصـطدم مع اي عنوان تحريمي آخر , ولا تكتسب هذا الطابع باي نحو كان , والا فان التحريم يشملها من هذا الوجه , كما لو شق الانسان على نفسه بالعبادة والنوافل والاذكار المشروعة بالدليل العام الى درجة الرهبنة والقسوة بالنفس والاضراربها , فان العمل يخرج بذلك عن نطاقه المشروع , ويكتسب عناوين ثانوية اخرى .
ونـفس الامر يقال بصدد الاعمال المباحة التي لم يرد فيها دليل خاص او عام ,فحين ياتي بها المكلف مـن دون قصد التشريع , ولا تكتسب عنوانا تحريميا معينا , فهي باقية على وضعها الاولي , واما اذا قصد المكلف نسبتها الى الشريعة , فانها تتحول الى ( بدعة ) , لانه ادخل في الدين ما ليس منه .
ومثال ذلك ما لو نام الشخص في وقت معين من النهار لم يرد بشانه دليل خاص ,وادعى ان هذا الامر مطلوب بخصوصيته التفصيلية من قبل الشريعة , او اكل طعامامعينا لم يرد بخصوصه دليل شرعي خاص , وادعى استحبابه او كراهته , او حرمته مثلا ,ونسب ذلك الى التشريع .
والـخـلاصة ان نسبة العمل الذي لم يرد بشانه الدليل الخاص الى التشريع بخصوصياته التفصيلية , والقول بانه مطلوب مع هذه الخصوصيات من قبل الشريعة ,يعد من ( الابتداع ) لانـه ادخال لما ليس من الدين فيه .
مـن هنا ندرك ان بعض من حاول معالجة موضوع ( الابتداع ) قد خلط بين هذين العنوانين , وحاول ان يرمي المسلمين بذلك غفلة عن جواز نسبة هذه الامور الى الدين من جهة الادلة العامة الشاملة لها , وان الامر غير مقتصر على القول بتشريعه من حيث الخصوصيات التفصيلية .
ونـجـد الـجـذور العميقة لهذا النحو من الخلط ايضا تمتد الى صدر الاسلام الاول ,حيث كان يظن الـبـعـض ان الاتـيان باي امر حادث لم يرد بشانه الدليل الخاص , او انه لم يكن موجودا في عصر التشريع , يعد من الابتداع , ولم يلتفوا الى امكانية نسبة مثل هذه الامور الحادثة الى الدين عن طريق الادلة العامة الواردة بشانها.
وفـي الـحقيقة ان هذا الامر راجع الى نوايا المكلفين ودوافعهم النفسية نحو القيام بالممارسات التي تنضوي تحت العموميات والادلة الكلية المشروعة , ولا يصح التسرع باطلاق لفظ ( البدعة ) على تـلـك الـمـمـارسات بمجرد وقوعها , لان هذا سيؤدي الى الخلط في المفاهيم , والاضطراب في تطبيقاتها على مواردها الحقيقية .
ولـولا ان يـطول بنا المقام لاستعرضنا نماذج كثيرة من اقوال البعض حول رمي مثل هذه الممارسات المشروعة بالابتداع , مع امكانية تصحيح صدورها عن طريق النية المذكورة .
على انـا نكتفي بايراد بعض مظاهر وقوع هذا الخلط في حياة المسلمين الاوائل ,والتي نقلها البعض فـي كـتـبهم من دون ان يوردوا عليها تعليقا , او ان البعض كان يعدمعالجتها بهذه الطريقة الخاطئة نـاتـجـة مـن دوافع الحرص على التشريع , وانها كانت من حالات ( الابتداع ) المحرمة في حياة المسلمين .
فـمـن تلك المظاهر ما مر معنا من : (( ان سعدا بن مالك سمع رجلا يقول : لبيك ذاالمعارج فقال : ما كنا نقول هذا على عهد رسول اللّه )) ((706)) .
فمن الواضح ان هذه المقولة يمكن ان تدرج تحت عموميات التشريع , ولا تكون من قبيل الابتداع .
وجا في مدخل ( ابن الحاج ) :
(( ومن كتاب الامام ابي الحسين رزين قال : وعن نافع قال : عطس رجل الى جنب عبداللّه بن عمر , فقال : الحمد للّه والسلام على رسول اللّه , فقال ابن عمر , وانااقول الحمد للّه والسلام على رسول اللّه , مـا هكذا علمنا رسول اللّه ان نقول اذا عطسنا ,وانما علمنا ان نقول : الحمد للّه رب العالمين )) ((707)) .
فـقد يكون هناك ذكر مخصوص لامر معين يصح التوجيه له , والمحافظة عليه ,ولكن هذا لا يعني الغا ما تشمله عموميات الشريعة من ادعية واذكار تشتمل على الحمد والثنا على اللّه تعالى , والصلاة على رسوله الكريم (ص ).
وذكر ( ابن الحاج ) في المدخل ايضا نظير ذلك قائلا :
(( وقد كان عبداللّه بن عمر رضي اللّه عنهما مارا في طريق بالبصرة , فسمع المؤذن ,فدخل الى الـمـسجد يصلي فيه الفرض , فركع , فبينما هو في اثنا الركوع , واذا بالمؤذن قدوقف على باب الـمـسـجـد وقال : حضرت الصلاة رحمكم اللّه , ففرغ من ركوعه , واخذنعليه , وخرج وقال :
واللّه لا اصلي في مسجد فيه بدعة )) ((708)) .
وهنا يتضح كل الوضوح ان مجرد القول ( حضرت الصلاة رحمكم اللّه ) , لا يشكل ظاهرة مخالفة لـلـديـن , لـو لـم يقصد منها التشريع على النحو المتقدم , وانما تبقى محتفظة بالعنوان الاولي لها , والتسرع بوصفها بالابتداع في غير محله .
وروي كذلك انه :
(( سـئل سـفيان عن رجل يكثر قراة قل هو اللّه احد , لا يقرا غيرها كما يقراها ,فكرهها وقال :
انـما انتم متبعون , فاتبعوا الاولين , ولم يبلغنا عنهم نحو هذا , وانما نزل القرآن ليقرا , ولا يخص شي دون شي )) ((709)) .
فتخصيص شي دون شي من القرآن ان كان بقصد الجزئية والتشريع وادعانسبة الامر الى الدين من دون دلـيـل شرعي خاص , فهو من باب ( الابتداع ) والا فلايكون كذلك , فاطلاق القول بكراهة الامر , وعده على خلاف الاتباع امر غير مقبول .
وياتي في نفس هذا الاتجاه ما جا في ( تلبيس ابليس ) انه :
(( اخـبـر رجـل عبداللّه بن مسعود ان قوما يجلسون في المسجد بعد المغرب , فيهم رجل يقول :
كـبـروا اللّه كـذا وكـذا , وسبحوا اللّه كذا وكذا , واحمدوا اللّه كذا وكذا , قال عبداللّه : فاذا رايـتـهـم فـعلوا ذلك فاتني واخبرني بمجلسهم , فاتاهم فجلس , فلما سمع مايقولون , قام فاتى ابن مسعود , فجا وكان رجلا حديدا , فقال : انا عبداللّه بن مسعود بـبـدعـة ظلما , ولقد فضلتم اصحاب محمد علما , فقال عمرو بن عتبة : استغفر اللّه , فقال عليكم بالطريق فالزموه , ولئن اخذتم يمينا وشمالالتظلن ضلالا بعيدا )) ((710)) .
فـهذه المعالجة غير صحيحة على اطلاقها لما ذكرناه من تفصيل , على الرغم من ان اغلب من ذكر هذه الواقعة من علما العامة عدها من مصاديق محاربة ( الابتداع )ومواجهته .
وسـوف ناتي في لاحق دراستنا هذه على نماذج اخرى مشابهة لما ذكرناه قد عدت من باب الحرص على تعاليم الشريعة السمحا , الا ان تاثيرها كان عكسيا على الدين .