يعتبر الشيعة أن السنة دونت في فترة متقدمة على يد عدد من الصحابة الذين أخذوها عن الإمام علي عليه السلام..
ومن هؤلاء الصحابة ابن عباس وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وأبو رافع (3).
____________
(1) كان في مصحف ابن عباس وأبي ابن كعب سورتا الخلع والحفد. وكان ابن عباس يقرأ قوله تعالى في سورة النساء (فما استمتعتم به منهن - إلى أجل مسمى - فآتوهن أجورهن) بزيادة إلى أجل مسمى.
(2) البيان في تفسير القرآن.
(3) أعيان الشيعة، ج 1، ق 2.
|
|
|
وفي فترة التابعين وتابعيهم كثر التشيع حتى غلب على أكثر رواة الحديث ولم يكن هناك يد لأي ناقل للحديث أو جامع له من أن يأخذ من الشيعة..
يقول الذهبي: إن البدعة ضربان كغلو التشيع أو التشيع بلا غلو ولا تحرق فهذا أكثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، فلو ورد حديث هؤلاء لذهبت جملة الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة.. (1).
وقد أخذ أبو حنيفة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام وكذلك مالك وكذلك الشافعي حتى أن أحد شيوخ البخاري كان من الشيعة.. (2) وكتب الحديث المؤلفة والمعتمدة عند الشيعة أربعة:
الأول الكافي لأبي جعفر محمد الكليني. وقد جمعه في ثلاثين سنة، وعدد أحاديثه (16099) حديثا في الأصول والفروع.
الثاني: كتاب من لا يحضره الفقيه لأبي جعفر بن بابويه القمي، وعدد أحاديثه (9044) حديثا..
الثالث: تهذيب الأحكام للشيخ أبي جعفر محمد الطوسي وعدد أحاديثه (13590) حديثا..
الرابع: الاستبصار في الجمع بين تعارض من الأخبار للطوسي أيضا.
وعدد أحاديثه (5511) حديثا.. (3).
وليس كل ما تحويه هذه الكتب الأربعة يعد صحيحا في منظور الشيعة.
وقد ألفت مؤخرا عدة مختصرات لهذه الكتب تحوي الأحاديث الصحيحة منها فقط. ومن هذه الكتب صحيح الكافي، وصحيح من لا يحضره الفقيه.. (4).
____________
(1) ميزان الاعتدال.
(2) أعيان الشيعة، ج 1 ق 2.. واسم شيخ البخاري هو عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي انظر ميزان الاعتدال وتذكرة الحفاظ.
(3) أعيان الشيعة، ج 1، ق 2.
(4) يعتمد خصوم الشيعة اصطياد روايات من الكافي وكتب الأحاديث الأخرى واستغلالها في الطعن
=>
|
|
|
وعند الشيعة الحديث الذي يخالف القرآن والعقل يضرب به عرض الحائط حتى لو قيل على لسان إمام معصوم. إذ لا يقول الإمام ما يخالف القرآن والعقل. وهي قاعدة تنطبق على الرسول صلى الله عليه وآله أيضا.
ولرواية الحديث عند الشيعة طرق تختلف عن طرق السنة، وقد أدى هذا الخلاف في طرق الرواية إلى وجود الكثير من الأحاديث عند الشيعة لا وجود لها عند السنة، وهذا لا ينفي وجود نسبة من الأحاديث المشتركة المروية في كتب الجانبين (1).
· رواية الصحابي:
لا تأخذ الشيعة برواية أي صحابي، لأن لها رؤيتها في الصحبة تختلف عن رؤية السنة، فليس كل صحابي عند السنة هو صحابي عند الشيعة، بالإضافة إلى أن فكرة عدالة جميع الصحابة في فكرة مرفوضة وغير معترف بها (2).
يقول الشيخ العاملي: ما ورد من طرقنا وطرق العامة من الذم العام فهو مخصوص بأصحاب الأحداث المبدلين والمبتدعين قطعا. وإن كانوا هم الأكثر وأهل الصلاح هم الأقل من كل طائفة وفي كل زمان.. (3).
من هنا فإن الشيعة لا تأخذ بروايات صحابة معترف بهم من قبل السنة مثل معاوية وابن عمر وأبي هريرة وابن العاص والمغيرة بن شعبة وأبي بكر وعمر
____________
<=
في عقائدها والتشكيك فيها متناسين أن هذه الكتب فيها الغث والسمين.. أن مثل هذا الأمر ينطبق على كتب الحديث عند أهل السنة أيضا. والفارق بين السنة والشيعة في هذا الأمر هو أن الشيعة لا يقرون بصحة جميع الأحاديث الواردة في كتب الأحاديث ويجيزون الطعن في الأحاديث ورفضها إذا خالفت القرآن والعقل. بينما هذا الأمر غير وارد عند أهل السنة ويرفض بشدة خاصة إذا تعلق الرفض والتشكيك بأحاديث البخاري ومسلم. وقد شنت حرب شعواء على الذين شككوا في أحاديث سحر الرسول بالبخاري وكذلك الذين شككوا في حديث الذبابة.
(1) شرعت دار التقريب بين المذاهب في مصر في جميع الأحاديث المشتركة بين السنة والشيعة، لكن هذا المشروع لم يتم.
(2) أنظر فصل الرجال من هذا الكتاب..
(3) رسالة في معرفة الصحابة. ط. طهران.
|
|
|
وعثمان وسعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد وأنس بن مالك والأشعث بن قيس وطلحة بن عبيد الله و عبد الله بن عمرو ومن النساء عائشة وحفصة وغيرهما.. وموقف الشيعة من هؤلاء يقوم في أساسه على مواقفهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله ومناصبتهم العداء للإمام علي وآل البيت. ومخالفتهم للنصوص مما أضعف الثقة فيهم.. (1).
ومن الصحابة الذين تجلهم الشيعة وتعتمدهم عمار بن ياسر وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود و عبد الله ومحمد و عبد الرحمن بن بديل وقيس بن سعد بين عبادة وعمرو بن أبي سلمة وابن عباس والعباس وعقبة بن النعمان الأنصاري وجابر بن عبد الله وثعلبة بن عمد وأبو عمرة الأنصاري وبلال بن رباح والبراء بن عازب وإبراهيم أبو رافع ومن النساء أم سلمة وخديجة وفاطمة.. (2).
ولقد انعكس موقف الشيعة من رواة الصحابة هذا على رواة التابعين، حيث اتخذت نفس الموقف من هؤلاء الرواة. فكل تابعي يروي عن هؤلاء يشك في روايته ولا يؤخذ بها..
أما التابعون الذين والوا آل البيت ونصروهم فقد عدلهم الشيعة وأخذوا برواياتهم، وهي روايات نقلت عن طريق أئمة آل البيت. أي الأئمة الاثنا عشر عليهم السلام، فهم الفئة الوحيدة التي تملك التحدث باسم الرسول صلى الله عليه وآله وحدود النقل يجب أن تنحصر في دائرتهم..
ولما كان الكثير من التابعين قد والى بني أمية وناصرهم - على أساس موالاة الصحابة لهم مثل ابن عمر وأنس بن مالك وأبي هريرة وعمرو بن العاص
____________
(1) أنظر فصل الرجال. وانظر لنا السيف والسياسة. وانظر أضواء على السنة المحمدية، وأبو هريرة لأبي رية وعبد الحسين شرف الدين.
(2) أنظر رسالة في معرفة الصحابة ط. طهران وكتب الرجال. والإصابة في تمييز الصحابة وأسد الغابة.
|
|
|
والمغيرة بن شعبة وغيرهم - فإن هذا قد دفع بالشيعة إلى اتخاذ موقف عدائي منهم..
كذلك دعم موقف الشيعة هذا من رواة التابعين دور الحكام، والذي كان واضحا في تلك الفترة في استثمار علاقة كثير من التابعين بالصحابة في اختلاف الروايات على لسان الرسول صلى الله عليه وآله.
من هنا كان الرواة الذين اعتمدهم الشيعة من الموالين لآل البيت غير المعروفين عند أهل السنة، نظرا لكونهم يعيشون في عزلة عن الأوساط العلمية المشروعة والمعلنة. بينما كان الرواة الذين اعتمدهم أهل السنة غير مقبولين عند الشيعة لمباركتهم العصر الأموي والعباسي ومخاصمتهم لآل البيت.
لأجل ذلك اختلفت طرق الفريقين في تناول الأحاديث وروايتها (1).
____________
(1) إن الأصول التي وضعها علماء الحديث والدراية من الشيعة للحديث وأصنافه لا تختلف اختلافا جوهريا عن الأصول وضعها الباحثون في علم الحديث من أهل السنة، إذا استثنينا بعض التفريعات والاصطلاحات.. انظر الموضوعات في الآثار والأخبار. هاشم معروف الحسيني، ط.
بيروت.