عربي
Tuesday 24th of December 2024
0
نفر 0

وحدانية الله عز و جل

«الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون،و لا يحصي نعماءه العادون،و لا يؤدي حقه المجتهدون،الذي لا يدركه بعد الهمم،و لا يناله غوص الفطن،الذي ليس لصفته حد محدود،و لا نعت موجود،و لا وقت معدود،و لا أجل ممدود،فطر الخلائق بقدرته و نشر الرياح برحمته،و وتد بالصخور ميدان أرضه.

أول الدين معرفته،و كمال معرفته التصديق به،و كمال التصديق به توحيده،و كمال توحيده الإخلاص له،و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه،لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف،و شهادة كل موصوف أنه غير الصفة،فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه،و من قرنه فقد ثناه،و من ثناه فقد جزاه،و من جزأه فقد جهله،و من جهله فقد أشار إليه،و من أشار إليه فقد حده،و من حده فقد عده،و من قال (فيم؟) فقد ضمنه،و من قال (علام؟) فقد أخلى منه.

كائن لا عن حدث،موجود لا عن عدم.

مع كل شي ء لا بمقارنة،و غير كل شي ء لا بمزايلة،فاعل لا بمعنى الحركات و الآلة،بصير إذ لا منظور إليه من خلقه،متوحد إذ لا سكن يستأنس به،و لا يستوحش لفقده.أنشأ الخلق إنشاء،و ابتدأه ابتداء،بلا روية أجالها،و لا تجربة استفادها،و لا حركة أحدثها،و لا همامة نفس اضطرب فيها،أحال الأشياء لأوقاتها،و لأم بين مختلفاتها،و غرز غرائزها،و ألزمها أشباحها،عالما بها قبل ابتدائها،محيطا بحدودها و انتهائها،عارفا بقرائنها و أحنائها» (1) .

«الأول لا شي ء قلبه،و الآخر لا غاية له،لا تقع الأوهام له على صفة،و لا تقعد القلوب منه على كيفية،و لا تناله التجزئة و التبعيض،و لا تحيط به الأبصار و القلوب» (2) .

«لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا،و لم يلد فيكون موروثا هالكا،و لم يتقدمه وقت و لا زمان،و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان،بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن،و القضاء المبرم» (3) .

«الحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش أو سماء أو أرض أو جان أو إنس،لا يدرك بوهم،و لا يقدر بفهم،و لا يشغله سائل،و لا ينقصه نائل،و لا ينظر بعين،و لا يحد بأين،و لا يوصف بالأزواج،و لا يخلق بعلاج،و لا يدرك بالحواس،و لا يقاس بالناس» (4) .

هكذا حدد أمير المؤمنين (ع) مفهوم و حدانية الله سبحانه و تعالى،و هكذا عرف علي (ع) الله رب العالمين،و وصفه كما أراد الله تعالى أن يوصف به،فقد نزهه عن التشبيه و التجسيم و المكان و التجزئة و التبعيض،و كل نقص،و أخرجه بوصفه عن كل صفة من صفات مخلوقاته،كما شاء الله تعالى أن يوصف،و كما علم أولياءه أن ينعتوه.

تعليقات:

1ـنهج البلاغة/خطبة رقم 1.فطر الخلائق:ابتدعها على غير مثال سابق.وتد:ثبت.الميدان:التحرك بتمايل.لا عن حدث:لا عن إيجاد موجد.المزايلة:المفارقة و الإختلاف.الروية:التكفير.أجال :ردد أو أدار.همامة:اهتمام الأمر و انشغال بال.لأم:قرن.غرز الغرائز:أودع فيها الطباع .قرائن:جمع قرونة و هي النفس.الأحناء:الجوانب.

2ـالمصدر السابق/نص رقم 85.لا تقعد القلوب منه على كيفية:أي ليست له كيفية فيتحكم بها .

3ـالمصدر السابق/رقم النص 182.يتعاوره:تطرأ عليه الزيادة و النقصان.

4ـالمصدر السابق/خطبة رقم 182.و هم:تفكير و توهم.النائل:العطاء.أين:إشارة للمكان.

سيرة رسول الله و أهل بيته(ع) ج 1 ص 655


source : مؤلف: لجنة التأليف مؤسسة البلاغ
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

دراسة متون الروايات
حكم الوقف عند السنة
البدعة باختصار
عدم التناسخ بين النفس والبدن
إثبات قدمه تعالى و امتناع الزوال عليه
المخالفون والولاية التكوينية الإعتقادبها ولكن ...
الإمامة ومهمة بيان الدين بعد النبي
الوجاهة عند الله
برهان حساب الاحتمالات في نشأة الحياة
موقف الخلافة من المصحف العلوي ومصيره بعد ذلك

 
user comment