المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين، أعظم الله لكم ولنا الاجر مشاهدينا الكرام بذكرى رحيل نبي الرحمة وإمام الهدى وسيد المرسلين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكرى شهادة حفيده الإمام أبي الحسن الرضا (صلوات الله عليه وعلى آبائه وعلى أبنائه الطيبين الطاهرين) التي تصادف هذه الأيام على رواية.
نحييكم أطيب تحية ونلتقيكم في هذه الحلقة من برنامج الأطروحة المهدوية التي تحمل عنوان (نسب الإمام المهدي في تراث مدرسة الصحابة) في حلقة اليوم سنتطرق إنشاء الله تعالى الى مسألة مهمة تتعلق بنسب هذا الإنسان الذي تبشر به الأنبياء والأمم السابقة والذي تنتظره الجماهير. طبعاً بعد أن فرغنا من الحديث في أن العقيدة المهدوية عقيدة ثابتة وانكارها هو مكابرة وعناد بل لا يخلو من الكفر كما أجمعت الأمة، سنبحث محاور الليلة مع ضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري. مرحباً بكم سماحة السيد كمال الحيدري.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المقدم: في البدء هل هناك مقدمة تمهيدية تتفضلون بذكرها فيما يتعلق بهذا الموضوع.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع بأنه نحاول إنشاء الله تعالى من هذه الليلة ومن هذه الحلقة أن ندخل في بحث آخر، ويعد من الأبحاث الأساسية التي ترتبط بالعقيدة المهدوية، نحن ذكرنا في الأبحاث السابقة في الحلقات السابقة أن العقيدة المهدوية تعد ركناً من أركان المنظومة العقدية للإسلام، يعني لا يتبادر الى ذهن أحد إن هذه المفردة العقدية وهي الاعتقاد بالمهدي المنتظر لا يتبادر الى ذهن أحد إن هذه المفردة العقدية هي مفردة هامشية هي مفردة ثانوية، وإنما تعد ركناً أساسياً من أركان المنظومة العقدية للإسلام، أؤكد مرة أخرى المنظومة أو الأطروحة المهدوية والعقيدة المهدوية لا تختص بمذهب دون آخر، ولا بمدرسة دون أخرى ولا باتجاه دون أخر وإنما كل من كان مسلماً فلابد عليه أن يعتقد بظهور المهدي المنتظر وأنه لابد أن يأتي في آخر الزمان من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وإن الإنسان إذا لم يعتقد هذا الاعتقاد لسبب من الأسباب كما سأبين وسيأتي تفصيله، إذا لم يعتقد هذا الاعتقاد وأنكر المهدي المنتظر فإنه سوف يكون خارجاً أو لا أقل سوف يكون مكذباً للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) باعتبار أن النصوص المتواترة أثبتت أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بشر بهذا المنجي بهذا المنتظر بهذا المهدي بهذا الإنسان الذي سيخرج في أخر الزمان ويظهر في آخر الزمان، ومن الواضح أنه من كذّب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في أي مفردة من المفردات فهو خارج عن الدين. خرج عن الدين فقد خرج عن الإسلام. وهذه قضية أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها لا أقف عندها طويلاً لأن للبحث بعد فقهي وأنا لا أريد أن أتكلم في البعد الفقهي لهذه المسألة، ولكنه للإشارة الإجمالية لأبين عظمة وأهمية المفردة، هذه المفردة والعقيدة المهدوية، يعني إنما وقفت عند هذه المسألة أو أريد أن أشير إليها إجمالاً أو أشرت إليها إجمالاً لأبين عظيمة وأهمية هذه المفردة العقدية في المنظومة العقدية في الدين الإسلامي. والشاهد على ما أقول هو أنه وصل بيدي أخيراً كتاب وهو من الكتب الحديثة وهو كتاب من (سلسلة مؤلفات فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز، رقم 32، فتاوى نور على الدرب، لسماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية، المجموعة الكاملة، أكثر من 2200 فتوى، إعداد الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد الطيار ومحمد بن موسى بن عبد الله الموسى، الجزء الأول، طبع بإشراف مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية، دار الوطن للنشر). في هذا الكتاب في الطبعة الأولى، سنة 1428هـ، هناك في ص355، و ص356 هناك سؤال يوجد للعلامة ابن باز للشيخ ابن باز أنا بودي أولاً أن أقرأ السؤال وبعد ذلك أقرأ جواب ابن باز.
السؤال: يوجد لدينا رجل ينكر المسيح. هذا هو السؤال. المسيح الدجال والمهدي ونزول عيسى عليه السلام ويأجوج ومأجوج ولا يعتقد في شيء منها، أنا بودي أن المشاهد الكريم خصوصاً عموم المسلمين وإلا أتباع مدرسة أهل البيت مفروغين عن هذه المسألة، خصوصاً اتباع مدرسة الصحابة هؤلاء لابد أن يلتفتوا الى أهمية هذا السؤال والجواب المترتب عليه. قال: ولا يعتقد في شيء منها ويدعي عدم صحة ما ورد في ذلك من أحاديث وهذا الذي يظهر أيضاً من بعض الذين يخرجون على الفضائيات ويقولون أنها أخبار آحاد فتقيد الظن ولا يعتنى بها كما ينبغي. انظروا ماذا يقول الشيخ ابن باز؟ يقول: مع العلم بأنه لا يفقه شيئاً في علم الحديث ولا في غير علم الحديث - يعني من عموم الناس- وقد نوقش في هذه الأمور من قبل علماء ولكنه يزعمه أن كل الأحاديث الواردة في هذه الأمور مكذوبة على النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا أيضاً ما نجده في بعض الفضائيات أنهم يحاولون في الأعم الأغلب أن يقولوا أن الروايات الواردة موضوعة ودخيلة من غلاة الشيعة ومن وضع الشيعة- يقول: مكذوب على النبي ودخيلة على الإسلام وهو يصلي ويصوم ويأتي بالفرائض فما حكمه وفقكم الله.
الجواب: مثل هذا الرجل يكون كافراً والعياذ بالله. هذا الشيخ ابن باز بل الإمام ابن باز كما هو يصطلحون ويقبلونه إماماً، والحق أنه من العلماء المعاصرين في هذا الاتجاه. يقول: مثل هذا الرجل يكون كافراً والعياذ بالله، لأنه أنكر شيئاً ثابتاً عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) فإذا كان بيّن له أهل العلم ووضحوا له ومع هذا أصر على تكذيبها وإنكارها فيكون كافراً - وأنا هنا أقول أنا أبين هذه القضايا بشكل واضح وصريح، واقعاً لابد أنه كل من يسمع كلامي هذا لابد أن يذهب للتحقيق ليرى أن كلامي صحيح أو ليس بصحيح، فإن ثبت له أنه صحيح فلا يحق له أن يكذب العقيدة المهدوية حسب فتوى الشيخ ابن باز- لأن من كذب الرسول (صلى الله عليه وآله) فهو كافر ومن كذب الله فهو كافر، طبعاً تكذيب رسول الله مآله الى تكذيب الله سبحانه وتعالى، لأن القرآن يقول: (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقد صحت وتواترت هذه الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نزول المسيح بن مريم من السماء في آخر الزمان ومن خروج يأجوج ومأجوج وخروج الدجال في آخر الزمان، ومن مجيء المهدي - يعني في آخر الزمان- كل هذه الأربعة ثابتة - المهدي في آخر الزمان يملأ الأرض قسطاً بعد أن ملئت جوراً ونزول المسيح بن مريم وخروج الدجال في آخر الزمان وخروج يأجوج ومأجوج كل هذا ثابت بالأحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول الله، بالأحاديث الصحيحة المتواترة. وذكرنا في الحلقات السابقة قلنا أن الحديث المتواتر يعني القطعي الصدور يعني نجزم بصدوره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يعني كما نجزم بوجوده (صلى الله عليه وآله) نجزم بصدور هذا الحديث منه (عليه أفضل الصلاة والسلام) فينطبق عليه (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فإنكارها كفر وضلال نسأل الله العافية والسلامة.
لا أعلم لماذا إذن كان الاتجاه الآخر أو بعض الجهلة من الاتجاه الآخر الذين يسمون أنفسهم أهل علم يخرجون ويقولون بأنه هذه بدع، واقعاً هذه القضية طبعاً أنا لا أقول بأننا نتفق مع مدرسة الصحابة في كل الخصوصيات المرتبطة بالمهدي المنتظر، ولكنه بعد ذلك شيئاً فشيئاً سيتضح أنه ما هي المساحة التي نتفق فيها وما هي المساحة التي نختلف فيها؟ سيتبين أن المساحة التي نختلف فيها مرتبطة ببعض المسائل التي سيأتي الحديث عنها بعد ذلك. وإلا في الأعم الأغلب يوجد هناك اتفاق في العقيدة المهدوية وفي المسألة المهدوية والأطروحة المهدوية.
لا يتصور الى ذهن أحد أن هذه الروايات فقط موجودة أو هذه الفتاوى موجودة في كلمات علماء المسلمين الآخرين غير علماء مدرسة أهل البيت، لا، في مدرسة أهل البيت أيضاًًًًًًًًًًًً القبيل موجودة وواضحة، أنا أشير الى رواية أو روايتين، هذه الروايات موجودة في بحار الأنوار الجامع لدرر أخبار الأئمة الأطهار، وأنا لا أتكلم في السند لأن القضية عندنا من المتواترات المقطوعة التي لا مجال لإنكارها، تأليف العلم العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت لبنان، لا أريد أن استدل بهذه الروايات على المسلمين جميعاً وإنما أريد أن أقول أن هناك توافق فيه هذه القضية بين هذه الفتوى التي ذكرها الشيخ ابن باز وبين ما يذهب أئمتنا عليهم أفضل الصلاة والسلام.
في الجزء51، ص73، يعني تاريخ الإمام الثاني عشر، باب ما ورد من الأخبار بالقائم، الرواية الأولى عن الإمام الصادق، في باب ما ورد من الأخبار بالقائم، الحديث رقم 20، عن الصادق عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني. نفس هذه الفتوى التي قرأناها الآن فمن الواضح أن تكذيب النبي فيما يتعلق بالمهدي المنتظر هو تكذيب له، إنكار لله هو إنكار للرسول (صلى الله عليه وآله).
الحديث الثاني، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) والرواية عن الإمام الصادق عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أنكر القائم من ولدي في زمن غيبته مات ميتة جاهلية. باعتبار أن أئمة أهل البيت يعتقدون أن المهدي المنتظر الآن حي وموجود ولذا الرواية وردت عن الرسول تقول: في زمان غيبته، وهذه هي الغيبة الكبرى. طبعاً هذا المضمون سيأتي بحثه بعد ذلك، سيتضح أن المهدي المنتظر هل هو حي الآن فعلاً ولد والآن حي أو أنه لم يولد بعد ويولد بعد ذلك. والروايات الواردة في هذا المجال كثيرة جداً، الآن لسنا بصدد الدخول في تفاصيلها.
إذن خلاصة هذه المقدمة التمهيدية بودي أن المشاهد الكريم يلتفت أنا إنما أشرت الى هذه القضية حتى أبين للمسلم أنه لابد أن يتعرف ولابد أولاً أن يعتقد بهذه العقيدة وهي العقيدة المهدوية وثانياً لابد أن يتعرف من هو هذا المهدي الذي يجب الاعتقاد به، هذه قضية أساسية لابد أن يلتفت إليها كل مسلم، يا أخواني لا يمكن أن نفترض أن المهدي المنتظر عقيدة يجب الاعتقاد بها يجب الإيمان بها ومع ذلك لا نعرف منها صاحبها، ونجهله، يعني لا نعرف أي خصوصية من خصوصياته، ما هو نسبه، هل هو حي أو ليس بحي، هل هو معصوم أو ليس بمعصوم، من هو أبوه، ولد أو لم يولد، لا معنى لأن نعتقد بالمهدي المنتظر ولا نقف على هذه الخصوصيات، أساساً الإيمان بالمهدي المنتظر لا يكتمل إلا من خلال معرفة هذه التفاصيل.
المقدم: حيث أن عيسى معروف ويأجوج ومأجوج معروفان.
سماحة السيد كمال الحيدري: والدجال النصوص بينت كامل مواصفاته ما هي خصائصه ولا يعقل أن نعتقد أو أن الله أو أن النبي (صلى الله عليه وآله) يأمرنا بالاعتقاد به ولكنه يبقى مجهولاً، من هو؟ محمد بن عبد الله العلوي، هذا بيني وبين الله محمد بن عبد الله العلوي كم من هذه الأسماء قابلة للانطباق على عشرات بل على المئات، واقعاً هذا تضليل للأمة يعني أن يؤمر الفرد المسلم بالإيمان بشيء ومع ذلك يغيب خصوصيات ذلك الإنسان الذي يجب الإيمان به، من هو، وما هو نسبه، وما هي خصائصه، وما هي شرائط ظهوره ونحو ذلك.
المقدم: مع أن رسول الله بشر به منذ آدم باسمه الكامل.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه نكتة أساسية وهي أنه
أساساً نحن لا معنى لأن نتصور أن الله سبحانه وتعالى يأمرنا بالاعتقاد بعقيدة ولكن لا يبين لنا حدود وثغور تلك العقيدة، يعني على سبيل المثال أيعقل إن الله سبحانه وتعالى أن يأمرنا بالإيمان بالتوحيد ولكن لا يبين لنا حدود التوحيد ما هي، وما هي حدود الشرك، أيعقل هذا، أساساً متى يكون التوحيد، وهذا الذي تجدونه في كلمات علماء المسلمين عندما يأتون الى مسألة التوحيد يقفون عندها تفصيلاً حتى لا نخرج عن حد التوحيد ونقع في الشرك سواء كان في الشرك الجلي أو في الشرك الخفي، كيف يمكن أن نتصور أن النبي (صلى الله عليه وآله) يأمرنا بالاعتقاد بعقيدة أساسية كالعقيدة المهدوية ومع ذلك لا يتكلم فيها. هل هذا معقول أساساً، هل يمكن لإنسان مسلم أن يقبل من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) خصوصاً ونحن نعتقد أن هذا القرآن فيه تبيان كل شيء يعني ما من شيء كما ورد عندنا ما من شيء يقربنا الى الله إلا وجاء به الأمر من القرآن والسنة المباركة، وما من شيء يبعدنا عن الله اعتقاداً وعملاً إلا وجاء النهي عنه في الكتاب والسنة، فكيف يمكن أن نفترض عقيدة على هذا المستوى واتفقت عليها كلمة علماء المسلمين كما قرأنا الآن من الشيخ ابن باز وقرأنا من كلمات أئمة أهل البيت إنها مفردة إيمانية بنحو لو أنكرها الإنسان خرج من الدين صار كافراً صار مرتداً ومع ذلك نقول أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعتنِ لها، لم يبين خصائصها، لم يبين تفاصيلها، هذا الذي نحن نشاهد في كثير من الفضائيات يحاولون أن يهمشوا هذه المفردة العقدية، أن لا يتكلموا في هذه المفردة العقائدية، أن لا يبينوا عناصر وأركان هذه الأطروحة والعقيدة المهدوية، وهذا لا ينسجم مع طبيعة النص القرآن والنصوص الواردة عن النبي. وهنا نقطة أخرى أريد أن أبينها، أخواني الأعزاء في كل مفردة عقدية، سواء كانت مرتبطة بالتوحيد أو كانت مرتبطة بالمعاد أو كانت مرتبطة بالنبوة أو بأي مفردة عقدية أخرى، إذا آمن الإنسان بها وأومر بالإيمان بها هناك مجموعة من النتائج العملية التي تترتب عليها، يعني الإنسان إذا أمن بالتوحيد لابد أن يطيع الحق سبحانه وتعالى فيما أمر ونهى، يعني الأمور العقائدية ليست أمور نظرية لا ارتباط لها بالأبعاد السلوكية والعملية للإنسان، وإنما تترتب عليها مجموعة من النتائج، هنا واقعاً في الأبحاث اللاحقة سيتضح ما هي الأمور التي تترتب على الإيمان بالعقيدة المهدوية؟ وبعد ذلك سيتضح أن واحدة من أهمها لما كان هذا الإنسان يريد أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كيف يملأها عدلاً وقسطاً، ما هي مسؤوليتنا ازائه سواء آمنا الآن حي وموجود وغائب كما تعتقد مدرسة أهل البيت، أو لم نؤمن بذلك كما يقولون في مدرسة الصحابة أنه الآن غير موجود وبعد ذلك سيوجد. سؤال: ما هي مسؤولياتنا في زمان ظهوره، ماذا ينبغي أن نفعل، ماذا ينبغي أن نهيأ ماذا ينبغي أن نسهل الطريق للوصول الى ظهوره، هل لنا دور في تعجيل ظهوره وتأخير ظهوره أو ليس لنا دور في ذلك. هذه عشرات المسائل أخواني الأعزاء المشاهد الكريم لابد أن يلتفت إليها بشكل دقيق وعميق حتى نعرف بأنه أساساً ما هي مسؤولياتنا ولذا تجدون أن الله سبحانه وتعالى عندما أمرنا بمجموعة من المفردات العقدية رتب عليها آثارها العلمية أيضاً، كما قرأتم (أمنوا وعملوا الصالحات) أساساً لا يمكن أن يوجد هناك إيمان بمفردة عقدية ولا يوجد هناك أمور عملية مترتبة عليها. وهذا الذي نحن مع الأسف الشديد نجده غائباً لا أقل على مستوى كثير من الكتابات المعاصرة مع مستوى الكثير من المفكرين المعاصرين، على مستوى الكثير من الفضائيات التي تتكلم في هذه المفردة العقدية.
المقدم: إذن فيما يتعلق بنسب هذا الإنسان ما هي أهم العناوين التي أخذت في نصوص النبي (صلى الله عليه وآله)؟
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع إذا يسمح لي المشاهد الكريم أنا أريد أن أقسم الروايات الواردة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فيما يتعلق بالمهدي المنتظر، أو هذا المخلص هذا المنجي الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً. النصوص الواردة أخواني الأعزاء في هذا المجال يمكن تقسيمها الى أصناف ثلاثة:
الصنف الأول: لو نظرنا إليها وجدنا أنها عناوين عامة قابلة للانطباق على كل أحد، من قبيل عنوان المهدي، من قبيل عنوان الخليفة، من قبيل عنوان الإمام، من قبيل عنوان الأمير، وهذه العناوين قابلة للانطباق، ولذا نحن وجدنا عنوان الخليفة أو عنوان المهدي على مر التأريخ كثير من الناس ادعوا المهدوية، إذن هذا معناه أن هذا العنوان فيه قابلية الانطباق على أكثر من شخص. وعنوان الخلافة أيضاً وجدنا أن أولئك الذين لم يكن لهم الحق في خلافة رسول الله ادعوا الخلافة، يعني عندما نرجع الى بني أمية الى معاوية الى يزيد الى بني مروان الى عبد الملك وأولاده وغيرهم الى بني العباس أيضاً كلهم كان يسمي نفسه خليفة، يسمون أنفسهم خلفاء رسول الله، إذن هذا العنوان يمكن أن يسرق.
عنوان الإمام أيضاً يمكن لكل أحد أن يدعي لنفسه أنه إمام، وعنوان الأمير أو أمير المؤمنين عنوان يمكن أن ينطبق على كل أحد. إذن إذا نظرنا الى هذا الصنف الأول من الروايات نجد أنها عناوين عامة قابلة للانطباق على كثيرين كما يقولون، هذا الصنف الأول من الروايات الواردة في نسب المهدي المنتظر.
الصنف الثاني من الروايات: أخص من هذه الروايات، تضيق الدائرة كثيراً، من قبيل تقول أنه مني، تقول: المهدي مني، تقول: المهدي منا أهل البيت، تقول: المهدي من عترتي، تقول: المهدي من ولد فاطمة. وهكذا. من الواضح بأن هذه العناوين أضيق كثيراً من الصنف الأول. يعني أخرج غير من هو من ولد فاطمة. حتى لو كان من أهل البيت لو سلمنا حتى لو كان من العترة وإن كان ليس كذلك ولكنه إن لم يكن من ولد فاطمة ومن نسل علي وفاطمة ونحن نعلم أن فاطمة عليها السلام ليس لها ولد إلا من علي، إذن إن لم يكن من ولد علي وفاطمة فلا ينطبق عليه، هذا معناه أن الدائرة ضاقت جداً، ولا تتوسع، الآن لابد أن يكون علوياً فاطمياً حتى يرتبط برسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلا من آباء آخرين وعناوين أخرى وطرق أخرى حتى لو وصل الى رسول الله فإنه لا ينطبق عليه، وبعد ذلك إنشاء الله سنبحث توجد هذه الروايات وهذه الروايات فقط واردة من طرق مدرسة أهل البيت أو واردة من طرق مدرسة الصحابة.
الصنف الثالث من الروايات: التي عنونت هذا المهدي، هذا الخليفة، هذا الذي من ولد فاطمة، عنونته بالاسم، وعنونت وبينت من هو أبوه الذي ينتسب إليه، والى أين ينتمي، يعني قال: هو محمد بن الحسن العسكري واستمرت القائمة الى أن تنتهي الى الإمام علي بن أبي طالب، سلسلة واضحة وهؤلاء هم الأئمة الاثنا عشر التي تعتقد بهم مدرسة أهل البيت، إذن عندنا طوائف ثلاثة، ولرب سائل يسأل هذا السؤال، وهو أن هذه الأصناف الثلاثة من الروايات كلها واردة في مصادر وتراث مدرسة الصحابة أو لا. هنا أقول إنه إنشاء الله من خلال البحث سوف يتضح أنه ما هي الدائرة التي نتفق فيها مع علماء المسلمين الآخرين وما هي الدائرة التي نختلف فيها. هنا في الدائرة التي نختلف - مدرسة أهل البيت- فيها مع علماء المسلمين وعن مدرسة الصحابة نريد أن نعرف أنه توجد عندنا شواهد قوية في تراث مدرسة الصحابة تؤيد ما نذهب إليه في مدرسة أهل البيت أو لا. لا أدعي الآن في هذه المرحلة أن هذه الأسماء ولعل البعض يدعي هذا، ولكن في هذه المرحلة لا أدعي، لا أقول أن اسمه أي اسمه المهدي وتشخيصه أنه ابن الحسن العسكري أنه وارد بنحو واضح وصريح في تراث مدرسة الصحابة، لا أدعي هذا، ولكن أريد أن أرى بأنه هل هناك شواهد قوية تؤيد ما تذهب إليه مدرسة أهل البيت في نسب المهدي المنتظر وأنه هو محمد بن الحسن العسكري أو لا توجد. وهذا إنشاء الله تعالى سنقف عنده في الصنف الثالث من الروايات.
الآن اتضح محور البحث في هذه الحلقة، وإنشاء الله في الأسابيع القادمة سينصب حديثنا على هذه النقاط وهي المحور الأول أو الصنف الأول من النصوص، الصنف الثاني من النصوص، الصنف الثالث من النصوص، حتى في آخر المطاف لننتهي الى نسب الإمام، وإذا انتهينا الى نسبه عند ذلك نسأل هذا السؤال وهو أنه هذا الذي اتضح نسبه هل هو حي ولد والآن حي أو أنه سيولد بعد ذلك، أولاً كما يقال ثبِّت العرش ثم أنقش، لابد أن نتعرف على نسبه من هو، لا يبقى غائماً وضبابياً وقابلاً للانطباق على أي أحد، وهو محمد بن عبد الله العلوي، لا يكفي هذا القدر، يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) لو أمرنا بمفردة عقدية وأمرنا بالإيمان بها ثم جعلها غائمة بهذا النحو واقعاً هذا ليس بياناً لتلك العقيدة، ليس تبيان لتلك العقيدة.
المقدم: إذن لنبدأ بهذه الأصناف، بالنسبة للصنف الأول الذي قلتم أنه يذكر شيئاً عاماً هل يمكن ذكر بعض النصوص الصحيحة الواردة في بيان ذلك.
في الواقع أن هذه العناوين التي اشرت إليها هي تقريباً العناوين أربعة، العنوان الأول المهدي، العنوان الثاني الخليفة، العنوان الثالث الإمام، العنوان الرابع الأمير، هذه العناوين الأربعة التي أخذت ولا أقل هذه العناوين المعروفة التي توجد في الروايات في الصنف الأول من النصوص.
سماحة السيد كمال الحيدري: أما ما يتعلق بالعنوان الأول وهو المهدي، النصوص تكلمت عنها بشكل واضح وصريح. من هذه الروايات التي وردت في هذا المجال ما ورد في (المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري، في ذيله تلخيص المستدرك للذهبي، الجزء 4، دار الفكر، ص557، هذه عبارته، الرواية طويلة، حدثنا سعيد بن مسعود حدثنا النضر بن فلان حديثنا سليمان بن عبيد حدثنا ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يخرج في آخر أمتي المهدي. ولم ينقل شيئاً آخر فقط عنونه بالمهدي . هذا الذي قلنا من الطائفة الأولى من الروايات أنه عنونه وسماه بالمهدي، أما من هو هذا المهدي فلم يتعين في الروايات، لا نسبه، الى أين ينتهي، هل هو من ولد فاطمة، هل ليس من كذلك، أبداً، فقط قال: المهدي. ومن هنا أنتم تجدون هذه الدعوى دعوات المهدوية على مر التاريخ- يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية وتعظم الأمة يعيش سبعاً أو ثمان يعني حججاً. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. يعني على شرط ا لبخاري ومسلم. وتأكيداً على ذلك بودي أن المشاهد الكريم يلتفت أن الإمام الذهبي في ذيله لأنه قلنا وفي ذيله تلخيص المستدرك للإمام الذهبي، في ذيله يقول صحيح. يعني ما صححه وقال على شرط الشيخين الذهبي يؤيد هذا المعنى، وأنتم تعلمون أن الذهبي في بعض الموارد يخالف الحاكم يقول منقطع ضعيف الى غير ذلك، ولكن هنا يقول صحيح، هذا هو النص الأول الذي يبين هذه الحقيقة.
النص الثاني، طبعاً وهذا المعنى بشكل واضح وصريح أشار إليه العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) المجلد الثاني، الحديث 501- 1000، في الحديث 711 هناك بعد أن يخرج هذا الحديث يقول: يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي ... الخ. قال: أخرجه الحاكم. قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات. هذا هو العنوان الأول. وهذا هو المصدر الثاني.
رواية ثانية أيضاً واردة في هذا المجال في المستدرك للحاكم، في الجزء الرابع، ص558، ولا أذكر النص لأن الوقت لا يسع لذلك. هذا هو العنوان الأول.
العنوان الثاني: وهو عنوان الخليفة، أنا أقول ذلك لأنه أنا عندي واقعاً هناك بحث علمي إنشاء الله سيأتي بعد ذلك وهو أنه لماذا أن النبي (صلى الله عليه وآله) مرة يعبر عنه بالمهدي ومرة يعبر عنه بالخليفة ومرة يعبر عنه بالإمام ومرة يعبر عنه بالأمير، لماذا اختلفت التعابير، يعني هذا البحث لا يتبادر الى ذهن المشاهد الكريم أنه بحث تجملي وبحث نظري لا يترتب عليه ثمرة مهمة، أخواني الأعزاء تترتب على ذلك ثمرة أساسية.
أنه أساساً بعد ذلك سيتبين أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بيّن أن الخلفاء بعدي اثنا عشر، فعندما يقول هذا خليفة يريد أن يقول هذا من الخلفاء الذي ذكرتهم، ولا يوجد في النصوص أنه خاتم الخلفاء، أريد أن أبين أن النبي لم يترك قضية الخلفاء مفتوحة الى خمسين أو أكثر، بل قال: الخلفاء من بعدي اثنا عشر. فعندما يكون هذا خليفة يعني هو من الخلفاء الإثني عشر. إذن القضية ليست قضية نظرية قضية ترفية، لا أبداً، مقصود النبي (صلى الله عليه وآله) عندما يعنونه بالخليفة، لأقرأ روايات الخليفة حتى تتضح القضية أكثر. فيما يتعلق بعنوان الخليفة في المستدرك للحاكم جاء في المجلد الرابع، ص502، الرواية طويلة الذيل، أنا أقرأ بعضها، وهي عن أبي أسماء عن ثوبان وهو من الصحابة قال: إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً فإن فيها خليفة الله المهدي. يعبر بالمهدي أولاً وقال هو خليفة الله. ليس فقط خليفة رسول الله بل هو خليفة الله، هذا العنوان ليس عنواناً ينطبق على كل أحد، هذا من قبيل قوله تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ... قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) ثم أعطاه عنوان، قال له يا آدم أنبئهم بأسمائهم. هذا الخليفة الإلهي له مقام عظيم عند الله، إذن هو معبر عنه أنه خليفة لا فقط خليفة رسول الله بل هو خليفة الله، وهذا قيد كما تعلمون، يعني بعد لا ينطبق على كل من يدعي أنه خليفة، أن كل شخص خليفة الله، وقيود خليفة الله بعد ذلك ستأتي، قال: فيها خليفة الله المهدي، وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. أيضاً يعتقد الحاكم أن هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، ولكن الذهبي هنا لا يعلق. هذه هي الرواية الأولى.
الرواية الثانية وردت في مسند الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، المجلد37، الموسوعة الحديثية، مسند الإمام أحمد بن حنبل، المتوفى 241هـ حقق هذا الجزء وخرج أحاديث علق عليه شعيب، مؤسسة الرسالة، في الجزء السابع والثلاثين، ص70 من الكتاب، في الحديث رقم 22387، الرواية عن ثوبان أيضاً، قال: قال رسول الله: إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها فأن فيها خليفة الله المهدي. نفس النص الذي قرأناها من الحاكم النيسابوري. هذا النص موجود هنا بشكل واضح وصريح.
وكذلك في سنن أبن ماجة، في سنن ابن ماجة، أبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، المتوفى 273هـ، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية، هذا الكتاب الذي مراراً أشرنا الى هذه الطبعة، ص441، في الحديث 4084، الحديث عن ثوبان قال: قال رسول الله: يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ... ثم قال: ثم ذكر شيئاً لا أحفظه فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي.
ومن أولئك الذين صححوا هذا الحديث، طبعاً هذا الحديث العلامة الألباني عبر عنه ضعيف قال: ضعيف، وكذلك في ذيل مسند الإمام أحمد قال: الإسناد ضعيف، ولكن انظروا ماذا يقول البصيري صاحب (إتحاف الخيرة المهرة) قال البصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات والحاكم النيسابوري عبر عنه قال: بأنه على شرط الشيخين رواه الحاكم في المستدرك من طريق الحسين بن فحص عن سفيان، وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ولفظه ... الى أن رأيتم كما قرأنا اللفظ.
السؤال هنا، أريد أن أطبق القاعدة إذا يتذكر المشاهد في الحلقة السابقة قلنا في بعض الأحيان يأتي لفظ لحديث ولكن على بعض الطرق ضعيف وعلى بعض الطرق صحيح، فلا ينبغي لنا من الناحية العلمية والمنهجية أن نقول أن الحديث ضعيف، لابد أن ننبه القارئ والمطالع أو المتكلم لابد أن ينبه ويقول على هذا الطريق ضعيف وعلى هذا الطريق صحيح أو على هذا الطريق حسن. وهذا مع الأسف الشديد نجد أن البعض يحاول أن لا يعمل بهذه النقطة المنهجية والبحث العلمي، يقول: ضعيف، مع أنه يوجد فيه طرق أخرى صحيحة السند. وهذا المعنى بشكل واضح وصريح أشار إليه في (الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح والتعديل، الجزء الأول، المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء، تأليف الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي، المكتبة المكية، دار ابن حزم) هناك في ص161،: يقول بعد أن ينقل هذه الرواية: وقد تعقبه ابن حجر في القول المسدد والسيوطي في الآل المصنوعة، وقد أورد هذا الحديث ابن الجوزي في الموضوعات – حديث خليفة الله المهدي، أن هذا الحديث من الموضوعات- وهذا أيضاً نجده فيما يقوله العلامة الألباني من أن هذا الحديث ضعيف. ولكن ننظر الى ما يقوله البستوي بعد مراجعته لسند هذا النص يقول: ولكن الذي يتبين لي أن هذا الإسناد بحد ذاته لا يمكن أن يذكر في الموضوعة؛ إذ ليس في رواته من يتهم بالوضع، لأن الرواية تكون موضوعة إذا كان في رواتها من يتهم بأنه وضاع كذاب، يقول: وفي هذا النص لا يوجد من يتهم بالوضع.
المقدم: لم يكن على شرط الشيخين.
سماحة السيد كمال الحيدري: حتى لو لم يكن على شرط الشيخين، المهم أن لا يوجد فيه وضاع. والمشكلة أين؟ لماذا؟ المشاهد الكريم وإن كان البحث فنياً ولكنه. في سند هذا الحديث يوجد حنان بن سدير، وحنان بن سدير كما يقول ابن حجر في (لسان الميزان) أنه من شيوخ الشيعة، وهنا تكمن العلة. المشكلة مع أن حنان لم يتهم بالوضع، واللطيف هو يقول - البستوي- يقول: ابن حبان وثقه في كتابه (الثقات) إلا أنه يقول بأنه لأنه كان يقول: وذكره ابن حبان في الثقات ولذا تجد البستوي منصف، يقول: الحق والإنصاف أنه لا يوجد في هذا الحديث من يتهم بالوضع، حتى نجعل الحديث في الموضوعات، بل كلهم ثقات غير حنان بن سدير، المشكلة فقط في حنان بن سدير، وقد وثقه ابن حبان، إذن كيف يكون في الموضوعات، كيف يكون ضعيفاً، هذا مضافاً الى وجود طرق أخرى له.
المهم أن الدكتور البستوي يقول: وعلى هذا، فهذا الإسناد صالح للاستشهاد ولاسيما وإن متنه قد ورد من طريق آخر عن ثوبان رضي الله عنه بسند حسن، وهذا الذي، أما غفلة أو تدليساً هو أنه مباشرة يأتي الى الحديث ويقول أنه من الموضوعات أو يقول ضعيف، مع أنه قد يكون في طريق ضعيفاً وقد يكون في طريق آخر أما صحيحاً كما يقول الحاكم أما حسن كما يقول البستوي، فإذا كان حسناً فيمكن الاعتماد عليه والاستشهاد به، وذكرنا هذا المعنى فيما سبق، قال: وإن متنه ورد من طريق آخر عن ثوبان رضي الله عنه بسند حسن وبذلك يصبح هذا الحديث حسناً لغيره والله أعلم.
إذن العنوان الثاني الذي ورد في هذه النصوص هو عنوان أنه هذا المهدي الذي يخرج في آخر الزمان هو خليفة الله، إذن العنوان الأول هو مهدي، والعنوان الثاني هو خليفة الله.
قبل أن أدخل الى العنوان الثالث والرابع وهو الإمام والأمير، بهذا يتضح نحن إذا قبلنا أنه هذا الإنسان الذي يخرج في آخر الزمان عنوانه أو أطلق عليه والنبي عنونه وسماه خليفة، إذن لابد أن نرجع الى النبي الأكرم مرة أخرى ونسأله من هم الخلفاء وما هي مواصفاتهم، هل كل من يأتي ويدعي أنه خليفة الله وأنه خليفة رسول الله نجد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأحاديث متواترة متفق على صحتها قال: الخلفاء من بعدي اثنا عشر. إذن هذا واحد من الإثني عشر، وبعد ذلك سنقرأ وسنثبت هذا المعنى، أن هذا لابد أن يكون واحداً منهم، لأنه يقول خليفة الله، إذن هذا من الخلفاء الاثنا عشر، وعند ذلك لابد أن نرجع الى رسول الله مرة أخرى لنسأل: يا رسول الله ما هي مواصفات هؤلاء الخلفاء الاثني عشر؟ هنا يأتي هذا السؤال الأساسي والمركزي والذي لابد أن يلتفت إليه المشاهد الكريم، أيعقل أن رسول الله بشكل متواتر وقطعي يصدر منه أن خلفائي من بعدي اثنا عشر، ولا يبين من هم. هذا معقول أساساً؟! أيتصور أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الخلفاء من بعدي اثنا عشر ولا يوجد أحد من الصحابة الذين كانوا يسألونه عن كل شيء لا يسأله يا رسول الله ومن هؤلاء الخلفاء الاثني عشر من بعدك. هل كانت لا تهم المسلمين جميعاً ولا الصحابة ولا السابقين ولا المهاجرين، السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لا يهتمون أن رسول الله يقول: الخلفاء من بعدي اثنا عشر، ولا يأتي إليه أحد ليسأله يا رسول الله من هؤلاء الخلفاء الاثنى عشر من بعدك، أيعقل هذا منطقياً أو لا يعقل؟. سألوه، ليس فقط سألوه، بل القرآن نهاهم في جملة من الموارد قال: (لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) هذا معناه أنهم كانوا كثيروا السؤال، فهل يعقل أن رسول الله والحديث متواتر أيها المشاهد الكريم، يعني رسول الله ليس في مورد أو موردين أو خمسة أو عشرة بل في عشرات الموارد وفي مختلف الأزمنة والأمكنة وباختلاف صحابته رضوان الله عليهم كان يقول: خلفائي من بعدي اثنا عشر. ألا يوجد فيهم عاقل، ألا يوجد فيهم من له غيرة على دين الله ليسأله يا رسول الله من هؤلاء الذين تؤكد عليهم مراراً وتكراراً. وتؤكد أنهم اثنا عشر.
هذه القضية التي لابد أن نقف عليها إنشاء الله لاحقاً لنرى أن الأصحاب سألوا أو لم يسألوا وإذا سألوا فرسول الله أجاب أو لم يجب، وإذا أجاب من هم هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر. هل يعقل أن يكون معاوية ويزيد منهم كما يرى الشيخ ابن تيمية، هل يعقل أن يكون عبد الملك بن مروان وأولاده منهم، أيعقل هذا؟ بعد ذلك سيأتي.
المقدم: على شرط المهدي المنتظر بهذه الشروط.
سماحة السيد كمال الحيدري: خليفة الله، وبعد ذلك الخلفاء من بعدي، بينت أساساً، عزة الإسلام بهم، ولذا تجد أن الشيخ ابن تيمية فيما سبق طبقها على من؟ قال: هؤلاء عظماء يزيد ومعاوية، لأن الروايات بينت خصائص هؤلاء الاثنا عشر، وهذا الذي لابد أن نقف عنده، وأنا أتصور أن تسلسل البحث قد اتضح للمشاهد.
المقدم: معنا الأخ ماجد من العراق.
الأخ ماجد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يوجد ذكر للإمام المهدي في مصادر أهل السنة.
المقدم: معنا الأخ جون من بلجيكا، تفضلوا.
الأخ جون: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
المقدم/سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ جون: نعزيكم ونعزي الأمة الإسلامية باستشهاد الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) سيدي الحبيب، فتحت عيوننا وعيون الأمة الإسلامية بهذه البرامج الحلوة العظيمة، أنا لبناني مسيحي اعتنقت الإسلام وأخترت مذهب أهل البيت عليهم السلام ...
المقدم: بالنسبة للأخ ماجد الذي فهمته من سؤاله يعني هل يوجد ذكر للإمام المهدي في مصادر أهل السنة.
سماحة السيد كمال الحيدري: قلت أخي العزيز لماذا نحن ذكرنا مراراً وتكراراً للأخوة أن لا يستعجلوا الأبحاث، سيأتي بحثه إنشاء الله، أما ذكر المهدي نعم فقد ورد اسمه وقد قرأنا، وإنما الكلام في أن المهدي من هو، وما هو نسبه، وإلا مسألة المهدي كما قال ابن باز وكل علماء المسلمين أن قضية البشارة بالمهدي متواترة عقيدة وإنكارها يؤدي الى الخروج من الدين.
النقطة الأساسية التي بودي أن المشاهد الكريم يتأمل فيها أنه ورد الحديث عن رسول الله متواتراً أن الخلفاء من بعدي اثنا، أن الأمراء من بعدي اثنا عشر، أن الأئمة من بعدي اثنا عشر، هل يعقل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يبين، وأن الصحابة لم يسألوا، وإذا سألوا هل يعقل أن رسول الله لم يبين، وإذا بين فمن هم هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر.
المقدم: وكما ثبت أنه ذكر الثاني عشر منهم.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا واحد منهم.
المقدم: ورفع يد الأول وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
سماحة السيد كمال الحيدري: وهو خليفتي من بعدي. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وإذا قلت هناك شواهد فسنذكرها إنشاء الله تعالى لاحقاً.
المقدم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري ونشكر الأخوة والأخوات، ملتقانا وإياكم في الحلقات القادمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
source : حوار للسيد كمال الحيدري