عقيدتنا في الإمامة
نعتقد: أنّ الإمامة أصل من أُصول الدين، لا يتم الإيمان إلاّ بالاعتقاد بها، ولا يجوز فيها تقليد الأباء والأهل والمربّين مهما عظموا وكبروا، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوّة.
وعلى الأقل أن الاعتقاد بفراغ ذمّة المكلّف من التكاليف الشرعية المفروضة عليه يتوقّف على الاعتقاد بها إيجاباً أو سلباً، فإذا لم تكن أصلاً من الأُصول لا يجوز فيها التقليد، لكونها أصلاً، فإنّه يجب الاعتقاد بها من هذه الجهة، أي من جهة أنّ فراغ ذمة المكلّف من التكاليف المفروضة عليه قطعاً من الله تعالى واجب عقلاً، وليست كلّها معلومة من طريقة قطعية، فلا بدّ من الرجوع فيها إلى من نقطع بفراغ الذمة بإتباعه، إمّا الإمام على طريقة الامامية، أو غيره على طريقة غيرهم.
كما نعتقد: أنّها كالنبوّة لطف من الله تعالى، فلابدّ أن يكون في كل عصر إمام هاد يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر، وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين، وله ما للنبي من الولاية العامّة على الناس، لتدبير شؤونهم ومصالحهم، وإقامة العدل بينهم، ورفع الظلم والعدوان من بينهم.
وعلى هذا، فالإمامة استمرار للنبوة، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضاً نصب الإمام بعد الرسول.
فلذلك نقول: "إنّ الإمامة لا تكون إلاّ بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله، وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس، فليس لهم إذا شاؤوا أن ينصّبوا أحداً نصّبوه، وإذا شاؤوا أن يعيّنوا إماماً لهم عيّنوه، ومتى شاؤوا أن يتركوا تعيينه تركوه، ليصح لهم البقاء بلا إمام، بل «مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة"1، على ما ثبت ذلك عن الرسول الأعظم بالحديث المستفيض.
وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى، سواء أبى البشر أم لم يأبوا، وسواء ناصروه أم لم يناصروه، أطاعوه أم لم يطيعوه، وسواء كان حاضراً أم غائباً عن أعين الناس، إذ كما يصح أن يغيب النبي ـ كغيبته في الغار والشعب ـ صحّ أن يغيب الإمام، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها.
قال الله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ قَوم هَاد﴾2.
وقال: ﴿وإنْ مِنْ أمّة إلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾2.
*عقائد الامامية ،الشيخ محمد رضا المظفر، ص: 74-75.
1- الكافي 1/377، المحاسن 1/176، عيون أخبار الرضا 2/58، كمال الدين: 413، الغيبة للنعماني: 130، رجال الكشي 2/724، مسند الطيالسي: 259، المعجم الكبير 10/350، مستدرك الحاكم 1/77.
2- الرعد: 7.
3- فاطر: 24.
source : http://almaaref.org