بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
إن الكلام في تجسم أعمال الإنسان يقع في ثلاثة أمور :
1- ما يستفاد من القرآن الكريم.
2- ما يستفاد من الأحاديث.
3- ما يستفاد من كلام بعض العلماء.
الأمر الأول و فيه آيات عديدة
1- قال تعالى ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ﴾ (30) سورة آل عمران
إن أعمال الإنسان وأفعاله في هذه الحياة وما يزاوله من عدل وإحسان وخير وخدمة الآخرين أو ما يرتكبه من ظلم وعدوان وشر وقتل وتشريد للآخرين ، هذه الأفعال بخيرها وشرها هل هي موجودة ومحفوظة بعينها وحقائقها ؟ أم أنها معدومة وذهبت واضمحلت ولم يبق إلا اسمها وعنوانها؟
طرح هذا الموضوع وبحثه العلماء في التفسير والحديث والعرفان وقد أثبته المحققون منهم ونفاه غيرهم .
الآية المتقدمة مع آيات أخرى تدل بكل وضوح أن أعمال الإنسان البالغ العاقل رجلاً كان أم امرأة في هذه الدنيا من خير أو شر محفوظة صورها الباطنية وحقائقها العينية في يوم القيامة وعالم البرزخ بل في دار الدنيا وأن أعمال الإنسان مجسمة وحاضرة أمام صاحبها وإن حجب عنها في الدنيا.
وفي جانب الشر يتمنى صاحبه أن يكون بعيداً عنه وأن بينه وبين عمله أمداً بعيداً ومسافة ساحقة .
2- قال تعالى : ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ (49) سورة الكهف .
وهذه الآية دلالتها على المطلوب واضح فإن كل عمل يقوم به الإنسان خيراً كان أم شراً فهو حاضر أمامه ويشهده بعينه ولازمه أن يكون مجسداً.
3- وقال تعالى : ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ (7-8) سورة الزلزلة .
وهذه الآية أيضاً دالة بشكل واضح على تجسم الأعمال فإن الرائي إنما يرى نفس العمل على حقيقته مجسماً لا جزاءه أو اسمه .
4- وقال تعالى : ﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾ (54) سورة العنكبوت
5- وقال تعالى : ﴿ وَمِنْهُم مَن يَقُولُ ائْذَن لي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾ (49) سورة التوبة .
في هاتين الآيتين دليل أن جهنم محيطة بالكافرين فعلاً في هذه النشأة وفي دار الدنيا ، فالكافرون الآن وهم في دار الدنيا جهنم محيطة بهم حيث أن قبائحهم وجرائمهم وأفعالهم الشريرة وظلمهم لعباد الله محيطة بهم في هذه النشأة وهذه النار تمر عليهم في صورة حيات وعقارب وأفاعي , قال الشيخ البهائي معقباً على هاتين الآيتين : وقالوا : إن اسم الفاعل في قوله تعالى : ﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾ ليس بمعنى الاستقبال بأن يكون المراد أنها ستحيط بهم في النشأة الأخرى ، كما ذكره الظاهريون من المفسرين ، بل هو على حقيقته أي معنى الحال فإن قبائحهم الخلقية والعملية والاعتقادية محيطة بهم في هذه النشأة ، وهي بعينها جهنم التي ستظهر عليهم في النشأة الأخروية بصورة النار وعقاربها وحيَّاتها[1].
6- وقال تعالى : ﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم منْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ (110) سورة البقرة
وقال تعالى : ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم منْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (20) سورة المزمل.
ففي هاتين الآيتين يقرر القرآن أن الخير الذي عمله الإنسان سوف يجده أمامه وليس ذلك إلا إذا كان مجسماً فوجدان الخير دلالة على تجسمه وتصويره في عالم الآخرة .
7- وقال تعالى : ﴿ إِنَّا أَنذَرْنَاكُم عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ﴾ (40) سورة النبأ .
فينظر المرء إلى أعماله الخيرة أو الشريرة وهي ماثلة أمامه ولابد أن تكون مجسدة .
8- وقال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ (10) سورة النساء .
النار بالفعل في بطونهم وهم يأكلونها حقيقة ومجسمة وهي تأكلهم بحرارتها ولهبها .
9- وقال تعالى : ﴿ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ (54) سورة يس.
هذه الآية كالصريحة في تجسم الأعمال ، ولكن مجموع هذه الآيات الشريفة دالة على أن أعمال الإنسان محفوظة بعينها وحقائقها في النشأة الأخرى وكل عمل سوف ينتج نتائجه و الأسباب لابد أن تؤدي إلى مسبباتها فإن كانت أعمال خير فسوف تكون على صاحبها رَوح و ريحان وجنة ورضوان ونعيم دائم لا يزول .
وإن كانت أعماله قبيحة وشريرة فسوف تكون نتائجها ومسبباتها تتلائم معها وهو العذاب الأليم والعقاب الكثير ، ونار جهنم محيطة بهم بحيَّاتها وعقاربها وأفاعيها وهي نفس تلك الأعمال قد تحولت إلى ذلك.
الأمر الثاني الأحاديث
أما الأحاديث الدالة على تجسم الأعمال و حقائقها العينية وصورها البرزخية فهي كثيرة جداً منها :
1- ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال : (( من صلى الصلوات المفروضات في أول وقتها وأقام حدودها رفعها المَلَك إلى السماء بيضاء نقية وهي تهتف به تقول : حفظك الله كما حفظتني ، واستودعك الله كما استودعتني مَلَكا ًكريما ، ومن صلاها بعد وقتها من غير علة فلم يقم حدودها رفعها الملَك سوداء مظلمة وهي تهتف به ضيعتني ، ضيعك الله كما ضيعتني ولا رعاك الله كما لم ترعني )) الوسائل كتاب الصلاة أبواب المواقيت باب 3 ح 4688.
هذه الرواية دلالتها على تجسم الأعمال واضحة فقد تحدثت عن الصلاة وفرضت أنها تتكلم وتدعو لمن أقامها بحدودها وشرائطها بالحفظ والرعاية من الله سبحانه وتعالى كما أنها تدعو على من ضيعها ولم يقمها في وقتها بحدودها وشرائطها بالضياع وعدم الرعاية من الله ، وهي في نفس الوقت إما أن ترفع بيضاء نقية إذا أتى بها المصلي في وقتها ، وإما أن ترفع سوداء مظلمة ترجع على صاحبها إذا صلاها خارج وقتها . فهذه الحالة التصويرية للصلاة وحديثها مع من يقيمها في وقتها أو يصليها في خارجها تدل على أنها مجسمة ولها صورة حقيقية في الباطن غير الصورة الخارجية التي يمارسها المصلي ، والصورة الحقيقية هي التي تتحدث لمصليها وهي معراج المؤمن ، وقربان كل تقي وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر وتدفع البلاء عن صاحبها في الدنيا والآخرة وهي التي يشاهدها المصلي في الآخرة مجسمة ، وقد تعددت الروايات عن تجسم الصلاة وحديثها عن نفسها وعمن أقامها أو تركها .
إن تهاون المسلمين بالشريعة الإسلامية عموماً وأداء الصلاة خصوصاً مما يؤسف له وقد ركبهم الذل والهوان وغزاهم عدوهم في عقر دارهم حتى ذلوا وتعرضوا للمخاطر والكوارث في الدنيا و لَعذاب الآخرة أعظم .
إن المسلم إذا ترك الصلاة قرب من الكفر ولم يكن بينهما حاجزاً ، هذا من الناحية العقائدية وشمله الذل والهوان من الناحية الاجتماعية وقرب إلى الفقر من الناحية الاقتصادية وعرِّض إلى الكوارث والحوادث والمخاطر وابتلي بأنواع البلاء عقوبة له : ﴿نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (67) سورة التوبة.
وقال ﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُم أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (19) سورة الحشر.
2- عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (( إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره ، والبر مُطِلٌ عليه ، ويتنحى الصبر ناحية ، قال : فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر : دونكم صاحبكم ، فإن عجزتم عنه فأنا دونه )) . البحار ج 6 ص 230
هذه الرواية أحد الأدلة التي تطرح تجسم الأعمال وهي واضحة في دلالتها على المطلوب، فتصور الصلاة على يمين الميت في قبره والزكاة عن يساره و البر مُطِلٌ عليه و في بعض النسخ ( مظل ) عليه والصبر يتنحى ناحية ليراقب الوضع فهذا التصور لأعمال الخير ومحاورة الصبر لها دال على تجسم مثل هذه الأعمال بل هي صريحة في ذلك .
3- قوله صلى الله عليه وآله : (( الذي يشرب في آنية الذهب والفضة فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم )). البحار ج 7 ص 229 .
فالذي يجرجر في جوفه نار جهنم لابد أن تكون هذه النار مجسمة حيث تكون في جوفه لأن الشرب في آنية الذهب والفضة من الأمور المحرمة شرعاً.
4- قوله صلى الله عليه وآله : (( الظلم ظلمات يوم القيامة )) البحار ج7 ص129 .
ويتحول الظلم إلى ظلمات على صاحبه في يوم القيامة وهذا التحول هو دليل على تجسّم الأعمال .
5- قد روى أصحابنا رضي الله عنهم عن قيس بن عاصم [2] قال : وفدت مع جماعة من بني تميم على النبي صلى الله عليه وآله فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس [3] فقلت : يا نبي الله عظنا موعظة ننتفع بها ، فإنا قوم نعبر في البرية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
(( يا قيس إن مع العز ذلاً ، وإن مع الحياة موتاً وإن مع الدنيا آخرة ، وإن لكل شئ حسيباً ، وإن لكل أجل كتاباً ، وإنه لابد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي ، وتدفن معه وأنت ميت ، فإن كان كريماً أكرمك وإن كان لئيماً أسلمك ، ثم لا يحشر إلا معك ، ولا تحشر إلا معه ، ولا تسأل إلا عنه ، فلا تجعله إلا صالحا ، فإنه إن صلح آنست به ، وإن فسد لا تستوحش إلا منه ، وهو فعلك ..... )) البحار ج 7 ص 228 .
محل الشاهد في دلالة هذه الرواية على تجسم الأعمال قوله عليه الصلاة والسلام ( لابد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي... ) فحياته ووصفه بالكريم واللئيم كل ذلك مما يدلل على تجسمه.
6- وقوله صلى الله عليه وآله : ( الجنة قيعان وإن غراسها : سبحان الله وبحمده ) البحار ج 7 ص 229 .
7- و قال عليه الصلاة والسلام : (( من علّق سوطاً بين يدي سلطان جائر جعل ذلك السوط ثعباناً من نار طوله سبعون ذراعاً يسلطه الله عليه يوم القيامة في نار جهنم وبئس المصير )) .
8- وقال عليه الصلاة والسلام : (( اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب أهل النار )) .
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على تجسم الأعمال وقد وردت أحاديث أن القرآن أيضاً يتمثل بصورة ملكوتية .
الأمر الثالث : أقوال بعض العلماء
قال الشيخ البهائي قدس الله روحه : تجسم الأعمال في النشأة الأخروية قد ورد في أحاديث كثيرة من طرق المخالف والمؤالف ....
ثم قال : قال بعض أصحاب القلوب : إن الحيّات والعقارب بل والنيران التي تظهر في القبر والقيامة هي بعينها الأعمال القبيحة والأخلاق الذميمة والعقائد الباطلة التي ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة ، وتجلببت بهذه الجلابيب ، كما أن الروح والريحان والحور والثمار هي الأخلاق الزكية والأعمال الصالحة والاعتقادات الحقة التي برزت في هذا العالم بهذا الزي وتسمت بهذا الاسم ، إذ الحقيقة الواحدة تختلف صورها باختلاف الأماكن ، فتحلى في كل موطن بحلية ، وتزيى في كل نشأة بزي ) البحار ج 7 ص 229 .
وقال السيد الإمام الخميني قدس سره معلقاً على بعض الروايات المتقدمة : مضافاً إلى أنها تدل على الصورة الغيبية الملكوتية تدل على حياتها أيضاً. كما أن البرهان قائم على هذا ، و الآيات تدل عليه كقوله تعالى : ﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ (64) سورة العنكبوت .
الفائدة :
توجد هناك ثمرة مهمة في نتيجة البحث بين الإثبات والنفي , ففي جانب الإثبات يعرف الإنسان المصلي والمتعبد لله سبحانه المطيع إليه إن هناك معنىً عميقاً ولباً وراء تلك الأعمال الصالحة التي يمارسها في عباداته ومعاملاته وحركاته وسكناته.
وأن هذه الأعمال تتحول إلى روح وريحان وجنة ورضوان ليس في الآخرة والنشأة الأولى فقط وإنما في هذه الحياة أيضاً .
وبعكسه الأعمال الشريرة والظلم والعدوان وارتكاب المحرمات وعصيان خالق السماوات والأرض سوف تتحول هذه الأفعال إلى نار جهنم في باطن فاعلها وحيات وعقارب وأفاعي تلتهم صاحبها .
وهذا كفيل للإنسان أن يفكر في عواقب الأمور مما يصدر منه من خير أو شر قبل أن يرتكبها .
قال السيد الخميني (قدس سره) حول الصلاة وأن لها صورة باطنية : ( ولكن ما لابد من التنبيه عليه ها هنا أن من أعلى مراتب الخسران والضرر , الاقتناع بصورة الصلاة وقشرها والحرمان من بركاتها وكمالاتها الباطنية التي توجب السعادات الأبدية بل إنها توجب جوار رب العزة ، ومرقاة للعروج إلى مقام الوصول بوصل المحبوب المطلق إلى ما هو غاية آمال الأولياء ومنتهى أمنية أصحاب المعرفة وأرباب القلوب , بل هو قرة عين الرسول صلى الله عليه وآله .
ويالها من حسرة تعجز عقولنا عن إدراكها ولا تدركها إلا بعد الخروج من هذه النشأة والورود في المحاسبة الإلهية وما دمنا في حجاب عالم الملك وخدر الطبيعة فإننا لا نقدر أن ندرك شيئاً من ذاك العالم ( وإنما مددنا أيدينا إلى النار من مكان بعيد ) فأي حسرة وندامة وضرر وخسران أعلى من أن ما هو وسيلة للكمال والسعادة للإنسان ودواء للآلام والنقائص القلبية ، وهو في الحقيقة الصورة الكمالية الإنسانية يصير بحيث بعد ما أتعب الإنسان نفسه في سبيله أربعين سنة أو خمسين سنة لا يستفيد منه فائدة روحانية وليس هذا فحسب بل صار سببا للكدورات القلبية والحجب الظلمانية ، وما كان قرة العين للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يصير موجباً لضعف بصيرتنا ) [4]
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
[2] هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد المنقرى : قال ابن حجر في التقريب ص 426 : صحابي مشهور بالحلم نزل البصرة انتهى . وترجمه ابن عبد البر في الاستيعاب " ج 3 ص 224 " وقال : قدم في وفد بنى تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في سنة تسع فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هذا سيد أهل الوبر ، وكان رضي الله عنه عاقلاً حليماً مشهوراً بالحلم ، وكان قد حرم على نفسه الخمر في الجاهلية اه . قلت : لم نجد ترجمته في كتب أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم .
[3] ترجمه ابن حجر في الاصابة " ج 2 ص 186 " قال : قال ابن حبان : له صحبة ، وحكى عن أمالى ابن دريد عن أبى حاتم السجستاني ، عن العتبى ، عن أبيه قال : قيس بن عاصم فوفدت مع جماعة من بني تميم فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس فقال قيس : يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها فوعظهم موعظة حسنة ، فقال قيس أحب أن يكون هذا الكلام أبياتاً من الشعر نفتخر به على من يلينا وندخرها ، فأمر من يأتيه بحسان ، فقال الصلصال : يا رسول الله قد حضرني أبيات أحسبها توافق ما أراد قيس، فقال: هاتها، فقال :
تجنب خليطاً من مقالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل
ولابد بعد الموت من أن تعده * ليوم ينادى المرء فيه فيقبل
وإن كنت مشغولاً بشئٍ فلا تكن * بغير الذى يرضى به الله تشغل
ولن يصحب الإنسان من قبل موته * ومن بعده إلا الذى كان يعمل
ألا إنما الإنسان ضيف لأهله * يقيم قليلاً بينهم ثم يرحل
[4] الآداب المعنوية للصلاة ص 21-22 .
source : http://alradhy.com