عربي
Saturday 2nd of November 2024
0
نفر 0

الإطار العقائدي للشيعة الإمامية

واعتنقت الشيعة جميع المبادئ العليا، والقيم الكريمة التي جاء بها الإسلام فلم تبتدع فكرة، ولم تخالف سنة، وإنما واكبت الإسلام في جميع مناهجه وسايرته في أصوله وفروعه، وشاركت المسلمين في معظم ما يؤمنون، ويدينون به، وهذا عرض موجز لمكوناتهم العقائدية:

الإيمان بالله:

أما الإيمان بالله تعلى فهو الركيزة الكبرى في عقيدة كل مسلم، وهي القاعدة الأساس في دين الإسلام، وقد جاهد من أجلها الرسول (صلى الله عليه وآله) كأعظم وأقسى ما يكون الجهاد، وقد أجمعت عتات قومه القرشيين، وعلى رأسهم الجاهلي أبو سفيان على إخماد صوت التوحيد، وإطفاء نور الله ولكن الله تعالى نصر نبيه العظيم فاندحرت الطغمة القرشية، وارتفعت راية التوحيد عالية خفاقة، وقام الإسلام على سوقه عبل الذراع مفتول الساعد.

الإيمان عن دليل:

وتؤمن الشيعة ـ كبقية المسلمين ـ أن الإيمان بالله تعالى وبوحدانيته يجب أن يستند إلى الدليل لا إلى التقليد، فقد ملأت الأدلة العقلية والحسية بوجود الله آفاق الكون وإن أدنى تأمل في نظام الكون، وما بني عليه من الدقة المحيرة مما يملأ النفس إيمانا ووثوقا بوجود الخالق العظيم، يقول (لا بلاس):

إن النظام المحير للعقول، المشاهد في حركات الأجرام التي تتألف منها المجموعة الشمسية لا يمكن أن يحمل على التصادف، بل التصادف كلمة لا يصح النطق بها في لغة العلم، إن التصادف معدوم ومحال في هذا العالم الذي نرى فيه كل شيء خاضعا لقوانين الموازنة، وقوانين الحساب التي عينتها إرادة غيبية، وحكمة بالغة، وما الشيءالذي ندعوه بالتصادف إلا محصل القوة الغيبية التي لا نعلم من صور تأثيرها شيئا، بل لا نعلم عن وجودها شيئا في حين أنها تحفل حولنا، وبناء عليه فليس من الممكن حمل هذا النظام الذي نراه في المجموعة الشمسية على التصادف، ولا بد من الاعتراف بوجود مسبب أصلي عام، منظم لهذا النظام)، (1).

ويقول كريس موري سون وهو من علماء الغرب:(إن وجود الخالق تدل عليه تنظيمات لا نهاية لها، تكون الحياة بدونها مستحيلة، وإن وجود الإنسان على ظهر الأرض، والمظاهر الفاخرة لذكائه إنما هي جزء من برنامج ينفذه بادئ الكون...)، (2).

لقد أثبتت العلوم الحديثة أن هذا الكون خلق بحكمة وتدبير، وإن في كل يوم، وفي كل ساعة، تظهر آلاف الأدلة الحاسمة بوجود الخالق العظيم، وقد منيت بالفشل آراء الملحدين، ورجع الكثيرون منهم عما ذهبوا إليه وكان منهم الدكتور ا.ج . كرونين، فقد أعلن إيمانه بعد إلحاده يقول:

إذا تأملنا في الكون وأسراره وعجائبه، ونظامه، ودقته، وضخامته، وروعته لا بد أن نفكر في إله خالق، من ذا الذي يتطلع إلى السماء في ليلة صيف صافية، ويرى النجوم اللانهاية تتألق بعيدا، ثم لا يؤمن بأن هذا الكون كله لا يمكن أن يكون وليدة الصدفة العمياء؟ وعلمانا هذا, وهو يدور في الفضاء في حركة دقيقة، منظمة، وفصول متتابعة لا يمكن أن يكون مجرد كرة من المادة خالية من الدلالة نزعت من الشمس وألقيت في الفضاء بلا معنى أو سبب.

انظر، وابحث في العالم، واطرح كل ما قالته الكتب المقدسة وتتبع سير الحياة، فإنك ستواجه لغزا غامضا، وسرا عميقا، فلا يمكن أن يكون هذا نشأ من العدم، فلا شيء يخرج من لا شيء، (3).

إن أقل تأمل في آفاق الكون، وفي خلق الإنسان، وما انطوت عليه ذاته من الأجهزة والأسرار كل ذلك يدعو إلى حتمية الإيمان بالله تعالى خالق الكون وواهب الحياة.

صفاته تعالى:

وتعتقد الشيعة إن صفات الله تعالى عين ذاته وأن وجودها عين وجوده وهي قسمان:

1 ـ صفات الجمال والكمال كالعلم والقدرة، والرحمة والغنى والإرادة والخالقية.

2 ـ الصفات السلبية، وتسمى بصفة الجلال، ككونه ليس بظلام للعبيد، وليس بجسم، ولا بممكن، إلى غير ذلك من الصفات السلبية.

يقول سيد الموحدين وإمام المتقين الإمام أمير المؤمنين في تنزيه الخالق عن الصفات المخلوقة:

(أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن قال: علام؟ فقد أخلى منه، كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظر إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به، ولا يستوحش لفقده، أنشأ الخلق إنشاءاً، وابتدأه ابتداءا بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها، أحال الأشياء لأوقاتها، ولاءم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها، وألزمها أشباحها، عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها وانتهائها..).

وكثير من أمثال هذه الكلمات الذهبية في بيان صفات الله تعالى، وتوحيده قد أثرت عن عملاق الفكر الإسلامي الإمام أمير المؤمنين وعن أبنائه وأحفاده الأئمة الطاهرين... وليس بها تجسيد لله تعالى كما ذهبت إليه بعض الفرق الإسلامية.

لقد نزهت الشيعة الخالق العظيم عن كل صفة من صفات المخلوق كالجسم والأين والكيف وغير ذلك.

استحالة معرفة حقيقته:

وتذهب الشيعة إلى استحالة معرفة ذات الله تعالى والوقوف على حقيقته فإن ذلك مما تعجز العقول عن إدراكه، فإنها محدودة بجميع طاقاتها فكيف تصل إلى معرفة ذلك النور العظيم الذي أحاط بما يرى وما لا يرى، يقول بعض الشعراء:

 

والله لا موســى ولا عيســى
المسيـــــــــح ولا محمـــــــد
علمــــــــــوا ولا جبريــــــــل
وهو إلى محل القدس يصعـد
كلا ولا النفـــس البسيطـــــة
لا ولا العقــــــــل المجــــــرد

إن هذا الكوكب الذي نعيش عليه بسهوله وجباله ومياهه، وزروعه وأشجاره إنما هو من أبسط مخلوقات الله، وإن الإنسان الذي هو من أفضل الكائنات الحية التي فيه، فإنه محدود في فكره، فكيف يصل إلى إدراك تلك الحقيقة العظمى المبدعة لخلق الأشياء.

العدل الإلهي:

وتؤمن الشيعة إيمانا لا يخامره شك أنه تعالى عادل في حكمه لا يجور في قضائه، ولا يحيف في حكمه، وأنه يجازي المحسنين، ويعاقب العاصين، وأنه لا يكلف عباده فوق ما لا يطيقون، وأنه لا يأمر إلا بالحسن ولا ينهي إلا عن القبيح.... والعدل الذي هو من صفات الله تعالى من الصفات الثبوتية الكمالية.. وهنا مباحث مهمة عرضت لها مصادر علم الكلام.

المعاد والبعث:

من المبادئ التي تؤمن بها الشيعة كبقية المسلمين أن الله تعالى يبعث عباده بعد الموت، وينشرهم من قبورهم إلى ساحات القيامة ليثيب المطيعين ويعذب العاصين.

إن المعاد الجسماني من ضروريات الإسلام وقد دل عليه القرآن الكريم في جملة من الآيات الكريمة قال تعالى: ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه)، (4)

وقال تعالى: (وإن تعجب فعجب قولهم إذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد) وقال تعالى: (قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة)، إلى غير ذلك من الآيات التي أعلنت بوضوح بعث الإنسان، ونشره من قبره ليحاسب على ما عمله في دار الدنيا فيجازي على وفق عمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

النبوة:

وتؤمن الشيعة بأن النبوة لطف من الله بعباده تزكيهم، وتضع لهم المخططات السليمة الهادفة إلى تهذيبهم، وغرس النزعات الكريمة في أعماق نفوسهم، وتحذوهم من الرذائل، وتحررهم من مساوئ الأخلاق.

والله تعالى هو الذي يختار من عباده لهذا المنصب الرفيع ممن تتوفر فيهم التقوى والإيمان وسلامة الذات وطهارة النفس، والعصمة من الزيغ.... وأنه تعالى يؤيدهم بمعجزاته ليقيم بهم الحجة، أما معجزاتهم فإنها تتناسب مع ما اشتهر في عصورهم من الفنون والعلوم، فقد أيد الله تعالى نبيه موسى بالعصا التي تلقف السحر الذي كان شائعا في ذلك العصر، فلما ألقاها ظهرت كأعظم أفعى فوجلت منها قلوب السحرة والفراعنة، وجعلت تلقف عصيهم وحبالهم، فأيقن السحرة بالمعجزة لأنها فوق ما يملكون من وسائل السحر كما أيد الله تعالى نبيه عيسى بمعجزة عجزت عن مجاراتها وسائل الطب الذي كان شائعا في ذلك العصر، فكانت معجزته إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، فأيقن المجتمع بنبوته وآمنوا برسالته.

وأيد الله تعالى رسوله العظيم خاتم الأنبياء بالقرآن الكريم المعجزة الخالدة على امتداد التأريخ فقد فاق بروعة أسلوبه جميع فنون البلاغة وضروب الفصاحة السائدتين في ذلك العصر، وتحدى بلغاء عصره بإتيان سورة من مثله فنكصوا واعترفوا بالعجز عن مجاراته، ويضاف إلى بلاغته أنه منهج كامل وشامل لجميع جوانب الحياة.

النبي محمد (صلى الله عليه وآله):

وتؤمن الشيعة كبقية المسلمين بأن الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) خاتم النبيين أرسله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فرفع صلوات الله عليه كلمة التوحيد، وأنار الدنيا بعلومه وحكمه، وأخرج العباد عن طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن، يقول رائد العدل في الإسلام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ( فبعث محمد (صلى الله عليه وآله) بالحق ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته بقرآن قد بينه وأحكمه، ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه، وليقروا به إذ جحدوه وليثبتوه بعد إذ أنكروه...)، (5) ويقول سيد المتقين و العابدين الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): ( اللهم فصل على محمد أمينك على وحيك، ونجيبك من خلقك، وصفيك من عبادك، إمام الرحمة، وقائد الخير، ومفتاح البركة ما نصب لأمرك نفسه، وعرض فيك للمكروه بدنه، وكاشف في الدعاء إليك حامته، (6) وحارب في رضاك أسرته، وقطع في إحياء دينك رحمه، وأقصى الأدنين على جحودهم، وقرب الأقصين على استجابتهم لك، ووالى فيك الأبعدين وعادى فيك الأقربين، وأدب نفسه، (7) في تبليغ رسالتك، وأتعبها بالدعاء إلى ملتك، وشغلها بالنصح لأهل دعوتك، وهاجر إلى بلاد الغربة، ومحل النأي عن موطن رحله، وموضع رجله، ومسقط رأسه، ومأنس نفسه، إرادة منه لإعزاز دينك، واستنصارا على أهل الكفر حتى استتب له ما حاول في أعدائك، (8)).

إن إيمان الشيعة بالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) كإيمان بقية المسلمين بأنه رسول الله اصطفاه لدينه، واختصه لوحيه وانتخبه لهداية عباده، وقد لقي (صلى الله عليه وآله) أقسى المحن، وأشق أهوال الخطوب من القبائل القرشية التي كفرت بالله وعبدت الأوثان وظلت عاكفة عليها، وبعد أن عز الله دينه ونصر رسوله دخلت في الإسلام كرها، وأضمرت في نفوسها الكفر بالله والجحود لرسالة نبيه.

الإمامة:

وهي عند الشيعة أصل من أصول الإسلام كالنبوة، بل هي امتداد لعطائها، واستمرار لمناهجها، وهي من ضروريات الدين لما فيها من المنافع التي لا غنى عنها كهداية الناس وتهذيب سلوكهم، وإقامة ما أعوج من نظام الدين والدنيا، ونتحدث ـ بإيجاز عن بعض شؤونها حسب ما تؤمن به الشيعة.

الإمامة بالنص:

وتعتقد الشيعة أن الإمام لا يكون إلا بالنص من الله تعالى فهو الذي يختار لمنصب الإمامة من يشاء من عباده الصالحين وليست خاضعة لاختيار الناس وانتخابهم الذي لم يكن في كثير من الأحوال متفقا مع الصالح العام، وإنما كان ناشئا من الرغبات والميول الخاصة التي لا تنشد صالح الأمة، وما الأزمات الحادة، والكوارث المفجعة التي دهمت العالم الإسلامي إلا من النتائج المباشرة لفصل الخلافة عن النص.

عصمة الأئمة:

ونعت بعض الفرق الإسلامية على الشيعة التزامها بعصمة أئمتهم ، وقاسوا الأئمة الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بغيرهم من أبناء الإنسان الذين يخضعون لشهواتهم ورغباتهم ويقترفون الذنوب عن عمد وخطأ وهذا القياس لا نصيب له من الصحة، وبعيد عن الواقع كل البعد فإن من يتصفح سيرة الأئمة الطاهرين يجدها مشرقة كالشمس، لم تلوث بأي مأثم من مآثم هذه الحياة، وقد وفقني الله ـ وله الحمد ـ على التأليف والبحث عن مسيرة حياتهم، فما وجدت في أثناء تأليفي التي استغرقت زهاء أربعين عاما إلا هالة من النور والسمو والكرامة سيرة كل واحد منهم ن الطابع العام في حياتهم تقوى الله تعالى وطاعته والتحرج في الدين، ولم يسجل التأريخ في سيرة واحد منهم انحرافا أو ذنبا اقترفوه، وإنما سجل المؤرخون صفحات من الانقطاع إلى الله والتبتل إليه، والإغراق في طاعته، والصبر على ما أصابهم من الكوارث التي صبها عليهم الطغاة من حكام عصورهم، ومن الطبيعي أن هذه هي العصمة.

علم الأئمة:

وتؤمن الشيعة بأن أئمة الهدى (عليهم السلام) قد منحهم الله العلم والحكمة وفصل الخطاب، ميزهم على بقية خلقه بهذه الظاهرة. فسيد الأئمة الإمام أمير المؤمنين باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي أضاء سماء الدنيا بعلومه وعبقرياته وهو القائل (سلوني قبل أن تفقدوني) وقد فتح أبواب ما يزيد على ثلاثين علما ـ كما يقول العقاد ـ وقد قال: لو ثنيت لي الوسادة لأفتيت أهل التوارة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل القرآن بقرآنهم.... وهو بإجماع المسلمين أعلم أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وأبصرهم بشؤون الدين، وأحكام الإسلام.

وإذا استعرضنا بقية الأئمة (عليهم السلام) فإنا نرى أعلم من كان في عصرهم من العلماء والمتمرسين في جميع أنحاء العلوم. فالإمام الصادق ـ مثلا ـ هو صاحب الجامعة الكبرى التي ضمت أربعة آلاف طالب، كان يحاضر في جميع أنواع العلوم من الفلسفة وعلم الطب وغيرها، وقد كان من تلاميذه جابر بن حين مفخرة الشرق العربي، ومؤسس علم الكيمياء، وينص في رسائله التي بلغت خمسمائة رسالة أن جميع ما عنده من العلوم قد استقاه من سيده وإمامه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

وهكذا بقية الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) كانوا من أعاظم علماء الدنيا، وقد أراد المأمون إبطال ما تذهب إليه الشيعة من أن أئمتهم لا يدانيهم أحد في علمهم، وأنهم أفضل علماء الدنيا، فجلب جميع العلماء من مختلف أنحاء الأرض واجتمع بهم سرا، ووعدهم بالثراء العريض إذا أفحموا الإمام الرضا (عليه السلام)، وعجز عن أجوبة مسائلهم، فأعدوا له أعقد المسائل، وأكثرها صعوبة من جميع أنواع العلوم من الطب والفيزياء والفقه، والكيمياء والفلسفة وعلم الكواكب وغيرها، وقد سئل عما يزيد على عشرين ألف مسألة، فأجاب عنها جواب العالم المتخصص، وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بإمامته، وأنه من حجج الله تعالى على عباده، وأنه ليس في الدنيا أحد يساويه في علمه، وقد أخذت الأندية تتحدث عن عظيم فضل الإمام مما اضطر المأمون إلى حجبه عن الناس، وخاف من وقوع الفتنة، وكان ذلك من الأسباب التي أدت إلى اغتياله للإمام (عليه السلام)، وقام المأمون بنفس هذا الدور ومع الإمام الجواد (عليه السلام) الذي كان عمره الشريف لا يتجاوز التسع سنين وهو لا يسمح لمثل هذا السن أن يسأل عن جميع أنواع العلوم والمعارف فيجيب عنها جواب العالم الخبير، وقد سأله العلماء في نوب متفرقة عما يزيد على عشرين ألف مسألة فأجاب عنها بلا تردد‘ وقد ذكر ذلك جميع من ترجم الإمام(9)، وقد زاد ذلك الشيعة إيمانا بصحة ما يذهبون إليه من أن الأئمة (عليهم السلام) قد فاقوا جميع علماء الدنيا في علومهم ومواهبهم وعبقرياتهم.

وجوب التمسك بالأئمة:

وتذهب الشيعة إلى وجوب التمسك بأئمة أهل البيت (عليهم السلام) ولزوم مودتهم متبعة في ذلك النصوص من القرآن الكريم كقوله تعالى: (قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وغير هذه الآية، ومن السنة المقدسة المتواترة كحديث الثقلين وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله): (أيها الناس إني فرطكم وأنتم واردي على الحوض وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما. فقالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا وعترتي أهل بيتي(10)).

وقد ضمن النبي في هذا الحديث الشريف عدم الضلال لكل من تمسك بالثقلين قد جعلهما كشيء واحد، وأنهما معا مصدر هداية للأمة وسعادة على امتداد التاريخ. وأن البارز من مودتهم أخذ أحكام الدين وشؤون الشريعة المقدسة منهم.

عدد الأئمة:

وتحكي معظم كتب الحديث سلسلة خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) الإثني عشر الذين أقامهم الرسول (صلى الله عليه وآله) أوصياء من بعده، وأمناء على تبليغ رسالته، وإشاعة مثله وآدابه، وذلك في نصوص نبوية متواترة منها ما رواه جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة، ويكون عليهم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش)(11).

وصرحت بعض النصوص بأسمائهم إماما بعد إمام، أولهم أمير المؤمنين وآخرهم قائم آل محمد، وهذه أسماؤهم الشريفة:

1 ـ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).

2 ـ الإمام الحسن (عليه السلام).

الإمام الحسين (عليه السلام).

4 ـ الإمام زين العابدين (عليه السلام).

5 ـ الإمام محمد الباقر (عليه السلام).

6 ـ الإمام الصادق (عليه السلام).

7 ـ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام).

8 ـ الإمام الرضا (عليه السلام).

9 ـ الإمام محمد الجواد (عليه السلام).

10 ـ الإمام علي الهادي (عليه السلام).

11 ـ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

12 ـ الإمام المهدي (عليه السلام).


الهوامش:

1- النظام التربوي في الإسلام (ص 229).

2- الله والعلم الحديث.

3- الله والعلم الحديث.

4- سورة القيامة، الآية 3.

5- نهج البلاغة محمد عبده الجزء الثالث.

6- حامته: خاصته وأسرته.

7- أدب: أي أتعب نفسه.

8- الصحيفة السجادية.

9- عرضنا لذلك بصورة مفصلة في كتابنا (حياة الإمام محمد الجواد).

10- تاريخ اليعقوبي 2/109 وجاء بألفاظ مختلفة في صحيح مسلم 2/362 ومسند أحمد 3/17.

11- صحيح مسلم 2/119، صحيح البخاري 4/164 ورواه أبو داوود والترمذي في جامعه، والحميدي في جمعه بين الصحيحين، وفي تفصيل صحيح مسلم للحديث أنه صريح مما تقول الإمامية في أئمتهم.


source : تبیان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المُناظرة الثاني والخمسون /مناظرة السيد محمد ...
قاعدة التسليط
البَضْعة الزكيّة
محبة الرسول واله صلى الله عليه وآله
سؤال القبرفي کلام امير المؤمنين
إبراهيم عليه السلام أول الموحدين
مما يهوِّن هول المحشر
مفهوم الإنتظار
نظرة متطورة الى الاقتصاد عند الطهطاوي
ما يصح السجود عليه

 
user comment