إنّ المحقّق الخوئي بعد ما طرح تفسير الإرادة بالعلم والابتهاج والرضا ونقدهما، حاول أن يفسّر الإرادة الإلهية بإعمال القدرة، فقال: إنّ الإرادة لا تخلو من أن تكون بمعنى إعمال القدرة، أو بمعنى الشوق الأكيد ولا ثالث لهما، وحيث إنّ الإرادة بالمعنى الثاني لا تعقل لذاته سبحانه، يتعيّن الإرادة بالمعنى الأوّل له سبحانه وهو المشيئة وإعمال القدرة.(1)
وقال في موضع آخر: إنّ أفعال العباد لا تقع تحت إرادته سبحانه وتعالى ومشيئته .
والوجه ما تقدّم بشكل مفصّل، من أنّ إرادته تعالى، ليست من الصفات العليا الذاتية، بل هي من الصفات الفعلية التي هي عبارة عن المشيئة وإعمال القدرة.(2)
يلاحظ عليه أوّلاً:أنّ تفسير الإرادة بإعمال القدرة يرجع إلى كونها من صفات الفعل، ومعنى ذلك خلوّ الذات عن ذلك الكمال الوجودي وهو يستلزم تصوّر الأكمل والأفضل من الواجب.
وثانياً: أنّ القول بأنّ أفعال العباد خارجة من متعلّق الإرادة الإلهية مخالف للبرهان، فإنّ الفعل ممكن كذاته، فكما أنّ الذّات تتعلّق به الإرادة الإلهية، فهكذا الفعل وإلاّ يلزم تحديد سلطانه سبحانه، وتحقّق بعض الأشياء بلا إرادة منه وهو كما ترى، وقد ورد في غير واحد من الروايات الردّ على تلك الفكرة.
روى هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ قال: «إنّ اللّه أكرم من أن يكلّف الناس ما لا يطيقون، واللّه أعزّ من أن يكون في سلطانه ما لا يريد».(3)
يقول سبحانه: (وَما تَشاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ ربّ العالَمِين).(4)
ويقول سبحانه:(وَماكانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّ بإِذْنِ اللّه).(5)
إلى غير ذلك من الروايات والآيات الدالّة على أنّ أفعال العباد غير خارجة عن إرادته سبحانه بها، وأمّا كيفيّة الجمع بين عموم إرادته والقول بالاختيار،فسيوافيك بيانه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المحاضرات:2/37.
2- المحاضرات:2/72.
3- بحارالأنوار:5/41، كتاب العدل والمعاد، الحديث64.
4- التكوير:29.
5- يونس:100.
source : اهل بیت