1- الملائكة
ومفرده الملك: صنف من خلق اللّه لهم اجنحة وحياة وموت, وهم عباد يعبدونه ويعملون بامره, ولا يعصونه, واحيانا يتمثلون بصورة انسان عند اداء واجبهم, ويختار اللّه منهم رسله, كما اخبر تعالى عن كل ذلك وقال عز اسمه في:
اـ سورة فاطر:
(الحمد للّه فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء ان اللّه على كل شيء قدير) (الاية 1).
ب ـ سورة الزخرف:
(وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا اشهدوا خلقهم) (الاية 19).
ج ـ سورة الشورى:
(والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض) (الاية 5).
د ـ سورة النحل:
(يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) (الاية 50).
وقال عن تمثلهم بصورة الانسان:
1 ـ لمريم (ع) في سورة مريم:
(فـارسـلـنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا) (الايات 17 ـ 19).
2 ـ لانزال العذاب على قوم لوط (ع) في سورة هود:
(ولـقـد جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ فلما راى ايـديـهـم لا تصل اليه نكرهم واوجس منهم خيفة قالوا لا تخف انا ارسلنا الى قوم لوط ولما جاءت رسـلـنـا لـوطا سي ء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب قالوا يالوط انا رسل ربك لن يصلوا اليك) (الايات 69 ـ 81).
3 ـ لنصرة المسلمين كمقاتلين في غزوة بدر:
في سورة الانفال:
(اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بالف من الملائكة مردفين) (الاية 9).
وجاء بعدها:
(اذ يـوحـي ربـك الـى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان) (الاية 12).
وفي سورة آل عمران:
(اذ تـقـول لـلمؤمنين الن يكفيكم ان يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى ان تصبروا وتـتقوا وياتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) (الايتا124 ـ 125).
ويختار منهم رسلا كما قال تعالى في سورة الحج:
(اللّه يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) (الاية 175).
ومنهم من يرسلهم بالوحي كما قال تعالى في:
ا ـ سورة التكوير:
(انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم امين) (الاية 19 ـ 21).
ب ـ سورة البقرة:
(قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن اللّه) (الاية 97).
ج ـ سورة الشعراء:
(وانـه لـتـنـزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين) (الايات 192 ـ 194).
د ـ سورة النحل:
(قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت به الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين) (الاية 102).
هـ ـ سورة البقرة:
(وآتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس) (الايتان 87 و253).
وينزلون بالتقدير في ليلة القدر, كما قال سبحانه في سورة القدر:
(تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر) (الاية 4).
ومنهم الرقيب العتيد للانسان, كما قال سبحانه في سورة ق:
(ولـقـد خلقنا الانسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) (الايات 16 ـ 18).
ومنهم ملك الموت, كما قال سبحانه في سورة السجدة:
(قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون) (الاية 11).
ومنهم اعوان ملك الموت, كما قال سبحانه في:
ا ـ سورة الانعام:
(حتى اذا جاء احدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون) (الاية 61).
ب ـ سورة النحل:
(الـذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم فالقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى ان اللّه عليم بما كنتم تعملون فادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها) (الايتان 28 ـ 29).
(الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) (الاية 32).
واخبر اللّه سبحانه عن شانهم يوم القيامة, وقال في:
ا ـ سورة المعارج:
(تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة) (الاية 4).
ب ـ سورة النبا:
(يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا) (الاية 38).
وفرض اللّه علينا وجوب الايمان بهم كما قال تعالى في سورة البقرة:
(لـيـس الـبـر ان تـولـوا وجـوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن باللّه واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين) (الاية 177).
وقال فيها ايضا:
(من كان عدوا للّه وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان اللّه عدو للكافرين) (الاية 98).
شرح الكلمات.
ا ـ فاطر:
فطر اللّه الخلق: خلقهم وبداهم فهو فاطر.
ب ـ حنيذ:
حنذ اللحم: شواه بين حجرين فاللحم حنيذ.
ج ـ نكرهم:
استوحش منهم ونفر.
د ـ مردفين:
اردفه: اركبه خلفه وهو مردف.
وملائكة مردفين: اي ياتون فرقة بعد فرقة متتابعين.
هـ ـ ثبتوا:
ثبت: دفع عنه اسباب الوهن والتزعزع وقواه وابقاه مستقرا.
و ـ مسومين:
سوم الشي ء: معلمين انفسهم او خيولهم بعلامات.
والملائكة مسومين: معلمين انفسهم او خيولهم بعلامات.
ز ـ مكين:
مكين من الملائكة: عظيم القدر والمنزلة.
ومكين هنا بمعنى صاحب قرب ومنزلة عند اللّه.
ح ـ مطاع:
مطاع من الملائكة: الملك الذي يامر اعوانه من الملائكة فيطيعونه.
ط ـ البينات:
آيات بينات: واضحات ظاهرات.
ي ـ حبل الوريد:
تشبيه لعرق الوريد بالحبل.
ك ـ المتلقيان:
الملكان الموكلان بمراقبة الم ءر وتسجيل ما ياخذانه عنه من اقوال وافعال في كتاب يلقاه يوم القيامة منشورا.
ل ـ رقيب:
حافظ مراع.
م ـ عتيد:
اعددت الشيء واعتدته: احضرته وهياته للامر فهو معتد وعتيد.
ن ـ توفاهم:
توفى اللّه او الملك الانسان, اذا قبض روحه باماتته.
س ـ الروح:
الـروح: ما به حياة الاجساد واذا خرج من الانسان او الحيوان مات, ولا يمكننا معرفة حقيقته, كما اشار اللّه تعالى الى ذلك وقال في سورة الاسراء:
(ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا) (الاية 85).
ويضاف الى اللّه تشريفا او بمعنى الملك, مثل قوله تعالى للملائكة:
1 ـ في خبر خلق آدم (ع) في سورة الحجر:
(فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (الاية 29).
2 ـ في خبر خلق عيسى بن مريم (ع) في سورة التحريم:
(ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا) (الاية 12).
فـان مـثـل نـسبة الروح الى اللّه هنا كمثل نسبة البيت الى اللّه في قوله لابراهيم في سورة الحج: (وطـهـر بـيتي للطائفين) (الاية 26), فان اضافة البيت الحرام الى اللّه تشريفا له عن سائر بقاع الارض, وكذلك شان اضافة الروح الى اللّه في الايتين المذكورتين.
والروح ـ ايضا: ما به حياة النفوس وهداها, مثل الوحي والنبوة والشرايع الالهية والقرآن خاصة, كما قال سبحانه في:
1 ـ سورة النحل:
(ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده) (الاية 2).
2 ـ سورة الشورى:
(وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا) (الاية 52).
ان الروح الذي اوحي الى رسول اللّه هو القرآن, والروح غير الملائكة, كما ورد ذكره في قوله تعالى في:
1 ـ سورة القدر:
(تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر) (الاية 4).
2 ـ سورة المعارج:
(تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة) (الاية 4).
وسياتي بيانه عن الامام علي (ع) ان شاء اللّه تعالى.
ع ـ الامين:
الامـين: هو الثقة المئتمن على تبليغ الوحي, وقد وصف اللّه الملك الروح بالامين في قوله تعالى في سورة الشعراء:
(نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين) (الايتان 193 ـ 194).
ف ـ القدس:
قـدس قـدسا: طهر, وروح القدس: روح الطهر, وقد وصف اللّه الملك الروح ـ ايضا ـ بالقدس في قوله تعالى:
1 ـ في سورة البقرة:
(وآتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس) (الايتان 87 و253).
2 ـ في خطابه لخاتم الانبياء (ص) في سورة النحل:
(قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين) (الاية 102).
ص ـ تعرج:
عرج الشي ء عروجا: ارتفع وعلا, وعرج مثل درج بمعنى مشى مشي الصاعد في درجه.
تخيلات عن عالم الغيب
فـي امثال هذه البحوث عن عوالم الغيب كثيرا ما تجري من قبل اناس في مختلف مستويات المعرفة مـحـاولات مـتـنوعة لمعرفة ما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف من ذكر عوالم ما وراء المحسوس قياسا على المشهور من عالم المادة, فيهيمون في عالم الخيال, ويسمون تخيلاتهم بالعلم والمعرفة وفي ما ياتي نبين سبب ذلك باذنه تعالى:
وسائل العلم والمعرفة
ان وسـائلـنـا لـمعرفة الاشياء والعلم بها في ما عدى ما ذكرنا من الاستنتاج العقلي في بحث الميثاق تنحصر في نوعين:
الـنـوع الاول: مـا نـمـيـزه بحواسنا, وبما ان حواسنا خلقت لنميز بها الموجود في عالمنا المادي المحسوس بالحواس, فهي لا تعمل في غير عوالم المحسوسات المادية.
الـنـوع الـثاني: ما نعرفه عن طريق النقل والحكاية, مثل ما نعلم بما في بلد لم نره عن طريق النقل والـحـكـاية, وتحد معلوماتنا في هذا النوع بحدود المنقول لنا, ويحصل لنا هذا النوع من المعرفة بثبوت صدق ناقل الخبر عما يحدث به.
ومـن هـذا النوع من المعرفة ما حدثت به رسل اللّه وانبياؤه صلوات اللّه عليهم اجمعين عن عوالم السموات فوق النجوم والكواكب وعالم الملائكة وعالم الجن ومشاهد يوم القيامة, وفوق كل ذلك ما حدثونا به من صفات اللّه تقدست اسماؤه, ويحد هذا النوع من العلم بحدود ما ينقلونه لنا, بعد ان ثبت لدينا صدق نبوتهم ورسالتهم عن اللّه سبحانه وتعالى ولا يمكن ان نخضع اي شي ء مما حدثونا به عن تلكم العوالم بتشخيص حواسنا له والعقل بعد ذلك يحكم بصحة الاحساس والنقل او عدم صحتهما.
خلاصة البحث
الـمـلائكـة صنف من خلق اللّه وجنوده وعباده, لهم اجنحة وحياة وموت, وارادة وعقل ويتمثلون احـيـانا في صورة انسان عند اداء واجبهم, وهم على درجات من الفضل مثل: الروح الامين, وروح القدس, ويختار اللّه منهم رسل لتبليغ الوحي, وانزال مقدرات الانسان في ليلة القدر, ومنهم الملكان الـلـذان يـسجلان عمل الانسان, ومنهم ملك الموت واعوانه, ويحشرون يوم القيامة, ويقومون بما يامرهم اللّه به ولا يعصونه. ولما كانت وسائلنا للعلم والمعرفة تنحصر بنوعين:
ا ـ المشاهد المحسوس: وهذا ما نعرفه ونميزه بتشخيص الحواس له.
ب ـ الـمـنـقول لنا: مثل ما ينقل لنا عن امور في بلد لم نره, ويشترط في طريق المعرفة الثانية ان نطمئن الى صدق ناقل الخبر لنا.
وبـمـا ان عـوالـم الملائكة والجن والروح ويوم القيامة وبدء الخلق ليست من العوالم المحسوسة المشهودة لنا, فلا طريق لنا لمعرفتها الا بما تنقله رسل اللّه لنا بعد ان ثبت صدق رسالته من قبل اللّه وما تقوله اصحاب النظريات عن هذه العوالم ان هو الا تخيلات وظنون لا تغني من الحق شيئا.
ومـا جاء من قوله تعالى: (وكان عرشه على الماء) و(ثم استوى الى السماء وهي دخان) لا يعني ان ذلك الماء كان مثل الماء الذي نشاهده اليوم على الارض مكونا من (اوكسجين وهايدروجين) بالنسب الـمعينة, وان الدخان كان متصاعدا من النار كالدخان الذي نشاهده اليوم, بل قد يكون المراد تشبيه ذلـك الـماء بالماء الذي نشاهده اليوم, والدخان بالدخان الذي نشاهده اليوم متصاعدا من النار, وسوف يـاتـي معنى العرش في بحث الربوبية ان شاء اللّه تعالى, ونذكر معنى السماء والسموات في القرآن الكريم في البحث الاتي بحوله تعالى.
2- السموات, والارض وسماؤها
اولا ـ السماء والسموات:
ا ـ السماء.
1 ـ في اللغة العربية:
سـمـا الشي ء يسمو سموا وسماء: علا وارتفع وتطاول, وسما كل شي اعلاه, وكل شي اظلك فهو سماء.
2 ـ في القرآن الكريم:
جاء ذكر السماء بلفظ الواحد في القرآن الكريم, واريد به تارة الجو الذي فوق الارض ومحيط بها, مثل قوله تعالى في:
1 ـ سورة النحل:
(الم يروا الى الطير مسخرات في جو السماء) (الاية 79).
2 ـ سورة البقرة:
(وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم) (الاية 22).
وان الانـسـان يرى بالعين المجردة كيف يطير الطير في جو سماء الارض, وكيف ينزل الغيث من الغمام المسخر في سماء الارض, وقد يصعد الانسان جبلا فيرى الشمس في السماء اعلاه تشرقه والغمام دونه في سماء الارض التي تعلو الارض وتحيط بها.
وتـارة ياتي لفظ السماء في القرآن الكريم ويراد به ما علا الارض من الكواكب والسموات السبع, كما قال سبحانه في:
1 ـ سورة البقرة:
(ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سموات) (الاية 29).
2 ـ سورة النمل:
(وما من غائبة في السماء والارض الا في كتاب مبين) (الاية 75).
3 ـ سورة الانبياء:
(يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) (الاية 104).
فـان المراد من السماء في هذه الايات كل ما علا الارض وكانت الارض تحته, اي السموات السبع وما دونها مما علا الارض.
ب ـ السموات:
جاء لفظ السموات في القرآن الكريم واريد به السموات السبع, كما قال سبحانه في سورة البقرة:
(هـو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شي ء عليم) (الاية 29).
ثانيا ـ الارض:
جـاء ذكر الارض في القرآن الكريم (451) مرة بلفظ الواحد, وورد معطوفا على السموات مرة واحدة, في قوله تعالى في سورة الطلاق:
(اللّه الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن) (الاية 12).
ونـفـهم من التماثل بينهما هنا التماثل في الخلق وليس في العدد, واذا اكتشف للارض سبع طبقات, عـنـدئذ لـقـائل ان يقول بان المراد من التماثل بين السموات السبع والارض تماثل في عدد طبقات الارض.
والسماء وسماء الارض هو الجو المحيط بالارض والذي مر ذكره في سورة النحل / 79.
ثالثا ـ بدء الخلق:
جـاء ذكـر بدء خلق السموات والارض في آيات متعددة, ولا بد من اخذ تفسيرها ممن قال اللّه في شانه في سورة النحل:
(وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس مانزل اليهم) (الاية 44).
وقد رويت احاديث كثيرة في بيان بدء الخلق عن رسول اللّه (ص), غير ان تلك الاحاديث لم تدرس من قبل العلماء سندا ومتنا, مثل احاديث الاحكام وآيات الاحكام, ولا يتسع المجال هنا لدراستها.
واذا اقـتـصرنا في دراسة بدء الخلق على ما يفهم من ظواهر الايات مع الاستفادة مما تطمئن النفس الى صحته من الروايات, او ما يغلب على الظن صحتها, نستعين اللّه ونقول:
بدء الخلق
وصف اللّه سبحانه وتعالى بدء الخلق وما كان بعده بقوله في:
ا ـ سورة هود:
(وهو الذي خلق السموات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء) (الاية 7).
ب ـ سورة يونس:
(ان ربكم اللّه الذي خلق السموات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يدبر الامر) (الاية 3).
ج ـ سورة الفرقان:
(الـذي خـلـق السموات والارض وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش الرحمن فاسال به خبيرا) (الاية 59).
د ـ سورة الانبياء:
(اولـم يـر الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شي ء حي افلا يؤمنون) (الاية 30).
هـ ـ سورة البقرة:
(هـو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شي ء عليم) (الاية 29).
و ـ سورة فصلت:
(قـل ائنـكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسـي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين واوحـى في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم) (الايات 9 ـ 12).
ز ـ سورة الطلاق:
(اللّه الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن) (الاية 12).
ح ـ سورة النازعات:
(ءانتم اشد خلقا ام السماء بناها رفع سمكها فسواها واغطش ليلها واخرج ضحاها والارض بعد ذلك دحاها اخرج منها ماءها ومرعاها والجبال ارساها متاعا لكم ولانعامكم) (الايات 27 ـ 33).
ط ـ سورة الشمس:
(والسماء وما بناها والارض وما طحاها) (الايتان 5 ـ 6).
ي ـ سورة الحجر:
(والارض مددناها والقينا فيها رواسي وانبتنا فيها من كل شي ء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين) (الايتان 19 ـ 20).
ك ـ سورة طه:
(الذي جعل لكم الارض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وانزل من السماء ماء فاخرجنا به ازواجا من نبات شتى كلوا وارعوا انعامكم ان في ذلك لايات لاولي النهى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى) (الايات 53 ـ 55).
ل ـ سورة البقرة:
(الـذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا للّه اندادا وانتم تعلمون) (الاية 22).
م ـ سورة نوح:
(الم تروا كيف خلق اللّه سبع سموات طباقا) (الاية 15).
(واللّه جعل لكم الارض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا) (الايتان 19 ـ 20).
ن ـ سورة الغاشية:
(افـلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الارض كيف سطحت) (الايات 17 ـ 20).
س ـ سوره النمل:
(امـن خـلق السموات والارض وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا شجرها ءاله مع اللّه بل هم قوم يعدلون امن جعل الارض قرارا وجعل خلالها انهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا ءاله مع اللّه بل اكثرهم لا يعلمون) (الايتان 60 ـ 61).
ع ـ سورة الانبياء:
(وجعلنا في الارض رواسي ان تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون) (الايتان 31 ـ 32).
ف ـ سورة المرسلات:
(الم نجعل الارض كفاتا احياء وامواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات) (الايات 25 ـ 27).
ص ـ سورة يونس:
(هـو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ماخلق اللّه ذلـك الا بـالـحـق يفصل الايات لقوم يعلمون ان في اختلاف الليل والنهار وما خلق اللّه في السموات والارض لايات لقوم يتقون) (الايتان 5 ـ 6).
شرح الكلمات
ا ـ اليوم:
ياتي اليوم بمعنى الزمن الممتد من طلوع الفجر او الشمس الى غروبها.
وكـذلـك الـزمـان الـمقرون به حدث من الاحداث, ومنها ايام الحروب وان امتدت الى ايام مثل يوم الخندق, ويوم صفين.
ب ـ ثم:
ثم: يدل على تاخر ما بعده عما قبله بالزمان او المرتبة او المكان.
فالاول: مثل قوله تعالى في سورة الحديد:
(ولقد ارسلنا نوحا وابراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم) (الايتان 26 ـ 27).
والثاني: مثل ما جاء في جواب رسول اللّه (ص) لرجل ساله وقال:
من ابر؟ قال: امك.
قال: ثم من ؟.
قال: امك.
قال: ثم من ؟.
قال: اباك.
والثالث: قولك: ذهبت من بغداد الى كربلاء ثم النجف.
ج ـ الدخان:
الدخان: ما يكون مع لهيب النار, وقد يقال للبخار وما على صورته: الدخان.
د ـ استوى:
اسـتـوى عـليه: استولى عليه, واستوى اليه: انتهى اليه, وياتي مزيد بيان لمعناه ومعنى (الرحمن) و(العرش) و(سواه) في بحث صفات الرب بعيد هذا ان شاء اللّه تعالى.
هـ ـ الرتق:
الرتق: الضم والالتئام.
و ـ جعل:
تاتي جعل بمعنى خلق واوجد, مثل قوله تعالى:
ا ـ في سورة المائدة:
(اذكروا نعمة اللّه عليكم اذ جعل فيكم انبياء) (الاية 20).
ب ـ في سورة النحل:
(وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر) (الاية 81).
وبمعنى صيره, مثل قوله تعالى في سورة البقرة:
(الذي جعل لكم الارض فراشا) (الاية 22).
وبمعنى شرع وحكم وقدر, مثل قوله تعالى في سورة المائدة:
(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) (الاية 48).
وبمعنى سخر: اي هداه تسخيرا, مثل قوله تعالى في سورة الانعام:
(وجعلنا الانهار تجري من تحتهم) (الاية 6).
اي وهدينا الانهار تسخيريا لتجري من تحتهم.
ز ـ الرواسي:
الرواسي: مفرده الراسي: الجبل الثابت الراسخ.
وارساه: اثبته وارسخه في موضعه.
ح ـ قضاهن:
قضاهن: هنا بمعنى قدرهن واتم خلقهن.
ط ـ اوحى في كل سماء امرها:
عـلم ملائكة كل سماء الامر الذي خلقهم من اجل القيام به وسخر سائر ما خلق فيها ان يسرن وفق النظام الذي قدره لهن.
ي ـ بناها:
بنى البيت: اقامه.
وفي الاية: خلقها مسواة محكمة.
ك ـ السمك:
السمك: السقف, ومسافة الشي ء من اسفله الى اعلاه, واذا قصد ذكر المسافة من الاعلى الى الاسفل قيل: العمق.
ل ـ سوى:
سواه: جعله على كمال واستعداد لما انشئ من اجله.
م ـ اغطش:
اغطشها: اظلمها.
ن ـ الضحى:
الضحى: طلوع الشمس وصفاء ضوئها, وارتفاع النهار.
واخرج ضحاها: ابرز نهارها.
س ـ دحاها:
دحـا الـشـيء: ازاله عن موقعه, بسطة ومهده والارض دحاها: بسطها ومهدها للسكنى والتقلب في اقطارها.
ع ـ طحاها:
طحاها: بسطها.
ف ـ مددناها:
مد: بسط في طول واتصال وفي الاية: بسطناها ومهدناها للعيش عليها.
ص ـ موزون:
الوزن: تقدير الاجسام بما يعادله في الثقل او في الطول والعرض او في الحرارة والبرودة.
ووزن الشي ء: قدره بما يعادله, فهو موزون والمعنى في: وانبتنا فيها من كل شي ء موزون اي:
انبتنا في الارض من كل شي ء ما يتناسب مع محيطه ولما خلق من اجله, وعلى قدر الحاجة اليه, وبما تقتضيه الحكمة في ذلك.
تفسير الايات
معنى الايات حسب ظواهر معاني الفاظها, واللّه اعلم:
ان اللّه تـعـالـى, قـبل ان يخلق السموات والارض, كان قد خلق ماء, لا يعرف حقيقته غيره, وكان عرشه على ذلك الماء وحده, اي ان الملائكة الذين يعملون بامره كانوا على ذلك الماء, ولما اقتضت مـشـيـئته وحكمته ـ تبارك وتعالى ـ ان يخلق ما عداه, بدا خلق الارض من ذلك الماء قبل ان يخلق الـسـمـاء, ثم بدا خلق السماء من بخار الارض ولهيبها, وتصاعد ذلك البخار او الدخان من الارض, وكـذلـك فتق اللّه السماء من الارض ـ واللّه اعلم ـ بعد ان كانتا رتقا, اي منظمتين, وصار ذلك الدخان او البخار للارض سماء, وفتق تلك السما وجعلها سبع سماوات طباقا.
ونجد هذا التفسير في كلام الامام علي (ع), حيث قال:
(جـعـل مـن مـاء الـبـحـر الـزاخـر يـبـسا جامدا, ثم فطر منه اطباقا, ففتقها سبع سماوات بعد ارتتاقها).
واتم اللّه خلق السموات والارض في ستة ايام: اي ستة مراحل عمل كالاتي بيانه:
اولا ـ خلق الارض:
خـلق اللّه الارض في يومين وجعل فيها جبالا راسيات, وفي تمام الاربعة ايام خلق الشمس في جو الـسـمـاء, واجرى الماء على وجه الارض, ثم قدر سائر الاقوات من النبات وغيره, اي جعل في طـبـيعة الماء وطبيعة كل ذي حياة ان يخلق من الماء, ثم استوى الى السماء, اي بدا خلق السماء بعد خلق الارض, وكانت السماء دخانا او بخارا, فارتفع ذلك البخار من بحار الارض, او ذلك اللّه يب من براكين الارض, وفتق اللّه السماء عن الارض بعد ان كانتا رتقا, ورفع سمك السماء على الارض ـ واللّه اعلم ـ ثم قال لتلك السماء والارض:
(ائتيا طوعا او كرها, قالتا اتينا طائعين).
فاتت السماء بما فيها من المجرات وكواكب المجرات, وغيرها, مما اللّه بها عليم, ثم دحا الارض, اي ابعدها من قرب السماء وبسطها وجعل فيها الانهار والاشجار وسائر النباتات ثم الحيوانات.
وقـضـى, اي جـعل السماء التي كانت بعد فتقها عن الارض, فوق الارض, سبع سموات في يومين, واوحى في كل سماء امرها: اي نظام سيرها لادامة بقائها وزين سماء الدنيا بمصابيح وهي الكواكب, وجعل من الكواكب ما يحفظها من استراق سمع الشياطين, كما ياتي بحثه, ان شاء اللّه تعالى.
وجـعـل الـشمس مضيئة والقمر منيرا, وقدر القمر منازل في مسيره, ينزل كل ليلة منزلا غير ما نـزلـه في الليلة السابقة, ويبتعد عن الشمس حتى يوافيها من الجانب الاخر في شهر قمري كامل, وبـذلـك تتكون الشهور والسنون ليعلم الناس عدد السنين والحساب وانبت في الارض من كل شي ء موزون, وجعل الارض مهدا للانسان يجمع فيها احياءه وامواته, ومنها يحشره يوم القيامة.
وبـنـاء على ما ذكرنا, نستنبط من الايات المذكورة ان الارض متقدمة زمانا على السماوات ومقدمة رتبة ـ ايضا ـ على ما عداها مما خلق اللّه, بما خلق عليها من الانبياء والاوصياء والاولياء, وان اللّه تعالى قد خلق جميع ما في السماوات والارض لنفع اهل الارض لمقام اوليائه عليها, فقد قال سبحانه في:
ا ـ سورة لقمان:
(الم تروا ان اللّه سخر لكم ما في السموات وما في الارض) (الاية 20).
ب ـ سورة الجاثية:
(وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا) (الاية 13).
ونستنبط من الايات المذكورة ـ ايضا ـ ان خلق اقوات الانسان من الماء واللحوم والنبات متقدم على خلق الانسان, كما صرحت الايات بان الجن خلقوا من نار السموم قبل خلق الانس من الطين, وكذلك الملائكة خلقوا قبل الانسان, لانه سبحانه وتعالى قال في سورة الحجر:
(ولـقد خلقنا الانسان من صلصال من حما مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم واذا قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من صلصال) (الايات 26 ـ 28).
نيا ـ الكواكب
اخبر اللّه تعالى عن البروج والكواكب والشهب فقال في:
ا ـ سورة الحجر:
(ولـقـد جـعـلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم الا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين) (الايات 16 ـ 18).
ب ـ سورة الصافات:
(انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد.
لا يسمعون الى الملا الاعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب الا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب) (الايات 6 ـ 10).
ج ـ سورة الفرقان:
(تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا) (الاية 61).
د ـ سورة يونس:
(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب)(الاية 5).
هـ ـ سورة نوح:
(وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا) (الاية 16).
و ـ سورة التوبة:
(ان عدة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهر في كتاب اللّه يوم خلق السموات والارض منها اربعة حرم.
ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا ان اللّه مع المتقين) (الاية 36).
ز ـ سورة النحل:
(وعلامات وبالنجم هم يهتدون) (الاية 16).
ح ـ سورة الانعام:
(وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) (الاية 97).
شرح الكلمات.
ا ـ الـبروج: واحدها البرج, وهي على الارض: القصر والحصن وفي السماء: مجموعة نجوم يمر بها القمر والشمس وغيرهما من الكواكب والنجوم ومنها مجموعة نجوم لو رسمناها على الورق ـ مثلا.
ورسمنا بينها خطا لشابهت العقرب, وهي من منازل القمر.
وللقمر في مايرى من سيره اثنا عشر برجا حسب اصطلاح المنجمين, وسنتحدث في آخر البحث ـ ان شاء اللّه ـ عن مخاطبة القرآن للناس بما يشاهدونه ويرونه عيانا.
ب ـ رجيم:
الرجيم: المطرود عن الخيرات او عن منازل الملا الاعلى, او الملعون.
ج ـ الشهاب:
الـشـهاب: شعلة في الجو ترى هابطة, والجمع: الشهب, وياتي مزيد بيان له في بحث الجن الاتي ان شاء اللّه تعالى.
د ـ المارد:
الـمـارد والمريد من شياطين الجن والانس: الطاغية المتعري عن الخيرات, والمتمادي في الشر والاثم.
هـ ـ دحورا:
دحره دحرا ودحورا: دفعه وطرده وابعده.
و ـ النجوم:
النجوم: هي النيرات التي لها ضوء مثل الشمس كما قال اللّه: (جعل الشمس ضياء), (وجعل الشمس سراجا).
ز ـ الكواكب:
الكواكب: هي الاجسام التي تكتسب النور من النجوم, ويقال لعامة الاجسام المنيرة في السماء:
الكواكب, كما قال اللّه سبحانه:
(انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) (الصافات 6).
ح ـ واصب:
وصب: دام ولزم, فهو واصب.
ط ـ خطف:
خـطـف الـشـي ء خـطفا: اخذه واختلسه بسرعة, والخطفة: المرة من الخطف, والمرة من استماع الشيطان للملائكة في السموات.
ي ـ الثاقب:
ثقب الشي ء ثقبا: خرقه بلة الثقب فهو ثاقب.
ووصف الشهاب بالثاقب لنفاذه في الظلماء كانه يثقبها بضوئه.
تفسير الايات.
يفهم من الايات التي ذكرناها في بحث السموات والكواكب: ان سماء الدنيا مكانها فوق جميع الكواكب والـنـجـوم في جميع المجرات بجميع ابعادها الضوئية, وفوقها مكانا السماء الثانية, وفوق الثانية الـثـالـثـة, وفوق الثالثة الرابعة, وهكذا حتى السابعة, وان ارتفاع بعضها على بعض مكاني بخلاف الـعـرش الـذي ارتفاعه معنوي, كما ياتي بيانه في محله ـ ان شاء اللّه تعالى, ويوجه الى ما اشرنا سؤالان كالاتي:
1 ـ لماذا ذكر اللّه تعالى من فوائد النجوم امثال قوله تعالى في سورة الانعام:
(جعل لكم النجوم لتهتدوا) (الاية 97).
مـمـا يـعـلـمه الناس اجمعون ولم يخبر عن آثارها وصفاتها التي اكتشفها العلماء بعد عصر القرآن الكريم ؟.
2 ـ ان اللّه تعالى اخبر في سورة الصافات وقال:
(انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب).
واذا كانت الكواكب زينة للسماء الدنيا فانه يدل على ان مواقع جميع الكواكب تحت السماء الدنيا, مع ان عـلماء النجوم والفلك ـ المنجمين ـ سابقا كانوا يقولون: ان مواقع اكثر النجوم فوق السماء الدنيا فما راي العلم في عصرنا في هذا الامر؟.
وفي الجواب عن السؤالين نقول بحوله تعالى:
الجواب عن السؤال الاول:
ان اللّه ـ جـلـ اسمه ـ ارسل خاتم انبيائه بالقرآن الكريم ليهدي جميع الناس الى الدين الذي شرعه لهم كما قال سبحانه في:
ا ـ سورة الاعراف:
(قل يا ايها الناس اني رسول اللّه اليكم جميعا) (الاية 158).
ب ـ سورة الانعام:
(واوحي الي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ) (الاية 19).
ولـهـذا الـسـبب يخاطب جميع الناس في محاوراته بقوله: (يا ايها الناس), اذا لابد من ان يذكر من اصناف الخلق حسب الحاجة في المحاورة ما يفهمه جميع الناس في كل زمان ومكان, ويقول ـ مثلا.
في سورة الغاشية في مقام اقامة البرهان على توحيد الالوهية:
(افـلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الارض كيف سطحت فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمصيطر) (الايات 17 ـ 22).
وقال في سورة الواقعة في مقام اقامة البرهان على توحيد الربوبية:
(افرايتم الماء الذي تشربون ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون لو نشاء جعلناه اجاجا فلولا تشكرون فسبح باسم ربك العظيم) (الايات 68 ـ 70 و74).
ولو فعل خلاف ذلك وذكر ـفي مقام الاستدلالـ نظام سيرة بلايين الكواكب في ملايين المجرات فـي الـسـمـاء, او ذكر من الانسان وحده: عينه وملايين الخويطات فيها, ودمه وملايين الكريات البيض والحمر فيه, ودماغه وملايين خلاياه, وجهازه الهضمي و والخ, وانواع امراضها وعلاجها كـمـا تساءل البعض مني عن سبب عدم ذكر اللّه هذه العلوم في كتابه وهو خالقها, وزعمها نقصا في كتاب اللّه المجيد معاذ اللّه.
يـا تـرى لـو جـاء ذكـر خـصـائص ما خلق اللّه كما ذكرناه فمن من الناس كان يفهمها قبل عصر اكـتـشافها؟ وماذا كانت تقول الامم لانبيائها لو قالوا لهم ـ مثلا: ان الارض التي نحن عليها تدور حـول الـشـمس, والشمس تبعد عن الارض 23 مليون ميل, وهي بمجموعتها تقع في طرف مجرة تـسـمـى درب التبانة, وفي هذه المجرة ثلاثون مليارا من النجوم, ويوجد وراء هذه المجرة مئات الالوف من عوالم السدوم, والخ.
يـا تـرى لـو كـانت الامم تسمع من انبيائها امثال هذه الاقوال ماذا كانت تقول لانبيائها؟ في حين انها نسبت اليهم الجنون لانهم دعوهم الى غير المالوف عندهم من توحيد الاله, فمثلا قال قوم نوح لنوح (ع) كما اخبر سبحانه في سورة القمر وقال:
(كذبت قبلهم قوم نوح وقالوا مجنون) (الاية 9).
واخبر عن الامم مع انبيائها وقال سبحانه في سورة الذاريات:
(كذلك ما اتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون) (الاية 52).
واخبر عن قريش مع خاتم الرسل (ص) في سورة القلم فقال:
( ويقولون انه لمجنون) (الاية 51).
يا ترى ماذا كانت تقول الامم لانبيائها لو سمعت منهم امثال هذه الاقوال ؟.
وكم من الناس الذي يخاطبهم القرآن كان يفهم هذه الحقائق العلمية التي اكتشفها العلماء حتى عصرنا الحاضر وبعد اكتشافها وفـي كـم مـوسـوعة علمية كان ينبغي ان تدون كل الاكتشافات العلمية التي اكتشفها العلماء حتى عصرنا الحاضر ثـمـ ان اللّه انـزل الـقـرآن على خاتم رسله (ص) كتاب هداية يعلم الناس كيف يعبدون اللّه ربهم ويـطـيـعون اوامره ونواهيه, وكيف يتعاملون مع سائر الخلق, وكيف ينتفعون مما خلق لهم وسخر ليبلغوا درجة الكمال الانساني ويسعدوا في الدارين.
ولـم يـنزل القرآن ليعلم الناس خصائص الهواء والماء والارض والحيوان والنبات, بل جعل ذلك من وظـيـفة العقل الذي وهبهم اياه ليهديهم الى كل ذلك حسب حاجاتهم في الازمنة المتعاقبة وحالاتهم المختلفة.
ومـع وجـود العقل الموهوب لهم لم يكن الناس بحاجة ـ مثلا ـ الى ان يعلمهم اللّه في كتابه المجيد كـيف يفلقون الذرة, وانما هم بحاجة الى ان يهديهم فيه كيف يستعملون هذه الطاقة وامثالها ـ بعد ان سيطروا.
عليهاـ لما ينفعهم, ولا يستعملونها في ما يضرهم ويبيدون الخلق انسانا وحيوانا ونباتا اذا كان من الحكمة ان ياتي القرآن الكريم بذكر اصناف الخلق كما جاء, ولا ينافي ما ذكرناه ان تاتي فـي القرآن الكريم احيان اشارة الى حقائق علمية مما اكتشفها العلماء ويكتشفونها بعد عصر نزول الـقـرآن الـكـريـم, كي يكون من الايات المتجددة الدالة على ان القرآن الكريم نزل من عند خالق العالمين وربهم: (ولا تفنى عجائبه) كما قال وصي النبي (ص).
ومن عجائبه انه لم يات فيه من ذكر خصائص الخلق ما يخالف حقائق العلم التي اكتشفها العلماء بعده قرنا بعد قرن.
الجواب عن السؤال الثاني:
ان صـنـفا من العلماء في بعض العصور اولوا بعض ما جاء ذكره في القرآن الكريم ببعض النظريات الخاطئة التي كانت تعتبر في عصرهم من حقائق العلم, مثل تاويلهم السموات السبع بالافلاك السبعة المشهورة عند العلماء سابقا, حسب نظرية بطليموس (عاش نحو 90 ـ 160م) وقوله:
ان الـسـموات والارض اجسام كروية بعضها فوق بعض مثل طبقات البصل, مركزها الارض التي يـتكون ثلاثة ارباعها من الماء وفوقها الهواء وفوق الهواء النار, ويسمونها بالطبائع الاربع, وفوقها فـلك القمر وهو الفلك الاول, ثم فلك عطارد, ثم الزهرة, ثم الشمس, ثم المريخ, ثم المشتري, ثم زحـل, ويـسـمـون كواكبها: بالسبعة السيارة, وانه يحيط بها فلك الكواكب الثابتة ويسمونها بفلك الـبروج, ثم الفلك الاطلسي الذي لا كوكب فيه, ويؤولون السموات السبع بافلاك السيارات السبع عندهم, والكرسي بفلك البروج, والعرش بالفلك التاسع.
وكذلك اولوا ما جاء في القرآن والحديث حول بعض المصطلحات الاسلامية بالمشهور في عصرهم من آراء فلسفية وفلكية ونظريات خاطئة.
ولـمـا كـان في تلك النظريات ما يخالف صريح القرآن حاولوا الجمع بين ما جاء في القرآن الكريم وتلك النظريات كما اخبر عنه المجلسي وقال:
(واعلم ان ههنا اشكالا مشهورا, وهو انه اتفق اصحاب الهيئة على انه ليس في السماء الاولى سوى القمر, وسائر السيارات كل في فلك, والثوابت كلها في الثامن, والاية الكريمة تدل على ان كلها او اكثرها في السماء الدنيا, واجيب عنه بوجوه).
وسـياتي ذكر الاية وتفسيرها بعيد هذا ان شاء اللّه تعالى, ونترك ذكر الوجوه التي نقلها المجلسي هـاهـنا كي لا يطول البحث في ما لا ينفع, ونقتصر على ايراد قول كبير فلاسفة عصره, ميرداماد في تاويل حديث في هذا الباب:
قال المجلسي,:
(بيان وتاويل عليل:
قـال الـسيد الداماد ـ,ـ في بعض تعليقاته على كتاب من لا يحضره الفقيه: العرش هو فلك الافلاك وانـمـا حكم (ع) بكونه مربعا لان الفلك يتعين له بالحركة المنطقة والقطبان, وكل دائرة عظيمة منصفة للكرة, والفلك يتربع بمنطقة الحركة والدائرة المارة بقطبيها, والعرش وهو الفلك الاقصى والـكـرسـي وهـو فـلك الثوابت يتربعان بمعدل النهار ومنطقة البروج والدائرة المارة بالاقطاب الاربـعـة, وايـضا دائرة الافق على سطح الفلك الاعلى يتربع بدائرة نصف النهار ودائرة المشرق والـمـغـرب, فـيـقع منها بينها ارباعها, ويتعين عليها النقاط الاربع: الجنوب, والشمال, والمشرق, والمغرب.
والـحـكـماء نزلوا الفلك منزلة انسان مستلق على ظهره, راسه الى الشمال, ورجلاه الى الجنوب, ويمينه الى المغرب, وشماله الى المشرق وايضا التربيع والتسديس اول الاشكال في الدائرة على ما قد استبان في مظانه, اذ التربيع يحصل بقطرين متقاطعين على قوائم, والتسديس بنصف قطر, فان وتـر سـدس الدور يساوي نصف القطر, وربع الدور قوس تامة, وما نقصت عن الربع فمتممها الى الربع تمامها, وايضا الفلك الاقصى له مادة, وصورة, وعقل هو العقل الاول ويقال له عقل الكل, ونفس هي النفس الاولى ويقال لها نفس الكل, فيكون مربعا واول المربعات في نظام الوجود.
وهنالك وجوه اخرى يضيق ذرع المقام عن بسطها فليتعرف (انتهى) ولا يخفى عدم موافقتها لقوانين الشرع ومصطلحات اهله). انتهى ما ذكره المجلسي.
بـالاضـافـة الى ماذكرناه فسر بعض العلماء القرآن بروايات اسرائيلية, وبعضهم فسره بروايات مـفـتـراة عـلـى رسـول اللّه (ص) دون تـمـحـيص, وعلى اثر كل ذلك, التبس امر فهم القرآن والمصطلحات الاسلامية والالفاظ اللغوية على قارئ القرآن والحديث, كما ذكرنا بعضها في كتاب (القرآن في عصر الرسول وما بعده).
خلاصة البحث
اولا ـ السماء:
السماء في اللغة:
كل شي ء اظللك فهو سماء, وسماء كل شي ء اعلاه, وجاء ذكر السماء في القرآن الكريم بلفظ الواحد واريد بها تارة: الجو الذي يحيط بالارض مثل قوله تعالى:
ا ـ( الطير مسخرات في جو السماء).
ب ـ(وانزل من السماء ماء).
واخرى اريد بها: ماعلا الارض من الكواكب والسموات السبع مثل قوله تعالى:
(ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سموات).
وجاءت بلفظ الجمع, واريد بها السموات السبع مثل ما جاء في الاية الماضية.
ثانيا ـ بدء الخلق:
اخـبر اللّه سبحانه ان الماء كان مخلوقا قبل السموات والارض, ونفهم من الايات انه خلق الارض من ذلك الماء, والسموات من بخار ذلك الماء وتلك الارض, وانه اتم خلقهما وخلق بعض الموجودات فيهما ومن ضمنها ما يحتاجه الانسان في حياته في ستة مراحل.
وانه جعل كل النجوم بابعادها الضوئية تحت السماء الدنيا.
وان اللّه سبحانه اخبر عما خلق بقدر ما في الاخبار عنه حاجة لهداية الناس, ولم تكن عقول الناس تتحمل من بيان بدء الخلق وحقيقة الكواكب اكثر من ذلك.
وان بـعض العلماء اجهدوا انفسهم واولوا بعض ما جاء في القرآن من وصف السموات والكواكب بما كـان معروفا عنها في عصرهم, مثل تاويل معنى السموات بالافلاك السبعة التي كانوا يعتقدون انها حقيقة علمية.
وكـذلـك فـسروا بعض الايات بروايات اسرائيلية كانت ولا تزال متداولة بين المسلمين, ومن ثم انتشرت رؤية غير صحيحة عن بدء الخلق وحقيقة السموات والكواكب وغيرهما من اصناف الخلق بين المسلمين وسوف ندرس بعضها في البحوث الاتية ان شاء اللّه تعالى.
3- الدواب
قال سبحانه وتعالى في:
ا ـ سورة النور:
(واللّه خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على اربع يخلق اللّه مايشاء ان اللّه على كل شي ء قدير) (الاية 45).
ب ـ سورة الانعام:
(ومـا من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شي ء ثم الى ربهم يحشرون) (الاية 38).
ج ـ سورة النحل:
(وللّه يسجد ما في السموات وما في الارض من دابة) (الاية 49).
شرح الكلمات
دب دبيبا فهو داب: سار سيرا خفيفا كسير النملة.
والـدابة: كل ما دب على الارض من صنف الحيوان, والمقصود من الدابة في الاية: كل ذي حياة يدب على وجه الارض.
تفسير الايات
ان اللّه خلق كل ذي حياة يدب ويتحرك من الماء, وما من حياة في الارض, ولا طائر يطير بجناحيه فـي الـجو الا وهم امم امثالكم, فالنمل امة لها نظام حياة كما للانسان نظام حياة, وكذلك السمك في الـماء والزواحف على وجه الارض والحشرات في بطنها, الى امثالها من ذوي الحياة الحيوانية امم امثال الانسان, لكل نوع منه نظام حياة, وسوف ندرس ان شاء اللّه تعالى في البحث الثالث من (هداية رب العالمين) الاتي كيف هدى اللّه تلكم الامم من الدواب الى نظام حياتها.
4- الجن والشياطين
ا ـ الجن والجان.
جن يجن جنا: استتر, وجن الشي ء وعلى الشي: ستره, كما قال سبحانه:
(فلما جن عليه الليل) (الانعام / 76).
اي فلما ستره الليل والجن والجان خلق مستتر لايرى, وقد اخبر اللّه سبحانه عنهم وقال:
ا ـ عن اصلهم في سورة الرحمن:
(وخلق الجان من مارج من نار) (الاية 15).
وفي سورة الحجر:
(والجان خلقناه من قبل من نار السموم) (الاية 27).
ب ـ وانهم امم مثل الانسان, في سورة فصلت:
(في امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس) (الاية 25).
ج ـ وان سليمان (ع) استخدمهم, في سورة سبا:
(ومـن الـجن من يعمل بين يديه باذن ربه ومن يزغ منهم عن امرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له مايشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات) (الايتان 12 ـ 13).
د ـ وانـه كـان فـي جـنود سليمان من يستطيع ان يذهب من فلسطين الى اليمن ويرجع قبل ان يقوم سليمان من مقامه, في سورة النمل:
(قال عفريت من الجن انا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي امين) (الاية 39).
هـ ـ وعن عدم علمهم بالغيب, في سورة سبا:
(فـلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته الا دابة الارض تاكل منساته فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) (الاية 14).
و ـ وعن ما كانوا عليه قبل بعثة خاتم الانبياء (ص), في سورة الجن:
1 ـ (وانه كان يقول سفيهنا على اللّه شططا) (الاية 4).
2 ـ (وانهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث اللّه احدا) (الاية 7).
3 ـ (وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) (الاية 6).
ز ـ وعن استراقهم للسمع بعد بعثة خاتم الانبياء (ص), في سورة الجن:
(وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا) (الاية 8).
(وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع, فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا) (الاية 9).
ح ـ وعن اسلامهم, في سورة الجن:
1 ـ (وانا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا) (الاية 11).
2 ـ (وانا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن اسلم فاولئك تحروا رشدا) (الاية 14).
ب ـ الشيطان.
الشيطان اسم لكل عات متمرد من الانس والجن والحيوان.
قال سبحانه في:
ا ـ سورة الحجر:
(ولـقـد جـعـلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم الا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين) (الايات 16 ـ 18).
ب ـ سوره الصافات:
(انـا زيـنـا الـسـماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون الى الملا الاعلى ويـقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب الا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب) (الايات 6 ـ 10).
ج ـ سورة الملك:
(ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين واعتدنا لهم عذاب السعير) (الاية 5).
د ـ سورة الانعام:
(وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ولو شـاء ربـك مـا فـعـلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى اليه افئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون) (الايتان 112 ـ 113).
هـ ـ سورة الاعراف:
(انا جعلنا الشياطين اولياء للذين لا يؤمنون) (الاية 27).
و ـ سورة الاسراء:
(ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) (الاية 27).
ز ـ سورة البقرة:
(ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين انما يامركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على اللّه مالا تعلمون) (الايتان 168 ـ 169).
(الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء واللّه يعدكم مغفرة منه وفضلا واللّه واسع عليم) (الاية 268).
ح ـ سورة النساء:
(ومـن يتخذ الشيطان وليا من دون اللّه فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا) (الايتان 119 ـ 120).
ط ـ سورة المائدة:
(انـمـا يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر اللّه وعن الصلاة فهل انتم منتهون) (الاية 91).
ي ـ سورة الاعراف ـ ايضا:
(يابني آدم لايفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما انه يراكم هو وقبيله من حيث لاترونهم) (الاية 27).
ج ـ ابليس.
1 ـ في اللغة:
ابـلـس يـبـلس مبلس: حزن, تحير, يئس, سكت غما, انقطع في حجته, ومنه قوله تعالى في سورة الروم:
(ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون) (الاية 12).
2 ـ في القرآن الكريم:
ابـلـيس: اسم علم للشيطان الذي استكبر وابى ان يسجد لادم (ع), والمقصود من لفظ الشيطان اذا جاء في القرآن الكريم بلفظ المفرد ومع الالف واللام هو ابليس.
وقد جاء اخبار ابليس في القرآن الكريم بلفظ ابليس في قوله تعالى في:
ا ـ سورة الكهف:
(واذ قـلـنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه افتتخذونه وذريته اولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) (الاية 50).
ب ـ سورة سبا في قصة اهل سبا:
(ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان) (الايتان 20 ـ 21).
وجاء بلفظ الشيطان في قوله تعالى في:
ا ـ سورة الاعراف في قصة آدم (ع):
(فـوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ماوري عنهما من سوءاتهما وناداهما ربهما الم انهكما عن تلكما الشجرة واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين) (الايتان 20 و22).
ب ـ سورة يس:
(الم اعهد اليكم يا بني آدم ان لاتعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين) (الاية 60).
ج ـ سورة فاطر:
(ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير) (الاية 6).
شرح الكلمات
ا ـ المارج:
المرج: الخلط.
والمارج: اللّه يب المختلط بسواد النار.
ب ـ السموم:
الريح الحارة غالبا بالنهار, سميت بذلك لانها تنفذ في مسام الجسم وتؤثر فيه تاثير السم.
ج ـ يزغ:
زاغ الانسان يزيغ: مال عن القصد وانحرف عن الحق, وعن امر اللّه.
ومن يزغ منهم عن امر اللّه: من ينحرف منهم عن امر اللّه.
د ـ محاريب:
مفرده المحراب: صدر المجلس او اكرم موضع فيه.
والموضع الذي ينفرد فيه الملك فيتباعد عن الناس.
والغرفة التي فيها مقدم المعبد.
والمساجد يتعبد فيها.
هـ ـ جفان:
جمع جفنة كالقصعة وزنا ومعنى, والجفنة خصت بوعاء الاطعمة.
و ـ الجواب:
اوان للطعام كاحواض الماء في الكبر والسعة.
ز ـ راسيات:
جمع راسية: ثابتة الاصل راسخة, وجمعها راسيات.
ح ـ العفريت: اقوى الجن واخبثه.
ط ـ رصدا:
رصده رصدا ورصدا: قعد له على الطريق, وتهيا لمراقبته, فهو راصد.
والرصد: الحرس.
وفي الاية رصدا: اي راصدا له.
ي ـ طرائق:
جمع طريقة: الحال والسيرة, حسنة كانت او سيئة.
ك ـ قددا:
القدة: الجماعة المختلفة آراؤها, وجمعها: قدد.
وطرائق قددا: اي جماعات اختلفت اهواؤهم ومشاربهم.
ل ـ القاسطون:
قـسـط: جـار وحـاد عـن الحق فهو قاسط اي ظالم, والقاسطون من الجن: الظالمون منهم الذين لم يسلموا.
واقسط: عدل.
م ـ رشدا:
اي سددا وبعدا عن الغي والضلال.
ن ـ السفيه:
الجاهل في الدين او النزق الخفيف عقله.
س ـ شططا:
شط: بعد وافرط في البعد, وشط عليه: جار عليه.
والشطط: الافراط في البعد والتجاوز عن الحد.
وقلنا على اللّه شططا: اي قلنا على اللّه جورا وبعدا عن الحق بافراط.
ع ـ يعوذون:
يعوذ به: يلتجى ء اليه ويتعلق به.
ف ـ رهقا:
رهق رهقا: سفه وطغى.
ورهقه المكروه: غشيه, ورهقته الذلة: غشيته الذلة.
وزادوهم رهقا: زادوهم طغيانا وسفها وذلة.
ص ـ دابة الارض:
دب دبا ودبيبا: مشى مشيا رويدا خفيفا.
والدابة: اسم لكل حيوان ذكرا كان او انثى عاقلا او غير عاقل, وغلب على غير العاقل.
والمراد من دابة الارض هنا: الارضة التي تاكل الخشب.
ق ـ منساته:
نسا الدابة: زجرها وحثها على السير.
والعصا التي ينسا بها الدابة: المنساة.
ر ـ الغيب:
الغيب: ما لا يدرك بالحواس, وما ستر عن الحواس.
ومـثـال مـالا يدرك بالحواس وجود الاله الخالق والرب المربي الذي يتعلمه الانسان بعقله, واعماله التدبر في الاسباب والمسببات.
وكذلك بعض صفات اللّه وعوالم ما بعد الموت اللاتي يتعلمها الانسان باخبار الانبياء عنها.
ومـثال المستور عن حواس الناس: الحوادث الكائنة في المستقبل او الواقعة فعلا في مكان بعيد عن الانسان والتي تصل الى الانسان باخبار الانبياء عن كليهما, او باخبار الناس عما وقع في مكان بعيد عن الانسان.
ش ـ رجوما:
مفرده الرجم, والرجم: وهو ما يرجم به.
ت ـ زخرف:
زخرف القول: زينة بالكذب.
ث ـ يوحي:
الايحاء بمعنى: الوسوسة.
خ ـ غرورا:
غره غرورا: خدعه واطمعه بالباطل.
ذ ـ يقترف ومقترفون:
يقترف الحسنة او السيئة: يعملها فهو مقترف.
ض ـ مبذرين:
بـذر الـمال تبذيرا: ضيعه تضييعا, وفرقه اسرافا ووضعه في ما لا ينبغي ان يضعه فيه, فهو مبذر, وهم مبذرون.
ظ ـ خطوات الشيطان:
خطا الى الشي ء: مشى اليه.
والخطوة: مسافة ما بين القدمين.
ولا تتبعوا خطوات الشيطان: اي لا تقتفوا آثاره وتعملوا بوساوسه.
غ ـ الفحشاء:
الـفـحشاء: ما عظم قبحه من الافعال والاقوال, ويستعمل في المصطلح الاسلامي احيانا في الذنوب القبيحة.
آ ـ الميسر:
القمار, وكان قمار العرب في الجاهلية بالازلام والقداح.
والازلام: جمع زلم: قطع من الخشب مثل السهام كانوا يكتبون على احدها امرني ربي, وعلى الثاني نهاني ربي, وكان الثالث غفلا لا كتابة عليه, فاذا خرج ما عليه الامر فعلوا, وما عليه النهي, امتنعوا, والغفل اجالوا الازلام مرة اخرى.
وكانت الازلام لقريش في الجاهلية تضعها في الكعبة يقوم بها سدنة البيت.
والقداح: جمع قدح: قطعة من الخشب طول المتر او دونه, تعرض قليلا وتسوى لا او نعم او يغفل ويقرع بها.
با ـ سوءاتهما: عوراتهما.
جا ـ القبيل: الصنف المماثل, والجيل, والجماعة, والاتباع.
حا ـ فسق:
ا ـ في اللغة:
فسقت الرطبة من قشرها: اذا خرجت, وفسق فلان ماله اذا انفقه واهلكه.
ب ـ في المصطلح الاسلامي:
الفسق: الافحاش في الخروج عن طاعة اللّه وحدود شرعه.
والـفـحـش: مـا عـظـم قبحه من الاعمال والاقوال, والفسق يعم الكفر والنفاق والضلال, كما قال سبحانه:
ا ـ (وما يكفر بها الا الفاسقون) (البقرة / 99).
ب ـ (ان المنافقين هم الفاسقون) (التوبة / 67).
ج ـ (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) (الحديد / 26).
ويقابل الايمان كما قال تعالى:
(منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون) (آل عمران / 110).
الجن في التفسير بالماثور
روى السيوطي في تفسير سورة الجن وقال:
(لم تحرس الجن في الفترة بين عيسى ومحمد, فلما بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم حرست الـسـماء الدنيا ورميت الجن بالشهب, فاجتمعت الى ابليس فقال: لقد حدث في الارض حدث فتعرفوا فاخبرونا ما هذا الحدث ؟.
فـبعث هؤلاء النفر الى تهامة والى جانب اليمن وهم اشراف الجن وسادتهم, فوجدوا النبي صلى اللّه عـليه وسلم يصلي صلاة الغداة بنخلة فسمعوه يتلو القرآن, فلما حضروه قالوا انصتوا, فلما قضى (يـعني بذلك انه فرغ من صلاة الصبح) ولوا الى قومهم منذرين مؤمنين لم يشعر بهم حتى نزل (قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن), يقال: سبعة من اهل نصيبين).
كـان ذلـكم بعض ما جاء من امر الجن والشياطين وابليس في القرآن الكريم, وجاء في الروايات ما ياتي:
ا ـ عن الامام الباقر (ع), انه قال في سليمان (ع):
ان سـليمان بن داود, قال ذات يوم لاصحابه: ان اللّه تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي, سخر لي الريح, والانس, والجن, والطير, والوحوش, وعلمني منطق الطير, وآتاني من كل شـي ء, ومع جميع ما اوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم الى الليل, وقد احببت ان ادخل قصري في غـد, واصـعد اعلاه, وانظر الى ممالكي, فلا تاذنوا لاحد علي لئلا يرد علي ما ينغص علي يومي, قالوا: نعم.
فـلـما كان من الغد اخذ عصاه بيده وصعد الى اعلى موضع من قصره, ووقف متكئا على عصاه ينظر الـى مـمالكه مسرورا بما اوتي, فرحا بما اعطي, اذ نظر الى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره.
فلما بصر به سليمان (ع) قال له: من ادخلك الى هذا القصر وقد اردت ان اخلو فيه اليوم ؟ فباذن من دخلت ؟ فقال الشاب: ادخلني هذا القصر ربه وباذنه دخلت, فقال: ربه احق به مني, فمن انت ؟ قال: انا مـلـك الـموت, قال (ع): وفيما جئت ؟ قال: جئت لاقبض روحك, قال: امض لما امرت به, فهذا يوم سـروري ابـى اللّه عـز وجل ان يكون لي سرور دون لقائه, فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه.
فـبـقـي سـليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء اللّه والناس ينظرون اليه وهم يقدرون انه حي, فافتتنوا به واختلفوا, فمنهم من قال: ان سليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الايام الكثيرة ولم يتعب ولـم يـنـم ولم ياكل ولم يشرب ؟ انه لربنا الذي يجب علينا ان نعبده, وقال قوم: ان سليمان ساحر, وانه يرينا انه واقف متكئ على عصاه يسحر اعيننا وليس كذلك, فقال المؤمنون: ان سليمان هو عبد اللّه ونبيه يدبر اللّه امره بما يشاء.
فـلـما اختلفوا بعث اللّه عز وجل الارضة فدبت في عصاه, فلما اكلت جوفها انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على وجهه, وذلك قول اللّه عز وجل:
(فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين) (سبا 14).
ب ـ عن الامام الصادق (ع):
عـندما سئل: لاي علة خلق اللّه عز وجل آدم عليه السلام من غير آب ولا ام ؟ وخلق عيسى (ع) من غير اب ؟ وخلق سائر الناس من الاباء والامهات ؟.
قـال: (ليعلم الناس تمام قدرته وكمالها, ويعلموا انه قادر على ان يخلق خلقا من انثى من غير ذكر, كما هو قادر على ان يخلقه من غير ذكر ولا انثى, وانه عز وجل فعل ذلك ليعلم انه على كل شي ء قدير).
وفي قصص الانبياء قال:
امر ابليس بالسجود لادم, فقال: يارب وعزتك ان اعفيتني من السجود لادم لاعبدنك عبادة ما عبدك احد قط مثلها, قال اللّه جل جلاله, اني احب ان اطاع من حيث اريد الحديث.
وسئل عن ابليس:
اكان ابليس من الملائكة ام من الجن ؟.
فـقال: كانت الملائكة ترى انه منها, وكان اللّه يعلم انه ليس منها, فلما امر بالسجود, كان الذي كان.
وسئل عن جنة آدم فقال:
جنة من جنان الدنيا يطلع عليها الشمس والقمر, ولو كانت من جنان الخلد ما خرج منها ابدا.
وقـال فـي قـولـه تعالى: (فبدت لهما سوءاتهما) (طه 121) كانت سوآتهما لا ترى فصارت ترى بارزة.
سال الزنديق ابا عبد اللّه (ع), قال:
فمن اين يصل الكهانة ؟ ومن اين يخبر الناس بما يحدث ؟.
قال (ع): ان الكهانة كانت في الجاهلية في كل فترة من الرسل, كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون الـيه فيما يشتبه عليهم من الامور بينهم, فيخبرهم باشياء تحدث, وذلك في وجوه شتى, من فراسة العين, وذكاء القلب, ووسوسة النفس وفطنة الروح, مع قذف في قلبه, لان ما يحدث في الارض من الـحـوادث الـظـاهـرة, فـذلـك يعلمه الشيطان ويؤديه الى الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والاطراف.
واما اخبار السماء, فان الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع اذ ذاك وهي لا تحجب ولا ترجم بـالـنـجوم, وانما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الارض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء, ويلبس على اهل الارض ما جاءهم عن اللّه لاثبات الحجة ونفي الشبهة.
وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من اللّه في خلقه فيختطفها ثم يهبط بـهـا الى الارض فيقذفها الى الكاهن, فاذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل, فما اصاب الـكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما اداه اليه شيطانه مما سمعه, وما اخطا فيه فهو من باطل ما زاد فيه, فمذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة.
والـيـوم: انـمـا تؤدي الشياطين الى كهانها اخبارا للناس مما يتحدثون به وما يحدثونه, والشياطين تـؤدي الـى الـشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث, من سارق سرق, ومن قاتل قتل, ومن غائب غاب, وهم بمنزلة الناس ايضا صدوق وكذوب.
فـقـال: كـيـف صـعدت الشياطين الى السماء وهم امثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود (ع) من البناء ما يعجز عنه ولد آدم ؟.
قـال (ع): غـلـظـوا لـسـلـيمان كما سخروا, وهم خلق رقيق غذاؤهم التنسم, والدليل على ذلك صـعودهم الى السماء لاستراق السمع, ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء اليها الا بسلم او سبب.
وقال الامام الصادق في الآباء:
الابـاء ثـلاثـة: آدم, ولد مؤمنا, والجان ولد كافرا, وابليس ولد كافرا, وليس فيهم نتاج انما يبيض ويفرخ وولده ذكور ليس فيهم اناث.
وسئل (ع) عن ابليس:
اكان من الملائكة؟ وهل كان يلي من امر السماء شيئا؟.
قال (ع): لم يكن من الملائكة, ولم يكن يلي من السماء شيئا كان من الجن وكان مع الملائكة, وكانت الملائكة تراه انه منها, وكان اللّه يعلم انه ليس منها, فلما امر بالسجود كان منه الذي كان.
خلاصة البحث
الجن والشيطان وابليس:
ا ـ الجن:
جـن الشي ء وجن عليه: ستره, والجن والجان: خلق مستور لا يرى واخبر اللّه في كتابه الكريم انه تعالى خلقم من لهيب النار المختلط بالسواد.
ب ـ الشيطان:
الـشـيطان اسم لكل عات متمرد من الانس والجن والحيوان والمقصود من الشيطان في هذا البحث شياطين الجن.
ج ـ ابليس:
ابـلس: حزن, تحير, يئس, سكت غما, انقطع في حجته وابليس في هذا البحث هو المخلوق الجني الذي ابى ان يسجد لادم.
واخـبر اللّه عن الجن انه سخرهم لسليمان فعملوا له تماثيل ومحاريب وقدورا كبيرة, وكان فيهم مـن يـستطيع ان ياتي بعرش بلقيس من اليمن الى الشام قبل ان يقوم سليمان من مقامه, واشرف عليهم متكئا على عصاه, فتوفاه اللّه وبقي كذلك بعد الموت والجان دائبون في عملهم لم يعلموا بذلك, حتى اكـلـت الارضـة جوف عصاه فسقط, وبذلك علم ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا معذبين في عملهم كل تلك المدة.
واخـبـر تعالى عن الشياطين انهم من الجن وانهم كانوا يقعدون مقاعد لاستماع حوار الملائكة, ثم منعهم اللّه من ذلك برمي الملائكة اياهم بشهب تحرقهم وكان ذلك بعد بعثة خاتم الانبياء.
واخبر عن ابليس انه وسوس لادم وحواء حتى اخرجهما من الجنة كما ياتي تفصيله في البحث الاتي بحوله تعالى.
5- الانسان
اخبر اللّه تعالى عن بدء خلق الانسان وقال سبحانه في:
ا ـ سورة الصافات:
(انا خلقناهم من طين لازب) (الاية 11).
ب ـ سورة الحجر:
(ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حما مسنون) (الاية 26).
ج ـ سورة الرحمن:
(خلق الانسان من صلصال كالفخار) (الاية 14).
ج ـ سورة السجدة:
(الذي احسن كل شي ء خلقه وبدا خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون) (الايات 7 ـ 9).
هـ ـ سورة الحج:
(يـا ايها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء الى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لايعلم من بعد علم شيئا) (الاية 5).
و ـ سورة المؤمنون:
(ولـقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا الـعـلـقـة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا آخر فتبارك اللّه احسن الخالقين ثم انكم بعد ذلك لميتون ثم انكم يوم القيامة تبعثون) (الايات 12 ـ 16).
ز ـ سورة غافر:
(هـو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا اجلا مسمى ولعلكم تعقلون) (الاية 67).
ح ـ سورة الطارق:
(فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب) (الايات 5 ـ 7).
ط ـ سورة الزمر:
(خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها) (الاية 6).
ى ـ سورة الانعام:
(وهو الذي انشاكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع) (الاية 98).
وشان انتقال آدم وحواء وابليس من حال الى حال قال اللّه سبحانه في:
ا ـ سورة طه:
(ولـقـد عـهدنا الى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما واذا قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الاابـليس ابى فقلنا يا آدم ان هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ان لك الا تجوع فيها ولا تعرى وانك لا تظما فيها ولا تضحى فوسوس اليه الشيطان قال يا آدم هل ادلك على شجرة الـخـلد وملك لا يبلى فاكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما ياتينكم مـني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى) (الايات 115 ـ 124).
ب ـ سورة الاعراف:
(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك الا تسجد اذ امرتك قـال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فاخرج انـك مـن الصاغرين قال انظرني الى يوم يبعثون قال انك من المنظرين قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولاتجد اكثرهم شاكرين قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لاملان جهنم منكم اجمعين ويا آدم اسكن انت وزوجـك الـجـنـة فـكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الـشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا مـلـكين او تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بـدت لـهـمـا سـوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما الم انهكما عن تلكما الشجرة واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن مـن الـخـاسـرين قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) (الايات 11 ـ 25).
ج ـ سورة الاسراء:
(قـال ءاسـجـد لمن خلقت طينا قال ارايتك هذا الذي كرمت علي لئن اخرتن الى يوم القيامة لاحتنكن ذريـتـه الا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فان جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت مـنـهـم بـصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا ان عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا) (الايات 61 ـ 65).
د ـ سورة الحجر:
(قـال رب بما اغويتني لازينن لهم في الارض ولاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين قال هذا صـراط عـلـيـ مستقيم ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين وان جهنم لموعدهم اجمعين) (الايات 39 ـ 43).
شرح الكلمات
ا ـ لازب:
لزب الطين: اشتد وتماسكت اجزاؤه فهو لازب.
ب ـ صلصال:
صلصل الشي ء: صوت صوتا فيه ترجيع يقال: صلصل الجرس, وصلصل الرعد والصلصال كل ما جف من طين قبل ان تصيبه النار ويصير فخارا وخزفا.
ج ـ حما:
الحما: الطين الاسود المنتن.
د ـ مسنون:
سن الشيء: تغيرت رائحته, صب في قالب فهو مسنون.
هـ ـ مخلقة:
خلق العود: سواه فالعود مخلق, والخشبة مخلقة, ومخلقة وغير مخلقة: اي تامة الخلق وغير تامة.
و ـ الصلب والترائب:
صلب الرجل: عظام ظهره الفقارية, وترائب المراة عظام صدرها العلوية.
واكتشف ذلك العلم في عصرنا, واشار اليه المجلسي, في البحار.
ز ـ وسوس ووسوسة:
الـوسـوسـة: الـخطوة الرديئة, الدعوة للقيام بامر بصوت خفي, حديث النفس وهو ما يخطر بالبال ويهجس بالضمير, واغراء الشيطان الانسان بالشر تفسيره في قوله تعالى:
ا ـ (وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) (الانعام 43).
ب ـ (زين لهم الشيطان اعمالهم) (الانفال 48 والنحل 63 والنمل 24 والعنكبوت 38).
ح ـ السوءة:
ما يقبح اظهاره وينبغي ستره, والسوءات, هنا كناية عن عورة الانسان.
ط ـ عزما:
الـعـزم: الصبر, يقال: مالي عنك عزم: اي صبر, ومنه الجد, والعزم ـ ايضا: عقد القلب على امضاء الامر.
ي ـ الجنة:
الجنة: كل بستان ذي شجر يستر باشجاره الارض وقد جاء بهذا المعنى في قوله تعالى في:
ا ـ سورة الاسراء:
(وقـالـوا لـن نـؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا او تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الانهار خلالها تفجيرا او تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) (الايات 90 ـ 92).
ب ـ سورة سبا:
(لـقد كان لسبا في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له فاعرضوا فارسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط واثل وشي ء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي الا الكفور) (الايات 15 ـ 17).
ك ـ الخمط:
الخمط: هو كل نبت له طعم مر او حموضة تعافه النفس.
ل ـ اثل:
الاثـل: شجر طويل مستقيم جيد الخشب, كثير الاغصان, متعدد العقد, دقيق الورق طويله, وثمره حب احمر لا يؤكل.
وسميت الجنة في الاخرة جنة: لشبهها بالجنة في الارض وان كان بينهما بون شاسع, وتوصف جنة الاخـرة بجنة الخلد لان الداخل فيها مخلد, ولذلك يصف اللّه اهل الجنة بالخالدين كما جاء في قوله تعالى في:
ا ـ سورة الفرقان:
(قل اذلك خير ام جنة الخلد التي وعد المتقون لهم فيها ما يشاءون خالدين) (الايتان 15 و16).
ب ـ سورة البقرة:
(والذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون) (الاية 82).
وكذلك وجدنا الجنة استعملت في القرآن الكريم بكلا المعنيين.
امـا الجنة التي اسكن اللّه آدم (ع) فيها ثم اهبطه منها بعد اكله من الشجرة التي نهاه عنها فقد كانت من جنان الدنيا, كما سنذكر ذلك بعيد هذا في بحث (اين كانت جنة آدم (ع)؟) ان شاء اللّه تعالى:
م ـ تضحى:
ضحى الرجل: اصابه حر الشمس.
ن ـ غوى:
من معانيه: فسد عيشه, وهو المقصود في الاية.
س ـ طفقا:
طفق يفعل كذا: اخذ يفعله.
ع ـ يخصفان:
خصف الشي ء على الشي ء: الصقه به.
ف ـ ضنكا:
ضنك عيشه: ضاق.
ص ـ وري:
واراه مواراة: ستره واخفاه.
ق ـ دلاهما:
دلى الشي ء في المهواة: ارسله فيها, ودلاه بغرور: اوقعه فيما اراد من تغريره.
ر ـ لاحتنك الفرس: جعل في حنكه ـ فمه ـ اللجام.
ش ـ اهبطوا:
الـهـبـوط في الانسان: يكون على سبيل الاستخفاف, بخلاف الانزال, فقد ذكره اللّه فيما نبه على شرفه كانزال الملائكة والقرآن الكريم والمطر.
يـقال: هبط في الشر: وقع فيه, وهبط فلان: ذل واتضع, وهبط من حال الغنى الى حال الفقر, وهبط من منزلته: سقط.
ت ـ استفزز:
الاستفزاز: الازعاج والاستنهاض بخفة واسراع.
ث ـ بصوتك:
صوت فلان بفلان: اذا دعاه الى الشر.
والمعنى: استنهض منهم للمعصية من استطعت ان تستنهضه من ذرية آدم بوسوستك.
خ ـ واجلب عليهم:
الاجلاب: السوق من السائق.
والجلبة: شدة الصوت.
ذ ـ بخيلك ورجلك:
بفرسانك ورجل اسم جمع للراجل, اي: اجمع عليهم ما قدرت عليهم من مكائدك واعوانك.
ض ـ وشاركهم في الاموال والاولاد:
وشاركهم في الاموال المكتسبة من الحرام والاولاد من الزنا.
ظ ـ وعدهم:
وعدهم الباطل كنفي البعث.
غ ـ سلط:
سلط: السلاطة: التمكن من القهرة والغلبة والقدرة ويقال لذي السلاطة السلطان.
وياتي بمعنى: الحجة والبرهان كما في قوله تعالى: (اتجادلونني في اسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل اللّه بها من سلطان) (الاعراف 71).
والمعنى في (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) اي ليس لك القدرة والقهر والغلبة عليهم.
تفسير الايات.
اخـبر اللّه سبحانه في الايات الماضية انه تعالى بدا خلق الانسان ـ الانسان الاول ـ من طين اسود نتن الرائحة صلب متماسك الاجزاء.
كـالفخار له صليل من صلابته, ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين يخرج من صلب الرجل وترائب الـمـراة, ثم خلقه علقة وخلق من العلقة مضغة وخلق من المضغة عظاما وكسا العظام لحما, ثم انشاه خـلقا آخر ونفخ فيه من روحه, وجعل له السمع والبصر والفؤاد, فتبارك اللّه احسن الخالقين, ثم اخـرجـه طـفـلا ليبلغ اشده, وعندئذ جعل منه الزوجين الذكر والانثى وجعلهما من نفس انسانية واحـدة وان تـفـاوتـت وظـائفـهما في الحياة الدنيا, ثم ليبلغا الشيخوخة وارذل العمر, ثم يميتهما ويـدخـلان الارض, ثـم يـخرجان من الارض يوم القيامة الى المحشر ليجزيا بعملهما وفق حكمة الرب العزيز العليم.
امتحان اللّه للخلق ذي العقل
اولا ـ امـتـحـن اللّه الملائكة ومعهم ابليس بالسجود لادم (ع) خليفته في الارض, ويشعر كلام الملائكة انهم فهموا ان المخلوق الارضي.
يـسـفـك الـدماء لما سبق ذلك من مخلوق كان على الارض وامرهم اللّه باهلاكه, كما ورد ذلك في الروايات.
ولـمـا اعلمهم اللّه بما منح هذا المخلوق من العلم وامرهم بالسجود له سجدت الملائكة لادم (ع) وابـى ابـلـيـس واسـتكبر عن السجود واحتج بان اللّه خلقه من نار وخلق آدم من طين فاخفق في الامتحان.
ثانيا ـ آدم وحواء:
خـلق اللّه لادم (ع) زوجه حواء, واسكنهما جنة لم تكن بجنة الخلد وقال لهما: كلا من هذه الجنة حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين, واخبر آدم انه لا يجوع في تلك الجنة ولا يعرى, وحذره من ابليس وقال له: ان هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى, فزين لـهما الشيطان اكل الشجرة المنهي عنها ليبدي ما اخفي من سوءاتهما ـ عورتيهما, واوهمهما انهما ان ذاقـا الشجرة تغيرت حالهما الى حال الملائكة واصبحا من الخالدين, وحلف لهما باللّه على ذلك, وظن آدم وحواء ان احدا لا يقدر على الحلف باللّه كاذبا, فاوقعهما في الباطل وذاقا الشجرة فبدت سـوءاتـهـمـا, واخذا يستران عورتيهما بورق اشجار الجنة, فناداهما ربهما: الم انهكما عن تلكما الـشـجرة واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين ؟ قالا: ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اين كانت جنة آدم ؟
اخـبر اللّه سبحانه انه جاعل خليفة في هذه الارض, ومن اديم هذه الارض اخذ التراب الذي خلق مـنـه آدم, وكذلك على هذه الارض امر الملائكة بالسجود لادم, وابى ابليس السجود لادم وكذلك ادخـل آدم جـنة في هذه الارض ولم ينقل آدم من هذه الارض الى مكان آخر بعد خلقه منها, وامر الـملائكة بالسجود له في ذلك المكان, ولم ينقله من هذه الارض الى جنة الخلد ليكون اخراجه من جنة الخلد الى هذه الارض.
ودلـيـلـنا على ذلك بالاضافة الى ما يدل عليه ظاهر الايات ان الذي يدخل جنة الخلد يخلد فيها ولن يخرج منها كما تصرح بذلك الروايات.
ونـرى ان تـلـك الجنة كانت في العراق من الجزيرة العربية وانه صح ما نقله صاحب كتاب قاموس الكتاب المقدس عن كثرة من العلماء ان الجنة كانت في ارض الفرات.
ويـؤيـد ذلـك ان التوراة نصت على تفرع نهر جنة آدم الى اربعة فروع, هي: نهر الفرات ودجلة وجيحون وفيشون.
وجـاء فـي كـتـاب قـامـوس الكتاب المقدس ان بعض الباحثين يحتمل ان جيحون وفيشون في بابل.
اذن لـيـس المقصود من جيحون نهر جيحون الذي يصب في بحيرة بالقرب من بلدة خوارزم والذي ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان.
ولـما هبط آدم (ع) من الجنة سكن بابل الفرات, ولما توفي دفنه شيث في مغارة في جبل ابي قبيس فـي مـكـة, ثـم حـمـل نـوح عظامه في سفينته ودفنه بعد نزوله من السفينة في النجف.
وبناء على ذلك نرى ان خروج آدم (ع) كان من جنة كانت بالعراق, ولما هبط منها, تحول الى ارض قـريـبـة منها في العراق, وانه اخذ معه من اشجار تلك الجنة اغراسا ومن حبوبها بذورا غرس بها الاشجار وزرع بها الحبوب, بتعليم اللّه اياه كما صرحت الروايات بذلك.
امـا سـكناه في العراق فقد جاء في مادة (بابليون) من معجم البلدان: (فذكر اهل التوراة ان مقام آدم (ع) كـان ببابل) وبابل اراض كانت بين الفرات ودجلة, وفي مادة بابل من قاموس الكتاب المقدس ما مـوجزه كانت المياه ـمياه الفرات ودجلةـ تجري في جميع اراضيها, لذلك كانت اراضيها مشهورة بـالـخصب وتنتج انواع الفواكه والحبوب, وكان اسمها القديم شنعار (سفر التكوين: الاصحاح 10 و11) ومادة شنعار من قاموس الكتاب المقدس.
وفي مادة بابل من معجم البلدان ان بعضهم قال: ان بابل هي الكوفة وان نوحا بعد ان خرج من السفينة سار هو ومن معه في طلب الدفء وسكنوا بابل وكثروا بها من بعد نوح.
وامـا دفن آدم فقد جاء في روايات مدرسة الخلفاء ان نوحا دفنه ببيت المقدس وفي روايات مدرسة اهـل البيت انه دفنه في النجف في المكان الذي دفن فيه جثمان الامام علي بعد ذلك وان نوحا (ع) ـايضاـ دفن هناك, ويؤيد كون سكن آدم في العراق ما جاء في الروايات الاتية:
اولا ـ ان آدم (ع) حـج الـى مكة ووقف بالمشاعر, وان توبته قبلت في عرفة, وانه التقى بعد ذلك بـحواء في مكة وان اللّه امره ببناء البيت, ويستبعد ان يؤمر بالحج من قارة بعيدة مثل الهند, كما جاء ذلك في بعض الروايات التي لم تثبت لدي صحتها.
ثـانيا ـ جاء في روايات اخرى انه دفن في الغري من ارض النجف, وقد ورد في روايات دفن خاتم الانبياء (ص): ان كل نبي يدفن في المكان الذي قبض فيه.
من مجموع ما ذكرناه يتايد لنا, ان جنة آدم (ع) كانت في اراضي الفرات, وانه لما اخرج منها هبط قـريـبا منها, وعندئذ ايبس اللّه تلك الجنة, وازالها من الوجود, واحيا آدم (ع) مكانا آخر بالغرس والزرع, واللّه اعلم.
نقلة من حال الى حال
اولا ـ الملائكة ومعهم ابليس:
كـانـت الـمـلائكـة ومعهم ابليس يعبدون اللّه ويطيعونه في ما يامرهم في السموات والارض ولا يـعـصـوه طرفة عين حتى اخبرهم تعالى بانه جاعل في الارض خليفة فاستعلموه عن الحكمة في خـلـقه, فلما انباهم بالحكمة في امره وامرهم بالسجود له اطاعوه كما كان شانهم في طاعة سائر اوامـره, مـاعدا ابليس الذي كان يطيع اللّه في سائر اوامره اللاتي كانت لا تخالف هوى نفسه ولا تصطدم بكبريائه اما في امر السجود لادم (ع) فقد اطاع هوى نفسه وعصى امر ربه وبذلك انتقل بمحض اختياره من درجة: من لا يعصون اللّه ما امرهم وهم بامره يعملون, الى درجة:
مـن يصغي الى هوى نفسه ويعصي اللّه, فكان جزاء عمله: ان اهبطه اللّه تعالى من درجة الملائكة, وقال له:
(فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها) (الاعراف 13).
وفـي هذه المنزلة لم يندم على معصيته للرب ولم يتب اليه ولم يطلب منه المغفرة بل هوى بمحض اختياره الى ادنى من هذه المنزلة حيث طلب من اللّه وقال:
(انظرني الى يوم يبعثون قال انك من المنظرين) (الاعراف 14 ـ 15).
وبـعد تحصيله الوعد بقضاء حاجته حدد اللعين منزلته امام بارئه بمحض اختياره وقال: ارايت هذا الذي كرمت علي لاجعلن اللجام في حنك ذريته ولاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولازينن لهم اعمالهم ـ السيئة ـ ولا تجد اكثرهم شاكرين.
قال اللّه سبحانه وتعالى:
(اذهب فمن تبعك منهم فان جهنم جزاؤكم جزاء موفورا) (الاسرا 63).
هكذا انتقل ابليس بمحض اختياره من درجة الملائكة الذين لا يعصون اللّه ما امرهم, الى درجة من يعصون اللّه ما امرهم.
ولـم يـذهـب فـي هـذه الدرجة مع من يندمون على المعصية ويتوبون الى ربهم بل انحدر بمحض اختياره الى درجة الحضيض درجة من يضل الخلق ويصر على اضلالهم ابد الدهر.
ثانيا ـ آدم وحواء:
بعد ان اتم اللّه خلق آدم واسجد له الملائكة وخلق حواء ثم اسكنهما الجنة.
ولا بد ان تكون تلك الجنة على هذه الارض لان اللّه سبحانه خلق آدم من طين هذه الارض ومؤهلا للحياة على هذه الارض ولم يرد نص في الكتاب والسنة ان اللّه نقل آدم بعد خلقه من هذه الارض الى جـنة في كوكب آخر, ثم اعاده مرة ثانية الى هذه الارض, فلا بد كما قلنا ان تكون تلك الجنة على هـذه الارض غـيـر انه يظهر ان تلك الجنة كانت فريدة في بابها وخاصة بتلك المرحلة من مراحل تـكـويـن آدم وحـواء وانتهى وجودها ـ واللّه اعلم ـ بانتهاء تلك المرحلة, وامتازت تلك الجنة بما اخبر اللّه عنها وقال لادم:
ان لك الا تجوع في الجنة ولا تعرى, ولا تظما فيها ولا يصيبك حر الشمس.
وقال له ولحواء:
كلا من هذه الجنة حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين لنفسيكما.
وعهد الى آدم ان الشيطان عدو له ولزوجه فلا يخرجنهما من الجنة.
فـنـسـي آدم عـهـد اللّه بما كرر له الشيطان اليمين باللّه انه ناصح له واصغى هو وحواء بمحض اخـتـيـارهـمـا الى وسوسة الشيطان فانتقلا مختارين من حالة الاعتصام بقول اللّه الى حالة التاثر بالوسوسة, وكان جزاء عملهما الهبوط من الجنة الى هذا العالم عالم حياة الكدح.
والتعب والتكليف والتهيؤ للانتقال الى عالم الخلد, في نعيم الجنة او عذاب الجحيم.
وكذلك قبل الانسان حمل الامانة التي اخبر اللّه سبحانه وتعالى عنها وقال في سورة الاحزاب:
(انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انـه كان ظلوما جهولا ليعذب اللّه المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب اللّه على المؤمنين والمؤمنات وكان اللّه غفورا رحيما) (الايتان 72 ـ 73).
والـمـراد بـالامـانـة هنا ـ واللّه اعلم ـ التكاليف الالهية للانسان والتي يلزمها التحلي بقوى النفس الانسانية.
والمراد بعرضها على السموات والارض عرضها على غير المكلفين من الخلق, وكان ذلكما العرض والقبول مقدمة لاتخاذ المخلصين للّه والمصطفين من الناس.
وعلى هذا فان معصية آدم كانت في حمله الامانة التي كان من آثارها التاثر بوسوسة الشيطان, وقد كـان كـل ذلـك في مرحلة من مراحل خلق آدم (ع) لا تشبه المرحلة الاخيرة من خلقه في عالمنا الارضـي وقبل هبوطه المعنوي من تلك الجنة الفريدة والخاصة بتلك المرحلة الى خارجها من هذه الارض فـي سـلسلة مراحل التكوين والانشاء والانبياء معصومون عن اتيان المعصية في هذا العالم وان آدم (ع) هبط الى هذا العالم الذي خلق له بمحض اختياره, وعليه فان معصية آدم (ع) تجسيد لذلك الامر المعنوي واللّه اعلم.
6- شرح الايات وتفسيرها من الروايات
اولا ـ عن الرسول (ص):
روى احمد وابن سعد وابو داود والترمذي بسندهم عن رسول اللّه (ص), قال:
ان اللّه تـعـالـى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الارض, فجاء بنو آدم على قدر الارض, فجاء منهم: الاحمر والابيض والاسود,.
وبين ذلك الحديث.
روى ابن سعد عن رسول اللّه (ص) ما موجزه:
لما ركب آدم الخطيئة بدت عورته فكان لا يراها قبل ذلك.
عـن الصدوق في الخصال بسنده عن رسول اللّه (ص) قال: انما كان لبث آدم وحواء في الجنة حتى اخرجا منها, سبع ساعات من ايام الدنيا, حتى اهبطهما اللّه من يومهما ذلك.
ثانيا ـ عن الامام علي (ع):
قال الامام علي بن ابي طالب (ع) في بدء الخلق ما ياتي:
ا ـ في خلق الملائكة:
في البحار قال (ع):
وملائكة خلقتهم واسكنتهم سماواتك, فليس فيهم فترة, ولا عندهم غفلة, ولافيهم معصية, هم اعلم خـلقك بك, واخوف خلقك منك, واقرب خلقك اليك, واعملهم بطاعتك, ولا يغشاهم نوم العيون, ولا سهو العقول, ولا فترة الابدان, لم يسكنوا الاصلاب, ولم تضمهم الارحام, ولم تخلقهم من ماء مهين, انـشاتهم انشاء, فاسكنتهم سماواتك, واكرمتهم بجوارك, وائتمنتهم على وحيك, وجنبتهم الافات, ووقـيـتـهـم البليات, وطهرتهم من الذنوب, ولولا تقويتك لم يقووا, ولولا تثبيتك لم يثبتوا, ولولا رحـمـتـك لم يطيعوا, ولولا انت لم يكونوا, اما انهم على مكانتهم منك, وطواعيتهم اياك ومنزلتهم عـنـدك, وقـلـة غفلتهم عن امرك, لو عاينوا ما خفي عنهم منك, لاحتقروا اعمالهم, ولازروا على انـفـسـهـم, ولعلموا انهم لم يعبدوك حق عبادتك, سبحانك خالقا ومعبودا ما احسن بلاءك عند خلقك.
ب ـ في بدء الخلق:
وقال الامام علي في خطبته عن بدء الخلق ما تفسيره بايجاز:
ان اللّه سـبحانه خلق الاجواء وخلق في اعلاها ماء متلاطما تياره, يمتد ويرتفع بعضه فوق بعض, وحـمله على متن ريح عاصفة تموجه تمويجا شديدا كما يحرك اللبن في السقاء ليتمخض منه الزبد فـرمى الماء بالزبد ـ الزبد: ما يعلو الماء من الرغوة وحطام الاشياء ـ فرفع الزبد في هواء منبسط وجـو مفتوح واسع فسوى منه سبع سموات, جعل سفلاهن موجا ممنوعا من السيلان وعلياهن سقفا محفوظا بلا دعامة ولا مسامير يشد بعضها ببعض, وزين السماء الدنيا بزينة الكواكب, ثم فتق ما بين السماوات العلا ـاي التي فوق السماء الدنياـ فملاهن انواعا من ملائكته, منهم سجود لا يركعون وركـوع لا يـنـتـصبون, وصافون ـاقدامهمـ لا يتزايلون من مواقفهم, ومسبحون لا يسامون ولا يـغـشـاهـم نـوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الابدان ولا غفلة النسيان, منهم امناء على وحيه والـسـنة الى رسله, ومختلفون بقضائه وامره, ومنهم الحفظة لعباده والسدنة لابواب جنانه, ومنهم الـثابتة في الارضين السفلى اقدامهم والمارقة من السماء العليا اعناقهم لا يتوهمون ربهم بالتصوير ولا يجرون عليه صفات المصنوعين, ولا يحدونه بالاماكن ولا يشيرون اليه بالنظائر.
ج ـ في خلق الانسان:
ثـم جمع سبحانه من حزن الارض وسهلها, وعذبها وسبخها تربة سنها بالماء حتى خلصت, ولاطها بالبلة حتى لزبت, فجبل منها صورة ذات احناء ووصول واعضاء وفصول, اجمدها حتى استمسكت, واصلدها حتى صلصلت, لوقت معدود, واجل معلوم.
ثم نفخ فيها من روحه فتمثلت انسانا ذا اذهان يجيلها, وفكر يتصرف بها, وجوارح يختدمها, وادوات يقلبها, ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل, والاذواق والمشام, والالوان والاجناس, معجونا بطينته الالـوان المختلفة, والاشباه المؤتلفة, والاضداد المتعادية, والاخلاط المتباينة, من الحر والبرد, والبلة والجمود, والمساءة والسرور.
د ـ في خلق الجان والشيطان وابليس:
في البحار ايضا عن امير المؤمنين (ع) انه قال:
ان اللّه تبارك وتعالى لما احب ان يخلق خلقا بيده وذلك بعد ما مضى للجن والنسناس في الارض سبعة آلاف سنة, قال: ولما كان من شان اللّه ان يخلق آدم للذي اراد من التدبير والتقدير لما هو مكونه في الـسـماوات والارض وعلمه لما اراده من ذلك كله, كشط عن اطباق السماوات, ثم قال للملائكة: انظروا الى اهل الارض من خلقي من الجن والنسناس.
فلما راوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الارض بغير الحق, عظم ذلك عليهم وغضبوا للّه واسفوا على اهل الارض ولـم يـملكوا غضبهم ان قالوا: يارب انت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشان, وهذا خـلـقـك الضعيف الذليل في ارضك يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون بعافيتك وهم يـعـصـونك بمثل هذه الذنوب العظام, لا تاسف, ولا تغضب, ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى, وقد عظم ذلك علينا واكبرناه فيك.
فـلـما سمع اللّه عز وجل ذلك من الملائكة, قال: (اني جاعل في الارض خليفة) لي عليهم فيكون حجة في ارضي على خلقي, فقالت.
الـمـلائكـة: سـبحانك وقالوا: فاجعله منا فانا لا نفسد في الارض ولا نسفك الدماء.
قـال اللّه جل جلاله: يا ملائكتي: (اني اعلم ما لا تعلمون) اني اريد ان اخلق خلقا بيدي اجعل ذريته انـبـياء مرسلين, وعبادا صالحين, وائمة مهتدين, اجعلهم خلفائي على خلقي في ارضي, ينهونهم عن المعاصي, وينذرونهم عذابي, ويهدونهم الى طاعتي, ويسلكون بهم طريق سبيلي, واجعلهم حجة لي عذرا او نذرا, وابين النسناس من ارضي فاطهرها منهم, وانقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي, واسكنهم في الهواء وفي اقطار الارض, لا يجاورون نسل خلقي, واجعل بين الجن وبين خلقي حجابا, ولا يرى نسل خلقي الجن ولا يؤانسونهم ولا يخالطونهم, فمن عصاني من نـسـل خلقي الذين اصطفيتهم لنفسي, اسكنتهم مساكن العصاة, واوردتهم مواردهم ولا ابالي, فقالت الملائكة: يارب افعل ما شئت: (لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم), الخبر.
هـ ـ في امر الروح:
قال الامام علي (ع) ما موجزه:
الروح ليس هو جبرئيل, جبرئيل من الملائكة, والروح غير جبرئيل لقول اللّه لنبيه:
(ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده) (النحل 2) فالروح غير الملائكة, وقال:
(ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم) (القدر 3 ـ 4) وقال:
(يوم يقوم الروح والملائكة صفا) (النبا 38).
وقال للملائكة في آدم وجبرئيل يومئذ مع الملائكة:
(انـي خـالق بشرا من طين فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (ص 71 ـ 72) فسجد جبرائيل مع الملائكة للروح.
وقال لمريم:
(فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا) (مريم 17).
وقال لمحمد صلى اللّه عليه وآله وسلم:
(نزل به الروح الامين على قلبك).
ثم قال: (لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) (الشعراء 193 ـ 195).
فالروح واحدة والصور شتى.
اذا يكون الروح ـواللّه اعلم ـ ما نفخ في آدم (ع), وما حمله الملك الذي تمثل لمريم (ع), وكذلك مـا يـحـمله الملك الذي ينزل بالوحي على النبي (ص) واحيانا ياتي الروح الامين اسما للملك الذي يـحـمل الوحي للنبي (ص), وكذلك هو روح القدس الذي ايد اللّه به عيسى بن مريم, ويوم القيامة يقوم الروح بنفسه صفا مع الملائكة وهو الذي قال اللّه عنه:
(ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي) (الاسراء / 85).
اللّهم احفظنا من الخطا في الفهم والزلل في القول.
و ـ معنى سجود الملائكة لادم (ع):
قال الامام علي (ع) ما موجزه:
لم يكن سجود الملائكة لادم سجود طاعة, وانهم عبدوا آدم من دون اللّه عز وجل, ولكن اعترافا لادم بالفضيلة ورحمة من اللّه له.
شرح الكلمات:
والاجواء جمع جو: الفضاء الذي بين الارض وسائر الكواكب.
ماء متلاطما, تياره.
متلاطما: تلاطم الماء: ضرب بعضه بعضا.
والتيار: موج البحر وشدة جريان الماء, والمتراكم: المجتمع بعضه فوق بعض.
ان الامام (ع) جعل الملائكة اربعة اقسام:
الاول: اربـاب الـعبادة, ومنهم الراكع, والساجد, والصاف, والمسبح وقوله (صافون) اي: قائمون صفوفا لا يتزايلون اي: لا يتفارقون.
والـقـسـم الـثـاني: الامناء على وحي اللّه لانبيائه, والالسنة الناطقة في افواه رسله, والمختلفون بالاقضية الى العباد: بهم يقضي اللّه على من شاء بما شاء.
والـقسم الثالث: حفظة العباد, كانهم قوى مودعة في ابدان البشر ونفوسهم, يحفظ اللّه الموصولين بـها من المهالك والمعاطب, ولولا ذلك لكان العطب الصق بالانسان من السلامة, ومنهم سدنة الجنان, جمع سادن: وهو الخادم, والخادم يحفظ ما عهد اليه واقيم على خدمته.
والـقـسـم الـرابع: حملة العرش, ولعلهم هم المامورون بتدبير امر العالم من انزال المطر وانبات النبات وامثالها مما يتعلق بربوبية رب العالمين لعوالم المخلوقات.
وقوله (المارقة من السماء): المروق الخروج, وقوله (الخارجة من الاقطار اركانهم) والاركان:
الاعضاء والجوارح, والتمثيل في الكلام لا يخفى على اهل البصائر.
الضمير في (دونه) للعرش كالضمير في (تحته).
ومتلفعون: من تلفعت بالثوب, اذا التحفت به.
الـحـزن بـفـتـح فسكون: الغليظ الخشن, والسهل ما يخالفه, والسبخ: ما ملح من الارض واشار بـاخـتـلاف الاجـزاء التي جبل منها الانسان الى انه مركب من طباع مختلفة, وفيه استعداد للخير والشر, والحسن والقبيح.
سن الماء: صبه, والمراد صب عليها, او (سنها) هنا بمعنى ملسها كما قال الشاعر:
ثم خاصرتها الى القبة الخضــراء تمشي في مرمر مسنون.
وقـوله (حتى خلصت) اي: صارت طينة خالصة لاطها: خلطها وعجنها ملطة وطينه به, والبلة من البلل ولزب: تداخل بعضه في بعض, وصلب لزب: بمعنى التصق وثبت واشتد.
الاحـنـاء: جـمع حنو, وهو: كل ما فيه اعوجاج من البدن كعظم الحجاج, واللحي, والضلع, او هي الجوانب مطلقا وجبل: اي خلق.
اصلدها: جعلها صلبة ملساء متينة, وصلصلت: يبست حتى كانت تسمع لها صلصلة اذا هبت عليها رياح, وذلـك هو الصلصال, كانه قال: حتى يبست وجفت معدة لوقت معلوم ويمكن ان تكون بمعنى: جبل من الارض هذه الصورة ولايزال يحفظها لوقت معدود ينتهي بيوم القيامة.
مثل, ككرم: قام منتصبا والاذهان: قوى التعقل, ويجيلها: يحركها في المعقولات.
مختدمها: يجعلها في مربه واوطاره كالخدم الذين تستعملهم في خدمتك في شؤونك كلها, والادوات: جمع اداة, وهي الالة, وتقليبها: تحريكها في العمل بها فيما خلقت له.
مـعـجـونا: صفة (انسانا) والالوان المختلفة: الضروب والفنون, وتلك الالوان هي التي ذكرها من الحر والبرد والبلة والجمود.
استادى الملائكة وديعته: طلب منهم اداءها, والوديعة هي عهده اليهم بقوله:
(اني خالق بشرا من طين, فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).
الـشقوة: ما حتم عليه من الشقاء, والشقاء: ضد السعادة, وهو النصب الدائم والالم الملازم, وتعززه بـخـلـقـة النار: استكباره مقدار نفسه بسبب انه خلق من جنس لطيف ومادة اعلى من مادة الصلصال, والـصـلـصـال: الطين الحر خلط بالرمل او الطين ما لم يجعل خزفا والمراد من الصلصال هنا مادة الارض الـتـي خـلق آدم (ع) منها, وجنس ما خلق منه الجن ـوهم من الاجناس اللطيفةـ اعلى من جـنس ما خلق منه الانسان, وهو مجبول من عناصر الارض, والنظرة ـبفتح فكسر: الانتظار به حيا, ما دام الانسان عامرا.
ثالثاـ عن الامام محمد الباقر(ع):
قال في معنى: (ونفخت فيه من روحي):
روح اختاره اللّه, واصطفاه, وخلقه, واضافه الى نفسه, وفضله على جميع الارواح.
وفي رواية اخرى عنه انه قال:
انما اضافه الى نفسه لانه اصطفاه على سائر الارواح, كما اصطفى بيتا من البيوت, فقال: بيتي, وقال لرسول من الرسل: خليلي, واشباه ذلك, وكل مخلوق, ومصنوع, محدث مربوب مدبر.
وفي رواية اخرى قال الراوي:
سالت ابا جعفر عن الروح التي في آدم والتي في عيسى ماهما؟.
قـال: روحـان مـخـلـوقان, اختارهما, واصطفاهما: روح آدم, وروح عيسى, صلوات اللّه عليهما.
رابعا: عن الامام جعفر الصادق (ع):
انه قال في قوله تعالى: (فبدت لهما سوءاتهما) (طه 121), قال (ع):
كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت يعني كانت من داخل.
وفي محاورة جبرئيل لادم قال (ع):
لـمـا خـرج آدم مـن الجنة نزل عليه جبرئيل (ع) فقال: يا آدم اليس اللّه خلقك بيده, ونفخ فيك من روحه, واسجد لك ملائكته, وزوجك حواء امته, واسكنك الجنة, واباحها لك, ونهاك مشافهة, ان لا تاكل من هذه الشجرة, فاكلت منها وعصيت اللّه ؟.
فقال آدم (ع): يا جبرئيل ان ابليس حلف لي باللّه انه لي ناصح, فما ظننت ان احدا من خلق اللّه يحلف باللّه كاذبا.
وفي توبة آدم قال (ع):
ان اللّه تـبـارك وتعالى لما اراد ان يتوب على آدم عليه السلام ارسل اليه جبرئيل, فقال له: السلام عليك يا آدم الصابر على بليته, التائب عن خطيئته, ان اللّه تبارك وتعالى بعثني اليك لاعلمك المناسك الـتي يريد ان يتوب عليك بها, واخذ جبرئيل بيده وانطلق به حتى اتى البيت, فنزل عليه غمامة من السماء فقال له جبرئيل (ع): خط برجلك حيث اظلك هذا الغمام, ثم انطلق به حتى اتى به منى فاراه مـوضع مسجد منى فخطه, وخط الحرم بعد ما خط مكان البيت, ثم انطلق به الى عرفات فاقامه على العرف وقال له: اذا غرب الشمس فاعترف بذنبك سبع مرات, ففعل ذلك آدم.
خامسا ـ عن الامام الرضا(ع):
قال في معنى قوله عز وجل: (خلقت بيدي) (ص / 75) يعني بقدرتي وقوتي. وفي عصمة الانبياء عندما ساله المامون:
يا ابن رسول اللّه اليس من قولك: ان الانبياء معصومون ؟.
قال: بلى.
قال: فما معنى قول اللّه عز وجل: (وعصى آدم ربه فغوى) (طه 121).
فقال (ع): ان اللّه تبارك وتعالى قال لادم (ع): (اسكن انت وزوجك الجنة فكلا منها حيث شئتما ولا تـقربا هذه الشجرة) واشار لهما الى شجرة الحنطة, (فتكونا من الظالمين) ولم يقل لهما: لا تاكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها, فلم يقربا تلك الشجرة, وانما اكلا من غيرها لما ان وسوس الشيطان اليهما وقال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة, وانما نهاكما ان تقربا غيرها ولم ينهكما عن الاكل منها: (الا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين) (الاعراف 20 و21).
ولـم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف باللّه كاذبا: (فدلاهما بغرور) فاكلا منها ثقة بيمينه باللّه, وكان ذلك من آدم قبل النبوة.
وتاتي تتمة الروايات عن بدء الخلق في الملاحق بخر الكتاب ان شاء اللّه تعالى.
ان الاصـنـاف الخمسة من خلق اللّه واللاتي بحثنا عنها آنفا تنقسم بلحاظ انواع هداية رب العالمين الى الاصناف الاربعة الاتية في بحث الربوبية ان شاء اللّه تعالى.
خلاصة البحث
انقسام الخلق بحسب نوع الهداية الى اربعة اصناف:
ينقسم خلق اللّه المذكورون في الفصل الاول من هذا البحث الى الاصناف الاربعة الاتية:
1 ـ من له حياة وموت وارادة وادراك كامل, وليست له نفس امارة بالسوء, وهم جنود اللّه الملائكة.
2 ـ مـن لـه حـياة وموت وارادة ونفس مدركة تمام الادراك امارة بالسوء, وينقسم هذا الصنف الى نوعين:
ا ـ من خلق من التراب, وهم ابناء آدم (الانسان).
ب ـ من خلق من نار السموم, وهم الجان.
3 ـ من له حياة وموت وارادة وليست له نفس مدركة, ولا تعقل, وهم صنف الحيوان.
4 ـ من ليست له حياة الحيوان وادراكه وارادته من الخلق, مثل النباتات, والمياه, والشمس, والقمر, وسائر النجوم.
ونشاهد لكل نوع من كل صنف من اولئكم الخلق نظاما متقنا في حياته الخاصة به يبلغه درجة الكمال في وجوده.
فمن هو الذي قدر لكل نوع منهم نظام حياته؟ وما اسمه؟.
هذا ما سندرسه في بحوث الربوبية الاتية, ان شاء اللّه تعالى.
source : http://aqaedalshia.com