عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

عقائد الاسلام من معين القرآن الكريم وبما ان اللّه تعالى انزل كتابه المجيد بلغة العرب

   
الاهداء.
الـى اول مـسـلمة آمنت باللّه ورسوله (ص ) وبذلت في سبيل الاسلام النفس والنفيس حتى فارقت الحياة .
الى اولى امهات المؤمنين الطاهرات عليها السلام .
الى ام عترة الرسول (ص ) وذريته الباقية .
الى ام فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (ع ).
الـى جـدتـي خديجة (ع ) اهدي ثواب هذا الكتاب سائلا المولى جل وعلا ان ينفع به المسلمين انه سميع مجيب .
مرتضى العسكري .
بسم اللّه الرحمن الرحيم .
(الـم ذلـك الـكتاب لا ريب فيه هدى ء للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون ) (البقرة 1 ـ4).
(انـ هـذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا) (الاسراء 19).
(فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة اللّه التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) (الروم 30).
(انـ الـدين عند اللّه الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يـكـفر بيات اللّه فان اللّه سريع الحساب فان حاجوك فقل اسلمت وجهي للّه ومن اتبعني وقل للذين اوتـوا الـكتاب والاميين ءاسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فانما عليك البلاغ واللّه بصير بالعباد).
(افـغير دين اللّه يبغون وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون قل آمنا باللّه وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ) (آل عمران 19 ـ 20 و83 ـ 85).
(اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (المائدة 3).

المقدمة
بسم اللّه الرحمن الرحيم .
الحمد للّه رب العالمين , والصلاة على محمد وآله الطاهرين , والسلام على اصحابه المنتجبين .
وبعد: فقد استعنت اللّه وقمت بتاليف هذا الكتاب رجاء ان يحقق لي الاهداف الاتية :
ا ـ لـمـا رايـت الـمدارس الفكرية البشرية خالفت القرآن الكريم مدى العصور فيما تقولته عن بدء الـخـلـق , وان اصحاب الانظمة الاجتماعية بنت عليها ما شرعت من قوانين للمجتمع البشري التي تناقض الاحكام القرآنية واستندت اليها كذلك جيلا بعد جيل , وان ذلك ادى ببعض علماء المسلمين الى ان يقوموا بشتى المحاولات للتوفيق بين نظريات المخلوقين عن بدء الخلق وما اعلن الخالق عنه فـي الـقـرآن الـكريم واستند اليه الوحي في ما انزل من تشريع , وادت تلك المحاولات الى انعدام الرؤية الصحيحة لما بينه القرآن الكريم عن بدء الخلق وصلة الخلق باللّه الخالق الرب .
لـمـا رايت كل ذلك قمت في بحوث هذا الكتاب بمحاولة متواضعة في استنباط بعض ما قاله القرآن الـكـريـم عن اللّه الخالق الرب واسمائه الحسنى , وبعض ما قاله عن الخلق وعن صلته بخالقه منذ بـداية خلقه الى يوم المعاد, دون اي انحراف عنها الى شي ء مما قاله اصحاب النظريات من الخلق فان كنت قد نجحت في هذه المحاولة المتواضعة فللّه الحمد على ما وفق , وله الشكر على ما انعم , وان كنت قد زللت في بعض عملي فانه من قصوري واساله تعالى ان يتجاوز عني بفضله وكرمه .
ب ـ بـعـد مـناقشتي في المجلد الثاني من مجلدات (القرآن الكريم وروايات المدرستين ) روايات مـدرسـة الـخلفاء التي اسندت الى رسول اللّه (ص ) انه اجاز تبديل اسماء اللّه في القرآن الكريم , بـعـضها ببعض , وجدت ان ايفاء البحث حقه بحاجة الى دراسة مقارنة بين موارد استعمال اسمين من اسماء اللّه , في القرآن الكريم بتفصيل .
وكان في دراستي اسمي : (الاله ) و(الرب) في هذا الكتاب مثالا يوضح مبلغ بعد هذا القول عن الحق والصواب , وعدم صحة نسبة تلك الروايات الى رسول اللّه (ص ) واصحابه .
وايضا, كنا بحاجة ـ لدراسة روايات النسخ بمدرسة الخلفاء في ذلك الكتاب ـ الى دراسة النسخ في مسيرة الرسل كما جاء في هذا الكتاب .
ج ـ بـعـد ان انـتـهـينا في المجمع العلمي الاسلامي من تنظيم ما اردنا تنظيمه من الكتب الدراسية للحوزات العلمية , ولم اجد كتابا يفي بحاجة اهل العصر في دراسة العقائد الاسلامية , استعنت اللّه وقمت .
بتقديم بحوث هذا الكتاب رجاء ان تسد هذا الفراغ باذنه تعالى .
د ـ لما رايت ـ بعد قيام الجمهورية الاسلامية ـ تطلعا من الناس في كل مكان الى معرفة الاسلام في بـلادهم , وما شاهدت من هجرة جماهير المسلمين الى بلاد الغرب وانقطاع صلتهم بمنابع الاسلام فـي بلدانهم , رايت من الواجب علينا ان نقدم سلسلة من الكتب لتعليمهم الاسلام في مستويات فكرية مـخـتـلـفة فاستعنت اللّه وقمت بوضع مخطط لذلك , من ضمنه سلسلة (قيام الائمة باحياء السنة ), وطبع الجزء الاول منه تحت عنوان : مصطلحات اسلامية , وجعلته مقدمة لهذا الكتاب .
وفـي هـذا الـكـتـاب عندما تقدمت الى رحاب القرآن الكريم للقيام بدراسة عقائد الاسلام , وجدت الـقـرآن الـعـظيم قد عرض عقائد الاسلام بسلاسة يفهمها كل لبيب عربي اللسان بلغ سن الرشد, واصبح مخاطبا فيه بقوله تعالى : (يا ايها الناس ).
غـير ان العلماء اعتمدوا في تفسير القرآن فلسفة الفلاسفة , وعرفان المتصوفة , وكلام المتكلمين , وروايـات اسـرائيلية , واخرى رويت عن رسول اللّه (ص ) دون ان يقوموا بتمحيصها, واولوا ما ورد في .
الـقـرآن الـكـريم بها, وبذلك جعلوا من عقائد الاسلام طلاسم والغازا واحاجي لا يفهمها غير من مارس حلها بطرق رسمها العلماء في علوم البلاغة والمنطق والكلام والفلسفة وامثالها, وادى عملهم ذلك .
الى تفرقة المسلمين الى معتزلة واشاعرة ومرجئة و و والخ .
هـ ـ كذلك وجدت عقائد الاسلام في القرآن الكريم سلسلة متصلة الحلقات يهدي بعضها الى بعض , وهي في مجموعها وحدة منسجمة الاجزاء يكمل بعضها بعضا.
وعـنـدما عرضها العلماء في تليفهم فصلوا بعضها عن بعض , فاختفت بذلك حكمة عقائد الاسلام عن دارسيها.
وللاسباب التي ذكرتها سرت في بحوث الكتاب وفق المنهج الاتي :

منهاج البحث
اسـتـقيت ـ في بحوث هذا الكتاب ـ عقائد الاسلام من معين القرآن الكريم وبما ان اللّه تعالى انزل كتابه المجيد بلغة العرب , وقال سبحانه وتعالى :
ا ـ في سورة يوسف :
(انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) (الاية 2).
ب ـ في سورة الشعراء:
(نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) (الايات 193 ـ 195).
ولـبـعدنا عن لغة العرب فى عصر نزول القرآن الكريم , رجعت احيانا في تفسير الايات الى معاجم اللغة .
ورجـعـت لـمـعـرفة تفسير الايات الى روايات السيرة والحديث التي قمت بتمحيصها في مؤلفاتي الاخرى , ودرست القليل منها عند قيامي بهذه البحوث .
ومن ثم اعتمدت في بحوث الكتاب ثلاثة انواع من تفسير القرآن الكريم :
1 ـ الـتـفـسـير بالماثور: (اي المروي ) مثل ما فعله السيوطي (ت 911هـ) في الدر المنثور في تـفـسـيـر القرآن بالماثور, والبحراني (ت 1170هـ او 1109هـ) في تفسيره البرهان , غير اني اعـتمدت ما ثبتت عندي صحته , والسيوطي ذكر كل ماوجد من روايه وفيها ما يناقض بعضها بعضا الاخر, وقد ناقشت بعضا مما رواه .
ورجعت في الاحاديث التي اعتمدتها الى ما لدى عامة المسلمين من كتب الحديث , من صحاح ومسانيد وسنن وغيرها, ولم اقتصر على ما لدى مذهب اسلامي دون آخر, واحيانا قمت بدراسة مقارنة بين حـديـث وآخـر وراي اعتمد حديثا وآخر مع اسناد الراي الى صاحبه , ودعمت رايي بما لدينا من دليل عليه .
وفـي درايـة الـحـديث اعتمدت نهج مشايخ الحديث الى القرن السادس الهجري كما بينته في بحث (ائمة اهل البيت وضعوا مقاييس لمعرفة الحديث ) في المجلد الثالث من معالم المدرستين .
2 ـ التفسير اللغوي : كما فعله السيوطي في اعتماده على ما رواه عن ابن عباس وغيره .
ولما كان علماء اللغة ـ احيانا ـ يطيلون البحث بايراد المعنى الحقيقي للكلمة مع المعاني المجازية لها, تـجـنـبت ذلك واوردت مما ذكروا في معنى الكلمة ما يناسب سياق الاية , وتركت ايراد غيره مما ذكروه .
3 ـ التفسير الموضوعي : مثل ما فعله الفقهاء في تفسيرهم : (آيات الاحكام ).
والانواع الثلاثة من التفسير هي الصحيحة والمروية عن ائمة اهل البيت (ع ).
ولـما كان في آيات القرآن الكريم اكثر من مقصد واحد غالبا, فاني اذكر من الفاظ الايات ما يخص مقصد البحث , واحذف ما عداه ليسهل على الدارسين استيعاب البحث , ومن ثم قد يتكرر ذكر آية او آيـات فـي بحث بعد بحث حسب تناسب معانيها مع موضوعات البحوث وكذلك قد يتكرر ذكر معنى الـلفظ القرآني لبعد الموضع الثاني عن الموضع الاول بما يسبب نسيان المعنى او لتغيير معنى اللفظ فـي الـمـوضـع الـثاني عن معناه في الموضع الاول وفي ذكر الروايات رجعت احيانا بالاضافة الى الـروايات التي تفسر الايات الى روايات فيها شرح وتوضيح لبعض اطراف البحث لمسيس الحاجة فـي استيعاب جميع جوانب البحث اليها واستشهدت في بعض البحوث بما جاء في التوراة والانجيل مصدقا لما ذكرناه وخاصة في :
ا ـ اخبار الانبياء, لان في العهدين اقدم نص تاريخي عن سيرة الانبياء قبل النبي الخاتم (ص ),.
وقـد اسـتشهد اللّه جل ذكره في القرآن الكريم بما جاء في التوراة في خبر تحريم اسرائيل على نفسه ما حرم , بقوله تعالى في سورة آل عمران 93: (كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل الا ما حرم اسرائيل .
على نفسه من قبل ان تنزل التوراة قل فاتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين ).
ونـتـرك مـن اخـبارهما ما نسب فيه الى اللّه جل ذكره ما هو منزه عنه والى رسله وانبيائه ما هم منزهون عنه , وكذلك نترك ما يخالف العقل والعلم .
ب ـ مـا جـاء فيهما من بشارات ببعثة النبي الخاتم (ص ) كما استشهد القرآن الكريم ببشارة عيسى (ع ) ببعثته في قوله تعالى في سورة الصف 6: (واذ قال عيسى بن مريم يا بني اسرائيل اني رسول اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد).
وتجنبت في التعبير ـ ما امكنني ـ ذكر الاصطلاحات العلمية في البحوث , وبدلتها بما يفهمه القارى ء العربي اللسان غير المتخصص بتلك العلوم .
واقـتـصرت على ذكر الاقوال في موضوع البحث بالقول الذي نختاره مع بيان دليله واحيانا اختار رايا مجانبا لاراء من سبقني من العلماء واقدم الدليل على ما اخترته باذنه تعالى .
ثـم اني سلسلت عقائد الاسلام في هذا الكتاب ـ كما وجدتها في القرآن الكريم ـ مجموعة متناسقة يـكمل بعضها بعضا, ويهدي البحث المتقدم الى موضوع البحث المتاخر, وبذلك تدرك عقائد الاسلام وحكمتها, ولذلك لا يتيسر استيعاب البحث المتاخر في هذا الكتاب قبل استيعاب ما جاء في البحوث المتقدمة عليه , كما يرى ذلك في مخطط البحوث الاتي :

مخطط البحوث
1 ـ الميثاق : (الست بربكم ).
2 ـ بحوث الالوهية :
ا ـ هل خلق الخلق مصادفة ؟.
ب ـ معنى الاله .
ج ـ معنى (لا اله الا اللّه ).
د ـ اللّه بنات وبنون .
3 ـ اصناف خلق اللّه في القرآن الكريم :
ا ـ الملائكة .
ب ـ السموات , والارض وسماؤها.
ج ـ الدواب .
د ـ الجن والشياطين .
هـ ـ الانسان .
و ـ شرح الايات وتفسيرها من الرويات .
4 ـ بحوث الربوبية :
ا ـ الرب .
ب ـ وما رب العالمين ؟.
ج ـ انواع هداية رب العالمين لاصناف الخلق :
اولا ـ التعليم المباشر لصنف الملائكة .
ثانيا ـ التسخير للمسخرات .
ثالثا ـ الالهام الغريزي للحيوان .
رابعا ـ التعليم بالوحي بواسطة الرسل للانس والجن .
5 ـ الدين والاسلام .
6 ـ مبلغون عن اللّه ومعلمون للناس .
آدم الى آباء النبي من ذرية اسماعيل .
7 ـ صفات المبلغين عن اللّه .
8 ـ معارك الرسل مع اممهم حول ربوبية رب العالمين وتشريعه الاسلام لهم .
9 ـ الـنـسخ في مسيرة الرسل اصحاب الشرايع بعد آدم (نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات اللّه عليهم اجمعين ):
ا ـ وحدة شرايع آدم ونوح وابراهيم .
ب ـ مصطلحا النسخ والاية ومعناهما.
ج ـ تفسير آية (ما ننسخ من آية ), وآية (واذا بدلنا آية مكان آية ).
د ـ اختصاص شريعة موسى ببني اسرائيل .
هـ ـ انتهاء امد شريعة موسى (ع ) ببعثة خاتم الانبياء.
و ـ معنى النسخ في شريعة نبي واحد.
10 ـ رب العالمين يجزي الانسان بثار عمله :
ا وب ـ في الدنيا والاخرة .
ج ـ عند الممات .
د ـ في القبر.
هـ ـ في المحشر.
و ـ في الجنة والنار.
ز ـ جزاء الصبر.
ح ـ توارث جزاء العمل .
11 ـ الشفاعة جزاء لبعض الاعمال .
12 ـ حبط الاعمال جزاء لبعض الاعمال .
13 ـ مشاركة الجن والانس في امر جزاء الاعمال .
14 ـ من صفات الرب, اسماؤه :
ا ـ ذو العرش ورب العرش .
ب ـ الرحمن .
ج ـ الرحيم .
د ـ معنى الاسم .
وللّه الاسماء الحسنى :
ا ـ اللّه .
ب ـ معنى الكرسي .
ج ـ معنى العبد والعبادة .
(ما يتبع بحث الاسماء والصفات ).
15 ـ مشيئة اللّه رب العالمين .
ا ـ معنى المشيئة .
ب ـ في الرزق .
ج ـ في الهداية .
د ـ في الرحمة والعذاب .
17 ـ البداء او يمحو اللّه ما يشاء ويثبت :
ا ـ معنى البداء.
ب ـ البداء في مصطلحات علماء العقائد الاسلامية .
ج ـ البداء في القرآن .
د ـ في روايات مدرسة الخلفاء.
هـ ـ في روايات مدرسة اهل البيت (ع ).
18 ـ الجبر والتفويض :
معنى الجبر والتفويض والاختيار.
19 ـ القضاء والقدر.
ا ـ معاني القضاء والقدر.
ب ـ روايات ائمة اهل البيت (ع ) في القضاء والقدر.
ج ـ اسئلة واجوبة .
خلاصة وخاتمة اسلوب القرآن في طرح عقائد الاسلام .
اساله تعالى ان يجعل الكتاب معينا لمن اراد ان ياخذ عقائد الاسلام من القرآن الكريم بيسر وسهولة , ووسيلة لمن شاء من المسلمين ان يتركوا التفرقة ويوحدوا كلمتهم حول راية القرآن وصدق اللّه .
العظيم حيث يقول في سورة النساء:
(ياايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وانزلنا اليكم نورا مبينا فاما الذين آمنوا باللّه واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم اليه صراطا مستقيما) (الايتان 174 ـ 175).
وآخر دعوانا ان الحمد للّه رب العالمين .
المؤلف .
ـ 1 ـ.
الميثاق .

ميثاق الاله الرب مع بني آدم
اـ آية : (الست بربكم ).
ب ـ حركتا المعدة والدماغ في طلب الطعام والمعرفة .
ج ـ تفسير الاية .
د ـ المحيط والوالدان لا يجبران الانسان على امر.
((1)) و ((2)) .

الست بربكم وحركة الدماغ
اخذ اللّه سبحانه الميثاق من ذرية بني آدم كما اخبر عن ذلك وقال في سورة الاعراف :
(واذا اخـذ ربـك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم ؟ قالوا بلى , شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا انما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من .
بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون ) (الايتان 172 ـ 173).
نحتاج في تفسير هاتين الايتين الى المقدمة الاتية :
عندما ينفصل الطفل عن بطن امه وينقطع منه الحبل الذي كان متصلا بسرته لنقل الغذاء من جسم امه الـيـه , تدفعه غريزة الجوع الى التحرك لطلب الغذاء, فيتشنج جسمه كما يظهر ذلك على سحنات وجـهـه , فـيـبـكي ويصرخ ولا يهدا حتى يلتقم الثدي ويدر اللبن في فمه ويجري منه الى معدته , وتـسـتـمـر هـذه الـغريزة في دفع الانسان للتحرك والعمل الدائب في طلب الطعام , طوال حياته ويـشـارك الـحـيوان الانسان في هذه الغريزة والتي نسميها بحركة المعدة في طلب الطعام , وهي الغريزة الاولى التي تدفع الانسان الى التحرك والعمل في الحياة , وبعد ذلك بسنوات تتدرج الغريزة الـثانية بالنمو فيه وذلك بعد ما ينمو الطفل ويصبح صبيا وتتدرج خلاياه الدماغية في التحرك لطلب طـعـام الـمعرفة , عندئذ يلفت نظره وجود كل موجود وحدوث كل حادث يراه ويوجه السؤال الى والديه عن سبب وجود الحادث فاذا راى الشمس ـ مثلا ـ تغرب في الافق يسال ابويه ويقول :
اين تذهب الشمس في الليل ؟.
واذا راى عينا نابعة في اسفل الجبل يجري منها الماء, يسالهما:
من اين ياتي هذا الماء؟.
واذا راى الغيوم تسير في السماء يسالهما:
اين تذهب هذه الغيوم ؟.
وهـكـذا يـطرد انتباهه للموجودات وحركاتها وايراده السؤال عن اسبابها من والديه او اي انسان آخـر اكـبر سنا منه يصحبه , وهذه هي الغريزة الثانية التي تدفع الانسان الى التحرك لاشباع نهم هـذه الـغـريـزة , وهذه الغريزة في حقيقتها هي حركة العقل البشري في سبيل كسب المعرفة عن طـريق البحث لمعرفة اسباب الحوادث , ويطرد عمل هذه الغريزة طوال عمر الانسان في البحث عـن سـبـب وجـود كل موجود, وسبب حركة كل موجود وسبب سكونه وهذا هو السبيل الوحيد لـكـسـب المعرفة الانسانية واكتساب جميع العلوم البشرية وينتهي بحث الانسان عن سبب وجود الـمـوجـود الـى مـعـرفة موجد الموجودات اي وجود الاله الخالق , وفي بحثه عن سبب حركة الـمـوجـودات وسكونها الى معرفة موجد النظام لحياة كل موجود, مثل سير القمر حول الارض , والارض حول الشمس , او حركة الذرة في داخلها وحركة الكريات البيض والحمر في الدم , والى مالا يعد ويحصى من انظمة الحركة والسكون للموجودات , يهتدي الانسان في هذا النوع من البحث الى ان للموجودات في عالمنا الارضي والسماوي وما بينهما ربا نظم حياة كل فرد من الموجودات , وهذا معنى قوله تعالى في سورة الاعراف :
(واذ اخذ ربك ) الاية .
((3)) .

تفسير الاية
(واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ), اي عندما اخذ اللّه من كل فرد من بني آدم ذريته ونـسـلت الذرية من ظهر ابيه (اشهدهم على انفسهم ), استشهد كل فرد منهم على نفسه وساله بما وهبه من فطرة البحث عن اسباب وجود كل موجود واسباب حركة كل موجود وما ادركه بعقله ان لـكل مخلوق خالقا ولكل منظم منظما, وهي الغريزة الفطرية التي بها يمتاز الانسان عن كل ما عداه مـن مـخـلوق , وبها يستنتج ويتعلم مالا يتعلمه غيره من الخلق كما ياتي بيانه في تفسير (وعلم آدم الاسماء كلها) ان شا اللّه تعالى .
((4)) .

المحيط والوالدان لا يجبران الانسان على امر
بـالغريزة التي جبلهم اللّه عليها (اشهدهم على انفسهم ) وقال لهم : (الست بربكم )؟ واجابوا بلسان الفطرة ـ ايضا ـ: (بلى شهدنا), وهذا هو معنى الحديث المروي عن رسول اللّه (ص ):
(كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه يهودانه وينصرانه ) (1).
وفي رواية آخرى بعدها: (ويمجسانه ) (2).
اي ان كـل انـسـان يولد على فطرة معرفة الربوبية كما ياتي شرحها ان شاء اللّه تعالى , وان والديه يـحرفانه عن فطرته السليمة , ويدخلانه في دين اليهود او النصارى او المجوس المنحرفين عن دين الفطرة والمحرفين لدين اللّه جل اسمه , كما سياتي بيانه ان شاء اللّه تعالى .
وانما اشهدهم على الايمان بالرب دون الاشهاد على الايمان بالاله لان الايمان بالرب المشرع لنظام الـحـيـاة لـلخلق يستلزم الايمان بوجود الاله الخالق لهم دون العكس , كما ياتي بيانه ضمن تفسير: (الذي خلق فسوى ) ان شاء اللّه تعالى .
اشـهـدهـم اللّه تعالى بذلك على انفسهم لئلا يقولوا يوم القيامة : (انا كنا عن هذا غافلين ) ولم نتنبه لربوبيتك , ولم تقم لنا حجة عليها, ولم تكمل عقولنا لندرك بها الربوبية .
او يقول قائل منهم : (انما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ).
اي : انـمـا نـشا آباؤنا قبلنا على الشرك بالالوهية والكفر بالربوبية , وكنا ذرية جئنا الى الدنيا من بـعدهم لا نعرف شيئا من الحياة , وهم الذين وجهونا الى الكفر بالالوهية والشرك بالربوبية , فنشانا على ما ربونا ووجهونا, فالذنب ذنبهم وتقع التبعة عليهم : (افتهلكنا بما فعل المبطلون ), افتعذبنا بما ربانا عليه الاباء والامهات , وذلك ما يعبر عنه في عرفنا اليوم باثر المحيط على الطفل خاصة وعلى الانسان .
بـصـورة عـامة , وقال اللّه سبحانه : ليس لكم ان تقولوا ذلك لاننا فطرناكم على غريزة البحث عن الاسباب .
وبذلك اكتشف الخلف بعد السلف ما لم يعرفه الاسلاف , وكانوا ينكرون بعضها ويكفرون ببعض مثل , قـوة الـبـخار, وطاقة الكهرباء, وسير النور, ودوران الكواكب بعضها حول بعض والى ما يتعسر احصاؤها من امثالها مما تمكن الخلف من اثبات بطلان اقوال السلف وعقائدهم حولها.
وهـكـذا قال اللّه تعالى لنا: بما فطرناكم عليه من غريزة البحث عن الاسباب ومنحناكم العقل الذي تميزون به الصحيح من الخطا والحق من الباطل , اتممنا الحجة عليكم , وليس لكم ان تقولوا: انا كنا عـن هذا غافلين , او تقولوا انما اشرك آباؤنا واتبعناهم واثر فينا محيطنا وقد ضرب اللّه مثلا في القرآن الكريم على تمكن الانسان من مخالفة المحيط الذي نشا فيه كما جاء في سورة التحريم :
(ضـرب اللّه مـثـلا لـلـذيـن كـفروا امراة نوح وامراة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين وضرب اللّه مثلا للذين آمنوا امـرات فـرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الـظـالـمـين ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) (الايات 10 ـ 12).
كـانـت آسـية في اسرة كافرة ومحيط كافر وزوجة لمن يدعي الالوهية والربوبية اذا فان آسية كـانـت ربة وآلهة على حد زعم قومها, ومع ذلك فانها خالفت قومها واسرتها وزوجها وآمنت برب العالمين , وتبرات من فرعون وعمله وقالت : (نجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ) اي قومها, وقاومتهم حتى استشهدت في سبيل الايمان برب العالمين .
وكـذلـك كـانت كل من امراة نوح وامراة لوط في بيت نبي يدعو الخلق الى رب العالمين , فكفرتا برب الـعالمين وبزوجيهما وكان اكثر خلافا منهن للمحيط ابن نوح الذي اخبر اللّه تعالى عنه في سورة هود (ع ) انه عصى اباه نوحا (ع ) لما ركب السفينة فقال :
(وهـي تـجـري بـهـم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابني اركب معنا ولاتكن مع الـكـافـريـن قال سوي الى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من امر اللّه الا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ) (الايتان 42 ـ 43).
ان كـلا من زوجة نوح ولوط خالفت زوجها, وان ابن نوح (ع ) خالف اباه وامتنع من ركوب السفينة وهو يرى آثار عذاب اللّه : (الامواج التي ظهرت كانها الجبال ) متابعة منهما ومنه لهوى النفس .
وان امـراة فـرعون خالفت قومها واسرتها وزوجها مخالفة منها لهوى النفس واتباعا لامر ربها, وان مـريـم (ع ) ابنة عمران صدقت بكلمات ربها وكتبه وهي في اسرة مؤمنة اذا ان الاسرة والمحيط لايـقـسران الانسان على الكفر او الايمان , وانما توجد في الانسان الرغبة في متابعة المحيط كما اخـبـر اللّه فـي سـبـعة مواضع من كتابه الكريم , ان الامم قالت لانبيائها انها تتبع آباءها في عبادة الاصنام والملائكة , مثل ما جاء في خبر ابراهيم (ع ) مع قومه :
ا ـ في سورة الانبياء:
(ولـقد آتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين اذ قال لابيه وقومه ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ) (الايات 51 ـ 53).
ب ـ في سورة الشعراء:
(واتـل عـلـيهم نبا ابراهيم اذ قال لابيه وقومه ماتعبدون قالوا نعبد اصناما فنظل لها عاكفين قال هل يـسـمعونكم اذ تدعون او ينفعونكم او يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) (الايات 69 ـ 74).
وجاء في خبر موسى (ع ) مع قومه في سورة يونس :
(قـال موسى اتقولون للحق لما جاءكم اسحر هذا ولا يفلح الساحرون قالوا اجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الارض وما نحن لكما بمؤمنين ) (الايتان 77 ـ 78).
ومثل ما جاء في خبر خاتم الانبياء مع قومه في :
ا ـ سورة المائدة :
(واذا قـيـل لـهـم تـعالوا الى ما انزل اللّه والى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا اولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ) (الاية 104).
ب ـ سورة لقمان :
(ومـن الناس من يجادل في اللّه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل اللّه قـالـوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا او لو كان الشيطان يدعوهم الى عذاب السعير) (الايات 20 ـ 21).
ج ـ سورة الزخرف :
(وجـعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسالون وقالوا لو شـاء الـرحـمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم ان هم الا يخرصون ام آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون بل قالوا انا وجدنا آباءنا على امة وانا على آثارهم مهتدون ) (الايات 19 ـ 22).
د ـ وجاء في خبر الامم السابقة في قوله تعالى في السورة نفسها:
(وكـذلـك مـا ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال مترفوها انا وجدنا آباءنا على امة وانا على آثـارهـم مـقتدون قال اولو جئتكم باهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا انا بما ارسلتم به كافرون فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ) (الايات 23 ـ 25).
شرح الكلمات (3).
1 ـ التمثال : ما صنع من فلز او نحت من حجر او خشب يحاكى به ما خلق اللّه , او يرمز به الى شي ء من ذلك .
2 ـ عاكفون : ملازمون للمعبد ومقيمون فيه لعبادة الاصنام .
3 ـ تلفتنا: تصرفنا.
4 ـ سعير: السعير: لهيب النار او النار الملتهبة , والمراد منه في الاية : نار جهنم .
5 ـ يخرصون : يكذبون .
6 ـ امة : الامة : كل جماعة يجمعهم امر ما, دينا واحدا كان او زمانا واحدا او مكانا واحدا.
7 ـ المترف : المتنعم , المتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها والذي ابطرته النعمة فبغى .
تفسير الايات .
فـي هذه الايات اخبر اللّه سبحانه ان خليله ابراهيم (ع ) سال قومه قائلا لهم : ما هذه التماثيل التي انـتـم عـاكفون على عبادتها؟ هل يسمعونكم حين تدعونهم ؟ او ينفعونكم او يضرونكم ؟ قالوا: بل وجدنا.
آباءنا كذلك يفعلون واخـبـر عـن مـوسى انه قال لقوم فرعون : اتقولون للايات التي هي حق انها سحر؟ فقالوا: اجئتنا لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا واخبر عما جرى لخاتم الانبياء مع مشركي قريش فقال تعالى :
(واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل اللّه قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا).
وقال : (ومن الناس من يجادل في اللّه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) (الحج 8).
وانـ كـفار قريش كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون انها اناث ـ بنات اللّه ـ, فيسال سبحانه وتعالى على سبيل الاستفهام الاستنكاري ويقول : اشهدوا خلق الملائكة وراوا انهم خلقوا اناثا؟ ام انزل اللّه عليهم كتابا مثل التوراة والانجيل ذكر فيه ذلك , فهم به مستمسكون ؟ لا لم يقولوا ذلك بل , قالوا: انا وجدنا آباءنا على امة وانا على آثارهم مهتدون .
واخبر اللّه سبحانه رسوله (ص ) مسليا له , وقال تعالى : وكذلك ما ارسلنا قبلك في مدينة ممن بعثوا لانـذار الناس الا وقد قال المترفون في المدينة انا وجدنا آباءنا على دين واننا نقتدي بهم , فقال لهم الـذي بـعـثـه اللّه لـينذرهم : اولو جئتكم باهدى مما وجدتم عليه آباءكم , قالوا: انا بما ارسلتم به كافرون .
اذا فـان الـعـصـبية القومية الجاهلية هي التي توجد هوى في نفس الانسان , وتجعلها تخالف فطرته السليمة التي تهديه الى معرفة الاله الخالق والرب المربي للخلق خلاصة البحث .
اذا كانت نفس الانسان طلعة (4) تبحث عن المعرفة طوال حياته , كما تطلب معدته الشرهة الطعام طوال حياته , فانه عندما يبحث عن سبب حركة كل متحرك ووجود كل موجود, يحكم عقله بان لكل حـركـة سببا محركا, ولكل مخلوق منظم وجوده , ومتزن بموازين محكمة الصنع , خالقا, والخالق اسمه الاله اذا ليس لاحد من الناس ان يقول يوم القيامة :
(انا كنا عن هذا غافلين ).
او يقول :
(انـما اشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون ) لان مثلهم في ذلك مثل الـنـاس فـي الـحـياة الدنيا, فان الناس كانوا يعيشون قبل كشف الطاقة الكهربائية في ظلام دامس , وبـسـبـب مـا اوتوه من غريزة البحث توصل الابناء الى كشف الطاقة الكهربائية , وكذلك الشان في كشف كل جيل من المكتشفات العلمية مالم يبلغها اسلافه , ولهذا السبب ليس لاحد ان يقول : كان آبائي فـي ظلام الشرك او الالحاد ـ انكار الخالق ـ واتبعتهم اضطرارا, اضف الى ذلك ان اللّه اتم الحجة عـلى الناس بارسال الرسل لتذكير الغافلين , كما قال سبحانه لخاتم انبيائه (ص ) في سورة الغاشية : (فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمصيطر) (الايات 21 ـ 22).
وسـمـى القرآن بالذكر, وقال تعالى في سورة النحل : ( وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس مانزل اليهم ولعلهم يتفكرون ) (الاية 44).
وفي البحث القادم ندرس ما اجملنا ذكره هنا بالتفصيل بحوله تعالى .
.
ـ 2 ـ.

بحوث الالوهية
ا ـ هل خلق الخلق مصادفة ؟.
ب ـ معنى الاله .
ج ـ معنى لا اله الا اللّه .
الاله هو الخالق , ولا خالق غير اللّه .
ولا يعبد غير الخالق .
اي : لا خالق ولا معبود غير اللّه الاحد.
اذا: لا اله الا اللّه .
د ـ اللّه بنات وبنون ؟.

ا ـ هل خلق الخلق مصادفة ؟
فـي الـناس من يقول ما خلاصته : ان الخلق والنظام وجدا مصادفة دون ان يكون للخلق خالق وللنظام منظم , اي انهم قالوا:
ان ما لا يعد ولا يحصى من الخلق خلق (بطريق المصادفة ) اي ان الذرات تلاقت وتجمعت على نسب واوضـاع خاصة (عن طريق المصادفة ) فكونت العناصر الاصلية : (الاوكسجين والهيدروجين و والخ ).
ثـم تلاقت هذه العناصر وتجمعت وتمازجت (بالمصادفة ) على نسب صالحة (بالمصادفة ) وفي مدد كافية (بالمصادفة ) واجواء ملائمة (بالمصادفة ), فتكونت هذه الانواع التي لا تعد ولا تحصى من الخلق , وخلقت الحياة من هذه المصادفات ونذكر المثال الاتي لايضاح زيف هذا القول بحوله تعالى :
خـذ عشر كريات صغار بحجم واحد, رقمها من 1 ـ 10 ثم ضعها في كيس وهزها هزا شديدا, ثم حاول ان تسحبها من الكيس حسب ترتيبها من 1 ـ 10.
ان احـتـمال سحب الكرية رقم 1 هي بنسبة 1 الى 10, واحتمال سحب رقم 1 ورقم 2 متتابعين هي بـنـسبة 1 الى 100, واحتمال سحب الكريات المرقمة : 1 و2 و3 ومتتالية هي بنسبة 1 الى 1000, واحـتـمـال سحب الكريات المرقمة : 1 و2 و3 و4 متوالية هي بنسبة 1 الى 10000, وهكذا حتى يـصـبـح احـتـمـال سحب الكريات العشر بترتيبها الاول اي من 1 الى 10 هي بنسبة 1 الى عشرة ملايين ((5)) .
اذا كـان هـذا راي الـعلم في تحقيق اخراج عشرة اعداد متوالية من كيس واحد مصادفة , فما راي الـعـلم في ايجاد هذه النظم التي نعلمها اليوم لما لا يعد ولا يحصى من الخلق ؟ يقول :
خـلـقـت جـمـيـعـهـا مصادفة , واصبح لكل فرد منها جزيئة , ولكل جزيئة من اجزائها هذه النظم مصادفة ؟ وصدق اللّه العظيم حيث يقول :
ا ـ في سورة الحجر.
(ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين ) (الاية 16).
(والارض مددناها والقينا فيها رواسي وانبتنا فيها من كل شي ء موزون ) (الاية 19).
ب ـ في سورة البقرة :
(ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ومـا انـزل اللّه مـن السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون ) (الاية 164).
اي وربـي انـ فـي خلق السماوات والارض , والنظام المتقن في بروج السماء وكواكبها, والميزان المحكم في كل ما نبت من الارض لايات لقوم يعقلون .
ولكن هوى النفس يمنع الانسان العاقل من التعقل
ب ـ معنى الاله
اولا ـ في معاجم اللغة :
موجز ما في المعاجم حول الـ (اله ):
(اله ) على وزن كتاب من مادة اله ياله بمعنى عبد, يعبد, عبادة : اي اطاع اطاعة بتذلل وخضوع , ثم ان لـفـظ (الـه ) كــ (كتاب ) مصدر واسم مفعول معا, فكما ان الكتاب مكتوب , فان الذي جاء بمعنى (مالوه ) ياتي ايضا بمعنى معبود او مطاع .
اذا اله في اللغة يعني :
1 ـ العبادة : بتذلل وخضوع .
2 ـ الاطاعة المطلقة .
كان ذلكم معنى (اله ) في اللغة .
ثانيا ـ في محاورات العرب :
جاء الاله في محاورات العرب بمعنيين :
1 ـ الـه : اي اجـرى لـلمعبود العبادات الدينية مثل : الصلاة والدعاء وتقديم القرابين و(الاها) على وزن كـتـابـا: بـمعنى المالوه اي المعبود الذي يعبد وتجرى له الطقوس الدينية كما ان الكتاب يرد بـمـعـنـى الـمكتوب والعرب تسمي كل ما يعبد: (الها), وجمعها: (الالهة ) خالقا كان ذلك الاله او مخلوقا, مثل الاصنام والتماثيل والشمس والقمر والابقار التي يعبدها الهنود.
2 ـ ياتي الاله احيانا بمعنى المطاع ((6)) كما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى :
1 ـ في سورة الفرقان :
(ارايت من اتخذ الهه هواه افانت تكون عليه وكيلا) (الاية 43).
2 ـ في سورة الجاثية :
(افرايت من اتخذ الهه هواه واضله اللّه على علم ) (الاية 23).
والـمعنى في الايتين : (ارايت من اتخذ الهه هواه ): اي اطاع هوى نفسه , ويدل على ذلك قوله تعالى في سورة القصص :
(ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من اللّه ) (الاية 50).
3 ـ في سورة الشعراء فى حكاية قول فرعون لموسى (ع ):
(لئن اتخذت الها غيري لاجعلنك من المسجونين ) (الاية 29).
ويدل على ذلك (اي على ان فرعون وقومه كانت لهم آلهة يعبدونها) كما حكى عنهم سبحانه وتعالى في سورة الاعراف فقال :
(وقـال الـمـلا مـن قـوم فرعون اتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك وآلهتك ) (الاية 127).
ان الالهة التي ذكرت هنا كانت معبودات فرعون وقومه , يقربون لها القرابين ويجرون لها الطقوس الدينية .
اما فرعون نفسه فقد كان الها, اي مطاعا.
ومـن الـمـحـتمل ان فرعون ـ ايضا ـ كان يدعي لنفسه الالوهية بالمعنى الاول , كما جاء عن بعض الاقـوام انـهـم كانوا يزعمون ان ملوكهم من سلالة الالهة (شمسا كانت او غيرها), ويجرون لهم بعض الطقوس العبادية .
كان ذلكم معنى الاله لدى العرب وغيرهم من الاقوام البائدة والحاضرة .
ثالثا ـ في المصطلح الاسلامي :
الالـه فـي المصطلح الاسلامي من اسماء اللّه الحسنى , ومعناه : المعبود, وخالق الخلق وقد جاء في القرآن الكريم بالمعنى اللغوي مع وجود قرينة تدل على ان المقصود معناه اللغوي , مثل قوله تعالى في سورة الحجر:
(الذين يجعلون مع اللّه الها آخر) (الاية 96).
فـان لـفـظي : (آخر) و(مع اللّه ) في الاية يدلان على ان المقصود من الاله : معناه اللغوي : المطاع والـمـعـبـود, وجاء مطلقا في معناه الاصطلاحي في آيات كثيرة اخرى من القرآن الكريم , والتي تحصر الالوهية في اللّه سبحانه كما سنذكره مفصلا في البحث الاتي .
واجمع القول في معنى الاله ما نقله ابن منظور في مادة (اله ) من لسان العرب عن ابي الهيثم انه قال :
قـال اللّه عـز وجـل : (مـا اتخذ اللّه من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ) قال : ولا يكون الها حتى يكون معبودا, وحتى يكون لعابده خالقا ورازقا ومدبرا, وعليه مقتدرا, فمن لم يكن .
كذلك فليس باله , وان عبد ظلما, بل هو مخلوق ومتعبد.

ج ـ معنى لا اله الا اللّه
ان معنى الاله في القرآن الكريم يتضح بالتدبر في الايات التي جاءت في دحض اقوال المشركين في الالوهية وحصرها في اللّه العلي القدير, وما حكاه من محاورات الانبياء معهم حولها, كما نراها في الايات الاتية من سورة المؤمنون .
قال اللّه سبحانه :
(ولـقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا الـعـلـقـة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا آخر فتبارك اللّه احسن الخالقين ) (المؤمنون 13 ـ 14).
شرح الكلمات .
ا ـ سلالة :
سـلـ الشي ء من الشي ء: انتزعه واخرجه برفق , يقال : سل الشعرة من العجين والسلالة : الصفو الذي ينتزع برفق , وسميت النطفة سلالة لانها مستخلصة من الغذاء.
ب ـ نطفة :
النطفة : القليل من الماء وسمي ماء الرجل والمراة (اي منيهما): نطفة .
ج ـ قرار:
قر الشي ء في مكانه قرارا: اذا ثبت ثبوتا جامدا مستقرا واريد به مقر النطفة .
د ـ مكين :
مكن الشي ء مكانه : استقر وثبت في موضعه لا يتزلزل فهو مكين .
والمعنى : جعلنا النطفة في مقرها ـ الرحم ـ.
هـ ـ العلق : الدم الجامد الغليظ الذي يعلق بما مسه , والقطعة منه علقة .
و ـ مضغة :
   

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

سياحة في الغرب أو مسير الأرواح بعد الموت 3
صفات الخالق وخصائصه
آراء الحكماء في المعاد الجسماني
المناظرة الحادية عشر/سماحة الشيخ مصطفى الطائي
أسباب النزول بين العموم والخصوص
الصفات الذاتية الثبوتية
المراد من الاثني عشر عند أهل السنة
التسليم
رجاء الله وخشيته
لماذا نحن بحاجة الي تكوين الذات المعلوماتية ؟

 
user comment