الأصلُ التاسعُ والثمانون: كفاءة الخليفة المنتخب قطعت كيد الأعداء
إنّ تاريخَ الإسلام يشهدُ بأنّ أعداء النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ استَخْدَموا كلَّ وسيلة مُمكنة لإطفاءِ نور الرسالةِ المحمديّة، وعَرْقَلَةِ مسير الدَّعوة الإسلاميّة بدءاً من اتّهام النبيّ الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بالسِحر والشعوَذة وانتهاءً بمحاولة اغتياله في فراشه، ولكنّهم بفضل العناية الإلهيّة، فشِلوا في خُططهم جمعاء، وحفظ اللهُ نبيّه من كيد المشركين والكافرين ، فلم يبقَ لهم من أمل إلاّ أن يموتَ رسولُ الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ فيطفئوا جَذوة دعوته، ويُخمدوا نورَ رسالته (خاصّة أنّه لم يُخَلّف وَلَداً من الذكور).
وقد حكى اللهُ عن أمَلهم الشّرِير هذا بقوله:
( أمْ يَقُولُونَ شاعرٌ نَتربَّصُ به رَيبَ المَنُونِ) ([20] ) .
ولقد كانت هذه النيّة الخبيثَة، وهذه الفطرةُ الشّريرةُ تراوِدُ ذهنَ الكثيرِ من المشركين والمنافقين، ولم يكن عددُهم بين أصحاب النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بِقليل.
ولكنّ النبيَّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بِنَصبه خليفةً قوياً وجديراً بالخلافة يقودُ الأُمّة من بَعده وقد تحلّى بسوابق جهاديّة وإيمانيّة مشرقة، وتمتّع بإيمان، وصدق، وثبات في سبيل الإسلام، فوّت الفرصة على المعارضين لرسالته وخيَّب آمالهم، وأبدلها باليأس والقنوط، وبهذا ضَمِنَ بقاء الدين، ورسّخ قوائِمهَ وقواعده، وأكملَ اللهُ بتعيين القائدِ والخليفةِ نعمة الإسلام، ولهذا نزل قول الله تعالى ـ بعد نصبِ عليٍّ ـ عليه السَّلام ـ لخلافةِ النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ يومَ «غدير خم» ـ :
( اليَوْمَ يئسَ الَّذينَ كَفَرُوا مِن دينكُمْ فَلاَ تَخْشَوهُمْ وَاخْشَونِ اليومَ أكمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلام دِينَاً) ([21] ) .([22] )
ثم إنّ هناك ـ مضافاً إلى الرّوايات المتواترة المذكورة التي تُثبت أنّ مسألة خلافة النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ مسألةٌ إلهيّةٌ، وأنّه ليس للنّاس أيّ خيار فيها ـ روايات تحكي عن أنّ النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ كان منذ الأيام الأُولى من دعوته في مكّة، يوم لم تُشكَّلْ فيها حكومةٌ في المدينة بعدُ، يرى أنّ مسألة خلافتهِ مسألةٌ إلهيّةٌ يعود أمر البتّ والتعيين فيها إلى الله وحده دون غيره.
فعندما أتى رئيس قبيلة «بني عامر» إلى رسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ في موسم الحج مثَلاً، وقال: أرأيتَ إنْ نَحنُ بايعناكَ على أمرِكَ، ثم أظهرَكَ اللهُ على من خالَفَك، أيكونُ لنا الأمرُ من بَعدك قال ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ : الأمرُ إلى اللهِ يَضَعُهُ حيثُ يَشاء([23] ).
إنّ من البديهيّ أنّ أمرَ مسألة القيادة والخلافَة إذا كانت متروكةً للنّاس، وانتخابهم لكانَ على النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ أن يقول: «الأمرُ إلى الأُمّة» أو «إلى أهلِ الحَلّ والعَقد» ولكن النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ قالَ غير هذا. وبذلك طابَقَ كلامُ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ في شأنِ الخلافة كلامَ الله تعالى في شأن الرسالةِ إذ قال:
( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) ([24] ) .
الأصلُ التسعون: تعيين الخليفة أصل متفق عليه
إنّ مَسألة تَنْصِيصيَّة مقام الخلافة، وأنّه ليس للأُمّة أيُّ خيار ولا أيّ دور في تعيين خليفة لرسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ كان في ذِهن الصَّحابة أيضاً. نعم كان في نظرهم هو أن ينصَّ الخليفةُ السابقُ على الخليفة اللاّحِق بدل نَصّ اللهِ ونبيّه، ولهذا نرى ـ كما هو من مسلّمات التاريخ الإسلاميّ ـ أنّ الخليفةَ الثاني تمّ تعيينهُ ونصبهُ في منصب الخلافةِ بِنص من الخليفةِ الأوّل.
إنّ تصوّر أن تعيينَ الخَلِيفَة الثاني بواسطة أبي بكر لم يَكنْ قراراً قطعيّاً، بل كان من بابِ «الاقتراح»، يخالف ما ثبت من التاريخ، فإنّ الخليفة الأوّل كان لا يزال على قيد الحياة عندما اعترَض جماعةٌ من الصحابة على هذا التعيين والنصب، وكان «الزبير بن العوام» أحد أُولئك المعترضين على أبي بكر في هذا التعيين، والنصب.([25] ) وإنّ من البديهيّ أنّه لو كانَ تعيينُ أبي بكر لِعُمر بن الخطاب مِن باب مجردَّ الاقتراح والترشيح حسب، لما كان لاعتراض الصحابة عليه أيّ مجال ولا مبرّر.
هذا مضافاً إلى أنّ الخليفة الثالث هو الآخر تمّ تعيينُهُ عن طريق شورى تألَّفَتْ من (6) أشخاص عيَّنهُمُ الخليفةُ الثاني، وكانَ هذا نوعاً مِن تعيين الخليفة الّذي مَنَع الآخرين من مراجعة الرأي العامّ.
على أنّ فكرةَ مراجَعة الرأي العامّ، واختيار الخليفة بواسطة الناس لم يَدُرْ في خَلَدِ أصحاب النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ أساساً، وما ذُكِرَ في هذا الصعيد فيما بعد إنّما هو من تبريرات العُلماء والمفكرين، وأمّا من يشار إليهم من الصحابة فقد كانوا يَعتقدون بأنّ الخليفة يجب أن يُعيَّن ويُنصَب من قِبَل الخليفةِ السابق لا غير.
وللمثال عندما جُرح الخليفةُ الثاني، بَعَثَتْ عائشةُ زوجةُ رسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ رسالةً شفويّة إلى الخليفة الثاني بواسطة ابنه «عبدِ الله» إذ قالت له: يا بُنيّ أبلغ عمرَ سلامي وقل له: لا تَدَعْ أُمّة محمد بلا راع، إستَخْلِفْ عَلَيْهم، ولا تَدَعْهُمْ بَعدَك هَمَلاً، فإنّي أخشى عَلَيْهمُ الِفتْنَةَ.([26] )
فأتى عبد الله أَباه وكان طريحَ الفراش فحثّه على تعيين الخليفة من بَعده قائلاً: إنّي سَمِعْت النّاسَ يقولون مقالةً فآليتُ أن أقولها لك وَزَعَمُوا أنّك غير مُسْتَخْلِف وأنّه لو كان لك راعي إبِل ـ أو راعي غَنَم ـ ثم جاءَك وتَرَكَها لرأيَتَ أن قدْ ضَيَّعَ فَرِعايةُ النّاسِ أشدُّ.([27] )
الأصلُ الواحدُ والتسعون: ما هي وظائف الإمام بعد وفاة الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ؟
أشرنا في مطلعِ بحث الإمامة إلى أنّ خليفة النبي والإِمام إنّما هو في نظر المسلمين من يقوم بوظائف رسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ (ما عدا تلقي الوحي والإِتيان بالشريعة) ونورد هنا أبرز هذه الوظائف لتتبيّن مكانة الإِمامة وأَهميتها بصورة أوضح. ألف : تَبيين مفاهيمِ القُرآن الكَريم وحلّ مُعضلاته، وبيان مقاصده، وهذا هو من أبرز وظائف النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ويقول عنها القرآن الكريم: ( وَأَنزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ للنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم) ([28] ) .
ب: بيانُ الأحكام الشرعية، فقد كانَ هذا العَمَل من وظائفِ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حيث كان يقوم بذلك عن طريق تلاوة الآيات المتضمنة للأَحكام حيناً وعن طريق السّنة حيناً آخر.
ثمَّ إنّ بَيان الأحكام من جانب النبيّ تم بصورة تدريجيّة، ومتزامناً مع وقوع حوادثَ جديدة، وظهورِ إحتياجات حديثة في حياة الأُمّة، ومثل هذا الأمر يقتضي بطبيعته أن تستمر هذه الوظيفةُ، لعدم انحصار الحاجات بما حدث في عصره ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ، هذا من جانب. ومن جانب آخر لا يتجاوز عددُ الأحاديث الّتي وَصَلت إلينا عن رسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حول الأحكام (500) حديث([29] ) ولا شك أنّ هذا القدر من الأحاديث الفقهية لا تسدُّ حاجة الأُمّة المتنامِية، ولا توصلُها إلى مرحلة (الإكتفاءِ الذاتيّ) في مجال التقنين.
ج : حيث إنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ كان محوراً للحق، وكان بتعليماته، يمنع من تطرّق أيّ انحراف، وتسرّبِ أيّ إعوجاج في عقائد الأُمّة، لهذا لم يحدث أيُّ تفرّق عقائديّ، وأي تشتُّت مذهبيّ في عَصره أو لم يكن هناك أَرضية لظهور ذلك. د : الإجابة على الأَسئلةِ الدينيّة والإعتقادية، فقد كان هذا العملُ هو الآخر من وظائف النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ الهامَّة.
هـ : إقامةُ القِسطِ والعَدل والأمن العامّ الشامل في المجتمع الإسلاميِّ، وظيفة أُخرى من وظائف النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ .
و: حِفظُ الثغور، والحدُود، والثروة الإسلاميّة تجاه الأعداء هو أيضاً من مسؤوليات النبي الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ، ووظائفه.
إنّ الوظيفتين الأخيرتين وإن أمكن القيام بهما من قِبَل الخليفة الذي تختارهُ الأُمّة، لكن من المُسَلَّم والقطعيّ أنّ القيامَ بالوظائِفِ السّابقة (وهي بيانُ مَفاهيمِ القرآنِ الكريمِ الخفيّة، الغامِضَةِ، وبيانُ أحكامِ الشَّرع و.. و...) يَحتاج إلى قائد واع خبير، يكون موضعَ عناية الله الخاصّة، كما يكون في عِلمِهِ صنوَ النبيّ ونظيرهُ، أيْ أن يكون حاملاً للعلومِ النَبَوّية ومَصُوناً من كل خطأ وزلل، ومعصوماً من كلّ ذنب وخطل، ليستطيع القيامَ بالوظائف الجسيمة المذكورة، وليملأَ الفراغ الذي أحدثه غيابُ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بسبب وفاته، في الظروف الزاخرة بالأحداث الحُلوة والمرَّة، وبالوقائع الحرجة.
إنّ من البديهيّ أنّ تَشخيصَ مثلِ هذا الشخصِ، والمعرفة به لإيكال منصب القيادة إليه، خارجٌ عن حدود عِلمِ الأُمّةِ ونِطاق معرِفتها ، ولا يمكن أن يتُمَّ بغير رسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ وبالأمر الإِلهيّ وتعيينهما إيّاه.
ومنَ الواضح أيضاً أنّ تَحقُّق الأهداف المذكورةِ رهنُ حماية النّاس، واستجابتهم وإطاعتهم للقائد المعيَّن، بواسطةِ النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ومجرّدُ التعيين الإلهيّ والنصّ النبويّ على الخليفة لا يكفي لِتحقّقِ الأهداف والوظائف السالِفة. (إذ لا رَأيَ لِمَنْ لا يُطاع).
وهذا جار حتّى في القرآن الكريم والنبيّ الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ نفسِه، فإنّهما ما لم يُطاعا لا تتحقّق أهدافهما.
إنّ الحَوادِثَ السَلْبِيَّةَ، وتشتّتَ كلمة المسلمين الذي حَدَثَ بعد وفاة رسولِ الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ لم يكن بسبب أنّ النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ لم يقُم بوظيفته الحكيمة (والعياذ بالله)، ولا لأجل أنّه لم يُعرِض على المسلمين أُطروحةً موضوعية وحكيمة لإدارة الأُمّة من بعده، أو أنّ أُطروحتَه كانت أُطروحةً ناقصة، بل حدث ما حدث مِنَ المشاكل الألِيمة بِسبب أنّ بعضَ أفراد الأُمّة رجَّحُوا نَظَرَهم على نَظَر النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ، وقدّموا مَصالحهم الشخصية على تنصيص الله ورسولهِ وتعيينِهما.
ولم يكنْ هذا هو المورد الوحيد الذي حدثت فيه مثلُ هذه الواقعة في التاريخ بل لذلك نظائرُ عديدة في تاريخ الإسلام.([30] )
الأصلُ الثّاني والتِسعون: لُزُوم عِصمَةِ الإمام
أثبتنا في الأصْل السّابق أنّ الامام والخليفة ليس قائداً عاديّاً، يقدر على إدارة دفّة البلاد اقتصادياً، وسياسيّاً، وحفظ ثغور البلاد الإسلامية تجاه الأعداء فقط، بل ثمّت وظائف أُخرى يجب أن يقومَ بها مضافاً إلى الوظائف المذكُورة. وقد أشرنا إليها في الأصل السابق. إنّ القيام بِهذه الوَظائف الخطيرة مثل تفسير القرآن الكَريم، وبَيان الأحكام الشرعيّة، والإجابة على أسئلة الناس الإعتقادية ، والحيلولة دون تسرّب الانحراف إلى العقيدة، والتحريف إلى الشريعة، رهنُ علم واسع، لا يخطئ ولا يتطرّق إليه الاشتباهُ، والأشخاص العاديّون إذا تَوَلَّوا هذه الأُمور لن يكونوا في مأمن عن الخطأ والزللِ.
على أنّه يجب أن نَعلمَ بأنّ العصمة لا تساوي النبوّة، ولا تلازمُها ولا تستلزمها، لأنّه ربما يكونُ الشخص معصوماً عن الخطأ ولكن لا يتمتع بمقام النبوة أي لا يكون نبياً.
وأوضحُ نموذج لذلك السيدةُ مريم العذراء التي مرّت الإشارةُ إلّى أدلّة عصمتها، عند الحديث عن عصمة الأنبياءِ والرُسُل.([31] )
ثم إنّ هناك ـ مضافاً إلى التحليل والاستدلال العقلي السابق ـ أُموراً تدلُّ على عصمةِ الإمام نذكر هنا بعضها:
1. تعلّق إرادةِ الله القطعيّة والحتمية بطهارة أهل البيت عن «الرجس» كما قال تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً) ([32] ) .
إنّ دَلالَة هذه الآية على عِصمة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ تكونُ على النحو التالي: إنّ تعلّق إرادة الله الخاصّة بطهارة أهل البيت من أي نوع من أنواع الرّجس يلازمُ عصمَتهم مِن الذُنوب والمعاصي، لأنّ المقصودَ مِن تطهيرهم من «الرِّجس» في الآية هو تطهيرهم من أيّ نوع مِن أنواع القذارة الفِكرية والرُّوحِيَّة، والعَمَليّة التي من أبرزها المعاصي والذُنوب.
وحيث إنّ هذه الإرادة تعلّقَتْ بأفراد مخصوصين لا بجميع الأفراد، فإنّها تَختَلِف عن إرادة التطهير التي تعَلّقت بالجميع بدونِ إستثناء.
إن إرادةَ التَّطهير التي تَشملُ عامّة المسلمين إرادةٌ تشريعيةٌ([33] ) وما أكثر الموارد الّتي تتخلّف فيها هذه الإرادةُ، ولا تتحقق بسبب تمرّد الأشخاص، وعدم إطاعتهم للأوامر والنواهي الشرعية في حين أنّ هذه الإرادة إرادةٌ تكوينيّةٌ لا يتخلّف فيها المرادُ والمتعلَّقُ (وهو العصمة عن الذَّنب والمعصية) عنها أبداً.
والجدير بالذكر أن تعلّق الإرادة التكوينيّة الإلهيّة بعصمة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ لا توجبُ سَلب الإختيار والحريّة عنهم تماماً كما لا يوجب تعلّق الإرادة التكوينية الإلهيّة بعصمة الأنبياء سلبَ الإختيار والحرية عن الأنبياء أيضاً (وقد جاءَ تفصيل هذا الموضوع في كتب العقائد).
2. إنّ أئمة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ يمثِّلون بحكم حديث الثقلين الذي قال فيه رسولُ الله: «إني تاركٌ فيكمُ الثَّقَلَين كتابَ الله وعترتي» عِدلَ القرآن الكريم، يعني أنّه كما يكون القرآنُ الكريمُ مصوناً من أيّ لون من ألوانِ الخطأ والإشتباه، كذلك يكون أئمة أهلِ البَيت مصونين من أيّ لون من ألوانِ الخطأ الفكري، والعملي، ومعصومين من أيّ نوع من أنواعِ الزَلَل والخَطَل.
وهذا المطلب واضحٌ تمامَ الوضوح، إذا أمعنّا في العبارات التي جاءت في ذيلِ الحَديث المذكور.
ألف: «ما إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما لَنْ تَضِلُّوا أَبَداً».
ب: «إنَّهما لَنْ يَفْتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ».
لأنّ ما يكون التمسُّكُ به موجباً للهداية وأنه لا يفترق عن القرآن (المصون والمعصوم) مَصُونٌ ومعصومٌ هو كذلك .
3. لقد شَبَّهَ رسولُ الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ أهلَ بيته بسفينةِ نوح التي ينجو من الغرق من رَكِبها ويغرق في الأمواج من تخلّف عنها، إذ قال: «إنّما مَثَلُ أهل بَيْتي كَسَفينَةِ نُوْح مَن رَكِبَها نَجا وَمَنْ تخلَّفَ عَنهاَ غَرِقَ»([34] ).
بالنَظَر إلى هذه الأدلّة الّتي بينّها بصورة موجزة تكونُ عصمة أهل البيت واضحةً، وحقيقةً مبرهَناً عليها.
ومن الجدير بالذِّكر أنّ الأدلّة النَقليّة على عِصمة أهل البَيت ـ عليهم السَّلام ـ لا تنحصر في ما ذكرناه.
الأصلُ الثالثُ والتسعون: الأئمِة الإثنا عشر
إنّ معرفةَ الإمام تُمكِنُ مِن طريقين:
ألف: نَصُّ النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ على إمامة شخص خاص.
ب : نَصُّ الإمام المعصومِ السابِق على الإمام اللاحِق.
إنّ إمامة الأئمة الاثني عَشَر ثَبَتت من خلال الطَريقين المذكورَين معاً أي عن طريق نصّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حسب الرّوايات المروِيّة عنه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ في هذا المجال. وكذا عن طريق الأئمة ـ عليهم السَّلام ـ ، حيث نصّ الإمامُ السابق على الإمام اللاحق.
ونحن رِعايةً للإختصار نوردُ هنا حديثاً واحداً في هذا الصَعيد( [35] ) تفيد أنّ النبيّ الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ لم يكتف بنَصب عليّ ـ عليه السَّلام ـ ، بل ذكّر بأنّه سَيخلفهُ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ اثنا عشر إماماً تتحقّق بهم عزةُ الإسلام إذ قال: «لا يَزالُ الدّين مَنيِعاً إلى اثنَيْ عَشَر خَلِيفةٌ».
وقد وَرَدت هذه الأحاديث الدالة على وجود اثني عشر خليفة في أوثق صحاح أهل السنة أيضاً.([36] ) ومن المُسلَّم أنّ هؤلاء الخُلَفاء الاثني عشر الذين تتوقّف عليهم عزّة الإسلام ومنعتهُ ومضاؤه، لا تنطبق صفاتهم إلاّ على أئمة الشيعةِ الاثني عَشَر إذ لم تكن تلك الأَوصاف تتوفر في الخلفاء الأُمويين ولا العباسيين قط.
وأئمة الشِيعة الاثنا عشر هم:
1. أميرُ المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالب (المولود قبل البعثة بعشر سنوات والمستشهَد عام 40 هجري) والمدفون في النجف الأشرف .
2. الإمامُ الحسَنُ بن علي (المجتبى) (3 ـ 50 هـ ق) المدفونُ في البقيع بالمدينة.
3. الإمامُ الحسين بن علي سيدُ الشهداء (4 ـ 61 هـ ق) المدفون في كربلاء.
4. الإمامُ عليُّ بن الحسينُ بن علي زينُ العابدين (38 ـ 94 هـ ق) المدفون في البقيع.
5. الإمامُ محمدُ بن علي باقرُ العلوم (57 ـ 114 هـ ق) المدفون في البقيع.
6. الإمامُ جعفرُ بنُ محمد الصادقُ (83 ـ 148 هـ ق) المدفونُ في البقيع.
7. الإمامُ موسى بنُ جعفر الكاظمُ (128 ـ 183 هـ. ق) المدفونُ في الكاظمية قرب بغداد. 8. الإمامُ عليُّ بن موسى الرضا (148 ـ 203 هـ. ق) المدفونُ في خراسان بإيران.
9. الإمامُ محمدُ بن علي الجوادُ (195 ـ 220 هـ ق) المدفونُ في الكاظمية.
10. الإمامُ عليُّ بن محمد الهادي (212 ـ 254 هـ ق) المدفونُ في سامراء بشمال بغداد.
11. الإمامُ الحسنُ بنُ علي العسكريُ (233 ـ 260 هـ. ق) المدفونُ في سامراء.
12. الإمامُ محمدُ بنُ الحسن المعروف بالمهديِّ، والحجة ـ عجَّل الله فرجَه الشريف ـ وهو الإمامُ الثاني عشر، وهو حيٌّ حتى يظهر بأمر الله (طبقاً للوعودِ الواردةِ في القرآنِ في سورة النور / 54، وسورة التوبة / 33 وسورة الفتح / 28 وسورة الصف / 9) ويقيم الحكومة الإِلهيّة على كلّ الكرةِ الأرضِيّةِ([37] ).
ولقد جاءَت تفاصيلُ حياة أئمةِ الشيعة الاثني عشر في كتب التاريخ والسيرة وحيث إِنّ الإمام الثاني عشر لا يزال حيّاً، ويتولّى منصبَ الإمامة بإرادةِ الله تعالى، لهذا سنَذكر نقاطاً حولَ هذا الإمام فيما بعد.
الأصلُ الرابع والتسعُون: مودّة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ
إنّ محبَّةَ أهلِ البَيت ـ عليهم السَّلام ـ من الأُمور الّتي أكَّد عليها القرآنُ والسُنَّة كما قالَ تعالى: ( قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبَى) ([38] ) .
والمقصودُ من «القُربى» هم أقرباءُ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بقرينة أن طالِبَ هذا الأَمر هو النبيُّ نفسه.
إنّ محبّة أهلِ البَيت وموادَّتهم ـ مضافاً إلى كونها كمالاً كبيراً ـ تسبّب في أن يحاولَ الشخصُ المحبُّ أن يجعل نفسَه مشابِهاً للمحبوب، ويقتدي به في كَسب الفضائِل، والإجتناب عن الرَّذائل.
ولقد جاء في الأحاديث المتواترةِ الصادرةِ عن النبيّ الأكرمِ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بأنّ محبة أهلِ البَيت علامةُ الإيمان، وبغضَهم علامةُ النّفاقِ والكفر، وأنّ من أحبّهم فقد أحبَّ الله والنبيّ، وأنّ مَن عاداهم فقد عادى اللهَ ورسولَه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ .
[1] . فِرَق الشيعة، ص 17 .
[2] . مقالات الإسلاميين: 1 / 65 .
[3] . الملل والنحل: 1 / 131 .
[4] . راجع تاريخ الطبري: 2 / 62 ـ 64 .
[5] . البينة / 7 .
[6] . الدر المنثور، سورة البيّنة .
[7] . الشفاء، الإلهيات، المقالة العاشرة، الفصل الخامس، 564 .
[8] . الشعراء / 214 .
[9] . مسند أحمد: 1 / 159; تاريخ الطبري: 2 / 406; تفسير الطبري (جامع البيان): 19 / 74 ـ 75، تفسير الشعراء، الآية 214 .
[10] . صحيح البخاري: 6 / 3 طبع 1312 هـ ، باب غزوة تبوك; صحيح مسلم: 7 / 120، باب فضائل الإمام علي ـ عليه السَّلام ـ ; سنن ابن ماجة: 1 / 55 باب فضائل أصحاب النبي; مسند الامام أحمد: 1 / 173، 175، 177، 179، 182، 185 و 230; والسيرة النبوية لابن هشام: 4 / 163 (غزوة تبوك).
[11] . ( وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمتنَا أخاهُ هارُونَ نَبِيّاً) (مريم / 53).
[12] .( وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْني في قَوْمِي) (الأعراف / 142).
[13] . ( وَاجْعَل لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) (طه / 29).
[14] . مستدرك الحاكم: 3 / 351; الصواعق المحرقة، ص 91; ميزان الاعتدال: 1 / 224; تاريخ الخلفاء، ص 573; الخصائص الكبرى: 2 / 266; ينابيع المودة، ص 28; فتح القدير، ص 113; وكتب أُخرى.
[15] . مستدرك الحاكم: 3 / 149 .
[16] . النحل / 16 .
[17] . صحيح مسلم: 7 / 122; سنن الترمذي: 2 / 307 ; سنن الدارمي: 2 / 432; مسند أحمد: 3 / 14، 17، 26، 59، و ج 4 / 59، 366 و 371، و ج 5 / 182 و 189; الخصائص العلوية، للنسائي ص 20; مستدرك الحاكم: 3 / 109، 148، و 533، وغيرها.
ويمكن مراجعةِ رسالَة «حديثِ الثَقَلين» من منشورات «دار التَقريب بَين المذاهب الإسلامية» القاهرة، مطبعة مخيمر، في هذا المجال أيضاً.
[18] . المائدة / 67 .
[19] . أشار المحدّثون والمفسِّرون المُسلمون إلى نُزُول هذه الآية في حَجّة الوداع، يومَ الغدير، اُنظر: كتابَ «الدرّ المنثور» للسيوطي 2 / 298، و «فتح القدير» للشوكاني 2 / 57; وكشف الغمة للإربلّيّ، ص 94; «ينابيع المودّة» للقندوزي، ص 120; المنار: 6 / 463 وغيرها.
[20] . الطور / 30 .
[21] . المائدة / 3
[22] . ولقد اعتبرَ فريقٌ من الصَحابة والتابعين الآية المذكورة مرتبطةً بواقعة «غدير خم» وذلك مثل: أبي سعيد الخدري، وزيد بن الأرقم، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي هريرة، ومجاهد المكي.
وللوقوف على روايات الأشخاص المذكورين حول الواقعة المذكورة راجع: كتاب «الولاية» لأبي جعفر الطبري، والحافظ ابن مردويه الاصفهاني برواية ابن كثير في ج 2، من تفسيره; والحافظ أبا نعيم في كتاب «ما نزل من القرآن في عليّ» والخطيب البغدادي في ج 8 من تاريخه، والحافظ أبا سعيد السجستاني في كتاب «الولاية» والحافظ أبا القاسم الحسكاني في «شواهد التنزيل»، وابن عساكر الشافعي برواية السيوطي في «الدر المنثور» 2 / 295، والخطيب الخوارزمي في كتاب «المناقب». وعباراتهم موجودة في الغدير 1 / 23ـ 236.
وقال الفخر الرازي في تفسيره (ج 3 ص 529) إنه لمّا نزلت هذه الآية على النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ لم يعَمِّر بعدَ نُزولها إلاّ أحداً وثمانين يوماً أو اثنين وثمانين يوماً وَلَم يَحْصَل في الشريعةِ بَعدها زِيادة ولا نَسخٌ، وَلا تبديلُ البتّةَ.
فعلى هذا الأساس لابُدّ مِنَ القول أنَّ هذه الآية نَزَلت يوم غدير خم. أي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة حجة الوداع. وحيثُ إنّ النبيَّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حسبَ رأي أهلِ السُّنّة توفي في الثاني عشر من ربيع الأوّل، وكانت الأشهر الثلاثة (ذي الحجة، ومحرّم وصفر) 29 يوماً صح أنّه توفي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بعد نُزُول الآية المذكورة بـ 81 يوماً (تفسير الفخر الرازي سورة المائدة، الآية الثالثة).
[23] . سيرة ابن هشام: 2 / 422.
[24] . الأنعام / 124 .
[25] . الإمامة والسياسة: 1 / 24 ـ 25 .
[26] . الإمامة والسياسة: 1 / 28 .
[27] . حُلية الأولياء: 1 / 44.
[28] . النحل / 44 .
[29] . الوحي المحمدي ص 212، الطبعة السادسة.
[30] . راجع كتاب «النَصّ والإجتهاد» تأليف العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي.
[31] . راجع كتاب الإلهيّات، تأليف صاحب هذه الرسالة: 2 / 146 ـ 198 .
[32] . الأحزاب / 33 .
[33] . ( وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ) (المائدة / 6) .
[34] . مستدرك الحاكم: 2 / 151، والخصائص الكبرى للسيوطي: 2 / 266 .
[35] . للإطلاع على بقيّة الأحاديث في هذا المجال يراجع كتب الحديث مثل أُصول الكافي، كفاية الأثر ، إثبات الهداة، ومنتخب الأثر، وغيرها.
[36] . صحيح البخاري، 9 / 81 ، باب الاستخلاف; وصحيح مسلم 6 / 3 ، كتاب الامارة; ومسند أحمد 5 / 86 ـ 108 ; ومستدرك الحاكم 3 / 81 .
[37] . قد وقع بعض الاختلاف في تواريخ وفيات ومواليد بعض الأئمة وقد اخترنا احدها، كما انّ التاريخ يثبت انّ أغلب هؤلاء الأئمة قضوا شهداء.
[38] . الشورى / 23 .
[2] . مقالات الإسلاميين: 1 / 65 .
[3] . الملل والنحل: 1 / 131 .
[4] . راجع تاريخ الطبري: 2 / 62 ـ 64 .
[5] . البينة / 7 .
[6] . الدر المنثور، سورة البيّنة .
[7] . الشفاء، الإلهيات، المقالة العاشرة، الفصل الخامس، 564 .
[8] . الشعراء / 214 .
[9] . مسند أحمد: 1 / 159; تاريخ الطبري: 2 / 406; تفسير الطبري (جامع البيان): 19 / 74 ـ 75، تفسير الشعراء، الآية 214 .
[10] . صحيح البخاري: 6 / 3 طبع 1312 هـ ، باب غزوة تبوك; صحيح مسلم: 7 / 120، باب فضائل الإمام علي ـ عليه السَّلام ـ ; سنن ابن ماجة: 1 / 55 باب فضائل أصحاب النبي; مسند الامام أحمد: 1 / 173، 175، 177، 179، 182، 185 و 230; والسيرة النبوية لابن هشام: 4 / 163 (غزوة تبوك).
[11] . ( وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمتنَا أخاهُ هارُونَ نَبِيّاً) (مريم / 53).
[12] .( وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْني في قَوْمِي) (الأعراف / 142).
[13] . ( وَاجْعَل لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) (طه / 29).
[14] . مستدرك الحاكم: 3 / 351; الصواعق المحرقة، ص 91; ميزان الاعتدال: 1 / 224; تاريخ الخلفاء، ص 573; الخصائص الكبرى: 2 / 266; ينابيع المودة، ص 28; فتح القدير، ص 113; وكتب أُخرى.
[15] . مستدرك الحاكم: 3 / 149 .
[16] . النحل / 16 .
[17] . صحيح مسلم: 7 / 122; سنن الترمذي: 2 / 307 ; سنن الدارمي: 2 / 432; مسند أحمد: 3 / 14، 17، 26، 59، و ج 4 / 59، 366 و 371، و ج 5 / 182 و 189; الخصائص العلوية، للنسائي ص 20; مستدرك الحاكم: 3 / 109، 148، و 533، وغيرها.
ويمكن مراجعةِ رسالَة «حديثِ الثَقَلين» من منشورات «دار التَقريب بَين المذاهب الإسلامية» القاهرة، مطبعة مخيمر، في هذا المجال أيضاً.
[18] . المائدة / 67 .
[19] . أشار المحدّثون والمفسِّرون المُسلمون إلى نُزُول هذه الآية في حَجّة الوداع، يومَ الغدير، اُنظر: كتابَ «الدرّ المنثور» للسيوطي 2 / 298، و «فتح القدير» للشوكاني 2 / 57; وكشف الغمة للإربلّيّ، ص 94; «ينابيع المودّة» للقندوزي، ص 120; المنار: 6 / 463 وغيرها.
[20] . الطور / 30 .
[21] . المائدة / 3
[22] . ولقد اعتبرَ فريقٌ من الصَحابة والتابعين الآية المذكورة مرتبطةً بواقعة «غدير خم» وذلك مثل: أبي سعيد الخدري، وزيد بن الأرقم، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي هريرة، ومجاهد المكي.
وللوقوف على روايات الأشخاص المذكورين حول الواقعة المذكورة راجع: كتاب «الولاية» لأبي جعفر الطبري، والحافظ ابن مردويه الاصفهاني برواية ابن كثير في ج 2، من تفسيره; والحافظ أبا نعيم في كتاب «ما نزل من القرآن في عليّ» والخطيب البغدادي في ج 8 من تاريخه، والحافظ أبا سعيد السجستاني في كتاب «الولاية» والحافظ أبا القاسم الحسكاني في «شواهد التنزيل»، وابن عساكر الشافعي برواية السيوطي في «الدر المنثور» 2 / 295، والخطيب الخوارزمي في كتاب «المناقب». وعباراتهم موجودة في الغدير 1 / 23ـ 236.
وقال الفخر الرازي في تفسيره (ج 3 ص 529) إنه لمّا نزلت هذه الآية على النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ لم يعَمِّر بعدَ نُزولها إلاّ أحداً وثمانين يوماً أو اثنين وثمانين يوماً وَلَم يَحْصَل في الشريعةِ بَعدها زِيادة ولا نَسخٌ، وَلا تبديلُ البتّةَ.
فعلى هذا الأساس لابُدّ مِنَ القول أنَّ هذه الآية نَزَلت يوم غدير خم. أي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة حجة الوداع. وحيثُ إنّ النبيَّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حسبَ رأي أهلِ السُّنّة توفي في الثاني عشر من ربيع الأوّل، وكانت الأشهر الثلاثة (ذي الحجة، ومحرّم وصفر) 29 يوماً صح أنّه توفي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ بعد نُزُول الآية المذكورة بـ 81 يوماً (تفسير الفخر الرازي سورة المائدة، الآية الثالثة).
[23] . سيرة ابن هشام: 2 / 422.
[24] . الأنعام / 124 .
[25] . الإمامة والسياسة: 1 / 24 ـ 25 .
[26] . الإمامة والسياسة: 1 / 28 .
[27] . حُلية الأولياء: 1 / 44.
[28] . النحل / 44 .
[29] . الوحي المحمدي ص 212، الطبعة السادسة.
[30] . راجع كتاب «النَصّ والإجتهاد» تأليف العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي.
[31] . راجع كتاب الإلهيّات، تأليف صاحب هذه الرسالة: 2 / 146 ـ 198 .
[32] . الأحزاب / 33 .
[33] . ( وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ) (المائدة / 6) .
[34] . مستدرك الحاكم: 2 / 151، والخصائص الكبرى للسيوطي: 2 / 266 .
[35] . للإطلاع على بقيّة الأحاديث في هذا المجال يراجع كتب الحديث مثل أُصول الكافي، كفاية الأثر ، إثبات الهداة، ومنتخب الأثر، وغيرها.
[36] . صحيح البخاري، 9 / 81 ، باب الاستخلاف; وصحيح مسلم 6 / 3 ، كتاب الامارة; ومسند أحمد 5 / 86 ـ 108 ; ومستدرك الحاكم 3 / 81 .
[37] . قد وقع بعض الاختلاف في تواريخ وفيات ومواليد بعض الأئمة وقد اخترنا احدها، كما انّ التاريخ يثبت انّ أغلب هؤلاء الأئمة قضوا شهداء.
[38] . الشورى / 23 .