عربي
Friday 8th of November 2024
0
نفر 0

البدعة فی اللغة

البدعة فی اللغة

قال الخلیل بن أحمد الفراهیدی : (البَدع : إحداثُ شیء لم یکن له من قبل خلق ولا ذکر ولا معرفة) (1).
ویقول الراغب : (الابداع : هو إنشاء صفةٍ بلا احتذاء واقتداء) (2)، والابداع أصلٌ ثانٍ للبدعة ، وهو مأخوذ من «أبدع» .
وینصّ الاَزهری على أنّ «الابداع» أکثر استعمالاً من «البَدع» وهذا لایعنی أنّ استعمال «البدع» خطأ ، فیقول فی ذلک : (و «أبدع» أکثر فی الکلام من «بَدَعَ» ولو استعمل «بَدَعَ» لم یکن خطأ) (3).
وقال ابن فارس : (البدع له أصلان : ابتداء الشیء وصنعه لا عن مثال ، والآخر الانقطاع والکلال) (4).
وقال الفیروزآبادی : (البِدعة : الحدث فی الدین بعد الاکمال ، أو مااستحدث بعد النبی من الاَهواء والاَعمال) (5).
وعلى هذا الاَساس تقول من «البَدع» : (بدعتُ الشیء إذا انشأته) (6) .
کما تقول من (الابداع) : ابتدع الشیء : أی «أنشأه وبدأه» (7) وتقول أیضاً : (أبدعتُ الشیء أی اخترعته لا على مثال) (8).
و «أبدعَ» الله تعالى الخلق «إبداعاً» : أی خلقهم لاعلى مثال سابق ، و«أبدعتُ» الشیء و «ابتدعته» استخرجته وأحدثته ، ومن ذلک قیل للحالة المخالفة «بدعة»، وهی اسم من «الابتداع»، کالرفعة من الارتفاع (9).
ومن أسماء الله تعالى «البدیع» : وهو الذی فطر الخلق مُبدِعاً لا على مثال سابق(10) .
یقول سبحانه وتعالى : ( بَدِیعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ ) أی مبتدعها ومبتدئها لا على مثال سابق (11).
إنّ الامعان فی التعریفات المارة لکلمة «البدعة» یوضح بجلاء أنّ معناها فی اللغة : هو الشیء الذی یبتکر ویخترع من دون مثال سابق ویبتدأ به بعد أن لم یکن موجوداً فی السابق.
البدعة فی الاصطلاح :
مع أنّ «البدعة» فی المعنى اللغوی المتقدم تشمل کل جدید لم یکن له مماثل سواء أکان فی الدین ، أم فی العادات ، کأنواع الاَطعمة والاَلبسة والاَبنیة والصناعات وغیرها من الممارسات الحیاتیة عند الناس ، لکن البدعة التی ورد النصّ بتحریمها هی : (إیراد قولٍ أو فعلٍ لم یُستَنَّ فیه بصاحب الشریعة وأُصولها المتقنة) (12).
وبعبارة أُخرى هی : (الحدث فی الدین بعد الاکمال) (13).
وفی الموضوع تعریفات کثیرة ، تکاد تتفق لفظاً ومضموناً ، وان اختلفت فی زیادات أوردها البعض لمزید من البیان :
ابن رجب الحنبلی عرّف البدعة بأنّها :
(ما أُحدث مما لا أصل له فی الشریعة یدّل علیه ، أما ما کان له أصل من الشرع یدّل علیه فلیس ببدعة شرعاً وإنْ کان بدعة لغةً) (14).
وقال ابن حجر العسقلانی فی «فتح الباری» : (أصلها ما أُحدِثَ على غیر مثال سابق ، وتطلق فی الشرع فی مقابل السُنّة فتکون مذمومة...) (15).
وقال : (المحدثات جمع محدثة ، والمراد بها ـ أی فی حدیث «من أحدث فی أمرنا هذا ما لیس منه فهو ردٌّ» ـ : ما أُحدث ولیس له أصل فی الشرع ، ویسمّى فی عرف الشرع بدعة ، وما کان له أصل یدلُّ علیه الشرع فلیس ببدعة) (16)؟ .
ویرى ابن حجر الهیتمی أنّ البدعة : (ما أُحدث على خلاف أمر الشرع ودلیله الخاص أو العام) (17).
ویرى الشاطبی : (البدعة طریقة فی الدین مخترعة تضاهی الشرعیة یُقصد بالسلوک علیها ما یُقصد بالطریقة الشرعیة ـ وقال فی مکان آخر ـ یُقصد بالسلوک علیها : المبالغة فی التعبّد لله تعالى) (18).
وقال السید المرتضى : (البدعة : الزیادة فی الدین أو نقصان منه من غیر إسناد إلى الدین..)(19).
وقال الطریحی فی مجمع البحرین : (البدعة : الحدثُ فی الدین ، وما لیس له أصل فی کتاب ولا سُنّة ، وإنّما سُمیّت بدعة لاَنّ قائلها ابتدعها هو نفسه)(20)....
أما العلاّمة المجلسی فإنّه عرّفَ البِدعة فی الاصطلاح الشرعی بأنّها : (ماحدث بعد الرسول ولم یرد فیه نصّ على الخصوص ، ولا یکون داخلاً فی بعض العمومات ، مثل بناء المدارس وأمثالها الداخلة فی عمومات إیواء المسلمین وإسکانهم وإعانتهم ، وکإنشاء بعض الکتب العلمیة ، والتصانیف التی لها مدخل فی العلوم الشرعیة ، وکالاَلبسة التی لم تکن فی عهد الرسول صلى الله علیه وآله وسلم والاَطعمة المحدثة فإنّها داخلة فی عمومات الحلّیة ولم یرد فیها نهی .
وما یُفعل منها على وجه العموم إذا قُصد کونها مطلوبة على الخصوص کان بدعة ، کما أنّ الصلاة خیر موضوع ویُستحب فعلها فی کل وقت ، ولو عیّن رکعات مخصوصة على وجه مخصوص فی وقت معین صارت بدعة، وکما إذا عیّن أحدٌ سبعین تهلیلة فی وقت مخصوص على أنّها مطلوبة للشارع فی خصوص هذا الوقت ، بلا نصّ ورد فیها ، کانت بدعة .
وبالجملة إحداث أمر فی الشریعة لم یرد فیه نص ، بدعة ، سواء کان أصلها مبتدعاً أو خصوصیتها مبتدعة...) (21).
وقال المحدّث البحرانی : (الظاهر المتبادر من البدعة ، لا سیّما بالنسبة إلى العبادات ، إنّما هو المحرّم ، ولما رواه الشیخ الطوسی عن زرارة ومحمد بن مسلم والفضیل عن الصادقین علیهما السلام : «إنّ کل بدعة ضلالة وکل ضلالة سبیلها النار» ) (22).
وقال المحقق الاشتیانی : (البدعة : إدخال ما علم أنّه لیس من الدین فی الدین ، ولکن یفعله بأنّه أمَرَ به الشارع..) (23).
وقال السید محسن الامین العاملی : (البدعة : إدخال ما لیس من الدین فی الدین ، کإباحة محرّم أو تحریم مباح أو إیجاب ما لیس بواجب أو ندبه، أو نحو ذلک سواء کانت فی القرون الثلاثة أو بعدها ، وتخصیصها بما بعد القرون الثلاثة لا وجه له..) (24).
هذه جملة مما ورد فی تعریف البدعة بالمعنى الاصطلاحی الشرعی، وقد أفاد أغلبها أنّ البدعة بالمعنى الشرعی ، هی : زیادة شیء فی الدین على أنّه منه وهو لیس منه .
واختص تعریف الشریف المرتضى وکذا تعریف السید محسن الامین من بین تلک التعریفات بذکر النقصان من الدین على أنّه یدخل ضمن البدعة أیضاً .
ومن هنا فإنّ تعریف الشریف المرتضى هو أجمع التعاریف وأکثرها دلالة على حد البدعة ومفهومها .
البدعة فی القرآن الکریم
وردت البدعة بمعناها اللغوی والاصطلاحی الشرعی فی عدة مواضع من القرآن الکریم .
والملاحظ أنّها وردت فی بعض المواضع من القرآن الکریم بصورة مباشرة، وبعضها الآخر ورد من خلال دلالة الجملة القرآنیة على مفهوم (التغییر فی الدین) زیادة وإنقاصاً ، وسنورد أمثلةً عن کلا الصورتین .
الصورة الاُولى :
1 ـ (... ورَهبَانِیَّةً ابتَدَعُوها ما کَتَبْناها عَلَیهِمْ إلاّ ابتِغَآءَ رِضوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَایَتِهَا...)(25).
الآیة الشریفة هنا توضح أنَّ «الرهبانیة» کانت من مبتدعات الرهبان ، وأنّها لم تکن مفروضة علیهم من قبل ، وإنّما تکلّفوها من عند أنفسهم .
2 ـ ( قُلْ ما کُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُسُلِ ومَآ أدرِی مَا یُفعَل بِی وَلا بِکُم... ) (26).
وهناک اتجاهان فی تفسیر الآیة الشریفة ، یذهب أحدهما إلى أنّ المقصود هو أنّ الرسول صلى الله علیه وآله وسلم لیس أول رسول یرسله الله إلى قومه برسالته.
ویذهب الآخر إلى أنّ المراد : ما کنتُ مبدِعاً فی أقوالی وأفعالی مالم یسبقنی إلیه أحد من الرسل .
وقد ذهب العلاّمة الطباطبائی فی تفسیره «المیزان» إلى ترجیح الاتجاه الثانی بقوله : (والمعنى الاَول لا یلائم السیاق... فثانی المعنیین هو الاَنسب ، وعلیه فالمعنى : لستُ أُخالف الرُسل السابقین فی صورة أو سیرة وفی قول أو فعل ، بل أنا بشر مثلهم فیَّ من آثار البشریة ما فیهم وسبیلهم فی الحیاة سبیلی) (27).
3 ـ قوله تعالى : ( بَدیِعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ وإذَا قَضَى أمراً فإنَّمَا یَقُولُ لَهُ کُن فَیَکُونُ ) (28).
4 ـ وقوله تعالى : ( بَدِیعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ أنَّى یَکُونُ لَهُ وَلَدٌ.. ) (29).
والآیتان المتقدمتان تفیدان معنى الخلق لا على مثال سابق وهو المعنى اللغوی لکلمة «بَدَع» ، التی مرّت الاشارة إلیها فیما تقدم .
الصورة الثانیة :
أما ما ورد فی القرآن الشریف من إشارة إلى البدعة بمعنى «التغییر فی الدین» فهو کثیر ، لکننا نشیر إلى بعض الآیات الشریفة :
1 ـ ( قُلْ أرَأیتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَکُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلتُم مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُل ءَآللهُ أَذِنَ لَکُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفتَرُونَ ) (30).
والآیة واضحة فی دلالتها على التحریف زیادة أو إنقاصاً ، وقد وردت الآیة فی وصف عمل المشرکین حین حرّموا بعض ما أنزل الله علیهم من الرزق وحلّلوا البعض الآخر ، فقد حرّموا السائبة والبَحیرة والوَصیلة من غیر أن یأتیهم بذلک أمر إلهی ، ویوضح هذه الحقیقة قوله تعالى فی ذیل الآیة المتقدمة : ( ءَآللهُ أذِنَ لَکُم أمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) .
2 ـ کما جاء ما یدل على التحریف فی قوله تعالى : ( ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ السِنَتُکُم الکَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الکَذِبَ إنَّ الَّذینَ یَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الکَذِبَ لا یُفلِحُونَ ) (31).
والآیة الشریفة واضحة الدلالة مثل سابقتها على مفهوم التحریف والافتراء کذباً على الله سبحانه وتعالى شأنه .
3 ـ إنّ تحریف النصّ الالهی أمر خطیر حتى جاء فی القرآن الشریف على لسان النبی صلى الله علیه وآله وسلم : (... قُلْ مَا یَکُونُ لِی أنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلقَآء نَفْسِی إنْ أتَّبِعُ إلاّ ما یُوحَى إلیَّ إنّی أخَافُ إنْ عَصیْتُ رَبّی عَذَابَ یَومٍ عَظیمٍ ) (32).
وفی الآیة الشریفة دلالة واضحة وصریحة على قُدسیة الاَمر الالهی الوارد عبر الوحی ، وأنَّ تحریف هذا النصّ أو تبدیله أمرٌ خطیر یورد صاحبه موارد الهلکة والخسران المبین إلى الدرجة التی یقول فیها النبی صلى الله علیه وآله وسلم : (إنِّی أخَافُ إنْ عَصَیتُ رَبّی عَذَابَ یَومٍ عَظِیمٍ ) .
4 ـ وجاء فی القرآن الکریم ما یدل على تحقّق الابتداع بدعوى الزیادة أو النقصان فی الاَحکام الاِسلامیة کما فی قوله تعالى : ( وَمَنْ أظلَمُ مِمِنَّ افْتَرَى عَلَى اللهِ کَذِباً أو کَذَّبَ بِآیاتِهِ إِنَّهُ لا یُفلِحُ الظَّالِمُون ) (33).
إنَّ الکذب من المحرمات والموبقات التی وعد الله علیها النار ، والبدعة من أفحش الکذب ، لاِنّها افتراء على الله ورسوله ، والمفتری مبتدع لاَنه یرید أن یقول عن شیء لیس من الدین إنّه من الدین ، فیزید فیه ما لیس منه ، أو یقول عن شیء إنّه لیس من الدین وهو من الدین ، فینقص من الدین شیئاً هو منه .
البدعة فی السُنّة المطهّرة
فیما تقدم استعرضنا بصورة موجزة الآیات القرآنیة الشریفة الدالة على مفهوم البدعة والتحذیر منها ، وسنستعرض فی هذا الفصل ما ورد من أحادیث وروایات منقولة عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم . وسوف لن یقتصر إیرادنا للاَحادیث المرویة عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم على فریق معیّن من المسلمین بل سنحاول ذکر الروایات الواردة عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم عن طریق الفریقین .
1 ـ ورد عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم أنّه قال : «لا یذهب من السُنّة شیء حتى یظهر من البدعة مثله ، حتى تذهب السُنّة وتظهر البدعة ، حتى یستوفی البدعة من لا یعرف السُنّة ، فمن أحیى میتاً من سنتی قد أمُیتت ، کان له أجرُها وأجرُ من عمل بها ، من غیر أن ینقص من أُجورهم شیئاً ، ومَنْ أبدَعَ بدعة کان علیه وزرها ووزر من عمل بها ، لا ینقص من أوزارهم شیئاً» (34).
2 ـ وعن جابر قال : خطبنا رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم فحمد الله وأثنى علیه بما هو أهل له ثم قال : «أما بعد فإنَّ أصدق الحدیث کتاب الله ، وأنّ أفضل الهدی هدی محمد ، وشر الاُمور محدثاتها وکلّ بدعة ضلالة..» (35).
3 ـ وورد عنه صلى الله علیه وآله وسلم قوله : «لا ترجعنَّ بعدی کفاراً ، مرتدین ، متأولین للکتاب على غیر معرفة ، وتبتدعون السُنّة بالهوى لاَن کل سُنّة وحدث وکلام خالف القرآن فهو ردّ وباطل» (36).
4 ـ وعنه صلى الله علیه وآله وسلم أنّه قال : «یأتی على الناس زمان وجوههم وجوه الآدمیین وقلوبهم قلوب الشیاطین ، السُنّة فیهم بدعة ، والبدعة فیهم سُنّة»(37)....
5 ـ وعنه صلى الله علیه وآله وسلم : «من أدى إلى أُمتی حدیثاً یُقام به سُنّة ، أو یثلم به بدعة، فله الجنة» (38).
6 ـ وجاء عنه صلى الله علیه وآله وسلم أنّه قال : «إیاک أن تسنَّ سنة بدعة ، فإنّ العبد إذا سنَّ سنةً سیئة ، لحقهُ وزرها ، ووزر من عمل بها»... (39).
7 ـ وعن عرباض بن ساریة قال : صلّى بنا رسول الله الفجر ثم أقبل علینا فوعظنا موعظة بلیغة... قال : «أوصیکم بتقوى الله... وإیّاکم ومحدثات الامور ، فإنّ کلَّ محدثة بدعة ، وإنّ کلَّ بدعة ضلالة» (40).
8 ـ وروى مسلم فی صحیحه : کان رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم إذا خطب احمرّت عیناه وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى کأنه منذر جیشٍ ، یقول : «صبّحکم ومسّاکم ـ ویقول ـ بُعثِتُ أنا والساعة کهاتین ـ ویقرن بین إصبعیه : السبابة والوسطى ، ویقول ـ أما بعد ، فإنَّ خیر الحدیث کتاب الله، وخیر الهدی هَدیُ محمد ، وشرّ الاُمور محدثاتها ، وکل بدعة ضلالة ـ ثم یقول ـ أنا أولى بکلِّ مؤمن من نفسهِ ، من ترک مالاً فلاَهله ، ومن ترک دَیناً أو ضیاعاً فإلیَّ وعلیّ».. (41).
9 ـ وروى ابن ماجه : قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : «لا یقبل الله لصاحب بدعة صوماً ، ولا صلاة ، ولا صدقة ، ولا حجّاً ، ولا عمرة ، ولا جهاداً» (42).
10 ـ وروى مسلم عنه صلى الله علیه وآله وسلم قوله : «من أحدث فی أمرنا هذا ما لیس منه فهو ردّ» (43).
11 ـ وعن جریر بن عبدالله عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم قوله : «من سنَّ فی الاِسلام سُنّة حسنة فعُمل بها بعده ، کُتب له مثل أجر من عمل بها ولا ینقص من أُجورهم شیء ، ومن سنَّ فی الاِسلام سُنّة سیئة فعمل بها بعده کُتب علیه مثل وزر من عمل بها ولا ینقص من أوزارهم شیء».. (44).
12 ـ وعن حذیفة انه قال : یا رسول الله هل بعد هذا الخیر شرّ ؟ قال : «نعم ، قوم یستّنون بغیر سنّتی ویهتدون بغیر هدای».. (45).
13 ـ وعن مالک فی موطأه عن أبی هریرة قال : إنّ رسول الله خرج إلى المقبرة فقال : «السلام علیکم دار قوم مؤمنین وإنّا إن شاء الله بکم لاحقون ـ إلى أن قال ـ فلُیذادنَّ رجال عن حوضی کما یُذاد البعیر الضال ، أنادیهم ألا هلّم ! ألا هلّم ! ألا هلّم ! فیقال : إنّهم قد بدّلوا بعدک ، فأقول : فسحقاً ، فسحقاً، فسحقاً».. (46).
14 ـ وروى الکلینی عن محمد بن جمهور رفعهُ، قال: قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : «إذا ظهرت البدع فی أُمتی فلیُظهِر العالِم علمه ، فمن لم یفعل فعلیه لعنة الله» (47).
15 ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : «من أتى ذا بدعةٍ فعظّمهُ فإنما یسعى فی هدم الاِسلام»(48).
16 ـ وبالاسناد السابق قال : قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : «أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة» قیل: یا رسول الله ، وکیف ذلک ؟ قال صلى الله علیه وآله وسلم : «انّه اُشرِبَ فی قلبه حبّها»(49).
17 ـ وعن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال : «خطب أمیر المؤمنین علیه السلام الناس فقال : أیُّها الناس إنّما بَدْءُ وقوع الفتن ، أهواءٌ تُتَّبع ، وأحکام تُبتدع ، یُخالف فیها کتاب الله ، یتولى فیها رجال رجالاً ، فلو أنّ الباطل خلص لم یُخف على ذی حجى ، ولو أنّ الحق خلص لم یکن اختلاف ، ولکن یؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فیمزجان فیجیئان معاً فهنالک استحوذ الشیطان على أولیائه ، ونجا الذین سبقت لهم من الله الحسنى» (50) .
18 ـ الحسن بن محبوب رفعه إلى أمیر المؤمنین علیه السلام : إنّه قال : «إنّ من أبغض الخلق إلى الله عزّ وجلّ لرجلین : رجل وکلّه الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبیل ، مشغوف بکلام بدعة ، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن أفتتن به ، ضال عن هَدی من کان قبله ، مضل لمن اقتدى به فی حیاته وبعد موته ، حمّال خطایا غیره ، رهنٌ بخطیئته» (51).
19 ـ وروى عمر بن یزید عن الاِمام الصادق علیه السلام إنّه قال : « لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصیروا عند الناس کواحدٍ منهم ، قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : المرءُ على دین خلیله وقرینه» (52).
20 ـ وروى داود بن سرحان عن الاِمام الصادق علیه السلام قال : «قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : إذا رأیتم أهل الریب والبدع من بعدی فأظهروا البراءة منهم ، وأکثروا من سبّهم والقول فیهم والوقیعة ».. (53).
21 ـ وعنه علیه السلام قال : « ما أُحدثت بدعة إلاّ ترک بها سُنّة ، فاتقوا البدع والزموا المَهْیَع ، إنَّ عوازم الاُمور أفضلها وإنّ محدثاتها شرارها » (54).
22 ـ وعن الصادق علیه السلام أنّه قال : « من تبسّم فی وجه مبتدع فقد أعان على هدم دینه» (55).
23 ـ وعنه علیه السلام أنّه قال : « من مشى إلى صاحب بدعة فوقّره فقد مشى فی هدم الاِسلام »(56).
24 ـ وفی نهج البلاغة عن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام قوله : «...فاعلم أنَّ أفضل عباد الله عند الله إمامٌ عادلٌ هُدِیَ وهَدى فأقام سُنّةً معلومةً وأمات بدعةً مجهولةً ، وأنّ السُنن لنیرةٌ ، لها أعلامٌ ، وأنّ البدع لظاهرةٌ ، لها أعلام . وأنَّ شرّ الناس عند الله إمام جائر ضَلَّ وضُلَّ به ، فأمات سُنّةً مأخوذةً ، وأحیا بدعةً متروکةً» (57).
25 ـ وقال علیه السلام : « أوِّهِ على اخوانی الذین تلوا القرآن فأحکموه ، وتدّبروا الفرض فأقاموه ، أحیوا السُنّة وأماتوا البدعة » (58).
26 ـ وقال علیه السلام : « إنّما الناس رجلان : متبع شرعة ، ومُبتدع بدعة» (59).
27 ـ وقال علیه السلام أیضاً : « طوبى لِمَن ذلّ فی نفسهِ وطاب کَسبُه ـ إلى أنْ قال ـ وعزل عن الناس شرّه ووَسَعته السُنّة ولم یُنسَب إلى البدعة».. (60).
28 ـ وقال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : «إذا رأیتم صاحب بدعة فاکفهرّوا فی وجهه ، فإنّ الله لیبغض کل مبتدع ولا یجوز أحد منهم على الصراط ، ولکن یتهافتون فی النار مثل الجراد والذباب »(61).
29 ـ وعنه صلى الله علیه وآله وسلم أنّه قال : « من غشّ أُمتی فعلیه لعنة الله والملائکة والناس أجمعین ، قالوا : یا رسول الله وما الغش ؟ قال صلى الله علیه وآله وسلم : ان یبتدع لهم بدعة فیعملوا بها ».. (62).
30 ـ وعن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم قوله : « من أحدث حدثاً ، أو آوى محدثاً ، فعلیه لعنة الله ، والملائکة ، والناس أجمعین ، لا یُقبل منه عدل ولا صرف یوم القیامة ، فقیل : یا رسول الله : ماالحدث ؟ فقال صلى الله علیه وآله وسلم : من قتل نفساً بغیر نفسٍ ، أو مثَّل مثلة بغیر قودٍ ، أو ابتدع بدعة بغیر سنة » (63).
31 ـ وعن أمیر المؤمنین علیه السلام أنّه قال : « وأما أهل السُنّة فالمتمسکون بما سنّه الله لهم ورسوله ، وإن قلّوا ، وأما أهل البدعة فالمخالفون لاَمر الله تعالى وکتابه ولرسوله ، والعاملون برأیهم وأهوائهم ، وإنْ کثروا ، وقد مضى منهم الفوج الاول ، وبقیت أفواج ، وعلى الله فضُّها واستیصالها عن جدبة الاَرض ».. (64) .
32 ـ وسأل رجل أمیر المؤمنین علیاً علیه السلام عن السُنّة ، والبدعة ، والفرقة والجماعة ، فقال علیه السلام : « أمّا السُنّة : فسنّة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وأمّا البدعة ، فما خالفها ، وأمّا الفرقة ، فأهل الباطل وإنْ کثروا ، وأمّا الجماعة ، فأهل الحق وإن قلّوا».. (65).
33 ـ وعنه علیه السلام : « .. أدنى ما یکون به العبدُ کافراً ، مَنْ زَعم أنَّ شیئاً نهى الله عنه ، أنَّ الله أمر به ونصبه دیناً یتولّى علیه ، ویزعم أنّه یعبد الذی أمره به ، وإنّما یعبد الشیطان » (66).
34 ـ وقال أبو جعفر الباقر علیه السلام : « أدنى الشرک أن یبتدع الرجل رأیاً ، فیحبُّ علیه ویُبغض ».. (67).
کانت تلک طائفة من الاحادیث المرویة عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وأئمة أهل البیت علیهم السلام ، أکد بعضها على حرمة الابتداع فی الدین ، وبعضها الآخر حدد أسلوب التعامل الاجتماعی مع صاحب البدعة ، وحذَّرت طائفة أُخرى من التعامل مع صاحب البدعة .
وکل ذلک یؤکد خطورة البدعة على الدین ووحدة المسلمین .
ونجد من المناسب بعد إیراد الروایات المتقدمة استعراض ما دلّت علیه ، فی نقاط:
1 ـ إنّ کلَّ بدعة ضلالة ، وإنّ کلَّ ضلالة فی النار .
2 ـ روى مسلم عن الرسول صلى الله علیه وآله وسلم کان إذا خطب احمرّت عیناه.. إلى أن یقول وخیر الهدی هدی محمد.. الخ ، وهذا یوضح أنَّ ثورة الغضب عند رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وعلوّ صوته لیس إلاّ للتصرّف المبتدع فی رسالته ، ولیس فی مطلق شؤون الحیاة .
3 ـ جاء فی الروایة إنّ رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم یقول لقوم بدّلوا بعد رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : « فسحقاً » یکررها ثلاث مرات ، والمقصود بالتبدیل أنهم بدّلوا فی دین الله الذی جاء به الرسول صلى الله علیه وآله وسلم .
4 ـ دلّت الروایات المتقدمة على أنّ البدع إذا ظهرت فإن على العالم أن یُظهر علمه ، لیُسهم فی کشف البدع وزیفها ومواجهتها ، وإلاّ فعلیه لعنة الله.
5 ـ کما دلت على عدم قبول توبة صاحب البدعة .
6 ـ ودلّت أیضاً على أنَّ انتشار البدع وظهورها سیؤدی ذلک إلى ترک السُنّة وضیاعها التدریجی .
المصادر :
1- العین ، للفراهیدی 2 : 54 .
2- معجم مفردات ألفاظ القرآن الکریم ، للراغب الاصفهانی : 36 .
3- تهذیب اللغة ، للازهری 2 : 241 .
4- المقاییس ، لابن فارس 1 : 209 مادة (بَدَع) .
5- القاموس ، للفیروزآبادی 3 : 6 مادة (بَدَعَ) .
6- جمهرة اللغة ، لابن درید 1 : 298 .
7- لسان العرب ، لابن منظور 8 : 6 مادة (بدع) .
8- الصحاح ، للجوهری 3 : 1183 مادة (بدع) .
9- المصباح المنیر ، للفیومی1 : 38 مادة (بدع) .
10- مجمع البحرین ، للطریحی 1 : 163 مادة (بدع) .
11- النهایة ، لابن الاثیر 1 : 106 . والآیة من سورة البقرة 2 : 117 .
12- انظر : المفردات ، للراغب : 28 .
13- القاموس ، للفیروزآبادی 3 : 6 .
14- جامع العلوم والحکم ، لابن رجب الحنبلی : 160 طبع الهند .
15- فتح الباری ، لابن حجر العسقلانی 5 : 156 .
16- فتح الباری ، لابن حجر العسقلانی 17 : 9 .
17- التبیین بشرح الاربعین ، لابن حجر الهیتمی : 221 .
18- الاعتصام ، للشاطبی 1 : 37 .
19- الرسائل ، للشریف المرتضى 3 : 83 .
20- مجمع البحرین ، للطریحی 1 : 163 مادة (بدع) .
21- بحار الانوار ، للمجلسی 74 : 202 ـ 203 .
22- الحدائق الناضرة ، للشیخ یوسف البحرانی 10 : 180 .
23- بحر الفوائد ، للاشتیانی : 80 .
24- کشف الارتیاب للسید محسن الامین العاملی : 143 .
25- الحدید 57 : 27 .
26- الاحقاف 46 : 9 .
27- المیزان فی تفسیر القران ، للطباطبائی 18 : 190 .
28- البقرة 2 : 117 .
29- الانعام 6 : 101 .
30- یونس 10 : 59 .
31- النحل 16 : 116 .
32- یونس 10 : 15 .
33- الانعام 6 : 21 .
34- کنز العمال ، لعلاء الدین الهندی 1 : 222 | 1119 .
35- مسند أحمد 3 : 310 / سنن ابن ماجه 1 : 21 / جامع الاُصول ، لابن الاَثیر : 5 الفصل الخامس الخطبة 3974 .
36- خصائص الاَئمة ، للشریف الرضی : 75 .
37- جامع الاخبار ، لتاج الدین الشعیری : 125 .
38- بحار الانوار ، للمجلسی 2 : 152 | 43 باب 19 .
39- بحار الانوار ، للمجلسی 74 : 104 | 1 باب 5 .
40- مسند أحمد 4 : 126 ـ 127 . وبحار الانوار 2 : 263 .
41- جامع الاصول ، لابن الاثیر : 5 . الفصل : 5 الخطبة 3974 .
42- سنن ابن ماجه 1 : 25 باب اجتناب البدع والجدل .
43- صحیح مسلم 5 : 132 ، کتاب الاقضیة الباب 8 . ومسند أحمد 6 : 270 .
44- صحیح مسلم 8 : 61 کتاب العلم .
45- صحیح مسلم 5 : 206 کتاب الامارة .
46- موطأ مالک : کتاب الصلاة باب جامع الوضوء | 26 . وصحیح مسلم 1 : 150 .
47- الکافی ، للکلینی 1 : 54 | 2 باب البدع .
48- المصدر السابق : ح3 .
49- الکافی ، للکلینی 1 : 54 | 4 .
50- المصدر السابق 1 : 55 | 1 الباب السابق .
51- الکافی ، للکلینی 1 : 54 | 6 باب البدع .
52- الکافی ، للکلینی 2 : 375 | 3 باب مجالسة أهل المعاصی .
53- الکافی ، للکلینی 2 : 375 | 4 باب مجالسة أهل المعاصی .
54- بحار الانوار ، للمجلسی 2 : 264 | 15 . نهج البلاغة : خطبة 145 . والمَهْیَع : الطریق البیّن .
55- المصدر السابق 8 : 23 الطبعة القدیمة .
56- المصدر السابق 2 : 304 | 45 .
57- نهج البلاغة : الخطبة 164 .
58- نهج البلاغة : الخطبة 182 .
59- المصدر السابق : الخطبة 176 .
60- المصدر السابق : قسم الحکم ، الرقم 123 .
61- جامع الاصول ، لابن الاثیر 9 : 566 . کنز العمّال ، للمتقی الهندی 1 : 221 | 1118.
62- المصدر السابق .
63- معانی الاخبار ، للصدوق ، تحقیق علی أکبر الغفاری : 265 .
64- کنز العمال ، لعلاء الدین الهندی 16 : 184 | 44216 .
65- تحف العقول ، للحرّانی ، تحقیق علی أکبر الغفاری : 211 .
66- الکافی ، للکلینی 2 : 414 | 1 باب ادنى ما یکون به العبد مؤمناً أو کافراً أو ضالاً.
67- ثواب الاعمال وعقابها ، للصدوق ، تحقیق علی أکبر الغفاری : 578 | 3


source : .www.rasekhoon.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الفتور المعنوي بعد المواسم العبادية
فضل التبليغ وأهدافه
الزهراء عليها السلام وعلاقتها بالتوحيد
عصمة الأنبياء (عليهم السلام) عند المذاهب ...
الخروج من القبر
التقية المحرمة والمکروهة عند الشيعة الإمامية
عناصر ديمومة التشريع
من هم الصادقون في التوبة؟
هل تعلم لماذا تبدأ عزاء الحسين (عليه السلام) من ...
ما هو صبر أيوب ؟

 
user comment