عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

عصمة الأنبیاء

عصمة الأنبیاء

عن علی بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علی بن موسى فقال له المأمون : یا بن رسول الله ألیس من قولک: إن الأنبیاء معصومون ؟
قال : بلى .
قال : فما معنى قول الله عزّ وجلّ : ( وعصى آدم ربه فغوى ) (1) .
فقال : إنَّ الله تبارک وتعالى قال لآدم : ( اسکُن أنتَ وَزَوجُکَ الجَنَّة وکُلا مِنهَا رَغَداً حیثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هذهِ الشَجَرَة ـ وأشار لهما إلى شجرة الحنطة ـ فَتَکونَا مِن الظالمین ) (2) ولم یقل لهما : لا تأکلا من هذه الشجرة ولا مما کان من جنسها فلم یقربا تلک الشجرة ولم یأکلا منها وإنّما أکلا من غیرها ، لمّا أن وسوس لهما الشیطان وقال : ( مَا نَهاکُما رَبّکُما عن هذهِ الشَجَرةِ ) (3) وإنّما ینهاکما أن تقربا غیرها ولم ینهکما عن الاَکل منها ( إلا أن تکُونا مَلکَینِ أو تکُونا من الخالدین ، وقاسمهُما إنّی لکُما لَمِنَ الناصحین ) (4) ولم یکن آدم وحواء شاهدا قبل ذلک من یحلف بالله کاذباً ( فَدَلاّهُما بغرُورٍ ) (5) فأکلا منها ثقة بیمینه بالله وکان ذلک من آدم قبل النبوة ولم یکن ذلک بذنب کبیر استحق به دخول النار وإنّما کان من الصغائر الموهوبة التی تجوز على الاَنبیاء قبل نزول الوحی علیهم فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبیاً کان معصوماً لا یذنب صغیرة ولا کبیرة قال الله عزّ وجلّ : ( وَعَصى آدم رَبَّه فَغوى ، ثمَّ اجتباه رَبُّه فتابَ علیه وَهَدى ) (6) وقال عز وجل : ( إن اللهَ اصطفى آدمَ ونُوحاً وآلَ إبراهیمَ وآل عمرانَ على العالَمین ) (7) .
فقال له المأمون : فما معنى قول الله عز وجل : ( فَلمَّا آتاهُما صالِحاً جَعلا له شُرکاء فیما آتاهُما ) (8) ؟
فقال له الرضا : إن حواء ولدت لآدم خمسمائة بطن ذکراً وأنثى وإن آدم وحواء عاهدا الله عز وجل ودعواه وقالا : ( لئن آتَیتَنا صالِحاً لنکوننَّ من الشاکرینَ ، فلمَّا آتاهما صالحاً ) (9) من النسل خلقاً سویاً بریاً من الزمانة والتامة وکان ما آتاهما صنفین صنفاً ذکراناً وصنفاً إناثاً ، فجعل الصنفان لله تعالى ذکره شرکاء فیما آتاهما ولم یشکراه کشکر أبویهما له عز وجل ، قال الله تبارک وتعالى: ( فَتَعالى اللهُ عمّا یُشرِکون ) (10) .
فقال المأمون : أشهد أنک ابن رسول الله حقّاً فأخبرنی عن قول الله عز وجل فی حقِّ إبراهیم : ( فَلَمَّا جَنَّ علیهِ اللیلُ رأى کَوکباً قال هذا رَبّی ) (11)
فقال الرضا : إن إبراهیم وقع إلى ثلاثة أصناف صنف یعبد الزهرة وصنف یعبد القمر وصنف یعبد الشمس وذلک حین خرج من السرب الذی أخفی فیه ( فَلَمَّا جَنَّ علیهِ اللیلُ ) فرأى الزهرة، قال : ( هذا رَبّی ) على الاِنکار والاستخبار ( فلمَّا أَفَلَ ) الکوکب ( قال لا أُحِبُّ الآفِلین ) (12) لاَنّ الاَفول من صفات المحدَث لا من صفات القدم ( فَلمّا رأى القمرَ بازِغاً قالَ هذا رَبّی ) (13) على الاِنکار والاستخبار ( فلمّا اَفَلَ قال لئن لم یهدِنی رَبّی لاَکوننَّ مِنَ القومِ الضَّالِّین ) (14) یقول : لو لم یهدنی ربی لکنت من القوم الضالین فلما أصبح و ( رأى الشمسَ بازغةً قالَ هذا رَبّی هذا أکبر ) من الزهرة والقمر على الاِنکار والاستخبار لا على الاِخبار والاِقرار ( فَلمَّا أَفَلت ) قال للاَصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس : ( یا قَوم اِنّی بَریءٌ مما تُشرکون ، إنّی وجَّهتُ وجهی لِلذی فَطَرَ السماواتِ والاَرض حنیفاً وما أنا من المُشرِکین ) (15) وإنّما أراد إبراهیم علیه السلام بما قال أن یبیّن لهم بطلان دینهم ویثبت عندهم أن العبادة لا تحقّ لمن کان بصفة الزهرة والقمر والشمس وإنّما تحقّ العبادة لخالقها وخالق السماوات والاَرض ، وکان ما احتجَّ به على قومه مما ألهمه الله تعالى وآتاه کما قال الله عز وجل : ( وتِلکَ حُجّتُنا آتیناها إبراهیم على قومهِ ) (16) .
فقال المأمون : لله درّک یا بن رسول الله فأخبرنی عن قول إبراهیم : ( رَبِّ أَرنی کیفَ تُحیی المَوتى قال أوَ لَم تُؤمِن قال بلى ولکن لیَطمئِن قلبی ) (17) .
قال الرضا : إن الله تبارک وتعالى کان أوحى إلى إبراهیم إنّی مُتخذ من عبادی خلیلاً إن سألنی إحیاء الموتى أجبته ، فوقع فی نفس إبراهیم أنه ذلک الخلیل فقال : ( رَبِّ أَرنی کیفَ تُحیی المَوتى قال أوَ لَم تُؤمِن قال بلى ولکن لیَطمئِن قلبی ) على الخلّة ( قال فَخُذ أَربَعةً من الطّیرِ فصُرهُنَّ إلَیکَ ثُمَّ اجعَل على کُلِّ جبلٍ منهُن جزءً ثُمَّ ادعُهُن یأتینَک سعیاً واعلم أَنَّ اللهَ عزیزٌ حکیم ) (18) فأخذ إبراهیم نسراً وطاووساً وبطاً ودیکاً ، فقطعهن وخلطهن ثمّ جعل على کل جبل من الجبال التی حوله وکانت عشرة منهن جزء وجعل مناقیرهن بین أصابعه ثم دعاهن بأسمائهن ووضع عنده حبّاً وماءً فتطایرت تلک الاَجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الاَبدان ، وجاء کل بدن حتى انضم إلى رقبته ورأسه فخلى إبراهیم علیه السلام عن مناقیرهن فطرن ثمّ وقعن فشربن من ذلک الماء والتقطن من ذلک الحبّ، وقلن : یا نبی الله أحییتنا أحیاک الله ، فقال إبراهیم : بل الله یحیی ویمیت وهو على کلِّ شیء قدیر.
قال المأمون : بارک الله فیک یا أبا الحسن فأخبرنی عن قول الله عز وجل : ( فَوَکَزَهُ موسى فَقَضى علیهِ قالَ هذا مِن عمل الشَّیطان ) (19) .
قال الرضا : إن موسى دخل مدینة من مدائن فرعون على حین غفلة من أهلها وذلک بین المغرب والعشاء ( فَوَجدَ فیها رجُلین یَقتتِلان هذا من شیعتِه وهذا مِن عَدوِه فاستَغاثَهُ الذی من شیعَتِهِ على الذی من عَدوهِ ) (20) فقضى موسى على العدو ، وبحکم الله تعالى ذکره فوکزه فمات ( قالَ هذا مِن عَمَلِ الشَّیطان ) یعنی الاقتتال الذی کان وقع بین الرجلین لا ما فعل موسى من قتله ، إنه ـ یعنی الشیطان ـ عدو مضل مبین .
فقال المأمون : فما معنى قول موسى : ( ربّ إنّی ظَلَمتُ نَفسی فاغفر لی ) (21) .
قال : یقول : إنّی وضعت نفسی غیر موضعها بدخولی هذه المدینة فاغفر لی أی استرنی من أعدائک لئلا یظفروا بی فیقتلوننی ( فَغَفَرَ لهُ إنَّه هُوَ الغفُورُ الرَّحیم ) (22) قال موسى : ( رَبّ بِما أنعمتَ عَلیَّ ) من القوة حتى قتلت رجلاً بوکزة ( فَلَن أکونَ ظهیراً للمُجرمین ) (23) بل أجاهد فی سبیلک بهذه القوة حتى رضى فأصبح موسى فی المدینة خائفاً یترقب فإذا الذی استنصره بالاَمس یستصرخه على آخر قال له موسى إنّک لغویٌ مبین قتلت رجلاً بالاَمس وتقاتل هذا الیوم لاَودبنّک وأراد أن یبطش به ( فَلَمّا أن أراد أن یبطشَ بالذی هوَ عَدوٌّ لهما ) وهو من شیعته ( قال یا موسى أتُریدُ أن تَقتُلَنی کَما قَتَلتَ نَفساً بالاَمسِ إن تُریدُ إلاّ أن تَکون جبّاراً فی الاَرض وما تُرید أن تکونَ مِنَ المُصلحین ) (24) .
قال المأمون : جزاک الله عن أنبیائه خیراً یا أبا الحسن فما معنى قول موسى لفرعون : ( فَعَلتُها إذاً وأنا من الضّالّین ) (25) .
قال الرضا : إن فرعون قال لموسى لما أتاه : ( وفَعَلتَ فعلتَکَ التی فَعَلت وأَنتَ مِنَ الکافرین ) (26) ، قال موسى : ( فَعَلتُها إذاً وأَنا من الضالین) عن الطریق بوقوعی إلى مدینة من مدائنک ( فَفَررتُ مِنکُم لَما خِفتُکم فَوَهَبَ لی رَبّی حُکماً وجَعَلَنی مِنَ المُرسَلین ) (27) وقد قال الله عز وجل لنبیه محمد : ( ألَم یَجِدکَ یتیماً فآوى ) (28) یقول : ألم یجدک وحیداً فآوى إلیک الناس ( وَوَجَدکَ ضالاً ) (29) یعنی عند قومک فهدى ، أی هداهم إلى معرفتک ( وَوَجدکَ عائِلاً فأَغنى ) (30) یقول : أغناک بأن جعل دعاءک مستجاباً.
قال المأمون : بارک الله فیک یا بن رسول الله فما معنى قول الله عز وجل : ( ولَمّا جاء موسى لمیقاتِنا وکَلَّمَه رَبُّه قالَ رَبِّ أَرنی أَنظرُ إِلیکَ قال لَن تَرانی ) (31) کیف یجوز أن یکون کلم الله موسى بن عمران علیه السلام لا یعلم أنَّ الله تبارک وتعالى ذکره لا یجوز علیه الرؤیة حتى یسأله هذا السؤال ؟
فقال الرضا : إنَّ کلیم الله موسى بن عمران علم أنّ الله تعالى أعز أن یرى بالاَبصار ، ولکنه لما کلمه الله عز وجل وقربه نجیاً رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز وجل کلمه وقربه وناجاه ، فقالوا ( لَن نُؤمن لَکَ ) حتى نستمع کلامه کما سمعت ، وکان القوم سبعمأة ألف رجل ، فاختار منهم سبعین ألفاً، ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ، ثم اختار منهم سبعین رجلاً لمیقات ربهم فخرج بهم إلى طور سیناء فأقامهم فی سفح الجبل وصعد موسى إلى الطور وسأل الله تعالى أن یکلمه ویسمعهم کلامه ، فکلمه الله تعالى ذکره وسمعوا کلامه من فوق وأسفل ویمین وشمال ووراء وأمام ، لاَنّ الله عز وجل أحدثه فی الشجرة وجعله منبعثاً منها حتى سمعوه من جمیع الوجوه ، فقالوا : ( لَن نُؤمن لَکَ ) بأن هذا الذی سمعناه کلام الله ( حتّى نرى الله جهرة ) فلما قالوا هذا القول العظیم واستکبروا وعتوا بعث الله عز وجل علیهم صاعقة ، فأخذتهم بظلمهم فماتوا.
فقال موسى : یا ربّ ما أقول لبنی إسرائیل إذا رجعت إلیهم وقالوا : إنک ذهبت به فقتلتهم لاَنّک لم تکن صادقاً فیما ادعیت من مناجاة الله عز وجل إیّاک، فأحیاهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنّک لو سألت الله أن یریک ننظر إلیه لاَجابک وکنت تخبرنا کیف هو فنعرفه حق معرفته ، فقال موسى : یا قوم إن الله تعالى لا یُرى بالاَبصار ولا کیفیة له ، وإنما یعرف بآیاته ویعلم بأعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لک حتى تسأله ، فقال موسى : یا ربّ إنّک قد سمعت مقالة بنی إسرائیل ، وأنت أعلم بصلاحهم، فأوصى الله تعالى إلیه یا موسى سلنی ما سألوک فلن أؤاخذک بجهلهم فعند ذلک قال موسى علیه السلام : ( رَبِّ أَرنی أَنظرُ إِلیکَ قال لَن تَرانی ولکِن اُنظُر إلى الجبلِ فإِن استَقَرَ مَکانَه ) وهو یهوی ( فَسوفَ ترانی فَلمّا تَجَلّى رَبُّه للجبلِ ) بآیة من آیاته ( جَعَلَه دَکّاً وخرَّ مُوسى صَعِقاً فَلمّا أَفاقَ قال سُبحانکَ تُبتُ إِلَیکَ ) (32) یقول : رجعت إلى معرفتی بک عن جهل قومی وأنا أوّل المؤمنین منهم بأنک لا تُرى .
فقال المأمون : لله درُّک یا أبا الحسن فأخبرنی عن قول الله عز وجل : ( وَلَقَد هَمَّت بهِ وهَمَّ بها لَولا أن رأى بُرهان رَبّهِ ) (33) .
فقال الرضا : لقد همَّت به ، ولولا أن رأى برهان ربه لهمَّ لها کما همَّت به، لکنه کان معصوماً والمعصوم لا یهم بذنب ولا یأتیه ، وقد حدّثنی أبی عن أبیه الصادق أنّه قال : همَّت بأن تفعل وهمَّ بأن لا یفعل .
فقال المأمون : لله درُّک یا أبا الحسن فأخبرنی عن قول الله عز وجل : ( وَذَا النُّون إذ ذهبَ مُغاضباً فَظَنَّ أن لن نقدِرَ علیه ) (34) .
فقال الرضا : ذاک یونس بن متى علیه السلام ذهب مغاضباً لقومه ، فظن بمعنى استیقن أن لن نقدر علیه ، أی لن نضیق علیه رزقه ، ومنه قوله عزّ وجلّ : ( وأمَّا إذا مَا ابتلاهُ فَقَدَرَ علیهِ رِزقهُ ) (35) أی ضیق وقتر ( فَنَادَى فی الظُّلماتِ) أی ظلمة اللیل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت : ( أن لا إله إلاَّ أنت سُبحَانَکَ إنّی کُنتُ مِنَ الظالِمین ) (36) بترکی مثل هذه العبادة التی قد فرّغتنی لها فی بطن الحوت ، فاستجاب الله له وقال عزّ وجلّ : ( فَلَولا أَنَّه کانَ مِن المُسبِّحین، للبِثَ فی بَطنهِ إلى یوم یُبعَثُونَ ) (37) .
فقال المأمون : لله درُّک یا أبا الحسن ، فأخبرنی عن قول الله عز وجل : ( حتى إذا استیأس الرُّسُل وَظَنُّوا أنَّهُم قَد کُذِبوا جَاءهُم نَصرُنا ) (38) .
فقال الرضا : یقول الله عز وجل : حتى إذا استیأس الرُّسُل من قومهم، وَظَنَّ قومهم ، أنَّ الرسل قَد کُذِبوا جَاء الرسل نَصرُنا .
فقال المأمون : لله درُّک یا أبا الحسن ، فأخبرنی عن قول الله عز وجل : ( لِیغفِرَ لَکَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِکَ وما تَأخّر ) (39) .
قال الرضا : لم یکن أحد عند مشرکی أهل مکّة أعظم ذنباً من رسول الله لاَنّهم کانوا یعبدون من دون الله ثلاثمائة وستین صنماً ، فلمّا جاءهم بالدعوة إلى کلمة الاِخلاص کَبُر ذلک علیهم وعظم وقالوا : ( أجعلَ الآلِهةَ إِلهاً واحِداً إنَّ هذا لشیءٌ عُجاب ، وانطَلَقَ المَلأ مِنهم أن امشُوا واصبِرُوا على آلِهتِکُم إنَّ هَذا لَشیءٌ یُرادُ ، ما سَمِعنا بِهذا فی المِلَّةِ الآخِرةِ إن هذا إلاّ اختِلاق ) (40) فلمّا فتح الله عز وجل على نبیه مکة قال له : یا محمد ( إنَّا فَتَحنَا لَکَ ) ـ مکة ـ ( فَتحَاً مُبیناً ، لِیغفر لَکَ اللهُ ما تَقَدَّم مِن ذَنبِکَ وما تَأخّر ) (41) عند مشرکی أهل مکة بدعائک إلى توحید الله فیما تقدم وما تأخر ، لاَن مشرکی مکة أسلم بعضهم ، وخرج بعضهم عن مکة ، ومن بقى منهم لم یقدر على إنکار التوحید علیه إذا دعا الناس إلیه ، فصار ذنبه عندهم فی ذلک مغفوراً بظهوره علیهم.
فقال المأمون : لله درُّک یا أبا الحسن ، فأخبرنی عن قول الله عز وجل : ( عَفَا اللهُ عَنکَ لِمَ أذِنتَ لَهُم ) (42) ؟
فقال الرضا : هذا ما نزل بإیاک أعنی واسمعی یا جارة ، خاطب الله عز وجل بذلک نبیه وأراد به أُمّته ، وکذلک قوله تعالى : ( لئِن أشرکتَ لیَحبَطَنَّ عَمَلُکَ وَلَتَکُونَنَّ مِن الخاسرین ) (43) وقوله عز وجل : ( وَلولا أن ثَبَّتناکَ لَقَد کِدتَ ترکَنُ إلیهم شَیئاً قَلیلاً ) (44) .
قال : صدقت یا بن رسول الله فأخبرنی عن قول الله عز وجل : ( وإذ تَقولُ لِلَّذی أنعَم اللهُ عَلیهِ وأنعَمت عَلیهِ أمسِک عَلَیکَ زَوجَکَ واتَّقِ اللهَ وتُخفی فی نَفسِکَ ما اللهُ مُبدِیهِ وَتَخشى النّاس واللهُ أحقُّ أن تخشاه ) (45) .
قال الرضا : إن رسول الله قصد دار زید بن حارثة بن شراحیل الکلبی فی أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل فقال لها : سبحان الذی خلقکِ، وإنّما أراد بذلک تنزیه الباری عز وجل عن قول من زعم أن الملائکة بنات الله فقال الله عز وجل : ( أَفأَصفاکُم رَبُّکُم بالبَنینَ واتَّخَذَ مِنَ المَلائکَةِ إِناثاً إِنَّکُم لَتَقُولون قَولاً عَظِیماً ) (46) فقال النبی لما رآها تغتسل : سبحان الذی خلقک أن یتخذ له ولداً یحتاج إلى هذا التطهیر والاغتسال ، فلما عاد زید إلى منزله أخبرته امرأته بمجیء رسول الله وقوله لها : سبحان الذی خلقک ، فلم یعلم زید ما أراد بذلک، وظن أنه قال ذلک لما أعجبه من حسنها فجاء إلى النبی وقال له : یا رسول الله إنَّ امرأتی فی خلقها سوء وإنّی أُرید طلاقها ، فقال له النبی : ( أمسِک عَلَیکَ زَوجَکَ واتَّقِ الله ) (47) وقد کان الله عز وجل عرَّفه عدد أزواجه وأن تلک المرأة منهن فأخفى ذلک فی نفسه ولم یبده لزید ، وخشى الناس أن یقولوا : إن محمداً یقول لمولاه : إن امرأتک ستکون لی زوجة یعیبونه بذلک ، فأنزل الله عز وجل : ( وإذ تَقُولُ لِلَّذی أنعَمَ اللهُ عَلیهِ )یعنی بالاِسلام وأنعمت علیه یعنی بالعتق ( أمسِک عَلَیکَ زَوجَکَ واتَّقِ اللهَ وتُخفی فی نَفسِکَ ما اللهُ مُبدِیهِ وَتَخشى النّاس واللهُ أحقُّ أن تخشاه ) (48) ثمّ إن زید بن حارثة طلقها واعتدت منه ، فزوّجها الله عز وجل من نبیه محمد وأنزل بذلک قرآناً فقال عز وجل : ( فَلَمّا قَضَى زَیدٌ مِنها وَطراً زَوَّجناکَها لکی لا یَکُونَ عَلى المؤمِنینَ حَرجٌ فی أزواجِ أدعیائِهم إذا قضوا مِنهُنَّ وَطراً وکانَ أمرُ اللهِ مفعُولاً ) (49) ثمّ علم الله عز وجل أن المنافقین سیعیبونه بتزوجها فأنزل الله تعالى: ( ما کانَ عَلى النَّبی مِن حرجٍ فیمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ ) (50) .
فقال المأمون : لقد شفیت صدری یا بن رسول الله ، وأوضحت لی ما کان ملتبساً علیَّ ، فجزاک الله عن أنبیائه وعن الاِسلام خیراً (51) .
المصادر :
__________
(1) سورة طه : الآیة 121 .
(2) سورة البقرة : الآیة 35 .
(3) سورة الاَعراف : الآیة 20 .
(4) سورة الاَعراف : الآیة 20 و21 .
(5) سورة الاَعراف : الآیة 22 .
(6) سورة طه : الآیة 121 و122 .
(7) سورة آل عمران : الآیة 33 .
(8) سورة الاَعراف : الآیة 190 .
(9) سورة الاَعراف : الآیة 189 و 190 .
(10) سورة الاَعراف : الآیة 190 .
(11) سورة الاَنعام : الآیة 76 .
(12) سورة الاَنعام : الآیة 76 .
(13) سورة الاَنعام : الآیة 77 .
(14) سورة الاَنعام : الآیة 77 .
(15) سورة الاَنعام : الآیة 78 و79 .
(15) سورة الاَنعام : الآیة 83 .
(16) سورة البقرة : الآیة 260 .
(17) سورة البقرة : الآیة 260 .
(18) سورة القصص : الآیة 15 .
(19) سورة القصص : الآیة 15 .
(20) سورة القصص : الآیة 16 .
(21) سورة القصص : الآیة 15 .
(22) سورة القصص : الآیة 17 .
(23) سورة القصص : الآیة 19 .
(23) سورة الشعراء : الآیة 20 .
(24) سورة الشعراء : الآیة 19 .
(25) سورة الشعراء : الآیة 21 .
(27) سورة الضحى: الآیة 6 .
(28) سورة الضحى : الآیة 7 .
(29) سورة الضحى : الآیة 8 .
(30) سورة الاَعراف : الآیة 143 .
(32) سورة الاَعراف : الآیة 143 .
(33) سورة یوسف : الآیة 24 .
(34) سورة الاَنبیاء : الآیة 87 .
(35) سورة الفجر : الآیة 16 .
(36) سورة الاَنبیاء : الآیة 87 .
(37) سورة الصافات : الآیة 143 و 144 .
(38) سورة یوسف : الآیة 110 .
(39) سورة الفتح : الآیة 2 .
(40) سورة ص : الآیة 5 ـ 7 .
(41) سورة الفتح : الآیة 1 و2 .
(42) سورة التوبة : الآیة 43 .
(43) سورة الزمر : الآیة 65 .
(44) سورة الاِسراء : الآیة 74 .
(45) سورة الاَحزاب : الآیة 37 .
(46) سورة الاِسراء : الآیة 40 .
(47) سورة الاَحزاب : الآیة 37 .
(48) سورة الاَحزاب : الآیة 37 .
(49) سورة الاَحزاب : الآیة 37 .
(50) سورة الاَحزاب : الآیة 38 .
(51) عیون أخبار الرضا علیه السلام ج2 ص 174 ـ 182 ب 15.

 

 


source : .www.rasekhoon.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

آراء الحكماء في المعاد الجسماني
المناظرة الحادية عشر/سماحة الشيخ مصطفى الطائي
أسباب النزول بين العموم والخصوص
الصفات الذاتية الثبوتية
المراد من الاثني عشر عند أهل السنة
التسليم
رجاء الله وخشيته
لماذا نحن بحاجة الي تكوين الذات المعلوماتية ؟
التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه ق (8)
أعمــــال ماقبــل النـــوم

 
user comment