عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

الاحتلام

الاحتلام
 

الاحتلام هو الجماع وما يتعلق به في المنام، يعايُنه البالغ ضمن تجربة جنسية، فيقذف الماء بصورة تلقائية، يصاحبها عادة شعور باللذة والانفراج، وهو من خصوصيات الإنسان، عدا الأنبياء عليهم السلام لكمالهم، والذكور والإناث في شأن الاحتلام سواء؛ إذ هن في مثل هذه القضايا شقائق الرجال، حتى العذراء منهن يمكن أن تحتلم ما دامت بالغة .

وهذا من الأمور الثابتة المعلومة لدى الأطباء.

وبداية قدرة الفتاة على هذا الإنزال المنامي: بلوغها لسن الحيض،حيث يسبق هذه السن جمع من الأحلام المنامية التي تحمل مضامين عاطفية، تؤكد بصورة عامة نوع هوية الفتاة الجنسية.
ومع كون تجربة الاحتلام تشمل كل طبقات الإناث البالغات، إلاأنها - مع ذلك - لا تعم بالضرورة جميع أفراد النساء؛ فإن الاحتلام فيهن قليل مقابلة بأحوال الذكور، خاصة عند المتزوجات منهن، والشواب من الفتيات، حتى إن البعض - لندرته - استنكر وقوعه منهن؛ فقد تعيش إحداهن الدهر لا تعرف إنزال الماء إلا بالجماع، حتى وإن كانت ترى في منامها دواعي ذلك كما يراها الرجل.
وكل هذه الأحوال المختلفة لطبيعة احتلام الإناث تبقى بالنسبة للفتاة السليمة الصحيحة ضمن الحدود الطبيعية المعتادة التي لا تستنكر، فكما أن في الإناث من لا تكاد تحتلم أصلا، فكذلك يوجد في الرجال من العزاب من لا يعرف الاحتلام، مع كمال قدرته الجنسية وتعفُّفه، ومع ذلك فإن المضمون الجنسي للأحلام عند الإنسان بصورة عامة لا يزيد عن ( ١٠ %) من مجموع أنواع المضامين المنامية الأخرى، وهذه المضامين الجنسية هي في جنس الرجال أكثر منها في جنس النساء.

ومن جهة أخرى لا ينبغي للفتاة المسلمة المتعفِّفة:

أن تستهجن أوتستحقر تلبسها بتجربة الاحتلام مهما كانت شنيعة؛ فإنه لا حرج عليها،حتى وإن كانت متزوجة -ما دام يحصل لها بصورة معتدلة- ذلك لكونها ظاهرة طبيعية صحية، ينتفع بها البدن غاية الانتفاع، ويحصل بها تفريغ الطاقة الجنسية المكبوتة بصورة فطرية مشروعة، تستغني بها الفتاة عن الوسائل الأخرى الممنوعة، وإنما عليها الحذر من الالتفات إلى موضوعات هذه الرؤى الجنسية، وما تتضمنه من مواقف عاطفية مع شخصيات معروفة أو خيالية؛ فإن للقلوب الضعيفة تعلُّقًا ولو بالخيال، والاحتلام - مع كونه نافعًا في العموم- فإن الشيطان يدخُله بتأثيره الخاص، فليكن انتفاع الفتاة بانتقاص الماء، وذهاب الفْضل، وسكون الغلْمة، دون ملابسات ومتعلقات مواقف التجربة المنامية.
يتحد الذكو ر والإناث - بصورة عامة- في دوافعهم الجنسية، وميولهم الشهوية، فكما أن في الرجال من تغلبه غلْمته، حتى تصل به إلى درجة الإفراط المخل، فإن في النساء أيضًا من تغْلبها شهوتها،وهيجان غريزتها حتى لا تكاد ترتوي بشيء، وفي كلا الجنسين –من جهة أخرى- من لا إرب له، ولا شهوة، إلا أن المعتدل من نوعي الإنسان هو الغالب الأعم.
وتختلف حدة الشهوة بين الجنسين، حيث تخضع -بشكل كبير-عند الإناث إلى مواسم شهرية، وعوامل نفسية، وتكون ذروتها في الثلاثينات من أعمارهن، في حين تستوي ح دتها في سلوك الذكوربصورة كبيرة فلا تخضع لمواس م معينة، وتكون ذروتها عندهم قبل سن الثلاثين.
ويبقى دافع الشهوة عند الفتاة العزباء طبيعي النزعة، ما لم يصل إلى حد الشغْل الشاغل، الذي لا يزاحمه غيره، بحيث تضطر تحت وطأة إلحاح الغريزة، وشدة عنفها إلى تفريغ الطاقة الشهوية بالاستمناء، أو ما يسمى عند العرب بجلد عميرة، وهو ما يعرف في حق الرجال بالخضخضة، وفي حق النساء بالإلطاف، وفي المصطلح الحديث يعرف بالعادة السرية.
وهذه العادة مع كونها لا تحلُّ المشكلة الجنسية بصورة جذرية، فإنها تؤثر بصورة سلبية على طاقات الفتا ة: الروحية، والنفسية، والجسمية، وعلاقاتها الاجت ماعية، ونجاح حياتها الزوجية في المستقبل، ولهذا فهي طريقة ممنوعة شرعًا عند جمهور العلماء، وإنما أجازبعضهم تعاطيها على سبيل الاضطرار، حين لا يجد المضطر سبيلا مشروعًا لتصريف الطاقة، أو تسكين الغلْمة، بشرط أن يكون ذلك لكسر الشهوة وليس لطلب اللذة، فإن أقل ما يقال في هذه العادة:

أنها من قبائح الأخلاق ومرذولها.

وأما حكم الاستمناء حالة الاضطرار للإناث ففي جوازه خلاف،ولئن كان بعضهم يسوي بين الجنسين في حكمه حال الاضطرار، إلا أن المسألة -مع ذلك- تختلف في حق المرأة لما قد تخلِّفه هذه الممارسة القبيحة من أضرار ص حية على جهازها العصبي، وتشوهات وقروح وآلام على أعضائها التناسلية الحساسة، فلئن كانت هذه العادة في حق الشاب المضطر وسيلة للتخلص من الفاحشة، فإنها في حق الفتاة المضطرة ذريعة إلى الفاحشة؛ وذلك لاختلاف طبيعة السلوك الجنسي بينهما، ففي الوقت الذي تفتقر فيه الفتا ة فطريًا للطرف الآخر لتفريغ طاقتها الشهوية، حيث لا تزيدها ممارسة هذه العادة إلا تأ ججا:
فإنها في حق الشاب المضطر ممارسة موضعية، لا تفتقر لطرف آخر،ويمكن أن تحصل في حقه بصورة تلقائية، بل إن مجرد النظر أو التفكير من الشاب الممتلئ حيوية كاف لتفريغه للطاقة، فالمسألة في حق الفتيات من هذه الناحية تختلف؛ ولهذا كثيرًا ما كان يتندر بعض الماجنين من شعراء العرب بالاستمناء، معبرين عن سهولته عليهم، حين تشتد غلمة أحدهم، فيصرف طاقته بالاستمناء ولا يبالي، في حين لا يذكر شيء من ذلك عن النساء في أسلوب تصريف طاقتهن الشهوية.

ولا يفهم من هذا التوجه الفقهي:

كبت الطاقة الجنسية، بمعنى إنكارها أو استقذارها؛ وإنما المقصود هو ضبط النشاط الغريزي،وتوجيهه في مساره الصحيح بصورة شرعية واعية، فإن "تأثيرالغريزة الجنسية في نفوس الشباب أشبه ما يكون بالنار المستعرة، فإذا تمردت، وتجاوزت ح دود المصلحة، وُتركت طليقة دون قيود تحد من هيجانها:
فإنها تكون قادرة على أن تحرق جذور كل الفضائل الإنسانية والسجايا الأخلاقية، وتقضي بالتالي على سعادة الإنسا ن"، وتذهب بنور عقله وبصيرته، وتدفع به للقيام بما يعارض المصلحة والعقل، ويجلب الشر والمصائب والدمار ، وذلك بسبب ما تحمله جاذبية الغريزة من اللذة والمتعة التي تدفع الإنسان نحو الحرية الجنسية، "ولكن حفظ الحياة الاجتماعية، والوصول إلى التكامل المعنو ي: يتطلبان تحديد غرائزالإنسان، وإشباعها في حدود المصلحة الفردية والاجتماعية"، فالضوابط الشرعية للسلوك الجنسي ليست أغلا ً لا لتقييد الإنسان، والسعي في حرمانه من ملذاته، وإنما هي كوابح لإحكام تصرفاته، وتوجيه طاقاته، بما يحقق مصلحته الخاصة ضمن مصالح المجتمع العامة.
ومن طبيعة الغريزة الجنسية عند الإنسان أنها مرتبطة بإرادته،كحاله مع الطعام والشراب، في حين لا يرتبط تن فُّسه وضربات قلبه ونحوهما بإرادته، وهذا من شأنه إضفاء شيء من اللذة والمتعة على السلوك الغريزي المنضبط بالإرادة، في الوقت الذي لا يجد فيه الإنسان تلك المتعة واللذة في سلوكه غير الإرادي، فإذا تمادى الإنسان في إشباع ملذاته الشهوية، وانطلق في تعاطيها بلا ضواب ط: ف إن إرادته تضعف، وربما تضمحل، لتقرب من حال غرائزه التي تعمل بلا إرادته، فتكون الشهوة رقًا كحال العبد مع سيده، وربما انحطَّت به إلى مرتبة الحيوان، فيفقد حينئذ اللذة والمتعة اللتين ينشدهما، وتصبح الشهوات لكثرة ممارستها بلا معنى ولا مضمون، ولعل هذا الفهم يف سرانصراف كثير من الغربيين عن المسالك الفطرية لتصريف الطاقات الجنسية إلى دركات الشذوذ والانحراف المخالف للفطرة السوية.
ومن هنا فإن "تعديل الميول النفسية، وترويض الغرائز هما من الأركان الرئيسة للتمدن، والشروط الأساسية لسعادة الإنسان وهنائه،وهذا ما أجمعت عليه كل الأديان السماوية، والعلماء والمفكرون كافة.
ورغم أن الفتيات يختلفن عن الذكور في أسلوب تعاطي عادة الاستمناء القبيحة، وأقل منهم تورطًا في ممارستها؛ ومع ذلك فإن الثابت ميدانيًا، في غالب الأوساط الاجتماعية: تلبس كثير منهن بتعاطيها، ومكابدة معاناتها، خاصة من الفتيات المتعلمات والمتحررات أخلاقيًا، ممن كثرت حولهن المغريات، وضعف في نفوسهن الوازع الديني.
إن وسيلة الفتاة العزباء لضبط هذا الدافع بعد عون الله تعالى،وسلامة صحتها العقلية والجسمية من الأمراض العصابية والعضوية المثيرة للشهو ة: تجنُّبها للمواد الدس مة والبهارات والتوابل في مأكلها،والسوائل المنبهة في مشربها، وترفُّعها عن ارتداء الملابس الضيقة، وكشف العورة في الخلوة، وبعض الرياضات البدنية مثل: السباحةوركوب الخيل وقيادة الدراجات، مع حذرها من سلوك الخادمة
المنحرفة، أو الصديقة المنحلة، وعليها بنتف العانة بدلا من الحلق، فإنه أسكن للشهوة، مع أخذها بشيء من الخشونة في فراشها، ولا بأس بالطعام، أو الدواء الذي يكْسر الشهوة، ويخفف منها، فإن هي اتخذت هذه الوسائل، مع اتقائها للبطالة والفراغ، وحذرها من الانفراد والانعزال، كان أعظم وأكثر نفعًا في ضبط الشهوة؛ إذ يلعب الخيال الجامح، والتجربة الطائشة عند الفراغ في زمن الخلوة: أدوارًا في إثارة الغريزة، مما قد يدفع بعضهن إلى العبث بأعضائهن ال تناسلية،وربما حشت إحداهن نفسها ببعض المواد الغريبة؛ فإن الفتاة الصحيحة البنية إذا بقيت بغير شغْل حنَّت إلى النكاح، واشتاقت للرجال، فإن غالب العشق إنما يأتي من فارغ النفس المترف المنعم، الذي كفي يحذر من ذلك، أسباب المعيشة والجهد والكد، ثم الفتاة بعد أخذها بهذه الأسباب تترك لطبيعتها الفطرية أسلوبها الخاص في تفريغ الفائض من طاقتها الجنسية بصورة عفوية من خلال الاحتلام المنامي،الذي يحصل خارج حدود التكليف الشرعي.
المصدر :
تحقيق راسخون

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

صلاة ألف ركعة
العلاقة بين المصحف العلوي والقرآن المتداول اليوم
في رحاب نهج البلاغة – الأول
حد الفقر الذی یجوز معه اخذ الزکاة
ومن وصيّة له لولده الحسن (عليهما السلام): [يذكر ...
شبهات حول المهدي
الدفن في البقيع
ليلة القدر خصائصها وأسرارها
آداب الزوجین
مفاتيح الجنان(600_700)

 
user comment