قال الراغب الأصبهاني : وذكر بعض العلماء : أنّ ابن عباس كان يجوّز أن يقرأ القرآن بمعناه ، واستدلّ بما روي عنه أنّه كان يعلّم رجلاً : طعام الأثيم ، فلم يكن يحسن الأثيم .
فقال قل :
الفاجر وليس ذلك بشيء فيما ذكره جلّ العلماء لأن ابن عباس أراد أن يعرّفه الأثيم ، فعرّفه بمعناه ، لمّا أعياه .
وقرأ بدل « والسارق ، والسارقة فاقطعوا أيديهما » فاقطعوا أيمانهما .
وكان عمر يقرأ : « غير المغضوب ، وغير الضالّين» .
وعبد الله بن الزبير : « صراط من أنعمت عليهم» .
وقرأ بعضهم :« وضربت عليهم المسكنة ، والذّل» .
وأبو بكر: « وجاءت سكرة الحق بالموت » (1) .
وقال السيوطي :
وأخرج ابن جرير ، وابن الأنباري في ( المصاحف ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قرأ :
أفلم يتبّين الذين آمنو ، فقيل له إنهّا في ( المصحف ) : أفلم ييأس فقال :
أظن الكاتب كتبها وهو ناعس .
وأخرج ابن جرير عن علي أنّه كان يقرأ : أفلم يتبيّن الذين آمنوا.
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما : .
أفلم ييأس يقول : يعلم ما أسقط من القرآن (2) .
قال السيوطي : وفي المستدرك عن ابن عباس قال :
سألت علي بن أبي طالب لم لم تكتب في براءة : بسم الله الرحمن الرحيم قال : لأنها أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ، وعن مالك ، أنّ أوّلها لمّا سقط ، سقط معه البسملة فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة لطولها . (3) .
وأخرج ابن أبي شيبة ، والطبراني في الأوسط ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه ، عن حذيفة قال :
الّتي تسمّون سورة التوبة هي : سورة العذاب ، والله ما تركت أحداً إلاّ نالت منه ، ولا تقرأن إلاّ ربعها .
وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة قال :
ما تقرأن ثلثها . يعني : سورة التوبة . (4) .
وفي المستدرك عن حذيفة قال :
ما تقرأون ربعها يعني : براءة . (5) .
وأخرج الحاكم عن حذيفة قال : ما تقرأون ربعها يعني : براءة وأنكم تسموّنها سورة التوبة وهي سورة العذاب ، ثم قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . (6) .
قال الراغب : أسقط ابن مسعود من مصحفه : أم القرى ، والمعوّذتين .
( قراءة تخالف صور حروفها ما في المصحف ، أوترتيبها ) قرىء بدل كالعهن : كالصوف . وبدل : فهي كالحجارة ، فكانت كالحجارة . (7) .
قال أبوعبيد ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :
ليقولون أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ، وما يدريك ما كلّه قد ذهب منه قرآن كثير ..
ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر . (8) .
وأخرج ابن الأثير عن أبي الأسود الدؤلي قال :
... وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها بإحدى المسبّحات فأنسيتها . غير أنّي حفظت منها :
« يا أيّها الذين آمنوا ، لم تقولون ما لا تفعلون ؟ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة » . (9) .
وقال الرافعي :
فذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظن ، والتأويل ، واستخراج الأساليب الجدليّة ، من كل حكم ، وكل قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيء حملاً على ما وصفوا من كيفيّة جمعه . ( إعجاز القرآن ص 41 طبعة مصر ) .
وقال السيوطي :
فائدة ـ قال ابن إشته في كتاب ( المصاحف ) :
أنبأ نا محمد بن يعقوب : حدثنا أبو داود ، حدثنا أبو جعفر الكوفي قال :
هذا تأليف مصحف أُبيّ :
الحمد ثم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، ثم الأنعام ، ثم الأعراف ، ثم المائدة ، ثم يونس ، ثم الأنفال ، ثم براءة ، ثم هود ، ثم مريم ، ثم الشعراء ، ثم الحج ، ثم يوسف ، ثم الكهف ، ثم النحل ، ثم الأحزاب ـ إلى أن يقول :
ثم الضحى ، ثم ألم نشرح ، ثم القارعة ثم التكاثر ، ثم العصر ثم سورة الخلع ثم سورة الحفد ثم ويل لكلّ همزة ... إلخ .
ثم قال السيوطي :
وبراءة نزلت بالسيف . وعن مالك : إنّ أوّلها لما سقط سقط معه البسملة ، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها . (10) .
وفي مصحف ابن مسعود : [ عدد سور القرآن ] مائة واثنتي عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوّذتين .
وفي مصحف أُبي : ست عشرة لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع . (11) .
« وأخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال : كتب أُبي بن كعب في مصحفه :
فاتحة الكتاب ، والمعوّذتين ، واللهمّ إنّا نستعينك ، واللهمّ إيّاك نعبد ، وتركهنّ ابن مسعود .
وكتب عثمان منهنّ : فاتحة الكتاب ، والمعوّذتين .
وأخرج البيهقي من طريق سفيان الثوري ، عن ابن جريج عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهمّ إنّا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك ، ولا نكفرك ، ونخلع ، ونترك من يفجرك ، اللهمّ إياك نعبد ، ولك نصلّي ، ونسجد ، وإليك نسعى ، ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى نقمتك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق .
وممّا رفع رسمه من القرآن ، ولم يرفع من القلوب حفظه سورتي : القنوت في الوتر وتسمى سورتي : الحفد ، والخلع .
ذكر هذا الحسن بن المنازي في كتابه الناسخ والمنسوخ » . (12) .
وأخرج الراغب الأصبهاني عن عائشة قالت :
كانت الأحزاب تقرأ في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مائة آية فلما جمعه عثمان لم يجد إلاّ ما هو الآن ، وكان فيه آية الرجم . (13) .
وأخرج البخاري في تاريخه عن حذيفة قال :
قرأت سورة الأحزاب على النبي صلّى الله عليه وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها .
وأخرج أبوعبيد في ( الفضائل ) ، وابن الأنباري ، وابن مردويه عن عائشة قالت :
كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلّى الله عليه وسلم مئتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا ما هو الآن (14)
وقال العلاّمة النيسابوري :
ويروى : أنّ سورة الأحزاب كانت بمنزلة السبع الطوال ، أو أزيد ثم وقع النقصان . ( تفسير غريب القرآن لنظام الدين الحسن بن محمد النيسابوري المطبوع بهامش تفسير الطبري طبع بولاق : 1/361 ، 362 ) .
وأخرج الترمذي (هو : ابو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي . ولد سنة مائتين ، بترمذ ، وتوفي بها ( سنة279 ) تسع وسبعين ومائتين هـ وكان حافظاً متقناً في صناعة الحديث ، وفي كتابه فوق خمسة آلاف حديث) (15)عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب قال :
رجم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ورجم أبو بكر ، ورجمت ، ولولا أنّي أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف ، فإني قد خشيت أن تجيء أقوام فلا يجدونه في كتاب الله فيكفرون به قال : وفي الباب عن علي .
قال أبو عيسى : حديث عمر حسن صحيح وروي من غير وجه عن عمر (16) .
وقال الشيخ محمد أنور في (فيض الباري على صحيح البخاري ) : 4/453 ط مصر باب رجم الحبلى من الزنى إذا أُحصنت.
قوله : [ فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل :
والله ما نجد آية من كتاب الله ، الخ ] وقد كان عمر أراد أن يكتبها في المصحف .
فإن قلت : إنها كانت من كتاب الله ، وجب أن تكتب ، وإلاّ وجب أن لا تكتب ، فما معنى قول عمر ؟!!
قلت : أخرج الحافظ عنه : لكتبتها في آخر القرآن .
وقال جلال الدين السيوطي :
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصّلاة عن أُبي بن كعب أنّه كان يقنت بالسورتين فذكرهما ، وأنّه كان يكتبهما في مصحفه .
وقال بن الضرّيس :
أنبأنا ابن جميل المروزي ، عن عبد الله بن المبارك ، أنبأنا الأجلح عن عبد الله بن عبدالرحمن عن أبيه قال :
في مصحف ابن عباس قراءة أُبي ، وأبي موسى :
بسم الله الرحمن الرّحيم
اللهم إنّا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونخلع ، ونترك من يفجرك . وفيه :
اللهمّ إيّاك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نخشى عذابك ونرجو رحمتك ، إن عذابك بالكفار ملحق(17) .
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال :
أمّنا اُميّة بن عبد الله بن خالد بن اُسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين :
انّا نستعينك ، ونستغفرك (18) .
وقال العلامة الكبير الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي (طاب ثاره) :
لا نقول لهذا الراوي : إنّ هذا الكلام لا يشبه بلاغة القرآن ، ولا سوقه فإنّا نسامحه في معرفة ذلك ، ولكنّا نقول له : كيف يصح قوله : يفجرك وكيف تتعدّى كلمة يفجر ؟!!
وايضاً إنّ الخلع يناسب الأوثان ، إذن فماذا يكون المعنى ، وبماذا يرتفع الغلط ؟!!
والثانية منها :
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إيّاك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، واليك نسعى ، ونحفد ؟ ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق .
ولنسامح الراوي ايضاً فيما سامحناه فيه في الرواية الأولى ولكنّا نقول له :
ما معنى الجدّ هنا ؟!!!
أهو العظمة ، أو الغنى ؟ أو ضدّ الهزل ، أو حاجة السجع .
نعم : في رواية عبيد : نخشى نقمتك ، وفي رواية عبد الله : نخشى عذابك .
وما هي النكتة في التعبير بقوله :« ملحق » ؟!!
وما هو وجه المناسبة ، وصحة التعليل لخوف المؤمن ، من عذاب الله بأن عذاب الله بالكافرين ملحق .
بل إن هذه العبارة تناسب التعليل لئلا يخاف المؤمن من عذاب الله لأنّ عذابه بالكافرين ملحق .(19)
أخرج البخاري : عن اسرائيل عن المغيرة ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال :
قدمت الشام فصلّيت ركعتين ثم قلت :
اللهمّ يسرّ لي جليساً صالحاً . فأتيت قوماً فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي فقلت من هذا قالوا :
أبو الدرداء فقلت :
إنّي دعوت الله أن ييّسر لي جليساً صالحاً فيسّرك الله لي قال :
ممّن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة .
قال : أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين ، والوسادة ، والمطهرة ، وفيكم الّذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم .
أوليس فيكم صاحب سرّ النّبي صلّى الله عليه واله وسلّم الّذي لا يعلمه أحد غيره ثم قال :
كيف يقرأ عبد الله « والليل إذا يغشى ، والنّهار إذا تجلّى ، والذكر والأنثى » قال :
والله لقد أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من فيه إلى فيّ (20).
وقال البخاري : حدثّنا سليمان بن حرب . حدثّنا شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال :
ذهب علقمة إلى الشام فلمّا دخل المسجد قال :
اللهم يسّر لي جليساً صالحاً فجلس إلى أبي الدرداء ، فقال أبو الدرداء :
ممّن أنت ؟ قال : من أهل الكوفة .
قال : أليس فيكم أو منكم صاحب السّر الذي لا يعلمه غيره ؟ يعني حذيفة .
قال : قلت بلى .
قال : أليس فيكم ، أو منكم الّذي أجاره الله على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم من الشيطان ؟ يعني عماراً قلت : بلى .
قال : أليس فيكم ، أو منكم صاحب السّواك ، أو السّر ؟ قال : بلى .
قال : كان عبد الله يقرأ :
« والليل إذ يغشى ، والنّهار إذا تجلّى » ؟
قلت : والذكر والأنثى .
قال : ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستنزلوني عن شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
وأخرجه بلفظ آخر كما يأتي :
حدثنا موسى عن أبي عوانة ، عن مغيرة عن علقمة قال :
دخلت الشام فصلّيت ركعتين فقلت :
اللهم يسّر لي جليساً فرأيت شيخاً مقبلاً فلمّا دنا قلت : أرجو أن يكون استجاب .
قال : من أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة .
قال : أفلم يكن فيكم صاحب النعلين ، والوسادة ، والمطهرة ؟
أولم يكن فيكم الذي أجير من الشيطان ؟
أولم يكن فيكم صاحب السّر الذي لا يعلمه غيره ؟ كيف قرأ ابن أمّ عبد ، والليل ؟
فقرات : « والليل إذا يغشى ، والنّهار إذا تجلى ، والذكر والأنثى » .
قال : أقرأنيها النبي صلّى الله عليه وسلم فاه إلى فيّ فما زال هؤلاء حتى كادوا يردوني (21).
المصادر :
1- المحاضرات : 2/250 طبعة مصر عام 1287 هـ .
2- الإتقان في علوم القرآن : 1/65
3- الدر المنثور : 3/208
4- الدر المنثور : 4 / 63 ، 64 .
5- الإتقان في علوم القرآن : 2/26 طبعة مصر
6- المستدرك : 2/331 طبع حيدر آباد ـ الهند
7- المحاضرات : 2/250 طبعة مصر
8- الإتقان في علوم القرآن : 2 / 25 ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور 2 / 298
9- جامع الأصول : 3/8 رقم الحديث 904
10- الإتقان في علوم القرآن : 1/64 ، 65
11- الإتقان في علوم القرآن : 1/65 طبعة مصر
12- الإتقان في علوم القرآن : 1/25 ، 26
13- المحاضرات : 2/250 ط مصر عام 1287هـ
14- الدر المنثور : 5/180 ، الإتقان في علوم القرآن : 2/25
15- التاج الجامع للأصول 1/15
16- صحيح الترمذي : 5/204 الطبعة الأولى المطبعة المصرية بالأزهر ( عام 1350هـ ـ 1931 م ) بشرح ابن العربي المالكي باب ما جاء في تحقيق الرجم .
17- الإتقان في علوم القرآن :1/65 ، تفسير روح المعاني 1/25 المطبعة المنيرية بمصر.
18- المصدر السابق :1/65 .
19- مقدمة تفسير آلاء الرحمن ص 16 المطبوع في أوائل تفسير شبر بالقاهرة .
20- صحيح البخاري مشكول بحاشية السندي : 2/305 طبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي ومسجلة برقم 223 باب مناقب عمار وحذيفة
21- صحيح البخاري : 2/307 باب مناقب عبدالله بن مسعود ، المحاضرات للراغب وفي المحاضرات 2/250 ط مصر عام 1278 هـ ذكر الراغب بدل يردوني : يردونني ، وزاد بعده : عنهما .
فقال قل :
الفاجر وليس ذلك بشيء فيما ذكره جلّ العلماء لأن ابن عباس أراد أن يعرّفه الأثيم ، فعرّفه بمعناه ، لمّا أعياه .
وقرأ بدل « والسارق ، والسارقة فاقطعوا أيديهما » فاقطعوا أيمانهما .
وكان عمر يقرأ : « غير المغضوب ، وغير الضالّين» .
وعبد الله بن الزبير : « صراط من أنعمت عليهم» .
وقرأ بعضهم :« وضربت عليهم المسكنة ، والذّل» .
وأبو بكر: « وجاءت سكرة الحق بالموت » (1) .
وقال السيوطي :
وأخرج ابن جرير ، وابن الأنباري في ( المصاحف ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قرأ :
أفلم يتبّين الذين آمنو ، فقيل له إنهّا في ( المصحف ) : أفلم ييأس فقال :
أظن الكاتب كتبها وهو ناعس .
وأخرج ابن جرير عن علي أنّه كان يقرأ : أفلم يتبيّن الذين آمنوا.
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما : .
أفلم ييأس يقول : يعلم ما أسقط من القرآن (2) .
قال السيوطي : وفي المستدرك عن ابن عباس قال :
سألت علي بن أبي طالب لم لم تكتب في براءة : بسم الله الرحمن الرحيم قال : لأنها أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ، وعن مالك ، أنّ أوّلها لمّا سقط ، سقط معه البسملة فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة لطولها . (3) .
وأخرج ابن أبي شيبة ، والطبراني في الأوسط ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه ، عن حذيفة قال :
الّتي تسمّون سورة التوبة هي : سورة العذاب ، والله ما تركت أحداً إلاّ نالت منه ، ولا تقرأن إلاّ ربعها .
وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة قال :
ما تقرأن ثلثها . يعني : سورة التوبة . (4) .
وفي المستدرك عن حذيفة قال :
ما تقرأون ربعها يعني : براءة . (5) .
وأخرج الحاكم عن حذيفة قال : ما تقرأون ربعها يعني : براءة وأنكم تسموّنها سورة التوبة وهي سورة العذاب ، ثم قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . (6) .
قال الراغب : أسقط ابن مسعود من مصحفه : أم القرى ، والمعوّذتين .
( قراءة تخالف صور حروفها ما في المصحف ، أوترتيبها ) قرىء بدل كالعهن : كالصوف . وبدل : فهي كالحجارة ، فكانت كالحجارة . (7) .
قال أبوعبيد ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :
ليقولون أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ، وما يدريك ما كلّه قد ذهب منه قرآن كثير ..
ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر . (8) .
وأخرج ابن الأثير عن أبي الأسود الدؤلي قال :
... وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها بإحدى المسبّحات فأنسيتها . غير أنّي حفظت منها :
« يا أيّها الذين آمنوا ، لم تقولون ما لا تفعلون ؟ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة » . (9) .
وقال الرافعي :
فذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظن ، والتأويل ، واستخراج الأساليب الجدليّة ، من كل حكم ، وكل قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيء حملاً على ما وصفوا من كيفيّة جمعه . ( إعجاز القرآن ص 41 طبعة مصر ) .
وقال السيوطي :
فائدة ـ قال ابن إشته في كتاب ( المصاحف ) :
أنبأ نا محمد بن يعقوب : حدثنا أبو داود ، حدثنا أبو جعفر الكوفي قال :
هذا تأليف مصحف أُبيّ :
الحمد ثم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، ثم الأنعام ، ثم الأعراف ، ثم المائدة ، ثم يونس ، ثم الأنفال ، ثم براءة ، ثم هود ، ثم مريم ، ثم الشعراء ، ثم الحج ، ثم يوسف ، ثم الكهف ، ثم النحل ، ثم الأحزاب ـ إلى أن يقول :
ثم الضحى ، ثم ألم نشرح ، ثم القارعة ثم التكاثر ، ثم العصر ثم سورة الخلع ثم سورة الحفد ثم ويل لكلّ همزة ... إلخ .
ثم قال السيوطي :
وبراءة نزلت بالسيف . وعن مالك : إنّ أوّلها لما سقط سقط معه البسملة ، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها . (10) .
وفي مصحف ابن مسعود : [ عدد سور القرآن ] مائة واثنتي عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوّذتين .
وفي مصحف أُبي : ست عشرة لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع . (11) .
« وأخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال : كتب أُبي بن كعب في مصحفه :
فاتحة الكتاب ، والمعوّذتين ، واللهمّ إنّا نستعينك ، واللهمّ إيّاك نعبد ، وتركهنّ ابن مسعود .
وكتب عثمان منهنّ : فاتحة الكتاب ، والمعوّذتين .
وأخرج البيهقي من طريق سفيان الثوري ، عن ابن جريج عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهمّ إنّا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك ، ولا نكفرك ، ونخلع ، ونترك من يفجرك ، اللهمّ إياك نعبد ، ولك نصلّي ، ونسجد ، وإليك نسعى ، ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى نقمتك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق .
وممّا رفع رسمه من القرآن ، ولم يرفع من القلوب حفظه سورتي : القنوت في الوتر وتسمى سورتي : الحفد ، والخلع .
ذكر هذا الحسن بن المنازي في كتابه الناسخ والمنسوخ » . (12) .
وأخرج الراغب الأصبهاني عن عائشة قالت :
كانت الأحزاب تقرأ في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مائة آية فلما جمعه عثمان لم يجد إلاّ ما هو الآن ، وكان فيه آية الرجم . (13) .
وأخرج البخاري في تاريخه عن حذيفة قال :
قرأت سورة الأحزاب على النبي صلّى الله عليه وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها .
وأخرج أبوعبيد في ( الفضائل ) ، وابن الأنباري ، وابن مردويه عن عائشة قالت :
كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلّى الله عليه وسلم مئتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا ما هو الآن (14)
وقال العلاّمة النيسابوري :
ويروى : أنّ سورة الأحزاب كانت بمنزلة السبع الطوال ، أو أزيد ثم وقع النقصان . ( تفسير غريب القرآن لنظام الدين الحسن بن محمد النيسابوري المطبوع بهامش تفسير الطبري طبع بولاق : 1/361 ، 362 ) .
وأخرج الترمذي (هو : ابو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي . ولد سنة مائتين ، بترمذ ، وتوفي بها ( سنة279 ) تسع وسبعين ومائتين هـ وكان حافظاً متقناً في صناعة الحديث ، وفي كتابه فوق خمسة آلاف حديث) (15)عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب قال :
رجم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ورجم أبو بكر ، ورجمت ، ولولا أنّي أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف ، فإني قد خشيت أن تجيء أقوام فلا يجدونه في كتاب الله فيكفرون به قال : وفي الباب عن علي .
قال أبو عيسى : حديث عمر حسن صحيح وروي من غير وجه عن عمر (16) .
وقال الشيخ محمد أنور في (فيض الباري على صحيح البخاري ) : 4/453 ط مصر باب رجم الحبلى من الزنى إذا أُحصنت.
قوله : [ فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل :
والله ما نجد آية من كتاب الله ، الخ ] وقد كان عمر أراد أن يكتبها في المصحف .
فإن قلت : إنها كانت من كتاب الله ، وجب أن تكتب ، وإلاّ وجب أن لا تكتب ، فما معنى قول عمر ؟!!
قلت : أخرج الحافظ عنه : لكتبتها في آخر القرآن .
وقال جلال الدين السيوطي :
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصّلاة عن أُبي بن كعب أنّه كان يقنت بالسورتين فذكرهما ، وأنّه كان يكتبهما في مصحفه .
وقال بن الضرّيس :
أنبأنا ابن جميل المروزي ، عن عبد الله بن المبارك ، أنبأنا الأجلح عن عبد الله بن عبدالرحمن عن أبيه قال :
في مصحف ابن عباس قراءة أُبي ، وأبي موسى :
بسم الله الرحمن الرّحيم
اللهم إنّا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونخلع ، ونترك من يفجرك . وفيه :
اللهمّ إيّاك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نخشى عذابك ونرجو رحمتك ، إن عذابك بالكفار ملحق(17) .
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال :
أمّنا اُميّة بن عبد الله بن خالد بن اُسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين :
انّا نستعينك ، ونستغفرك (18) .
وقال العلامة الكبير الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي (طاب ثاره) :
لا نقول لهذا الراوي : إنّ هذا الكلام لا يشبه بلاغة القرآن ، ولا سوقه فإنّا نسامحه في معرفة ذلك ، ولكنّا نقول له : كيف يصح قوله : يفجرك وكيف تتعدّى كلمة يفجر ؟!!
وايضاً إنّ الخلع يناسب الأوثان ، إذن فماذا يكون المعنى ، وبماذا يرتفع الغلط ؟!!
والثانية منها :
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إيّاك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، واليك نسعى ، ونحفد ؟ ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق .
ولنسامح الراوي ايضاً فيما سامحناه فيه في الرواية الأولى ولكنّا نقول له :
ما معنى الجدّ هنا ؟!!!
أهو العظمة ، أو الغنى ؟ أو ضدّ الهزل ، أو حاجة السجع .
نعم : في رواية عبيد : نخشى نقمتك ، وفي رواية عبد الله : نخشى عذابك .
وما هي النكتة في التعبير بقوله :« ملحق » ؟!!
وما هو وجه المناسبة ، وصحة التعليل لخوف المؤمن ، من عذاب الله بأن عذاب الله بالكافرين ملحق .
بل إن هذه العبارة تناسب التعليل لئلا يخاف المؤمن من عذاب الله لأنّ عذابه بالكافرين ملحق .(19)
أخرج البخاري : عن اسرائيل عن المغيرة ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال :
قدمت الشام فصلّيت ركعتين ثم قلت :
اللهمّ يسرّ لي جليساً صالحاً . فأتيت قوماً فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي فقلت من هذا قالوا :
أبو الدرداء فقلت :
إنّي دعوت الله أن ييّسر لي جليساً صالحاً فيسّرك الله لي قال :
ممّن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة .
قال : أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين ، والوسادة ، والمطهرة ، وفيكم الّذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم .
أوليس فيكم صاحب سرّ النّبي صلّى الله عليه واله وسلّم الّذي لا يعلمه أحد غيره ثم قال :
كيف يقرأ عبد الله « والليل إذا يغشى ، والنّهار إذا تجلّى ، والذكر والأنثى » قال :
والله لقد أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من فيه إلى فيّ (20).
وقال البخاري : حدثّنا سليمان بن حرب . حدثّنا شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال :
ذهب علقمة إلى الشام فلمّا دخل المسجد قال :
اللهم يسّر لي جليساً صالحاً فجلس إلى أبي الدرداء ، فقال أبو الدرداء :
ممّن أنت ؟ قال : من أهل الكوفة .
قال : أليس فيكم أو منكم صاحب السّر الذي لا يعلمه غيره ؟ يعني حذيفة .
قال : قلت بلى .
قال : أليس فيكم ، أو منكم الّذي أجاره الله على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم من الشيطان ؟ يعني عماراً قلت : بلى .
قال : أليس فيكم ، أو منكم صاحب السّواك ، أو السّر ؟ قال : بلى .
قال : كان عبد الله يقرأ :
« والليل إذ يغشى ، والنّهار إذا تجلّى » ؟
قلت : والذكر والأنثى .
قال : ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستنزلوني عن شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
وأخرجه بلفظ آخر كما يأتي :
حدثنا موسى عن أبي عوانة ، عن مغيرة عن علقمة قال :
دخلت الشام فصلّيت ركعتين فقلت :
اللهم يسّر لي جليساً فرأيت شيخاً مقبلاً فلمّا دنا قلت : أرجو أن يكون استجاب .
قال : من أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة .
قال : أفلم يكن فيكم صاحب النعلين ، والوسادة ، والمطهرة ؟
أولم يكن فيكم الذي أجير من الشيطان ؟
أولم يكن فيكم صاحب السّر الذي لا يعلمه غيره ؟ كيف قرأ ابن أمّ عبد ، والليل ؟
فقرات : « والليل إذا يغشى ، والنّهار إذا تجلى ، والذكر والأنثى » .
قال : أقرأنيها النبي صلّى الله عليه وسلم فاه إلى فيّ فما زال هؤلاء حتى كادوا يردوني (21).
المصادر :
1- المحاضرات : 2/250 طبعة مصر عام 1287 هـ .
2- الإتقان في علوم القرآن : 1/65
3- الدر المنثور : 3/208
4- الدر المنثور : 4 / 63 ، 64 .
5- الإتقان في علوم القرآن : 2/26 طبعة مصر
6- المستدرك : 2/331 طبع حيدر آباد ـ الهند
7- المحاضرات : 2/250 طبعة مصر
8- الإتقان في علوم القرآن : 2 / 25 ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور 2 / 298
9- جامع الأصول : 3/8 رقم الحديث 904
10- الإتقان في علوم القرآن : 1/64 ، 65
11- الإتقان في علوم القرآن : 1/65 طبعة مصر
12- الإتقان في علوم القرآن : 1/25 ، 26
13- المحاضرات : 2/250 ط مصر عام 1287هـ
14- الدر المنثور : 5/180 ، الإتقان في علوم القرآن : 2/25
15- التاج الجامع للأصول 1/15
16- صحيح الترمذي : 5/204 الطبعة الأولى المطبعة المصرية بالأزهر ( عام 1350هـ ـ 1931 م ) بشرح ابن العربي المالكي باب ما جاء في تحقيق الرجم .
17- الإتقان في علوم القرآن :1/65 ، تفسير روح المعاني 1/25 المطبعة المنيرية بمصر.
18- المصدر السابق :1/65 .
19- مقدمة تفسير آلاء الرحمن ص 16 المطبوع في أوائل تفسير شبر بالقاهرة .
20- صحيح البخاري مشكول بحاشية السندي : 2/305 طبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي ومسجلة برقم 223 باب مناقب عمار وحذيفة
21- صحيح البخاري : 2/307 باب مناقب عبدالله بن مسعود ، المحاضرات للراغب وفي المحاضرات 2/250 ط مصر عام 1278 هـ ذكر الراغب بدل يردوني : يردونني ، وزاد بعده : عنهما .
source : راسخون