قال ابن خلدون والذهبي والسيوطي : إنّ محمّد بن أبي هاشم خطب بمكة للقائم بأمر الله وللسلطان ألب أرسلان ، وأسقط خطبة العلوي صاحب مصر وترك « حيّ على خير العمل » من الأذان.(1)
وقال ابن الأثير : ... وفيها ورد رسول صاحب مكّة محمّد بن أبي هاشم ومعه ولده إلى السلطان ألب أرسلان يخبره بإقامة الخطبة للخليفة القائم بأمر الله وللسلطان بمكة وإسقاط خطبة العلوي صاحب مصر ، وترك الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخلعاً نفيسة وأجرى له كلّ سنة عشرة الآف دينار.
ثمّ ذكر في حوادث سنة 463 كيفية استيلاء السلطان ألب أرسلان على حلب ، إلى أن قال : ... وقد وصلها نقيب النقباء أبو الفوارس طِراد بالرسالة القائمية ، والخلع ، فقال له محمود ، صاحب حلب : أسالك الخروج إلى السلطان واستعفائه لي من الحضور عنده ، فخرج نقيب النقباء ، وأخبر السلطان بأنّه قد لبس الخِلَعِ القائمية وخطب ، فقال : أيّ شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون « حيّ على خير العمل » ؟ ولابد من الحضور ودوس بساطي فامتنع محمود من ذلك.
فاشتد الحصار على البلد ، وغلت الأسعار ، وعظم القتال وزحف السلطان يوماً وقرب من البلد ، فوقع حجر منجنيق في فرسه ، فلما عظم الأمر على محمود خرج ليلاً ، ومعه والدته منيعة بنت وثّاب النميري ، فدخلا على السلطان وقالت له : هذا ولدي فافعل به ما تحبّ ، فتلقاهما بالجميل وخلع على محمود وأعاده إلى بلده فأنفذ إلى السلطان مالاً جزيلاً.
وخطب محمود بن صالح بحلب للقائم بأمر الله وللسلطان ألب أرسلان... فأخذت العامة حُصُرِ الجامع ، وقالوا : هذه حُصُرُ عليّ بن أبي طالب ، فليأتِ أبو بكر بحُصُرٍ يصلّي عليها الناس. (2)
وفي ( النجوم الزاهرة ) عن الشيخ شمس الدين بن قزاوغلي في المرآة قال : ... وضاقت يد أبي هاشم محمّد أمير مكّة بانقطاع ما كان يأتيه من مصر ، فأخذ قناديل الكعبة وسقورها وصفائح الباب والميزاب ، وصادر أهل مكّة فهربوا ، وكذا فعل أمير المدينة مهنّأ وقَطَعَا الخطبة للمستنصر [ الفاطمي ] وخطبا لبني العبّاس ـ الخليفة القائم بأمر الله ـ وبعثا إلى السلطان ألب أرسلان السلجوقي حاكم بغداد بذلك ، وأنّهما أذّنا بمكة والمدينة الأذان المعتاد وتركا الاذان ب ـ « حيّ على خير العمل » ، فأرسل ألب أرسلان إلى صاحب مكّة أبي هاشم المذكور بثلاثين ألف دينار ، وإلى صاحب المدينة بعشرين ألف دينار ، وبلغ الخبر بذلك المستنصر فلم يلتفت إليه لشغله بنفسه ورعيته من عظم الغلاء….
وفي أحداث سنة 464 قال : بعث الخليفة بأمر الله الشريف أبا طالب الحسن ابن محمّد أخا طرَّاد الزينبي إلى أبي هاشم محمّد أمير مكّة بمال وخلع ، وقال له : غيِّر الأذان وأبطل « حيّ على خير العمل » ، فناظره أبو هاشم مناظرة طويلة وقال له : هذا أذان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، فقال له أخو الشريف : ما صحَّ عنه وإنّما عبدالله بن عمر بن الخطاب روي عنه أنه أذّن به في بعض أسفاره ، وما أنت وابن عمر! فأسقطه من الأذان(3).
وجاء في تاريخ الخلفاء بأن الخطبة اُعيدت للعبيدي بمكة في سنة 467(4).
الشام ( سنة 468هـ )
جاء في ( مآثر الإنافة ) للقلقشندي : ... تغلّب على دمشق اتسز بن ارتق الخوارزمي المعروف بالاقسيس ، أحد أمراء السلطان ملكشاه السلجوقي [ ابن ألب ارسلان ] في سنة 468 وقطع الخطبة بها للمستنصر الفاطمي وخطب للمقتدي(5)
؟ العباسي ، ومنع الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ولم يخطب بعدها بالشام لأحد من الفاطميين وبقي بها إلى ما بعد خلافة المقتدي(6).
وفي ( الكامل ) لابن الأثير : ... ودخلها هو [ أي الاقسيس ] وعسكره في ذي القعدة وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي ، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين ، وتغلب على أكثر الشام ، ومنع الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، ففرح أهلها فرحاً عظيماً ، وظلم أهلها وأساء السيرة فيهم(7).
وفي ( البداية والنهاية ) لابن كثير ، قال : ... الاقسيس هذا هو اتسز بن اوف الخوارزمي ، ويلقب بالملك المعظم ، وهو أوّل من استعاد بلاد الشام من أيدي الفاطميين وأزال الأذان منها بـ « حيّ على خير العمل » بعد أن كان يؤذن به على منابر دمشق وسائر الشام مائة وست سنين ( 106 سنة ) ، وكان على أبواب الجوامع والمساجد مكتوب لعنة الصحابة رضي الله عنهم ، فأمر هذا السلطان المؤذّنين والخطباء أن يترضّوا عن الصحابة أجمعين(8).
وفي تاريخ الخلفاء : ... خطب للمقتدي العباسي بدمشق وأبطل الأذان بـ « حيّ على خير العمل » وفرح الناس بذلك(9).
وفي تاريخ ابن خلدون : ... وخطب فيها اتسز للمقتدي العباسي في ذي القعدة سنة ثمان وستين ، وتغلّب على أكثر الشام ، ومنع من الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، ثمّ سار سنة تسع وستين إلى مصر وحاصرها حتّى أشرف على أخذها ، ثمّ انهزم من غير قتال ، ورجع إلى دمشق وقد انتقضَ عليه أكثر الشام ، فشكر لأهل دمشق صونهم لمخلفه وأمواله ورفع عنهم خراج سنة ، وبلغه أنّ أهل القدس وثبوا بأصحابه...(10)
مصر ( سنة 478هـ )
ولي المستنصر بالله الفاطمي من سنة (428 ـ 487هـ ) وهو معد أبو تميم حفيد الحاكم بأمر الله ، وقد قرب هذا بدرَ الجماليَّ لولاية اُمور الحضرة.
قال صاحب ( النجوم الزاهرة ) : ... كان بدر الجمالي أرمني الجنس فاتكاً جباراً قتل خلقاً كثيراً من العلماء وغيرهم ، وأقام الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، وكبّر على الجنائز خمساً ، وكتب سبَّ الصحابة على الحيطان...(11)
وفي ( المنتظم ) : وفي شهر ذي القعدة قبض بدر الجمالي ـ أمير مصر ـ على ولده الأكبر وأربعة من الأمراء... ونفى مذكِّري أهل السنة ، وحمل الناس أن يكبّروا خمساً على الجنائز ، وأن يسدلوا أيمانهم في الصلاة ، وأن يتختّموا في الأيمان ، وأن يثوّبوا(12)في صلاة الفجر « حيّ على خير العمل » ، وحبس أقواماً رووا فضائل الصحابة(13).
مصر ( سنة 524هـ )
ولي الحافظ لدين الله الفاطمي ( عبدالمجيد حفيد المستنصر بالله ) بعد قتل ابن عمه أبي عليّ منصور الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
قال العلاّمة أبو المظفر في مرآة الزمان : ... ولما استمر الحافظ في خلافة مصر ضعف أمره مع وزيره أبي عليّ أحمد بن الأفضل أمير الجيوش ، وقويت شوكة الوزير المذكور وخطب للمنتظر المهدي ، وأسقط من الأذان « حيّ على خير العمل » ، ودعا الوزير المذكور لنفسه على المنابر « بناصر إمام الحق ، هادي العصاة إلى اتّباع الحق ، مولى الأمم ، ومالك فضيلتي السيف والقلم » فلم يزل حتّى قتل الوزير(14).
وقد تكلم المقريزي في ( اتعاظ الحنفاء ) عن أبي عليّ أحمد بن الأفضل ، فقال : ( وكان إمامياً متشدّداً فالتفت عليه الإمامية ولعبوا به حتّى أظهر المذهب الإمامي وتزايد الأمر فيه إلى التأذين فانفعل بهم ، وحسّنوا له الدعوة للقائم المنتظر فضرب الدراهم باسمه ونقش عليها « الله الصمد ، الإمام محمّد » ... إلى أن يقول : ... وكان قد أسقط منذ إقامة الجند ذكر إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنسب إليه الطائفة الإسماعيلية ، وأزال من الأذان قولهم فيه « حيّ على خير العمل محمّد وعليّ خير البشر » ، وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة ، واخترع« الصلاة خير من النوم ».لنفسه دعاءً يُدعى به على المنابر...(15)
وقال أبو الفداء في تاريخه : ... ثمّ دخلت سنة ست وعشرين وخمسمائة فيها قُتِلَ أبو عليّ بن الأفضل بن بدر الجمالي وزير الحافظ لدين الله العلوي ، وكان أبو عليّ المذكور قد حجر على الحافظ وقطع خطبة العلويين وخطب لنفسه خاصة وقطع من الأذان « حيّ على خير العمل » فنفرت منه قلوب شيعة العلويين وثار به جماعة من الممالك وهو يلعب الكرة فقتلوه ونهبت داره(16).
وفي ( وفيات الاعيان ) : ... وقبض على الحافظ المذكور واستقل بالأمر وقام به أحسن قيام ، وردّ على المصادرين أموالهم ، وأظهر مذهب الإمامية وتمسّك بالائمة الاثني عشر ، ورفض الحافظَ وأهلَ بيته ، ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان المعروف بالإمام المنتظر على زعمهم وكتب اسمه على السكة ، ونهى ان يؤذن بـ « حيّ على خير العمل » ، وأقام كذلك إلى أن وثب عليه رجل من الخاصّة بالبستان الكبير بظاهر القاهرة في النصف من المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة فقتله ، وكان بتدبير الحافظ ، فبادر الأجناد بإخراج الحافظ وبايعوه ولقبوه بالحافظ ودعي له على المنابر(17).
وفي ( بدائع الزهور في وقائع الدهور ) قوله : ... وكان قد أسقط منذ أقامه الجندُ ذِكْرَ اسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنسب إليه الطائفة الإسماعيلية ، وأزال من الأذان قولهم فيه « حيّ على خير العمل محمّد وعليّ خير البشر » وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة ، واخترع لنفسه دعاءً يدعى به على المنابر(18).
وفي ( نهاية الأرب في فنون الأدب ) : قال المؤرخ : لما بويع الحافظ لدين الله ثار الجند الأفضلية وأخرجوا ابن مولاهم أبا عليّ أحمد بن الافضل الملقب بكتيفات ، وولّوه أمر الجيوش وذلك في يوم الخميس السادس من ذي القعدة منها ، فحكم ، واعتقل الحافظ صبيحة يوم بيعته ، ودعا للإمام المنتظر وقوي أمر ابن الأفضل.
وفي سنة خمس وعشرين رتّب أحمد بن الافضل في الأحكام أربعة قضاة : الشافعية ، والمالكية ، والإسماعيلية ، والإماميّة ، يحكم كلّ قاضي بمقتضى مذهبه ويورّث بمقتضاه ، فكان قاضي الشافعية الفقيه سلطان ، وقاضي المالكية اللبني ، وقاضي الاسماعيلية أبو الفضل ابن الأزرق ، وقاضي الإماميّة ابن أبي كامل.
وسار أحمد بن الأفضل سيرة جميلة بالنسبة إلى أيام الآمر ، وردّ على الناس بعض مصادراتهم ، وأظهر مذهب الإماميّة الاثني عشرية ، وأسقط من الأذان قولهم « حيّ على خير العمل » وأمر بالدعاء لنفسه على المنابر بدعاء اخترعه.
وفي تاريخ ابن خلدون : فأشار عليه الإمامية بإقامة الدعوة للقائم المنتظر ، وضرب الدراهم باسمه دون الدنانير ، ونقش عليها : « الله الصمد ، الإمام محمّد » وهو الإمام المنتظر. وأسقط ذِكْرَ إسماعيل من الدعاء على المنابر وذِكْرَ الحافظ ، وأسقط من الأذان « حيّ على خير العمل »(19).
المصادر :
1- تاريخ ابن خلدون 3 : 470. سير أعلام النبلاء 15 : 190. تاريخ الخلفاء 1 : 421. ولي هذا خراسان بعد وفاة والده طغري بك دواد سنة 452 ، وداود كان أخ السلطان ضغرليك السلجوقي المعروف.
2- الكامل في التاريخ 8 : 107. الكامل في التاريخ 8 : 109. الكامل في التاريخ 8 : 108. في أحداث سنة 428.
3- النجوم الزاهرة 5 : 23/النجوم الزاهرة 5 : 89.
4- تاريخ الخلفاء 1 : 423.
5- ولي المقتدي 467 بعد وفاة والده القائم بالله ، ومما يجب التنبيه عليه أنّ الخطبة للعلويين أعيدت بمكة بعد وفاة القائم بالله وقطع خطبة المقتدي وكانت مدة الخطبة العباسية بمكة أربع سنين وخمسة اشهر ، ثمّ أعيدت في ذي الحجة سنة ثمان وستين وأربعمائة ( انظر : الكامل في التاريخ 8 : 121 ).
6- مآثر الإنافة للقلقشندي 2 : 5.
7- الكامل في التاريخ 8 : 122 احداث سنة 468هـ .
8- البداية والنهاية 12 : 120 ،127.
9- تاريخ الخلفاء 1 : 424.
10- تاريخ ابن خلدون 3 : 473 ـ 474.
11- النجوم الزاهرة 5 : 120.
12- وقد عبّر ابن الجوزي عن الحيعلة الثالثة بالتثويب تساهلاً منه ؛ لأنّها حلّت محلّ
13- المنتظم في تاريخ الامم والملوك 16 : 242.
14- النجوم الزاهرة 5 : 238.
15- اتعاظ الحنفاء في تاريخ الائمة الخلفاء 3 : 143.
16- تاريخ أبي الفداء 3 : 6.
17- وفيات الاعيان 3 : 236. تاريخ ابن خلدون 4 : 71 ـ 72.
18- بدائع الزهور في وقائع الدهور لمحمد بن أحمد بن إياس الحنفي طـ الهيئة المصرية العامة 1402هـ .
19- نهاية الارب في فنون الادب : 7467.
وقال ابن الأثير : ... وفيها ورد رسول صاحب مكّة محمّد بن أبي هاشم ومعه ولده إلى السلطان ألب أرسلان يخبره بإقامة الخطبة للخليفة القائم بأمر الله وللسلطان بمكة وإسقاط خطبة العلوي صاحب مصر ، وترك الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخلعاً نفيسة وأجرى له كلّ سنة عشرة الآف دينار.
ثمّ ذكر في حوادث سنة 463 كيفية استيلاء السلطان ألب أرسلان على حلب ، إلى أن قال : ... وقد وصلها نقيب النقباء أبو الفوارس طِراد بالرسالة القائمية ، والخلع ، فقال له محمود ، صاحب حلب : أسالك الخروج إلى السلطان واستعفائه لي من الحضور عنده ، فخرج نقيب النقباء ، وأخبر السلطان بأنّه قد لبس الخِلَعِ القائمية وخطب ، فقال : أيّ شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون « حيّ على خير العمل » ؟ ولابد من الحضور ودوس بساطي فامتنع محمود من ذلك.
فاشتد الحصار على البلد ، وغلت الأسعار ، وعظم القتال وزحف السلطان يوماً وقرب من البلد ، فوقع حجر منجنيق في فرسه ، فلما عظم الأمر على محمود خرج ليلاً ، ومعه والدته منيعة بنت وثّاب النميري ، فدخلا على السلطان وقالت له : هذا ولدي فافعل به ما تحبّ ، فتلقاهما بالجميل وخلع على محمود وأعاده إلى بلده فأنفذ إلى السلطان مالاً جزيلاً.
وخطب محمود بن صالح بحلب للقائم بأمر الله وللسلطان ألب أرسلان... فأخذت العامة حُصُرِ الجامع ، وقالوا : هذه حُصُرُ عليّ بن أبي طالب ، فليأتِ أبو بكر بحُصُرٍ يصلّي عليها الناس. (2)
وفي ( النجوم الزاهرة ) عن الشيخ شمس الدين بن قزاوغلي في المرآة قال : ... وضاقت يد أبي هاشم محمّد أمير مكّة بانقطاع ما كان يأتيه من مصر ، فأخذ قناديل الكعبة وسقورها وصفائح الباب والميزاب ، وصادر أهل مكّة فهربوا ، وكذا فعل أمير المدينة مهنّأ وقَطَعَا الخطبة للمستنصر [ الفاطمي ] وخطبا لبني العبّاس ـ الخليفة القائم بأمر الله ـ وبعثا إلى السلطان ألب أرسلان السلجوقي حاكم بغداد بذلك ، وأنّهما أذّنا بمكة والمدينة الأذان المعتاد وتركا الاذان ب ـ « حيّ على خير العمل » ، فأرسل ألب أرسلان إلى صاحب مكّة أبي هاشم المذكور بثلاثين ألف دينار ، وإلى صاحب المدينة بعشرين ألف دينار ، وبلغ الخبر بذلك المستنصر فلم يلتفت إليه لشغله بنفسه ورعيته من عظم الغلاء….
وفي أحداث سنة 464 قال : بعث الخليفة بأمر الله الشريف أبا طالب الحسن ابن محمّد أخا طرَّاد الزينبي إلى أبي هاشم محمّد أمير مكّة بمال وخلع ، وقال له : غيِّر الأذان وأبطل « حيّ على خير العمل » ، فناظره أبو هاشم مناظرة طويلة وقال له : هذا أذان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، فقال له أخو الشريف : ما صحَّ عنه وإنّما عبدالله بن عمر بن الخطاب روي عنه أنه أذّن به في بعض أسفاره ، وما أنت وابن عمر! فأسقطه من الأذان(3).
وجاء في تاريخ الخلفاء بأن الخطبة اُعيدت للعبيدي بمكة في سنة 467(4).
الشام ( سنة 468هـ )
جاء في ( مآثر الإنافة ) للقلقشندي : ... تغلّب على دمشق اتسز بن ارتق الخوارزمي المعروف بالاقسيس ، أحد أمراء السلطان ملكشاه السلجوقي [ ابن ألب ارسلان ] في سنة 468 وقطع الخطبة بها للمستنصر الفاطمي وخطب للمقتدي(5)
؟ العباسي ، ومنع الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ولم يخطب بعدها بالشام لأحد من الفاطميين وبقي بها إلى ما بعد خلافة المقتدي(6).
وفي ( الكامل ) لابن الأثير : ... ودخلها هو [ أي الاقسيس ] وعسكره في ذي القعدة وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي ، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين ، وتغلب على أكثر الشام ، ومنع الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، ففرح أهلها فرحاً عظيماً ، وظلم أهلها وأساء السيرة فيهم(7).
وفي ( البداية والنهاية ) لابن كثير ، قال : ... الاقسيس هذا هو اتسز بن اوف الخوارزمي ، ويلقب بالملك المعظم ، وهو أوّل من استعاد بلاد الشام من أيدي الفاطميين وأزال الأذان منها بـ « حيّ على خير العمل » بعد أن كان يؤذن به على منابر دمشق وسائر الشام مائة وست سنين ( 106 سنة ) ، وكان على أبواب الجوامع والمساجد مكتوب لعنة الصحابة رضي الله عنهم ، فأمر هذا السلطان المؤذّنين والخطباء أن يترضّوا عن الصحابة أجمعين(8).
وفي تاريخ الخلفاء : ... خطب للمقتدي العباسي بدمشق وأبطل الأذان بـ « حيّ على خير العمل » وفرح الناس بذلك(9).
وفي تاريخ ابن خلدون : ... وخطب فيها اتسز للمقتدي العباسي في ذي القعدة سنة ثمان وستين ، وتغلّب على أكثر الشام ، ومنع من الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، ثمّ سار سنة تسع وستين إلى مصر وحاصرها حتّى أشرف على أخذها ، ثمّ انهزم من غير قتال ، ورجع إلى دمشق وقد انتقضَ عليه أكثر الشام ، فشكر لأهل دمشق صونهم لمخلفه وأمواله ورفع عنهم خراج سنة ، وبلغه أنّ أهل القدس وثبوا بأصحابه...(10)
مصر ( سنة 478هـ )
ولي المستنصر بالله الفاطمي من سنة (428 ـ 487هـ ) وهو معد أبو تميم حفيد الحاكم بأمر الله ، وقد قرب هذا بدرَ الجماليَّ لولاية اُمور الحضرة.
قال صاحب ( النجوم الزاهرة ) : ... كان بدر الجمالي أرمني الجنس فاتكاً جباراً قتل خلقاً كثيراً من العلماء وغيرهم ، وأقام الأذان بـ « حيّ على خير العمل » ، وكبّر على الجنائز خمساً ، وكتب سبَّ الصحابة على الحيطان...(11)
وفي ( المنتظم ) : وفي شهر ذي القعدة قبض بدر الجمالي ـ أمير مصر ـ على ولده الأكبر وأربعة من الأمراء... ونفى مذكِّري أهل السنة ، وحمل الناس أن يكبّروا خمساً على الجنائز ، وأن يسدلوا أيمانهم في الصلاة ، وأن يتختّموا في الأيمان ، وأن يثوّبوا(12)في صلاة الفجر « حيّ على خير العمل » ، وحبس أقواماً رووا فضائل الصحابة(13).
مصر ( سنة 524هـ )
ولي الحافظ لدين الله الفاطمي ( عبدالمجيد حفيد المستنصر بالله ) بعد قتل ابن عمه أبي عليّ منصور الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
قال العلاّمة أبو المظفر في مرآة الزمان : ... ولما استمر الحافظ في خلافة مصر ضعف أمره مع وزيره أبي عليّ أحمد بن الأفضل أمير الجيوش ، وقويت شوكة الوزير المذكور وخطب للمنتظر المهدي ، وأسقط من الأذان « حيّ على خير العمل » ، ودعا الوزير المذكور لنفسه على المنابر « بناصر إمام الحق ، هادي العصاة إلى اتّباع الحق ، مولى الأمم ، ومالك فضيلتي السيف والقلم » فلم يزل حتّى قتل الوزير(14).
وقد تكلم المقريزي في ( اتعاظ الحنفاء ) عن أبي عليّ أحمد بن الأفضل ، فقال : ( وكان إمامياً متشدّداً فالتفت عليه الإمامية ولعبوا به حتّى أظهر المذهب الإمامي وتزايد الأمر فيه إلى التأذين فانفعل بهم ، وحسّنوا له الدعوة للقائم المنتظر فضرب الدراهم باسمه ونقش عليها « الله الصمد ، الإمام محمّد » ... إلى أن يقول : ... وكان قد أسقط منذ إقامة الجند ذكر إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنسب إليه الطائفة الإسماعيلية ، وأزال من الأذان قولهم فيه « حيّ على خير العمل محمّد وعليّ خير البشر » ، وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة ، واخترع« الصلاة خير من النوم ».لنفسه دعاءً يُدعى به على المنابر...(15)
وقال أبو الفداء في تاريخه : ... ثمّ دخلت سنة ست وعشرين وخمسمائة فيها قُتِلَ أبو عليّ بن الأفضل بن بدر الجمالي وزير الحافظ لدين الله العلوي ، وكان أبو عليّ المذكور قد حجر على الحافظ وقطع خطبة العلويين وخطب لنفسه خاصة وقطع من الأذان « حيّ على خير العمل » فنفرت منه قلوب شيعة العلويين وثار به جماعة من الممالك وهو يلعب الكرة فقتلوه ونهبت داره(16).
وفي ( وفيات الاعيان ) : ... وقبض على الحافظ المذكور واستقل بالأمر وقام به أحسن قيام ، وردّ على المصادرين أموالهم ، وأظهر مذهب الإمامية وتمسّك بالائمة الاثني عشر ، ورفض الحافظَ وأهلَ بيته ، ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان المعروف بالإمام المنتظر على زعمهم وكتب اسمه على السكة ، ونهى ان يؤذن بـ « حيّ على خير العمل » ، وأقام كذلك إلى أن وثب عليه رجل من الخاصّة بالبستان الكبير بظاهر القاهرة في النصف من المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة فقتله ، وكان بتدبير الحافظ ، فبادر الأجناد بإخراج الحافظ وبايعوه ولقبوه بالحافظ ودعي له على المنابر(17).
وفي ( بدائع الزهور في وقائع الدهور ) قوله : ... وكان قد أسقط منذ أقامه الجندُ ذِكْرَ اسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنسب إليه الطائفة الإسماعيلية ، وأزال من الأذان قولهم فيه « حيّ على خير العمل محمّد وعليّ خير البشر » وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة ، واخترع لنفسه دعاءً يدعى به على المنابر(18).
وفي ( نهاية الأرب في فنون الأدب ) : قال المؤرخ : لما بويع الحافظ لدين الله ثار الجند الأفضلية وأخرجوا ابن مولاهم أبا عليّ أحمد بن الافضل الملقب بكتيفات ، وولّوه أمر الجيوش وذلك في يوم الخميس السادس من ذي القعدة منها ، فحكم ، واعتقل الحافظ صبيحة يوم بيعته ، ودعا للإمام المنتظر وقوي أمر ابن الأفضل.
وفي سنة خمس وعشرين رتّب أحمد بن الافضل في الأحكام أربعة قضاة : الشافعية ، والمالكية ، والإسماعيلية ، والإماميّة ، يحكم كلّ قاضي بمقتضى مذهبه ويورّث بمقتضاه ، فكان قاضي الشافعية الفقيه سلطان ، وقاضي المالكية اللبني ، وقاضي الاسماعيلية أبو الفضل ابن الأزرق ، وقاضي الإماميّة ابن أبي كامل.
وسار أحمد بن الأفضل سيرة جميلة بالنسبة إلى أيام الآمر ، وردّ على الناس بعض مصادراتهم ، وأظهر مذهب الإماميّة الاثني عشرية ، وأسقط من الأذان قولهم « حيّ على خير العمل » وأمر بالدعاء لنفسه على المنابر بدعاء اخترعه.
وفي تاريخ ابن خلدون : فأشار عليه الإمامية بإقامة الدعوة للقائم المنتظر ، وضرب الدراهم باسمه دون الدنانير ، ونقش عليها : « الله الصمد ، الإمام محمّد » وهو الإمام المنتظر. وأسقط ذِكْرَ إسماعيل من الدعاء على المنابر وذِكْرَ الحافظ ، وأسقط من الأذان « حيّ على خير العمل »(19).
المصادر :
1- تاريخ ابن خلدون 3 : 470. سير أعلام النبلاء 15 : 190. تاريخ الخلفاء 1 : 421. ولي هذا خراسان بعد وفاة والده طغري بك دواد سنة 452 ، وداود كان أخ السلطان ضغرليك السلجوقي المعروف.
2- الكامل في التاريخ 8 : 107. الكامل في التاريخ 8 : 109. الكامل في التاريخ 8 : 108. في أحداث سنة 428.
3- النجوم الزاهرة 5 : 23/النجوم الزاهرة 5 : 89.
4- تاريخ الخلفاء 1 : 423.
5- ولي المقتدي 467 بعد وفاة والده القائم بالله ، ومما يجب التنبيه عليه أنّ الخطبة للعلويين أعيدت بمكة بعد وفاة القائم بالله وقطع خطبة المقتدي وكانت مدة الخطبة العباسية بمكة أربع سنين وخمسة اشهر ، ثمّ أعيدت في ذي الحجة سنة ثمان وستين وأربعمائة ( انظر : الكامل في التاريخ 8 : 121 ).
6- مآثر الإنافة للقلقشندي 2 : 5.
7- الكامل في التاريخ 8 : 122 احداث سنة 468هـ .
8- البداية والنهاية 12 : 120 ،127.
9- تاريخ الخلفاء 1 : 424.
10- تاريخ ابن خلدون 3 : 473 ـ 474.
11- النجوم الزاهرة 5 : 120.
12- وقد عبّر ابن الجوزي عن الحيعلة الثالثة بالتثويب تساهلاً منه ؛ لأنّها حلّت محلّ
13- المنتظم في تاريخ الامم والملوك 16 : 242.
14- النجوم الزاهرة 5 : 238.
15- اتعاظ الحنفاء في تاريخ الائمة الخلفاء 3 : 143.
16- تاريخ أبي الفداء 3 : 6.
17- وفيات الاعيان 3 : 236. تاريخ ابن خلدون 4 : 71 ـ 72.
18- بدائع الزهور في وقائع الدهور لمحمد بن أحمد بن إياس الحنفي طـ الهيئة المصرية العامة 1402هـ .
19- نهاية الارب في فنون الادب : 7467.
source : راسخون