عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

الوهابيون واهل البيت عليهم السلام

الوهابيون واهل البيت عليهم السلام

لنا هنا أن نسأل ما هو موقف الوهابيّة من الذريّة الطاهرة عليهم‌السلام؟
خذها إليك من رأسهم محمد بن عبد الوهاب الذي يقول في كتابه (مسائل الجاهليّة) :
الافتخار بكونهم من ذريّة الأنبياء عليهم‌السلام ، ثمّ يذكر قول البعض : أنا علويٌّ ، أو حسنيٌّ ، أو حسينيٌّ (1).
فالافتخار بالانتساب إلى فخر ربيعة ومضر ، إلى سيّد البشر محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو بدعة وضلالة ، ومن آثار الجاهليّة عند القوم.
إنّ هذا التصريح من (ابن تيمية وبعده محمد بن عبد الوهاب) بغمط فضل آل البيت عليهم‌السلام ، ومحاولته لزرع العقيدة الناصَّة على عدم قيمة أن يكون الإنسان من آل البيت ومن تلك الذريّة الطاهرة عليهم‌السلام ، واستعمال الآية في غير موضعها ، والتظاهر بالاستدلال بالقرآن لطمس قول الحقيقة (2)
والكثير الكثير من الآيات المباركة التي رفعت شأنهم وعظّمت مكانتهم في الدنيا والآخرة ، والتي منها :
(قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (3).
و (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (4)
وآية (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) (5).
ثمّ إنّنا نرى على أرض الواقع أنّ هؤلاء لا يحترمون أهل البيت إطلاقاً ، بل إذا وجدوا عالماً من آل البيت فإنّهم يطعنون في نسبه محاولين إزاحة هذا الشرف عنه ، ثمّ في ردّهم عليه نراهم لا يحترمونه البتة ، وإنّما يحترمون أهل نحلتهم أثناء ردّهم على أحد منهم إذا أخطأ في مسألته.
ومن ذلك : أنّ الألباني عندما كان يردّ على الأشراف الغماريين فيما يسوِّده ، فإنّه كان يعبّر بأسوأ أنواع التعبير في الخطاب ، ويستعمل كلمات هابطة لا تدلّ على الاحترام! بينما يعبّر في حقّ ابن باز أثناء ردّه عليه بعبارات التوقير والإجلال والاحترام! وما ذلك إلاّ للنّصب الذي يحملونه في صدورهم (6).
وسنوافيك يا عزيزي ببعض هذه الحرب الشنيعة على الإسلام ورجاله المخلصين فيما بعد بإذن الله.
الصلاة على العترة الطاهرة هي من الواجبات ، وهي من الأمور التي أكّدت الشريعة عليها ، والصلاة لا تتمّ ولا تُقبل ولا تسقط واجباً ما لم تكن (الصلاة) كاملة ، وهذا واضح بالحديث المتواتر الذي نقله العلماء وأرباب السنن ، وذلك حين نزلت آية الصلاة وهي قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (7).
يروي كعب بن عجزة أنّه قال : قلنا يا رسول الله ، قد علمنا كيف نسلّم عليك ، فكيف نصلّي عليك؟!
فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قولوا : اللّهمّ صلِّ على محمد وآل محمد».
وبراوية أُخرى تمام الصلاة الإبراهيمية : «قولوا : اللّهمّ صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد» (8).
وهذا من الأحاديث المتّفق عليها ، وهو من المسلّمات في ديننا الحنيف ؛ لأنّ الصلاة الواجبة لا تُقبل إلاّ بها. ولنِعْمَ ما قال ذاك الأخ الكريم :
فهذه الصلاة على آل محمد الذين كانوا معه في المباهلة ، والتي يؤدّيها ابن تيمية في تشهّده وفي دعائه ، هل يستطيع أن يحذف منها ذكرهم ويضع مكانها أبا بكر وعمر ؛ لتكون صلاته أتمّ واستجابة دعائه أولى وأسرع؟!
إنّه يعلم ، ويعلم كلّ مسلم أنّ صلاته عندئذٍ ستكون باطلة ، بل لو أبقى ذكرهم فيها وأضاف معهم أبا بكر وعمر لبطلت صلاته بلا جدال ، فكم الفرق بين مَنْ جُعل ذكره في الصلاة واجباً لا تصحّ بدونه ، ومَنْ إذا ذُكر في الصلاة بطلت؟ (9)
إنّه لفرق شاسع ، فأين الثّرى من الثريّا ، وأين الذرّة من المجرّة؟! تصوّر أنّ ذكرهم عليهم‌السلام والصلاة عليهم واجبة في الصلاة كالوضوء الواجب للصلاة الواجبة ، فهل تصحّ صلاة بلا وضوء؟!
وربما يقول قائل : إنّنا نصلّي على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ونمسك أو نقف ، ولكن إذا ألحقنا به الأهل أو الآل الكرام عليهم‌السلام فإنّنا نتبعهم بالصحابة والأعلام.
أقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نهانا عن هذه الصلاة التي يصلّيها البعض ؛ وذلك بالرواية القائلة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تصلّوا عليَّ الصلاة البتراء».
فقالوا : وما الصلاة البتراء؟
قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «تقولون اللّهمَّ صلِّ على محمّد وتمسكون ، بل وقالوا : اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آلِ محمّد» (10).
وقبل أن نترك هذا المقام الرفيع السامي لذكر محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) ، لا بأس بأن نتبّرك بهذا الحديث الشريف الذي روته كتب السنن ، وأوصى بعض العلماء الأعلام بأن يكتب على كفنه ؛ ليكون له حرزاً من النار بإذن الله.
يروي البخاري عن الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :
«ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد ، مات شهيداً.
ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد ، مات مغفوراً له.
ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد ، مات تائباً.
ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد ، مات مؤمناً مستكمل الإيمان.
ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد ، بشره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير.
وفي رواية : ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد يزفُّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها.
ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد ، جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة.
ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمّد ، مات على السنّة والجماعة».
هذا للمحبّ ، فما للمبغض؟ اسمع بقيّة الحديث :
«ألا ومَنْ مات على بغض آل محمّد مات كافراً.
إلا ومَنْ مات على بغض آل محمّد ، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله.
ألا ومَنْ مات على بغض آل محمّد ، لم يشم رائحة الجنّة» (11).
هل عرفت الفرق بين المحبّ للآل الكرام عليهم‌السلام ، والمبغض الشانئ لهم؟
عليك أن تعرف الناس بهذه المقاييس الرحمانيّة النورانيّة ، لا أن تأخذ بالأسماء والألقاب ووسع الأكمام وحسن الهندام وغير ذلك.

فشيخ الإسلام ابن تيميّة هو شيخ الإسلام لكن غير إسلام الحبيب المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّه شيخ دين جديد جاء به من عند نفسه حتّى رماه علماء عصره بالكفر والزندقة ، وسجنه أهل السياسة حتّى مات في سجنه.
الفتنة وقرن الشيطان
ألم تسمع يا عزيزي الغالي بحديث الشيطان وقرنه الذي روته كتب السنن؟ إليك إذن ما يشفي الغليل ، ويروي العطشان للحقيقة :
جاء في صحيح البخاري وغيره قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الإيمان يماني ، والفتنة من ها هنا حيث يطلعُ قرنُ الشيطان» (12).
ولك أن تعرف ما المقصود من (ها هنا) لتعلم الجهة وتحدد المكان المقصود.
فرواية أُخرى عن ابن عمر أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال وهو مستقبل المشرق : «إنّ الفتنة ها هنا» (13).
وفي رواية أُخرى كذلك يقول فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللّهمّ بارك لنا في مدينتنا ، وفي صاعنا ، وفي مدنا ، ويمننا ، وشامنا ، ثمّ استقبل مطلع الشمس ، فقال : ها هنا يطلُعُ قَرنُ الشيطان» (14).
وفي رواية أُخرى أكثر تحديداً ما نصّه : عن أبي مسعود عقبة بن عمرو ، قال : أشار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيده نحو اليمن فقال : «الإيمان ها هنا ، ألا إنّ القسوة وغلظ القلوب في الفدادين (الرعاة والجمّالون) عند اُصول أذناب الإبل حيث يطلع قرن للشيطان في ربيعة ومضر» (15).
وأهل الحجاز يعلمون أنّ نجد تقع في الجهة الشرقية بالنسبة للحجاز ، ومنها خرج مسيلمة الكذاب وإليها جاءته صاحبته سجاح التي ادّعت النبوّة كذلك.
وتروي الصحاح الكثير من الأحاديث عن الفتن وأواخر الزمان ، منها هذه الرواية عن سويد بن غفلة ، قال علي عليه‌السلام : «سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من قول خير البريّة ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإنّ قتلهم أجر لِمَنْ قتلهم يوم القيامة» (16).
وهذا الحديث هو غير الحديث الذي يتحدّث فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويحذّر الأُمّة من فتنة الخوارج ، والذي يقول فيه : «يخرج فيكم قوم تحقّرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وعملكم مع عملهم ، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» (17).
فهل عرفت السرّ الذي من أجله أطلق العلماء الأعلام والغيارى على الإسلام على أتباع هذه الجماعة اسم الخوارج ؛ لأنّ جميع الأحاديث المتقدّمة وغيرها تصفهم وتنعتهم وتدلّ ، بل وتشير إليهم مباشرة؟!
سليمان بن عبد الوهاب يردّ على أخيه
ولنِعْمَ ما ردَّ به الشيخ سليمان بن عبد الوهاب على أخيه محمد بخصوص هذه المسألة ، اسمعه حيث يقول :
إنّ أوّل فتنة وقعت بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله وقعت بأرضنا هذه (يعني بلاد نجد حين خرج مسيلمة الكذاب وغيره) ، فنقول : هذه الأمور التي تجعلون بها المسلم كافراً ، بل تكفّرون مَنْ لم يكفّره ملأ مكة والمدينة ، واليمن والحرمين. وبلدنا هذه هي أوّل مَنْ ظهرت فيها الفتن ، ولا نعلم في بلاد المسلمين أكثر من فتنها قديماً وحديثاً (وهذا مصداق للأحاديث المتقدّمة وهي معجزة نبوّية بلا شك).
وأنتم (يعني أخوه وأتباعه) الآن مذهبكم أنّه يجب على العامّة اتّباع مذهبكم ، وأنّ مَنْ اتبعه ولم يقدر على إظهاره في بلده ، وتكفير أهل بلده وجب عليه الهجرة إليكم ، وأنّكم الطائفة المنصورة.
وهذا خلاف كلّ الأحاديث المتقدّمة ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره الله بما هو كائن على أُمّته إلى يوم القيامة ، وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله بدوره أخبر بما يجري عليهم ومنهم. فلو علم أنّ بلاد المشرق خصوصاً نجد بلاد مسيلمة أنّها تصير دار الإيمان ، وأنّ الطائفة المنصورة تكون بها ، وأنّها بلاد يظهر فيها الإيمان ولا يخفى في غيرها ، وأنّ الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تُعبد فيها الأوثان وتجب الهجرة منها لأخبر بذلك كلّه ، ولدعا لأهل المشرق وخصوصاً نجد ، ولدعا على الحرمين واليمن والشام ، وأخبر أنّهم يعبدون الأصنام وتبرّأ منهم ، وإذا لم يكن إلاّ عكس ذلك ، فإنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله عمَّ المشرق ، وخصَّ نجد بأنّ منها يطلع قرن الشيطان ، وأنّ منها وفيها الفتن ، وامتنع من الدعاء لها ، وهذا خلاف زعمكم. وإنّ اليوم عندكم الذين دعا لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كفّار ، والذين أبى أن يدعوا لهم وأخبر أنّ منها يطلع قرن الشيطان ، وأنّ منها الفتن والزلازل هي بلاد الإيمان تجب الهجرة إليها (18).
هل نحتاج إلى تعليق بعد هذا البيان الواضح من الشيخ سليمان؟!
وهل يلزمنا الردّ على محمد بن عبد الوهاب بعد أن ردّ عليه شقيقه بهذا التصريح في كتابه القيّم (الصواعق الإلهية في الردّ على الوهابيّة) ، والعنوان يخبرك عن المحتوى والمضمون؟!
عصمنا الله وإيّاكم من السقوط في مهاوي عبادة الذّات ، أو اتّباع الشيطان اللعين الرجيم ، وجعلنا من المعتصمين بمحمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).

المصادر :
1- مسائل الجاهليّة ص 132 ، ط ص مؤسسة مكة ، توزيع الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنوّرة.
2- السلفية الوهابيّة ص 68.
3- سورة الشورى : الآية 23.
4- سورة الأحزاب : الآية 33.
5- سورة آل عمران : الآية 34.
6- السلفية الوهابيّة ص 67.
7- سورة الأحزاب : الآية 56.
8- الدرّ المنثور 5 ص 216 ، وكذا نقلته كتب الصحاح كلّها كالبخاري ومسلم مع تغيير في الألفاظ.
9- ابن تيمية حياته وعقائده ص 313.
10- الصواعق المحرقة ص 146.
11- صحيح البخاري ، تفسير الكشاف ، تفسير سورة الشورى : الآية 23.
12- صحيح البخاري 6 ص 241 ، صحيح مسلم 5 ح 2905.
13- صحيح البخاري 6 ص 241 ، وصحيح ابن حبان 8 ص 223 ح 6614.
14- مسند أحمد بن حنبل ص ح 6055 ، صحيح مسلم ص ح 1383.
15- فتح الباري 6 ص 350.
16- صحيح البخاري ص ح 5057.
17- صحيح البخاري ص ح 5058 ، صحيح مسلم ص ح 1064.
18- الصواعق الإلهية في الردّ على الوهابيّة ص 137.
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

احتجاج الإمام علي(ع) بحديث الغدير
الاسرة والحقوق الزوجية
الملهوف على قَتلى الطفوف
نساء يأكلن من خبز النفايات لإشباع بطونهن ، في ...
بعث الإسلام مجدداً وتعميم نوره على العالم:
خروج الحسين: سؤال الحرية؟
اليهود ودورهم في عصر الظهور:
الإخباريون وتدوين التراث التأريخي
كيفيّة‌ نزول‌ التوراة‌ علی النبيّ موسى‌، و ...
ثورة الحسين (عليه السلام) ... أهدافها ودوافعها

 
user comment