عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

سماحة العلامة انصاریان : إن أهل البيت (ع) فى استغراقهم بالعبادة والعبودية لله‏

سماحة العلامة  انصاریان : إن أهل البيت (ع) فى استغراقهم بالعبادة والعبودية لله‏

إن أهل البيت (ع) فى استغراقهم بالعبادة والعبودية لله عز وجل إنّما يقومون بذلك عن وعى بالحق فهم لا يستغرقون فى الأوهام والخيالات،

وإنما يذوبون فى

الحق إلى حدّ الفناء، وأهل البيت (ع) يعانون كثيراً فى العبادة مستغرقين فى عبوديتهم لله بجدّ واجتهاد، وقد روى الإمام الصادق (ع) عن جدّ على بن الحسين

السجاد (ع) انه طلع على كتاب الأمام على بن أبى طالب (ع) وعلى بعض عبادته فقال السجّاد: من يطيق هذا؟! من يطبق هذا؟!

وأثر ذلك قال الإمام الصادق: ثم يعمل به «2».

وقال جابر بن عبدالله الأنصارى للإمام زين العابدين بعد أن رآه يهلك نفسه بالعبادة: يا ابن رسول الله أما علمت أن الله تعالى إنّما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم،

وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذى كلفته نفسك؟

فقال الإمام السجاد (ع): يا صاحب رسول الله أما علمت جدّى رسول الله (ص) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد والتعبّد بأبى هو

وأمى حتى انتفخ الساق وورم القدم،

__________________________________________________

 (1) عبدالرحمن جامى، هفت أورنگ.

 (2) الكافى: 8/ 163، حديث الناس يوم القيامة، حديث 172، وسائل الشيعة: 1/ 85 باب 20، حديث 200.

                        اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 82

وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال (ص): أفلا أكون عبداً شكوراً «1».

وقال الإمام الصادق (ع): كان أبى يصلى فى جوف الليل، فيسجد السجدة فيطيل حتى نقول أنه راقد «2».

وهذه هى حالة الفناء فى الله عز وجل التى بلغها الأئمة من أهل البيت (ع) وهى حالة ونوع من التجرّد عن هذا الجسم وعن الدنيا وتصبح أرواحهم المقدسة أشدّ

اتصالًا بروح الله من شعاع الشمس بالشمس «3».

فلقد بلغ الإمام الحسن المجتبى (ع) الذروة فى عبادته، وكان أعبد أهل زمانه وأثرهم زهداً وأفضله منزلة، وحج البيت الله مرّات ومرّات ماشياً وحافياً، فإذا ذكر

الموت بكى، فإذا ذكر القبر والقيامة أشتد بكاؤه وسالت دموعه،، إذا ذكر الصراط بكى وإذا ذكر حشر الناس يوم القيامة واجتماعهم للحساب بكى وكان يغشى عليه

من خشية الله.

وإذا وقف للصلاة ارتعدت فرائصه، وإذا ذكر الجنة والجحيم كان كالسليم، أى كمن لدغته الحية يتأوه ويتلوّى من الألم وحينئذ يسأل الله أن يرزقه الجنة ويجنبه

النار فإذا سمع تلاوة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* هتف: لبيك اللهم لبيك «4» فإذا توضأ أخذته الرعدة من خوف الله وخشيته وأصفر وجهه فقيل له فى ذلك فقال: حق

على‌

__________________________________________________

 (1) الأمالى، الطوسى: 636، مجلس يوم الجمعة، حديث 1314، المناقب: 1484، بحار الأنوار: 464/ 60، باب 5، حديث 18.

 (2) قرب الإسناد: 5/ 4، بحار الأنوار: 84/ 197، باب 12، حديث 4.

 (3) الكافى: 2/ 166، حديث 4.

 (4) الأمالى للصدوق: 178، المجلس الثالث والثلاثون، حديث 8، عدّة الداعى: 151، بحار الأنوار: 43/ 331، باب 16، حديث 1.

                        اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 83

كل من وقف بين يدى رب العرش أن يصفر لونه وترتعد مفاصله وكان (ع) إذا بلغ باب رفع رأسه ويقول: إلهى ضيفك ببابك يا محسن أتاك المسى‌ء، فتجاوز

عن قبيح ما عندى بجميل ما عندك يا كريم.

وكان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس. قال الصادق (ع) أن الحسن بن على حج خمسة وعشرين مرّة ماشياً وقال: أنى لاستحى من ربى أن ألقاه ولم

أمش إلى بيته «1».

ودخل الإمام الباقر على والده السجاد (عليهما السلام) فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه وقد أصفر لونه من السهر ورمضت عيناه (احترقتا واحمرتا)

من البكاء ووبرت جبهته وانخرم أنفه من السجود وقد ورمت ساقاه وقدماه من القيام فى الصلاة يقول: الإمام الباقر (ع) فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء،

فبكيت رحمة له، فإذا هو يفكر فالتفت إلىّ بعد هنيئة من دخولى فقال: يا بنى أعطنى بعض تلك الصحف التى فيها عبادة على بن أبى طالب فا عطيته فقرأ فيها

شيئاً يسيراً ثم تركها من يد تضجراً وقال: من يقوى على عبادة على بن أبى طالب؟! «2».

وكان أبو الحسن موسى بن جعفر (ع) أعبد أهل زمانه وأفقههم وأنماهم كفاً وأكرمهم نفساً وروى أنه كان يصلّى نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح، ثم يعقب حتى

تطلع الشمس، ويخرّ لله ساجداً فلا يرفع رأسه من السجود والتحميد حتى يقرب زوال الشمس، وكان يدعو كثيراً فيقول: اللهم أنى أسألك الراحة عند الموت والعفو

عند الحساب ويكرر ذلك، وكان من دعائه (ع): عظم الذنب من عبدك‌

__________________________________________________

 (1) المناقب: 4/ 14، بحار الأنوار: 43/ 339، باب 16، حديث 13.

 (2) المناقب: 4/ 149، كشف الغمة: 2/ 85، وسائل الشيعة: 1/ 91، باب 20، حديث 215، بحار الأنوار: 46/ 74 باب 5 حديث 65.

                        اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 84

فليحسن العفو من عندك، وكان يبكى من خشية الله حتى تخضّل لحيته بالدموع، وكان أوصل الناس لأهله ورحمه، وكان يفتقد فقراء المدينة فى الليل فيحمل إليهم

الزبيل فيه العين والورق (مساعدات عينية ونقدية) والأدقة (الدقيق) والتمور فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أى جهة هو «1».

وقد أمضى (ع) سنوات طويلة فى السجون العباسيين ينقلونه من سجن إلى أن اغتالوه فى سجن ألسندى بن شاهك ببغداد وستشهد أثر ذلك.

وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من السجود فى صلاته أثناء سجنه، فكان له كل يوم سجدة بعد أبيضاض الشمس إلى وقت الزوال قال الراوى: فكان هارون

(الرشيد) ربما صعد يشرف منه على الحبس الذى حبس فيه أبا الحسن (ع) فكان يرى أبا الحسن ساجداً، فقال للربيع (وزيره) ما ذاك الثوب الذى أراه كل يوم

فى ذلك الموضع؟! قال: يا أمير المؤمنين ما ذاك بثوب، وإنما هو موسى بن جعفر، له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال، قال الربيع: فقال لى

هارون: أما أن هذا من رهبان بنى هاشم، فقلت: فمالك قد ضيقت عليه فى الحبس؟! قال (هارون): هيهات لابد من ذلك «2».

وقد زجّ العباسيون فى سامراء الإمام الحسن العسكرى فى السجن وأوصوا صالح بن وصيف (ضابط تركى مسؤول فى السجن) أن يضيق عليه فى السجن فوكل به

رجلين من أشرّ الناس فوصلت تقاير إلى العباسيين بأن الأمام يعامل معاملة حسنة فأرسلوا وراءه واستجوبوه عن ذلك فقال: ما أصنع به؟ وقد وكلت به رجلين شرّ

من‌

_________________________________________________

 (1) الإرشاد للمفيد: 2/ 231، كشف الغمة: 2/ 228، بحار الأنوار: 48/ 101 باب 5 حديث 5.

 (2) عيون أخبار الرضا: 1/ 95، باب 7، حديث 14، بحار الأنوار: 48/ 220، باب 9، حديث 24.

                        اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 85

قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة إلى أمر عظيم.

ثم أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما فى أمر هذا الرجل، فقالا له: ما نقول فى رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كلّه، لا يتكلم ولا ينشغل بغير

العبادة، فلما سمع ذلك العباسيون انصرفوا خاسئين «1».

 


source : دار العرفان/ اهل البيت (ع) ملائكة الارض، للعلامة انصاریان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الجيش السوري يوقع 37 قتيلا في صفوف "داعش" ...
سجن رجل دين بالبحرین عاماً كاملاً لأدائه الصلاة ...
منارة مسجد للإعلان التجاري
آية الله هاشمي شاهرودي يصدر كتاب «منهاج ...
تنظیم معرض قرآني في مدرسة مدینة "سلاو" ...
تظاهرات واسعة احتجاجاً على صمت الأمم المتحدة ...
بيان ديوان الوقف الشيعي في العراق بمناسبة تحرير ...
الرئيس الايراني يوافق على توظيف 5 آلاف معلم ...
المرجع اليعقوبي يدعو الى تشكيل مجلس الاعيان ...
اصدار كتاب بعنوان "اخلاقيات علم الوراثة في نظر ...

 
user comment