عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

الأمين والمأمون

الأمين والمأمون
لما قتل البرامكة غضب أهل خراسان، وتضاعفت نقمتهم على الدولة العباسية، وتعاقدوا على الأخذ بثأر أبي مسلم والبرامكة، وتربصوا يترقبون الفرص. وتوجهت آمالهم إلى المأمون؛ وقد شب في حجر جعفر البرمكي على الميل إلى الشيعة العلوية - ولم تكن الشيعة يومئذ مذهبًا دينيًّا كما هي اليوم، وإنما كانت حزبًا سياسيًّا من أنصار العلويين.
وكان يحيى بن خالد قد اختار الفضل بن سهل السرخسي لخدمة المأمون. والفضل أصل خراسان، أسلم على يد المأمون سنة ١٩٠ﻫ وتشيع(1)
وكان همامًا فقدمه يحيي في الدولة حتى صار من خاصته، ثم جعله قهرمانا له. وتوسم الفضل في المأمون نجابةً وتعقلًا، فتوقع أن تصير الخلافة إليه فلزمه وخدمه وتقرب منه. وكان المأمون يجله ويقدمه، ولم يكن الفضل طامعًا في أقل من الوزارة - يحكى أن مؤدب المأمون قبل الخلافة لما رأى جميل رأيه في الفضل وإكرامه إياه، نقل ذلك للفضل وقال له: «لا أستبعد أن يحصل لك منه ١٠٠٠٠٠٠ درهم»، فاغتاظ الفضل وقال: «والله ما صحبته لأكتسب منه مالًا قل أو جل، ولكني صحبته ليمضي حكم خاتمي هذا في الشرق والغرب».(2)
وكان الرشيد لما بايع لأولاده بولاية العهد جعل للأمين العراق والشام إلى آخر المغرب وهو الخليفة بعده، وجعل للمأمون خراسان وسائر المشرق(3)
على أن يتولى الخلافة بعد أخيه الأمين. وكل ذلك بتدبير جعفر وغيره من أحزاب الشيعة، وفي جملتهم الفضل بن سهل، وأراد الرشيد سنة ١٩٢ﻫ أن يسير إلى خراسان، فأمر ابنه المأمون أن يبقى في بغداد حتى يرجع وكان الرشيد مريضًا، فخاف الفضل أن يموت الرشيد في الطريق فيذهب سعيه هدرًا، فجاء إلى المأمون وقال له: «لست تدري ما يحدث بالرشيد، وخراسان ولايتك ومحمد الأمين المقدم عليك، وأن أحسن ما يصنعه بك أن يخلعك، وهو ابن زبيدة وأخواله بنو هاشم، وزبيدة وأموالها كما تعلم، فاطلب إلى أمير المؤمنين أن تسير معه».
فطلب المأمون ذلك من أبيه فامتنع أولًا، ثم أجاب - ولا بد لامتناعه من سبب كان يجول في خاطره، وهو يتوقع قرب أجله ويرى لأولاده عليه رقباء يحصون أنفاسه ويستطيلون بقاءه. (4)
فسار المأمون مع أبيه والفضل معهما، واهتم الفضل في أثناء الطريق بتأييد أمر المأمون، فأخذ له البيعة على كل من في عسكر الرشيد من القواد وغيرهم، وأقر له الرشيد وهو في طوس والأمين في بغداد، وله عيون مع الرشيد أشدهم غيرة عليه الفضل بن الربيع، وزير الرشيد بعد البرامكة. فلما بلغ الأمين اشتداد المرض على أبيه بعث إلى ابن الربيع وغيره يستحثهم على بيعته.
فلما مات الرشيد هناك سنة ١٩٣ﻫ احتال ابن الربيع على من كان في ذلك العسكر، والمأمون غائب في مرو وحرضهم على اللحاق بالأمين، فأطاعوه رغبة منهم في الرجوع إلى أهلهم وأولادهم في بغداد، وأغفلوا العهود التي أخذت عليهم للمأمون، وحملوا ما كان في عسكر الرشيد إلى الأمين، وتمت البيعة له. ثم حسن الفضل بن الربيع للأمين أن يخلع أخاه المأمون من ولاية العهد، ففعل.

الفضل بن سهل وعلي الرضا عليه السلام

فلما بلغ المأمون موت أبيه، ورجوع رجاله إلى أخيه بالأموال والأحمال، وقد نكثوا عهده، خاف على نفسه فجمع خاصته بمرو وشاورهم في الأمر، وأظهر لهم ضعفه وأنه لا يقوى على أخيه، فنشطوه ووعدوه خيرًا. وقال له الفضل بن سهل: «أنت نازل في أخوالك وبيعتك في أعناقهم، اصبر وأنا أضمن لك الخلافة»، فاطمأن خاطر المأمون بهذا الوعد الصريح، وقال له: «قد صبرت وجعلت الأمر إليك فقم به» وسماه ذا الرياستين، أي: رياسة السيف ورياسة القلم.
فبذل الفضل جهده في نصرة المأمون؛ لأنه إنما يعمل لنفسه ووطنه وأمته، واستمال الناس وضبط الثغور، وتعاظمت العداوة بين الأخوين، وقطعت الدروب بينهما من بغداد إلى خراسان، وأبطل كل منهما اسم أخيه من الخطبة، وتجردت الجيوش وحدثت معارك هائلة فاز فيها جند المأمون، وانتهت الحرب بفتح بغداد وقتل الأمين سنة ١٩٨ﻫ، وقد حملوا رأسه إلى المأمون في خراسان.
فلما تحقق المأمون صدق ما عاهده الفضل عليه، أصبح آلة بيده لا يخالفه في شيء. فاستبد الفضل في الدولة، وولى أخاه الحسن بن سهل كور الجبال والعراق وفارس والأهوار والحجاز واليمن، على أن يكون مقامه في بغداد، ثم اغتنم هذه الفرصة لنقل الخلافة إلى العلويين. وكان داعيتهم يومئذ في خراسان علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين(عليهم السلام) المعروف بعلي الرضا عليه السلام .
فبذل الفضل جهده في تحريض المأمون على بيعة علي الرضا بولاية العهد بعده، أي: أن يخرج الخلافة من بني العباس إلى العلويين. وربما جعل تلك البيعة شرطًا لمساعدته في استرجاع الخلافة له، أو أنه حسن له ذلك ولم يشترطه، فأجابه المأمون إلى طلبه، أما وفاء لوعده، أو مجاراة له للمكر به، أو أنه فعله عن حسن ظن في العلويين؛ لأنه رضع حب الشيعة من طفولته وكان يظهر التشيع(5)
فبايع لعلي الرضا سنة ٢٠١ﻫ وجعله الخليفة بعده، ولقبه «الرضا من آل محمد»، وأمر جنده بطرح السواد لباس العباسيين ولبس الخضرة، وكتب بذلك إلى الآفاق.
فلما بلغ ذلك الخبر إلى بغداد ضج الهاشميون وأتباعهم، وأعظموا الأمر وامتنعوا عن البيعة للامام الرضا عليه السلام، وقالوا: لا تخرج الخلافة من ولد العباس، وقد تحققوا أن تلك البيعة إنما هي دسيسة من الفضل بن سهل، فأنكروا ولاية أخيه الحسن بن سهل على بغداد. وأقروا أخيرًا على خلع المأمون وبيعة عمه إبراهيم بن المهدي، فبايعوه ولقبوه «المبارك»، وبعث الهاشميون إلى المأمون يهددونه بالقتل إذا بقي على عزمه.
وكان الفضل بن سهل يخفي هذه الأخبار عن المأمون؛ لئلا يخاف فيندم وينكث البيعة فيخلع عليًّا فيذهب سعيه عبثًا. وكان علي الرضا عليه السلام مطلعًا على ما حدث في بغداد، وأبت نفسه أن يحدث ذلك بسببه، ولا يطلع المأمون عليه فجاءه بنفسه وأخبره بما صار إليه حال بغداد، وأنهم بايعوا إبراهيم بن المهدي.
فاستغرب المأمون الخبر ولم يصدقه، وقال: «بل هم ولوه عليهم في أثناء غيابي، كذلك أخبرني الفضل». فقال له: «إن الفضل قد كذبك» فأدرك المأمون دسيسة الفضل، وأنه إنما نصره لهذا الغرض، وشك فيه فحل قتله عنده، فدس إليه أناسًا قتلوه في الحمام بسرخس مغافصة، ثم حاكمهم على قتله وقتلهم به.(6)
وفكر في بيعة علي الرضا، فأعظم أن يرجع عنها وخاف إذا رجع أن يثور عليه أهل خراسان ويقتلوه، فعمد إلى سياسة الفتك فدس إليه من أطعمه عنبًا مسمومًا فاستشهد (7)
فذهبت الأسباب التي أغضبت أهل بغداد، فخلعوا إبراهيم بن المهدي وعادوا إلى بيعة المأمون.
فهرب إبراهيم والفضل بن الربيع وسائر الذين كانوا مع الأمين في تلك الثورة، وجاء المأمون بغداد سنة ٢٠٤ﻫ واستقر بها.
ودفعًا للشبهة فيما اشتهر به من حب آل أبي طالب، اضطهدهم ومنعهم من الدخول عليه وأمرهم بلبس السواد.(8)
فاضطرب أمر الشيعة في بغداد فلما تولى المتوكل سنة ٢٣٢ﻫ اضطهد الشيعة وشدد النكير عليهم؛ لأنه كان قد ربي من حداثته بين جماعة يكرهون الشيعة، منهم علي بن الجهم الشاعر الشامي من بني شامة، وعمرو بن فرخ الرخجي، وأبو السمط من ولد مروان بن أبي حفصة، الذي كان يت قرب إلى الرشيد يهجو العلويين وهو من موالي بني أمية.
وكانوا يخوفون المتوكل من الشيعة على الإجمال، ويشيرون عليه بإبعادهم والإعراض عنهم والإساءة إليهم، ثم حسنوا له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علو منزلتهم في الدين. فأثرت أقوالهم فيه، وشب على كره الشيعة وكره الخلفاء الذين كانوا ينصرون الشيعة قبله، وهم المأمون والمعتصم والواثقكما أثرت تربية البرامكة في المأمون وحببوا إليه الشيعة وأهلها. (9)
فلما تولى المتوكل أمر بهدم قبر الحسين بن علي عليهما السلام ، وهدم ما حوله من المباني ومنع الناس من إتيانه، وبالغ في بغضه عليًّا وأهل بيته حتى جعله سخرية - ذكروا أنه كان في جملة ندمائه مخنث اسمه عبادة، كان يشد على بطنه تحت ثيابه مخدة ويكشف رأسه وهو أصلع تشبهًا بالإمام علي، ويرقص ويقول: «قد أقبل الأصلع البطين خليفة المسلمين» (يعني عليًّا)، والمتوكل يشرب ويضحك(10) وغلبت السنة في الدولة من ذلك الحين وقوامها الأتراك .

الأسرار في الدولة العباسية

واشتهر بنو العباس على الخصوص بحفظ الأسرار والتكتم فيما ينوونه، وكانوا يفرضون ذلك على مواليهم ورجال بطانتهم، ولا سيما فيما يحتاجون إليه لتثبيت دعائم دولتهم، كما رأيت من تصرف الخلفاء مع قوادهم ووزرائهم من أول دولتهم، وخصوصًا المنصور مع أعمامه وأبي مسلم وغيرهم، وتصرف الرشيد مع البرامكة، والمأمون مع الفضل بن سهل وعلي الرضا وطاهر بن الحسين.
وكانوا يرون كتمان مشروعاتهم شرطًا من شروط نجاحها، كما فعل قثم بن العباس في التفريق بين فرق الجند بحيلة لم يشأ أن يطلع المنصور عليها. وكانوا يستعينون على ذلك بالعيون والأرصاد، وكل منهم يتجسس على صاحبه، فيبث الخليفة العيون على قواده ووزرائه، ووزراؤه يقيمون الأرصاد عليه.
فربما كان خادم الرجل وجاريته عينًا عليه، وقد يقيم الخليفة الجواسيس والرقباء على أولاده أو إخوته، أو يقيم ولاة العهد الرقباء على آبائهم، كما فعل الأمين والمأمون بأبيهم الرشيد، فقد كان رقيب المأمون على أبيه مسرورًا الخادم، ورقيب الأمين جبرائيل بن بختيشوع الطبيب، وكانوا يحصون أنفاسه(11)
ولما تولى المأمون الخلافة وأتى بغداد كان يتجسس على إبراهيم بن المهدي، فألزمه رجلًا ينقل إليه كل ما يسمعه من لفظه جدًّا أو هزلًا وهكذا كان سائر الخلفاء(12)
وخصوصًا في أواخر الدولة؛ لأن التجسس يكثر إذا مالت الدولة إلى السقوط وتدانت من الهرم، كما سيجيء. وكان للوزراء عيون على الخلفاء، وللخلفاء عيون على العمال، هم أصحاب البريد أو أصحاب الأخبار، غير ما كانوا يبثونه من الخدم والجواري والمغنيات لهذه الأغراض - كانوا يفعلون ذلك خوفًا على سلطانهم، فبالغوا في التكتم إلى ما يفوق الوصف. فكان للمأمون على كل واحد صاحب خبر، وكان يغتفر كل شيء إلا الفدح في الملك وإفشاء السر والتعريض بالحريم.(13)
وبمحافظتهم على الأسرار والتكتم في أعمالهم، أشكل على الناس كثير من الحوادث التي جرت في أيامهم ولم يفهموا أسبابها، فنكبة البرامكة مثلًا تكهن المؤرخون في تدوينها رجمًا بالغيب، وذهبوا في أسبابها كل مذهب. وكم من قتيل لم يعرف قاتله فحسبوه مات من أكلة عنب أو تمر أو غير ذلك، وإنما قتل مسمومًا بدسيسة بعض الخلفاء أو القواد أو ولاة العهد إلى طبيبه أو صاحب داره.(14)

اختلاط الأنساب بعد الإسلام

قد رأيت ما كان للعرب من العناية في حفظ أنسابهم حتى كانوا يحتقرون من لم يكن مولودًا من أبوين عربيين، فإذا كان أبوه غير عربي سموه المذرع، وإن كانت أمه أعجمية سموه الهجين. وإذا كانت أمه أمة استعبدوه، فإذا أنجب اعترفوا به، وإلا ظل عبدًا، والعرب لا تورث الهجين، وهو من قبيل احتقارهم غير العرب كما تقدم.

أبناء الإماء

ولما جاء الإسلام وغلب العرب على أمم الشرق من فارس والترك وغيرهما، وكثرت السبايا في أثناء الفتوح، اتخذوا من النساء أظئارًا ودايات ومراضع، واقتنوا الجواري للفراش، وكانوا في بادئ الرأي يكرهون التزوج بهن ويحتقرون أبناءهن، وخصوصًا في الحجاز مركز الجامعة العربية، حتى نشأ في المدينة ثلاثة من كرام الرجال أمهاتهم من الإماء، وهم علي بن الحسين والقاسم بن محمد علیهم السلام وسالم بن عبد الله، وفاقوا أهل المدينة فقهًا وعلمًا وورعًا فرغب الناس في السراري.(15)
على أن بني أمية ظلوا يحتقرون أبناء الإماء، فبلغ عبد الملك يومًا أن علي بن الحسن عليه السلام تزوج جارية له وأعتقها، فكتب إليه يؤنبه فأجابه علي: «إن الله رفع بالإسلام الخسيسة وأتم النقيصة وأكرم به من اللؤم، فلا عار على مسلم، وهذا رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم قد تزوج أمته وامرأة عبده»، فلما تلا عبد الملك جوابه قال: «إن علي بن الحسين يشرف من حيث يتضع الناس».
على أن العرب أصبحوا بعد الإسلام يرفعون من شأن الهجناء، اعتمادًا على أن النسب ليس من قبيل الأم، وإنما النسب للآباء عملًا بقول الشاعر:
لا تشتمن امرأً من أن تكون له / أم من الروم أو سوداء عجماء
فإنما أمهات القوم أوعية / مستودعات، وللأحساب آباء
أم بنو أمية فظلوا على احتقارهم بني الإماء إلى أواخر دولتهم، وكانوا لا يستخلفونهم، وقالوا: لا تصلح لهم العرب؛ ولذلك لما قام زيد بن علي بن الحسين يطالب بالخلافة في أيام هشام بن عبد الملك عيره هشام بقوله: «أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة وأنت ابن أمة؟» قال: «يا أمير المؤمنين، إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل أمة لأم إسحق، فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبيًّا وجعله للعرب أبًا، فأخرج من صلبة خير البشر محمدًا»،(16)
فالعلويون كانوا أقرب للاختلاط بغير العرب، استنكافًا من شدة تعصب بني أمية للعرب؛ ولذلك كان الموالي أكثرهم شيعة العلويين.
وكان العرب في صدر الإسلام بهذا الاعتبار طائفتين، فيهم من يحقر أبناء الإماء وفيهم من لا يجعل لنسب الأم قيمة - ذكروا أن عبد الملك بن مروان سابق ولديه سليمان ومسلمة، فسبق سليمان فقال عبد الملك:
ألم أنهكم أن تحملوا هجناءكم / على خيلكم يوم الرهان فتدرك
وما يستوي المرآن: هذا ابن حرة / وهذا ابن أخرى ظهرها مشترك
وتضعف عضداه ويقصر سوطه / وتقصر رجلاه فلا يتحرك
وأدركنه خالاته فنزعنه / إلا إن عرق السوء لا بد يدرك

وهاك ما قاله حاتم الطائي:

وما أنكحونا طائعين بناتهم / ولكن خطبناها بأسيافنا قسرا
فما زادها فينا السباء مذلةً / ولا كلفت خبزًا ولا طبخت قدرا
ولكن خلطناها بخير نسائنا / فجاءت بهم بيضًا وجوههم زهرا
وكائن ترى فينا من ابن سبية / إذا لقي الأبطال يطعنهم شزرا
ويأخذ رايات الطعان بكفه / فيوردها بيضًا ويصدرها حمرا
كريم إذا اعتز اللئيم تخاله / إذا ما سرى ليل الدجى قمرًا بدرا(17)
على أن طبيعة العمران غلبت على ما أراده الأمويون من حفظ النسب العربي، وقضى الاختلاط بالأعاجم باختلاط الأنساب، حتى في الخلفاء من بني أمية، فبايعوا في أواخر دولتهم لأبناء الإماء. وأول من تولى الخلافة من الخلفاء الهجناء يزيد بن الوليد بن عبد الملك سنة ١٢٦ﻫ، ولكن أمه كانت من نسل يزدجرد بن كسرى، سباها قتيبة ببلاد الصغد وأرسلها إلى الحجاج فقدمها الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك فأولدها يزيد،(18)
ويقال: أن بني أمية حظروا مبايعة بني الإماء، ليس لاستهانة بهم ولكنهم كانوا يرون زوال دولتهم على يد ابن أمة، فلما تولى يزيد المذكور ظنوه الذي يذهب ملكهم على يده، فلم يلبث سبعة أشهر حتى مات، ووثب مكانه مروان بن محمد وأمه أمة كردية، فذهب ملكهم على يده.
فإذا كان هذا حال اختلاط النسب في الخلفاء، فكيف في سائر طبقات الناس؟ فالنسب العربي لم يكن خالصًا إلا في الجاهلية وصدر الإسلام إلى أواسط الدولة الأموية، وظل بعد ذلك محفوظًا من حيث الآباء فقط، أما من حيث الأمهات فإنه اختلط اختلاطًا عظيمًا.
ونحن نعلم الآن أن الولد يرث من أمه كما يرث من أبيه، وربما كان من حيث الأخلاق أقرب إلى أمه مما إلى أبيه. فالعرب بعد القرن الثاني للهجرة قل فيهم الدم العربي الخالص، إلا في البادية أو حيث لم يكثر اختلاطهم بالأعاجم. فضلًا عما أثر فيهم من طبائع الأقاليم التي نزلوها وعادات أهلها.
المصادر :
1- ابن خلكان ٤١٣ ج١ وابن الأثير ٧٩ ج٦.
2- الفخري ٢٠٣.
3- ابن الأثير ٦٩ ج٦.
4- ابن الأثير ٨٣ ج٦.
5- المسعودي ٢٢٤ ج٢.
6- ابن الأثير ١٤٣ ج٦ والفخري ١٩٩ والأغاني ٣١ ج٩ وابن خلكان ٤١٤ ج١.
7- ابن الأثير ١٤٤ ج٦ والفخري ١٩٩.
8- ابن الأثير ١٥٦ ج٦.
9- ابن الأثير ٢٢ ج٧.
10- أبو الفداء ٤٠ ح ٢.
11- ابن الأثير ٨٣ ج٦.
12- الأغاني ٨٢ ج٢٠.
13- المسعودي ٢٢٥ ج٢ وطبقات الأطباء ١٧١ ج١.
14- طبقات الأطباء ١٨٢ ج١.
15- العقد الفريد ٢٣٩ ج٣.
16- المسعودي ١٣٠ ج٢.
17- العقد الفريد ٢٣٠ ج٣.
18- ابن الأثير ٢٧٥ ج٤ و١٤٧ ج٥.

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الفرق بين علوم القرآن والتفسير
وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
أوصاف جهنم في القرآن الكريم
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام

 
user comment