عربي
Wednesday 6th of November 2024
0
نفر 0

المُناظرة السابعة عشر /مناظرة أمير المؤمنين عليه السلام مع الزبير (1) في حديث العشرة المبشرة بالجنة

احاديث موضوعة

المُناظرة السابعة عشر

مناظرة أمير المؤمنين عليه السلام مع الزبير (1) في حديث العشرة المبشرة بالجنة
عن سليم بن قيس الهلالي قال : لما التقى أمير المؤمنين عليه السلام أهل البصرة يوم الجمل نادى الزبير : يا أبا عبد
الله أخرج إلي ؟ فخرج الزبير ومعه طلحة ، فقال لهما : والله إنكما لتعلمان ، وأولوا العلم من آل محمد ، وعائشة بنت أبي بكر ، أنّ كلّ أصحاب الجمل ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وآله ، وقد خاب من افترى !!
قالا له : كيف نكون معلونين ، ونحن أصحاب بدر وأهل الجنّة ؟ !
فقال لهما علي عليه السلام : لو علمت أنكم من أهل الجنة لما استحللت قتالكم ؟ !
فقال له الزبير : أما سمعت حديث سعيد بن عمرو بن نفيل وهو يروي : أنّه سمع رسول
الله صلى الله عليه وآله يقول : « عشرة من قريش في الجنة » (2) فقال له علي عليه السلام : سمعته يحدث بذلك عثمان في خلافته ؟
فقال له الزبير : أفتراه كذب على رسول
الله صلى الله عليه وآله ؟
فقال له علي عليه السلام : لست أخبرك بشيء حتى تسميهم ؟!
قال الزبير : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وسعيد بن عمرو بن نفيل.
فقال له علي عليه السلام : عددت تسعةً فمن العاشر ؟
قال له : أنت.
فقال له علي عليه السلام : قد أقررت أني من أهل الجنة ، وأما ما ادعيت لنفسك وأصحابك فأنا به من الجاحدين الكافرين.
قال له الزبير : أفتراه كذب على رسول
الله صلى الله عليه وآله ؟ قال عليه السلام : ما أراه كذب، ولكنه والله ، اليقين...الخ (3).
وممّا روي في محاورتهما أيضاً يوم الجمل ما ذكره أبو الفرج بن الجوزي بسنده عن عبد السلام ـ رجل من حية ـ قال : خلا علي عليه السلام بالزبير يوم الجمل فقال : أنشدك
الله ؟ هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنت لاوي يدي سقيفة بني فلان: لتقاتلنه وأنت ظالم له ؟ ثمّ لينصرنّ عليك ؟!
ثمّ قال : قد سمعته لا جرم ، لا أقاتلك !
ومن طريق آخر بسنده عن أبي جرو المازني قال : سمعت علياً عليه السلام وهو ناشد الزبير ، فقال : أنشدك
الله يا زبير ، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إنك تقاتلني وأنت ظالم ؟ !
قال : بلى ، ولكني نسيت (4)
وفي رواية اُخرى قال له : نشدتك
الله ! أتذكر يوم مررت بي ورسول الله صلى الله عليه وآله متكىء على يدك ، وهو جاءٍ من بني عوف ، فسلّم عليَّ وضحك في وجهي، فضحكت إليه ، لم أزده على ذلك ، فقلت : لا يترك ابن أبي طالب يا رسول الله زهوه ! فقال لك : مه إنه ليس بذي زهو ، أما إنك ستقاتله وأنت له ظالم!!
فاسترجع الزبير وقال : لقد كان ذلك ، ولكن الدهر أنسانيه ، ولاَنصرفن عنك، فرجع. (5)
وفي رواية ثالثة عن أبي مخنف في كتاب الجمل ، قال : برز عليّ عليه السلام يوم الجمل ، ونادى بالزبير : يا أبا عبد
الله، مراراً ، فخرج الزبير فتقاربا حتى اختلفت أعناق خيلهما ، فقال له علي عليه السلام : إنما دعوتك لاَذكِّرك حديثاً قاله لي ولك رسول الله صلى الله عليه وآله : أتذكر يوم رآك وأنت معتنقي ، فقال لك : أتحبه ؟ قلت : وما لي لا أحبّه وهو أخي وابن خالي ! فقال : أما إنّك ستحاربه وأنت ظالم له !
فاسترجع الزبير ، وقال : أذكرتني ما أنسانيه الدّهر ، ورجع إلى صفوفه.
فقال له عبد
الله ابنه : لقد رجعت إلينا بغير الوجه الذي فارقتنا به !
فقال : أذكرني عليّ عليه السلام حديثاً أنسانيه الدهر ، فلا أحاربه أبداً ، وإني لراجع وتارككم منذ اليوم.
فقال له عبد
الله : ما أراك إلاّ جبنت عن سيوف بني عبد المطلب ، إنّها لسيوف حداد ، تحملها فتية أنجاد.
فقال الزبير : ويلك ! أتهيجني على حربه ، أما إني قد حلفت ألاّ أحاربه !
قال : كفّر عن يمينك ، لا تتحدث نساء قريش أنك جبنت ، وما كنت جباناً؟!
فقال الزبير : غلامي مكحول حرّ ، كفّارة عن يميني (6) ثمّ انصل سنان رمحه، وحمل على عسكر علي عليه السلام برمح لا سنان له.
فقال علي عليه السلام : أفرجوا له ، فأنه مخرج ، ثمّ عاد إلى أصحابه ، ثمّ حمل ثانية، ثمّ ثالثة ، ثمّ قال لابنه : أجبنا ويلك ترى !
فقال : لقد أعذرت.
قال أبو مخنف : لما أذكر عليّ عليه السلام الزبير بما أذكره به ورجع الزبير ، قال :

نادى عليُّ بـأمـر لستُ أنكره

*

وكان عمرُ أبيك الخير مـُذْ حينِ

فقلت حسبك من عذلٍ أبا حسنٍ

*

بعض الذي قلت مُنذ اليوم يكفيني

ترك الاَمور التي تخشى مغبتها

*

والله أمـثـلُ في الدنيا وفي الدين

فاخترت عاراً على نار مؤجّجة

*

أنى يقومُ لـهـا خلقٌ من الطين

قال : لما خرج علي عليه السلام لطلب الزبير ، خرج حاسراً ، وخرج إليه الزبير دارعاً مدججاً ، فقال للزبير : يا أبا عبدالله ، قد لعمري أعددت سلاحاً ، وحبذا! فهل أعددت عند الله عذراً ؟ !
فقال الزبير : إنّ مردَّنا إلى
الله ؟
قال علي عليه السلام : (
يومئذٍ يُوفيهُمُ الله دينهم الحقّ ويعلمون انّ الله هو الحق المبين ) (7) ثمّ أذكره الخبر ، فلما كرّ الزبير راجعاً إلى أصحابه نادماً واجماً، رجع عليّ عليه السلام إلى أصحابه جدلاً مسروراً ، فقال له أصحابه : يا أمير المؤمنين ، تبرز إلى الزبير حاسراً ، وهو شاكٍ في السلاح ، وأنت تعرف شجاعته !
قال : إنّه ليس بقاتلي ، إنّما يقتلني رجل خامل الذكر ، ضئيل النسب غيلةً في غير مأقِطِ (8) حرب ، ولا معركة رجال ، ويلُ امّهِ أشقى البشر ، ليودَّنّ أنّ أمّه هبلت به ! أما إنّه وأحمر ثمود لمقرونان في قرن (9) .


____________

(1) هو : الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد القرشي ، كنيته أبو عبدالله واُمّه صفية بنت عبد المطلب ، فهو ابن عمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وابن أخي خديجة الكبرى ، كان من ناصري أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته قبل أن ينحرف عنه ويعاديه ، فهو أحد الاَربعة الذين استجابوا لاَمير المؤمنين عليه السلام لما دعاهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله لاَخذ حقه ، روي عن سلمان انّه قال فيه : وكان الزبير أشدنا بصيرة في نصرته ، كما انّه وهب حقّه يوم الشورى لاَمير المؤمنين عليه السلام لما دختله من حمية النسب ، وهو أحد الذين شهدوا على وصية فاطمة عليها السلام كما شهد دفنها ليلاً ، وهو الذي اخترط سيفه دفاعاً عن أمير المؤمنين عليه السلام لما أخرج من منزله ملبباً حتى رموه بصخرة فأصابت قفاه ، وسقط السيف من يده ، فأخذوه وكسروه ، هذا مع ما عرف عنه من الشجاعة التي ظهرت في أيّام النبي صلى الله عليه وآله واشتراكه في الغزوات معه ، وروي أن الزبير كان ممن أعير الاِيمان وكان إيمانه مستودعاً ، فمشى في ضوء نوره ثمّ سلبه الله إياه ، وقد سعى ابنه عبدالله في عدول أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام فكان سبباً في انحرافه عن ناحية أهل البيت عليهم السلام ، وجاء عنه عليه السلام انّه قال : لا زال الزبير منا حتى أدرك فرخه ، وفي رواية اُخرى : ما زال الزبير منّا أهل البيت حتى شب ابنه عبدالله ، قتله ابن جرموز غدراً في وادي السباع، وله خمس وسبعون سنة ، وأتى عمرو علياً بسيف الزبير وخاتمه ، فقال علي عليه السلام : سيف طالما جلا الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله .
راجع ترجمته في : سفينة البحار للقمي : ج 1 ص 543 ـ 545 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 1 ص 231 ـ 236 وج 2 ص 167 ، سير أعلام النبلاء : ج 1 ص 41 ترجمة رقم : 3 ، الطبقات الكبرى لابن سعد : ج 3 ص 100 ، تهذيب الكمال للمزي : ج 9 ص 319 ترجمة رقم : 1971.
(2) راجع : مسند أحمد بن حنبل : ج 1 ص 193 ، الجامع الصحيح للترمذي : ج 5 ص 605 ح 3747 وص 606 ح 3748 ، سنن أبي داود : ج 4 ص 212 ح 4649 ، الرياض النضرة لمحب الدين : ج 1 ص 34 ـ 35 ، المستدرك للحاكم : ج 3 ص 316 ـ 317 و 440 ، كنز العمال : ج 11 ص 638 ح 33105 و 33106 وص 646 ح 33137 ، سلسلة الاَحاديث الصحيحة : ج 3 ص 419 ح 1435. وقد فند المأمون العباسي هذا الحديث كما جاء في مناظرته مع العامة ، وقد قال له أحدهم : إن النبي صلى
الله عليه وآله شهد لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة ؟ فقال له المأمون : لو كان هذا كما زعمتم ، لكان عمر لا يقول لحذيفة : نشدتك بالله أمن المنافقين أنا ؟ فإن كان قد قال له النبي صلى الله عليه وآله : أنت من أهل الجنة ولم يصدقه حتى زكّاه حذيفة فصدّق حذيفة ولم يصدق النبي صلى الله عليه وآله فهذا على غير الإيلام ، وإن كان قد صدق النبي صلى الله عليه وآله فلم سأل حذيفة ؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما. راجع عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 1 ص 203 ، مناظرات في الاِمامة : ص 227 المناظرة الاَربعون.
وراجع كلام العلامة الاَميني قدس سره حول الحديث المذكور في كتابه الغدير : ج 10 ص 118 ـ 131 ح 37 فقد استوفى البحث حوله دلالة وسنداً.
(3) الاِحتجاج للطبرسي : ج 1 ص 162 ، بحار الاَنوار : ج 32 ص 197 ح 147 و ص 216 ح 171 و ج 36 ص 324 ح 182.
(4) العلل المتناهية لابن الجوزي : ج 2 ص 847 ـ 848 ح 1417 و 1418 ، تاريخ الاُمم والملوك: ج 4 ص 509 ، الكامل في التاريخ : ج 3 ص 240.
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 167.
(6) قال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي عليه السلام :

أيعتــق مكحــــولاً ويعصــــي نبيّــــه

*

لقد تاه عن قصــدالهــــدى ثمّ عــــوق

أينــــوي بهذا الصــــدق والبر والتقــــى

*

سـيـعـلـم يـومـاً مـن يـبـر ويـصـدق

لشتان مـا بيــــن الضـــلال والهــــدى

*

وشتان من يعصي النبي صلى الله عليه وآله ويعتق

ومـن هــــــــو في ذات الاِله مشمــــر

*

يكبــــر بــــراً ربّـــه ويصــــدق

أخـي الحقّ أن يعصى النبي صلى الله عليه وآله سفاهة

*

ويعتـق‌مــــن عصيــــانه ويطلــــق

كدافــــق مــــاء للســــراب يؤمـــه

*

ألاّ في ضلال مــــا يصــــب‌ويدفـــق

بحار الاَنوار : ج 32 ص 204 ح 158.
(7) سورة النور : الآية 25.
(8)المأقط : ساحة القتال.
(9) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج1 ص 233 ـ 235 ، البداية والنهاية : ج 7 ص 240ـ241، الفتوح لابن أعثم: ج2 ص309 ـ 312، بحار الاَنوار: ج32 ص189 ح140.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإشكالات المثارة حول الشفاعة
المُناظرة السبعون/مناظرة الشيخ المفيد مع ...
نصائح ذهبية
طرق واسانيد حديث حجر الغدير
كم يبلغ عدد الشيعة في العالم ؟
المُناظرة الحادية والستّون /مناظرة الشيخ المفيد ...
هل تعلم ان علي بن أبي طالب (عليهما السلام) رابع ...
الصلة بين الحیاة الدنيوية والبرزخية
أفكار في سلاح الإمام المهدي عليه السلام عند ...
معني الايمان لغويا

 
user comment