عربي
Monday 23rd of December 2024
0
نفر 0

المُناظرة الحادية والعشرون /مناظرة الاِمام الرضا عليه السلام مع علماء أهل العراق وخراسان في فضل العترة على الاُمّة

مناظرة الاِمام الرضا عليه السلام مع علماء أهل العراق وخراسان في فضل العترة على الاُمّة
عن الريان بن الصلت (1) قال: حضر الرضا عليه السلام مجلس المأمون بمرو (2) وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان.
فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: (
ثُمَّ أوْرَثْنَا الكِتَابَ الذينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنا ) (3) .
فقالت العلماء: أراد
الله عزّ وجلّ بذلك الاَُمّة كلها.
فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن ؟
فقال الرضا عليه السلام : لا أقول كما قالوا ولكني أقول: أراد
الله عزّ وجلّ بذلك العترة الطاهرة (4) .
فقال المأمون: وكيف عنى العترة من دون الاُمّة ؟
فقال الرضا عليه السلام : إنّه لو أراد الاَُمّة لكانت أجمعها في الجنة لقول
الله عزّ وجلّ: ( فَمِنْهُم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْراتِ بِإذنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبيرُ ) (5) ، ثمّ جمعهم كلهم في الجنة فقال عزّ وجلّ : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدخُلُونَها يُحَلَّونَ فيها مِنْ أسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ) (6) الآية ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم.
فقال المأمون: من العترة الطاهرة ؟
فقال الرضا عليه السلام : الذين وصفهم
الله في كتابه فقال عزّ وجلّ: ( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمْ الرِّجْسَ أهْلَ البيتِ ويُطهِّركُمْ تَطهِيرَاً ) (7) وهم الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، أيها الناس لا تعلِّموهم فإنهم أعلم منكم (8) .
قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل ؟
فقال الرضا عليه السلام : هم الآل .
فقالت العلماء: فهذا رسول
الله صلى الله عليه وآله يؤثر عنه أنّه قال: أمتي آلي وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه ، (آل محمد أُمته).
فقال أبو الحسن عليه السلام : أخبروني فهل تحرم الصدقة على الآل ؟
فقالوا: نعم .
قال: فتحرم على الاَُمّة.
قالوا: لا.
قال: هذا فرق بين الآل والاَمّة ، ويحكم أين يذهب بكم ؟ أضربتم عن الذكر صفحاً أم أنتم قوم مسرفون ؟ أما علمتم أنّه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم ؟
قالوا: ومن أين يا أبا الحسن ؟
فقال من قول
الله عزّ وجلّ: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإبْراهيم وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِما النُبوَّةَ وَالكتابَ فَمِنْهُم مُهْتَدٍ وَكَثيرٌ منهم فَاسِقون ) (9) فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين ، أما علمتم أن نوحاً حين سأل ربه عزّ وجلّ : ( فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابني من أَهْلي وَإنَّ وَعْدَكَ الحقُّ وأنتَ أحكمُ الحاكمين ) (10) ـ وذلك ـ أن الله عزّ وجلّ وعده أن ينجيه وأهله فقال ربّه عزّ وجلّ: ( يا نُوحُ إنَّه ليس من أهلِك إنَّه عملٌ غيرُ صالحٍ فلا تسئَلنِ ما ليس لك بهِ علمٌ إني أَعِظُك أن تكون من الجاهلين ) (11) .
فقال المأمون: هل فضَّل
الله العترة على سائر الناس؟
فقال أبو الحسن: إن
الله عزّ وجلّ أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه.
فقال له المأمون: وأين ذلك من كتاب
الله ؟
فقال له الرضا عليه السلام : في قول
الله عزّ وجلّ: ( إنَّ اللهَ اصطفى آدَمَ ونُوحاً وَآلَ إبراهيمَ وآل عِمرانَ على العالمين ، ذرِّيَّةً بَعضُها من بعضٍ واللهُ سميعٌ عليم ) (12).
وقال عزّ وجلّ في موضع آخر: (
أم يحسُدُونَ النّاس على ما آتيهُمُ اللهُ من فضلهِ فقد آتينا آلَ إبراهيم الكتابَ والحكمةَ وآتيناهم مُّلكاً عظيماً ) (13) ثمّ ردَّ المخاطبة في أثر هذه إلى سائر المؤمنين فقال: ( يا أيُّها الذين آمنُوا أطيعُوا اللهَ وأطيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الاَمرِ مِنكُم ) (14) يعني الذي قرنهم بالكتاب والحكمة وحسدوا عليهما فقوله عزّ وجلّ: ( أم يحسُدُونَ النّاس على ما آتيهُمُ اللهُ من فضلهِ فقد آتينا آلَ إبراهيم الكتابَ والحكمةَ وآتيناهم مُلكاً عظيماً ) يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين فالملك هنا هو الطاعة لهم.
فقالت العلماء: فأخبرنا هل فسَّر
الله عزّ وجلّ الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرضا ـ عليه السلام ـ : فسَّر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطناً وموضعاً .
فأوّل ذلك قوله عزّ وجلّ: (
وأنذِر عشيرَتَكَ الاَقرَبين ) (15) ورهطك المخلصين هكذا في قراءة أُبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبدالله بن مسعود، وهذة منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عالٍ حين عنى الله عزّ وجلّ بذلك الاِنذار فذكره لرسول الله صلى الله عليه وآله فهذه واحدة .
والآية الثانية في الاصطفاء قوله عزّ وجلّ: (
إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البيتِ ويُطهِّركُمْ تَطهِيرَاً ) (16) وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلاّ معاند ضال لاَنَّه فضل بعد طهارة تنتظر ، فهذه الثانية .
وأمّا الثالثة فحين ميَّز
الله الطاهرين من خلقه فأمر نبيه بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عزّ وجلّ: يا محمد ( فَمَن حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جاءَك مِنَ العِلمِ فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أبنَاءَنَا وأَبنَاءَكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَّعنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ ) (17) فبرز النبي صلى الله عليه وآله علياً والحسن والحسين وفاطمة ـ صلوات الله عليهم ـ وقرن أنفسهم بنفسه فهل تدرون ما معنى قوله: ( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ) ؟
قالت العلماء: عنى به نفسه.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

فلسفة الحجاب في الإسلام
انقسام الأمة والقيادة
زيارة قبر النبي (ص ) ومراقد الائمة (ع ) :
ألاِیمان وعلامات المؤمن
المُناظرة الثالثة والسبعون /مناظرة الشيخ محمد ...
حقوق الإنسان في نظر أهل البيت ( عليهم السلام )
لماذا السجود على التربة ؟
الاَحاديث الواردة في بيان أهمية التقية :
تعظيمُ شعائر الله في أوليائه
العقل والروح مسيرة إحيائية واحدة

 
user comment