قبل فهرست بعد

ضوابط اختيار الزوجة

1 ـ من الضروري ان توفر العوائل اسباب اللقاء بين الخطيبين قبل الزواج ، ولا يلزم في هذه الحالة اجراء صيغة العقد ، وهذا ما اجازه الاسلام ، ولا يرى الفقه الاسلامي مانعاً لحصوله ، فهذا اللقاء ضروري بالنسبة لهماكي يتعرف كلٌّ منهما على الكمالات والعيوب الظاهرية للآخر ، ومن ثم اتخاذ القرار بالاضافة إلى سد الطريق امام الاشكالات والمؤاخذات التي قد تحصل بعد الزواج .
وبطبيعة الحال ينبغي ان تكون النية من هذا اللقاء الزواج ، وان يُحتمل القبول أو عدمه كي تحافظ اجواء العملية على طهارتها ونقائها .
تأملوا الروايات الواردة بهذا الصدد :
قال النبي ((صلى الله عليه وآله)) للمغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة : « لو نظرت إليها فإنّه أحرى ان يدوم بينكما » .
وقال محمد بن مسلم :
سألت أبا جعفر الباقر ((عليه السلام)) عن الرجل يريد ان يتزوج المرأة اينظر اليها ؟ قال : نعم انما يشتريها باغلى الثمن(1) .
ويقول حسن السري :
قلتُ لأبي عبدالله ((عليه السلام)) الرجل يريد أن يتزوج المرأه يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها ؟ قال نعم لا بأس ان ينظر الرجل إلى المرأة إذا اراد ان يتزوجها ينظر إلى خلفها وإلى وجهها(2) .
وقال رجل للامام الصادق ((عليه السلام)) :
اينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها ، قال : لا بأس بذلك إذالم يكن متلذذاً ، وفي خبر : وتقوم حتى ينظر إليها ؟ قال : نعم وترقق له الثياب(3) .
وقال ((صلى الله عليه وآله)) لصحابي خطب امرأة :
« انظر إلى وجهها وكفّيها » .
مثل هذه الروايات تريد القول : ان من وقع اختياره على امرأة ما زوجة له بعد التحريات اللازمة حول اسرتها واخلاقها وايمانها ، فلا مانع من ان ينظر إليها للتعرف على مزاياها البدنية من قبيل الشعر والشكل والجمال والطول اذ ربما تعاني من نقص أو عيب ، أو انّه يشاهد فيها عيباً بعد يؤدي إلى خيبة امله أو ينتهي بهما إلى الطلاق ، وهنا لا يحق له التنقل من دار إلى دار ليستعرض نواميس المسلمين أو يتفحص النساء علّه يصيب منهن إذا شاء .
2 ـ بعد قبوله المرأة ورغبته في الزواج منها عليه ان يجعل من نيته بالاقتران منها عملاً في سبيل الله إلى جانب حسنها وجمالها وشمائلها الفاتنة ، وان يسير في هذا الطريق بنية تنفيذ الاحكام الالهية واجرأ سنة انبياء الله لا سيما الرسول الاكرم ((صلى الله عليه وآله)) ، وقد وردت رواية مهمة عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) بهذا الصدد أي المبادرة إلى الزواج بقصد التقرب إلى الله تعالى ونيل رضاه ـ اذ قال ((صلى الله عليه وآله)) : « من نكح وانكَحَ لله استحق ولاية الله »(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ وسائل الشيعة : ابواب مقدمات النكاح ، الباب 36 .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ نفس المصدر .
نعم ، فمثل هؤلاء ممن تشملهم الآية الكريمة :
( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ )(2) .
ان الله سبحانه يحب الزواج والانجاب ، من هنا فقد منَّ على زكريا بيحيى وعلى ابراهيم باسماعيل وهما في سنّ الشيخوخة ، وخاطب رسوله ((صلى الله عليه وآله)) في احدى آيات كتابه بالقول :
( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً )(3) .
3 ـ ليس من الصواب الاستعجال في عملية الزواج ، فقد ورد في المأثور ان العجلة من عمل الشيطان ، فيجب ان تسير عملية اختيار الزوجة بدقة وتريث وتأن وبعد مشورة واطلاع كامل عنها وعن اسرتها لئلا تخدش مشاعر الطرفين ويتسبب ذلك بوقوع ازمات نفسيه .
يقول الامام الصادق ((عليه السلام)) :
« انما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد »(4) .
4 ـ في الروايات الواردة في كتب الشيعة عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وآله الطاهرين ((عليهم السلام)) جرى بيان مزايا المرأة الجديرة بان تكون زوجة للرجل المؤمن أو الشاب المسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ المحجة البيضاء : 3/54 .
2 ـ البقرة : 257 .
3 ـ الرعد : 38 .
4 ـ البحار : 100/233 طبعة مؤسسة الوفاء .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« إذا أراد أحدكم ان يتزوج المرأة فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فإنّ الشعر أحدُ الجمالين »(1) .
5 ـ 13 ـ قال جابر بن عبدالله الأنصاري : كنا جلوساً مع رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) فذكرنا النساء وفضل بعضهن على بعض ، فقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) : « الا أخبركم ؟ قلنا بلى يا رسول الله اخبرنا ، فقال : ان من خير نسائكم الولود الودود ، الستيرة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان عن غيره التي تسمع قوله وتطيع أمره ، وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تبذل له تبذّل الرجل » .
14 ـ 18 ـ قال أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) :
« خير نساءكم الخمس فقيل ما الخمس ، قال : الهيّنة الليّنة المواتية التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتى يرضى ، والتي إذا غاب زوجها حفظتهُ في غيبته فتلك عاملة من عمّال الله لا تخيب » .
19 ـ قال الامام الباقر ((عليه السلام)) :
« أتى رجلٌ رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) يستأمره في النكاح فقال ((صلى الله عليه وآله)) : نعم إنكح وعليك بذوات الدين تَرِبَتْ يداك ، وقال : انما مثل المرأة الصالحة مثل الغراب الاعصم الذي لا يكاد يُقدر عليه ، قال : وما الغراب الاعصم ؟ قال : الابيضُ احدى رجليه » .
20 و 21 ـ عن ابراهيم الكرخي قال : قلتُ للامام الصادق ((عليه السلام)) إن زوجتي ماتت وكانت لي زوجة صالحة وقد هممت أن أتزوج فقال : « انظر اين تضع نفسك ومَنْ تشركه في مالك وتُطلعه على دينك وسرّك وامانتك فإنّ كنتَ لابدّ فاعلاً فبكراً تُنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق »(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الحبار : 100/237 .
22 ـ قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« ان من القِسم المصلح للمرء المسلم ان تكون له امرأة إذا نظر اليها سرَّته وان غاب عنها حفظته وان امرها اطاعته » .
23 ـ قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« أفضل نساء امتي اصبحهنَّ وجهاً واقلهنَّ مهراً »(2) .
24 ـ عن أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) : « أن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) قال : أخبروني أيُّ شيء خيرٌ للنساء ؟ فقالت فاطمة ((عليها السلام)) : أن لا يرينَ الرجال ولا يراهنَّ الرجال ، فاعجب النبي ((صلى الله عليه وآله)) وقال : ان فاطمة بضعةٌ مني »(3) .
25 و26 ـ قال الصادق ((عليه السلام)) :
« خير نسائكم التي أن اُعطيت شكرت وان مُنعت رَضيتْ »(4) .
27 ـ 30 ـ قال الصادق ((عليه السلام)) :
« خير نسائكم الطيبة الريح ، الطيبة الطبيخ التي إذا انفقت بمعروف ، وإذا امسكت امسكت بمعروف ، فتلك عامل ، من عمال الله ، وعاملُ الله لا يخيب ولا يندم » .
31 ـ قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« اعظم النساء بركة ايسرهنَّ مؤونة » .
32 ـ 34 ـ قال أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) :
« خيار خصال النساء شرار خصال الرجال ، الزهو والجبن والبخل فاذا كانت المرأة ذات زهو لم تمكّن من نفسها ، وإذا كانت بخيلةً حفظت مالها ومال بعلها وإذا كانت جبانة فرقت من كل شيء يعرض لها »(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 13.html/232 .
2 ـ البحار : 100/236 .
3 ـ البحار : 100/238 .
4 ـ البحار : 100/239 .
35 ـ 38 ـ قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« تزوجوا الابكار فإنّهنَّ اعذب افواهاً ، وارتقُ ارحاماً ، واسرعُ تعلُّماً ، واثبت للمودة »(2) .
39 و40 ـ قال الصادق ((عليه السلام)) :
« خير نسائكم التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درعَ الحياء ، وإذا لبست لبست درع الحياء » .
هذه هي الخصال التي لابدّ من توفرها في المرأة والزوجة المؤمنة ، ويترتب على الشاب المسلم البحث عن هذه الخصال اثناء اقباله على الزواج ، واتخاذ من توفرت بها الشروط قدر الامكان زوجةً له واُماً لذريته ، والسعي في أن لا يقع في قبضة التشدد غير المبرر والوسوسة اثناء اختياره للزوجة ، فالوسوسة والتحري الزائد عن الحد يعقّد الامور وينتهي بعملية الزواج إلى طريق مسدود .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 100/238 .
2 ـ البحار : 100/237 .


( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن وَاجْعَلْنَا

لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرقان / 74

سنن التزويج في الاسلام

التباحث حول الزواج

سنن التزويج في الاسلام   
ثمة ترتيبات متبعة بين المسلمين بالنسبة للزواج ، فبعد الفراغ من التحريات الضرورية يجلس ذو وكلٍّ من الرجل والمرأه للتباحث حول المهر ومراسيم عقد القرآن والزفاف .
ينبغي ان ينصب سعي الاُسر على تقديم الاجابة الصحيحة عن الاسئلة والاستفسارات التي تطرح حول العريسين والتي تأتي في اطار الشرع المقدس وما يقره العقل .
يجب عليهم بيان السن الحقيقي لكلٍّ من الرجل والمرأة ، وعمل الرجل ودخله واخلاقه وسلوكه ومنهجه في الحياة ومن يعاشره ، وبيان مستواه العلمي بكل صدق وصراحة ، والتصريح بما يعانيه من عيب ، فربما يمكن التغاضي عن ذلك العيب ، كما ينبغي لاسرة المرأة ابداء ما بوسعهم من صدق وانصاف بالاجابة على الاسئلة التي تطرح بشأنها وان لا يستوحشوا الصدق في القول ، حيث ان بيان جميع المعلومات الضرورية من شأنه سدّ الطريق امام كافة المؤاخذات التي قد تحصل لا حقاً ويمنع وقوع أي ازمة أو اختلاف أو فراق في المستقبل ويحول دون تدهور العلاقات بين الاسرتين واثارة القيل والقال بينهما .
وعلى هذا الصعيد يعتبر اللجوء إلى المكر والحيلة والخداع وسلوك سبيل التزوير والتدليس واخفاء العيوب ، عملاً منافياً للاخلاق ومحرماً شرعياً وذنباً لا يغتفر ، وهو بمثابة النار التي سيعمي دخانها في نهاية المطاف عيون الزوج والزوجة ومن ثم عيون ذويهما .
فيما سيؤول الصدق والصراحة إلى صيانة كلتا الاسرتين من الازمات والعواقب الوخيمة والمصائب ويمهد السبيل امامهما من اجل اتخاذ القرار الصائب ويكون سبباً في فلاحهم ونجاحهم جميعاً .
وطالما أدى التدليس والخداع والمكر والتحايل إلى انهيار عقد النكاح واسقاط المهر أو فسخ العقد قبل الزواج وهذا حقٌ منحه الاسلام للطرف المغبون .
وقد نهى القرآن الكريم والسنّة المقدسة عن ممارسة الخداع والمكر والتدليس ، وفي كليهما ورد التأكيد على استحقاق المخادع للعذاب الالهي في الدنيا والآخرة .
يقول ((صلى الله عليه وآله)) :
« ليس منا مَنْ ماكر مسلماً »(1) .
ويقول أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) :
« المكر بمن ائتمنك كفرٌ »(2) .
وقال ((عليه السلام)) أيضاً :
« مَنْ مكرَ حاق به مكرهُ »(3) .
وفي الخطبة 193 من نهج البلاغة يقول ((عليه السلام)) واصفاً المتقي :
« ولا دنُوه بمكر وخديعة » .
وقال النبي ((صلى الله عليه وآله)) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 75/285 .
2 ـ ميزان الحكمة : 166 ـ 167 .
3 ـ ميزان الحكمة : 166 ـ 167 .
« المكر والخديعة والخيانة في النار » .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) أيضاً :
« من كان مسلماً فلا يمكر ولا يخدع فإني سمعت جبرئيل يقول : ان المكر والخديعة في النار » .
وقد وردت تفاصيل المسائل المتعلقة بالتدليس واخفاء عيوب الرجل والمرأة وممارسة الخداع والتحايل ، وباختصار ، ما يبرى ذمة الرجل أو المرأة عن مواصلة الحياة الزوجية ، أو الطلاق ، أو ترك المرأة دون طلاقها أو الزام الرجل بالمهر ، أو اسقاط المهر والصداق ، كل ذلك ورد في الصفحة 361 وما يليها من الجزء المائة من كتاب بحار الانوار طبعة مؤسسة الوفاء ، وفي ابواب النكاح من الرسائل العملية لمراجع الدين .

وجوب دفع المهر

بعد التباحث بين الاسرتين أو الخطيبين يتعين عليهم التوصل إلى اتفاق حول الصداق وفقاً للقواعد الشرعية بنحو لا يكون في الأمر افراط ولا تفريط .
وبطبيعة الحال ، كلما اُبدي التسامح في المهر وكان عند حد الاعتدال كان مبعثاً لمزيد من رضا الباري تعالى ، وقد أكد ائمة المسلمين على عدم التعنت في مسألة المهر بغية التمهيد لتزويج الابناء والبنات بيسر وسهولة .
على الاُسر ان لا تتصور بأن غلاء المهر يعد سبباً في استحكام الحياة الزوجية واستمرارها ، فما اكثر النساء من ذوات المهر الغالي قد عدنَ إلى بيوت آبائهن بخفي حنين تخيم عليهن الذلّة وفقدنَ ماكنَّ به من استقرار روحي .
عليكم الاعتماد في هذه الامور على فضل الله ورحمته ، والاحتراز عن كل ما من شأنه إثارة المتاعب والشعور بالصغار والمهانة لدى احد الطرفين .
وإذا ما اتفقوا على المهر وجرى تحديد مقداره بعد موافقة الطرفين الرئيسيين ، أي العريس والعروس ، عند اجراء صيغة العقد يتعين على الزوج دفع نصف مبلغ المهر فيما يؤجل النصف الآخر كدين في عنقه إلى ما بعد الزواج والدخول بالزوجة ، اما إذا دفعه اثناء اجراء عقد النكاح حينذاك تبرأ ذمته وتكون الزوجة قد حصلت على حقها شرعاً وقانوناً .
على الشباب الالتفات إلى ان دفع المهر واجبٌ ويحرم الامتناع عن ادائه .
ان وجوب دفع المهر يعد حقيقة ورد التصريح بها في القرآن الكريم في الآيات 236 ـ 237 و241 من سورة البقرة ، والآية 4 من سورة النساء والاية 27 و28 من سورة القصص والاية 49 من سورة الاحزاب مما لا يفسح المجال امام أيٍّ كان لا جحاف المرأة حقها في هذا المجال وغيره من المجالات .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« من ظلم امرأةً مهرها فهو عندالله زان ، يقول الله عزوجل يوم القيامة : عبدي زوجتك أمتي على عهدي فلم توفِ بعهدي وظلمتَ أمتي فيؤخذ من حسناته فيدفع اليها بقدر حقها ، فأذا لم تبقَ له حسنة أُمر به إلى النار بنكثه للعهد إن العهد كان مسؤولاً »(1) .
ويقول الامام الصادق ((عليه السلام)) :
« السرّاق ثلاثة : مانع الزكاة ، ومستحل مهور النساء ، وكذلك من استدان ولم ينوِ قضاءه »(2) .
وعن الرضا ((عليه السلام)) عن ابائه عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« ان الله تعالى غافرُ كلّ ذنب إلا من جحد مهراً أو اغتصب أجيراً اجره ، أو باع رجلاً ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : طبعة مؤسسة الوفاء : 100/349 .
2 ـ نفس المصدر .

حراً »(1) .
وقال الصادق ((عليه السلام)) :
« اقذر الذنوب ثلاثة : قتل البهيمة ، وحبس مهر المرأة ، ومنع الاجير اجره »(2) .
وقد تواترت التوصيات من لدن ائمة المسلمين إلى النساء فيما إذا رأينَ الاجواء مناسبة للتنازل عن المهر لازواجهن فلا يتقاعسنَ عن الارتقاء إلى هذه المرتبة الاخلاقية السامية التي تنم عن الجود والكرم والسخاء والعظمة .
في رواية عن النبي ((صلى الله عليه وآله)) انّه قال :
« ما منْ امرأة تصدقت على زوجها بمهرها قبل ان يدخل بها الاّ كتب الله لها بكلّ دينار عتقَ رقبة ، قيل يا رسول الله فكيف الهبة بعد الدخول ؟ قال : انما ذلك من المودة والالفة »(3) .

جهاز العروس

هنالك سنّة سائدة بين المسلمين تتلخص في مبادرة ولي أمر العروس إلى اعداد جهاز فلذة كبده تعبيراً عن ابوته نحوها ومحبة الاسرة لها .
على اسرتي كل من العريس والعروس الالتفات إلى ما يلي : ينبغي للعريس وعائلته ان لا يغفلوا التزام القناعة التي تعد من خصال الانبياء والاولياء والميزة التي تحظى برضى الحق تعالى ، وان ينظروا بعين القناعة والرضا والاهتمام ألى ما اعدته اسرة العروس بما تمكنت عليه ووسعته طاقتها ، لئلا يحدث ما من شأنه التقريع والاستصغار والتحامل على حيثيات الآخرين ، ويتعين على ولي أمر الزوجة مراعاة ظروفه والتقيد بمكانته الاجتماعية حين اعداده للجهاز ، هذا من ناحية ، وتجنب الاسراف من ناحية اخرى إذ ان الله لا يحب المسرفين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 100/350 ـ 351 .
2 ـ البحار : 100/351 .
3 ـ البحار : 100/351 .
فلا ضرورة تستدعي اعداد جهاز مكلِّف يضم اثاثاً غالياً وسلعاً نفيسةً بحيث تخرج تكاليف الجهاز عن الحدود الشرعية والعقلية فيترتب على ذلك ديون تقصم الظهر .
ولابد بهذا الصدد من تجنب تقليد الآخرين وتتبع ما ارتكبوه من اسراف ولا تعملوا على اثارة الطمع لدى الشباب بالجهاز الغالي فينصب همهم بالبحث عمَّن يتمتع أباؤهن بالثروة الطائلة ، وبذلك تثار المتاعب والمشاكل امام الآخرين في هذا المجال ، فكل ذلك يعد منافياً للمبادىء الانسانية ومدعاةً للغضب الالهي وسبباً لحلول العذاب يوم يقوم الناس لرب العالمين .
عليكم اعداد الجهاز من المال الحلال والطاهر حيث من شأن ذلك ضمان صحة ما يؤديه العريسان من عبادات بالملابس المشتراة لهما والفراش والبيت المعد لهما .
فلا توقعوا انفسكم في المتاعب نتيجة الطموحات العريضة التي يعيشها ابناؤكم ، ولا تفتحوا امامكم ـ بسببهم ـ باب العذاب والعقاب يوم القيامة .

المثل الالهي في جهاز العروس

يروي العلامة المجلسي «(رحمه الله)» في مصنفه النفيس بحارالانوار في تاريخ سيدة النساء فاطمة الزهراء ((عليها السلام)) ان علياً لما خطب فاطمة ((عليها السلام)) لم يكن يملك شيئاً غير سيفه ودرعه وناضحه ، فقال له ((صلى الله عليه وآله)) : قم فبع الدرع ، قال ((عليه السلام)) : فقمتُ فبعته واخذت الثمن ودخلتُ على رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) فسكبتُ الدارهم في حجره ، فلم يسألني كم هي ولا انا اخبرته ، ثم قبض قبضة ودعا بلالاً فاعطاه فقال : ابتع لفاطمة طيباً ، ثم قبض رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) من الدراهم بكلتا يديه فاعطاه ابابكر وقال : ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب واثاث البيت ، واردفه بعمار بن ياسر وعدّة من اصحابه .
فحضروا السوق فكانوا يعترضون الشيء مما يصلح ، فلا يشترونه حتى يعرضوه على ابي بكر فإن استصلحه اشتروه .
فكان مما اشتروه :
1 ـ قميص بسبعة دراهم .
2 ـ خمار باربعة دراهم .
3 ـ عباءة خيبرية .
4 ـ سرير مزمل بشريط .
5 ـ فراشين من خيش مصر حشو احدهما ليف وحشو الآخر من جزّ الغنم .
6 ـ اربع مرافق من ادم الطائف حشوها اذخر .
7 ـ ستر من صوف .
8 ـ حصير هجري .
9 ـ رحى لليد .
10 ـ مخضب من نحاس .
11 ـ سقاء من آدم .
12 ـ قعب للبن .
13 ـ شن للماء .
14 ـ مطهرة مزفتة .
15 ـ جرّة خضراء .
16 ـ كيزان خزف .
فلما عرض المتاع على رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) جعل يقلّبه بيده ويقول : بارك الله لاهل البيت(1) .
يقول ((رحمه الله)) في كتابه : كان ذلك جهاز بنت مَنْ يدانيه أحد بالهيبة والمحبّة لدى الخلق ، وكان اصحابه يفدونه بالارواح والقلوب لا بالذهب والفضة ، غير انّه لم يجعل صهره يغرق بالديون ولم يغرف من بيت مال المسلمين لاقامة مظاهر الزينة الزائقة إذا إنه موظف لاعانة المساكين واليتامى والمصالح العامة ، ولم يبالغ في تكاليف الزواج كي ينجو الاخرون من المتاعب والمنغصات على مر التاريخ من خلال الاقتداء به ((صلى الله عليه وآله)) .
والأهم من ذلك كله ، ما اتسم به فعله من بساطة وصلاح وصدق واخلاص ، فعندما وجد نفسه عاجزاً عن اعداد جهاز ابنته ، أمر صهره ان يبيع الدرع لاعداد اثاث المنزل بثمنه ، ولم ير في ذلك مدعاةً لخجله وضعته ، فيما لم يُبد الصهر ايَّ اعتراض على ذلك ولم تساوره ازاء ذلك .
فكانت حصيلة ذلك الزواج احد عشر اماماً معصوماً ، وثمرتها امتدت منذ ذلك الحين حتى عصرنا الحاضر فاينعت الآلاف من الفقهاء والعلماء والحكماء والشعراء والعارفين والمؤمنين ، ذلك الزواج الذي لا نظير له من حيث البركة والخيرات على مدى تاريخ البشرية .

الدعاء عند الزفاف

تعتبر المناجاة والدعاء والتضرع والتوسللله تعالى من الاعمال الحسنة ومن العبادات في جميع الاوقات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 43/94 .
ومن بين الاوقات التي يستحب فيها الدعاء ومد الايدي نحو الحق تعالى ، هو قبيل المبادرة إلى الزواج ، ففيه يكون الدعاء اقرب للاجابة ، و تتوفر القاعدة لتحقق الطموحات المشروعة .
يقول أميرالمؤمنين :
اللهم ارزقني زوجة صالحة . ودوداً ، ولوداً ، شكوراً ، قنوعاً ، غيوراً ، إن احسنت شكرت ، و ان اسأتُ غفرت ، و ان ذكرتُ الله تعالى اعانت ، و ان نسيتُ ذكرت ، ان خرجتُ من عندها حفظت ، وان دخلت عليها سرَّت ، وان امرتها اطاعتني وان اقسمت ُ عليها أبرَّت قسمتي ، وان غضبت ُ عليها ارضتني ياذاالجلال والاكرام هب لي ذلك فإنَّما اسألك ولا أجدُ إلا ما قسمت لي ، فمن فعل ذلك اطاه الله ما سأل .

آداب الزواج واوقاته

يعتقد البعض من العوائل ان مراسم العقد والزواج تعتبر متنفساً للقيام بما تمليه شهواتهم وغرائزهم ، إذ يبادر أبناؤهم واستجابة لرغبات الآباء أو المحيطين بالعريسين والاقارب إلى ارتكاب ما حرّم الله متوهمين ان ذلك يضفي على الحفل اجواءً من السعادة والاستمتاع ، في الوقت الذي ينبغي ان تقترن مراسم عقد القران والزفاف بالوقار وصيانة الكرامة والشخصية ، بعيداً عن المحرمات والمعاصي واسباب إثارة الشهوات ، كي تكون سبباً في نزول الرحمة الالهية ووسيلة لهبوط البركة .
وبطبيعة الحال لا بأس من ان تشيع مظاهر الفرح والسرور على أجواء العقد والزفاف وان لا تُغفل المشوقات المباحة كالترانيم بصوت حسن والاعمال المسلّية والمثيرة للسرور .
فليس هنالك مانعٌ شرعي من قراءة التواشيح الدينية والاناشيد الهادفة والاشعار المسلّية التي عادةً ما تروج بين نساء المسلمين في مثل هذه المحافل ومن المتعارف عليه ايضاً السهر فيها ، فقد ورد عن الرسول الاكرم ((صلى الله عليه وآله)) !
« لا سهر الاّ في ثلاث : تهجّد بالقرآن ، أو طلب علم ، أو عروس تهدى إلى زوجها »(1) .
والاسلام يفضل ان يقع الزفاف ليلاً كما هو الحال في زفاف الزهراء ((عليها السلام)) .
عن جابر الانصاري قال :
لما زوّج رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) فاطمة من علي ((عليهما السلام)) اتاه اناسٌ من قريش فقالوا : انك زوجت علياً بمهر خسيس ، فقال : ما انا زوجتُ علياً ولكن الله زوّجهُ ليلة اُسري بي عند سدرة المنتهى ، اوحى الله عزوجل إلى السدرة ان انثري ما عليك فنثرت الدر والجوهر على الحور العين فهنَّ يتهادينه ويتفاخرن به ويقلنَ : هذا من نثار فاطمة بنت محمد ((صلى الله عليه وآله)) .
فلما كانت ليلة الزفاف اتى النبي ((صلى الله عليه وآله)) ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة ((عليها السلام)) اركبي ، وأمر سلمان رحمة الله عليه ان يقودها ، والنبي ((صلى الله عليه وآله)) يسوقها فبينا هو في بعض الطريق إذ سمع النبي ((صلى الله عليه وآله)) وجبة فإذا هو بجبرئيل ((عليه السلام)) في سبعين الفاً ، وميكائيل في سبعين الفاً ، فقال النبي ((صلى الله عليه وآله)) : ما اهبطكم إلى الارض ؟ قالوا : جئنا نزف فاطمة إلى زوجها ، وكبَّر جبرئيل وكبّر ميكائيل وكبّرت الملائكة وكبّر محمد ((صلى الله عليه وآله)) فوضع التكبير على العرائس من تلك الليلة(2) .
نعم ، يتعين ان تقام مراسم الزفاف وليلة الفرح بنحو يكون مدعاةً لهبوط ملائكة الله عزوجل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 100/267 .
2 ـ البحار : 100/266 .
قال الصادق ((عليه السلام)) :
« زفّوا عرائسكم ليلاً » .
وقال الرضا ((عليه السلام)) :
« من السنّة التزويج بالليل لان الله جعل الليل سكناً والنساء انّما هنَّ سكنٌ » .
ورد في الرواية :
انّه صلّى الله عليه وآله أمر بنات عبدالمطلب ونساء المهاجرين والانصار ان يمضينَ في صحبة فاطمة وان يفرحن ويرجُزنَ ويكبِّرن ويحمدن ولا يقولَنَّ ما لا يرضي الله .
ويستحب في الاسلام اطعام الحاضرين ممن تجشموا عناء استجابة الدعوة والموجهة اليهم من اسرتي العريسين .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« لا وليمة الاّ في خمس : في عُرس ، أو خُرس ، أو عذار ، أو وكار أو ركاز ، فالعرس التزويج ، والخرس النفاس بالولد ، والعذار الختان ، والوكار الرجل يشتري الدار ، والرّكاز الرجل يقدم من مكة » .
يروى ان رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) قال لعلي ((عليه السلام)) ليلة زواجه من فاطمة ((عليها السلام)) :
« يا علي اصنع لاهلك طعاماً فاضلاً ، ثم قال : من عندنا اللحم والخبز ، وعليك التمر والسمن ، يقول اميرالمؤمنين ((عليه السلام)) : فاشتريت تمراً وسمناً ، فحسر رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه حيساً ، وبعث الينا كبشاً سميناً فذبح وخبز لنا خبزاً كثيراً وقال لي : ادع من احببت » .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) مشيراً إلى الدعوة إلى العرس :
« إذا دعيتم إلى العُرسات فابطؤا فإنها تذكّر الدنيا ، وأذا دُعيتم إلى الجنائز فاسرعوا فانها تذكّر الآخرة » .
على الاُسر ان تقيم محافل عقد القران والزفاف بطريقة تخلوا من كل دواعي الافساد بالنسبة للاطفال واليافعين والشباب وما يعد مشجعاً ومرغباً نحو المعاصي والرذائل ، ومن ثم ليتسنى للمؤمنين رجالاً ونساءً الذين وجهت اليهم الدعوة المشاركة وهم مطمئنون مرتاحوا البال .
فالمحفل الذي يقام على ضوء الضوابط الاسلامية وتُراعى فيه الحدود الالهية يعتبر درساً للشباب ومهبطاً تنهال عليه الرحمة الالهية .

آداب الزفاف

ثمة آداب ينبغي اتباعها في الزفاف جرى بيانها من خلال آيات القرآن الكريم والروايات ، ومراعاتها تصب في مصلحة العريسين وذريتهما .
وهنا نسترعي انتباهكم إلى التوصيات التي نقلتها الكتب المعتبرة عن النبي ((صلى الله عليه وآله)) وأهل بيته :
فإذا ما دخلت العروس بيتها على العريس ان يخلع خفّها ويغسل رجلها ويصب الماء من الباب إلى اقصى الدار ، فإنّ الله بذلك يُخرج من الدار سبعين نوعاً من الفقر ، ويُدخل سبعين نوعاً من البركة ويُنزل سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس حتى تنال بركتها كل زاوية من البيت وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص ما دامت في تلك الدار .
وان تُمنع العروس في اسبوعها الاول من الالبان والخل والكزبرة والتفاحة الحامضة لما فيها من اثر سلبي على الرحم ولعلها تصيبها بالعقم .
وقد قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) : إذا حاضت على الخل لم تطهر ابداً بتمام ، والكزبرة تبور الحيض في بطنها وتشدّ عليها الولادة ; والتفاحة الحامضة تقطع حيضها فيصير ذلك داء عليها .
وتجنب الجماع في اول الشهر ووسطه وآخره ، وبعد الظهر ، ويكره الكلام عند الجماع ، والنظر إلى فرج المرأة ومجامعة المرأة بشهوة غيرها .
ان لا يتجامع الرجل والمرأة إلا ومع كلٍّ منهما خرقة فإنّ ذلك اقرب للوقار والاخلاق .
عدم ممارسة الجماع من قيام فإنّ ذلك من فعل الحمير .
الاحتراز عن ممارسة الجماع ليلة الفطر والاضحى وتحت الشجرة المثمرة وفي وجه الشمس وبين الاذان والاقامة وليلة الخامس عشر من شعبان وعلى سقوف البنيان ، واثناء السفر .
ويستحب الجماع ليالي الاثنين والثلاثاء وليلة الخميس ويومه وليلة الجمعة وعصرها وفيه منافع مادية ومعنوية جمّة .
ففي الموارد التي منع فيها الجماع يُحتمل حدوث اضرار بالنسبة للطفل من قبيل الاصابة بالجنون والجذام والحماقة والحول والخرس والعمى والبخل والخنوثة أو الطلاق والعقم أو ان يكون الطفل ذا ستة اصابع أو أربعة ، والفقر أو ان يكون الولد قتالاً أو عريفاً أو أعمى القلب أو مشوه الوجه أو معدماً .
أما الاوقات التي يستحب فيها الجماع فيحتمل ان تتحقق فيها للولد امور كثيرة من قبيل حفظ القرآن والرضا بما قسم الله أو الايمان والأمن من العذاب ، أو ان يكون رحيم القلب طاهر اللسان ، والكرم والسخاء ، والعلم والمعرفة ، والسلامة في الدين والدنيا أو بلوغ ما وصله اولياء الله .
هذه الطائفة من التعاليم لا يمكن تشخيصها بالآلات المادية أو الاجهزة الطبية ، انّها حقائق اوصى بها النبي الكريم ((صلى الله عليه وآله)) إلى أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) واوصاه بحفظها كما حفظها هو ((صلى الله عليه وآله)) عن جبرئيل(1) .
ونُهيَ عن الجماع دون ملاعبة فانه يعد ظلماً للمرأة ، فيجب ان تجري المواقعة بعد مقدمات تصب في مصلحة الرجل والمرأة نفسياً وجسمياً .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« ثلاثة من الجفاء : ان يصحب الرجل الرجل فلا يسأله عن اسمه وكنيته ، أو يُدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب فلا يأكل ، ومواقعة الرجل اهله قبل الملاعبة »(2) .
وقال الصادق ((عليه السلام)) :
« ثلاث من سنن المرسلين : العطر واحفاء الشعر وكثرة الطروقة(3) .
ويقول أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) :
وتحرم المواقعة اثناء فترة الحيض ، وتركها اكثر من اربعة اشهر بلا عذر أو دون رضىً من الزوجة موجب للغضب الالهي ، وكما ان الجماع يكره في حالة الجنب .
يقول علي ((عليه السلام)) :
« إذا اراد احدكم ان يأتي زوجته فلا يعجّلها فإنّ للنساء حوائج ، إذا رأى احدكم امرأة تعجبه فليأتِ اهله فإن عند اهله مثل ما رأى ولا يجعلن للشيطان إلى قلبه سبيلاً ، ليصرف بصره عنها ، فإن لم تكن له زوجة فليصلِّ ركعتين ويصلّي على النبي وآله ثم ليسأل الله من فضله يبيح له برأفته ما يغنيه »(4) .
ان الثواب المترتب على تلبية حاجة المرأة من الناحية الجنسية من الوفرة بحيث يدهش المرء ، فقد ورد في رواية ان النبي ((صلى الله عليه وآله)) قال لرجل :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 100/280 ، علل الشرائع : 514 ـ 517 ، امالي الصدوق 566 ـ 570 .
2 ـ البحار : 100/285 .
3 ـ نفس المصدر .
4 ـ البحار : 100/287 .
« أصبحتَ صائماً ؟ قال : لا ، قال فعُدْتَ مريضاً ؟ قال : لا ، قال : فاتبعتَ جنازة ؟ قال : لا ، قال فاطعمت مسكيناً ؟ قال : لا ، فارجع إلى أهلك فأصبهم فإنّه عليهم منك صدقة »(1) .
وينبغي تجنب المواقعة بحضور الصبي لما في ذلك من ضرر عليه من الناحية النفسية والاخلاقية ، وربما يورثه الزنا في المستقبل كما صرح بذلك الامام الصادق (عليه السلام)(2) ، وكذلك ينبغي تجنب الجماع على امتلاء لما في ذلك من اضرار بدنية(3) ، والامتناع اتيان الزوجة وهنالك رضيعٌ ينظر اليهما(4) .
ما اعظم الاسلام من دين يتمتع بهذه الجوانب الاخلاقية والعاطفية والتربوية ، لا سيما ما يتعلق بالمرأة وحقوقها ، وادارته لمرافق الحياة باسرها ، وما اعجبه من مدرسة تتميز بالرؤية والبصيرة أزاء الشؤون الفردية والاُسرية والاجتماعية ، وكافة الجوانب المعنوية والمادية ، ولابد أن يكون كذلك لانه تجسيدٌ للوحي الالهي وعلم الله سبحانه ورؤى النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته ، وليس منبثقاً عن الفكر البشري المحدود .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 100/287 .
2 ـ نفس المصدر : 290 .
3 ـ نفس المصدر .
4 ـ نفس المصدر : 295 .

( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البقرة / 222


الصحة في الاسرة

أهمية الصحة والنظافة في الاسلام

الصحة في الاسرة   
بعد الفراغ من مقدمات الزواج ، وانطلاق الزوجين بحياتهما الزوجية عليهما الاعتناء بالجوانب التي تمثل البنية التحتية للحياة ، وعدم الغفلة عنها والتقاعس ازاءها .
ومن بينها الجانب الصحي والنظافة في جميع شؤون الحياة ، إذ يجب ان يحظى الجسم بالمزيد من الاهتمام في الجانب الصحي وكذا الشعر والفم والاسنان والملابس والفراش والوسائل المعيشية لا سيما ادوات الطبخ وكل ما له صلة بالحياة اليومية .
هنالك فئة من الازواج الشباب يغفلون عند بداية حياتهم الزوجية عن النظافة والصحة ويصبّون جلّ اهتمامهم على الاكل والشرب والاستمتاع بالملذّات الظاهرية ، ويغيب التنظيم والانضباط والطهارة والنظافة من حياتهم ، في حين ان ذلك مما ترفضه الفطرة السليمة والعقل السليم ، والدين الاسلامي يرفض ذلك رفضاً قاطعاً ، بل يستهجنه ، ناهيك عن احتمال سيادة هذه الغفلة والفوضى على الحياة بمرور الزمن وتُصبح تهديداً لسلامة البيت واهله في جميع الجوانب الظاهرية والباطنية ، لا سيما الاولاد فقد يترك اثاراً سلبية عليهم ويحولهم إلى كيانات تتصف باللامبالاة والتقاعس والوهن تمثل عبثاً على المجتمع ، ويغدو وجودهم بؤرة للرذيلة والدناءة وشتى المفاسد والموبقات .
وقد عبّر تعالى في كتابه الكريم عن محبّته للذين يهتمون بطهارتهم ونظافتهم ظاهرياً وباطنياً ويولون العناية لصحة ابدانهم وارواحهم ، ويحافظون عليها من الادران على اختلاف انواعها ، إذ يقول تعالى :
( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )(1) .
ان الاسلام يعتبر لا نظير له بين سائر الاديان في اهتمامه بالطهارة والنظافة والصحة على كافة الاصعدة ، والقوانين الصحية لهذه المدرسة التي تربو على الخمسة آلاف قانون والتي جاء جانبٌ منها في الجزئين الاول والثاني من وسائل الشيعة ، تفوق القوانين الصحية باسرها ، وهي تثير الدهشة في ظرافتها وحثها وترغيبها على الالتزام بهذه القوانين .
وقد حدد الاسلام خمسة عشر شيئاً على انّها من وسائل الطهارة والنظافة ، حيث لا يرى مثل هذا السياق والنهج في سائر المذاهب الموجودة في العالم .
وحرّم الاسلام في كثير من الموارد التلوث والتلويث والعمل على التلويث ، واعتبر مرتكبه ضالاً يستحق العذاب الالهي يوم القيامة .
فقد اعتبر الماء الجاري وماء البئر والعين والماء الراكد الذي يتجاوز ثلاثة اشبار ونصف طولاً وعرضاً وعمقاً ، والماء القليل الذي يسقط على الجسم النجس وهو بمقدار يطهر ذلك الجسم ، والارض واشعة الشمس المباشرة والاستحالة ، كل ذلك اعتبره من المطهرات .
وقد اشار الرسول الاكرم ((صلى الله عليه وآله)) في بعض الاحاديث إلى اهمية النظافة والطهارة ، تعتبر من عجائب الأحكام الاسلامية .
يقول ((صلى الله عليه وآله)) :
« الطهور شطرٌ من الايمان »(2) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البقرة : 222 .
2 ـ ميزان الحكمة : 5/558 .
واعجبا ! إذ يكمن نصف الايمان في الجوانب الاخلاقية والعملية ونصفه الآخر في النظافة والطهارة ! !
ويقول ((صلى الله عليه وآله)) أيضاً :
« أول ما يحاسبُ به العبدُ طهورهُ »(1) .
وكان رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) اكثر الناس اهتماماً بصحة الفم والاسنان ، وشعر الرأس والوجه ، والملابس واثاث البيت ، والمحلة والشارع والمدينة ، وبل انّه كان شديد الاهتمام ازاء الاموات ، فحكمه بتغسيل الاموات بالسدر والكافور والماء الصافي وتحنيط مواضع السجود بالكافور وحفر القبر والدقة والتنظيم بحفر اللحد واهالة التراب كي تُصان الجوانب الصحيحة للمدينة والمنازل والبشر من خلال تحلل جسد الميت داخل القبر وتفاعله مع التراب والكافور ، كل ذلك يعد من عجائب احكامه وخوارق علومه ورؤاه ((صلى الله عليه وآله)) .
لقد بلغت عناية ذلك الوجود المقدس بالطهارة ظاهرياً وباطنياً مستوىً رفيعاً بحيث انّ معصوماً كأميرالمؤمنين ((عليه السلام)) الذي كان علمه وبصيرته يعتبر تجلياً لعلم الله وحكمته ، وصفوه بانه الاطيب والاطهر ، ودعا العالمين إلى الاقتداء به ((صلى الله عليه وآله)) في تطهير الروح والبدن ، فيقول ((عليه السلام)) :
« فتأسَّ بنبيِّك الأطيب الاطهر ((صلى الله عليه وآله)) فإنّ فيه اُسوة لمن تأسّى »(2) .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« ان الله طيبٌ يحبُّ الطيّب ، نظيفٌ يحب النظافة »(3) .
ان اهمية النظافة والطهارة ومنزلتهما من الرفعة والسمو بحيث يرتبط الحديث عنهما بالذات الالهية المقدسة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نفس المصدر .
2 ـ نهج البلاغة : الخطبة 160 .
3 ـ ميزان الحكمة : 10/92 .
يقول أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) :
« تنظفوا بالماء من النتنِ الريح الذي يتأذى به ، تعهّدوا انفسكم فإنّ الله عزوجل يبغض من عباده القاذورة الذي يتأنّف به من مجلس اليه »(1) .
ويقول الرسول الاكرم ((صلى الله عليه وآله)) :
« طهروا هذه الاجساد طهّركم الله ، فانّه ليس عبدٌ يبيت طاهراً الاّ باتَ معه مَلَكٌ في شعاره ، ولا يتقلب ساعةً من الليل الاّ قال : اللّهم اغفر لعبدك فانّه بات طاهراً »(2) .
وقال ((صلى الله عليه وآله)) :
« بئس العبدُ القاذورة »(3) .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) انّه قال :
« هلكَ المتقذرون » .
عن جابربن عبدالله ، قال : أتانا رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره فقال : أما كان يجد هذا ما يُسكِّن به شعره ؟ وراى رجلاً آخر وعليه ثياب وسخة ، فقال : أما كان هذا يجد ماءًيغسل به ثوبه ؟(4) .
وقال الباقر ((عليه السلام)) :
« كنسُ البيوت ينفي الفقر »(5) .
وقال الصادق ((عليه السلام)) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ميزان الحكمة : 10/92 .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ نفس المصدر .
4 ـ نفس المصدر .
5 ـ ميزان الحكمة : 10/98 .
« غسل الاناء وكنس الفناء مجلبةُ للرزق »(1) .
وقال أميرالمؤمنين ((صلى الله عليه وآله)) :
« لا تأووا التراب خلف الباب فإنّه ماوى الشياطين »(2) .
وقد اشتقت « الشيطان » من الشطن ، وهي تعني الخبيث واللئيم والمخلوق المؤذي الشرّير .
هذه المعجزة العظيمة والخارقة تعتبر نتاجاً للرؤية التي كان يتمتع بها الرسول الاكرم ((صلى الله عليه وآله)) والائمة الطاهرون ((عليهم السلام)) حيث انهم انبأونا بذلك قبل قرون متطاولة من اكتشاف الميكروبات مستخدمين لفظ الشيطان أي المخلوق الخبيث واللئيم .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« لا تبيّنوا القمامة في بيوتكم واخرجوها نهاراً فإنها مقعد الشيطان »(3) .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) انّه قال :
« تنظفوا بكل ما استطعتم فإنّ الله تعالى بنى الاسلام على النظافة ، ولن يدخل الجنّة الاّ كلُّ نظيف »(4) .
وقال الرضا ((عليه السلام)) :
« من اخلاق الانبياء التنظيف »(5) .
وقال ((صلى الله عليه وآله)) لعائشة :
« إغسلي هذين الثوبين ، أما عملتِ ان الثوب يسبّح ، فإذا اتسخ انقطع تسبيحهُ »(6) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نفس المصدر .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ ميزان الحكمة : 10/95 .
4 ـ نفس المصدر .
5 ـ ميزان الحكمة : 10/95 .
6 ـ ميزان الحكمة : 10/94 .
على ضوء الآيات المتعلقة باسباب التطهير ، والطهارة والنظافة ومحبّة الحق تعالى لهما ، وكذلك الروايات بشأن الطهارة والنظافة ، يتعين على اهل الدار العناية بنظافة اجسامهم وملابسهم ونظافة آثاث المنزل وجوانبه بما وسعته قدرتهم وطاقتهم ، واسنتاداً إلى القاعدة القرآنية التي تحث على التعاون على البر والتقوى ، يتعين على صاحب الدار ان يعين زوجته على صعيد التنظيف .
وعلى الزوجة ايضاً ان تلتزم بواجبها الاخلاقي وتحافظ على نظافة الدار وآثاثه وملابس نزلائه ، كي تدخل السرور على زوجها بذلك تنال رضى الحق تعالى ، وتضمن سلامة اهل الدار وتقضي على اجواء المرض والآلام .
على ربّة البيت ان تعلم بأن العمل من اجل المنزل وتدبير اموره وتوفير سبل الراحة والاستقرار لاهله يُعتبر عبادة تستحق عليها الاجر والثواب ممن لدن الباري تعالى .
قبل فهرست بعد