عربي
Thursday 18th of April 2024
0
نفر 0

الثورة‌ الحسينية‌ رمز العزّة‌ والكرامة‌ للاُمة‌ الاءسلامية‌

الثورة‌ الحسينية‌ رمز العزّة‌ والكرامة‌ للاُمة‌ الاءسلامية‌:

كان‌ الاءمامان‌ الحسن‌ والحسين‌8 قد عقدا العزم‌ علي‌ اءعلان‌ الخروج‌علي‌ سلطان‌ بني‌ اُمية‌، عندما تسمح‌ الظروف‌ بعد موت‌ معاوية‌.

وقد اظهرا ذلك‌ لشيعتهم‌ اكثر من‌ مرة‌. وكانت‌ خطة‌ الاءمامين‌ الحسن‌والحسين‌8 في‌ ذلك‌ واحدة‌ في‌ الموقف‌ من‌ بني‌ اُمية‌.

ويضاف‌ ان‌ مجاميع‌ من‌ شيعة‌ العراق‌ كتبوا الي‌ الحسين‌(ع)، بعد صلح‌الاءمام‌ الحسن‌(ع)، يدعونه‌ للخروج‌ علي‌ معاوية‌ واءعلان‌ الثورة‌، رافضين‌موقف‌ الاءمام‌ الحسن‌ من‌ الصلح‌، فكتب‌ اءليهم‌ الحسين‌(ع):

«صدق‌ ابو محمد، فليكن‌ كل‌ رجل‌ منكم‌ حِلساً من‌ احلاس‌ بيته‌، مادام‌ هذاالاءنسان‌ ]معاوية‌[ حياً».

وشاء الله تعالي‌ ان‌ ينفذ غدر معاوية‌ في‌ الاءمام‌، ويستشهد الاءمام‌ قبل‌هلاك‌ معاوية‌، وتولّي‌ الحسين‌(ع) الاءمامة‌ وقيادة‌ المعارضة‌ ومسؤولية‌الثورة‌والحركة‌ من‌ بعد اخيه‌.

فكان‌ موقف‌ الحسين‌(ع) بعد وفاة‌ المجتبي‌ هو استمرار موقف‌ اخيه‌الحسن‌ من‌ قبل‌ تجاه‌ معاوية‌.

فكتب‌ اءليه‌ اهل‌ العراق‌ ان‌ يخرج‌ بهم‌ علي‌ معاوية‌ فلم‌ يستجب‌ الاءمام‌الحسين‌ لرايهم‌ وكتب‌ اءليهم‌:

«اما اخي‌ فارجو ان‌ يكون‌ الله قد وفّقه‌ وسدّده‌ فيما ياتي‌، واما انا فليس‌ رايي‌اليوم‌ ذلك‌، فالصقوا رحمكم‌ الله بالارض‌ واكمنوا في‌ البيوت‌ واحترسوا من‌ الظنّة‌ مادام‌ معاوية‌ حياً».

اءلاّ ان‌ تحرّكاً سياسياً  كان‌ يجري‌في‌ الحجاز في‌ الكتمان‌ في‌ جوّالمعارضة‌ يقوده‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع)، ويوجّهه‌ لتاليب‌ المسلمين‌ ضدسلطان‌ بني‌ اُمية‌ وتمهيد الاجواء للخروج‌ عليهم‌ بعد موت‌ معاوية‌.

فقد كان‌ الاءمام‌(ع) علي‌ اتصال‌ بوجوه‌ المسلمين‌ من‌ العراق‌ والحجاز،يزورونه‌ وياخذون‌ برايه‌، ورغم‌ ان‌ هذه‌ الاجتماعات‌ كان‌ يغلب‌ عليهاطابع‌ السرية‌ اءلاّ انها كانت‌ لا تغيب‌ عن‌ عيون‌ بني‌ اُمية‌ وجواسيسهم‌؛فكتب‌ مروان‌ عامل‌ معاوية‌ علي‌ المدينة‌ الي‌ معاوية‌:

(ان‌ّ عمر بن‌ عثمان‌ ذكر ان‌ رجالاً من‌ اهل‌ العراق‌ ووجوه‌ اهل‌ الحجازيختلفون‌ الي‌ الحسين‌ بن‌ علي‌، وانه‌ لا يؤمن‌ وثوبه‌، وقد بحثت‌ عن‌ هذافبلغني‌ انه‌ يريد الخلاف‌ يومه‌ هذا، فاكتب‌ اءلي‌ّ برايك‌).

فكتب‌ اءليه‌ معاوية‌ ان‌ يتجنّب‌ مواجهة‌ الحسين‌ ما امكنه‌ ذلك‌.

ومهما يكن‌ من‌ امر فقد كان‌ الحسين‌(ع) قد عزم‌ علي‌ الخروج‌ علي‌سلطان‌ بني‌ اُمية‌ اءذا مات‌ معاوية‌ وكانت‌ الظروف‌ مؤاتية‌، وكان‌ قد اعدشيعته‌ لذلك‌ التفكير في‌ اءسقاط‌ النظام‌ والاستيلاء علي‌ السلطة‌.

لا نشك‌ في‌ ان‌ الاءمام‌ لم‌ يكن‌ يطلب‌ في‌ ثورته‌ الشهيرة‌، وخروجه‌علي‌ يزيد بن‌ معاوية‌ اءسقاط‌ النظام‌ الاُموي‌ عسكرياً، والاستيلاء علي‌السلطة‌. فلم‌ يكن‌ للاءمام‌ من‌ اعوان‌ يعتمد عليهم‌ في‌ حركته‌ وخروجه‌ في‌غير العراق‌. فقد كانت‌ مصروالحجاز بعيدتين‌ كل‌ البعد عن‌ ظروف‌ الثورة‌والحركة‌، وكانت‌ الشام‌ القاعدة‌ المتينة‌ التي‌ ينطلق‌ منها يزيد بن‌ معاوية‌،ويحتمي‌ بها في‌ حماية‌ ملكه‌ وسلطانه‌.

ولم‌ يكن‌ هوي‌ اهل‌ العراق‌ معه‌ من‌ غير شيعته‌؛ فقد كان‌ الاءمام‌ يعلم‌جيداً ان‌ّ من‌ غير الممكن‌ الاعتماد علي‌ الكثرة‌ من‌ اهل‌ العراق‌، فهم‌ مع‌الطرف‌ المنتصر، ومن‌ الخير له‌ ولثورته‌ الا يلتحقوا بهم‌، فاءنهم‌ سوف‌ينفرطون‌ عن‌ جيشه‌ كما انفرطوا من‌ جيش‌ اخيه‌ الحسن‌ من‌ قبل‌، او اسرع‌وايسر من‌ ذلك‌، ويفتّون‌ في‌ عضده‌ وعضد اصحابه‌ وشيعته‌ الذين‌ ثبتوامن‌ قبل‌ في‌ جيش‌ اخيه‌ الحسن‌(ع)، وهم‌ قلّة‌ لا يكوّنون‌ قوة‌ عسكرية‌تصمد امام‌ جيوش‌ الشام‌.

ولقد صدقت‌ نبوءة‌ الفرزدق‌ للاءمام‌ حين‌ التقي‌ به‌ في‌ الشقوق‌فاقبل‌ علي‌ الاءمام‌ وقبّل‌ يده‌، فساله‌ الاءمام‌ كيف‌ خلّفت‌ اهل‌ الكوفة‌؟

فقال‌: خلّفت‌ الناس‌ معك‌، وسيوفهم‌ مع‌ بني‌ اُمية‌، فقال‌ له‌ الحسين‌(ع):«صدقت‌ وبررت‌، اءن‌ّ الامر لله يفعل‌ ما يشاء».

ولم‌ تكن‌ تجربة‌ الاءمام‌ الحسن‌(ع) بعيدة‌ عن‌ الحسين‌، ولم‌ يكن‌ الاءمام‌الحسين‌ باقدر من‌ اخيه‌ في‌ تجميع‌ قوة‌ عسكرية‌ لضرب‌ سلطان‌ بني‌ اُمية‌واءسقاط‌ النظام‌. اءن‌ لم‌ تكن‌ ظروف‌ الحسين‌ (ع) اسوا من‌ ظروف‌ اخيه‌الحسن‌. فقد استقرّ لبني‌ اُمية‌ السلطان‌، وامتدّ نفوذهم‌، وعمل‌ معاوية‌بدهائه‌ المعروف‌ في‌ تحكيم‌ اُصول‌ حكم‌ بني‌ اُمية‌، وامتداد نفوذهم‌وشراء الضمائر ونشر الرعب‌ والاءرهاب‌ في‌ اجواء المعارضة‌، واكتساح‌الاكثرية‌ التي‌ يتحكّم‌ فيها الاءرهاب‌ والاءغراء، ويميلون‌ دائماً الي‌ الجهة‌المنتصرة‌ القوية‌ في‌ الساحة‌.

فلم‌ يكن‌ حدَث‌ حدث‌ٌ جديد في‌ الساحة‌ السياسية‌ والعسكرية‌ علي‌ماعرفناه‌ في‌ عهد الاءمام‌ الحسن‌(ع) غير امرين‌ اثنين‌:

احدهما: استحكام‌ قواعد سلطان‌ الاُمويين‌ وامتداد نفوذهم‌ في‌البلاد.

والثاني‌: انتشار الفساد في‌ جهاز بني‌ اُمية‌ الي‌ حد الاستهتار والابتذال‌في‌ حياة‌ يزيد وحكومته‌.

والامر الاوّل‌: لم‌ يكن‌ لصالح‌ الاءمام‌ في‌ التفكير في‌ تحرك‌ عسكري‌لاءسقاط‌ النظام‌؛ فقد كانت‌ تجربة‌ الاءمام‌ الحسن‌ بعد حيّة‌ في‌ نفوس‌ الشيعة‌،حيث‌ لم‌ يستطع‌ جيش‌ العراق‌ ان‌ يقاوم‌ سلطان‌ بني‌ اُمية‌ بعد وفاة‌ الاءمام‌اميرالمؤمنين‌(ع).

فما ظنّك‌ بهذه‌ القوة‌ العسكرية‌، بعد ان‌ استحكم‌ لبني‌ اُمية‌ الحكم‌والسلطان‌، وامتدّ لهم‌ النفوذ في‌ البلاد واستتب‌ّ لهم‌ الامر؟

وامّا الامر الثاني‌: واءن‌ كان‌ ينفع‌ في‌ تحريك‌ الاقلية‌ المعارضة‌ الواعية‌ من‌الشيعة‌، اءلاّ انه‌ لم‌ يكن‌ ينفع‌ ـ بالتاكيد ـ في‌ تحريك‌ الاكثرية‌ التي‌ الِفت‌ هذاالفساد واستسلمت‌ له‌، بل‌ واعانت‌ عليه‌.

فلم‌ يكن‌ يصفو ـ اءذن‌ ـ للاءمام‌ الحسين‌ من‌ القوة‌ العسكرية‌ غير ما صفالاخيه‌ الحسن‌(ع) من‌ قبل‌، وهم‌ الثابتون‌ من‌ شيعته‌ ومواليه‌، ولا يمكن‌ ان‌يفكّر الاءمام‌ ـ بكل‌ تاكيد ـ ان‌ يجازف‌ بهذه‌ القوة‌ المحدودة‌ لاءسقاط‌ النظام‌الاُموي‌ الرهيب‌ بعد ان‌ اخفقت‌ محاولة‌ اخيه‌ الاءمام‌ الحسن‌، في‌ ظروف‌احسن‌ من‌ ظروفه‌، وبقوة‌ عسكرية‌ اقوي‌ من‌ الجيش‌ الذي‌ كان‌ يعدّه‌ له‌العراق‌ بعد موت‌ معاوية‌.

وهذا التشخيص‌ ليس‌ مما نضيفه‌ نحن‌ من‌ عندنا الي‌ الظروف‌ التي‌رافقت‌ خروج‌ الحسين‌(ع) وثورته‌، واءنما نجده‌ عند كل‌ الذين‌ نصحواالاءمام‌ بالاءعراض‌ عن‌ الخروج‌ الي‌ العراق‌، ممن‌ كان‌ يعزّ عليهم‌ ان‌ يواجه‌الاءمام‌ تجربة‌ اخيه‌ الاءمام‌ الحسن‌ مرة‌ اُخري‌ في‌ العراق‌، كعبدالله بن‌ عباس‌وعبدالله بن‌ جعفربن‌ ابي‌ طالب‌ وغيرهم‌.

ونجد هذا التشخيص‌ بالذات‌ في‌ كلمات‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) بصورة‌مؤكدة‌ ومتكررة‌ قبل‌ الخروج‌ الي‌ العراق‌ وبعده‌.

ونذكر هنا نموذجين‌ فقط‌ من‌ خطب‌ الاءمام‌ التي‌ توحي‌ بصورة‌ قوية‌؛الي‌ ان‌ الاءمام‌ كان‌ مُقْدِماً علي‌ الشهادة‌ والتضحية‌، ولم‌ يكن‌ يفكّر في‌ عمل‌عسكري‌ لاءسقاط‌ النظام‌ عسكرياً.

احدهما: في‌ الحجاز قبل‌ ان‌ يفارق‌ مكة‌ الي‌ العراق‌. والثاني‌: في‌ كربلاء.

اما الخطبة‌ الاُولي‌: فهي‌ يرويها ابن‌ طاووس‌ في‌ اللهوف‌.

قال‌؛: روي‌ انه‌(ع)، لما عزم‌ علي‌ الخروج‌ الي‌ العراق‌، قام‌ خطيباًفقال‌: «الحمدلله، وما شاء الله، ولا قوة‌ اءلاّ بالله، وصلّي‌ الله علي‌ رسوله‌. خُط‌ّ الموت‌علي‌ ولد ا´دم‌، مخط‌ّ القلادة‌ علي‌ جيد الفتاة‌، وما اولهني‌ الي‌ اسلافي‌ اشتياق‌ يعقوب‌الي‌ يوسف‌. وخُيّر لي‌ مصرع‌ انا لاقيه‌، كاني‌ باوصالي‌ تقطّعها عسلان‌ الفلوات‌ بين‌النواويس‌ وكربلاء فيملان‌ مني‌ اكراشاً جوفاً واجربة‌ً سغباً، لا محيص‌ عن‌ يوم‌ خُط‌ّبالقلم‌، رضي‌ الله رضانا اهل‌ البيت‌، نصبر علي‌ بلائه‌، ويوفينا اجور الصابرين‌، لن‌ تشذعن‌ رسول‌ الله لحمته‌، وهي‌مجموعة‌ له‌ في‌ حظيرة‌ القدس‌، تقرّ بها عينه‌، وينجز بهم‌وعده‌، فمن‌ كان‌ باذلاً فينا مهجته‌ وموطّناً علي‌ لقاء الله نفسه‌، فليرحل‌ معنا فاءني‌ راحل‌مصبحاً اءن‌شاء الله».

ولسنا نحتاج‌ الي‌ التعليق‌ علي‌ هذه‌ الخطبة‌ فهي‌ واضحة‌ في‌ ان‌الاءمام‌(ع) كان‌ يعدّ اصحابه‌ لحركة‌ ماساوية‌، قوامها التضحية‌ والدم‌والشهادة‌، ولا يطمح‌ فيها الي‌ اي‌نصر عاجل‌.

فها هو يبدا خطابه‌ مع‌ اصحابه‌ بالموت‌ الذي‌ يطوّق‌ ابن‌ ا´دم‌، كماتطوق‌ القلادة‌ جيد الفتاة‌.

ثم‌ يخبر عن‌ مستقبل‌ هذه‌ الحركة‌ الماساوية‌ فيقول‌: «كاني‌ باوصالي‌تقطّعها عسلان‌ (ذئاب‌) الفلوات‌».

ثم‌ يطلب‌ النصرة‌ من‌ المسلمين‌، ولكن‌ بهذه‌ الطريقة‌ الفريدة‌: «فمن‌كان‌ باذلاً فينا مهجته‌ موطّناً علي‌ لقاء الله نفسه‌ فليرحل‌ معنا».

اءن‌ّ الاءمام‌ لا يشير في‌ هذه‌ الخطبة‌ الي‌ اي‌ هدف‌ عسكري‌ بالمعني‌المعروف‌ في‌ الاعمال‌ العسكرية‌، واءنّما يعد اصحابه‌ لتضحية‌ ماساوية‌دامية‌، ويطلب‌ ممن‌ يريد ان‌ يرافقه‌ ان‌ يعدّوا انفسهم‌ للقاء الله ولبذل‌المهج‌ في‌ سبيل‌الله.

والخطبة‌ الثانية‌ خطبها الحسين‌ بذي‌حسم‌ من‌ منازل‌ العراق‌ فقال‌:

«الا ترون‌ الي‌ الحق‌ لا يعمل‌ به‌ والي‌ الباطل‌ لا يتناهي‌ عنه‌، ليرغب‌ المؤمن‌ في‌لقاء الله محقّاً، فاءني‌ لا اري‌ الموت‌ اءلاّ سعادة‌ والحياة‌ مع‌ الظالمين‌ اءلاّ برماً».

ولما سار الاءمام‌ باصحابه‌ من‌ قصر بني‌ مقاتل‌ خفق‌ خفقة‌ ثم‌ انتبه‌،وهو يقول‌: (اءنا لله واءنا اءليه‌ راجعون‌) فاقبل‌ عليه‌ ابنه‌ علي‌ بن‌ الحسين‌ علي‌فرس‌ له‌ فقال‌: «يا ابت‌ِ، جعلت‌ فداك‌، مِم‌ّ حمدت‌ الله واسترجعت‌؟ قال‌: يابني‌ّ اءنّي‌ خفقت‌ براسي‌ خفقة‌ فعن‌ّ لي‌ فارس‌ علي‌ فرس‌، فقال‌: القوم‌ يسيرون‌ والمناياتسير اءليهم‌. فعلمت‌ انها انفسنا نُعيت‌ اءلينا.

قال‌ له‌: يا ابت‌ِ لا اراك‌ الله سوءً، السنا علي‌ الحق‌؟

قال‌: بلي‌ والذي‌ اءليه‌ مرجع‌ العباد.

قال‌: يا ابت‌ِ، اءذن‌ لا نبالي‌، نموت‌ محقين‌.

فقال‌: جزاك‌ الله من‌ ولد خير ما جزي‌ ولداً عن‌ والده‌».

ولا يقتصر الامر علي‌ هذه‌ المنامات‌ والخطب‌ التي‌ يرويها اصحاب‌السير كالطبري‌ (وابن‌ اعثم‌) (والسيد ابن‌ طاووس‌) (والمفيد) وغيرهم‌بصورة‌ متواترة‌، لا تقبل‌ الشك‌. فاءن‌ كل‌ّ شي‌ء في‌ حركة‌ الحسين‌(ع) الي‌العراق‌ يدل‌ علي‌ ان‌ الاءمام‌ لم‌ يكن‌ بصدد حركة‌ عسكرية‌ بالمعني‌ المفهوم‌من‌ هذه‌ الكلمة‌ لاءسقاط‌ النظام‌ الاُموي‌.

اءذن‌ فاءن‌ الاءمام‌ لم‌ يكن‌ يفكّر، ولا يمكن‌ ان‌ يفكّر في‌ حركة‌عسكرية‌، واءنما كان‌ الاءمام‌ يُقدم‌ عن‌ علم‌ ووعي‌ علي‌ تضحية‌ ماساوية‌نادرة‌، بنفسه‌، واهل‌ بيته‌، واصحابه‌، ليهزّ ضمير الاُمة‌ الخامل‌، ويبعث‌ في‌نفوسهم‌ الحركة‌ وروح‌ التضحية‌ والاءقدام‌.

ولعل‌ في‌ حديث‌ الاءمام‌ مع‌ اخيه‌ محمد بن‌ الحنفية‌؛ عندما ارادالخروج‌ من‌ مكة‌ الي‌ العراق‌ ما يشير الي‌ هذه‌ الغاية‌. والرواية‌ يرويهاالسيد ابن‌ طاووس‌ في‌ اللهوف‌.

يقول‌ السيد؛: اءن‌ّ محمد بن‌ الحنفية‌ عندما علم‌ بخروج‌ الحسين‌ من‌مكة‌ اتاه‌ فاخذ زمام‌ ناقته‌ التي‌ ركبها فقال‌: يا اخي‌ الم‌ تعدني‌ النظر فيماسالتك‌؟ وكان‌ قد سال‌ الاءمام‌ ان‌ يسير الي‌ اليمن‌. وينصرف‌ عن‌ العراق‌.قال‌: بلي‌. قال‌: فماحداك‌ علي‌ الخروج‌ عاجلاً؟ فقال‌:اتاني‌ رسول‌ الله (في‌المنام‌) بعد ما فارقتك‌ فقال‌: يا حسين‌ اُخرج‌ فاءن‌ّ الله شاء ان‌ يراك‌ قتيلاً.

فقال‌ له‌ابن‌ الحنفية‌: (اءنّا لله واءنّا اءليه‌ راجعون‌)، فما معني‌ حملك‌ هؤلاءالنساء، وانت‌ تخرج‌ علي‌ مثل‌ هذه‌ الحال‌؟ فقال‌ له‌: اءن‌ّ الله شاء ان‌ يراهن‌ّسبايا. وسلّم‌ عليه‌ ومضي‌.

اءذن‌، فالنتيجة‌ التي‌ ننتهي‌ اءليها في‌هذه‌ الجولة‌ السريعة‌: ان‌ الاءمام‌الحسين‌ كان‌ يفكّر في‌ الاءقدام‌ علي‌ تضحية‌ ماساوية‌ دامية‌، ولم‌ يكن‌ يفكّرفي‌ عمل‌ عسكري‌ علي‌ الاءطلاق‌ لمواجهة‌ سلطان‌ بني‌ اُمية‌، وهذان‌ نحوان‌من‌ الخروج‌، كل‌ منهما يحقّق‌ هدفاً محدوداً، والخلط‌ فيما بينهما يؤدي‌الي‌ الوقوع‌ في‌ اخطاء تاريخية‌ كبيرة‌، تشوّش‌ علينا فهم‌ الثورة‌ الحسينية‌وغايتها ونتائجها.

والا´ن‌ نتساءل‌ عما كان‌ يمكن‌ ان‌ يقصده‌ الاءمام‌ من‌ اهداف‌ وغايات‌من‌ وراء هذه‌ التضحية‌ الماساوية‌، التي‌ اقدم‌ عليها الاءمام‌ عن‌ علم‌ ووعي‌.

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مشاركة الملايين في مناسبة عيد الغدير بينهم ربع ...
البدريون والرضوانيون
الذكرى الثانية والتسعين لهدم قبور أئمة البقيع
أوصاف جهنم في القرآن الكريم
العُجب رؤية قرآنية
العقل بين بصائر الوحي والتصورات البشرية
ترتيب أحداث ووقائع ظهور الإمام المهدي المنتظر
التميميّون من أصحاب الحسين (عليه السّلام)
مذاهب اليهود
صيانة القرآن من التحريف‏

 
user comment