عربي
Sunday 29th of September 2024
0
نفر 0

النبوة عند الشيعة

يعتقد الشيعة أن الرسول صلى الله عليه وآله معصوم عصمة كلية من ولادته وحتى مماته، فلا تجوز عليه الكبيرة ولا الصغيرة لا بالعمد ولا بالسهو ولا بالتأويل ولا بالنسيان..

ودليلهم على ذلك أنه لو عهد منه خطيئة لتنفرت العقول من متابعته فتبطل فائدة البعثة.. (1).

وتتجلى عصمة الرسول في مراحل ثلاث:

- مرحلة تلقي الوحي وحفظه وأدائه إلى الأمة.

- مرحلة القول والفعل، وعلى ذلك فهو من عباده المكرمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم وهم بأمره يعملون..

- مرحلة تطبيق الشريعة وغيرها من الأمور المربوطة بحياته صلى الله عليه وآله لا يسهو ولا يخطئ في حياته الفردية والاجتماعية.. (2).

ويقول الشيخ محمد جواد مغنية: الأنبياء معصومون عن الذنوب، كبيرها وصغيرها، قبل النبوة وبعدها. لا يصدر عنهم ما يشين لا عمدا ولا سهوا.

وأنهم منزهون عن دناءة الآباء وعهر الأمهات، وعن الفظاظة والغلظة، وعن الأمراض المنفرة كالبرص والجذام، بل وعن كثير من الأعمال المباحة المنافية للتعظيم والتوقير كالأكل في الطريق ونحوه (3).

وقد اشتغل علماء الإمامية بالنصوص القرآنية التي توهم مناقضتها للعصمة الكلية والتي استند إليها أهل السنة في موقفهم منها. وقاموا بشرحها ومناقشة

____________

(1) النكت الاعتقادية.

(2) معالم النبوة في القرآن للشيخ جعفر السبحاني - ط. بيروت.

(3) معالم الفلسفة الإسلامية.

 

 


مدلولاتها على ضوء اللغة والعقل مثل قوله تعالى: (ووجدك ضالا فهدى) وقوله تعالى: (والرجز فاهجر) وقوله: (.. ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان..) وقوله: (فلا تكونن ظهيرا للكافرين) وقوله: (عبس وتولى) وقوله: (سنقرئك فلا تنسى).. (1).

يقول السيد شبر: والعصمة عبارة عن قوة العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا على المعاصي كلها. كجائز الخطأ. وليس معنى العصمة أن الله يجبره على ترك المعصية، بل يفعل به ألطافا يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها. كقوة العقل وكمال الفطنة والذكاء ونهاية صفاء النفس وكمال الاعتناء بطاعة الله تعالى: ولو لم يكن قادرا على المعاصي بل كان مجبورا على الطاعات لكان منافيا للتكليف وعدم الإكراه في الدين. والنبي أول من كلف، حيث قال: فأنا أول العابدين وأنا أول المسلمين، وقال تعالى: (فاعبد ربك حتى يأتيك اليقين) الحجر / 99. ولأنه لو لم يكن قادرا على المعصية لكان أدنى مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين على المعاصي التاركين لها (2).

إن شخصية الرسول عند الشيعة الإمامية هي شخصية متكاملة متجانسة مع روح الإسلام وطبيعة الوحي، وليست شخصية مهزوزة متقلبة ضعيفة الجذور متلونة أخلاقيا..

من هنا فإن الشيعة يرفضون وبقوة أي مساس بشخص الرسول كالسحر والخطأ والنسيان وتعرية حياته الشخصية ومشاركة بعض الصحابة له في شؤون الوحي ونسبة الكفر إلى والديه وعمه.. (3).

____________

(1) أنظر عصمة الأنبياء. وكتب التفسير الخاصة بالشيعة مثل الميزان ومجمع البيان. وكتب العقائد الشيعية وتنزيه الأنبياء للشريف المرتضى - ط. بيروت.

(2) حق اليقين، ج 1.

(3) هناك الكثير من الأحاديث عند أهل السنة تؤكد نظريتهم في شخص الرسول وكونه يسحر ويخطئ وينسى. كما أن هناك أحاديث تفضح الحياة الخاصة للرسول. انظر حديث الغرانيق في مجمع الزوائد، ج 7. والدر المنثور للسيوطي ج 4. وفيه اتهام صريح للرسول بالسهو في القرآن حتى أنه قرأ في سورة النجم: تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى.. بعد قوله تعالى: (أفرأيتم اللات

=>

 

 


يقول السيد شبر: المشهور بين الإمامية - بل حكى عليه الإجماع - أنه يجب تنزيه الأنبياء عن كفر الآباء والأمهات وعهرهن. لئلا يعيروا ويعابوا في ذلك، ولئلا يتنفر عنهم. فإن ما في الآباء من العيوب يعود إلى الأبناء عرفا..

ورووا الرويات في ذلك من طرق العامة والخاصة ولقوله تعالى: (إن الذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا) الأنفال / 74. وقد اتفق المخالف والموالف أن أول من أوى النبي صلى الله عليه وآله ونصره أبو طالب (1).

·  الشيعة والقرآن..

يشاع عن الشيعة أن لديهم قرآنا سريا. كما يدعى عليهم أنهم يقولون بالنقيصة في القرآن، وأن إحراق عثمان للمصاحف أدى ألى ضياع سور من القرآن نزلت في علي. وغير ذلك مما يقال بهدف إثارة الشبهات حول عقائدهم.. والحق أن مثل هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة. ولا يوجد

____________

<=

والعزى * ومناة الثالثة الأخرى). ويروي مسلم والبخاري أن الرسول صلى الله عليه وآله صلى بالناس صلاة العصر ركعتين ودخل حجرته، ثم خرج فذكره بعض فأتمها.. وانظر حديث سحر الرسول في البخاري حتى كان لا يدري ما يقول ويأتي النساء ولا يأتيها. وانظر حديث الكسل في مسلم باب الطهارة حين سئل الرسول عن رجل يجامع امرأته ولا ينزل وهل يوجب ذلك الغسل وإجابة الرسول بالنفي قائلا:

لا وأنا أفعل ذلك مع عائشة. وعائشة إلى جواره، وكذلك أحاديث شغف الرسول بنسائه، في فترة الحيض وأنه أوتي قوة عشرين رجلا في الجماع، وفي رواية سبعين، انظر البخاري كتاب الغسل وكتاب الحيض ومسلم وطبقات ابن سعد.

وانظر توجيه عمر للرسول في شأن الوحي وتنبيهه له بقوله: ألا تحجب نساءك، فينزل القرآن مؤيدا لعمر بآية الحجاب. وبدا وكأن عمر يذكر الرسول بحكم شرعي هو في غفلة عنه وعن تطبيقه حتى على أهل بيته. انظر البخاري، وهناك الكثير من آيات القرآن التي يعتقد أهل السنة أنها نزلت بتوجيه من عمر. انظر كتب أسباب النزول وكتب التفسير عند السنة.

ومن البديهي أن ينسب أهل السنة الكفر إلى والدي الرسول وعمه ما داموا يعتقدون بعدم عصمته قبل البعثة، وأنه يجوز عليه ارتكاب الكبائر قبل بعثته، فلا تناقض عندهم أن يكون الرسول من أبوين كافرين أو فاسقين.

انظر لنا فقه الهزيمة فصل شخصية الرسول. وانظر أهل السنة شعب الله المختار..

(1) حق اليقين، ج 1. وانظر إيمان أبي طالب - ط. بيروت. ونهج الحق وكشف الصدق.

 

 


في كتب الشيعة المعتبرة ما يثبتها، بل المعروف عن الشيعة رفض القول بتحريف القرآن ونقصانه، وهم يتعبدون بالقرآن الذي بين أيدي المسلمين، وقد تصدى الكثير من علمائهم لتفسيره وبيانه.. (1).

غير أن الشيعة تختلف مع أهل السنة حول القرآن في عدة أمور:

الأول: جمع القرآن: حيث تعتقد أن الرسول ترك القرآن مجموعا ومنسوخا وأن هذا العمل من أول واجباته كرسول يودع أمته.

يقول الحجة البلاغي: من المعلوم عند الشيعة أن عليا أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله لم يرتد برداء إلا للصلاة حتى جمع القرآن على ترتيب نزوله وتقدم منسوخه على ناسخه.. (2).

- الثاني: في القراءات: لا تعترف الشيعة بالقراءات السبع، وما روي من أن القرآن أنزل على سبعة أحرف. فالقرآن تواتر بين عامة الناس جيلا بعد جيل واستمرت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحو واحد فلم يؤثر شئ على مادته وصورته (3).

- الثالث: في النسخ: لا ترى الشيعة أنه يمكن نسخ القرآن بالحديث، فالحديث في الأصل يجب أن يعرض على القرآن ويوافقه حتى يمكن قبوله.

فكيف يمكن القول بأن الحديث ينسخ القرآن..؟ كذلك الأمر بالنسبة إلى مسألة نسخ التلاوة على ما سوف نبين..

- الرابع: إن الشيعة يعتقدون أن معاني القرآن تعرضت للتحريف بسبب السياسة، من هذا فهم يختلفون مع أهل السنة حول مدلول الكثير من الآيات القرآنية. خاصة تلك التي تتعلق بعصمة الرسول وآل البيت.. (4).

____________

(1) أنظر البيان في تفسير القرآن للخوئي. ومجمع البيان للطبرسي، وأكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة. ط. طهران.

(2) آلاء الرحمن في تفسير القرآن.

(3) المرجع السابق، والبيان في تفسير القرآن، ومجمع البيان.

(4) انظر باب الرجال بهذا الكتاب ليتبين لك كيف أخضعت نصوص القرآن المتعلقة بآل البيت

=>

 

 


يقول السيد الخوئي: يطلق لفظ التحريف، ويراد منه عدة معان على سبيل الاشتراك. فبعض منها واقع في القرآن باتفاق المسلمين. وبعض منها لم يقع فيه باتفاق منهم أيضا. وبعض منها وقع الخلاف بينهم. وإليك تفصيل ذلك:

1 - نقل الشئ عن موضعه وتحويله إلى غيره ومنه قوله تعالى:

(من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) النساء / 46.

ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله. فإن كل من فسر القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه فقد حرفه. وترى كثيرا من أهل البدع والمذاهب الفاسدة قد حرفوا القرآن بتأويلهم آياته على آرائهم وأهوائهم..

وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى وذم فاعله في عدة من الرويات منها قول الإمام الباقر عليه السلام في رسالته إلى سعد الخير: \" وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده. فهم يروونه ولا يرعونه. والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية \" (1).

2 - النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات مع حفظ القرآن وعدم ضياعه وإن لم يكن متميزا في الخارج عن غيره..

والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعا، بمعنى أن القرآن المنزل إنما هو مطابق لإحدى القراءات، وأما غيرها فهو إما زيادة في القرآن وإما نقيصة فيه..

3 - النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفظ على نفس القرآن المنزل..

____________

<=

للسياسة. وكيف استغلت النصوص التي تثني على بعض الصحابة في التغطية على مساوئ الآخرين منهم. وانظر كيف طوع ابن كثير قوله تعالى: (من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) لصالح معاوية، وإضفاء المشروعية على قتاله للإمام بحكم أن معاوية ولي عثمان.. تفسير القرآن العظيم، سورة الإسراء، آية: 33.

(1) الكافي، كتاب الصلاة.

 

 


والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الإسلام، وفي زمان الصحابة قطعا. ويدلنا على ذلك إجماع المسلمين على أن عثمان أحرق جملة من المصاحف وأمر ولاته بحرق كل مصحف غير ما جمعه. وهذا يدل على أن هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه. وإلا لم يكن هناك سبب موجب لحرقها.

وقد ضبط جماعة من العلماء موارد الاختلاف بين المصاحف منهم عبد الله بن أبي داود السجستاني. وقد سمى كتابه هذا بكتاب المصاحف.. وأن ما جمعه عثمان كان هو القرآن المعروف بين المسلمين الذي تداولوه عن النبي صلى الله عليه وآله يدا بيد، فالتحريف بالزيادة والنقيصة إنما وقع في تلك المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان. وأما القرآن الموجود الآن فليس فيه زيادة ولا نقيصة..

4 - التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل والتسالم على قراءة النبي صلى الله عليه وآله إياها.

والتحريف بهذا المعنى أيضا واقع في القرآن قطعا. فالبسملة - مثلا - قد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء أهل السنة، واختار جمع أنها ليست من القرآن.

وأما الشيعة فهم متسالمون على جزئية البسملة من كل سورة غير سورة التوبة.

5 - التحريف بالزيادة، بمعنى أن بعض المصاحف الذي بين أيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء، فقد ضاع بعضه على الناس..

والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف فأثبته قوم ونفاه آخرون (1).

____________

(1) البيان في تفسير القرآن.

 

 


ويرفض الشيعة الاعتراف بمسألة نسخ التلاوة، وأن الالتزام بصحة الروايات المتعلقة بهذه المسألة يقتضي الالتزام بوقوع التحريف في القرآن.. (1).

ومسألة نسخ التلاوة إنما ترتبط بموقف أهل السنة من مسألة نسخ القرآن بالحديث، أي نسخ الحكم. فهم كما يرون نسخ التلاوة أي بقاء الحكم الشرعي مع نسخ لفظه من القرآن، يرون أيضا نسخ الحكم مع بقاء التلاوة..

يقول السيد الخوئي: إن نسخ التلاوة هذا إما أن يكون قد وقع من الرسول صلى الله عليه وآله وإما أن يكون ممن تصدى للزعامة من بعده. فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من الرسول فهو أمر يحتاج إلى إثبات. وقد اتفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، بل إن جماعة ممن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنة المتواترة منع وقوعه. وعلى ذلك فكيف تصح نسبة النسخ للنبي صلى الله عليه وآله بأخبار هؤلاء الرواة؟

مع أن نسبة النسخ إلى النبي تتنافى جملة مع الروايات التي تضمنت أن الاسقاط قد وقع بعده. وإن أرادوا أن النسخ قد وقع من الذين تصدوا للزعامة بعد النبي فهو عين القول بالتحريف. وعلى ذلك فيمكن أن يدعى أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء السنة لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة.. (2).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

البشارة في التوراة والإنجيل
النبوة عند الشيعة
أيُّها الإنسان
المُناظرة السابعة عشر /مناظرة أمير المؤمنين عليه ...
سلسلة الندوات العقائدية(2)
الإمامة عند الشيعة
أحاديث المهدي :
التوحيد الكتابي مقارنة مع عقيدة الثالوث المسيحي
التسامح الشيعي وأثره في حياة شيعة الريّ
البدعة في الاذان

 
user comment