رسالةمن مركز البحرين لحقوق الإنسان إلى رئيس اللجنة البحرينية المستقلة حول تصریحاته الاخیرة
جاء خبر تعيينكم في اللجنة المستقلة المكلفة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان مؤخرا في البحرين مشجعا لجميع المعنيين بحقوق الإنسان. إلا أن تصريحاتكم الأخيرة جاءت مخيبة لآمالنا في مركز البحرين لحقوق الإنسان. تعليقاتكم تلك التي أوحت بأنكم وقبل بلوغكم نهاية تحقيق كامل كنتم على استعداد لتبني وجهة نظر المؤسسة السياسية التي تطنطن لمفهوم تحقيق نزيه ومستقل.
وهذا ما اثار الدهشة كثيرا إذ أن آرءكم المتسرعة تناقضت مع مجموعة واسعة من التقارير التي نشرتها جماعات حقوق الانسان المعتبرة الذين أمضوا وقتا وموارد في التحقيق بشأن الوضع في البحرين. في الواقع فإن تصريحكم بأنه "لم تكن هناك سياسة استخدام مفرط للقوة" في البحرين جاء متناقضا مع الخبر المنشور قبل أيام من الهجوم المسلح للسلطات البحرنية على مكاتب منظمة أطباء بلا حدود. وأن أنباء تعذيب المحتجزين باتت واسعة الانتشار إلى درجة أصبح من الصعب التصديق بأن الذين مارسوها هم قلة سيئة في صفوف قوات اللأمن.
أعداد لا تحصى من التقارير سجلت مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان استهدفت شرائح محددة من المجتمع، سيما العاملين في المجال الطبي. وقد نشرت مجموعة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" المحترمة تقريرا مفصلا وشاملا حول الاضطهاد الممنهج للعاملين فى الحقل الطبى. إن التمييز المنظم واسع النظاق هذا يشير بقوة إلى وجود تواطؤ واضح من قبل المسؤولين الحكوميين البارزين، ويجعل من حكمكم الأولي بأن هذه الانتهاكات إنما كانت "تصرفات شخصية من موظفين صغار وأنها كانت بسبب غياب الاتصالات والرقابة" تصريحا سابقا لأوانه، وقد يضر كثيرا بمصداقية اللجنة.
وعلى افتراض قبولنا بما لم يكن مقبولا أبدا منكم بان وزير الداخلية لم يكن على علم بتصرفات بعض صغار المسؤولين الحكوميين، فإن البحرين لا تزال تخضع للالتزامات الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة كما في المادة (16) المطلوبة لمنع ممارسات ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو العقوبة عند ارتكاب مثل هذه الأعمال أو التحريض أو القبول بها أو السكوت عهنا من قبل موظف رسمي أو شخص غيره يتصرف بصفته الرسمية. فقد فشلت البحرين بشكل واضح في الحفاظ على التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية.
يبدو بأن آراءك الحالية مستندة إلى مجموعة من الافتراضات الخاطئة، أبرزها بأنه "غير صحيح تماما بأن الناس خائفون من التحدث إلى اللجنة". إن تصريحات كهذه هي مدعاة للإستغراب، وأن الذين تمت مقابلتهم من قبل اللجنة حتى الآن لا يمثلون طائفة واسعة من السكان المتضررين من الحملة الحكومية ضد المتظاهرين. إننا نعرف عددا من الأفراد الذين تعرضوا للتعذيب في البداية، ثم –بعد ذلك- تعرضوا للمزيد من التعذيب والعقاب عبرة للآخرين كي لا يتفوهوا بما لاقوه من سوء المعاملة. في حين إننا وعدد من المنظمات الأخرى نقوم بقوة بتشجيع الأفراد على المضي قدما والتحدث إلى اللجنة حول المعاملة التي لقوها ولازالوا يلاقونها في إطار سياسات النظام وإبعاد المشاركة في التحقيق الذي تجريه اللجنة.
هذه المخاوف تؤدي بنا إلى التشكيك في شرعية هذه اللجنة والنتائج التي توصلت إليها في نهاية المطاف. يبدو أنكم قبلتم-دون استفسار- إدعاءات الحكومة عن عدد من السجناء السياسيين وما لقوه من معاملة و"استعداد" الحكومة لتصحيح الأخطاء الفردية "للمارقين" ضمن اطار الحكومة، وذلك لأن وزارة الداخلية هي "مستعدة بشكل غير طبيعي" للاستماع للجنة، أي أنه لم تكن هناك سياسة ممنهجية لأعمال العنف. هذا كلام باطل، وفي أحسن الأحوال مشكوك فيها.
وهذا ما يتعارض بشدة مع هدف اللجنة؛ للتوصل الى استنتاج مستقل ومحايد فيما يتصل بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في البحرين وأسبابها. وأما الأنباء الأخيرة بشأن الأفراج عن السجناء فبرغم إنها مشجعة إلا إنها لا ينبغي لها أن تصرف النظر عن الهدف المعلن للجنة المذكورة.
نبيل رجب
رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان
9 أغسطس 2011
source : ابنا