يرجى الانتظار

تفسير ليلة القدر في القرآن الكريم

(إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلم هي حتى مطلع الفجر *

التفسير ليلة القدر ليلة نزول القرآن: يستفاد من آيات الذكر الحكيم أن القرآن نزل في شهر رمضان: شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن(1)، وظاهر الآية يدل على أن كل القرآن نزل في هذا الشهر .
والآية الأولى من سورة القدر تقول : إنا أنزلناه في ليلة القدر .
اسم القرآن لم يذكر صريحا في هذه الآية، ولكن الضمير في (أنزلناه) يعود إلى القرآن قطعا .
والإبهام الظاهري في ذكر اسم القرآن إنما هو لبيان عظمته وأهميته.
عبارة إنا أنزلناه فيها إشارة أخرى إلى عظمة هذا الكتاب السماوي.
فقد نسب الله نزوله إليه، وبصيغة المتكلم مع الغير أيضا، وهي صيغة لها مفهوم جمعي وتدل على العظمة.
نزول القرآن في ليلة (القدر) وهي الليلة التي يقدر فيها مصير البشر وتعين بها مقدراتهم، دليل آخر على الأهمية المصيرية لهذا الكتاب السماوي.
لو جمعنا بين هذه الآية وآية سورة البقرة لاستنتجنا أن (ليلة القدر) هي إحدى ليالي شهر رمضان، ولكنها أية ليلة ؟ القرآن لا يبين لنا ذلك، ولكن الروايات تتناول هذا الموضوع بإسهاب.
وهنا يطرح سؤال له طابع تاريخي وله ارتباط بما رافق أحداث حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من نزول القرآن .
من المؤكد أن القرآن الكريم نزل تدريجيا خلال عاما .
فكيف نوفق بين هذا النزول التدريجي وما جاء في الآيات السابقة بشأن نزول القرآن في شهر رمضان وفي ليلة القدر ؟ الجواب على هذا السؤال كما ذكره المحققون يتلخص في أن للقرآن نزولين : النزول الدفعي ، وهو نزول القرآن بأجمعه على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو على البيت المعمور ، أو من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.
والنزول التدريجي، وهو ما تم خلال (23) سنة من عصر النبوة (ذكرنا شرح ذلك في تفسير الآية 3 من سورة الدخان).
وقال بعضهم إن ابتداء نزول القرآن كان في ليلة القدر لا كله، ولكن هذا خلاف ظاهر الآية التي تقول: إنا أنزلناه في ليلة القدر.
ويذكر أن تعبير الآيات عن نزول القرآن يكون مرة بكلمة (إنزال) ومرة أخرى بكلمة (تنزيل).
ويستفاد من كتب اللغة أن التنزيل للنزول التدريجي، والإنزال له مفهوم واسع يشمل النزول الدفعي أيضا.
وهذا التفاوت في التعبير القرآني قد يكون إشارة إلى النزولين المذكورين. في الآيتين التاليتين يبين الله تعالى عظمة ليلة القدر ويقول سبحانه: وما أدراك ما ليلة القدر.
ليلة القدر خير من ألف شهر.
والتعبير هذا يوضح أن عظمة ليلة القدر كبيرة إلى درجة خفيت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا قبل نزول هذه الآيات، مع ما له من علم واسع.
و (ألف شهر) تعني أكثر من ثمانين عاما، حقا ما أعظم هذه الليلة التي تساوي قيمتها عمرا طويلا مباركا.
وجاء في بعض التفاسير أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك فأنزل الله إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر، التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر.
وروي أن أربعة أشخاص من بني إسرائيل عبدوا الله تعالى ثمانين سنة من دون ذنب، فتمنى الصحابة ذلك التوفيق لهم، فنزلت الآية المذكورة.
وهل العدد ( ألف ) في الآية للعد أو التكثير ؟
قيل إنه للتكثير، وقيمة ليلة القدر خير من آلاف الأشهر أيضا، ولكن الروايات أعلاه تبين أن العدد المذكور للعد، والعدد عادة للعد إلا إذا توفرت قرينة واضحة تصرفه إلى التكثير.
ولمزيد من وصف هذه الليلة تقول الآية التالية : تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر .
و(تنزل) فعل مضارع يدل على الاستمرار (والأصل تتنزل) مما يدل على أن ليلة القدر لم تكن خاصة بزمن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبنزول القرآن، بل هي ليلة تتكرر في كل عام باستمرار.
وما المقصود ب‍ (الروح) ؟ قيل : إنه جبرائيل الأمين ، ويسمى أيضا الروح الأمين .
وقيل : إن الروح بمعنى الوحي بقرينة قوله تعالى : وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا.
وللروح تفسير آخر يبدو أنه أقرب، هو أن الروح مخلوق عظيم يفوق الملائكة.
وروي أن الإمام الصادق (عليه السلام) سئل عن الروح وهل هو جبرائيل، قال : (جبرائيل من الملائكة، والروح أعظم من الملائكة، أليس أن الله عز وجل يقول : (تنزل الملائكة والروح) ؟ فالإثنان متفاوتان بقرينة المقابلة.
وذكرت تفاسير أخرى للروح هنا نعرض عنها لافتقادها الدليل.
من كل أمر أي لكل تقدير وتعيين للمصائر، ولكل خير وبركة.
فالهدف من نزول الملائكة في هذه الليلة إذن هو لهذه الأمور.
أو بمعنى بكل خير وتقدير، فالملائكة تنزل في ليلة القدر ومعها كل هذه الأمور.
وقيل : المقصود أن الملائكة تنزل بأمر الله ، لكن المعنى الأول أنسب.
عبارة (ربهم) تركز على معنى الربوبية وتدبير العالم، وتتناسب مع عمل الملائكة في تلك الليلة حيث تنزل لتدبير الأمور وتقديرها، وبذلك يكون عملها جزء من ربوبية الخالق.
بإيجاز الآية الكريمة تقول : الملائكة والروح تتنزل في هذه الليلة بأمر ربهم لتقدير كل أمر من الأمور.
سلام هي حتى مطلع الفجر والآية الأخيرة هذه تصف الليلة بأنها مفعمة بالخير والسلامة والرحمة حتى الصباح.

المصدر :
العلامات :
آراء المستخدمين (0)
إرسال الرأي