من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني
ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي
نتائج اللقاء بالمعصومین في حیاتهم و زیارة قبورهم بعد وفاتهم
1- شفاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والنجاة من أهوال القيامة
إن الورود من عالم البرزخ إلى ساحة القيامة سيتبعه صعوبات كثيرة. فبعد الدخول إلى القيامة فإن الرهبة الشديدة ستهيمن على غالبية الناس. فانكشاف البواطن، وشهادة الأعضاء و.... ستجعل الإنسان يضطرب بشكل لا يمكن وصفه.(1 ) فلقاء المعصومين (عليهم السلام) في أيام حياتهم وزيارة قبورهم بعد وفاتهم سيكون المنجي من قلق ومخاوف يوم القيامة والصلة بالمعصومين (عليهم السلام) سيبدّل أهوال القيامة إلى هناء وراحة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام):
يا علي , من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن اخلصه من اهوالها و شدائدها.(2 )
إن هذه النتيجة لا تختصّ بزيادة النبي(ص) والإمام علي (عليه السلام) والإمام الحسن (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام)، بل تتجلّى من زيارة جميع المعصومين (عليهم السلام).
يقول زيد الشحّام، وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) قلت للإمام الصادق (عليه السلام): ما لمن زار أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(3 )
وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
من زارني أوزار أحداً من ذُريتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها.(4 )
وتدلّ الرواية بوضوح على ثبوت هذا الأمر لزيارة جميع الأئمة (عليهم السلام)؛ هذا رغم أنّ هذا النتاج قد ورد بصراحة لزيارة بعض المعصومين (عليهم السلام). فقد روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله:
من زارني على بعد داري وشطون مزاري، اتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان.(5 )
نعم هناك احتمال بوجود فضيلة لزيارة بعض المعصومين (عليهم السلام) نسبة بالبعض الآخر؛ وهو ما تحدثنا عنه في قسم الثناء.
2- التخلص من الذنوب
إنّ خشية الإنسان وقلقه في القيامة أنّما هو لسوء عمله، ذلك لأنّ هذا السلوك سيتصل بالإنسان إلى القيامة ولا ينفصل عنه وسيؤدي إلى شقائه وبؤسه. ولهذا فإنّ من الطبيعي أن ينحوا الإنسان إلى التخلص من الذنوب للنجاة من هكذا مخاوف. فقد روي أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) سأل جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلا:
يا أبتاه ما لمن زارك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بني من زارني حيا أو ميتا أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقّا عليّ أن أزوره يوم القيامة وأخلصه من ذنوبه.(6 )
ويدلّ كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن تخلص الزائر من ذنوبه سيكون بواسطة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي يوم القيامة. لكن يمكن القول بأن القيامة، هي ظرف لمشاهدة هذا التخلص وظهوره مقرون بإداء هذه الزيارة في الدنيا وذلك ما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلام له مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حول زيارة قبره وقبور ابنائه المعصومين (عليهم السلام):
من زار قبوركم... خرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمّه(7 ).
فرغم أنّ التخلص من الذنوب سيتجلى في عالم الاخرة لزائر قبور المعصومين (عليهم السلام)، لكن هذا التخلص سيظهر من خلال سلوكه في هذه الدنيا أيضا فالارتباط بالمعصومين (عليهم السلام) يمتاز بدرجة قيّمة ستظهر هذا الأثر بالذات على الارتباط بمحبي المعصومين (عليهم السلام). فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
من صافح عليا فكأنما صافحني، ومن صافحني فكأنما صافح أركان العرش، ومن عانقه فكأنما عانقني ومن عانقني فكأنما عانق الأنبياء كلهم، ومن صافح محبّا لعلي غفر الله له الذنوب وأدخله الجنة بغير حساب.(8 )
ومن الواضح أن مصافحة محبّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ستكون ذات أثر كهذا إذا ما كانت ناتجة عن حبّه (عليه السلام)، أي أنّ تكون متقومة من حبّه، وبمعنى آخر أن يكون منطلق هذا السلوك هو الودّ والمحبة له (عليه السلام)
3- الدرجة الرفيعة والدخول إلى الجنة
إن زيارة المعصومين (عليهم السلام) في حياتهم وبعد وفاتهم، سيهب الزائر مراتب رفيعة، فكأنّ هذا اللقاء المنصّة التي تبعث بالإنسان إلى لقاء حقيقي للمعصومين (عليهم السلام) في عوالم الجنان. وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي تتمة حديثه السابق وبعد أن يعد الزائر بالخلاص من أهوال القيامة قوله:
حتى أصيره معي في درجتي(9 ).
4- التشفّع
إنّ الإحسان إلى الأئمة المعصومين (عليهم السلام) سيوصل الإنسان إلى مرتبة الشفاعة. فالمحسن لايدخل الجنة لوحده بل سيكون بإمكانه إدخال المحسنين معه إلى الجنّة. فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) كما مرّ سابقاً:
إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين فينادي مناد: من كانت له عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يد فليقم، فيقوم عنق من الناس فيقول:
ما كانت أياديكم عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فيقولون: كنا نفضّل أهل بيته من بعده فيقال لهم: إذهبوا فطوفوا في الناس فمن كانت له عندكم يد فخذوا بيده فأدخلوه الجنة.(10 )
-----------------------------------
(1 ) لإدراك أنّ يوم القيامة يوم عسير ومخيف يكفي أن الله تعالى قد اورد في كتابه عن ذلك اليوم ما يلي: ...يوما يجعل الولدان شيباً (المزمل، 17) ...يوما عبوساً قمطريراً. (الإنسان، 10) يوم لا ينفع مال ولا بنون (الشعراء، 88) يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين...(غافر، 18). الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو... (الزخرف، 67) ... ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد (الحج، 2).
(2 ) الكافي: الكليني، ج4، ص، 579، ح 2 وقد ورد في مصادر العامة أن رسول الله قال: من زار قبري وجبت له شفاعتي. مجمع الزوائد للهيثمي، ج4، ص 2والجامع الصغير، ج 2، ص605، ح 8715.
(3 ) المصدر السابق، ص579، ح1.
(4 ) وسائل الشيعة، ج14، ص331، ح 19332.
(5 ) مستدرك الوسائل: الميرزا النوري، ج 10، ص 356، ح 12173. وكامل الزيارات، لابن قولويه، ص 34، ح4.
(6 ) الكافي: الشيخ الكليني، ج 4، ص 548، ح4.
(7 ) وسائل الشيعة للحرّ العاملي، ج14، ص382، ح19433.
قد تكون الذنوب التي ستغفر بوساطة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للزائر في يوم القيامة، هي الذنوب التي يرتكبها الزائر بعد زيارته. وأمّا الذنوب التي يرتكبها قبل زيارته فانها ستمحى وتغفر اثناء الزيارة.
(8 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 27، ص 115، ح 90.
(9 ) الكافي للكليني، ج4، ص579، ح2. وقد ورد في مصادر أهل السنة أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من زار قبري وجبت له الجنة (تحفة الاحوذي، للمباركفوري، ج10،ص243).
(10 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج16، ص335، ح21697.
source : ابنا