عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

رحلة إلى كعبة الحبيب

«ملخّص»

الحركة نحو الله (إلى الكمال المطلق) تحتاج في منظومة الثقافة الإسلامية إلى مقومات لابد من توفرها، ومن تحرك على هذا الطريق فهو سالك، والسلوك يحتاج إلى استاذ يستمدّ عطاءه من الله سبحانه (أستاذ إلهي).

 

مقدمة

شكراً لا يتناهى لله الذي لا موجودَ إلاّ نتيجة جوده، وكلّ موجود يلهج بحمده وثنائه:  ) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (، شكراً له سبحانه أن خطّ نقوش النفوس على صفحة العدم، وأغدق ماء حياة المعرفة على ظلمات صفات بني آدم :) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ( ويسّرَ للعطشى الطالبين بقدم صدق سبيلَ اجتيازِ ظلمات الصفات البشرية، وبعنايته سبحانه هدى الخضر ورهط الخضر من نيران العشق الى منبع ماء حياة المعرفة. وسلاماً لا أمَدَ لـه على تلك الأرواح المقدسة الطاهرة من الأنبياء والاوصيـــاء والأولياء الذين سلكوا مسالك الحقيقة وكانوا المقتدى في ممالك الشريعة: )اولئك الذين آتيناهم الكتابَ والحكم والنبوّة( خاصة على قائد رهط الأنبياء والأوصياء والأولياء محمد صلى الله عليه وآله.

وجودُ الانسان هو الهدف من الخليقة ، وكل ما كان له وجود في العالَمين إنما هو بالتبع للانسان. والقصد من خلق الانسان الوصول الى كمال معرفة ذات الباري تعالى وصفاته. ومثل هذه المعرفة لا تتحقق إلاّ بالانسان، الانسان الذي يحمل روحاً طاهرة.

ما ينكشف أمام رؤية الروح من معاني الغيب لا يقبل النقص، لأن رؤية هذه الروح مسدّدة بمدد من نور الله: «اتقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله».

أما نصيب غير الروح من المعاني فهو خاضع للوهم والخيال.

إن المحبّة التي هي من صفات الروح قد سبقت الروح نفسها، وهذا بسبب تشرّفها بـ )يحبّونه(. الروح لا ترتبط بالقِدَم سوى ارتباطها بالمحبّة، وما أدراك مافي هذا الامر من الأسرار. سيدنا داود عليه السلام سأل: «ياربّ لماذا خلقت الخلق؟» أُجيب: «كنتُ كنزاً مخفيّاً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرَف».

الروح الانسانية أصبحت أشرف الكائنات لهذه الاضافة : )من روحي( وصارت موضع تكريم خاص من ربّ العالمين: )وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ( (الاسراء:70). أي إنّ الانسان محمول عنايتنا، العلاقة بيننا علاقة عاشق ومعشوق، مايقع بيننا وبين الآدمي لايقع بيننا وبين أي موجود آخر. أعباء عشق المعشوق إنما يتحملها العاشق، وأعباء عشق العاشق إنما يتحملها المعشوق.

طلب العاشق للمعشوق هنا لا يتقدم على طلب المعشوق للعاشق؛ بل طلب المعشوق مقدم على طلب العاشق، لأن العاشق – قبل وجوده – ماكان مريداً للمعشوق، لكن المعشوق – قبل وجود العاشق – كان مريداً له. عشق العاشق جاء من سدى )يحبّهم( ولحمة )يحبّونه(. انطلق هذا المفهوم من إشارة: «فأجبت أن أعرف».

الانس والجن والملك مشتركون في التعبّد، لكنّ الانسان تميّز في قبول حمل أعباء المعرفة بين الكائنات: )إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ ( (الأحزاب:72) امتنعت جميعها عن قبول الأمانة إلاّ الانسان )وحَمَلَها الانسان(. حملُ أعباء المعرفة والأمانة الإلهية لا يستحقّها سوى الانسان.

الانسان هو الذي صار قلبه مرآة تعكس جمال الألوهية: «خلق آدم على صورته». القلب مرآة إلهية، والعالَمين إطار هذه المرآة. إذا بلغت مرآة قلب الإنسان كمال مرتبة صفائها، يعلم المرء حينئذ مَنْ هو، ولأي هدف جاء، ولماذا كلّ هذه الكرامة والفضيلة.

أيها الانسان! كل الانبياء العظام ماجاءوا الى العالم بأمر جديد، ولم يُلقوا في صدرك خبراً جديداً، بل فعّلوا ماكان مودعاً في صدرك، ودَعَوك الى أداء ماكنت قد حُمّلته من وديعة: ) وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ (.

أيها الانسان! أيها النسخة الكاملة لرسالة ربّ العالمين! يا مرآة جمال الألوهيّة! يا مَنْ كلّ مافي الكون ليس بخارج عنك! ماتريده اطلبه من نفسك إذ هناك المطلوب الحقيقي والحبيب الأزلي.

لكن مرآة قلب الآدمي – حتى تصل الى كمال مرتبة صفائها – تحتاج الى أن تقطع كثيراً من المهالك والمسالك، ولا يتمّ ذلك إلاّ بسلوك شعاب الشريعة والحقيقة والطريقة.

الشريعة هي الطريقة طبعاً، وهي تعاليم الاسلام . ولا طريق يبلغ بالانسان الى سعادته سوى تعاليم الاسلام . الشريعة عين الطريقة، والطريقة عين الشريعة، لذلك كان تقسيمُ علماء الدين الى علماء شريعة وعلماء طريقة ليس له موضوع ولا أساس.

علم الشريعة هو الأول وهو الآخر ، وهو الظاهر وهو الباطن، وهو مبدأ العمل بوجهٍ، وهو غاية العمل بوجه آخر. إذن، أولاً الايمان والعلم بالشريعة، وآخراً الايمان والعلم بالشريعة كذلك. لكن الفاصلة بينهما كالفاصلة بين الأرض والسماء، الاول قشر ومجاز، والآخر اللبّ والحقيقة، لأن تعاليم الاسلام جامعة لكل الفضائل وجميع الكمالات ومنبع كل علم.

المريد الصادق والسالك العاشق يطالع عن صدق وتأنٍ، لا عن هوًى وتمنٍ. عندئذ يعلم من هو، ومن أين جاء، وكيف أتى، ولأي هدف جاء، والى أين يذهب، وماهو قصده، ومن هو هدفه الأسمى. ويعلم ماهي حكمة نزول الروح العلوية الى التراب السفلي، وسبب مفارقتها ذلك القالب وقطع تعلّقها به، ولماذا نشرها في الحشر بكسوة القالب. في هذه الحالة، يخرج من زمرة) أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ( ويصل الى المرتبة الانسانية، ويتخلص من حجاب الغفلة: )يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ(، ويتحرك بذوق وشوق على طريق الحق، وما حصل في نظره حققه في عمله، إذ إن ثمرة النظر الايمان، وثمرة الحركة العرفان.

كعبة الوصال هي أيضاً مثل كعبة الصورة لها طريق من كل الجهات:)وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (. مراحل هذا الطريق يمكن قطعها بالارادة والشوق والمحبّة. لكن العشق لا يصل الى مقام التحقّق إلاّ إذا كان العاشق مطيعاً ومنقاداً بصورة تامة للمعشوق: )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (.

هذا التوفيق إنما يليق بمن بلغ بمراتب معرفة نفسه عن طريق التزكية والتهذيب حدّ الكمال. وصار في منطقة جاذبة الألوهية، واستغرق في بحر عشق المحبوب الأزلي والعقل الكلي، وعرّض نفسه لشعلة الشمعة الازلية، وحوّل وجود الانسان الى لهيب نار، وفي هذا المقام تكون النار مباركة له ولمن حول النار: ) أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا (.

المجذوب السالك هو عاشق ومعشوق وعشق، فذهاب العوارض يصحبه ذهاب الثنائية وظهور الوحدة.  الكثرة يحلّ محلّها نور الوحدة والتوحّد. الكثرة التي هي أمر موهوم تزول كلما ازدادت المعرفة، والسفر الروحاني والمعنوي لايتم إلاّ بالهجرة من الكثرة الى الوحدة، أو من النكرة الى المعرفة. هذا المقام يناله السالكون الذين وصلوا الى أعلى مراتب التوحيد أي الى «لا إله الاّ الله». عن أنفسهم فنوا، وبه ظلّوا وبقوا.

نعم، مازال الوجود المجازي باقياً لايمكن التنعّم بالوجود الحقيقي الى أعلى حدّ، إلاّ بقدر مانقص من الوجود المجازي. كل الأنبياء والأوصياء والأولياء سَعَوا لتحقّق هذا الوجود، وجميعهم ضحّوا بالوجود البشري من أجل عشق المعشوق، ولكن بقي من كل واحد منهم ظِلّ وشيء لم يحترق كليّة، لكن محمداً (ص) قد أفنى وجوده تماماً في نار عشق المعشوق.. في شعلة الجمال الأزلي.

فخر سائر الانبياء بمقام الولاية والامامة والهداية. أما حبيب الله(ص) كان يرى نصيبه في فقدان النصيب، وحظّه في فقدان الحظّ، ومراده في فقدان المراد، ووجوده في الفناء، وغناه في الفقر: «الفقرفخري». لأن العاشق يجب أن يذهب الى المعشوق بيد خالية. ياعاشق ربّ العالمين طريقك ذروةالعشق، هذا الطريق لابدّ أن يؤدّي الى الفناء، والإمامة والسيادة كلها من تعيّنات الوجود.

السالك يجب أن يعرف أن مبدأ هذه الحركات الالهية ومنشأها هو الإرادة الالهية. الإرادة بذرة كل ألوان السعادة، وهذه الصفة ليست من الصفات الانسانية بل هي إشعاع من أنوار صفات الارادة الالهية، وما دام الحقّ تعالى لم يتجلّ بهذه الصفة في روح العبد لا يكون ذاك العبد مريداً. هذا النور ينقدح في البداية مثل شرارة نار في حرّاقة، إنْ لم يتبع ذلك بثقاب ولم يُمَدَّ بحطب فإنّه ينطفئ ويزول، وذلك المدد ليس سوى تعليم الاساتذة الالهيين: «الشيخ في قومه كالنبي في أمّته».

حديث العارفين يثير دواعي الشوق وبواعث الطلب في قلوب الطالبين ويحوّل شرارة المحبة في باطنهم الى لهيب، خاصة أنه يصدر عن عاشق صادق وكامل محقق. كلامهم قليل الحجم كثير المعنى. كأس يتراءى فيه كل العالم، مرآة تعكس الجمال، يستفيد منها المبتدئ الناقص ويفيد منها المنتهي الكامل. لكن الغافلين ليس لهم حظّ من عظمة هذا الحديث، ولا يعلمون بأي مفتاح ينفتح قفل السعادة الأبدية.

المفتون والمغرور في هذا الطريق من ظنّ أنه يقطعه بالاعتماد على نفسه بخطوات بشرية، غافلاً عن أن طريق كعبة الصورة لايمكن قطعه بدون دليل، فما بالك باجتياز مراحل كعبة الوصال. السالك الحقيقي يهبّ للبحث عن أستاذ كامل، إن لم يجده في المشرق يبحث عنه في المغرب. إنه يعلم أن حصول الحقيقة بواسطة المتظاهرين بالعلم والعرفان والارشاد غير ممكن لأن هؤلاء في مقام البطر والراحة والتنعم، ليس لهم نصيب لا من العرفان ولا من الإيقان.

نعم، الحقائق لايمكن نيلها من صومعة المتظاهرين بالرهبنة والدروشة والتنسك، فهؤلاء من المخذولين في محضر الله تعالى وإن تظاهروا بلباس الاسلام، لكنهم في باطنهم قد ارتدوا لباس الكفر. وعاقبة أعمالهم الخالية من الايمان ورياضاتهم الفارغة من المعنى نارٌ يصلونها حامية، غير أنّ عاقبة الرجال الالهيين الذين تشرق على قلوبهم شمس الاسلام ويهبّ على ساحة تقرّبهم نسيم الكرامة من ستار العناية أنْ كانوا )في جنة عالية(.

تحية وسلاماً للأرواح المقدسة الطاهرة للأولياء الذين تحرروا من هذه المرتبة ووصلوا الى مقام قرب المحبوب وكسبوا استحقاق التنعّم بحريم العزّة في لهيب العشق الالهي، ثم بعدها تركوا تلك الساحة الطاهرة وعادوا الى الارض وزجّوا بأنفسهم من جديد في سجن الجسد المظلم الضيّق الترابي، ليهدوا التائهين في صحراء الغفلة والجهل، وينقذوهم من مستنقع الشقاء والعمى، ويوصلوهم الى ساحل النجاة.

وسلاماً على ولهى شهود العشق الالهي الذين رأوا القتل بيد القساة هو عين السعادة وعين الفيض السماوي، فتحملوا أنواع العذاب والأذى والألم، فراحوا ملبين يطلبون كأس الشهادة من يد الطغاة، وتجرّعوه ليثيروا في البشرية الغَيرة والهمّة، ويزيحوا عن عين بصيرة الناس غشاوة الغفلة، ويوقدوا نار العشق الالهي في قلوبهم الكئيبة.

سلاما وتحية لا ينتهيان على خاتم دائرة الكمال محمد(ص) وأهل بيته الطاهرين، روّاد المحبة، ورافعي لواء الحمد والمعرفة. اللهم بحقهم وفقنا لما نأمله من وصال، فبيدك العاقبة والمآل.

 

رحلة الى كعبة الحبيب

لو التفت الانسان الى نفسه لألفى أنه محتاج الى غيره، وهذا الاحتياج من مظاهر النقص في الموجود البشري، وحين يقف على هذاالنقص يعتمل في باطنه شوق الى طلب الكمال، وطلب الكمال يحتاج الى حركة، ومن ينهض بهذه الحركة ينبغي له أن يراعي عدة أمور ليصل الى مبتغاه:

الأول: الزاد الذي يعينه على هذه الحركة.

الثاني: إزالة الموانع التي تعيق مسيرته في هذا الطريق.

الثالث:  الحركة التي يصل بها من المبدأ الى المقصد.

الرابع: الانتباه الى معالم الطريق ومايعتري السائر في أثنائه.

الخامس: الانتباه الى الحالات التي تعتري السائر في أواخر المسير بشكل خاص.

السادس: الاهتمام بنهاية المسير.

الاول: زاد الرحلة

سالك طريق الله يحتاج الى زاد يتمثل بالطاقة الايمانية بالله سبحانه. والايمان بالله له آثاره الدنيوية والاخروية والظاهرية والباطنية، ولهذه الآثار مراتب ودرجات، الآثار الدنيوية ترتبط بهذا العالم، لكن الآثار الأخروية تتوقف على علاقة روحية واعتقاد قلبي.

والسالك لا يستطيع أن يصل الى المقصد المطلوب دون ثبات على الايمان، والثبات على الايمان عبارة عن تحقق الجزم، ومالم يقترن الجزم بالايمان لايمكن أن يتحقق الكمال المنشود.

شعار السالك الصدق والاخلاص، والصدّيق من كان الصدق ملكة في جميع حالاته وصفاته وأقواله وأفعاله. والمقصود من الإخلاص أن السالك لا يبتغي فيما يفعل ويقول سوى التقرّب من الله سبحانه، دون أن يشوب نيّته غرض من الاغراض.. لأن كل هذه الأغراض هي في مقام الاخلاص شرك خفي. ويتحقق الإخلاص حين يرى المؤمن أنّ مايعمله من حسنات ليس من نفسه، إنما هي من فضل الله عليه، وأن ما عمله من خير إنّما هو بحول الله وقوّته.

الايمان في كل فرد هو ارتباطه بخالقه، ولهذا الارتباط مراتب، وأسمى هذه المراتب درجة المعرفة الشهودية التي يفيضها الله سبحانه على القلوب اللائقة المستعدّة. وفي هذا المقام تزول الحُجُب الظاهرية والباطنية وتنكشف الحقائق، وكما أن الفرد النائم تنكشف أمامه بعض الحقائق بسبب زوال حجاب الجسد وبعض الحجب الأخرى، كذلك سالك طريق الله يحصل له في حالة اليقظة شهود الحقائق بعين الباطن. ولا يتحصل هذا المقام إلاّ بتفريغ الوجود من الصفات الحيوانية. كما قال العرفاء: كونوا أمواتاً في صفاتكم الحيوانية وأحياء في صفاتكم الالهية.

الثاني: رفع الموانع

لا تتيسّر مواصلة الطريق دون إزالة العوائق والموانع، ومنها المعاصي والسيئات، ولايمكن إزالتها إلاّ بالتوبة. وعلى السالك أن يعلم أنّ أفعال العباد على خمسة أقسام:

الأول: الفعل الواجب الذي لا يجوز تركه.

الثاني: الحرام الذي لا يجوز ارتكابه.

الثالث: المستحب ، وهو ما كان الاتيان به أولى من تركه.

الرابع: المكروه، وهو ماكان تركه أولى من إتيانه.

الخامس: المباح الذي يتساوى فيه الترك والإتيان.

وما يتوجّب على السالك عقلاً وشرعاً القسمان الأوّلان، أي فعل الواجب وترك الحرام. كما أن السالك لا يترك مستحباً، ولا يعمد الى مكروه، لأن ترك المستحب وترك تجنب المكروه هو من باب ترك الاولى. وليس ذلك في الاقوال والاحوال والجوارح فحسب بل حتى فيما يدور في الفكر ويخطر على القلب من خيال، لأنهم يحبون ما استحبّه الله ويكرهون ماكرّهه، ويرون أن التوجّه الى غير الله سبحانه ذنباً.

الوصول الى المقصد يتوقف على شرطين:

الاول – العلم بأقسام الافعال، أيّ منها يوصل العبد الى الكمال.

والثاني: فهم نتائج تحقّق الكمال.

والسالك الذي يتوفر فيه هذان الشرطان، لا يرتكب ذنباً البتة، وإذا ارتكب فإنه يسارع الى التوبة.

والتوبة تشتمل على جانبين:

الاول – يرتبط بما مضى من زمان. والثاني – بالحال والمستقبل.

بالنسبة للماضي تتمثل في الاسف والندم على ماصدر عنه من ذنب والسعي لتلافي هذا الذنب تجاه ثلاثة:

الاول – تجاه الله الذي عصاه.

الثاني – تجاه النفس التي عرّضها للنقص والهوان وغضب الله.

الثالث – تجاه الفرد الذي عرّضه لضرر قولي أو فعلي.

وإذا كان الذنب مما أنزل الضرر بالآخرين، فلا تحصل التوبة دون رفع ذلك الضرر، فإذا كان بالقول فلابد من الاعتذار وطلب الصفح، وإن كان بالفعل والمال، فلابدّ من ردّ الحقّ الى صاحبه. وأما تلافي الذنب تجاه النفس فباخضاعها لطاعة الله ومخالفة هواها. وتلافيه تجاه الله سبحانه يكون بالعودة الى حضرته بالرياضة والعبادة.

ومايرتبط بالجانب الحالي والمستقبلي من التوبة، فهو العزم القاطع على ترك المعاصي والسير على طريق طاعة الله.

والتوبة من أعظم ماكرّم الله به الانسان، ومايسّر له من سبيل الكمال والرقيّ الدنيوي والاخروي لأن أكبر عائق أمام مسيرة الانسان التكاملية هو الذنب،  ومنبع جميع الآفات ظلمة الذنوب، والتوبة تزيل هذا العائق وتمهّد الطريق أمام مواصلة المسير، وتغسل القلب من أدرانه وتجعل الانسان يشعر بالاشراق والتوهّج اللازمين لارتقاء سلّم الكمال.

 

الثالث – الحركة

الطاقة التي تساعد الانسان على مواصلة الحركة من المبدأ الى المقصد هي الزهد. والزاهد من تحلّى بثلاث خصال:

الاولى : مجاهدة النفس الامارة بالسوء، والتحرر من المظاهر الدنيوية الخادعة.

الثانية:  تزكية الاعمال.

الثالثة: بذل الجوارح على طريق الله سبحانه.

الزاهد لا ينشدّ الى ماينشدّ اليه الناس العاديون من مال ومتاع وزخرف، لأنه يعلم أن الله أعدّ لاوليائه في الآخرة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

والزاهد لا يرى زهده  ولا يطلب لذلك قَدرا وقيمة ومنزلة ولا يصيبه العُجب بنفسه لأن العُجب حجاب، وهو لا يريد أن يكون بينه وبين الله أي حجاب. ولا يمكن أن يصل السالك الى المقصود الاّ إذا تحرّر من عبادة الذات وانطلق في رحاب عبادة الله الواحد الاحد.

الانجراف في عاصفة الاهواء يحول دون مواصلة الطريق نحو الله، ولا يمكن مقاومة هذه العاصفة دونما زاد من الزهد، ولا يتوفّر هذا الزاد إلاّ بالرياضة.

والرياضة من الترويض ، يقال : روّض الحيوان أي طوّعه وجعله منقاداً اليه. وترويض النفس السيطرة على رغباتها ومنعها من الجموح والشطط، وصدّها عن الانقياد وراء القوى الشهوية والغضبيّة وما يرتبط بهما، وتطويعها للانقياد بأوامر الله سبحانه.

المقصود من الرياضة الصبر.. الصبر على رفع موانع الطريق من العوائق الباطنية والظاهرية، وتحلّي النفس بالثبات على مامن شأنه إيصال الإنسان الى فيض الله سبحانه.

الصبر ضبط النفس عن الجزع حين وقوع المكاره، وهو في المعنى تقبل المشاكل والشدائد بوقار، والصبر يقتضي الانس بالمحبوب، العارف الكامل ، لا يرى، في الصعاب، إلاّ مَن ابتلاه، ويفضّل مُراد الحقّ على أيّ مراد آخر، ولذلك لا يعتري العارف تزلزل في المصاعب والشدائد، ولا ينثني عن طريق الحق، ويستمد باستمرار من الفيض الأقدس، ويستضيء بنور جماله، هؤلاء يعلمون أن هذه المشاكل هي في الواقع من عوامل إزالة الحُجُب، ويودون أن يروا المحبوب دونما حجاب.

الرابع – معالم الطريق

مايعتري السالك من المبدأ الى المقصد من مراحل تسمى بالاصول. لأنها أساس السلوك. ومالم يطو هذه المراحل لايبلغ منزل القلب والكعبة المنشودة. وهي عبارة عن: الارادة، والشوق، والمحبة، والمعرفة، واليقين.

واختلاف درجات السالكين الى الله تختلف باختلاف درجات قلوبهم، وكل من كانت درجاته القلبية أسمى كانت درجته أرقى.

الإرادة: العزم على إخراج الغريب من بيت المعشوق والمحبوب الحقيقي. ولا يتحقق ذلك إلاّ بالانقياد الى أوامر الشرع. وفي هذا المقام يخلو القلب من الساكن الغريب.

والشوق: حركة الروح نحو لقاء الله، ولا يتيسّر اللقاء بدون رجاء. والسالك بعد أن تشتد إرادته وعزيمته يحتاج الى دفعة من الشوق، وكلّما ارتقى في سلوكه يزداد شوقه حتى يرى ذاته حائلاً بينه وبين المحبوب.

ومن أحوال سالك الطريق المحبّة تجاه المحبوب الحقيقي. والمحبّة جارية وثابتة في كل المخلوقات. في الفلك محبّة هي مقتضى حركته، وفي العناصر محبّة تجعلها تميل الى مكانها الطبيعي. وفي النباتات محبّة تحركها على طريق التغذّي والنموّ، وفي الحيوانات محبّة هي سبب مابينها من أنس وألفة. وفي الكائن البشري محبّة تتحقّق على أثرها ثلاثة أمور:

الاول – اللذة، وهي إما جسمية أو غير جسمية، وهمية أو حقيقية.

الثاني – المنفعة، وهي أيضا إما مجازية أو حقيقية.

الثالث – مشاكلة الجوهر، وهي إما عامة أو خاصة، فالعامّة هي المشاكلة بين شخصين في الخلق والأخلاق، وانشراح كل منهما بسلوك الآخر وأفعاله، والخاصة تقتصر على أهل الحق، كحب طالب الكمال للكمال المطلق.

المحبة مع تصوّر مافي المحبوب من رحمة لامتناهية تقتضي الرجاء، ولأنَّ مايصدر عن المحبوب محبوب، فذلك يقتضي مقام الرضا، والرضا يستلزم تسليم المحب الى المحبوب، ومن هنا فان العارفين لايرون سوى الله ولا يفكرون بغير الله.

ومن الاحوال التي تقترن بسلوك سالكي طريق الحق وهم في طريق المقصد: «المعرفة». والمعرفة الإحاطة بحقيقة الشيء ذاتاً وصفاتاً. والمعرفة لا تتحقق إلاّ بما أودعه المعروف في العارف من الوجود وكمال الوجود. ولذلك فإن خاتم الانبياء (ص) اكتفى في معرفة الباري بمعرفة كتاب الأنفس.

سالك طريق الحق يعرف الصانع من المصنوع، ويتوصل من كل موجود الى الموجد حتى لا يرى غير الصانع. ويشاهد جميع المصنوعات فانية في بحر الابديّة.

وللمعرفة مراتب، فمن الناس من ليس لهم سوى الاستماع الى صفات الله تعالى وهم المقلّدون . ومنهم من يعرفون بالدليل والبرهان أنّ لهم صانعاً، وكل دليل وبرهان هو بمثابة نافذة يطلّون منها على الخالق سبحانه، وجماعة بما عندهم من معرفة وعبودية وطاعة يشاهدون باستمرار لطف الله سبحانه. وجماعة ترتقي معرفتهم الى درجة المعاينة، يتحسّسون فيها كل آن بقلوبهم رحمة ربّ العالمين. وهؤلاء هم العارفون.

«اليقين» أفضل وسيلة لسلوك طريق الله، تزيل شدائد السفر وتوصل العارف الى كعبة الآمال، ولليقين مراتب:

الاولى – علم اليقين، وهو ما يحصل للسالكين الى الله عن طريق النظر في الآيات التكوينية والتدوينية والمعاجز والخوارق الصادرة عن الأنبياء والأولياء والرؤيا الصادقة، وعلم المنايا وكلٌّ منها جزء من  أجزاء النبوّة والرسالة.

الثانية: عين اليقين، وهي مشاهدة الأشياء بنور القلب.

الثالثة: حقّ اليقين، وهي عبارة عن تجلّي النور الالهي في قلوب السالكين، وفي هذا المقام تنمحي كل آثار الذاتية.

الخامس – حالات أواخر المسير

الحالات التي تعترض الطريق وخاصة في أواخر المسير عبارة عن: التوكل، والرضا، والتسليم، والتوحيد، والاتحاد.

«التوكل» إظهار العجز وعدم القدرة في كل الأمور، وانقطاع العبد عمّا سوى الله. ليس التوكل ترك الاعمال وتفويضها الى الله، بل يعني أن سالك طريق الحق لابدّ أن يعلم أن الشروط ليست مؤثرة في تحقيق جميع الاعمال، ووقوع جميع الاعمال لايتحقق بغير شروط، بل إن وقوع بعض الاعمال يتطلب شروطا. لو أن أحداً اعتقد بامكان وقوع كل الاعمال من غير شروط وقع في الجبر، وإذا نسب وقوع جميع الاعمال الى الشروط لوقع في القدر، ولو أمعن النظر فانه ليس ثمة جبر مطلق ولا قدر مطلق. والتوكل لا يحصل دون علم بالجبر والقدر. وكمال تحقق هذا العلم لا يتيسّر الاّ برياضة القوّة العاقلة.

ومن الحالات العارضة على أهل السلوك لغاية الوصول الى الكعبة المنشودة حال «الرضا». لذلك كان من شروط القاصد أن يثبّت مقام الرضا في البداية سواء عن طريق الطاعة أو بواسطة المجاهدة والرياضة.

مقام الرضا هو الانشراح بما قدّر الله، فالسالك لا يريد إلاّ ما أراد الله، وإلاّ كان بعيداً عن مقام الرضا. فالعاشق الحقيقي لا يريد إلاّ ماأراد المعشوق.

مقام الرضا لا يحصل إلاّ بفناء الارادة. وفناء الارادة في إرادة الله تعالى هو نفسه فناء الصفة في صفات الله سبحانه. وفناء الارادة لا يتحصّل إلاّ بترك الحظوظ النفسانية، وهذا مايصعب على الناس العاديين.

وفي الجملة الرضا هو التسليم لما أراده الله، وثمرته المحبّة، ويستلزم عدم إنكار ما أراده الله، لذلك فإن العارفين لايريدون غير ما أراده الله، في الظاهر أو الباطن، وفي القلب أو القول أو الفعل.

أهل الظاهر يطلبون رضا الله ليأمنوا من غضبه وعقابه. أما أهل الباطن يطلبون أن يكونوا راضين عن الله، فلا تخالف طبعهم أية حالة من موت وحياة وفناء وبقاء ومشقة وراحة، لعلمهم بأن كل ذلك يصدر عن الله، وهم لا يختارون شيئا بغير مراده وإرادته.

وكلّ من ترسّخ في طبعه تساوي الحالات المختلفة فانه لا يريد إلاّ ماأراد الله، لذلك قال العارفون: ما أصابه كان لازماً، وما كان لازماً له أصابه.

والله سبحانه يرضى عن العبد حين تكون الحالات المختلفة بالنسبة اليه متساوية، لذلك فان اللذات المعنوية هي من نصيب العارفين، لأنهم ليس عندهم: ينبغي ولا ينبغي، فكله عندهم كان ينبغي. ومن هنا فانهم لا يفرحون بما أتاهم ولا يأسفون على مافاتهم.

ومن حالات السالكين على طريق الحق «التسليم». ومقام التسليم فوق مقام التوكل. فالسالك في مقام التوكل يجعل الله وكيلاً لأعماله، ويرى أن تعلقه بعمله باقياً، لكنه في مقام التسليم يقطع هذا التعلق ويرى أن كل أمر إنما هو متعلق به سبحانه. وهذه المرتبة هي أيضا فوق مقام الرضا. إذ في مرحلة الرضا يصبح كل مايفعله الله موافقا لطبعه، ولكن في مرحلة التسليم يفوّض السالك طبعه وموافقته ومخالفته لله، أي ينتفي الطبع في هذا المقام فلا يبقي مجال للموافقة أو المخالفة. وللتسليم مراتب:

الاولى: تسليم السالك لما يشاهده في عالم الشهادة من عالم الغيب، بسبب سماويّ أو أرضي. ويجب على السالك أن يحذر من أن تسبب هذه الحوادث في قلبه شكاً أو شبهة.

الثانية: تسليم علم الظاهر الى العلم الباطن. لأن بعض الأمور تخفى عن نظر السالك ولا يعلم ما فيها من حكمة ومصلحة سوى الله.

الثالثة: تسليم ماسوى الله لله سبحانه دون أن يشاهد تسليمه. إذ لا يبقى شيء من ظلمات عالم الامكان في شهود تجلّي الله. لأن العارف في هذه المرتبة يصبح خالصاً لشهود الله وصفاته وأفعاله، ولذلك يبقى سالماً من شهود التسليم وسائر متعلقاته.

و«التوحيد» له مراتب:

الاولى: يتوصل الى خالق الكائنات من النظر في الآيات والاستدلال بالمصنوعات.

الثانية: بعد أن يطوي مراحل النظر والاستدلال يُعرض عن جميع الأدلة العقلية والنقلية، إذ يرى الادلة المشتملة على القياس والمناقشة حجاباً، لأن العارفين رأوا المحبوب في مشاهداتهم الغيبية اللاريبية.

ثمة فرق بين التوحيد والاتحاد، التوحيد أن يوحّد، وفيه شائبة التكلف، ومن تخلّص من هذه الشائبة وترسّخت في قلبه الوحدة المطلقة فقد وصل الى الاتّحاد.

و«الاتحاد» ليس ما توهّمه بعضهم، فخال أن الاتحاد الذي يقول به العرفاء هو وحدة الخالق والمخلوق، فراح يسلّط عليهم لسان الطعن والكفر والتفسيق، بل مراد العارفين من الاتحاد هو أنهم لا يرون سوى الله، ويقولون دونما تكلّف أنّ ماسوى الله فهو من الله.

 

السادس – نهاية المسير

الفناء عبارة عن نهاية السير الى الله وبداية السير في الله. المقصود بالفناء فناء ماسوى الله في هذا المقام علماً وحالاً وشهوداً.

على صعيد العلم يعلم أن ماسوى الله زائل، لأن حقيقة الوجود منحصرة بوجوده سبحانه، وماسواه موجود بوجوده.

وعلى مستوى الحال ، يكون حاله بالنسبة لماسوى الله كحال من يشاهد سراباً ويعلم أنه سراب.

وفي دائرة الشهود أن يرى السالك، بعد فناء الموجودات في نظرة علماً وحالاً، فناء كلّ ماسوى الله حتى فناء نفسه.

والسالك في سفره الى الله لابدّ أن يسير بقدم صدق ليقطع كل هذه المنازل دفعة واحدة، والسير في الله يتحقق حين يبلغ هذا الفناء درجة الكمال.

 

الحاجة الى الاستاذ الالهي

وراء جميع هذه التحولات في نفس السالك تعاليم الاستاذ الالهي. فسنة الله جرت أن لا يصل السالك إليه دونما أستاذ. ويخطئ من يظن أنه يستطيع أن يصل الى المنزل المقصود دونما أستاذ، إذ لا يصل هذا الشخص الى مبتغاه، ويُخاف عليه من الوقوع في ورطة الهلاك. من أراد أن يتصرّف بنفسه وفق هواه فقد عرّض نفسه للأخطار والمهالك.

القرآن الكريم – الذي يحمل بين دفتيه جميع العلوم الروحية وجملة مايحتاجه الانسان لمعالجة الأمراض النفسية:  )وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِين( - كان عند طبيب حاذق هو الرسول الاكرم(ص)، وهو العالم بجملة الأمراض وبعلاجها: ) وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم (. وبعض الصحابة قد أخذوا هذا العلم من حضرته، وبلغوا الكمال في العلاج. ولا يخلو عصر من هؤلاء الاطباء الالهيين، وإذا أراد أحد أن يعالج نفسه دون الرجوع اليهم فقد وقع في الهلاك، لابدّ أن يسلّم نفسه لطبيب حاذق له كمال المعرفة بالامزجة الروحية المختلفة.

السالك الى الله يجب أن يفعّل ما اعتمل في نفسه من نية وإرادة صادقة، ويغتنم فرصة ظهور بذرة الارادة في قلبه فيغذّيها لينمّيها، وهذا الغذاء لايمكن استحصاله إلاّ من بستان الاساتذة الالهيين. السالك الحقيقي بحّاث عن الاستاذ الهادي، إن لم يجده في المشرق رحل اليه في المغرب، وإذا حالت الموانع دون وصوله الى الاستاذ يزيل هذه الموانع بقوّة ساعد الارادة.

لو أن سعيداً استطاع أن يأتي البيوت من أبوابها: ) وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ( وربّى روحه بقانون الشرع، وبلغ بمراتب التقوى ذروة الكمال، فإنه – كما كان في عالَم الغيب عالِماً بالكليّات - يصبح عالماً بما  في عالمي الغيب والشهادة من كليات وجزئيات ، ويرى دونما ستار جمال الحق وجلاله.

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أعمال أيام مطلق الشهر و لياليه و أدعيتهما
هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام
الفرق بين علوم القرآن والتفسير
وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

 
user comment