السؤال: هل صحيح أنّ الشيعة لا يقبلون بمصادر أهل السنّة كصحيح البخاري ومسلم والصحاح الست ؟ وأنّ رأي أئمّتهم مقدّم ، بل ناسخ لما قد ورد في القرآن الكريم ، أو على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
ما هي أهمّ مصادر الشيعة التي يبنون عليها عقائدهم وتشريعاتهم ؟
الجواب : نعم ، إنّ الشيعة لا تقبل بالبخاري ومسلم ، وبقية الصحاح الست ، لما فيها من الإسرائيليات ، والأحاديث التي فيها إهانات صريحة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وللأنبياء (عليهم السلام) .
ثمّ لا يوجد عند الشيعة كتاب صحيح من أوّله إلى آخره ، غير القرآن
____________
1- الكافي 4 / 239 .
2- تهذيب التهذيب 11 / 148 .
3- فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : 430 .
4- فهرست كتب الشيعة وأُصولهم : 478 .
|
الصفحة 338 |
|
الكريم ، فكلّ كتاب غير القرآن يخضع للبحث السندي ، فإذا صحّ سنده عملت به وإلاّ فلا .
ثمّ كلّ ما ترويه الشيعة عن الأئمّة (عليهم السلام) ، هو بعينه حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حيث صرّح الأئمّة : إنّ حديثنا هو حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : " يا جابر ، إنّا لو كنّا نحدّثكم برأينا وهَوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم " (1) .
وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضاً قال : " لو أنّا حدّثنا برأينا ضللنا ، كما ضلّ من كان قبلنا ، ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربّنا ، بيّنها لنبيّه ، فبيّنها لنا " (2) .
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) : " إنّا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّها آثار من رسول لله (صلى الله عليه وآله)، أصل علم نتوارثها كابر عن كابر عن كابر ، نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضّتهم " (3) .
وأمّا أهمّ مصادر الشيعة الروائية لأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) كثيرة جدّاً ، منها : الكافي والتهذيب والاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، و ... .
( معصومة . باكستان ... )
موقف كاشف الغطاء من مؤتمر لبنان :
السؤال: أرجو منكم أن تحسنوا لي : وذلك بإرسال التفاصيل حول المؤتمر الذي أُقيم في لبنان ، والذي نظّم من قبل الأمريكان ، عام 1954 أو 1956 ، وكان للعلاّمة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء دور كبير فيه .
فأرجو منكم أن تساعدونني في الحصول على تفاصيل ذلك المؤتمر .
____________
1- بصائر الدرجات : 319 ، الاختصاص : 280 .
2- بصائر الدرجات : 319 ، إعلام الورى 1 / 508 .
3- بصائر الدرجات : 319 .
|
الصفحة 339 |
|
الجواب : يحاول المستعمرون وكما يعرف ذلك الجميع خدمة أغراضهم السياسية ، وطموحاتهم غير الشرعية ، بشتّى الوسائل التي تتفتق عنها مخيِّلتهم النهمة ، متستّرين وصولاً إلى ذلك بأشكال مختلفة من الشعارات والعناوين الجذّابة ، مستدرجين من تنطلي عليه أكاذيبهم وأحابيلهم التي لا تغرب حقيقتها عن ذوي الألباب .
نعم ، وصورة تلك الحال كانت واضحة في المؤتمر ، الذي دعت له جمعية أصدقاء الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية ، للانعقاد بتاريخ 22 نيسان عام (1954م) في لبنان ، وبالتحديد في مدينة بحمدون ، وحينها تلقّى الشيخ كاشف الغطاء (قدس سره) دعوة رسمية موجّهة من قبل كارلند ايفانز هوبنكز نائب رئيس تلك الجمعية ، لحضور هذا المؤتمر ، الذي ينحصر على حدّ زعمهم بعلماء المسلمين والمسيحيين ، وأن تتحدَّد أعمال هذا المؤتمر بمناقشة ودراسة المواضيع التالية :
1-دراسة القيم الروحية للديانتين الإسلامية والمسيحية .
2-تحديد موقف الديانتين من الأفكار الشيوعية الإلحادية .
3-وضع البرامج الكفيلة بنقل القيم الروحية التي تؤمن بها الديانتان إلى الجيل الحديث .
وكان غير خافٍ على أحد أنَّ الغرض المتوخّى من إقامة هذا المؤتمر الذي كانت تروِّج له الإدارة الأمريكية آنذاك هو تسخير المسلمين وعلمائهم كاتباع منفّذين للسياسة الغربية ، التي هالها وأقلقها التوُّرم المظهري الكاذب ، لسريان الأفكار الشيوعية في أنحاء مختلفة من العالم ، أبّان تلك الحقبة الغابرة التي شهدت انخداع العديد من تلك الشعوب بتلك الأفكار الإلحادية ، التي ساهم في انتشارها حينذاك حدّة التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع الواحد وهو مرض الرأسمالية العضال تزامناً مع ما أُسمي بالثورة الصناعية ، واستثمار أصحاب رؤوس الأموال لحالة التفاوت الحاد بين عنصري العرض والطلب بعد الهجرة المكثّفة ، التي شهدتها المدن الصناعية الكبرى من القرى
|
الصفحة 340 |
|
والأرياف ، فانتهز دعاة هذه الأفكار المنحرفة حالة البؤس المزري ، التي أحاطت بالأيدي العاملة هناك ، من خلال خداعهم بحالة الفردوس المزعوم ، التي ستحقّقها لهم عند تصدّيها لقيادتهم ، ولكن الزمن أتى على كلِّ أكاذيبهم ففضحها ، وكلِّ حيلهم فأبطلها ، وسقطوا في مزبلة التاريخ بلا أسف عليهم .
نعم ، لقد كانت حالة الاضطراب التي بدأت تعمّ دوائر صناعة القرار في أوربا ، لمواجهة طغيان المدّ الشيوعي آنذاك هي التي دفعت أُولئك المفكِّرين إلى اللجوء إلى الدين ، كانجح سلاح لا تمتلك أمامه تلك القيم الإلحادية للنظرية الشيوعية شيئاً ، بل وتبدو قباله عاجزة تافهة ، وهو ما كان ولا زال يخشاه حملة تلك الأفكار ، والمروِّجين لها ، حمقاً بعد إفلاسهم .
وحقّاً ، فقد كان ذلك قراراً صائباً موفَّقاً ، لو انبعث من نوايا صادقة هدفها إسعاد البشرية ، ورفع الحيف عنها ، بيد أنّها أطروحة تفتَّقت عنها مخيَّلة جهة ، كانت ولا زالت مصدر محنة وبلاء ، بل وعاصفة سوداء أُبتليت بها الإنسانية عامَّة ، والشعوب الإسلامية خاصّة ، وعلى امتداد التاريخ المعاصر ، وحتّى يومنا هذا ، فكانوا بحقّ أسوأ بكثير ممَّن يستثيرون بالمسلمين والمسيحيين الهمم لمواجهتهم .
ومن هنا ، فقد كان موقف الشيخ كاشف الغطاء (قدس سره) حادّاً ، وصريحاً في رفضه لحضور هذا المؤتمر ، من خلال ما أرسله إلى المؤتمرين ، من جواب طويل أسماه " المُثل العليا في الإسلام لا في بحمدون " ، والذي أوضح فيه بصراحة جلية رأيه في مواضيع هذا المؤتمر وبحوثه ، مبيّناً ما توقّعه السياسة الأمريكية وحليفتها الإنكليزية من ظلم ، وتجني على شعوب العالم المستضعفة المغلوبة ، مع إشارته الواضحة إلى بُعد دعاة هذه السياسة ومباينتهم للقيم الروحية ، التي تدعو لها الأديان السماوية المختلفة ، وإنَّ من يُنادي بتلك القيم يجب عليه أن يكون من أوَّل العاملين بها ، والمؤمنين بحقيقتها ، وذلك ما لا ينطبق على الدعاة لعقد هذا المؤتمر والراعين له .
|
الصفحة 341 |
|
( السعودية . 17 سنة . طالب )