قالت عليها السّلام: واحمدوا الذي لعظمته ونوره.. يبتغي مَن في السماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خَلْقه، ونحن خاصّته ومحلّ قُدسه، ونحن حُجّتُه في غيبه، ونحن ورثة أنبيائه(1).
وذكّرت فقالت عليها السّلام: أنسِيتُم قول رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم غدير « خُمّ »: « مَن كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه » ؟! وقوله صلّى الله عليه وآله: « أنت منّي بمنزلة هارونَ مِن موسى » ؟!(2)
ورغّبت في حُسن النيّة فقالت عليها السّلام: مَن أصعد إلى الله خالصَ عبادته، أهبط اللهُ إليه أفضلَ مصلحته(3).
وأجابت امرأةً جاءتها بسؤال زوجها أنّه مِن شيعتهم أم لا، فقالت عليها السّلام لها: قولي له:
إن كنتَ تعملُ بما أمرناك، وتنتهي عمّا زجرناك عنه.. فأنت مِن شيعتنا، وإلاّ فلا(4).
وفي مكارم الأخلاق قالت عليها السّلام: البِشْر في وجه المؤمن يُوجِب لصاحبه الجنّة(5).
ونبّهت إلى المقام الأسمى فقالت عليها السّلام: أبَوا هذه الأُمّة: محمّدٌ وعليّ.. يُقيمانِ أودَهم، ويُنقذانِهم مِن العذاب الدائم إن أطاعوهما، ويُبيحانِهمُ النعيمَ الدائمَ إن وافقوهما(6).
وروت عن أبيها المصطفى صلّى الله عليه وآله، قالت عليها السّلام: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يعوّذ الحسن والحسين، ويُعلّمُهما هؤلاءِ الكلمات كما يعلّمهما السورة من القرآن، يقول: « أعوذُ بكلماتِ اللهِ التّامّة، مِن شرِّ كلِّ شيطانٍ وهامّة، ومِن كلِّ عينٍ لامّة »(7).
وتساءلت متعجّبة: ما يصنع الصائم بصيامٍ إذا لم يَصُنْ: لسانَه وسمعه وبصره وجوارحَه!(8)
وكان من أدعيتها عليها السّلام:
بسم الله الرحمن الرحيم، يا حيُّ يا قيّوم، برحمتِك أستغيثُ فأغِثْني، ولا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفةَ عينٍ أبدا، وأصلِحْ لي شاني كلَّه(9).
وكذا كان مِن دعائها سلام الله عليها:
اللهمّ قنّعْني بما رزقتَني، واسترني وعافني أبداً ما أبقيتني، واغفر لي وارحمني. اللهمّ لا تُعْيِني في طلبِ ما لا تُقدِّرُ لي، وما قدّرتَه عليّ فاجعلْه ميسّراً سهلا. اللهمّ كافِ عنّي والدَيَّ، وكلَّ مَن له نعمةٌ علَيّ خيرَ مكافأة. اللهمّ فرّغْني لِما خلقتَني له، ولا تشغلني بما تكفّلتَ لي به، ولا تعذّبْني وأنا أستغفرك، ولا تحرْمني وأنا أسألك.
اللهمّ ذلّلْ نفسي في نفسي، وعظِّمْ شأنك في نفسي، وألهِمْني طاعتَك، والعملَ بما يرضيك، والتجنّب لما يُسخطك.. يا أرحم الراحمين(10).
وقالت في خطبتها بياناً للتوحيد: وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، كلمةً جعل الإخلاصَ تأويلَها، وضمّن القلوب موصولها، وأنار في التفكير معقولها. الممتنع من الأبصار رؤيتُه، ومِن الألسن صفتُه، ومن الأوهام كيفيّته. ابتدع الأشياء لا مِن شيء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاءِ أمثلةٍ امتثلها، كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيّته، مِن غير حاجةٍ منه إلى تكوينها، ولا فائدةٍ له في تصويرها؛ إلاّ تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته، وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريّته، وإعزازاً لدعوته، ثمّ جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده من نقمته، وحياشةً لهم إلى جنّته(11).
وقالت عليها السّلام في بعثة أبيها رسول الله صلّى الله عليه وآله:
ابتعثه اللهُ إتماماً لأمره، وعزيمةً على إمضاء حُكْمه، وإنقاذاً لمقادير حتمه.. فرأى الأمم فِرَقاً في أديانها، عُكَّفاً على نيرانها، عابدةً لأوثانها، مُنكِرةً لله مع عرفانها.
فأنار الله بأبي محمّدٍ صلّى الله عليه وآله ظُلَمَها، وكشف عن القلوب بهمَها، وجلى عن الأبصار غممَها، وقام في الناس بالهداية، فأنقذهم من الغواية، وبصّرهم من العماية، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الصراط المستقيم(12).
وأعادت إلى الأذهان، فقالت عليها السّلام:
أمَا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله أبي يقول: « المرءُ يُحفَظُ في وُلْدِه » ؟!(13)
وكان من بيانها لعلل الشرائع والأحكام أن قالت سلام الله عليها:
فجعَلَ اللهُ الإيمانَ تطهيراً لكم من الشرك، والصلاةَ تنزيهاً لكم عن الكِبْر، والزكاةَ تزكيةً للنفس ونماءً في الرزق، والصيامَ تثبيتاً للإخلاص، والحَجَّ تشييداً للدِّين، والعدلَ تنسيقاً للقلوب، وطاعتَنا نظاماً للملّة، وإمامتَنا أماناً مِن الفُرقة، والجهادَ عِزّاً للإسلام، والصبرَ معونةً على استيجاب الأجر، والأمرَ بالمعروفِ مصلحةً للعامّة، وبِرَّ الوالدينِ وقايةً من السَّخَط، وصلةَ الأرحام مَنْماةً للعَدَد، والقِصاصَ حِصناً للدماء، والوفاءَ بالنَّذْر تعريضاً للمغفرة، وتوفيةَ المكاييل
source : alhassanain