أهل البيت (ع) رؤية قرآنية
لاشك فى أن أعظم وأكمل مصداق لما ورد فى القرآن الكريم من آيات حول الإيمان والجهاد والهجرة والإخلاص واليقين والأخلاق الحسنة، والعمل الصالح والعبادة وصلاة الليل والوفاء، والكرم والسخاء، وكل الصفات الإنسانية السامية، إنما هم أهل البيت (ع)، وهذا ما نراه جليّاً فى سيرتهم وما ورد عنهم من أخبار منثورة فى كتب الشيعة و السنة على حدّ سواء.
وهناك العديد من الكتب لدى الفريقين حول موضوع ما نزل من الآيات القرآنية الكريمة فى حق على (ع) وفى حق أهل البيت (ع).
فالقرآن الكريم يصرّح بشأن منزلة النبى (ص) الذى هو جدار أهل البيت وأساسه وأصله، أما ما ورد فى حق أهل البيت فقد ورد على شكل إشارات واضحة بيّنة.
والقرآن الكريم يخاطب بالدرجة الأولى ذوى الألباب والعقول وأصحاب الفكر من الذين يشرق النور فى باطنهم ويضىء الحق والإنصاف فى نفوسهم، وهذا الصنف من الناس سرعان ما يدركون أن القرآن الكريم، فى هذه الآية أو تلك أنما يعنى أهل بيت النبوّة وأنه لا يمكن تأويل هذه الآية أو تلك إلا بأهل البيت (ع) وأنهم هم المصداق الأكمل فيما يعنيه القرآن الكريم.
وقد صرّح القرآن الكريم بأن تفسير القرآن وتأويله لا يقدر عليه إلا من له فى العلم قدم راسخ وباع طويل، ومن آتاه الله الحكمة
اهل البيت (ع) ملائكة الارض، ص: 194
والعلم والعقل:
وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «1».
وقال الإمام الصادق (ع) بشأن هذه الآية الكريمة:
«نحن الراسخون فى العلم و نحن نعمل تأويله» «2».
ملامح من شخصية النبى (ص) فى القرآن الكريم
إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ ... «3».
وقد جاء فى الروايات أن صلوات الله على النبى (ص) هى رحمة خاصّة من قبل الله عزّ وجلّ خصّ بها النبى (ص) وأن صلاة الملائكة هى مدح وثناء أو طلب له من لدن الله عزّ وجلّ «4».
وقد بلغ من شأن النبى (ص) حدّا جعل بيعة الناس له بيعة مع الله عزّ وجلّ وعهد وميثاق.
إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ «5».
طاعة الله ورسوله
يصرح القرآن بأن طاعة الله والرسول ستقود الإنسان إلى الفوز فى الدنيا والآخرة:
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً «6».
كما أن القرآن يعلن بأن طاعة الله والرسول ستؤدى بالإنسان
______________________________
(1) سورة آل عمران: الآية 7.
(2) الكافى: 1/ 213، باب أن الراسخين فى العلم هم الأئمة: ح 1؛ وسائل الشيعة: 27/ 178، باب 13، ح 36، 33؛ بحار الأنوار: 23/ 198، باب 10، ح 31؛ تفسير الصافى: 1/ 247.
(3) سورة الأحزاب: الآية 56.
(4) تفسير الصافى: 4/ 201.
(5) سورة الفتح: الآية 10.
(6) سورة الأحزاب: الآية 71.
اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 195
إلى أن يكون رفيقاً للأنبياء يوم القيامة، وإن الله عزّ وجلّ سوف
يحشره مع الصديقين والشهداء.
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «1».
كما أن طاعة النبى (ص) تعدّ طاعة لله، وفى هذا دلالة واضحة على أفضلية النبى (ص) على سائر المخلوقات وأن طاعته سبب فى دخول الجنة و الخلاص من النار والعذاب الأليم:
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً «2».
كما أن طاعة النبى (ص) سبب فى شمول الرحمة الإلهية للإنسان:
وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «3».
عن بشر بن شريح البصرى، قال: ما يقول فيها قومك قال: قل: يقولون يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله «4».
قال: لكنّا أهل البيت لا نقول ذلك، قال: قلت: فأى شىء تقولون فيها؟
قال: نقول: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى «5» الشفاعة والله الشفاعة والله الشفاعة والله «6».
______________________________
(1) سورة النساء: الآية 69.
(2) سورة الفتح: الآية 17.
(3) سورة النور: الآية 56.
(4) سورة الزمر: الآية 53.
(5) سورة الضحى: الآية 5.
(6) تفسير القرآن: 570، ح 734؛ بحار الأنوار: 8/ 57، باب 21، ح 72.
اهل البيت (ع) ملائكة الارض، ص: 196
وجاء فى رواية أخرى أن زيد الشهيد نجل الإمام السجاد سئل
عن قوله تعالى: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال: إن رضا رسول الله (ص) إدخال الله أهل بيته وشيعتهم الجنّة
اهل البيت (ع) ملائكة الارض،للعلامة انصاریان ص: 196
source : دار العرفان