يرجى الانتظار

حب الله وحب الدنيا

  • تاريخ النشر:   2016-12-31 18:09:45
  • عدد الزيارات:   436

خط علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان ، وخط علاقات الانسان مع الطبيعة . على‏ََ ضوء هذه النظرية القرآنية الشاملة ‏ََ فأنّ هذين الخطين أحدهما مستقل عن الآخر استقلالاً نسبياً ، ولكن كل واحد منهما له نحو تأثير في الآخر على‏ََ الرغم من ذلك الاستقلال النسبي .
وهذه النظرية القرآنية في تحليل عناصر المجتمع وفهم المجتمع فهماً موضوعياً تشكّل أساساً للاتّجاه العام في التشريع الاسلامي ، فإنّ التشريع الإسلامي في اتّجاهاته العامة وخطوطه يتأثّر وينبثق ويتفاعل مع وجهة النظر القرآنية والإسلامية إلى‏ََ المجتمع وعناصره وأدوار هذه العناصر والعلاقات المتبادلة بين الخطين .
هذه النظريات التي قرأناها والتي انتهينا إليها على‏ََ ضوء المجموعة المذكورة سابقاً من النصوص القرآنية ، هذه النظريات هي في الحقيقة الأساس النظري للاتّجاه العام للتشريع الإسلامي ، فإنّ الاستقلال النسبي بين الخطين : خط علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان وخط علاقات الإنسان مع الطبيعة ، هذا الاستقلال النسبي يشكّل القاعدة لعنصر الثبات في الشريعة الإسلامية والأساس لتلك المنطقة الثابتة من التشريع التي تحتوي على‏ََ الأحكام العامة المنصوصة ذات‏ الطابع الدائم المستمر في التشريع الإسلامي ، بينما منطقة التفاعل بين الخطين : بين خط علاقات الإنسان مع الطبيعة وخط علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان ، منطقة التفاعل والمرونة تشكّل في الحقيقة الأساس لما أسميناه في كتاب « اقتصادنا » بمنطقة الفراغ ، تشكّل الاساس للعناصر المرنة والمتحرّكة في التشريع الإسلامي ، هذه العناصر المرنة والمتحرّكة في التشريع الإسلامي هي انعكاس تشريعي لواقع تلك المرونة وذلك التفاعل بين الخطين ، والعناصر الاُولى‏ََ الثابتة والصامدة في التشريع الإسلامي هي انعكاس تشريعي لذلك الاستقلال النسبي الموجود بين الخطين : بين خط علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان وخط علاقات الإنسان مع الطبيعة .
ومن هنا نؤمن بأنّ الصورة التشريعية الإسلامية الكاملة للمجتمع هي في الحقيقة تحتوي على‏ََ جانبين : تحتوي على‏ََ عناصر ثابتة ، وتحتوي على‏ََ عناصر متحرّكة ومرنة ، وهذه العناصر المتحركة والمرنة التي ترك للحاكم الشرعي أن يملأها ، فُرضت أمامه مؤشّرات اسلامية عامة أيضاً ، لكي يملأ هذه العناصر المتحركة وفقاً لتلك المؤشرات الإسلامية العامة . وهذا بحث يحتاج إلى‏ََ كلام أكثر من هذا تفصيلاً واطناباً . من المفروض أن نستوعب هذا البحث إن شاء اللَّه تعالى‏ََ لكي نربط الجانب التشريعي من الإسلام بالجانب النظري التحليلي من القرآن الكريم لعناصر المجتمع .

الأدوار التاريخية الثلاثة :

وبعد ذلك يبقى‏ََ علينا بحث آخر في نظرية الإسلام عن أدوار التاريخ ، عن أدوار الإنسان على‏ََ الأرض فإن القرآن الكريم يقسم حياة الإنسان على‏ََ الأرض إلى‏ََ ثلاثة أدوار : دور الحضانة ، ودور الوحدة ، ودور التشتت والاختلاف .
وهذه أدوار ثلاثة تحدّث عنها القرآن الكريم ، بيّن لكل دور الحالات والخصائص والمميزات التي يتميز بها ذلك الدور .

حبّ اللَّه وحبّ الدنيا

وننصرف الآن من منطقة الفكر إلى‏ََ منطقة القلب ، من منطقة العقل إلى‏ََ منطقة الوجدان . اُريد أن نعيش معاً لحظات بقلوبنا لا بعقولنا فقط ، بوجداننا ، بقلوبنا ، نريد أن نعرض هذه القلوب على‏ََ القرآن الكريم بدلاً عن أن نعرض أفكارنا وعقولنا . نعرض قلوبنا على‏ََ القرآن الكريم .
لمن ولاء هذه القلوب ؟ هذه القلوب التي في صدورنا ، لمن ولاؤها ؟ ما هو ذاك الحبّ الذي يسودها ويمحورها ويستقطبها ؟
إنّ اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ لا يجمع في قلب واحد ولاءين ، لا يجمع حبّين مستقطبين . إمّا حبّ اللَّه وإمّا حبّ الدنيا . أمّا حبّ اللَّه وحبّ الدنيا معاً فلا يجتمعان في قلب واحد . فلنمتحن قلوبنا ، فلنرجع إلى‏ََ قلوبنا لنمتحنها ، هل تعيش حبّ اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ ، أو تعيش حبّ الدنيا ؟ فإن كانت تعيش حبّ اللَّه زدنا ذلك تعميقاً وترسيخاً ، وإن كانت - نعوذ باللَّه - تعيش حبّ الدنيا حاولنا أن نتخلّص من هذا الداء الوبيل ، من هذا المرض المهلك .
درجات حبّ اللَّه وحبّ الدنيا :
إنّ كل حبّ يستقطب قلب الإنسان يتّخذ إحدى‏ََ صيغتين وإحدى‏ََ درجتين :
الدرجة الاُولى‏ََ :
أن يشكّل هذا الحبّ محوراً وقاعدة لمشاعر وعواطف
وآمال وطموحات هذا الإنسان . قد ينصرف عنه في قضاء حاجة في حدود خاصة ولكن يعود ، سرعان ما يعود إلى‏ََ القاعدة ؛ لأنّها هي المركز ، وهي المحور . قد ينشغل بحديث ، قد ينشغل بكلام ، قد ينشغل بعمل ، بطعام ، بشراب ، بمواجهة ، بعلاقات ثانوية ، بصداقات ، لكن يبقى‏ََ ذاك الحبّ هو المحور . هذه هي الدرجة الأولى‏ََ .
والدرجة الثانية : من الحبّ المحور ، أن يستقطب هذا الحبّ كل وجدان الإنسان بحيث لا يشغله شي‏ء عنه على‏ََ الإطلاق ، ومعنى‏ََ أ نّه لا يشغله شي‏ء عنه : أ نّه سوف يرى‏ََ محبوبه وقبلته وكعبته أينما توجّه ، أينما توجّه سوف يرى‏ََ ذلك المحبوب . هذه هي الدرجة الثانية من الحبّ المحور .
هذا التقسيم الثنائي ينطبق على‏ََ حبّ اللَّه وينطبق على‏ََ حب الدنيا . حب اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ ، الحب الشريف للََّه‏المحور يتّخذ هاتين الدرجتين :
الدرجة الاُولى‏ََ يتّخذها في نفوس المؤمنين الصالحين الطاهرين الذين نظّفوا نفوسهم من أوساخ هذه الدنيا الدنية ، هؤلاء يجعلون من حبّ اللَّه محوراً لكل عواطفهم ومشاعرهم وطموحاتهم وآمالهم . قد ينشغلون بوجبة طعام ، بمتعة من المتع المباحة ، بلقاء مع صديق ، بتنزّه في شارع ، ولكن يبقى‏ََ هذا هو المحور الذي يرجعون إليه بمجرّد أن ينتهي هذا الاشتغال الطارئ .
وأما الدرجة الثانية فهي الدرجة التي يصل إليها أولياء اللَّه من الأنبياء والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام . علي بن أبي طالب الذي نحظى‏ََ بشرف مجاورة قبره ، هذا الرجل العظيم ، كلكم تعرفون ماذا قال ، هو الذي قال بأني ما رأيت شيئاً إلّاورأيت اللَّه معه وقبله وبعده وفيه‏(1) ؛ لأنّ حبّ اللَّه في هذا القلب‏ العظيم استقطب وجدانه إلى‏ََ الدرجة التي منعه من أن يرى‏ََ شيئاً آخر غير اللَّه ، حتى‏ََ حينما كان يرى‏ََ الناس ، كان يرى‏ََ فيهم عبيد اللَّه ، حتى‏ََ حينما كان يرى‏ََ النعمة الموفورة ، كان يرى‏ََ فيها نعمة اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ . دائماً هذا المعنى‏ََ الحرفي ، هذا الربط باللَّه ، دائماً وأبداً يتجسّد أمام عينه ؛ لأنّ محبوبه الأوحد ، ومعشوقه الأكمل ، قبلة آماله وطموحاته ، لم يسمح له بشريك في النظر ، فلم يكن يرى‏ََ إلّااللَّه سبحانه وتعالى‏ََ . هذه هي الدرجة الثانية .
نفس التقسيم الثنائي يأتي في حبّ الدنيا ، الذي هو رأس كل خطيئة على‏ََ حدّ تعبير رسول اللَّه صلى الله عليه و آله (2).

حبّ الدنيا يتخذ درجتين :

الدرجة الاُولى‏ََ أن يكون حبّ الدنيا محوراً للإنسان :
قاعدة للإنسان في تصرفاته وسلوكه . يتحرّك حينما تكون المصلحة الشخصية في أن يتحرك ، ويسكن حينما تكون المصلحة الشخصية في أن يسكن . يتعبّد حينما تكون المصلحة الشخصية في أن يتعبد ، وهكذا . الدنيا تكون هي القاعدة ، لكن أحياناً أيضاً يمكن أن يفلت من الدنيا . يشتغل أشغالاً اُخرى‏ََ نظيفة طاهرة . قد يصلي للَّه سبحانه وتعالى‏ََ ، قد يصوم للََّه‏سبحانه وتعالى‏ََ ، لكن سرعان ما يرجع مرة اُخرى‏ََ إلى‏ََ ذلك المحور وينشدّ إليه . فلتات يخرج بها من إطار ذلك الشيطان ثم يرجع إلى‏ََ الشيطان مرة اُخرى‏ََ . هذه درجه اُولى‏ََ من هذا المرض الوبيل ، مرض حبّ الدنيا .
وأمّا الدرجة الثانية من هذا المرض الوبيل فهي الدرجة المهلكة :
حينما يعمي حبّ الدنيا هذا الإنسان ، يسدّ عليه كل منافذ الرؤية ، يكون بالنسبة إلى‏ََ الدنيا كما كان سيد الموحدين وأمير المؤمنين بالنسبة إلى‏ََ اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ : إنّه‏ لم يكن يرى‏ََ شيئاً إلّاوكان يرى‏ََ اللَّه معه وقبله وبعده . حبّ الدنيا في الدرجة الثانية يصل إلى‏ََ مستوى بحيث إنّ الإنسان لا يرى‏ََ شيئاً إلّاويرى‏ََ الدنيا فيه وقبله وبعده ومعه . حتى‏ََ الأعمال الصالحة تتحوّل عنده وبمنظاره إلى‏ََ دنيا ، تتحوّل عنده إلى‏ََ متعة ، إلى‏ََ مصلحة شخصية ، حتى‏ََ الصلاة ، حتى‏ََ الصيام ، حتى‏ََ البحث ، حتى‏ََ الدرس ، هذه الألوان كلّها تتحوّل إلى‏ََ دنيا . لا يمكنه أن يرى‏ََ شيئاً إلّامن خلال الدنيا ، إلّامن خلال مقدار ما يمكن لهذا العمل أن يعطيه ، يعطيه من حفنة مال أو من كومة جاه . لا يمكن أن يستمرّ معه إلّابضعة أيام معدودة . هذه هي الدرجة الثانية .
وكل من الدرجتين مهلكة ، والدرجة الثانية أشدّ هلكة من الدرجة الاُولى‏ََ ، ولهذا قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : « حبّ الدنيا رأس كل خطيئة »(3) ، قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام : « الدنيا كماء البحر من ازداد شرباً من ماء البحر ازداد عطشاً »(4) .
كلّما شرب أكثر فأكثر من ماء البحر أصبح أكثر عطشاً . لا تقل : فلآخذ هذه الحفنة من الدنيا ثم أنصرف عنها ، فلأحصل على‏ََ هذه المرتبة من جاه الدنيا ثم أنصرف إلى‏ََ اللَّه . ليس الأمر كذلك ، فإنّ أيّ مقدار تحصل عليه من مال الدنيا ، من جاه الدنيا ، من مقامات هذه الدنيا الزائلة ، سوف يزداد بك العطش والنهم إلى‏ََ المرتبة الاُخرى‏ََ : « الدنيا كماء البحر » ، « الدنيا رأس كل خطيئة » .
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول : « من أصبح وأكبر همّه الدنيا فليس له من اللَّه شي‏ء »(5) .
هذا الكلام يعني قطع الصلة مع اللَّه ، يعني أنّ ولاءين لا يجتمعان في‏ قلب واحد . من كان ولاءه للدنيا ، من أصبح وكان أكبر همّه الدنيا فليس له من اللَّه شي‏ء ، ليس له صلة مع اللَّه سبحانه وتعالى ؛ لأنّ ولاءين لا يجتمعان في قلبٍ واحد .
« حبّ الدنيا رأس كل خطيئة » ؛ لأنّ حبّ الدنيا هو الذي يفرّغ الصلاة من معناها ، يفرّغ الصيام من معناه ، يفرّغ كل عبادة من معناها ، ماذا يبقى‏ََ من معنى لهذه العبادات إذا استولى‏ََ حبّ الدنيا على‏ََ قلب الإنسان ؟
أنا وأنتم نعرف أنّ اُولئك الذين نؤاخذهم على‏ََ ما عملوا مع أمير المؤمنين ، اُولئك لم يتركوا صلاة ، ولم يتركوا صياماً ، ولم يشربوا خمراً ، على‏ََ الأقل عدد كبير منهم لم يقوموا بشي‏ء من هذا القبيل ، لكنّهم مع هذا ما هي قيمة هذه الصلاة ، وما هي قيمة هذا الصيام ، وما هي قيمة العفة عن شرب الخمر إذا كان حبّ الدنيا هو الذي يملأ القلب ؟
ما قيمة صلاة عبد الرحمن بن عوف ؟ عبد الرحمن بن عوف كان صحابياً جليل القدر ، كان من السابقين إلى‏ََ الإسلام ، كان ممن أسلم والناس كفار ومشركون . تربّى‏ََ على‏ََ يد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله . عاش مع الوحي ، مع القرآن ، مع آيات اللَّه تترى‏ََ ، لكن ماذا دهاه ؟ ماذا دهاه حينما فتح اللَّه على‏ََ المسلمين بلاد كسرى‏ََ وقيصر ، وكنوز كسرى‏ََ وقيصر ؟ ماذا دهى‏ََ هذا الرجل المسكين ؟ هذا الرجل المسكين ملأ قلبه حبّ الدنيا .
كان يصلّي وكان يصوم ، ولكن ملأ قلبه حب الدنيا حينما وقف في خيار واحد بين عثمان وعلي عليه السلام : إمّا أن يكون عثمان خليفة المسلمين وإمّا أن يكون علي خليفة المسلمين ، وهو يعلم أ نّه لو أعطى‏ََ هذه الخلافة لعلي لأسعد المسلمين إلى‏ََ أبد الدهر ، ولكنه يعلم أيضاً أ نّه حينما يعطيها إلى‏ََ عثمان فقد فتح بذلك باب الفتن إلى‏ََ آخر الدهر ، يعلم بذلك وقد سمع ذلك من‏ عمر نفسه أيضاً ، ولكنه في هذا الخيار غلب حبّ الدنيا على‏ََ قلبه . ضرب على‏ََ يد عثمان وترك يد علي مبسوطة تنتظر من يبايع . جعل عثمان خليفة ، وأقصى‏ََ عليّاً عليه السلام عن الخلافة .
قد تقولون : إنّ هذه معصية ، هذا كترك الصلاة ؛ لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله جعل علياً خليفة بعده بلا فصل .
هذا صحيح ، تولّي علي بن أبي طالب أهمّ الواجبات ، ولكن افرضوا - وفرض المحال ليس بمحال - لو أنّ رسول اللَّه لم ينصّ على‏ََ علي بن أبي طالب ، أكان هذا الموقف من عبد الرحمن بن عوف مهضوماً ؟ أكان هذا الموقف من عبد الرحمن بن عوف صحيحاً ؟ لو تركنا كل نصوص الرسول ، لو تركنا حديث الغدير(6) ، حديث الثقلين‏(7) لو تركنا كل ذلك ، لكن بمنطق حبّ اللَّه وحبّ الدنيا ، بمنطق الحرص على‏ََ الإسلام ، بمنطق الغيرة على‏ََ الدين وعلى‏ََ المسلمين ، أكان هذا الموقف من عبد الرحمن بن عوف سليماً : أن يطرح يد علي عليه السلام مبسوطة دون أن يبايعها ، ويبايع إنساناً غير جدير بأن يتحمل الأمانة ، أن يبايع عثمان بن عفان ؟
إذن المسألة هنا ليست فقط مسألة نصّ وإنّما المسألة هنا مسألة حبّ الدنيا ، مسألة خيانة الأمانة ؛ لأن حبّ الدنيا يعمي ويصم . حبّ عبد الرحمن بن عوف للدنيا أفقد الصلاة معناها ، أفقد الصيام معناه ، أفقد شهر رمضان معناه ، أفقد كل شي‏ء مغزاه الحقيقي ومحتواه النبيل الشريف .
« حبّ الدنيا رأس كل خطيئة » وحبّ اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ أساس كل كمال ، حبّ اللَّه هو الذي يعطي للإنسان الكمال ، العزة ، الشرف ، الاستقامة ، النظافة ، القدرة على‏ََ مغالبة الضعف في كلّ الحالات . حبّ اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ هو الذي جعل اُولئك السحرة يتحولون إلى‏ََ روّاد على‏ََ الطريق ، فقالوا لفرعون : «فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدنيا »(8).
كيف قالوا هكذا ؟ لأنّ حب اللَّه اشتعل في قلوبهم ، فقالوا لفرعون بكل شجاعة وبطولة «فاقض ما أنت قاض إنّما تقضي هذه الحياة الدنيا ».
حبّ اللَّه هو الذي جعل علياً عليه الصلاة والسلام دائماً يقف مواقف الشجاعة ، مواقف البطولة . هذه الشجاعة ، شجاعة علي عليه السلام ليست شجاعة السباع ، ليست شجاعة الاُسود ، وإنّما هي شجاعة الإيمان وحبّ اللَّه ، لماذا ؟ لأنّ هذه الشجاعة لم تكن فقط شجاعة البراز في ميدان الحرب ، بل كانت أحياناً شجاعة الرفض ، أحياناً شجاعة الصبر .
علي بن أبي طالب ضرب المثل الأعلى‏ََ في شجاعة المبارزة في ميدان الحرب . شدّ حزامه وهو ناهز الستين من عمره الشريف وهجم على‏ََ الخوارج وحده ، فقاتل أربعة آلاف إنسان . هذه قمّة الشجاعة في ميدان المبارزة ؛ لأنّ حبّ اللَّه أسكره ، فلم يجعله يلتفت إلى‏ََ أنّ هؤلاء أربعة آلاف وهو واحد .
وضرب قمّة الشجاعة في الصبر ، في السكوت عن الحقّ ، حينما فرض عليه الإسلام أن يصبر عن حقّه وهو في قمّة شبابه ، لم يكن في شيخوخته ، كان في قمّة شبابه ، كانت حرارة الشباب مل‏ء وجدانه ، ولكن الإسلام قال له : اسكت ، اصبر عن حقك حفاظاً على‏ََ بيضة الدين ، مادام هؤلاء يتحمّلون حفظ الشعائر الظاهرية للإسلام وللدين . سكت مادام هؤلاء كانوا يتحفّظون على‏ََ الظواهر والشعائر الظاهرية للإسلام والدين ، وكان هذا قمّة الشجاعة في الصبر أيضاً . هذه ليست‏ شجاعة الاُسود ، هذه شجاعة المؤمن الذي أسكره حبّ اللَّه .
وكان قمة الشجاعة في الرفض وفي الإباء حينما طرح عليه ذلك الرجل أن‏ يبايعه على‏ََ شروط تخالف كتاب اللَّه وسنّة رسوله بعد مقتل الخليفة الثاني ، ماذا صنع هذا الرجل العظيم ؟ هذا الرجل العظيم الذي كان يحترق ؛ لأنّ الخلافة ذهبت من يده ، يحترق من أجل اللَّه لا من أجل نفسه ، يقول : « لقد تقمّصها ابن‏ أبي‏ قحافة وهو يعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحى‏ََ »(9) .
هذا الرجل الذي كان يحترق ؛ لأنّ الخلافة خرجت من يده . لو أنّ إنساناً يقرأ هذه العبارة وحدها لقال : ما أكثر شهوة هذا الرجل إلى‏ََ السلطان وإلى‏ََ الخلافة ! لكن هذا الرجل نفسه ، هذا الرجل بذاته عرضت عليه الخلافة ، عرضت عليه رئاسة الدنيا فرفضها ، لا لشي‏ء إلّالأنّها شرطت بشرط يخالف كتاب اللَّه وسنّة رسوله . من هنا نعرف أنّ ذلك الاحتراق لم يكن من أجل ذاته ، وإنّما كان من أجل اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ .
إذن هذه الشجاعة شجاعة البراز في يوم البراز ، وشجاعة الصبر في يوم الصبر ، وشجاعة الرفض في يوم الرفض ، هذه الشجاعة خلقها في قلب علي حبّه‏ للََّه‏لا اعتقاده بوجود اللَّه ، هذا الاعتقاد الذي يشاركه فيه فلاسفة الإغريق أيضاً . أرسطو أيضاً يعتقد بوجود اللَّه . أفلاطون أيضاً يعتقد بوجود اللَّه . الفارابي أيضاً يعتقد بوجود اللَّه . ماذا صنع هؤلاء للبشرية ؟ وماذا صنعوا للدين أو للدينا ؟
ليس الاعتقاد وإنما حبّ اللَّه إضافة إلى‏ََ الاعتقاد . هذا هو الذي صنع‏ هذه‏ المواقف ، ونحن أولى‏ََ الناس بأن نطلّق الدنيا ، إذا كان حبّ الدنيا خطيئة ، فهو منّا نحن الطلبة من أشدّ الخطايا ، هذا الشي‏ء الذي هو خطيئة من غيرنا هو أكثر خطيئة منّا . نحن أولى‏ََ من غيرنا بأن نكون على‏ََ حذر من هذه الناحية ؛ أوّلاً لأنّنا نصبنا أنفسنا أدلّاء على‏ََ طريق الآخرة . ما هي مهمّتنا في الدنيا ، ما هي‏ وظيفتنا في الدنيا ؟ إذا سألك إنسان : ماذا تعمل ، ما هو مبرّر وجودك ، ماذا تقول ؟ تقول بأني اُريد أن أشدّ الناس إلى‏ََ الآخرة ، أشدّ دنيا الناس إلى‏ََ الآخرة ، إلى‏ََ عالم الغيب ، إلى‏ََ اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ . إذن كيف تقطع دنياك عن الآخرة ؟
إذا كانت دنياك مقطوعة عن الآخرة فسوف تشدّ دنيا الناس إلى‏ََ دنياك لا إلى‏ََ آخرة ربك ، سوف نتحوّل إلى‏ََ قطّاع طريق ، ولكن أيّ طريق ؟ الطريق إلى‏ََ اللَّه ، لا طريق ما بين بلد وبلد ، هذا الطريق إلى‏ََ اللَّه نحن روّاده ، نحن القائمون على‏ََ الدلالة إليه ، على‏ََ الأخذ بيد الناس فيه ، فلو أ نّنا أغلقنا باب هذا الطريق ، لو أ نّنا تحوّلنا عن هذا الطريق إلى‏ََ طريق آخر ، إذن سوف نكون حاجباً عن اللَّه ، حاجباً عن اليوم الآخر .
كل إنسان يستولي حبّ الدنيا على‏ََ قلبه يهلك هو ، أمّا الطلبة ، أمّا نحن إذا استولى‏ََ حبّ الدنيا على‏ََ قلوبنا سوف نَهلك ونُهلك الآخرين ؛ لأنّنا وضعنا أنفسنا في موضع المسؤولية ، في موضع ربط الناس باللَّه سبحانه وتعالى‏ََ ، واللَّه لا يعيش في قلوبنا . إذن سوف لن نتمكن من أن نربط الناس باللَّه .
نحن أولى‏ََ الناس وأحقّ الناس باجتناب هذه المهلكة ؛ لأنّنا ندعي أ نّنا ورثة الأنبياء وورثة الأئمة والأولياء ، أ نّنا السائرون على‏ََ طريق محمّد صلى الله عليه و آله وعلي والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام . ألسنا نحاول أن نعيش شرف هذه النسبة ؟ هذه النسبة تجعل موقفنا أدقّ من مواقف الآخرين ؛ لأنّنا نحن حملة أقوال هؤلاء وأفعال هؤلاء ، أعرف الناس بأقوالهم وأعرف الناس بأفعالهم ، ألم‏ يقل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : « انّا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضة ولا عقاراً ، إنّما نورث العلم والحكمة »(10) ؟ ألم يقل علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام : ان امارتكم هذه أو خلافتكم هذه لا تساوي عندي شيئاً إلّاأن أقيم حقاً أو أدحض باطلاً(11) ؟
ألم يقل علي بن أبي طالب ذلك ، ألم يجسّد هذا في حياته ، في كل حياته ؟
علي بن أبي طالب كان يعمل للََّه‏سبحانه وتعالى‏ََ ، لم يكن يعمل لدنياه ، لو كان علي يعمل لدنياه لكان أشقى‏ََ الناس وأتعس الناس ؛ لأنّ علياً حمل دمه على‏ََ يده منذ طفولته ، منذ صباه ، يذبّ عن وجه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وعن دين اللَّه وعن رسالة اللَّه . لم يتردّد لحظة في أن يقدم ، لم يكن يحسب للموت حساباً ، لم يكن يحسب للحياة حساباً ، كان دمه دائماً على‏ََ يده ، كان أطوع الناس لرسول اللَّه في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ، وكان أطوع الناس لرسول اللَّه بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ، كان أكثر الناس عملاً في سبيل الدين ومعاناة من أجل الإسلام .
ماذا حصل ، ماذا حصل عليه علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ لو جئنا إلى‏ََ مقاييس الدنيا ، ماذا حصل عليه هذا الرجل العظيم ؟ ألم يُقصَ هذا الرجل العظيم ؟ ألم يكن جليس بيته فترة طويلة من الزمن ؟ ألم يسبّ هذا الرجل العظيم ألف شهر على‏ََ منابر المسلمين التي اُقيمت أعوادها بجهاده ، بدمه ، بتضحياته ؟ سبّ على‏ََ منابر المسلمين .
إذن لم يحصل على‏ََ شي‏ء من الدنيا لا على‏ََ حطام ولا على‏ََ مال ولا على‏ََ منصب ولا على‏ََ كُنى ولا على‏ََ تقدير ، ولكنّه على‏ََ الرغم من ذلك حينما ضربه عبد الرحمن بن ملجم بالسيف على‏ََ رأسه ، ماذا قال هذا الإمام العظيم ؟ قال : « لقد فزت ورب الكعبة »(12) .
لو كان علي يعمل لدنياه لقال : واللَّه إنّي أتعس إنسان ؛ لأ نّي لم أحصل على‏ََ شي‏ء في مقابل عمرٍ كلّه جهاد ، كلّه تضحية ، كلّه حب للََّه، لم أحصل على‏ََ شي‏ء ، لكنّه لم يقل ذلك ، قال : « لقد فزت وربّ الكعبة » . إنّها واللَّه الشهادة ؛ لأنّه لم يكن يعمل لدنياه ، كان يعمل لربّه ، والآن لحظة اللقاء مع اللَّه ، هذه اللحظة هي اللحظة التي سوف يلتقي بها عليّ مع اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ فيوفيه حسابه ويعطيه أجره ، يعوّضه عمّا تحمّل من شدائد ، عمّا قاسى‏ََ من مصائب .
أليس هذا الإمام هو مثلنا الأعلى‏ََ ؟ أليست حياة هذا الإمام هي السنّة ؟ أليست مصادر التشريع عندنا الكتاب والسنّة ؟ أليست السنّة هي قول المعصوم وفعله وتقريره ؟ نحن أولى‏ََ الناس . علينا أن نحذر من حبّ الدنيا ؛ لأنّه لا دنيا عندنا لكي نحبها . ماذا نحبّ ؟ نحبّ الدنيا ؟ ! نحن الطلبة ! ما هي هذه الدنيا التي نحبها ونريد أن نغرق أنفسنا فيها ونترك رضواناً من اللَّه أكبر ؟ نترك ما لا عين رأت ولا اُذن سمعت ولا اعترض على‏ََ خيال بشر ، ما هي هذه الدنيا ؟
هذه الدنيا دنيانا هي مجموعة من الأوهام ، كل دنيا وهم ، لكن دنيانا أكثر وهماً من دنيا الآخرين ، مجموعة من الأوهام . ماذا نحصل من الدنيا إلّا على‏ََ قدر محدود جداً ؟ لسنا نحن اُولئك الذين نهبوا أموال الدنيا وتحدثنا عنهم قبل أيام ، لسنا نحن اُولئك الذين تركع الدنيا بين أيدينا لكي نؤثر الدنيا على‏ََ الآخرة .
دنيا هارون الرشيد كانت عظيمة . نقيس أنفسنا بهارون الرشيد . هارون الرشيد نسبُّه ليلاً نهاراً ؛ لأنّه غرق في حبّ الدنيا ، لكن تعلمون أيّ دنيا غرق فيها هارون الرشيد ، أي قصور مرتفعة عاش فيها هارون الرشيد ، أيّ بذخ وترف كان يحصل عليه هارون الرشيد ، أيّ زعامة وخلافة وسلطان امتدّ مع أرجاء الدنيا حصل عليه هارون الرشيد ؟ هذه دنيا هارون الرشيد .
نحن نقول بأننا أفضل من هارون الرشيد ، أورع من هارون الرشيد ، أتقى‏ََ من هارون الرشيد ، عجباً ! نحن عُرضت علينا دنيا هارون الرشيد فرفضناها حتى‏ََ نكون أورع من هارون الرشيد ؟ يا أولادي ، يا إخواني ، يا أعزائي ، يا أبناء علي ، هل عرضت علينا دنيا هارون الرشيد ؟
لا ، عرض علينا دنيا هزيلة محدودة ضئيلة ، دنيا ما أسرع ما تتفتت ، ما أسرع ما تزول ، دنيا لا يستطيع الإنسان أن يتمدد فيها كما كان يتمدد هارون الرشيد . هارون الرشيد يلتفت إلى‏ََ السحابة يقول لها : أينما تمطرين يأتيني خراجك .
في سبيل هذه الدنيا سجن موسى‏ََ بن جعفر عليه السلام . هل جرّبنا أن هذه الدنيا تأتي بيدنا ثم لا نسجن موسى‏ََ بن جعفر ؟ جرّبنا أنفسنا ، سألنا أنفسنا ، طرحنا هذا السؤال على‏ََ أنفسنا ، كل واحد منّا يطرح هذا السؤال على‏ََ نفسه ، بينه وبين اللَّه أن هذه الدنيا ، دنيا هارون الرشيد كلّفته أن يسجن موسى‏ََ بن جعفر ، هل وضعت هذه الدنيا أمامنا لكي نفكّر بأننا أتقى‏ََ من هارون الرشيد ؟
ما هي دنيانا ؟ هي مسخ من الدنيا ، هي أوهام من الدنيا ، ليس فيها حقيقة إلّا حقيقة رضا اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ ، إلّاحقيقة رضوان اللَّه . كلّ طلبة حاله حال علي ابن أبي طالب ، إذا كان يعمل للدنيا فهو أتعس الناس ؛ لأنّ أبواب الدنيا مفتوحة ، خاصة إذا كان الطلبة له قابلية ، له إمكانية ، له ذكاء ، له قابليات ، هذا أبواب الدنيا مفتوحة له ، فإذا كان يعمل للدنيا فهو أتعس الناس ؛ لأنّه سوف يخسر الدنيا والآخرة . لا دنيا الطلبة دنيا ولا الآخرة يحصل عليها . فليكن همّنا أن نعمل للآخرة ، أن نعيش في قلوبنا حبّ اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ بدلاً عن حبّ الدنيا ؛ لأنّه لا دنيا معتدّ بها عندنا .
الأئمة عليهم الصلاة والسلام علّمونا بأن نتذكر الموت دائماً ، يكون من العلاجات المفيدة لحبّ الدنيا أن يتذكر الإنسان الموت . كل واحد منّا يعتقد بأنّ كل من عليها فان ، لكن القضية دائماً وأبداً لا يجسّدها بالنسبة إلى‏ََ نفسه . من العلاجات المفيدة أن يجسّدها بالنسبة إلى‏ََ نفسه ، دائماً يتصوّر بأ نّه يمكن أن يموت بين لحظة واُخرى‏ََ . كل واحد منّا يوجد لديه أصدقاء ماتوا ، إخوان انتقلوا من هذه الدار إلى‏ََ الدار الاُخرى‏ََ .
أبي لم يعش في الحياة أكثر مما عشت حتى‏ََ الآن . أخي لم يعش في الحياة أكثر مما عشت حتى‏ََ الآن . أنا الآن استوفيت هذا العمر ، من المعقول جداً أن أموت في السن التي مات فيها أبي ، من المعقول جداً أن أموت في السن التي مات فيها أخي . كل واحد منّا لابدّ وأن يكون له قدوة من هذا القبيل . لابدّ وان أحباباً له قد رحلوا ، أعزّة له قد انتقلوا لم يبقَ من طموحاتهم شي‏ء ، لم يبقَ من آمالهم شي‏ء . إن كانوا قد عملوا للآخرة فقد رحلوا إلى‏ََ مليك مقتدر ، إلى‏ََ مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وإذا كانوا قد عملوا للدنيا فقد انتهى‏ََ كل شي‏ء بالنسبة إليهم .
هذه عبر ، هذه العبر التي علّمنا الأئمة عليهم السلام أن نستحضرها دائماً ، تكسر فينا شره الحياة . ما هي هذه الحياة ؟ لعلها أيام فقط ، لعلها أشهر فقط ، لعلها سنوات . لماذا نعمل دائماً ونحرص دائماً على‏ََ أساس أ نّها حياة طويلة ؟ لعلنا ـ لا ندافع إلّاعن عشرة أيام ، إلّاعن شهر ، إلّاعن شهرين ، لا ندري عن ماذا ندافع . لا ندري أ نّنا نحتمل هذا القدر من الخطايا ، هذا القدر من الآثام ، هذا القدر من التقصير أمام اللَّه سبحانه وتعالى‏ََ وأمام ديننا ، نتحمّله في سبيل الدفاع عن ماذا ، عن عشرة أيام ، عن شهر ، عن أشهر ؟ هذه بضاعة رخيصة .
المصادر:
1- كتاب علم اليقين 1 : 49 ( للفيض الكاشاني ) : « ما رأيت شيئاً إلّاورأيت اللَّه قبله »
2- بحار الأنوار 51 : 258
3- بحار الأنوار 51 : 258
4- الكافي 2 : 143 ، الحديث 24 .
5- بحار الأنوار 73 : 104 باختلاف
6- الاستيعاب بهامش الاصابة 3 : 36 ، الرياض النضرة 2 : 126 و 127
7- معاني الأخبار : 90 - 91 ، الحديث 1 و 2 و 3 و 4 و 5
8- طه : 72
9- نهج البلاغة : الخطبة 3
10- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 : 214
11- نهج البلاغة : 76 خطبة 33
12- بحار الأنوار 73 : 59 . والاستيعاب بهامش الاصابة 3 : 59

العلامات :
آراء المستخدمين (0)
إرسال الرأي