عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

أهذا هو العبّاس "عليه السلام"-3

لم تكن تلك دعوة للتراجع أو الاستسلام، ولا كانت من جهة أخرى تكتيكاً أو حيلة، ولكنها كانت دعوة مخلصة، لأن الذي كان يريد القتال هو العدوّ، و ليس الحسين، تماماً كما أن قابيل هو الذي أراد قتل هابيل وليس العكس. ونمرود هو الذي أراد إحراق إبراهيم وليس العكس. وفرعون هو الذي أراد قتل موسى وليس العكس. فالباطل تقوم طبيعته على شنّ العدوّان.. أما الحق فطبيعته تقوم على مواجهة العدوّان وردعه، بعد إتمام الحجة على العدوّ.

 

ان الصراع في كربلاء كان يدور بين جاهلية عمياء، و بصيرة نافذة، و قد عبّرت الجاهلية عن نفسها بذلك الهيجان الغريزي لإراقة الدماء الزكية، أمّا البصيرة النافذة فقد عبّرت عن نفسها بالنصيحة، و محاولة الهداية أولاً، و بعدم الرضوخ أو الاستسلام ثانياً..

 

لكنّ الجواب الذي سمعه العبّاس كان هو المتوقع من أولئك الذين ملئت بطونهم من الحرام فأنساهم الشيطان ذكر الله- حسب تعبير الحسين عليه السلام- فقد قال شمر:-

 

"يا بن أبي تراب.. قل لأخيك لو كان وجه الأرض كله ماءا وهو تحت أيدينا، لما سقيناكم منه قطرة، إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد".

 

فتبسّم العبّاس من تلك الضلالة الجاهلية، وذلك الإصرار على بيع أخرتهم لدنيا غيرهم، فعاد إلى الحسين وأخبره بمقالة القوم.

 

وهنا ارتفعت أصوات الأطفال قائلين: "العطش.. العطش"!!

 

لقد فشلت "قوة المنطق" في الحصول على الماء، و لم يبق أمام العبّاس إلا التوسل "بمنطق القوة".

 

إن استخدام السيف ليس في نظر الإسلام الحل الأول، ولكنه حتماً هو الحل الأخير، إذ ليس البديل عنه إلا ألاستسلام للباطل، وهو محرمٌ بالقطع واليقين، عقلاً و شرعاً.

 

و لمّا كان العبّاس قد أتمّ الحجة على العدوّ فانه كان في حلّ مما سيفعله معهم.. و هكذا فأنه التقط من المخيم قربةً خاوية، و قفز على الفرس واندفع في قلب الجند باتجاه شط الفرات، -وهو شط صغير يمرّ بكربلاء يتفرع من نهر الفرات الكبير الذي يمرّ ببغداد-، وكان عمر بن سعد قد وضع لحراسته أربعة آلاف مقاتل بقيادة "عمرو بن الحجّاج"..

 

اندفع العبّاس بأتجاه المشرعة، على طريقة أبيه في الهجوم، كأنه صاعقة من السماء تدمرّ كل ما في طريقها، وكان يزمجر قائلاً :

 

أقسَمتُ باللهِ العَزيزِ الأَعظمِ

 

وبالحطيمِ و الفنى المحرّمِ

 

دونَ الحسينِ ذي الفخارِ الأقدَمِ وبالحجونِ صادقاً وزَمَزَمِ

 

ليُخضبن اليومَ جِسمي بدمي

 

أمامِ أهلِ الفضلِ والتكُّرمِ

 

 





 

حقوق النسخ © بواسطة . جميع الحقوق محفوظة. الموقع العالمي للدراسات الشيعية جميع الحقوق محفوظة.

نشرت بتاريخ: 1386/10/25 (130 قراءة

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

النتائج الاخرویة للارتباط بالمعصومین(ع)ـ القسم ...
ألقاب الإمام الرضا ( عليه السلام )
شهادة الإمام علي زين العابدين (عليه السلام)
الرسائل
شخصية أهل البيت
اعلام الشيعة ایام الحسن (ع)
فضل زيارة الإمام الرضا ( عليه السلام )
أدوار السيدة زينب (عليها السلام) ومهامها
اوجه التشابه بين وصي موسى (عليه السلام) ووصي محمد ...
خصائص النبیّ فی القرآن الکریم

 
user comment