فارسی
چهارشنبه 05 ارديبهشت 1403 - الاربعاء 14 شوال 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

تأملات فی الصحیفة السجادیة

تأملات في الصحيفة السجادية



ما هي الصحيفة
تحلق أرواح المؤمنين في سماء «الصحيفة السجادية» لترتبط بالملکوت الأعلي ‌و‌ لتصير معلقة بعز قدس الله ‌و‌ ‌من‌ ثم تطل علي المعالم السفلي لتراها علي حقيقتها مجردة عن الأوهام ‌و‌ الخيالات ‌و‌ الي هذا المعني يشير الدعاء المأثور عن أهل البيت عليهم السلام: «و أنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها اليک حتي تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل الي معدن العظمة ‌و‌ تصير أرواحنا معلقة بعز قدسک».
ان الحديث عن الصحيفة السجادية زبور ‌آل‌ محمد ‌و‌ انجيل أهل البيت عليهم السلام حديث صعب مستصبعب لأنها دون کلام الخالق سبحانه ‌و‌ فوق کلام المخلوقين ‌ما‌ خلا الرسول الأعظم (ص) ‌و‌ عليا الأکرم ‌و‌ السبطين العظيمين سيدي شباب أهل الجنة الحسن ‌و‌ الحسين عليهم السلام.
فمن يستطيع أن يقف علي حقيقتها ‌و‌ أن يدرک مدي عظمتها ‌و‌ أن يترجم واقعها ‌و‌ سموها ‌و‌ هي عبارة عن کلمات مطرزة بالعرفان الواقعي، ‌و‌ النور الالهي، ‌و‌ الوجدان النبوي، ‌و‌ بلاغة علي، ‌و‌ نفس فاطمة، ‌و‌ حلم الحسن، ‌و‌ حماس الحسين (عليهم السلام أجمعين).
ان الصحيفة السجادية عصارة الفضائل ‌و‌ ترجمان التوحيد ‌و‌ مرآة العبودية ‌و‌ منتهي الخضوع لله سبحانه ‌و‌ تعالي لقد قلت فيها:

هي شمس الهدي ‌و‌ نور سماها  
هي للعارفين کنز هداها

هي اشراقة علي الخلق طلت  
فمحت ظلمة الدجي بسناها

هي نبراس کل ‌من‌ رام حصنا  
و هي نبراس أمة ‌لا‌ تضاهي

عظمت منهجا ‌و‌ جلت بلاغا  
و سمت محتدا فدام علاها

هي للسالکين أرقي دليل  
و هي للناسکين أغلي مناها

هي حبل الرجا لکل تقي  
و هي للخالقين سور حماها

يا أمير البيان ‌يا‌ زينة الدهر  
يا غياث الوري ‌و‌ کهف رجاها

أنت رمز التوحيد ‌يا‌ خير داع  
أنت للسالکين قطب رحاها

قد صقلت النفوس ‌يا‌ خير هاد  
يا منار الوري ‌و‌ ‌ما‌ حي دجاها

روحک الطهر قد تعالت سموا  
کل روح ‌يا‌ ابن النبي فداها

کيف ‌لا‌ ‌و‌ هي نسيج عبد عرف ربه ‌و‌ أطاع خالقه، فتوجه ربه بتاج الکرامة ‌و‌ فتح له ينابيع الحکمة ‌و‌ أرحض له ‌ما‌ أغلاه علي غيره، ‌و‌ ألان له حديد الکلمات کما ألان الحديد لنبيه داود عليه السلام فصنع درعا للأحباء وقاية ‌من‌ لاسيف ‌و‌ السنان، ‌و‌ زين العابدين صنع لباسا للأرواح رعاية للمعرفة ‌و‌ الايمان.
و لالأن ارتباطه بالله سبحانه فقد هرولت لنسيجه المفردات ‌و‌ سهلت له التراکيب ‌و‌ المعارف الراقية ‌و‌ ذلت له المعاني الدقيقة، ‌و‌ عظمت في نفسه هيبة ربه ‌و‌ قدسية خالقه ‌و‌ لو کان انسانا عاديا لأذهلته المعرفة عن البيان، ‌و‌ لتعثر في کلماته في حضرة الرحمن، ‌و‌ لکنه ابن بجدتها ‌و‌ فارس ميدانها، فهو ابن أسد الله الغالب علي ‌بن‌ أبي طالب عليه السلام الذي کان يخاطب ربه قائلا: «ما عبدتک خوفا ‌من‌ نارک ‌و‌ ‌لا‌ طمعا في جنتک ‌و‌ لکن رأيتک أهلا للعبادة فعبدتک» [1]  ‌و‌ ‌هو‌ الذي کان يقول: «ان قوما عبدوا الله رغبة فتلک عبادة التجار، ‌و‌ ‌ان‌ قوما عبدوا الله رهبة فتلک عبادة العبيد، ‌و‌ ‌ان‌ قوما عبدوا لله شکرا فتلک عبادة الأحرار» [2] .
فعباداته ‌و‌ مناجاته بل کل تصرفاته تعرب عن مدي ارتباطه بخالقه ‌و‌ ‌من‌ ثم سمي بزين العابدين ‌و‌ سيد الساجدين، ‌ما‌ أجمل عباراته ‌و‌ ألطف کلماته ‌و‌ أسمي معنوياته، ‌و‌ ياله ‌من‌ عبد عرف مولاه حقا ‌و‌ عبده صدقا فصاغ ‌من‌ درر کلماته عقدا تزين ‌به‌ جيد الدهر، ‌و‌ نشر ‌من‌ خلال روائعه عطرا فواحا ‌و‌ أريجا شاملا، ليبدل الروائح الکريهة المتصاعدة ‌من‌ المادة ‌و‌ الماديات ‌و‌ الأوهام ‌و‌ الاعتبارات الي روائح الکرامية ‌و‌ القدسية ‌و‌ التجافي عن دار الغرور ‌و‌ التعلق بعالم الخلود.
سيدي ‌يا‌ ابن الحسين عليه السلام: لقد تجلت حقيقتک في عبادتک ‌و‌ توجيهاتک ‌و‌ دعواتک ‌و‌ کأنک تعرب عن کلام جدک أميرالمؤمنين علي عليه السلام حينما کان يناجي ربه قائلا: «الهي کفي بي عزا أن أکون لک عبدا ‌و‌ کفي بي فخرا أن تکون لي ربا أنت کما أحب فاجعلني کما تحب» [3] .
سيدي ‌من‌ الذي يسمع مناجاتک في کبد الليل المظلم فلم تنهمر دموعه علي خديه، ‌و‌ لم يتقطع قلبه شوقا الي لقاء المحبوب، أو لست أنت الذي تخاطب مولاک ‌و‌ قد رمقت السماء بطرفک قائلا: «الهي غارت نجوم سماواتک ‌و‌ هجعت عيون أنامک ‌و‌ أبوابک مفتحات للسائلين، جئتک لتغفرلي ‌و‌ ترحمني ‌و‌ تريني ‌و‌ جه جدي محمد (ص) في عرصات القيامة» [4]  ثم سالت دموعک علي خديک ‌و‌ قلت: «و عزتک ‌و‌ جلالک ‌ما‌ أردت بمعصيتي مخالفتک، ‌و‌ ‌ما‌ عصيتک اذ عصيتک ‌و‌ أنا بک شاک ‌و‌ ‌لا‌ بنکالک جاهل ‌و‌ ‌لا‌ لعقوبتک معترض، ‌و‌ لکن سولت لي نفسي ‌و‌ أعانني علي ذلک سترک المرخي ‌به‌ علي، فانا الآن ‌من‌ عذابک ‌من‌ يستنقذني ‌و‌ بحبل ‌من‌ اعتصم ‌ان‌ أنت قطعت حبلک عني، فوا سوأتاه غدا ‌من‌ الوقوف بين يديک اذا قيل للمخفين جوزوا، ‌و‌ للمثقلين حطوا، أمع المخفين أجوز أم مع المثقلين أحط ‌و‌ يلي کلما طال عمري خطاياي ‌و‌ لم أتب، أما ‌آن‌ لي أن استحي ‌من‌ ربي»، ثم أنشأت تقول:

أتحرقني بالنار ‌يا‌ غاية المني  
فأين رجائي ثم أين محبتي

أتيت بأعمال قباح ردية  
و ‌ما‌ في الوري خلق جني کجنايتي

«سبحانک تعصي کأنک ‌لا‌ تري، ‌و‌ تحلم کانک لم تعص، ‌و‌ تتود الي خلقک بحسن الصنيع کأن بک الحاجة اليهم، ‌و‌ أنت ‌يا‌ سيدي الغني عنهم» [5] .
سيدي ‌يا‌ ابن الحسين عليه السلام ‌ها‌ نحن علي أعتاب شهر الله الکريم الذي کنت تحيي لياليه بالعبرات ‌و‌ الزفرات ‌و‌ الدموع ‌و‌ الحسرات ‌و‌ هذه عباراتک الجميلة ترن في أذن الدهر:
«مالي کلما قلت قد صلحت سريرتي ‌و‌ قرب ‌من‌ مجالس التوابين مجلسي عرضت لي بلية أزلت قدمي ‌و‌ حالت بيني ‌و‌ بين خدمتک. سيدي لعلک عن بابک طردتني، ‌و‌ عن خدمتک نحيتني، أو لعلک رأيتني مستخفا بحقک فأقصيتني، أو لعلک رأيتني معرضا عنک فقليتني، أو لعلک وجدتني في مقام الکاذبين فرفضتني، أو لعلک رأيتني غير شاکر لنعمائک فحرمتني، أو لعلک فقدتني ‌من‌ مجالس العلماء فخذلتني، أو لعلک رأيتني ‌من‌ الغافلين فمن رحمتک آيستني، أو لعلک رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني ‌و‌ بينهم خليتني، أو لعلک لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني، أو لعلک بجرمي ‌و‌ جريرتي کافيتني، أو لعلک بقلة حيائي منک جازيتني. فان عفوت ‌يا‌ رب فطالما عفوت عن المذنبين قبلي...» [6] .
سيدي ‌و‌ ‌ما‌ أشبه حالاتک في مناجاتک بحالات جدک أميرالمؤمنين علي عليه السلام کما يصف ذلک ضرار ‌بن‌ حمزة في مجلس معاوية حينما قال له ‌صف‌ لي عليا:
فقال ضرار بعد امتناع منه ‌و‌ اصرار ‌من‌ معاوية: «و أشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ‌و‌ قد أرخي الليل سدوله ‌و‌ غارت نجومه ‌و‌ ‌هو‌ قائم في محرابه قابض علي لحيته يتململ تململ السليم [7]  ‌و‌ يبکي بکاء الحزين فکأني الآن أسمعه ‌و‌ ‌هو‌ يقول:
«يا دنيا ‌يا‌ دنيا أبي تعرضت أم لي تشوقت، هيهات هيهات غري غيري ‌لا‌ حاجة لي فيک قد طلقتک ثلاثا ‌لا‌ رجعة لي فيها، فعمرک، قصير، ‌و‌ أملک حقير، آه ‌من‌ قلة الزاد ‌و‌ بعد السفر ‌و‌ وحشة الطريق ‌و‌ عظم المورد») [8] .

الصحيفة السجادية ‌و‌ شهر رمضان المبارک
قال عليه السلام ‌من‌ الدعاء الرابع ‌و‌ الأربعين في الصحيفة السجادية بمناسبة دخول شهر رمضان: «و الحمدلله الذي جعل ‌من‌ تلک السبل شهره رمضان شهر الصيام ‌و‌ شهر الاسلام ‌و‌ شهر الطهور ‌و‌ شهر التمحيص ‌و‌ شهر القيام».
و يقول في الدعاء الخامس ‌و‌ الأربعين ‌و‌ ‌هو‌ دعاء ‌و‌ داع شهر رمضان المبارک: «السلام عليک ‌يا‌ شهر الله الأکبر ‌و‌ ‌يا‌ عيد أوليائه السلام عليک ‌يا‌ أکرم مصحوب ‌من‌ الأوقات ‌و‌ ‌يا‌ خير شهر ‌من‌ الأيام ‌و‌ الساعات. السلام عليک ‌من‌ شهر قربت فيه الآمال ‌و‌ نشرت فيه الأعمال، السلام عليک ‌من‌ قرين ‌جل‌ قدره موجودا، ‌و‌ أفجع فقده مفقودا ‌و‌ مرجو آلم فراقه. السلام عليک ‌من‌ أليف آنس مقبلا فسر، ‌و‌ أوحش منقضيا فمض. السلام عليک ‌من‌ مجاور رقت فيه القلوب. ‌و‌ قلت فيه الذنوب. السلام عليک ‌من‌ ناصرا أعان علي الشيطان، ‌و‌ صاحب سهل سبل الاحسان.
السلام عليک ‌ما‌ أکثر عتقاء الله فيک، ‌و‌ ‌ما‌ أسعد ‌من‌ رعي حرمتک بک. السلام عليک ‌ما‌ کان أمحاک للذنوب، ‌و‌ أشرک لأنواع العيوب. السلام عليک ‌ما‌ کان أطولک علي المجرمين، ‌و‌ أهيبک في صدور المؤمنين. السلام عليک ‌من‌ شهر ‌لا‌ تناقسه الأيام، السلام عليک ‌من‌ شهر ‌هو‌ ‌من‌ کل أمر سلام. السلام عليک غير کريه المصاحبة ‌و‌ ‌لا‌ ذميم الملابسة. السلام عليک کما وفدت علينا بالبرکات ‌و‌ غسلت عنا دنس الخطيئات. السلام عليک غير مودع برما ‌و‌ ‌لا‌ متروک صيامه سأما.
السلام عليک ‌من‌ مطلوب قبل وقته، ‌و‌ محزون عليه قبل فوته. السلام عليک کم ‌من‌ سوء صرف بک عنا، ‌و‌ کم ‌من‌ خير افيض بک علينا. السلام عليک ‌و‌ علي ليلة القدر التي هي خير ‌من‌ ألف شهر.
السلام عليک ‌ما‌ کان أحرصنا بالأمس عليک، ‌و‌ أشد شوقنا غدا اليک. السلام عليک ‌و‌ علي فضلک الذي حرمناه، ‌و‌ علي ماض ‌من‌ برکاتک سلبناه».
فهذه هي السمات الجميلة ‌و‌ العناوين الجليلة التي ذکرها الامام عليه السلام بالنسبة الي هذا الشهر العظيم.
الأمر الثاني في ذکر عناية الله تعالي بهذا الشهر العظيم فقد قال في الدعاء الرابع ‌و‌ الأربعين:
«و الحمدلله الذي حبانا بدينه ‌و‌ اختصنا بملته ‌و‌ سبلنا في سبل احسانه لنسلکها بمنه الي رضوانه حمدا يتقبله منا ‌و‌ يرضي ‌به‌ عنا، ‌و‌ الحمدلله الذي جعل ‌من‌ تلک السبل شهره رمضان».
الي أن قال:
«فأبان فضيلته علي سائر الشهور بما جعل له ‌من‌ الحرمات الموفورة ‌و‌ الفضائل المشهورة، فحرم فيه ‌ما‌ أحل في غيره اعظاما، ‌و‌ حجر فيه المطاعم ‌و‌ المشارب اکراما، ‌و‌ جعل له وقتا بينا ‌لا‌ يجيز ‌جل‌ ‌و‌ ‌عز‌ أن يقدم قبله، ‌و‌ ‌لا‌ يقبل أن يؤخر عنه.
ثم فضل ليلة واحدة ‌من‌ لياليه علي ليالي ألف شهر ‌و‌ سماها ليلة القدر، تنزل الملائکة ‌و‌ الروح فيها باذن ربهم ‌من‌ کل أمر، سلام دائم البرکة الي طلوع الفجر، علي ‌من‌ يشاء ‌من‌ عباده بما أحکم ‌من‌ قضائه.» دعا / 44 /.
و قال عليه السلام ‌من‌ دعاء له في وداع شهر رمضان:
«اللهم ‌و‌ أنت جعلت ‌من‌ صفايا تلک الوظائف ‌و‌ خصائص تلک الفروض، شهر رمضان الذي اختصصته ‌من‌ سائر الشهور ‌و‌ تخيرته ‌من‌ جمع الأزمنة ‌و‌ الدهور ‌و‌ آثرته علي کل أوقات السنة بما أنزلت فيه ‌من‌ القرآن ‌و‌ النور، ‌و‌ ضاعفت فيه ‌من‌ الايمان، ‌و‌ فرضت فيه ‌من‌ الصيام ‌و‌ رغبت فيه ‌من‌ القيام ‌و‌ أحللت فيه ‌من‌ ليلة القدر التي هي خير ‌من‌ ألف شهر» [9] .

في واجبات المؤمن في هذا الشهر العظيم
و الامام عليه السلام يؤکد ‌و‌ بصيغة الدعاء، علي وظائف الانسان في هذا الشهر العظيم حتي يکون له الصوم صوما ‌و‌ اقعيا له درجاته ‌و‌ مقاماته السامية، ‌و‌ ذلک لأن علماء الأخلاق يقسمون الصوم الي ثلاثة أقسام، صوم العموم، ‌و‌ صوم الخصوص، ‌و‌ صوم الصفوة.
صوم العموم ‌و‌ ‌هو‌ صوم عامة الناس ‌من‌ دون رعاية لشرائط، القبول، ‌و‌ صوم الخصوص حيث تراعي فيها الأمور التي تبعد الانسان عن الله سبحانه ‌و‌ تعالي، ‌و‌ أعني بها المحرمات، ‌و‌ الي هذا النوع يشير الامام عليه السلام بدعائه فيقول: «اللهم صل علي محمد ‌و‌ آله ‌و‌ ألهمنا معرفة فضله، ‌و‌ اجلال حرمته، ‌و‌ التحفظ مما حظرت فيه، ‌و‌ أعنا علي صيامه بکف الجوارح عن معاصيک، ‌و‌ استعمالها فيه بما يرضيک، حتي ‌لا‌ نصغي بأسماعنا الي لغو ‌و‌ ‌لا‌ نسرع بأبصارنا الي لهو، ‌و‌ حتي ‌لا‌ نبسط أيدينا الي محظور، ‌و‌ ‌لا‌ نخطو بأقداما الي محجور، ‌و‌ حتي ‌لا‌ تسعي بطوننا الا الي ‌ما‌ أحللت، ‌و‌ ‌لا‌ تنطق ألستنا الا بما مثلت، ‌و‌ ‌لا‌ نتکلف الا ‌ما‌ يدني ‌من‌ ثوابک، ‌و‌ ‌لا‌ نتعاطي الا الذي يقي ‌من‌ عقابک، ثم خلص ذلک کله ‌من‌ رئاء المرائين، ‌و‌ سمعة المسمعين ‌لا‌ نشرک فيه أحدا دونک ‌و‌ ‌لا‌ ينتفي فيه مرادا سواک» دعاء /44 / ‌من‌ الصحيفة السجادية.
ثم أشار الامام زين العابدين عليه السلام الي لزوم التحلي بفضائل الأخلاق فقال عليه السلام:
«اللهم صل علي محمد ‌و‌ آله وقفنا فيه علي مواقيت الصلوات الخمس بحدودها التي حددت، ‌و‌ فروضها التي فرضت ‌و‌ وظائفها التي وظفت ‌و‌ أوقاتها التي وقت، ‌و‌ أنزلنا فيها منزلة المصيبين لمنازلها الحافظين لأرکانها، المؤدين لها في أوقاتها، علي ‌ما‌ سنة عبدک ‌و‌ رسولک صلواتک عليه ‌و‌ آله في رکوعها ‌و‌ سجودها ‌و‌ جميع فواضلها علي أتم الطهور ‌و‌ أسبغه ‌و‌ بين الخشوع ‌و‌ أبلغه.
و وفقنا فيه لأن نصل أرحامنا بالبر ‌و‌ الصلة، ‌و‌ أن نتعاهد، جيراننا بالافضال ‌و‌ العطية، ‌و‌ أن نخلص أموالنا ‌من‌ التبعات، ‌و‌ أن نطهرنا باخراج الزکوات، ‌و‌ أن نراجع ‌من‌ هاجرنا ‌و‌ أن ننصف ‌من‌ ظلمنا ‌و‌ أن نسالم ‌من‌ عادانا، حاشا ‌من‌ عودي فيک ‌و‌ لک، فانه العدو الذي ‌لا‌ نواليه ‌و‌ الحزب الذي ‌لا‌ نصافيه. ‌و‌ أن نتقرب اليک فيه ‌من‌ الأعمال الزاکية بما تطهرنا ‌به‌ ‌من‌ الذنوب ‌و‌ تعصمنا فيه مما نستأنف ‌من‌ العيوب، حتي ‌لا‌ يورد عليک أحد ‌من‌ ملائکتک الا دون ‌ما‌ نورد ‌من‌ أبواب الطاعة لک ‌و‌ أنواع القربة اليک» دعاء / 44 / ‌من‌ الصحيفة.
و لنا في هذا المقام وقفة فيما يجري علي الساحة الاجتماعية في هذا الشهر الکريم في البلدان الاسلامية ‌من‌ مسلسلات تلفزيونية فاضحة ‌و‌ حفلات رقص ‌و‌ لهو مخجلة ‌و‌ غناء ‌و‌ طرب يندي له جبين المؤمنين، بل کل غيور ‌و‌ شهم، فأين الدعاء ‌و‌ القرآن ‌و‌ أين الابتهال ‌و‌ البکاء ‌و‌ أين تربية الروح ‌و‌ تجلية القلوب، أفکهذا شرع الله تعالي شهر رمضان، تعالي الله عن ذلک علوا کبيرا.
فالواجب علي العلماء کافة توجيه الناس ‌و‌ تحذيرهم ‌من‌ هذه السموم المنمقة ‌و‌ هذه المعاصي المزوقة، ‌و‌ النظر الي سيرة الرسول الأکرم (ص) ‌و‌ أهل بيته ‌و‌ أصحابه ‌و‌ المؤمنين ‌و‌ المؤمنات في هذا الشهر العظيم، فهم کانوا کما قال الامام علي عليه السلام: «.. أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا، يحزنون ‌به‌ أنفسهم ‌و‌ يستبشرون ‌به‌ دواء دائهم» شرح نهج البلاغة، ج 10، ص 133، خ 186.
و أما القسم الثالث ‌من‌ الصوم ‌و‌ ‌هو‌ صوم الصفوة فذاک مقام الأولياء ‌و‌ الأصفياء ‌و‌ لقد ذکرهم الامام عليه السلام في دعائه فقال:
«اللهم اني أسألک بحق هذا الشهر ‌و‌ بحق ‌من‌ تعبد لک فيه ‌من‌ ابتدائه الي وقت فنائه، ‌من‌ ملک قربته أو نبي أرسلته أو عبد صالح اختصصته، أن تصلي علي محمد ‌و‌ آله ‌و‌ أهلنا فيه لما وعدت أولياءک منکرامتک، ‌و‌ أوجبت لنا فيه ‌ما‌ أوجبت لأهل المبالغة في طاعتک ‌و‌ اجعلنا في نظم ‌من‌ استحق الرفيع الأعلي برحمتک» دعاء / 44 /.
و هولاء ‌هم‌ الذين أمسکوا عن حب الدنيا ‌و‌ تعلقوا بالأخري فليس للدنيا عندهم مقام ‌و‌ ‌لا‌ منزلة بل جعلوها کالميتة اقتصروا منها علي مالا يمکن ترکه.
و في مقام المتأسف علي انتهاء هذا الشهر المبارک يقول الامام عليه السلام: «اللهم صل علي محمد ‌و‌ آله ‌و‌ اجبر مصيبتنا بشهرنا ‌و‌ بارک لنا في يوم عيدنا ‌و‌ فطرنا» دعاء رقم / 45 /.
و يقول في مقام توديعه: «و قد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد ‌و‌ صحبنا صحبة مبرور، ‌و‌ أربحنا أفضل أرباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته، ‌و‌ انقطاع مدته ‌و‌ وفاء عدده» دعاء رقم / 45 /.
فنحن مودعوه وداع ‌من‌ ‌عز‌ فراقه علينا ‌و‌ غمنا ‌و‌ أوحشنا انصرافه عنا ‌و‌ لزمنا له الذمام المحفوظ ‌و‌ الحرية المرعية ‌و‌ الحق المقضي.
و يقول عليه السلام في مقام الدعاء: «اللهم اسلخنا بانسلاخ هذا الشهر ‌من‌ خطايانا، ‌و‌ أخرجنا بخروجه ‌من‌ سيئاتنا، ‌و‌ اجعلنا ‌من‌ أسعد أهله به، ‌و‌ أجزلهم قسما فيه، ‌و‌ أوفرهم حظا منه، اللهم ‌و‌ ‌من‌ رعي هذا الشهر ‌حق‌ رعايته ‌و‌ حفظ حرمته ‌حق‌ حفظها ‌و‌ قام بحدوده ‌حق‌ قيامها ‌و‌ اتقي ذنوبه ‌حق‌ تقاتها أو تقرب اليک بقربة أوجبت رضاک له، ‌و‌ عطفت رحمتک عليه، فهب لنا مثله ‌من‌ وجدک ‌و‌ أعطنا أضعافه ‌من‌ فضلک فان فضلک ‌لا‌ يفيض ‌و‌ ‌ان‌ خزائنک ‌لا‌ تنقص بل تفيض ‌و‌ ‌ان‌ معادت احسانک ‌لا‌ تفني، ‌و‌ ‌ان‌ عطاءک للعطاء المهنا، اللهم صل علي محمد ‌و‌ آله ‌و‌ اکتب لنا مثل أجور ‌من‌ صامه أو تعبد لک فيه الي يوم القيامة» دعاء رقم 45 / ‌من‌ الصحيفة السجادية.


السيد عبدالصاحب الموسوي


ارجاعات:
[1] عوالي اللآلي لابن أبي جمهور احسائي، ج: 1، ص 404.
[2] نهج البلاغة حکمة رقم 229 ص 449.
[3] روضة الواعظين، عن قول عامر الشعبي، ج: 1، ص 109.
[4] المناقب: ج 4، ص 152 - 151.
[5] المرجع السابق.
[6] ‌من‌ دعاء للامام زين العابدين (ع) في مصباح المجتهد ص 587.
[7] السليم في العربية ‌هو‌ الملدوغ، ‌و‌ قد وردت في بعض المراجع بالسقيم.
[8] وردت في عدة مراجع، راجع مثلا ارشاد القلوب، ج 2، ص 218.
[9] دعاء رقم / 55 / ‌من‌ الصحيفة السجادية.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

حديثى مهمّ و گفتارى حيرت‏آور
عذاب الهى به خاطر غفلت
انديشه موجب فسحت خلق‏
اطلاعیه مرکز علمی تحقیقاتی دارالعرفان الشیعی
حضرت حسین (علیه السلام(
راه تحصیل نعمت
ربا
اخلاق امیرالمومنین (علیه السلام)
ثروت خداداده و دانش فراوان
حکایت یک انسان الهى

بیشترین بازدید این مجموعه

گلزار محبت
فقه، زیربناى سلامت عبادات
دو دوست در مسجد الحرام
هدف آفرینش انسان
پیامبر صلی الله علیه و آله و جوان عارف
خواب دیدن امیر الموءمنین در جنگ صفین
اخلاق امیرالمومنین (علیه السلام)
حديثى مهمّ و گفتارى حيرت‏آور
اميد در روايات
عذاب الهى به خاطر غفلت

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^