عربي
Monday 23rd of December 2024
0
نفر 0

وقفة مع بعض الأنبياء ونبي الإسلام محمد (ص)

النبي نوح (عليه السلام):

ورد في علل الشرائع أنه سأل الشامي أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عن اسم نوح ما كان؟ فقال: (اسمه السكن وإنما سمي نوحاً لأنه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً) وفيه عن الصادق (عليه السلام) كان اسم نوح ، عبد الغفار وإنما سمي نوحاً لأنه كان ينوح على نفسه. وفي قصص الأنبياء عن الصدوق بإسناده إلى وهب قال: إن نوحاً (عليه السلام) لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يسموهم يدعوهم إلى الله تعالى فلا يزدادون إلا طغياناً ومضى ثلاثة قرون من قومه وكان الرجل منهم يأتي بابنه وهو صغير فيوقفه على رأس نوح (عليه السلام) فيقول يا بُني إن بقيت بعدي فلا تطيعّن هذا المجنون.

وقيل إنه كان نجاراً ولد في العام الذي مات فيه آدم (عليه السلام) وبعث وهو ابن أربعمائة سنة وكان يدعو قومه ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعاؤه إلا فراراً كما يقول القرآن الحكيم:

(قال ربي إني دعوتُ قومي ليلاً ونهاراً، فلم يزدهم دعائي إلا فراراً، وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً ، ثم إني دعوتهم جهاراً، ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم أسراراً). [سورة نوح: الآيات 5 - 9].

وكان يضربه قومه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون وكانوا يثورون إلى نوح (عليه السلام) فيضربونه حتى تسيل مسامعه دماً وحتى لايعقل شيئاً مما صُنع به فيُحمل ويُرمى في بيت أو على باب داره مغشياً عليه...

قال ابن عباس كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس إنه مجنون وإذا آمن أحد بنوح أخبرت الجبابرة من قوم نوح به(19).

وبعد معاناة كبيرة استطاع أن يوجد طبقة مؤمنة صغيرة والغالبية الكبرى لم يؤمنوا به حتى نفذ صبره فدعا على قومه:

(قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً). [سورة نوح: الآية 26].

فأمره سبحانه بصناعة السفينة كما قال عز وجل: (قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين). [سورة الشعراء: الآية 116].

(فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا). [سورة المؤمنون: الآية 27].

فصنعها ثم جمع المؤمنين وحملهم بالسفينة مع أجناس الحيوانات من كل جنس زوجين:

(حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا اُحمل فيها من كل زوجين أثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن...). [سورة هود: الآية 40].

فانزل الله سبحانه الأمطار الغزيرة وفار التنور فصارت الفيضانات العارمة وحملت السفينة لوحدها وتم غرق الكافرين وله موقف مع ابنه حيث عصاه وانهزم إلى الجبل ويحدثنا الكتاب العزيز عن ذلك:

(يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين). [سورة هود: الآية 42].

فقال ابنه: (سآوي إلى جبلٍ يعصمني من الماء). [سورة هود: الآية 43].

فلم ينفعه هذا الإيواء فغرق مع الكافرين وهكذا فإن في قصة النبي نوح المباركة مع قومه عِبَر وشواهد جليلة ليس موضعها هذا الكتاب العقائدي وإنما أشرنا إليها إشارة سريعة لاستكمال فصل النبوة بذكر بعض الأنبياء (عليهم السلام) ومعاناتهم وقصصهم مع البشرية.

وبعد أن انتهى أمر الكافرين أنزل الله على نوح (قيل يا نوح اهبط بسلامٍ منّا وبركات عليك وعلى أمم ممّن معك وأمم سنمتّعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم). [سورة هود: الآية 48].

فنزل نوح مع المؤمنين ووضعوا الحجر الأساس للحضارة البشرية من جديد فلهذا يعد النبي نوح (عليه السلام) الأب الثاني للبشرية بعد النبي آدم (عليه السلام).


إبراهيم الخليل (عليه السلام):

أبو الأنبياء وثاني أُولي العزم وخليل الرحمن قال سبحانه:

(ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين). [سورة آل عمران: الآية 67].

جاء في (علل الشرائع) مسنداً إلى الرضا (عليه السلام) قال: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلاً لأنه لم يَرُدّ أحداً قط ولم يسأل أحداً غير الله عز وجل.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله): ما اتخذ الله إبراهيم خليلاً إلا لإطعامه الطعام وصلواته بالليل والناس نيام وقال سبحانه:

(قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله). [سورة الممتحنة: الآية 4].

النبي إبراهيم الخليل نادى بالتوحيد أي الإيمان بوحدانية الله عز وجل، خاصمه الطاغية نمرود بن كنعان وهو أول من تجبّر وادّعى الربوبية، وكان له منجم اسمه (آزر) فأخبره بولادة شخص ينازعه في ملكه، فغضب الملك فأمر بتفريق الزوج عن زوجته وقتل الأولاد لكن شاءت إرادة الله بحمل إبراهيم وبولادته بالشكل السري بقدرته تعالى.

وكان آزر عم إبراهيم هو النحات للأصنام كان يعملها ويعطيها لأولاده ليبيعوها في السوق ولما كبر إبراهيم أعطاه بعض الأصنام ليبيعها بالسوق فكان يعلق في أعناقها الخيوط ويجرها على الأرض ويقول: من يشتري ما لا يضره ولا ينفعه؟ فيمسكها ويغرقها بالماء ويلعب بها ويقول لها اشربي وتكلمي... وفي يوم عيد لأهل زمانه خرج نمرود وجميع الناس وكره إبراهيم الخروج معهم فوكّل ببيت الأصنام فلما ذهبوا عمد إبراهيم إلى أصنامهم فحطمها الواحد تلو الآخر ثم علق الفأس في عنق كبيرهم، ولما عادوا قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين فقالوا ههنا فتى يُقال له إبراهيم هو الفاعل وكما ورد في القرآن المجيد:

(قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين، قالوا سمعنا فتىً يذكرهم يُقال له إبراهيم). [سورة الأنبياء: الآيتان 59 - 60].

فجيء به إلى نمرود فسُئل عن هذه الفعلة: (قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون). [سورة الأنبياء: الآية 63].

يقول الإمام الصادق (ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم) لأنه إنما قال فعله كبيرهم هذا إن نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئاً وبعد الاستشارات فيما بينهم اتفقوا على حرقه فحبسوا إبراهيم وجمعوا له الحطب وأضرموه بالنيران وبنوا لنمرود قصراً يشرف على التعذيب الذي ينتظر إبراهيم في هذه النيران وكانت النار شديدة جداً حتى أن الطائر في مسيرة فرسخ أعلى من النار يحترق ويسقط هاوياً فيها من شدة النار، فرموه في النار! فأوحى الله عز وجل للنار:

(قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم). [سورة الأنبياء: الآية 69].

ثم خرج إبراهيم من النار وجاء إلى نمرود ليدعوه إلى الدين من جديد فدخلا في مناقشات حادة فسأله نمرود من ربك؟ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت - هنا - قال تعالى:

(ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أُحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأْتِ بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين). [سورة البقرة: الآية 258].

فورد أن إبراهيم قال له كيف تحيي وتميت؟.

قال نمرود أطلب رجلين ممّن وجب عليهما القتل فأطلق واحداً وأقتل واحداً فأكون قد أمتّ وأحييت.

فقال له إبراهيم إن كنت صادقاً فأحي الذي قتلته فلم يحر جواباً ثم أدخله إبراهيم في تساؤل أكثر وضوحاً وأقوى حجةً كما في الآية المباركة: (إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأْت بها من المغرب فبهت الذي كفر).

فانتصر إبراهيم في المناقشة الفكرية على طاغوت زمانه بالحجة العقلية الدامغة للباطل. وتبقى مسيرة النبي إبراهيم (عليه السلام) مناراً للهداة والمصلحين.


أيوب (عليه السلام):

(وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين). [سورة الأنبياء: الآية 83 - 84].

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أن أيوب نبي الله لبث به بلاؤه ثماني عشر سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه).

وقال الحسن: (مكث أيوب (عليه السلام) مطروحاً على كناسة في مزبلة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهر تختلف فيه الدواب ولم يبق له مال ولا ولد ولا صديق غير رحمة وهي زوجته صبرت معه، وأيوب لا يفتر من ذكر الله والثناء عليه..).

وقيل إنه اشتد مرضه حتى تجنّبه الناس فوسوس الشيطان إلى الناس أن يستقذروه ويخروجوه من بينهم ولا يتركوا امرأته التي تخدمه أن تدخل عليهم فكان أيوب يتأذى بذلك ويتألم منه ولم يشكُ الألم الذي كان من أمر الله.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله) (أعظم الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل).

ويُذكر أن أيوب حينما ذهب ماله وجماله وحلاله من الغنم والزرع كثر الشامتون عليه فقال (عليه السلام) الحمد لله حين أعطاني وحين نزع مني، عرياناً خرجت من بطن أمي وعرياناً أعود في التراب وعرياناً أحشر إلى الله تعالى.

بل كلما كان يفتقد من النعم كان يزداد شكراً لله عز وجل حتى تسلط المرض على بدنه فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه فبقي في ذلك دهراً يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود وكانت تخرج من بدنه فيردها ويقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله فيه.

وكانت أمرأته تذهب للناس لتأخذ له طعاماً فتأتي وتلقمه حتى مُنعت من العطاء إلا باعطائهم ذؤابتها الجميلة وبالفعل فعلت ذلك فكانت المحن المتتالية على النبي أيوب (عليه السلام) شديدة وكلما اشتدت أكثر كان إيمانه يزداد أيضاً فيشكر الله عز وجل وإلى أن عافاه الله من علته حيث قال تعالى:

(اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب). [سورة ص: الآية 42].

فاغتسل بعين ماء نبعت له فشفي من الأمراض الظاهرية وعين شرب منها فشفي من الأمراض الباطنية بإذنه تعالى..

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

زيارة قبر النبي (ص ) ومراقد الائمة (ع ) :
ألاِیمان وعلامات المؤمن
المُناظرة الثالثة والسبعون /مناظرة الشيخ محمد ...
حقوق الإنسان في نظر أهل البيت ( عليهم السلام )
لماذا السجود على التربة ؟
الاَحاديث الواردة في بيان أهمية التقية :
تعظيمُ شعائر الله في أوليائه
العقل والروح مسيرة إحيائية واحدة
الامامة الابراهيمية في القرآن الكريم (القسم ...
الخمس... فريضة إلهيّة (1)

 
user comment