عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

الثاني جواب صدر المتالهين :

الثاني جواب صدر المتالهين :

و هـنـا جواب ثان ذكره صدر المتالهين وحاصله : ان المختارما يكون فعله بارادته لا ما يكون ارادته بـارادته والا لزم ان لاتكون ارادته سبحانه عين ذاته , والقادر ما يكون بحيث ان ارادالفعل صدر عنه الفعل والا فلا, لا ما يكون ان اراد الارادة للفعل فعل والا لم يفعل ((48)) .
وقـد اوضـحـه سـيـدنـا الاسـتـاذ (دام ظله ) ما هذا ملخصه : ان الارادة والعلم والحب من الصفات الحقيقية ذات الاضافة بين الانسان ومتعلقه .
ثـم ان الـمعلوم ما تعلق به العلم , والمحبوب ما تعلق به الحب لا ما تعلق بعلمه العلم وبحبه الحب , فهكذا المراد والمختار ماتعلقت به الارادة والاختيار لا ما تعلقت بارادته واختياره ,الارادة والاختيار, والـقـادر عـنـد العقلا من اذا شا صدر عنه الفعل واذا لم يشا او شا عدمه لم يصدر لا ما اذا اراد ارادة الـفعل صدر عنه , ولو كان المقياس في الاختيار هو تعلق الارادة على نظيرتها لم يصدر فعل ارادي عن المريد قط حتى الواجب .
فـان قلت : ليس النزاع في التسمية والاصطلاح حتى يندفع بماهو الميزان عند العقلا في تشخيص الفعل الاختياري عن غيره , بل هو معنوي وهو ان مبدا الفعل اعني الارادة اذا لم تكن باختيار النفس وانتخابها, بل كان رهن مقدمات غير اختيارية يصير الفعل معها اضطراريا غير اختياري ومعه لا تصح العقوبة وان سمي عندهم فعلا اختياريا.
قـلـت : ان الـبـحـث يقع تارة في تشخيص الفعل الارادي عن غيره , واخرى في تنقيح مناط صحة الـعـقوبة , وما افاده (طيب اللّه رمسه ) كاف في المقام الاول , اذ لا يشك اي ذي مسكة من ان الفعل الارادي هـو مـا تعلقت به الارادة لا ما تعلقت بارادتها ارادة ثانية , في مقابل حركة المرتعش , اذ هي صادرة عنه لا بارادة متعلقة بفعله , من غير فرق بين الواجب والممكن .
واما المقام الثاني اي تشخيص مناط صحة العقوبة وعدمها,فالمرجع في ذلك هو العقلا وفطرياتهم ومـرتـكـزاتـهـم , ولاريب ان جميع العقلا يميزون بين الحركة الارادية والحركة الارتعاشية بصحة المؤاخذة على الاولى دون الثانية , وليس ذلك الا لحكمهم بان الفعل صادر عن ارادته واختياره من دون اضطرار واجبار وما ذكر من الشبهة انما هو جدل عقيم في سوق الاعتبار.

الجواب الثالث للمحقق الخراساني :

وثـمة جواب ثالث للمحقق الخراساني اشار اليه في اوائل الجز الثاني عند البحث في التجري وقال : ((ان الاختيار (يريدمن الاختيار, الارادة ) وان لم يكن بالاختيار الا بعض مباديه ,يكون غالبا بالاختيار للتمكن من عدمه بالتامل فيما يترتب على ما عزم عليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمة ((49)).
يلاحظ عليه : ان الاشكال لا يحسم بما افاد: اذ لقائل ان يسال عن المبادئ التي ادعي انها بالاختيار, فهل الارادة المتعلقة بهامسبوقة بارادة اخرى او لا؟ فعلى الاول ينتهي الى ارادة غيرمسبوقة بارادة اخرى ولازمه الجبر والاضطرار, وعلى الثاني يلزم التسلسل .

الجواب الرابع للمحقق الحائري :

ان شـيـخ مـشـايـخنا العلا مة الحائري قد دفع الشبهة بوجه آخروقال : ((انما يلزم التسلسل لو قلنا بانحصار سبب الارادة في الارادة ولا نقول به , بل ندعي انها قد توجد بالجهة الموجودة في المتعلق , اعـني : المراد, وقد توجد بالجهة الموجودة في نفسها فيكفي في تحققها احد الامرين , وما كان من قـبيل الاول لا يحتاج الى ارادة اخرى وما كان من قبيل الثاني حاله حال سائرالافعال التي يقصدها الـفـاعـل بـمـلاحـظة الجهة الموجودة فيها ـالى ان قال : ـ والدليل على ان الارادة قد تتحقق في مصلحة في نفسها هو الوجدان , لانا نرى امكان ان يقصد الانسان , البقا في المكان الخاص عشرة ايام بـمـلاحـظـة ان صـحـة الصوم والصلاة التامتين تتوقف على القصد المذكور, مع العلم بعدم كون هذاالاثر مترتبا على نفس البقا واقعا, ونظير ذلك غير عزيز ((50)).
يـلاحـظ عـليه : ان الاشكال بعد باق , اذ لقائل ان يسال عن تعلق الارادة على ايجاد الارادة فهل هي مسبوقة بارادة اخرى وهكذافيتسلسل او لا؟ فيلزم الجبر.

الجواب الخامس :

ما هو المشهور بين المحصلين .
ان اخـتـيـاريـة كـل شـي بالارادة واما اختياريتها, فبذاتها اذ كل ما بالعرض لابد وان ينتهي الى ما بالذات , فكما ان كل موجودموجود بالوجود والوجود بنفسه , فهكذا الارادة .
ولا يخفى ان الاشكال بعد باق .
تـوضيحه : ان القائل خلط بين الجهات التقييدية والتعليلية ,فان مرادهم من قولهم : الوجود موجود بنفسه , هو انه لا يحتاج الى ضم حيثية تقييدية ورا وجود موضوعه نظيره حمل الابيض على البياض الـذي لا يـحـتـاج الـى ضـم ضـميمة وراوجود الموضوع , بخلاف قولنا: الجسم ابيض فان الحمل رهـن وجـود حـيـثـية تقييدية ورا الموضوع , ويسمى الاول المحمول بالصميمة والثاني المحمول بالضميمة .
وفـي الـوقـت نـفـسـه ان الـبياض وان كان مستغنيا عن الحيثية التقييدية ولكنه غير مستغن عن الـحـيـثـيـة الـتـعـلـيـلـيـة وعـلـى ضؤذلك , فحصول الارادة في صقع الذهن غير مستغن عن الـحيثية التعليلية فعندئذ فاما ان تحدث في النفس بارادة سابقة عليهااولا, وعلى الثاني تكون امرا غـيـر اخـتـيـاري لـعـدم مـسـبـوقيتهابارادة اخرى وعلى الاول , اما ان لا تنتهي سلسلة الارادات فيلزم التسلسل , واما ان تنتهي فيلزم الجبر ثم يعود الاشكال ويطرح نفسه من جديد.

الجواب السادس ما اجاب به سيدنا الاستاذ

وحـاصـل ما افاده : ان الارادة تصدر عن النفس بلا توسطشي آخر, فانها فاعلة بالتجلي الذي يكون تصور الفاعل كافيافي الايجاد والابداع ولا يتخلف عنه , هذا من جانب , ومن جانب آخر ان النفس من الـفـواعـل الالـهـيـة وكـل فـاعـل الـهـي يـجـدكـمالات فعله في مقام الذات فاذا كان الاختيار والانـتخاب موجودا في مقام الفعل فهو موجود في مرتبة الذات على نحوالاجمال والبساطة لنفس الـقـاعـدة , فيكون معنى ذلك ان النفس واجدة في مقام ذاتها وحاق وجودها كمالات فعلها, اعني : الـعلم والاختيار والارادة , بنحو اتم واشرف , فان وجود هذه الثلاثة فى اقسام الفعل امر بديهي فلابد ان تكون موجودة في مقام الذات , لما اشرنا اليه من القاعدة .
وعـلـى ضؤ ذلك فالنفس مختارة بالذات وفي ظل هذاالاختيار تصدر الارادة منها, فيكون الانسان في ارادته مختارافي ظل الاختيار الذاتي للنفس .

هذا اجمال ما افاده (دام ظله ) واليك تفصيله :

1 ان الافـعـال الـصـادرة عـن الـنـفـس تـنقسم الى : تكويني ونفسي , وان شئت قلت : الى تسبيبي ومـبـاشـري , فـالاول منهما مايصدر عنها لا بلة , كالخياطة والكتابة واحداث البنا الى غيرذلك من الامـور الـمـوجـودة خـارج لوح النفس , ففي هذه المواردكل من المقدمة وذيها, مسبوق بالتصور والـتـصـديـق والشوق المؤكد (في اغلب الموارد) فاذا تمت المقدمات يجد الانسان في ذهنه العزم والجزم والتصميم , وعند ذلك , تنقاد الاعضاوتتوجه نحو القيام بالفعل .
ان النفس في مجال هذا النوع من العمل فاعلة للحركة فبحركة العضلات تتحقق الافعال التكوينية التسبيبية من الخياطة والكتابة .
والـثـانـي مـنـهما ما يصدر عنه بلا آلة او بلة غير جسمانية , وان شئت قلت : ما يصدر عنها بخلا قية النفس وايجادها في صقعهاكصاحب ملكة علم الفقه او النحو, فاذا سئل عن عدة مسائل تاتي الاجوبة فـي الـذهن تباعا, واحدة تلو الاخرى , ونظيرهاخلق الصور البديعة الهندسية المقدارية , لمن زاول هندسة البنا وصار ذا ملكة فيها.
وهذا النوع من افعال النفس , اختيارية لها, وان لم يكن هناك تصور ولا تصديق , ولا شوق , ولا ارادة , وسيوافيك وجهه ومثلها الارادة , فانها فعل مباشري للنفس , وليست مسبوقة بمقدمات الارادة اصلا.
2 ان النفس في هذا النوع من الافعال , فاعلة بالتجلي وليست فاعلة بالعناية , والفاعل بالتجلي جامع لـكـمـالات فـعـلـه فـي مقام الذات على نحو الاجمال والايجاد, فالاجوبة العلمية والصور البديعة , والاخـتـيـار الملموس لكل انسان قبل التصميم والجزم , وحتى نفس الارادة ونظائرها موجودة في مـقـام الـذات لـكـن لا على نحو التفصيل , بل على سبيل الاجمال , فتكون النفس في مقابل الذات مـريـدة ومـخـتارة بالذات بشهادة وجودهما في مقام الفعل , ويكون هذا هو الملاك في كون القسم الـثـانـي فـعـلا اختياريا واراديا, لا سبق ارادة تفصيلية عليه فبالاختيار الذاتي تنشا الارادة والجزم والتصميم .
وتـعـلـم حـال الـنـفس اذا قيست الى الواجب عز اسمه , فانه سبحانه خلق الكون وما فيه لا بارادته الـتفصيلية والا يلزم ان تكون الذات محلا للحوادث , بل بارادة اجمالية او اختيار ذاتي , هماعين ذاته سـبـحـانه وان لم ينكشف لنا كنههما, فكما ان الملاك لكون فعله اختياريا هو كونه موجودا مختارا بالذات , باختيارهو عين ذاته , فهكذا النفس فهي مختارة في ايجاد القسم الثاني من الافعال باختيار ذاتي هو عين ذاتها.
والذي يحل العقدة , ويزيل الشبهة من راسها هو نفي كون شي واحد (مسبوقية الشي بالارادة ) ملاكا مـنـحصرا للاختيار,بل الملاك احد الامرين , اما مسبوقية الفعل بالاختيار, او كونه صادرا عن فاعل مختار ومريد بالذات , ولاجل ذلك صارت النفس مثلا للّه سبحانه وان كان سبحانه منزها عن المثل والند.

الشبهة الثانية :

قـد ثـبـت في الفن الاعلى ان ((الشي ما لم يجب لم يوجد))وهي قاعدة محكمة بنيت على اصول صحيحة , عامة لجميع الفواعل والعلل واجبا كانت او ممكنة , مختارة كانت او مضطرة .
ثـم ان جـماعة ممن لم يقفوا على مغزى القاعدة جعلوها من ادلة القول بالجبر, قائلين بان وجوب الشي عبارة عن ضرورة تحققه وامتناع عدمه وما كان كذلك يكون الفاعل موجبا(بالفتح ) ومضطرا في ايجاده وملجا في احداثه , والا لم يجب وجوده ولم يمتنع عدمه .
وثـمـة مـن رفـض القاعدة في افعال الواجب وابداعاته لئلا يلزم الجبر في افعاله , وفي الوقت نفسه اخـذوا بـهـا فـي مـقـام اثبات الصانع , مستدلين بان وجوب الشي وضرورة وجوده فرع وجود فاعل يخرجه عن الامكان الى حد الضرورة وليس هو الا الواجب سبحانه .
ومـعنى ذلك ان القاعدة خاضعة لميولهم فرفضوها في مقام لا يناسب مذاقهم واخذوا بها في مقام آخر يوافق فكرتهم وعقيدتهم , ولاجل حسم الشبهة نبحث عنها في مقامين :
الاول : في مفاد القاعدة .
الثاني : عدم منافاتها لاختيار الفاعل .
واليك الكلام في المقام الاول .
ا ما هو مفاد القاعدة ؟.
ان تبين مفاد القاعدة رهن بيان امرين :

الاول : وصف الشي بالامكان بالنظر الى حاق ذاته :

ان تـقسيم المفهوم الى الممكن وغيره (المراد من الغير هوواجب الوجود وممتنعه ) انما هو بالنظر الـى مـفهوم الشي الممكن مع قطع النظر عن الخارج , والا فبالنظر الى خارج ذاته فهو اما ضروري الـوجـود, او مـمـتنعه , اذ لو كانت علة الوجودموجودة فيدخل في القسم الاول , ولو كانت معدومة فيدخل في الثاني .
فـلا يـمـكـن الحكم بامكان الشي اي سلب الضرورة عن الطرفين الا اذا قصر النظر على ذات الشي دون ما حوله من علل الوجود او خلافها.
وبعبارة اخرى : كل ممكن لا يخلو في نفس الامر من احدى حالتين :
فـاما ان يكون مقارنا مع علل وجوده , او مقارنا مع عدمها,ففي كل من الحالتين يحكم عليه باحدى الـضـرورتين اي ضرورة الوجود او ضرورة العدم , ففرض الامكان للماهية انماهو بتحليل من العقل وقصر النظر على صميم ذاتها, دون ملاحظتها مع الخارج .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

آراء الحكماء في المعاد الجسماني
المناظرة الحادية عشر/سماحة الشيخ مصطفى الطائي
أسباب النزول بين العموم والخصوص
الصفات الذاتية الثبوتية
المراد من الاثني عشر عند أهل السنة
التسليم
رجاء الله وخشيته
لماذا نحن بحاجة الي تكوين الذات المعلوماتية ؟
التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه ق (8)
أعمــــال ماقبــل النـــوم

 
user comment