8 ـ ونـعتقد: ان من صفاته تعالى الثبوتية الكمالية انه عادل غير ظالم , فلايجور في قضائه , ولا يحيف فـي حـكمه , يثيب المطيعين , وله ان يجازي العاصين , ولا يكلف عباده ما لا يطيقون , ولا يعاقبهم زيادة على مايستحقون ((36)) .
ونعتقد: انه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة , ولا يفعل القبيح ,لانه تعالى قادر على فعل الـحـسن وترك القبيح , مع فرض علمه بحسن الحسن ,وقبح القبيح , وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح , فلا الحسن يتضرر بفعله حتى يحتاج الى تركه , ولا القبيح يفتقر اليه حتى يفعله . وهو مع كل ذلك حكيم , لا بد ان يكون فعله مطابقا للحكمة , وعلى حسب النظام الاكمل ((37)) .
فلو كان يفعل الظلم والقبح ـ تعالى عن ذلك ـ فان الامر في ذلك لا يخلوعن اربع صور: 1 ـ ان يكون جاهلا بالامر , فلا يدري انه قبيح .
2 ـ ان يكون عالما به , ولكنه مجبور على فعله , وعاجز عن تركه .
3 ـ ان يكون عالما به , وغير مجبور عليه , ولكنه محتاج الى فعله .
4 ـ ان يـكون عالما به , وغير مجبور عليه , ولا يحتاج اليه , فينحصر في ان يكون فعله له تشهيا وعبثا ولهوا .
وكل هذه الصور محال على اللّه تعالى , وتستلزم النقص فيه وهو محض الكمال , فيجب ان نحكم انه منزه عن الظلم وفعل ما هو قبيح .
غـيـر ان بعض المسلمين جوز عليه تعالى فعل القبيح ((38)) ـ تقدست اسماؤه ـ فجوز ان يعاقب المطيعين , ويدخل الجنة العاصين , بل الكافرين ,وجوز ان يكلف العباد فوق طاقتهم وما لا يقدرون عـلـيه , ومع ذلك يعاقبهم على تركه , وجوز ان يصدر منه الظلم والجور والكذب والخداع , وان يـفـعـل الـفـعـل بـلاحـكـمـة وغـرض ولا مـصـلـحة وفائدة , بحجة انه ( لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ) ((39)) .
فرب امثال هؤلاء الذين صوروه على عقيدتهم الفاسدة : ظالم , جائر ,سفيه , لا عب , كاذب , مخادع , يـفعل القبيح ويترك الحسن الجميل , تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا , وهذا هو الكفر بعينه , وقد قال اللّه تعالى في محكم كتابه :(وما اللّه يريد ظلما للعباد) ((40)) .
وقال : (واللّه لا يحب الفساد) ((41)) .
وقال :(وما خلقنا السموات والارض وما بينهما لاعبين ) ((42)) .
وقال : (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) ((43)) .
الى غير ذلك من الايات الكريمة , سبحانك ما خلقت هذا باطلا .
9 ـ عقيدتنا في التكليف
نـعـتـقـد: انه تعالى لا يكلف عباده الا بعد اقامة الحجة عليهم ((44)) , ولايكلفهم الا ما يسعهم ما يـقـدرون عـلـيه وما يطيقونه وما يعلمون , لانه من الظلم تكليف العاجز والجاهل غير المقصر في التعليم .
اما الجاهل المقصر في معرفة الاحكام والتكاليف فهو مسؤول عند اللّه تعالى , ومعاقب على تقصيره , اذ يجب على كل انسان ان يتعلم ما يحتاج اليه من الاحكام الشرعية ((45)) .
ونعتقد: انه تعالى لا بد ان يكلف عباده , ويسن لهم الشرائع , وما فيه صلاحهم وخيرهم , ليدلهم على طرق الخير والسعادة الدائمة , ويرشدهم الى مافيه الصلاح , ويزجرهم عما فيه الفساد والضرر عليهم وسوء عاقبتهم , وان علم انهم لا يطيعونه , لان ذلك لطف ورحمة بعباده , وهم يجهلون اكثر مصالحهم وطرقها في الدنيا والاخرة , ويجهلون الكثير مما يعود عليهم بالضرروالخسران , واللّه تعالى هو الرحمن الرحيم بنفس ذاته , وهو من كماله المطلق الذي هو عين ذاته , ويستحيل ان ينفك عنه .
ولا يـرفع هذا اللطف وهذه الرحمة ان يكون العباد متمردين على طاعته ,غير مناقدين الى اوامره ونواهيه .
10 ـ عقيدتنا في القضاء والقدر
ذهـب قـوم ـ وهم المجبرة ((46)) ـ الى انه تعالى هو الفاعل لافعال المخلوقين , فيكون قد اجبر الـناس على فعل المعاصي , وهو مع ذلك يعذبهم عليها , واجبرهم على فعل الطاعات ومع ذلك يثيبهم عـلـيـها , لانهم يقولون : ان افعالهم في الحقيقة افعاله , وانما تنسب اليهم على سبيل التجوز , لانهم مـحلها ,ومرجع ذلك الى انكار السببية الطبيعية بين الاشياء , وانه تعالى هو السبب الحقيقي لا سبب سواه .
وقد انكروا السببية الطبيعية بين الاشياء , اذ ظنوا ان ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له .
ومن يقول بهذه المقالة فقد نسب الظلم اليه , تعالى عن ذلك .
وذهـب قوم آخرون ـ وهم المفوضة ((47)) ـ الى انه تعالى فوض الافعال الى المخلوقين , ورفع قـدرتـه وقـضاءه وتقديره عنها , باعتبار ان نسبة الافعال اليه تعالى تستلزم نسبة النقص اليه , وان للموجودات اسبابها الخاصة , وان انتهت كلها الى مسبب الاسباب والسبب الاول , وهو اللّه تعالى .
ومن يقول بهذه المقالة فقد اخرج اللّه تعالى من سلطانه ((48)) , واشرك غيره معه في الخلق .
واعـتـقـادنا في ذلك تبع لما جاء عن ائمتنا الاطهار عليهم السلام من الامربين الامرين , والطريق الوسط بين القولين , الذي كان يعجز عن فهمه امثال اولئك المجادلين من اهل الكلام , ففرط منهم قوم وافرط آخرون , ولم يكتشفه العلم والفلسفة الا بعد عدة قرون ((49)) .
ولـيـس من الغريب ممن لم يطلع على حكمة الائمة عليهم السلام واقوالهم ان يحسب ان هذا القول ـ وهـو الامر بين الامرين ـ من مكتشفات بعض فلاسفة الغرب المتاخرين , وقد سبقه اليه ائمتنا قبل عشرة قرون .
فـقـد قال امامنا الصادق عليه السلام لبيان الطريق الوسط كلمته المشهورة :((لا جبر ولا تفويض ,ولكن امر بين امرين )) ((50)) .
مـا اجل هذا المغزى , وما ادق معناه , وخلاصته : ان افعالنا من جهة هي افعالنا حقيقه ونحون اسبابها الطبيعية , وهي تحت قدرتنا واختيارنا , ومن جهة اخرى هي مقدورة للّه تعالى , وداخلة في سلطانه , لانـه هـو مـفـيض الوجودومعطيه , فلم يجبرنا على افعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي ,لان لنا القدرة والاختيار فيما نفعل , ولم يفوض الينا خلق افعالنا حتى يكون قداخرجها عن سلطانه , بل له الخلق والحكم والامر , وهو قادر على كل شي ءومحيط بالعباد ((51)) .
وعـلـى كل حال , فعقيدتنا: ان القضاء والقدر سر من اسرار اللّه تعالى , فمن استطاع ان يفهمه على الـوجه للائق بلا افراط ولا تفريط فذاك , والا فلا يجب عليه ان يتكلف فهمه والتدقيق فيه , لئلا يـصـل وتـفـسد عليه عقيدته , لانه من دقائق الامور , بل من ادق مباحث الفلسفة التي لا يدركها الا الاوحدي من الناس , ولذا زلت به اقدام كثير من المتكلمين ((52)) .
فـالـتـكـلـيف به تكليف بما هو فوق مستوى مقدور الرجل العادي , ويكفي ان يعتقد به الانسان على الاجـمـال اتـبـاعـا لقول الائمة الاطهار عليهم السلام من انه امر بين الامرين , ليس فيه جبر ولا تفويض .
ولـيـس هـو مـن الاصول الاعتقادية حتى يجب تحصيل الاعتقاد به على كل حال على نحو التفصيل والتدقيق .
11 ـ عقيدتنا في البداء
الـبداء في الانسان : ان يبدو له راي في الشي ء لم يكن له ذلك الراي سابقا ,بان يتبدل عزمه في العمل الذي كان يريد ان يصنعه , اذ يحدث عنده ما يغيررايه وعلمه به , فيبدو له تركه بعد ان كان يريد فعله , وذلك عن جهل بالمصالح ,وندامة على ما سبق منه .
والـبداء بهذا المعنى يستحيل على اللّه تعالى . لانه من الجهل والنقص ,وذلك محال عليه تعالى , ولا تقول به الامامية .
قـال الـصادق عليه السلام : ((من زعم ان اللّه تعالى بدا له في شي ء بداء ندامة فهو عندنا كافر باللّه العظيم )) ((53)) .
وقال ايضا: ((من زعم ان اللّه بدا له في شي ء ولم يعلمه امس فابرامنه )) ((54)) .
غير انه وردت عن ائمتنا الاطهار عليهم السلام روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدم , كـمـا ورد عن الصادق عليه السلام : ((ما بدا للّه في شي ء كما بدا له في اسماعيل ابني )) ((55)) ولـذلـك نسب بعض المؤلفين في الفرق الاسلامية الى الطائفة الامامية القول بالبداء طعنا في المذهب وطريق آل البيت ,وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة .
والـصـحـيح في ذلك ان نقول كما قال اللّه تعالى في محكم كتابه المجيد:(يمحوا اللّه ما يشء ويثبت وعنده اءم الكتاب ) ((56)) .
ومـعـنى ذلك : انه تعالى قد يظهر شيئا على لسان نبيه او وليه , او في ظاهرالحال لمصلحة تقتضي ذلـك الاظـهـار , ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر اولا , مع سبق علمه تعالى بذلك , كما في قصة اسماعيل لما راى ابوه ابراهيم انه يذبحه ((57)) .
فيكون معنى قول الامام عليه السلام : انه ما ظهر للّه سبحانه امر في شي ءكما ظهر له في اسماعيل ولـده , اذ اخـترمه قبله ليعلم الناس انه ليس بامام , وقدكان ظاهر الحال انه الامام بعده , لانه اكبر ولده ((58)) .
وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ احكام الشرائع السابقة بشريعة نبى نا صلى اللّه عليه وآله , بل نسخ بعض الاحكام التي جاء بها نبينا صلى اللّه عليه وآله ((59)) .
12 ـ عقيدتنا في احكام الدين
نـعـتـقد: انه تعالى جعل احكامه ـ من الواجبات والمحرمات وغيرهما آطبقا لمصالح العباد في نفس افعالهم , فما فيه المصلحة الملزمة جعله واجبا ,وما فيه المفسدة البالغة نهى عنه , وما فيه مصلحة راجحة ندبنا اليه . . .
وهكذا في باقي الاحكام , وهذا من عدله ولطفه بعباده .
ولا بد ان يكون له في كل واقعة حكم ((60)) , ولا يخلو شي ء من الاشياء من حكم واقعي للّه فيه , وان انسد علينا طريق علمه .
ونقول ايضا: انه من القبيح ان يامر بما فيه المفسدة , او ينهى عما فيه المصلحة .
غير ان بعض الفرق من المسلمين يقولون : ان القبيح ما نهى اللّه تعالى عنه , والحسن ما امر به , فليس فـي نـفـس الافـعـال مـصالح او مفاسد ذاتية , ولاحسن او قبح ذاتيان ((61)) , وهذا قول مخالف للضرورة العقلية .
كـمـا انهم جوزوا ان يفعل اللّه تعالى القبيح فيامر بما فيه المفسدة , وينهى عما فيه المصلحة . وقد تقدم ان هذا القول فيه مجازفة عظيمة , وذلك لاستلزامه نسبة الجهل او العجز اليه سبحانه , تعالى علوا كبيرا .
والخلاصة : ان الصحيح في الاعتقاد ان نقول : انه تعالى لا مصلحة له ولامنفعة في تكليفنا بالواجبات ونهينا عن فعل ما حرمه , بل المصلحة والمنفعة ترجع لنا في جميع التكاليف , ولا معنى لنفي المصالح والمفاسد في الافعال المامور بها والمنهي عنها , فانه تعالى لا يامر عبثا ولا ينهى جزافا , وهو الغني عن عباده .
13 ـ عقيدتنا في النبوة
نـعـتـقـد: ان النبوة وظيفة الهية , وسفارة ربانية , يجعلها اللّه تعالى لمن ينتجبه ويختاره من عباده الـصـالـحـيـن واوليائه الكاملين في انسانيتهم , فيرسلهم الى سائر الناس لغاية ارشادهم الى ما فيه مـنـافـعـهـم ومصالحهم في الدنياوالاخرة , ولغرض تنزيههم وتزكيتهم من درن مساوئ الاخلاق ومفاسدالعادات , وتعليمهم الحكمة والمعرفة , وبيان طرق السعادة والخير , لتبلغ الانسانية كمالها اللائق بها , فترتفع الى درجاتها الرفيعة في الدارين دار الدنياودار الاخرة .
ونـعـتـقـد: ان قاعدة اللطف ـ على ما سياتي معناها ـ توجب ان يبعث الخالق ـ اللطيف بعباده ـ رسله لهداية البشر , واداء الرسالة الاصلاحية , وليكونوا سفراءاللّه وخلفاءه .
كـمـا نعتقد: انه تعالى لم يجعل للناس حق تعيين النبي او ترشيحه اوانتخابه , وليس لهم الخيرة في ذلك , بل امر كل ذلك بيده تعالى , لانه (اءعلم حيث يجعل رسالته ) ((62)) .
ولـيـس لهم ان يتحكموا فيمن يرسله هاديا ومبشرا ونذيرا , ولا ان يتحكموا فيما جاء به من احكام وسنن وشريعة ((63)) .
14 ـ النبوة لطف
ان الانسان مخلوق غريب الاطوار , معقد التركيب في تكوينه وفي طبيعته وفي نفسيته وفي عقله , بـل فـي شـخـصية كل فرد من افراده , وقد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة , وبواعث الخير والصلاح من جهة اخرى ((64)) .
فـمن جهة قد جبل على العواطف والغرائز من حب النفس , والهوى ,والاثرة , واطاعة الشهوات , وفـطـر عـلـى حـب الـتغلب , والاستطالة , والاستيلاءعلى ما سواه , والتكالب على الحياة الدنيا وزخـارفـها ومتاعها كما قال تعالى :(ان الانسن لفي خسر) ((65)) و(ان الانسن ليطغى # اءن رآه اسـتـغـنـى ) ((66)) و(ان الـنـفـس لامارة بالسوء) ((67)) الى غير ذلك من الايات المصرحة والمشيرة الى ما جبلت عليه النفس الانسانية من العواطف والشهوات .
ومـن الـجهة الثانية , خلق اللّه تعالى فيه عقلا هاديا يرشده الى الصلاح ومواطن الخير , وضميرا وازعا يردعه عن المنكرات والظلم ويؤنبه على فعل ماهو قبيح ومذموم .
ولا يـزال الـخـصام الداخلي في النفس الانسانية مستعرا بين العاطفة والعقل , فمن يتغلب عقله على عـاطـفـتـه كان من الاعلين مقاما , والراشدين في انسانيتهم , والكاملين في روحانيتهم , ومن تقهره عاطفته كان من الاخسرين منزلة , والمتردين انسانية , والمنحدرين الى رتبة البهائم .
واشد هذين المتخاصمين مراسا على النفس هي العاطفة وجنودها ,فلذلك تجد اكثر الناس منغمسين في الضلالة , ومبتعدين عن الهداية , باطاعة الشهوات , وتلبية نداء العواطف (وما اءكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) ((68)) .
عـلـى ان الانـسـان لـقصوره , وعدم اطلاعه على جميع الحقائق , واسرارالاشياء المحيطة به , والمنبثقة من نفسه , لا يستطيع ان يعرف بنفسه كل ما يضره وينفعه , ولا كل ما يسعده ويشقيه , لا فـيـما يتعلق بخاصة نفسه , ولا فيما يتعلق بالنوع الانساني ومجتمعه ومحيطه , بل لا يزال جاهلا بـنـفـسـه , ويـزيـد جـهـلا , اوادراكـا لجهله بنفسه , كلما تقدم العلم عنده بالاشياء الطبيعية , والكائنات المادية .
وعـلـى هـذا , فـالانـسان في اشد الحاجة ليبلغ درجات السعادة الى من ينصب له الطريق اللاحب , والـنـهـج الـواضح الى الرشاد واتباع الهدى , لتقوى بذلك جنود العقل , حتى يتمكن من التغلب على خصمه اللدود اللجوج عندمايهيى ء الانسان نفسه لدخول المعركة الفاصلة بين العقل والعاطفة .
واكـثـر مـا تشتد حاجته الى من ياخذ بيده الى الخير والصلاح عندماتخادعه العاطفة وتراوغه ـ وكـثـيرا ما تفعل ـ فتزين له اعماله , وتحسن لنفسه انحرافاتها , اذ تريه ما هو حسن قبيحا , او ما هـو قـبـيـح حسنا , وتلبس على العقل طريقة الى الصلاح والسعادة والنعيم , في وقت ليس له تلك الـمـعـرفـة الـتي تميزله كل ما هو حسن ونافع , وكل ما هو قبيح وضار . وكل واحد منا صريع لهذه المعركة من حيث يدري ولا يدري , الا من عصمه اللّه .
ولاجـل هـذا يعسر على الانسان المتمدن المثقف ـ فضلا عن الوحشي الجاهل ـ ان يصل بنفسه الى جميع طرق الخير والصلاح , ومعرفة جميع ماينفعه ويضره في دنياه وآخرته , فيما يتعلق بخاصة نفسه او بمجتمعه ومحيطه ,مهما تعاضد مع غيره من ابناء نوعه ممن هو على شاكلته وتكاشف معهم ,ومهما اقام بالاشتراك معهم المؤتمرات والمجالس والاستشارات .
فـوجـب ان يبعث اللّه تعالى في الناس رحمة لهم ولطفا بهم (رسولامنهم يتلوا عليهم ءايته ويزكيهم ويـعـلـمـهـم الكتب والحكمة ) ((69)) وينذرهم عما فيه فسادهم , ويبشرهم بما فيه صلاحهم وسعادتهم .
وانـمـا كـان اللطف من اللّه تعالى واجبا , فلان اللطف بالعباد من كماله المطلق , وهو اللطيف بعباده الجواد الكريم , فاذا كان المحل قابلاومستعدالفيض الجود واللطف , فانه تعالى لا بد ان يفيض لطفه , اذ لا بخل في ساحة رحمته , ولا نقص في جوده وكرمه .
ولـيس معنى الوجوب هنا ان احدا يامره بذلك فيجب عليه ان يطيع تعالى عن ذلك , بل معنى الوجوب في ذلك هو كمعنى الوجوب في قولك : انه واجب الوجود (اي اللزوم واستحالة الانفكاك ) .