عقيدتنا في النبي صلى الله عليه وآله
نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله أفضل وأسمى وأكمل إنسان خلقه الله تعالى، هو خيرة الاِنبياء وسيّدهم، وقدوة الاولين والآخرين، وأشرف الخلائق والكائنات أجمعين، فهو العبد الذي اصطفاه الله وخلق لاَجله جميع الكائنات، وقال عنه كما ورد في الحديث القدسي: « لولاك ما خلقت الاَفلاك » (16) ، وهو الذي بلغ مرتبة ( دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى ) (17) وهي المرتبة التي لم يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرّب، وهي المرتبة التي تركه جبرئيل الاَمين مع علو منزلته في هذا « الدنو » لوحده ولم يستطع مرافقته، وقال : إنه لو اقترب قيد أنملة لاحترق، وهو من وصفه الله بأنّه ( رحمة للعالمين ) (18) ، وقال فيه:( وانك لعلى خلق عظيم ) (19).
هو النور الساطع في عالم الوجود الذي أرسل بشيراً للصالحين ونذيراً للمفسدين: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ) (20).
ونحن نذهب إلى أبعد من ذلك حيث نعتقد بأنه النبي الذي جعلت له النبوة من يوم خلقة آدم، بل أول ما خلق الله نوره، وأنه كان نبياً في وقت كان فيه آدم بين الماء والطين، فقد ورد عنه صلوات الله عليه وآله أنه قال: « كنت نبياً وآدم بين الماء والطين » (21) ، وهو معصوم من جميع الاَخطاء والذنوب صغيرها وكبيرها، ومن الزلل والنسيان، ومن ينسب إليه الهذيان والنسيان خصمه القرآن، وقوله مخالف لكلام الله الذي وصف به الرسول صلى الله عليه وآله : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ) (22).
وإذا اعتبرناه كسائر من يخطأ وينسى من الناس نكون قد أسأنا إليه أيّما إساءة، إذ لم نعرفه حق معرفته، وإن اعتبرنا أنفسنا أتباعاً له ، فهل يمكن أن يكون مبعوثاً عن الله ثم يسهو أو يهذي، نعوذ بالله؟
إن الحديث عن رسول الله ليس بالاَمر اليسير، وهو الذي خضعت له رقاب الملائكة المقرّبين، وباهى خالقُ الكون بخُلقه العظيم، فإن كل ما نقوله في وصفه ليس إلاّ بمثابة القطرة في البحر، وإننا لم نعرفه قط كما ينبغي.
قال علي عليه السلام في وصف هذا الاِنسان الفذ، وصفوة الوجود، ووسيط رب العالمين: « إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل أن يخلق السموات والاَرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار، وقبل أن يخلق آدم ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان... وقبل أن يخلق الاِنبياء كلهم » (23).