عربي
Friday 8th of November 2024
0
نفر 0

زیارة القبور

إن زیارة القبور من المسائل الفرعیة الفقهیة ، وهذه المسألة شأن سائر المسائل یرجع فیها إلى الکتاب والسنة حتى یعلم جوازها أو عدم جوازها ، ولا یتهم القائل بجوازها بالشرک . إن زیارة القبور تنطو
زیارة القبور

إن زیارة القبور من المسائل الفرعیة الفقهیة ، وهذه المسألة شأن سائر المسائل یرجع فیها إلى الکتاب والسنة حتى یعلم جوازها أو عدم جوازها ، ولا یتهم القائل بجوازها بالشرک .
إن زیارة القبور تنطوی على آثار أخلاقیة وتربویة هامة ، لأن مشاهدة المقابر التی تضم فی طیاتها مجموعة کبیرة من رفاة الذین عاشوا فی هذه الحیاة ، ثم انتقلوا إلى الآخرة ، تؤدی إلى الحد من الطمع والحرص على الدنیا ، وربما یغیر سلوک الإنسان فیترک الظلم والمنکر ویتوجه إلى الله والآخرة . لذا یقول الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله وسلم :( زوروا القبور فإنها تذکرکم بالآخرة ) . ( 1 )
نعم یستفاد من بعض الأحادیث أن النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " نهى یوما عن زیارة القبور ثم رخصها ، ولعل النهی کان لملاک آخر ، وهو أن أکثر الأموات - یومذاک - کانوا من المشرکین ،
فنهى النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " عن زیارتهم ، ولما کثر المؤمنون بینهم رخصها بإذن الله عز وجل ، وقال :( کنت نهیتکم عن زیارة القبور فزوروها فإنها تزهد فی الدنیا وتذکر فی الآخرة ) . ( 2 )
وقالت عائشة : إن رسول الله رخص فی زیارة القبور ، وقالت : إن النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " قال : أمرنی ربی أن آتی البقیع وأستغفر لهم . قلت : کیف أقول یا رسول الله " صلى الله علیه وآله وسلم " ؟ قال : قولی : السلام على أهل الدیار من المؤمنین والمؤمنات یرحم الله المستقدمین منا والمستأخرین ، إنا إن شاء الله بکم لاحقون . (3 )
وجاء فی الصحاح والمسانید صور الزیارات التی زار بها النبی صلى الله علیه وآله وسلم البقیع . قال مؤلف کتاب " الفقه على المذاهب الأربعة " : زیارة القبور مندوبة للاتعاظ وتذکر الآخرة وتتأکد یوم الجمعة ، وینبغی للزائر الاشتغال بالدعاء والتضرع ، والاعتبار بالموتى ، وقراءة القرآن للمیت فإن ذلک ینفع المیت على الأصح ، وبما ورد أن یقول الزائر عند رؤیة القبور : " السلام علیکم دار قوم مؤمنین وإنا إن شاء الله بکم لاحقون " ولا فرق فی الزیارة بین کون المقابر قریبة أو بعیدة (4 ) بل یندب السفر لزیارة الموتى خصوصا مقابر الصالحین .
زیارة القبور
هذه کلمات فقهاء المذاهب الأربعة حول زیارة القبور . (5 )
زیارة قبر النبی صلى الله علیه وآله وسلم هذا کله حول زیارة قبور المسلمین ، وأما زیارة قبر النبی وأئمة الإسلام والشهداء والصالحین فلا شک أن لزیارتهم نتائج بناءة نشیر إلیها ، کما نشیر إلى الأحادیث الواردة حول زیارة قبورهم لیکون البحث مرفقا بالتحلیل وجامعا للدلیل .
أما التحلیل : إن زیارة مراقد هذه الشخصیات هو نوع من الشکر والتقدیر على تضحیاتهم وإعلام للجیل الحاضر بأن هذا هو جزاء الذین یسلکون طریق الحق والهدى ، والفضیلة والدفاع عن المبدأ والعقیدة ، وهذا لا یدفعنا إلى زیارة قبورهم فحسب ، بل إلى إبقاء ذکریاتهم حیة ساخنة ، والمحافظة على آثارهم وإقامة المهرجانات ، فی ذکرى موالیدهم ، وعقد المجالس وإلقاء الخطب المفیدة فی أیام التحاقهم بالرفیق الأعلى ، وهذا شئ یدرکه کل ذی مسکة .
ولأجل ذلک ترى أن الأمم الحیة یتسابقون فی زیارة مدفن رؤسائهم وشخصیاتهم الذین ضحوا بأنفسهم وأموالهم فی سبیل نجاة الشعب ، وإنقاذه من مخالب المستعمرین والظالمین ، ویقیمون المجالس لإحیاء معالمهم ، دون أن یخطر ببال أحد أن هذه الأمورعبادة لهم ، فأین التعظیم للشخصیات من عبادتهم ، فإن التعظیم تقدیر لجهودهم ، والعبادة تألیههم واتخاذهم أربابا . أفهل هناک من یخلط بین الأمرین منا أو من غیرنا ؟ ! کلا ، لا ، شریطة الإمعان فی مقومات العبادة وتعریفها الماضیتین فی الفصلین السابقین .
إذا وقفت على الآثار البناءة لزیارة مطلق القبور وزیارة قبور الأولیاء والصالحین ، نذکر خصوص عندما ورد من الروایات التی جاء فیها الحث على زیارة قبر النبی الأعظم صلى الله علیه وآله وسلم .
أخرج أئمة المذاهب الأربعة وحفاظها فی الصحاح والمسانید أحادیث جمة فی زیارة قبر النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " نذکر شطرا منها :
1 . عن عبد الله بن عمر مرفوعا : من زار قبری وجبت له شفاعتی .
2 . عن عبد الله بن عمر مرفوعا : من جاءنی زائرا لا تحمله إلا زیارتی کان حقا علی أن أکون له شفیعا یوم القیامة .
3 . عن عبد الله بن عمر مرفوعا : من حج فزار قبری بعد وفاتی کمن زارنی فی حیاتی .
4 . عن عبد الله بن عمر مرفوعا : من حج البیت ولم یزرنی فقد جفانی .
5 . عن عمر مرفوعا : من زار قبری أو من زارنی کنت له شفیعا أو شهیدا .
6 . عن حاتم بن أبی بلتعة مرفوعا : من زارنی بعد موتی فکأنما زارنی فی حیاتی .
7 . عن أبی هریرة مرفوعا : من زارنی بعد موتی فکأنما زارنی وأنا حی ، ومن زارنی کنت له شهیدا أو شفیعا یوم القیامة .
8 . عن أنس بن مالک مرفوعا : من زارنی فی المدینة محتسبا کنت له شفیعا .
9 . عن أنس بن مالک : من زارنی میتا فکأنما زارنی حیا ، ومن زار قبری وجبت له شفاعتی یوم القیامة ، وما من أحد من أمتی له سعة ثم لم یزرنی فلیس له عذر .
10 . عن ابن عباس مرفوعا : من زارنی فی مماتی کمن زارنی فی حیاتی ، ومن زارنی حتى ینتهی إلى قبری کنت له یوم القیامة شهیدا ، أو قال شفیقا .
فهذه أحادیث عشرة أخرجها الحفاظ من المحدثین ، وقد جمع أسانیدها وطرقها وصححها تقی الدین السبکی ( المتوفى سنة 756 ه‍ ) فی کتاب شفاء السقام فی زیارة خیر الأنام فمن أراد التفصیل فلیرجع إلیه . (6)
ونظم الشیخ شعیب الحریفیش فی " الروض الفائق " هذا المعنى فی قصیدة مطلعها :
من زار قبر محمد * نال الشفاعة فی غد
بالله کرر ذکره * وحدیثه یا منشدی
واجعل صلاتک دائما * جهرا علیه تهتدی
فهو الرسول المصطفى * ذو الجود والکف الندی
وهو المشفع فی الورى * من هول یوم الموعد
والحوض مخصوص به * فی الحشر عذب المورد
صلى علیه ربنا * عندما لاح نجم الفرقد (7)
المصادر :
1- شفاء السقام : 107 .
2- سنن ابن ماجة : 1 / 117 ، باب عندما جاء فی زیارة القبور .
3- صحیح مسلم : 2 / 64 ، باب عندما یقال عند دخول القبور .
4- إلا الحنابلة فقالوا إذا کانت القبور بعیدة فزیارتها مباحة لا مندوبة .
5- الفقه على المذاهب الأربعة : 1 / 540 .
6- شفاء السقام فی زیارة خیر الأنام ، الباب الأول ، ولاحظ أیضا وفاء الوفاء بأحوال دار المصطفى : 4 / 1336 .
7- الروض الفائق : 2 / 238 .


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قلب المؤمن عرش الله
الثبات على المبدأ
الفتور المعنوي بعد المواسم العبادية
فضل التبليغ وأهدافه
الزهراء عليها السلام وعلاقتها بالتوحيد
عصمة الأنبياء (عليهم السلام) عند المذاهب ...
الخروج من القبر
التقية المحرمة والمکروهة عند الشيعة الإمامية
عناصر ديمومة التشريع
من هم الصادقون في التوبة؟

 
user comment