البحث الخامس قريش هي السبب في حاجة نبينا (ص ) الى عصمة اضافية
تدل الاية الكريمة والنصوص العديدة على ان تبليغ النبي (ص ) لرسالة ربه في .
عترته (ع ) كان من شانه ان يحدث زلزلة في الامة وتهديدا لنبوته (ص ) فما هو السبب , وما هي الظروف التي كانت قائمة ؟ ان مـصدر الخطر على ترتيب النبي (ص ) لامر الخلافة من بعده , كان محصورافي قريش وحدها فـلا قـبـائل العرب غير قريش , ولا اليهود , ولا النصارى يستطيعون التدخل في هذا الموضوع الداخلي واعطا الراي فيه , فضلا عن عرقلة تبليغه اوتنفيذه والـظـاهـر ان النبي (ص ) كان آيسا من امكانية تنفيذ هذا الموضوع , بدليل انه كان يخشى ظهور الردة من مجرد تبليغه بشكل صريح ورسمي والسبب في ذلك طبيعة قريش وتركيبتها القبلية
زعما قريش الذين واجهوا النبي (ص ) ـ اذا صحت انسابهم الى اسماعيل (ع ).
فـانهم يكونون ذرية اسماعيل الفاسدة , وقد جمعوا بين صفات اليهود المعقدة من ابنا عمهم اسحاق , وبين غطرسة رؤسا القبائل الصحراوية الخشنة وقـريـش , باستثنا بني هاشم والقليل القليل من غيرهم , منجما للتكبر زعمائها بانهم فراعنة تماما , بالجمع لا بالمفرد , فقال تعالى :.
انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا المزمل ـ 15 ـ 16.
وقال رسول اللّه (ص ) عن عدد منهم لما وقف على قتلى بدر:.
جزاكم اللّه من عصابة شرا ثـم الـتـفـت الـى ابي جهل بن هشام , فقال : ان هذا اعتى على اللّه من فرعون بالهلاك وحد اللّه , وهذا لما ايقن بالهلاك دعا باللات والعزى ( حلية الابرار : 1 / 127 , امالي الطوسي : 1 / 316 , وعنه البحار : 19 / 272 ح 11 وكذافي مجمع الزوائد : 6 / 91).
ـ وروى ابن هشام في : 1 / 207 قول ابي جهل :.
تـنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف : اطعموا فاطعمنا , وحملوا فحلمنا , واعطوافاعطينا , حتى اذا تـحاذينا على الركب , وكنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي ياتيه الوحي من السما , فمتى ندرك مثل هذه سيرته : 1 / 506.
ـ وفي تفسير القمي : 1 / 276.
قال رسول اللّه (ص ) لقريش : ان اللّه بعثني ان اقتل جميع ملوك الدنيا واجرالملك اليكم , فاجيبوني الى ما ادعوكم اليه تملكوا بها العرب , وتدين لكم بها العجم , وتكونوا ملوكا في الجنة فقال ابو جهل : اللهم ان كان هذا الذي يقوله محمد هوالحق من عندك فامطر علينا حجارة من السما او آتنا بعذاب اليم , حسدا لرسول اللّه (ص ) , ثم قال : كنا وبنو هاشم كفرسي رهان , نحمل اذا حملوا , ونطعن اذاطـعـنـوا , ونوقد اذا اوقدوا , فلما استوى بنا وبهم الركب , قال قائل منهم : منا نبي بذلك ان يكون في بني هاشم , ولا يكون في بني مخزوم ـ وقال الابشيهي في المستطرف : 1 / 58.
قال معاوية لرجل من اليمن : ما كان اجهل قومك حين ملكوا عليهم امراة الذين قالوا حين دعاهم رسول اللّه (ص ) : اللهم ان كان هذاالحق من عندك فامطر علينا حجارة من السما , او ائتنا بعذاب اليم , ولم يقولوا :اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك , فاهدنا اليه .
ـ وقال البياضي في الصراط المستقيم : 3 / 49.
قـال معاوية : فضل اللّه قريشا بثلاث : وانذر عشيرتك الاقربين , ونحن الاقربون وانه لذكر لك ولقومك , ونحن قومه لايلاف قريش , ونحن قريش .
فقال رجل انصاري : على رسلك يامعاوية , قال اللّه : وكذب به قومك , وانت من قومه اذا قومك عنه يصدون , وانت من قومه ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا,.
وانت من قومه وفـرعـون وقومه عندما اخذهم اللّه بالسنين , طلبوا من موسى (ع ) ان يدعو لهم ربه ولكن رسول اللّه (ص ) دعـا ربه على قريش فاخذهم اللّه بالسنين , واصيبوابالفقر والقحط , حتى اكلوا العلهز وما استكانوا لربهم وما يتضرعون ـ قال الحاكم في المستدرك : 2 / 394.
عن ابن عباس قال : جا ابو سفيان الى رسول اللّه (ص ) فقال : يا محمد انشدك اللّه والرحم , قد اكلنا الـعـلـهز يتضرعون هذا حديث صحيح الاسناد , ولم يخرجاه انتهى .
ولكن اتباع الخلافة الاموية لا يعجبهم هذا الحديث , ولا يفسرون به الاية ,.
ويـقولون ان القرشيين خضعوا لربهم وتضرعوا , ودعا لهم الرسول (ص ) كثير في البداية والنهاية : 6 / 101.
لما دعا على قريش حين استعصت ان يسلط اللّه عليها سبعا كسبع يوسف ,فاصابتهم سنة حصدت كل شـي , حتى اكلوا العظام والكلاب والعلهز ثم اتى ابوسفيان يشفع عنده في ان يدعو اللّه لهم , فدعا لهم فرفع ذلك عنهم ومشكلة ابن كثير انه يحب رائحة ابي سفيان , والا فهو مؤلف في السيرة , يعرف ان مجئ ابي سفيان كـان بـعـد ان اشفق النبي (ص ) على حالة قريش , وارسل اليهم باحمال من المواد الغذائية وبعض الامـوال , لـعـلـهم يستكينوا للّه تعالى ويؤمنوا به وبرسوله , فاغتنموا لفتة القلب النبوي الرحيم , وبعثوا ابا سفيان بمشروع ( صلح )مع النبي (ص ) من نوع مشاريع السلام الاسرائيلية في عصرنا , فـرفضه النبي (ص )وذهب ابو سفيان الى علي وفاطمة (ع ) يرجوهما التوسط الى النبي (ص ) فلم يقبلا, وعرض عليهم ان يكون هذا (الصلح ) باسم الحسن والحسين (ع ) حتى يكون فخرا لهما في العرب , فقالا : انا لا نجير احدا على رسول اللّه (ص ) ـ قال في معجم البلدان : 3 / 458.
والـعلهز : دم القراد والوبر , يلبك ويشوى ويؤكل في الجدب مع اوبارالابل في المجاعات وانشد بعضهم :.
وان قرى قحطان قرف وعلهز ـــــ فاقبح بهذا ويح نفسك من فعل
وكانت قريش اكثر من عشرين قبيلة منها:.
بنو هاشم بن عبد مناف .
بنو امية بن عبد شمس .
بنو عبد الدار بن قصي .
بنو مخزوم بن يقظة بن مرة .
بنو زهرة بن كلاب .
بنو اسد بن عبد العزى .
بنو الحارث بن فهر بن مالك .
بنو عامر بن لؤى .
بنو سهم بن عمرو.
بنو جمح بن عمرو.
بنو انمار بن بغيض .
بنو تيم بن مرة بن كعب .
بنو عدي بن كعب الخ .
ولكن الفعل والتاثير كان للقبائل المهمة , والزعما المهمين , وهم بضع قبائل ,.
والـباقون تبع لهم الى حد كبير فقد وصف ابن هشام اجتماع دار الندوة الذي بحث فيه قادة القبائل ( مـشـكـلـة نبوة محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم ) فقال في 2/ 331 : وقد اجتمع فيها اشراف قريش :.
من بني عبد شمس : عتبة بن ربيعة , وشيبة بن ربيعة , وابو سفيان بن حرب .
ومن بني نوفل بن عبد مناف : طعيمة بن عدي , وجبير بن مطعم , والحارث بن عامر بن نوفل .
ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر بن الحارث بن كلدة .
ومـن بـنـي اسد بن عبد العزى : ابوالبختري بن هشام , وزمعة بن الاسود بن المطلب , وحكيم بن حزام .
ومن بني مخزوم : ابو جهل ابن هشام .
ومن بني سهم : نبيه ومنبه ابنا الحجاج .
ومن بني جمح : امية بن خلف .
ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش , فقال بعضهم لبعض :.
ان هذا الرجل قد كان من امره ما قد رايتم , فانا واللّه ما نامنه على الوثوب علينا.
فيمن قد اتبعه من غيرنا , فاجمعوا فيه رايا.
قال : فتشاوروا ثم قال قائل منهم : احبسوه في الحديد , واغلقوا عليه بابا , ثم تربصوا به الخ .
ـ وقال في : 2 / 488 مسميا المنفقين على جيش المشركين في بدر:.
وكان المطعمون من قريش ثم من بني هاشم بن عبد مناف : العباس بن عبدالمطلب بن هاشم .
ومن بني عبد شمس بن عبد مناف : عتبة بن ربيعة بن عبد شمس .
ومن بني نوفل بن عبد مناف : الحارث بن عامر بن نوفل , وطعيمة بن عدي بن .
نوفل , يعتقبان ذلك .
ومن بني اسد بن عبد العزى : ابا البختري بن هشام بن الحارث بن اسد , وحكيم .
بن حزام بن خويلد بن اسد , يعتقبان ذلك .
ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبدمناف .
بن عبد الدار انتهى .
واليك هذا الترتيب الذي رتبه الخليفة عمر لقبائل قريش , في سجل الدولة .
لتوزيع العطاات , فانه يدل على تركيبة قبائلها , وتميز بني هاشم عليهم :.
- قال البيهقي في سننه : 6 / 364:.
عن الشافعي وغيره , ان عمر رضي اللّه عنه لما دون الدواوين قال :.
ابـدا بـبـني هاشم , ثم قال : حضرت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعطيهم وبني المطلب فوضع الديوان على ذلك , واعطاهم عطا القبيلة الواحدة .
ثم استوت له عبد شمس ونوفل في جذم النسب , فقال : عبد شمس اخوة النبي صلى اللّه عليه وسلم لابيه وامه دون نوفل , فقدمهم , ثم دعا بني نوفل يتلونهم .
ثـم استوت له عبد العزى وعبد الدار , فقال في بني اسد بن عبد العزى اصهارالنبي صلى اللّه عليه وسلم , وفيهم انهم من المطيبين فقدمهم على بني عبد الدار ,ثم دعا بني عبد الدار يتلونهم .
ثم انفردت له زهرة فدعاها تلو عبد الدار.
ثم استوت له تيم ومخزوم , فقال في بني تيم انهم من حلف الفضول والمطيبين وفيهما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , وقيل ذكر سابقة , وقيل ذكر صهرافقدمهم على مخزوم .
ثم دعا مخزوم يتلونهم .
ثـم اسـتـوت له سهم وجمح وعدي بن كعب , فقيل له ابدا بعدي فقال بل اقرنفسي حيث كنت , فان الاسلام دخل وامرنا وامر بني سهم واحد , ولكن انظروا بني جمح وسهم , فقيل قدم بني جمح .
ثـم دعا بني سهم , وكان ديوان عدي وسهم مختلطا كالدعوة الواحدة , فلماخلصت اليه دعوته كبر تكبيرة عالية , ثم قال : الحمد للّه الذى اوصل الي حظي من رسوله .
ثم دعا بني عامر بن لؤي , قال الشافعي : فقال بعضهم ان ابا عبيدة بن عبد اللّه بن الجراح الفهري لما راى من تقدم عليه قال : اكل هؤلا تدعو امامي ؟ فقال : يا ابا عبيدة , اصبر كما صبرت او كلم قومك فمن قدمك منهم على نفسه لم امنعه , فاما انا وبنو عدي فنقدمك ان احببت على انفسنا.
قال فقدم معاوية بعد بني الحارث بن فهر , فصل بهم بين بني عبد مناف واسد بن عبد العزى .
وشـجـر بين بني سهم وعدي شئ في زمان المهدي فافترقوا , فامر المهدي ببني عدي فقدموا على سهم وجمح , للسابقة فيهم .
وقـد اعـتـرف الـجـميع بان فرع هاشم كانوا ممميزين على بقية الفروع في فكرهم وسلوكهم , مـتـفـوقين في فعاليتهم وقيمهم وان جمهور القبائل والملوك كانوايحترمونهم احتراما خاصا حتى حسدهم زعما قريش , وتحالفوا ضدهم من ايام هاشم وعبد المطلب .
فـقـد رتـب هـاشـم ( رحـلـة الصيف ) الى الشام وفلسطين ومصر لقبائل قريش كلها ,فسافر في الصحاري والدول , وفاوض رؤسا القبائل , والملوك , الذين تمر في مناطقهم قوافل قريش , وعقد معهم جميعا معاهدات بعدم الغارة على قواقل قريش وضمان سلامتها.
وقـد فرحت قبائل قريش بهذا الانجاز , وبادرت الى الاستفادة منه , ولكنهاحسدت هاشما , وتمنى زعماؤها لو ان ذلك تم على يدهم , وكان فخره لهم .
وقد توفي هاسم مبكرا في احدى سفراته في ارض غزة , في ظروف من حق الباحث ان يشك فيها ولـكن بيت هاشم لم ينطفئ بعده , فسرعان ماظهر ولده عبد المطلب , وساد في قومه , وواصل مثر ابـيـه , فرتب لقريش رحلة الشتا الى اليمن , وعقد معاهدات لحماية قوافلها مع كل القبائل التي تمر عليها ومع ملك اليمن , وفاز بفخرها كما فازابوه بفخر رحلة الصيف .
وعـلى الصعيد المعنوي , كانت قبائل قريش ترى ان بني هاشم وعبد المطلب يباهون دائما بانتمائهم الى اسماعيل , واتباعهم لملة ابراهيم , كانهم وحدهم ابنااسماعيل وابراهيم (ع ).
وتـفـاقم الامر عندما اخذ عبد المطلب يدعي الالهام عن طريق الرؤيا الصادقة ,واخبرهم بان اللّه تـعالى امره بحفر زمزم التي جفت وانقرضت من قديم , فحفرهاونبع ماؤها باذن اللّه تعالى , ووجد فيها غزالين من ذهب , فزين بذهبهما باب الكعبة ففاز بماثرة جديدة وصار ـ بسبب شحة الما في مكة ـ ساقي الحرم والحجيح ثم طمان الناس عند غزو الحبشة للكعبة , بان الجيش لن يصل اليها , وان اللّه تعالى سيتولى دفعهم , فصدقت نبؤته , وارسل اللّه عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل , فجعلهم كعصف ماكول .
ثم وضع عبد المطلب للناس مراسم وسننا , كانه نبي او ممهد لنبي , فجعل الطواف سبعا وكان بعض الـعـرب يـطـوفون بالبيت عريانين لان ثيابهم ليست حلالا ,فحرم عبد المطلب ذلك ونهى عن قتل الـمـوؤودة واوجـب الوفا بالنذر , وتعظيم الاشهر الحرم وحرم الخمر وحرم الزنا ووضع الحد عليه , ونفى البغايا ذوات الرايات الى خارج مكة وحرم نكاح المحارم واوجب قطع يد السارق وشدد على القتل , وجعل ديته مئة من الابل .
وقد عظمت مكانة عبد المطلب في قريش وفي قبائل العرب , وكان زعماقريش ياكلهم الحسد منه حـتى جروه مرتين الى المنافرة والاحتكام الى الكهان فنصره اللّه عليهم بكرامة جديدة , وتعاظمت مكانته اكثر ولـعـل اكثر ما اثار زعما قريش في آخر ايام عبد المطلب , انه ادعى انه مثل جده ابراهيم (ع ) , ونذر ان يذبح احد اولاده قربانا لرب الكعبة الخ .
وما ان استراح زعما قريش من عبد المطلب , حتى ظهر ولده ابو طالب وسادفي قومه وفي قريش والعرب , واخذ مكانة ابيه وجده , وواصل سيرة ابيه عبدالمطلب ومقولاته .
وفـي ايـام ابـي طالب وقعت المصيبة على زعما قريش عندما ادعى ابن اخيه محمد (ص ) النبوة , وطلب منهم الايمان به واطاعته وزاد مـن خـوفهم ان عددا من بني هاشم وبني المطلب آمنوا بنبوته , واعلن عمه ابو طالب حمايته لابن اخيه النبي (ص ) ليبلغ رسالة ربه بكامل حريته , وهدد قريشابالحرب ان هي مست منه شعرة , ووقـف فـي وجه مؤامراتها , واطلق قصائده في فضح زعماها فسارت بشعره الركبان يمدح فيه محمدا (ص ) , ويهجو زعماقريش حتى انه سمى زعيم مخزوم ابا الحكم ( احيمق مخزوم ) كما سماه ابن اخيه محمد ( ابا جهل ) ونشط الزعما القرشيون في مقاومة النبوة بانواع الاغراات والتهديدات لابي طالب وابن اخيه محمد (ص ) ففشلوا ثم اتخذوا قرارا باضطهاد المسلمين الذين تطالهم ايديهم , فهرب اكثرهم الى الحبشة وفشل زعما قريش ثـم اتـخـذوا قرارا بالاجماع وضموا اليهم بني كنانة , بعزل كل بني هاشم ومقاطعتهم مقاطعة تامة شاملة , وحصروهم في شعبهم ثلاث سنوات او اربع فافشل اللّه محاصرتهم بمعجزة وما ان فقد بنو هاشم رئيسهم ابا طالب , حتى اتحذ زعما قريش قرارا بالاجماع بقتل محمد (ص ) , الـذي بـقي بزعمهم بلا حام ولا ناصر فافشل اللّه كيدهم ونقل رسوله الى المدينة التي اسلم اكثر اهلها وحـاول الـقـرشيون ان يضغطوا على اهل المدينة بالاغرا والوعيد , واليهودولكنهم فشلوا , لان المدينة صارت في يد النبي (ص ) وهي تقع على طريق شريانهم التجاري , وتهددهم بقطع تجارتهم مع الشام ومنطقتها فقرروا دخول الحرب مع ابن بني هاشم , وحاربوه في بدر , واحد , والخندق ففشلوا وحاربوه باليهود , واستنصروا عليه بالفرس والروم ففشلوا وما هو الا ان فاجاهم محمد (ص ) في السنة الثامنة من هجرته ودخل عليهم عاصمتهم مكة , بجيش من جنود اللّه لا قبل لهم به فاضطروا ان يعلنوا القاسلاحهم , والتسليم للنبي (ص ) وقام اهل مكة سماطين ينظرون الى دخول رسول اللّه (ص ) والى جيشه .
وتقدم براية الفتح بين يديه شاب انصاري من قبيلة الخزرج اليمانية , هو عبد اللّه بن رواحة , وهو يقول للفراعنة :.
خلوا بني الكفار عن سبيله ـــــ فاليوم نضربكم على تنزيله .
ضربا يزيل الهام عن مقيله ـــــ ويذهل الخليل عن خليله .
يا رب اني مؤمن بقيله .
فقال عمر بن الخطاب : يابن رواحة , افي حرم اللّه وبين يدي رسول اللّه , تقول الشعر فقال له رسول اللّه (ص ) : مه يا عمر , فو الذي نفسي بيده , لكلامه هذا اشدعليهم من وقع النبل ) سير اعلام النبلا : 1 / 235).
فـعـمـر يريد ان يخفف على زعما قريش وقع هزيمتهم , ولا يتحداهم في عاصمتهم ولا ننسى ان عمر من قبيلة عدي الصغيرة , وانه نشا على احترام زعما.
قريش واكبارهم .
ولـكـن الرؤية النبوية ان هؤلا الفراعنة لا يفهمون الا لغة السيوف والسهام , وان عمل عبد اللّه بن رواحة عمل صحيح , وقيمته عالية عند اللّه تعالى , لانه اشد على اعدا اللّه من وقع النبل واعـلن الرسول (ص ) الامان لقريش , وجمع زعماهم في المسجد الحرام وسيوف جنود اللّه فوق رؤوسـهم وشرح لهم تكبرهم وتجبرهم وتكذيبهم لايات اللّه ومعجزاته , وعداهم للّه ورسوله , واضطهادهم لبني هاشم والمسلمين , وحروبهم ومكائدهم ضد الاسلام ورسوله .
ـ قال الطبري في تاريخه : 2 / 337:.
عن قتادة السدوسي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قام قائما حين وقف على باب الكعبة ثم قال :.
لا اله الا اللّه وحده لا شريك له , صدق وعده , ونصر عبده , وهزم الاحزاب وحده .
الا كل ماثرة او دم او مال يدعى , فهو تحت قدمي هاتين , الا سدانة البيت وسقاية الحاج .
يـا معشر قريش : ان اللّه قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالابا الناس من آدم وآدم خلق من تـراب ( يـا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباوقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم ) الاية .
يا معشر قريش ويا اهل مكة : ماترون اني فاعل بكم ؟ قالوا: خيرا , اخ كريم , وابن اخ كريم .
ثم قال : اذهبوا فانتم الطلقا.
فاعتقهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , وقد كان اللّه امكنه من رقابهم عنوة ,.
وكانوا له فيا , فبذلك يسمى اهل مكة الطلقا انتهى .
لقد خيرهم (ص ) بين اعلان اسلامهم او القتل : فاعلنوا اسلامهم , فقال لهم :.
اذهبوا فانتم الطلقا , وذلك يعني انه من عليهم بحياتهم , مع انهم يستحقون ان .
يتخذهم عبيدا , او يقتلهم ويعني ان اعلان اسلامهم الشكلي , لم يرفع جواز استرقاقهم او قتلهم ومـما صادفته في تصفحي , ماارتكبه الشيخ ناصر الدين الالباني من تعصب مفضوح للقرشيين , حيث ضعف هذا الحديث في السيرة 4 / 31 ـ 32 , وعنه الطبري في .
الـتـاريـخ 3 / 120 , ونـقـله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 4 / 300 ـ 301 , ساكتا عليه وهذاسند ضعيف مرسل , لان شيخ ابن اسحاق فيه لم يسم , فهو مجهول ثم هو ليس صحابيا,.
لان ابن اسحاق لم يدرك احدا من الصحابة , بل هو يروي عن التابعين واقرانه , فهو مرسل , او.
معضل انتهى .
وكـان هـذا الـمـحـدث لم يطلع على وجود هذا الحديث ومؤيداته في المصادرالاخرى , ولم ير المحدثين والفقها وهم يرسلونه ارسال المسلمات .
وما ادري هل هو جهل بالتاريخ والحديث الى هذا الحد ام حب للقرشيين ومحاولة لتخليصهم من صفة الرق الشرعية للرسول وآله (ص ) ؟ فان مسالة الطلقا ثابتة مشهورة عند جميع الفرق , واسم ( الطلقا ) كالعلم لاكثرقريش , وهو كثير في مصادر الحديث , وقد دخلت احكامه في فقه المذاهب .
ـ فقد روى البخارى في صحيحه : 5 / 105 ـ 106.
قال لما كان يوم حنين التقى هوازن ومع النبي صلى اللّه عليه وسلم عشرة آلاف والطلقا , فادبروا.
ـ وفي مسلم : 3 / 106 : ومعه الطلقا فادبروا عنه حتى بقي وحده ونحوه في : 5 / 196 ونحوه في مسند احمد : 3 / 190 و 279.
والصحيح انه لم يثبت معه الا بنو هاشم .
ـ وفـي مسند احمد : 4 / 363: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المهاجرون والانصاراوليا بعضهم لبعض , والطلقا من قريش والعتقا من ثقيف بعضهم اوليا بعض ,الى يوم القيامة .
وقد صححه الحاكم في المستدرك : 4 / 80 , وقال عنه في مجمع الزوائد : 10 /15:.
رواه احـمد والطبراني باسانيد , واحد اسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح ,وقد جوده (رض ) وعنا , فانه رواه عن الاعمش عن موسى بن عبد اللّه بن يزيد بن عبد الرحمن بن هلال العبسي , عن جرير وموسى بن عبد اللّه بن هلال العبسي .
ـ وقال الشافعي في كتاب الام : 7 / 382.
قـال الاوزاعـي : فـتح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مكة عنوة , فخلى بين المهاجرين وارضهم ودورهم بمكة , ولم يجعلها فيئا.
قال ابو يوسف (ره ) : ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عفا عن مكة واهلهاوقال :.
من اغلق عليه بابه فهو آمن , ومن دخل المسجد فهو آمن , ومن دخل دار ابي سفيان فهو آمن , ونهى عن القتل الا نفرا قد سماهم , الا ان يقاتل احد فيقتل , وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد : ما ترون اني صانع بكم ؟.
قالوا: خيرا , اخ كريم , وابن اخ كريم .
قال : اذهبوا فانتم الطلقا ولم يجعل شيئا قليلا ولا كثيرا من متاعهم فيئاوقد.
اخبرتك ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليس في هذا كغيره , فهذا من ذلك ,.
وتفهم فيما اتاك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم , فان لذلك وجوها ومعاني انتهى .
وراجـع ايـضـا مغني ابن قدامة : 7 / 321 , ومبسوط السرخسي : 10 / 39 , ومسند احمد : 3/ 279 , وسنن البيهقي : 6 / 306 , و : 8 / 266 و : 9 / 118 , وكنز العمال : 12 / 86.
ـ وفـي كـنز العمال : 5 / 735 : قال لهم عمر : ان هذا الامر لايصلح للطلقا ولا لابناالطلقا , فان اختلفتم فلا تظنوا عبد اللّه بن ابي ربيعة عنكم غافلا ـ ابن سعد انتهى .
وكذلك الامر في مصادرنا:.
ـ ففي نهج البلاغة شرح الشيخ محمد عبده : 3 / 30 في جواب علي (ع )لمعاوية :.
وزعمت ان افضل الناس في الاسلام فلان وفلان , فذكرت امرا ان تم اعتزلك .
كله , وان نقص لم تلحقك ثلمته .
وما انت والفاضل والمفضول والسائس والمسوس ؟ الاولـين , وترتيب درجاتهم , وتعريف طبقاتهم هيهات ,لقد حن قدح ليس منها , وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها.
الا تـربـع ايها الانسان على ظلعك , وتعرف قصور ذرعك , وتتاخر حيث اخرك القدر , فما عليك غلبة المغلوب , ولا لك ظفر الظافر وانك لذهاب في التيه رواغ عن القصد.
ـ وفي الكافي : 3 / 512.
من اسلم طوعا تركت ارضه في يده وما اخذ بالسيف فذلك الى الامام يقبله .
بالذي يرى كما صنع رسول اللّه (ص ) بخيبر وقال : ان اهل الطائف اسلموا وجعلوا.
عليهم العشر ونصف العشر , وان اهل مكة دخلها رسول اللّه (ص ) عنوة فكانوااسرا.
في يده , فاعتقهم وقال : اذهبوا فانتم الطلقا.
ماذا فعلت قريش بعد ان اضطر بقية فراعنتها والوف الطلقا من اتباعهم الى الدخول في الاسلام ؟؟.
من الطبيعي ان مشاعر الغيظ والكبريا القرشي بقيت محتدمة في قلوب اكثرهم ان لم نقل كلهم ولكن في المقابل ظهر فيهم منطق يقول : ان دولة محمد دولتنافمحمد اخ كريم , وابن اخ كريم , ودولته دولـة قـريش , وعزه عزها وفخره فخرها ,فهو مهما كان ابن قريش الرحيم , ودولته اوسع من دولـة قـريـش واقوى , والمجال امام زعمائها مفتوح من داخل هذه الدولة , فلماذا نحاربها , ولماذا نتركها بايدي الغربا من الاوس والخزرج اليمانيين امـا مـسـالـة من يرث دولة محمد بعده , فهي مسالة قابلة للعلاج , وهي على كل حال مسالة قرشية داخلية مـن الـبـديهي عند الباحث ان يفهم ان قريشا وجهت جهودها لمرحلة ما بعدمحمد (ص ) وان الهدف الاهـم عندها كان : منع محمد ان يرتب الامر من بعده لبني هاشم , ويجمع لهم بين النبوة والخلافة على حد تعبير قريش فالنبوة لبني هاشم , ولكن خلافة محمد يجب ان تكون لقريش غير بني هاشم لكن رغم وجود هذا المنطق , فان النصوص واعترافات بعض زعمائهم تدل على انهم كانوا يعملون على كل الجبهات الممكنة يعمل بجد لتركيز حكم عترته من بعده .
لذلك اتجه تفكيرهم بعد فتح مكة الى اغتيال النبي (ص ) وسرعان ما حاولوا تنفيذذلك في حنين ان فراعنة قريش كفراعنة اليهود ابنا عمهم , فهم لا يعرفون الوفا , بل كانهم اذالم يغدروا بمن عفا عنهم واحسن اليهم , يصابون بالصداع لـقـد اعـلـنوا اسلامهم , وادعوا انهم ذهبوا مع النبي (ص ) ليساعدوه في حربه مع قبيلتي هوازن وغـطـفان , وكان عددجيشهم الفين , وعدد جيش النبي (ص ) الذي فتح مكة عشرة آلاف , وعندما التقوا بهوازن في حنين انهزموا من اول رشق سهام ,وسببوا الهزيمة في صفوف المسلمين فانهزموا جميعا , كما حدث في احد وثـبت النبي (ص ) ومعه بنو هاشم فقط , كالعادة , وقاتلوا بشدة مع مئة رجعوااليهم مئة من الفارين حتى ردوا الحملة , ثم رجع المسلمون الفارون وكتب اللّه النصر.
وفي اثنا هزيمة المسلمين , قامت قريش بعدة محاولات لقتل النبي (ص ) نكتفي منها بذكر ما نقله زعيم بني عبد الدار النضير بن الحارث , الذي سياتي ذكره في تفسير الاية الثالثة كـان الـنضير بن الحارث بن كلدة من اجمل الناس , فكان يقول : الحمد للّه الذي من علينا بالاسلام , ومـن علينا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم , ولم نمت على ما مات عليه الابا , وقتل عليه الاخوة وبنو العم .
ثـم ذكـر عـداوته للنبي صلى اللّه عليه وسلم وانه خرج مع قومه من قريش الى حنين , وهم على دينهم بعد , قال : ونحن نريد ان كانت دائرة على محمد ان نغيرعليه , فلم يمكنا ذلك .
فـلـما صار بالجعرانة فواللّه اني لعلى ما انا عليه , ان شعرت الا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال : انضير؟.
قلت : لبيك .
قال : هل لك الى خير مما اردت يوم حنين مما حال اللّه بينك وبينه ؟.
قال : فاقبلت اليه سريعا.
فقال : قد آن لك ان تبصر ما كنت فيه توضع قلت : قد ادري ان لو كان مع اللّه غيره لقد اغنى شيئا , واني اشهد ان لا اله الا اللّه وحده لا شريك له .
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : اللهم زده ثباتا.
قـال الـنضير : فوالذي بعثه بالحق لكان قلبي حجر ثباتا في الدين , وتبصرة بالحق فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : الحمد للّه الذي هداه انتهى .
وانت تلاحظ ان هذه الكلام يتضمن اقرارا من هذا الزعيم القرشي على نفسه ,.
واقرار الانسان على نفسه حجة وانه يتضمن ادعا منه بايمانه باللّه تعالى , فقدذكر.
انه تشهده الشهادة الاولى فقط , ولم يذكر الثانية ولكن الدعوى لا تثبت بادعا صاحبها بدون شهادة غيره ومهما يكن فقد اعترف زعيم بني عبد الدار اصحاب راية قريش التي يصدر.
حاملها الاوامر لالفي مسلح في حنين , بان اعلان اسلامهم في مكة كان كاذبا ,وبانه .
كل زعما قريش كانوا متفقين على قتل النبي (ص ) , وانهم حاولوا محاولات في .
حنين ولم يتوفقوا فقد احبط اللّه تعالى خططهم , وكشف لنبيه (ص ) نواياهم بل تدل احاديث السيرة , على ان زعما قريش لم يملكوا انفسهم عندانهزام .
المسلمين في حنين في اول الامر , فاظهروا كفرهم الراسخ , وفضحوا انفسهم - ففي سيرة ابن هشام : 4 / 46.
قـال ابن اسحاق : فلما انهزم الناس , وراى من كان مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من جفاة اهل مـكـة الـهـزيـمـة , تكلم رجال منهم بما في انفسهم من الضغن , فقال ابوسفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر , وان الازلام لمعه في كنانته الـحـنـبـل - وهو مع اخيه صفوان بن امية مشرك في المدة التي جعل له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : الا بطل السحر اليوم قـال ابـن اسحاق : وقال شيبة بن عثمان بن ابي طلحة اخو بني عبد الدار : قلت اليوم ادرك ثاري من محمد , وكان ابوه قتل يوم احد , اليوم اقتل محمدا ,قال :.
فادرت برسول اللّه لاقتله , فاقبل شئ حتى تغشى فؤادي فلم اطلق ذاك , وعلمت انه ممنوع مني انتهى .
وهذا آخر من اصحاب راية جيش قريش المسلمة , يعترف بانه في حنين عند.
الهزيمة او بعدها ( دار ) مرة او مرات حول النبي (ص ) ليقتله ان الـنـاظـر فـي مقومات شخصيات زعما قريش , وتفكيرهم واهتماماتهم , يصل الى ان قناعة بان عنادهم بلغ حدا انهم اتخذوا قرارا بان يكذبوا بكل الايات والمعجزات التي ياتيهم بها محمد (ص ) , ويـكفروا بكل القيم والاعراف الانسانية التي يدعو اليها ويعاملهم بها وان لا يدخلوا في دينه الا في حالتين لا ثالثة لهما:.
اذا كان السيف فوق رؤوسهم او صارت دولة محمد وسلطانه بايديهم لقد حاربوا هذا الدين ونبيه (ص ) بكل الوسائل حتى عجزوا وانهزموا.
ثم واصلوا تمرهم ومحاولاتهم اغتيال النبي (ص ) حتى عجزوا.
ثم جاؤوا يشترطون الشروط مع النبي (ص ) لياخذوا سهما من دولته فعجزوا.
ثم جاؤوا يدعون انهم اصحاب الحق في دولة نبيهم (ص ) لانه من قبائل قريش ـ قال في مناقب آل ابي طالب : 2 / 239.
قال الشريف المرتضى في تنزيه الانبيا : ان النبي (ص ) لما نص على اميرالمؤمنين بالامامة في ابتدا الامـر , جـاه قوم من قريش وقالوا له : يا رسول اللّه ان الناس قريبوا عهد بالاسلام لا يرضون ان تكون النبوة فيك والامامة في ابن عمك علي بن ابي طالب فلو عدلت به الى غيره , لكان اولى فقال لهم النبي (ص ) : ما فعلت ذلك لرايي فاتخير فيه , لكن اللّه تعالى امرني به وفرضه علي .
فـقـالـوا له : فاذا لم تفعل ذلك مخافة الخلاف على ربك , فاشرك معه في الخلافة رجلا من قريش تـركن الناس اليه , ليتم لك امرك , ولا تخالف الناس عليك فنزلت الاية : لئن اشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين .
عبد العظيم الحسني عن الصادق (ع ) في خبر : قال رجل من بني عدي اجتمعت .
الي قريش , فاتينا النبي فقالوا : يارسول اللّه انا تركنا عبادة الاوثان واتبعناك ,فاشركنا.
في ولاية علي فنكون شركا , فهبط جبرئيل على النبي فقال : يا محمد لئن اشركت .
ليحبطن عملك الاية انتهى ( والحديث الاول في تنزيه الانبيا / 167).
قريش تتمحور حول زعامة سهيل بن عمرو
رغم خيانات زعما قريش بعد فتح مكة وتمرهم , فقد حاول الرسول (ص ) ان يستقطبهم , فاكرمهم وتالفهم واعطاهم اكثر غنائم المعركة , واطمعهم بالمستقبل ان هم اسلموا وحسن اسلامهم الخ .
لقد امر اللّه رسوله (ص ) ان يقاوم عقدهم بنور الحلم , وظلماتهم بنور الاحسان وفـي هـذه الـفترة تراجعت زعامة ابي سفيان , ولم يبق منها الا ( امجاد ) حربه مع محمد (ص ) , فـشـخـصية ابي سفيان تصلح للزعامة في الحرب فقط وفي التجارة ,ولا تصلح في السلم للزعامة والـعـمـل السياسي , لذلك تراه بعد ان انكسر في فتح مكة ذهب الى المدينة وطلب منصبا من محمد (ص ) فعينه جابيا للزكاة من بعض القبائل امـا الـزعـيم الذي يجيد العمل لمصلحة قريش المنكسرة عسكريا فقد وجدته قريش في سهيل بن عمرو , العقل السياسي المفكر والمخطط.
وسـرعـان مـا صـار سهيل محورا لقريش , ووارثا لقيادة زعمائها الذين قتلهم محمداو اماتهم رب محمد (ص ).
وسـهـيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود , هو في نظر قريش : قرشي اصيل ولئن كان من بني عـامـر بن لؤي , الذين هم اقل درجة من بني كعب بن لؤي ( سيرة ابن هشام : 2 / 489 ) , ولكنه صاحب تاريخ مع محمد , فهو من الزعما الذين فاوضوا اباطالب بشانه .
وهو من اعضا دار الندوة الذين قرروا مقاطعة بني هاشم .
وهـو من الذين ائتمروا على قتله عندما ذهب الى الطائف , وقرروا نفيه من مكة ,وهددوه بالقتل ان هو دخلها , ورفضوا ان يجيروه حتى يستطيع الدخول الى مكة وتبليغ رسالة ربه ففي تاريخ الطبري : 2 / 82 : ان النبي (ص ) قال للاخنس بن شريق :ائت سهيل بن عمرو فقل له ان محمدا يقول لك : هل انت مجيري حتى ابلغ رسالات ربي ؟ فاتاه فقال له ذلك , قال فقال : ان بني عامر بن لؤي لا تجير على بني كعب وهو من الزعما الذين واصلوا العمل لقتل محمد بعد وفاة ابي طالب , حتى انجاه اللّه منهم بالهجرة .
وهو احد الذين حبسوا المسلمين وعذبوهم على اسلامهم , ومن المعذبين على يده ولده ابو جندل .
وهو احد قادة المشركين في بدر , واحد اثريائهم الذين كانوا يطعمون الجيش .
وهو احد الذين كانوا يؤلمون قلب رسول اللّه (ص ) بفعالياتهم الخبيثة , فلعنهم اللّه تعالى وطردهم من رحمته , وامر رسوله ان يلعنهم , ويدعو عليهم في صلاته .
وهو احد المنفقين اموالهم على تجهيز الناس لحرب النبي (ص ) في احدوالخندق وغيرهما.
ـ قال في سير اعلام النبلا : 1 / 194.
يـكـنى ابا يزيد , وكان خطيب قريش وفصيحهم ومن اشرافهم وكان قد اسر يوم بدر وتخلص قام بـمكة وحض على النفير , وقال : يال غالب اتاركون انتم محمداوالصباة ياخذون عيركم مالا فهذا مال , ومن اراد قوة فهذه قوة .
وكان سمحا جوادا مفوها.
وقـد قام بمكة خطيبا عند وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , بنحو من خطبة الصديق بالمدينة فسكنهم وهـو الـذي انـتدبته قريش لمفاوضة محمد (ص ) في الحديبية , وقد اجادالمفاوضة وشدد عليه بالشروط , ولم يقبل ان يكتب في المعاهدة ( رسول اللّه )ووقع الصلح معه نيابة عن كل قريش .
وهو المعروف عند قريش بانه سياسي حكيم , اكثر من غيره من فراعنتها.
وهـو اخـيرا من ائمة الكفر الذين امر اللّه رسوله (ص ) بقتالهم يغير من آيات اللّه شيئا ) هو ابو سفيان بن حرب , وامية بن خلف , وعتبه بن ربيعة , وابو جهل , وسهيل بن عمرو انتهى .
وقـد اختار سهيل بن عمرو البقا في مكة بعد فتحها ودخولها تحت حكم النبي (ص ) ولم يهاجر الى الـمـديـنة كبعض الطلقا , ولم يطلب من محمد منصبا ,لان كبرباه القرشي وتاريخه في الصراع مع النبي (ص ) يابيان عليه ذلك ولكنه قبل هدية النبي (ص ) في حنين وكانت مئة بعير , بينما كان رفضها في ايام القحط والسنوات الـعـجـاف الـتي حدثت على قريش بدعا النبي (ص ) ثم اشفق عليهم وارسل اليهم مساعدة , وكانت احمالا من المواد الغذائية , فقبلها اكثرهم وكان سهيل ممن رفضوها انه تاريخ طويل مشرق عند القرشييين , وان كان اسود عند اللّه تعالى ورسوله (ص ) هذا النسب وهذا التاريخ والصفات , اجتمعت حوله قريش بعد فتح مكة , وانضوت تحت زعامته وكـان النبي (ص ) قد عين حاكما لمكة بعد فتحها , هو عتاب بن اسيد الاموي وحعل معه انصاريا , ولكن قريشا كانت تفضل عليه سهيلا , وتسمع كلامه اكثر منه والـدلـيـل عـلى ذلك انه بعد وفاة النبي (ص ) ارتدت قريش عن الاسلام , وخاف حاكمها عتاب ان يـقتلوه فاختبا مع انه قرشي اموي وبعد ايام وصلهم خبر يطمئنهم ببيعة ابي بكر التيمي , وان احدا مـن بـني هاشم لن يحكم بعد محمد (ص ) فاطمان سهيل بن عمرو , وخطب في قريش بنفس خطبة ابـي بكر في المدينة , والتي مفادهاانه من كان يعبد محمدا فان الهه قد مات , ونحن لا نعبد محمدا , بـل هـو رسـول بـلـغ رسـالـتـه ومـات , وهو ابن قريش وسلطانه سلطان قريش , وقد اختارت قريش حاكما.
لنفسها بعده وهو ابو بكر , فاسمعوا له واطيعوا.
لـقـد طمانهم سهيل بان الامر بيد قريش , وليس بيد بني هاشم والانصار اليمانية الذين ( يعبدون ) محمدا , فلماذا الرجوع عن الاسلام فاطاعته قريش وانتهى مشروع الردة واصدر سهيل امره لعتاب الحاكم من قبل النبي (ص ) : اخرج من مخبئك ,واحكم مكة باسم الزعيم القرشي غير الهاشمي ابي بكر بن ابي قحافة التيمي ( راجع سيرة ابن هشام : 4 / 1079 , وفيها : فتراجع الناس وكفوا عما هموا به , وظهر عتاب بن اسيد).