توطئة
للتربية التي نخوض غمارَ سبقها، والولوج في مطاوي علومها، نرصفُ اللبنات الأولى، لميولٍ ومداركَ تحقق أغراضها وغاية وجودها.
ولأنه الإنسان سمة الوجود، وعلّة التشريع، وسبيل التقرّب إلى الله تعالى، الذي كان بعضَ إبداعه وخليفته لإعمار كونه.
ولأجل توطئةٍ مُثلى، على طريق ذات الشوكة، في تربةٍ مباركةٍ تُعِدُّ لمجتمعٍ طيب، يصقل المواهب الخيّرة، ليكون دافع الإنسان نحو إنسانيته، ليرقى متقدّمًا على ما عداه وسواه، وتلك كانت أهداف الرسالات وساحة عمل الأنبياء (عليهم السلام)، حيث أنتجت صفوة النُّخب في فجر انطلاقتها بقوةٍ واقتدار، وعزمٍ في الأداء لا يلين...
وبذات القوة، ومن أجل تثبيت النهج التربوي الرسالي الهادف ولكل من نصّب نفسه إمامًا للناس يقتدون به ويقتفون أثره للنّهل من معين عطائه الزاكي بصبرٍ وأناة:
الله الله في تزكية النفس وتطهيرها من دنس الكِبَر والغرور والأحقاد.
الله الله في قلوبكم ... عرش الله، ولْتبقَ معمورة بالعطف والحنان، وبالمشاعر الممتلئة حبًا لناشِئتنا، لتغدوَ على صورة المَثَلَ الذي أراده الله أن يُحتذى.
فبالتربية نبني ونقوّم.. ونعطي الحياة معناها الأسمى، بصورتها الأنقى، ونضع البذرة في أرضٍ خصبةٍ تؤتي أكلها بإذن ربها {... وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ}([1])، ولأجل هذا كان بحثنا التربوي -المتواضع هذا- المتمّم لبحثنا السابق الذي أوردناه في العدد السابع عشر لمجلتنا المباركة تحت عنوان (التربية بين التقليد والتجديد)، من أجل دراسةٍ موجزة عن المتغيرات التربوية، وكيفية محاكاتها للثقافة المجتمعيّة بأبعادها الثلاثة (العموميات - الخصوصيات - المتغيرات)، ثم لإفراد عناوين دور كلٍّ من الأسرة والمدرسة، والتناغم الآيل لتربية إيمانية قويمة، تكمل فيه المدرسة الدور، وتملأ فراغًا قد يطرأ، عبر معلّمٍ مختص يؤدي الرسالة، ويؤتمن على الأفراد، تمامًا كما فعل الأنبياء (عليهم السلام) والصالحون، في سبيل النهضة التربوية الرائدة لبناء الشخصيّة الملتزمة الواعية المؤمنة، كوافدة على المستقبل تحملُ مشعلَ الخلاص للأمة بقوة واقتدار.
1- التربية والتغيير
لعبت التربية -ولا زالت- دورًا رائدًا على مسرح المجتمعات البشرية، ولازمت المتغيرات التي طاولت النظام الاجتماعي برمّته.
وقد برزت بلحاظ تلك المتغيرات الثقافية التربوية كلاعبٍ رئيسٍ في إدراك الواقع والظروف المحيطة، ولتُحَدَّدَ على أثرها المواقف ولتصاغ صورة المجتمعات على ضوء نتائج الديناميكيا التربوية الجديدة لحراك مقصود.
وعلى عكس هذا فإن مبدأ الحشو وإكساب الخبرات، بعيدًا عن المطابقة الحيّة لواقع الحياة، قد جعلت همَّ المدارس في إنجاز المقررات والمناهج، وبالمقابل كان همُّ التلامذة التفوّق للحصول على النتائج الأفضل، والترفّع إلى مرحلة جديدة.
وتجدر الملاحظة هنا إلى أن معظم من تفوّق في ميدان الدراسة قد فشل في الميدان الاجتماعي في أول امتحان له، لغياب التربية الهادفة، الملازمة للتحصيل العلمي في سنيّ الدراسة.
فالمتعلم لم يَعُدْ تلك الوجهة الصالحة المقصودة في بني قومه، ولا ذاك المتكيّف بذوقه وعواطفه وسلوكه بحسب الواقعية المتوخّاة.
وأدهى من كل هذا ترى من يقود عملية التربية مسكونًا بآراء غربيّة، في المنهج والفكر والاقتصاد والفلسفة، ويعمل على بثّها بين ناشئتنا وأجيالنا من حيث يدري أو لا يدري، لإشاعة أفكار غربية هدّامة تنفذ إلى مجتمعاتنا تحت مسمّى العلم والنهضة لمحاربة التقوقع والتزمّت.
ومؤدّى ذلك هو حمل المتعلمين على الانبهار بالمستعمر والاندماج بأفكاره.
وقد صرّح بهذه الظاهرة الكاتب الإنجليزي -ميكالي- عندما كان رئيسًا للجنة التعليمية عام 1835م التي قرّرت جعل اللغة الإنجليزية أداة لتعليم الهنود بدلاً من لغتهم، فقال :
[... يجب أن ننشئ جماعة تكون ترجمانًا بيننا وبين الملايين من رعيّتنا، وستكون هذه الجماعة هنديّة في اللون والدم، إنجليزية في الذوق والرأي واللغة والتفكير...] ([2]).
إن آراء ميكالي وأمثاله يجب أن تدفعنا وتحفّزنا على مجابهة تلك الأفكار الوافدة بهدف إقصائنا عن مسرح التأثير في الحياة، لخلق جيلٍ واعٍ يستنير بنور الإسلام، ويتبنّى عقيدته ونظامه ومنهاجه، باعتباره دينًا وثّابًا له أيديولوجيته الفطرية والإنسانية ودستورًا متكاملاً في كل شيء.
2- الثقافة والتربية في المجتمع
تتأثّر التربية لدى الأطفال بعدة عوامل بيئية، تعمل على تلقين مفرداتها للناشئة.
فمن الثقافة التي تُبنى من خلال الطبيعة ومظاهرها، إلى ثقافة مكتسبة من الناس والجماعات، حيث يُعتبران معًا مجموعة الظروف المحيطة بالفرد والتي تكسبه طابعه الخاص وتؤثر فيه. فالطفل يولد في أسرته، التي تعتبر مؤسسته الاجتماعية الأولى، وتليها المدرسة، ثم المجتمع الأكبر، حيث تشترك جميعها في العمل على أنسنة هذا المخلوق.
كيف لا؟ فالثقافة التربوية لديها إمكانية الاكتساب، والانتقال من جيل لآخَر عبر كفاح الإنسان ونشاطه، ولهذا اعتبرت التربية عاملاً رئيسًا من عوامل الثقافة المجتمعية، وقديمًا قيل : [لا ثقافة بدون تربية، ولا تربية بدون ثقافة].
وبناءً عليه، فقد بُنيَ موقف التربية من الثقافة وفق مستوياتٍ ثلاثة :
أ - على مستوى العموميات :
ونعني بها [... جميع العناصر الثقافية التي يشترك فيها جميع أفراد المجتمع، كالأفكار والعادات والتقاليد وأنماط السلوك واللغة] ([3]). وبدورها تعمل على شدّ أواصر المجتمع، وبنائه مستقرًّا متضامنًا.
وقد أكسبت التربية هذه المفاهيم القيم والسلوك السويين، وصولاً للمحتوى الأخلاقي الذي يبدأ بإلزاميةِ مجانيةِ التعليم، لتتقارب مستويات المجتمع وتردم الهوّة القائمة بين طبقاته.
ب - على مستوى الخصوصيات
ونقصد بها طرائق التفكير، والعادات والمصطلحات والمعتقدات التي تحكم سلوك الأفراد، وهنا يأتي دور التربية ليهذّب تلكم الطرائق والعادات لتتحوّل العقيدة الإيمانية إلى سلوك جماعي، كمثل الجسد الواحد ويمثّل الإنسان فيه بعدًا أرضيًا للإيمان بالله والتقرّب إليه، (أحبهم إليه أنفعهم لعياله) ([4]).
ج- على مستوى المتغيّرات
حيث يمارس الفرد هنا قناعاته، في خضم عالم متغيّر، يُثري عاداته بإضافات جديدة، له حق الاختيار فيها.
وهنا تبرز عقدة اصطدام تلك المتغيرات بما أَلِفَه الإنسان واعتاد عليه، ليأتي دور التربية الموجّه لحسن الاختيار القويم، حيث المصلحة العليا للفرد والمجتمع والأمة، حتى تغدو تلك المفردات الجديدة جزءًا من ثقافة ذاك المجتمع، أو قل ربّما تحلّ محل عناصر قديمة، وتصبح جزءًَا من ثقافة الأمة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى خطورة ما تُحدثه تلك الثقافات الدخيلة -وفي أغلب الأحيان- من هزّة واضطراب، وصراع بين الأجيال، فتختلّ العلاقات الاجتماعية ويضطرب السلوك.
والحاجة هنا ماسّة لإعادة التكامل والتوازن، وهضم المتغيّرات بما ينسجم مع أعراف وتقاليد المجتمع.
مثال على ذلك: رفض فكرة التلفزيون لأول مرّة، وما يتضّمنه من ممارسات غير مقبولة ومخالفةٍ لثقافة المجتمع، مما يحتّم تدخّل التربية في تهذيب ذاك الطارئ على المجتمع بإيجابيةِ وجه الانتفاع به.
3- دورُ كلًّ من الأسرة والمجتمع في تربية الطفل
أ- دور الأسرة :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : "كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه"([5]).
عن الإمام علي (عليه السلام) : "حُسْنُ الأخلاق برهان كرم الأعراق"([6]).
وعن دور الأب: ".. أبتاه كان عليك أن تقول لي لا أحيانًا لتأديبي وتدريبي، حتى لو كنتَ مستطيعًا، كان يجب في بعض المرّات أن تحرمني لأعتاد على واقع الحياة..." ([7]).
وعن تأثير الأم في الولد، فعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ".. أطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر، فإن ولدها يكون حليمًا تقيًا"([8]).
ب-طهارة المولد :
((إن القرآن الكريم يعبّر عن رجلين من هؤلاء العظماء بطهارة المولد والسلام يوم الولادة، وهما يحيى بن زكريا، وعيسى بن مريم.
يقول في حق يحيى (عليه السلام): {سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ}([9]). ويقول على لسان المسيح (عليه السلام): {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ}
([10])، والسلام هنا بمعنى : عموم العافية، أي الطهارة الكاملة للبدن والروح. وهذه الحقيقة -أي طهارة المولد- متساوية في جميع الرسل والأنبياء.
والنكتة الأخرى التي يجب التنبّه لها هي : أن القرآن عبّر عن السلامة في دور الرحم بسلامة يوم الولادة، وذلك لأن السلامة في تمام ذلك الدور لا تعرف إلا بعد
ولادة الطفل سالمًا، واجتيازه تلك المراحل كلها بنجاح حيث تنقطع صلته تمامًا برحم أمه... ولا ريب فلسلامة المولد قيمتها باعتبارها السبب الأول في نشوء جيل
مستوٍ وخلقِ مجتمع فاضل تنتشر فيه روح السعادة والإنسانية والصفاء))([11]).
... وهذا لقمان الحكيم (عليه السلام) يرشد ولده ويقوّم سلوكه كدليل على دور الأب الريادي في ميدان الإعداد والتوجيه، وقد خلّد القرآن الكريم هذه الإرشادات "الوصايا" لما لها من عظيم الشأن، وبالغ الأثر على النفس الإنسانية، قال (عليه السلام):
{يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}([12]).
وقد دلّت الآيات الكريمة على لسان لقمان الحكيم (عليه السلام)، على الدور التربوي الذي يجب أن يضطلع به الأب لرعاية ولده والقيام بتربيته لضمان سعادته في الدارين "الدنيا والآخرة".
فأراد تجنيبه لأعظم المعاصي، وإحدى أهم الكبائر "الشرك بالله" وحثّه على شكر الوالدين كمقدمة لشكر المولى عز وجلّ، وذلك من خلال تقدير فضل الأم في حمله وتربيته ورضاعته، مُنذرًا إياه بأن المرجع إلى الله تعالى، وعليك التهيؤ للحساب.
وبعد، فقد أنكر عليه طاعة الوالدين عند إلحاحهما عليه بالشرك بالله، وزوّده بأسلوب تربوي فريد عند رفضه لهذا النوع من الأوامر، وذلك من خلال الرفق واللين دون جفاء أو خشونة، وذكّره بأن الأعمال معروضة على الله يوم القيامة، ثم دعاه لإقام الصلاة والأمر بالمعروف، إلى أن نهاه عن التكبّر، وعدم الإعراض عن الناس بتصعير الخدّ، وألزمه التواضع في المشي وعدم المبالغة برفع الصوت التي هي من صنيع الحمير.
هذه هي مدرسة القرآن، ومنهج السماء في عملية الإعداد والتربية لأنصار الرسالة وأتباعها ليكونوا طلائع السير بين الناس إلى الله... يصدعون بالحق كروّاد، ودعاة أمر حكيم، وعمالقة أخلاق وجمال أسلوب.
ج - دور المدرسة في التربية
وهناك اتجاه يقول بأن تُتْرَك مهمة التربية للمدرسة، وآخر يقول أن المدرسة يبدأ عملها بعد عمل الأسرة.
ونقول : مما لا شك فيه أن التناغم الكبير والمحاكاة المطلوبة في عملية البناء التربوي تفرض التكامل بينهما، بحيث يتوجّب على الأهلين القيام بالإشراف المباشر على تربية الطفل، والقيام بما يصلحه، من أجل مستقبل أفضل.
والمدرسة هي الأخرى متممة لدور الأهل، ومن خلال المتابعة البنّاءة بينهما لشؤون الطفل وشجونه إذ لا يجب الفصل بين الدورين "الأسرة والمدرسة" باعتبارهما مسرح تواجد الطفل في سنيه الأولى، ومرتع انفعالاته ومواهبه واستخراج إبداعاته وقدراته بشكل إيجابي مدروس.
نعم قد يتمّيز دور المدرسة استثنائيًا حال تفكّك بعض الأسر، مما يعوق قيامها بوظيفتها التربوية، ولا يخفى ما لدور مجالس الأهل والمعلمين في تلك المتابعة التي يجب أن تتّسم بالفاعلية، باعتبارها مسؤولية مشتركة متعاونة للوصول إلى تنشئة صحيحة وسليمة، حيث تسهم -وإلى حدّ كبير- في فهم عالم الطفل ونموّه ومتطلباته المشتركة.
لكن الخطر المحدق يبرز عند خروج المرأة للعمل، فتفقد أصالة دورها التربوي باعتبارها العمود الفقري للتربية، فيجعلها على خلاف ذلك. وظروف العمل هذه تنعكس بالسلب على طريقة تربية الأم لأبنائها، فلا تجد ما يخفّف عنها أعباء دورها كزوجة، وأم راعية.
4 - خصائص وميزات المعلم الناجح
وبما أن الحديث عن المدرسة التي قوامها حسن اختيار المعلم، والمرشد، والموجّه في آن، والمؤتمن على فلذات أكبادنا، فلا بد -والحال هذه- من انتقاء المعلم الأنجح، والمربي المميّز، بحيث يستحق أن يكون رسول محبة وخير، ويجب أن يكون :
- مؤمنًا ملتزمًا بتعاليم الدين القويم، وأمينًا على إيصالها إلى الناشئة.
- ذا تقوى عالية، يشعر بالرقابة الإلهية عند أدائه لدوره.
- متفقّهًا بأحكام الدين الحنيف، ليتمكّن من القيام بدوره كآمرٍ بالمعروف وناهٍ عن المنكر.
ولذا يجب عليه:
- إيقاظ الشعور الديني في نفوس تلامذته.
- التركيز على الشخصيات الرسالية التي لعبت دورًا بارزًا في تاريخ الإسلام، ليتحقق لهم حسن القدوة والأسوة.
- حيازة مؤهلات علمية متميّزة في مجال اختصاصه وعطائه.
- الخضوع وبشكل دوري لإعادة تأهيل وتدريب في الاختصاص من ناحية، والإحاطة بعالم الولد من ناحية أخرى في ظل متغيرات متسارعة.
- الإخلاص في العطاء، والرغبة في أداء دوره كرسالي لا كموظف.
- الإحاطة بعادات وتقاليد مجتمعه.
- الهدوء، والصبر وسعة الصدر، والقدرة على تجاوز الأخطاء، وحلّ المشكلات.
- المحافظة على كرامة التلميذ، وتجنّب التقريع وأسلوب السخرية.
- تجنّب المساءلة والمبالغة بها، وخاصة بما لا يعنيه، تجنبًا لخدش كرامة الناس مهما قلّت.
- عدم التقدّم لمكان أو على قوم فيهم مَن هم أفضل منه.
- المداومة على المطالعة والكتابة، والتواصل الاجتماعي.
- التمتع بدقة الملاحظة وسرعة البديهة، والقدرة على أخذ الموقف المناسب بالسرعة الممكنة ودون تسرّع.
- تجنب الصراخ ورفع الصوت، والمحافظة على رباطة الجأش، وعدم إظهار العصبية، وأن لا يجري على لسانه أيّ استهزاء اتجاه الولد.
جِراحاتُ السنانِ لها التئامُ
ولا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
- فتح آفاق الطلاب على خطط المستعمرين، وأساليبهم، وتحصينهم بالأساليب والقدرات الفكرية الكفيلة لمواجهتها، وتنبيههم دائمًا على الأخطار المحدقة بأمتهم.
- الإقدام على محاسبة نفسه يوميًا، ما إذا كان راضيًا عمّا قدّمه لتلامذته، وهل قام بدوره كاملاً وكأنه يربي ويشرف، ويدرس ولده وفلذة كبده.
5 - الخاتمة
وبعد، فإن الحديث عن التربية شاق وطويل، والولوج في مطاوي أهدافه، أو مكامن أبعاده في إطار متكامل نحو مشروع لنهضة الأمة ليس بالأمر السهل، والمتصدي للعمل التربوي يستثير الواقع بإلحاح وقوّة بصيرة، لقيادة عملية اجتياز تفاعلية للبيئة المحلية والأممية أيضًا، بعيدًا عن دوامة التداخل الثقافي المستجدة، لصياغة الشخصية الرسالية، وفق ممر إلزامي يتوّج العلاقة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع.
وهنا تتناغم قدرات كل مرحلة، ومهارات الطفل المكتسبة لاحقًا لتتحوّل وفق منطق تطويري تدريجي، لمعارف صاغتها التجربة ثم راجت كنتائج فاعلة، ضمن استراتيجية آيلة لمستلزمات النهوض.
من هنا كانت المقاربة لمراحل التربية الثلاث "الأسرة -المدرسة- المجتمع" وتفعيل آلياتها، لكي تصل إلى حالة اندماج تربوي رائد يرقى بالفرد، مرورًا بالمجتمع، وصولاً لأمة تأخذ موقعها تحت الشمس بقوة الحق السليم، الناتج عن تطبيق برامج السماء، ومناهج الله لعباده.
ولا يمكن لذلك أن يتم أو يحصل إلا بالمعلّم المخلص، العالم بقضايا أمّته، المرتبط بقيم الشريعة السمحاء، وواقع الحياة، ومتغيراتها، وأن لا يحيد عن سبيل الحق كعالم ربّاني مداده أفضل من دماء الشهداء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
([1]) الأعراف : 58.
([2]) باقر شريف القرشي، النظام التربوي في الإسلام، ص133، دار التعارف للمطبوعات، 1983.
([3]) أبو طالب محمد سعيد ود. رشراش عبد الخالق، عوامل التربية (2)، ص62 دار النهضة العربية، ط1، 2001.
([4]) قرب الإسناد ، الحميري القمي ، ص120 ح421.
([5]) بحار الأنوار، ج3 ص281، ط2، 1983، مؤسسة الوفاء، بيروت-لبنان.
([6]) غرر الحكم ودرر الكلم،الآمدي، ص167، دار الثقافة في النجف الأشرف.
([7]) أبتاه، سامي خضرا، ص18، دار الهادي، 1997م.
([8]) مكارم الأخلاق ص86.
([9]) مريم : 15.
([10]) مريم : 33.
([11]) الطفل بين الوراثة والتربية ، محمد تقي فلسفي، ص90-91، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات .
([12]) لقمان : 13-19.