عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

هداية الفطريات وتعديل الغرائز

الورد

إذا ثبتت نبوة نبي بدلائل مفيدة للعلم بنبوته، ثم نصّ هذا النبي على نبوة نبي لاحق يأتي من بعده، كان ذلك حجة قطعية على نبوة اللاحق، لا تقل في دلالتها عن المعجزة.

وذلك لأنّ النبي الأول، إذا ثبتت نبوته، يثبت كونه معصوماً عن الخطأ والزلل، لا يكذب ولا يسهو، فإذا قال "والحال هذه": سيأتي بعدي نبي اسمه كذا، وأوصافه كذا وكذا، ثم ادّعى النبوّة بعده شخص يحمل عين تلك الأوصاف والسمات، يحصل القطع بنبوته.

ولا بدّ أن يكون الإستدلال بعد كون التنصيص واصلاً من طريق قطعي، وكون الأمارات والسمات واضحة، منطبقة تمام الإنطباق على النبي اللاحق، وإلا يكون الدليل عقيماً غير منتج.

ومن هذا الباب تنصيص المسيح على نبوة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما يحكيه سبحانه بقوله: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُول يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾(الصف:6).

ويظهر من الذكر الحكيم أنّ السلف من الأنبياء وصفوا النبي الأكرم بشكل واضح، وأنّ أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي كمعرفتهم لأبنائهم. قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ﴾(البقرة:146).

بناءً على رجوع الضمير إلى النبي، المعلوم من القرائن، لا إلى الكتاب.

وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾(الأعراف:157).

وقد آمن كثير من اليهود والنصارى بنبوة النبي الخاتم في حياته وبعد مماته، لصراحة التباشير الواردة في العهدين.

هذا، وإنّ الإعتماد على هذا الطريق في مجال نبوة النبي الخاتم، في عصرنا هذا، يتوقف على جمع البشائر الواردة في العهدين وضمّها إلى بعضها، حتى يخرج الإنسان بنتيجة قطعية على أنّ المراد من النبي المُبَشِّر به فيهما هو النبي الخاتم: وقد قام بهذا المجهود لفيف من العلماء وأَلَّفوافيه كتباً1.

*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني.

------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- لاحظ منها كتاب "أنيس الأعلام"، ومؤلفه كان قسيساً محيطا بالعهدين وغيرهما وقد تشرّف بالإسلام، وألف كتباً كثيرة، منها ذاك الكتاب وقد طبع في ستة أجزاء.


source : http://alollah.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العلاقة بين رجل الدين والمجتمع
مسؤوليات الشباب في كلام القائد
ما تفسیر آیة "ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ ...
ارضاء الروح
تنصيص النبي السابق على نبوة اللاحق
في قول النبي لأهل بيته: (أنا حرب لمن حاربكم) ...
نظرة قرآنية حول مفهوم الموت
کیف ندعو الله اذا مرضنا؟
وقفة بين يدي زِيارة الأربعِين
من هو النبي المرسل؟ ومن هم الأنبياء؟ وما هي ...

 
user comment