عربي
Thursday 7th of November 2024
0
نفر 0

تحدید الإیمان والکفر

الإیمان عبارة عن الإذعان بالله سبحانه والیوم الآخر ورسالة النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " فهذه الأمور الثلاثة تشکل دعامات الإیمان وأرکانه ، وما سواها ترجع بشکل إلیها . نعم لما کان ما خلف النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " من تراث فی مجال المعارف والأحکام ضخما لا یمکن استحضاره فی الضمیر ثم التصدیق به ، اضطر العلماء إلى تقسیمها عندما جاء به النبی إلى قسمین :
تحدید الإیمان والکفر

الإیمان عبارة عن الإذعان بالله سبحانه والیوم الآخر ورسالة النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " فهذه الأمور الثلاثة تشکل دعامات الإیمان وأرکانه ، وما سواها ترجع بشکل إلیها . نعم لما کان ما خلف النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " من تراث فی مجال المعارف والأحکام ضخما لا یمکن استحضاره فی الضمیر ثم التصدیق به ، اضطر العلماء إلى تقسیمها عندما جاء به النبی إلى قسمین :
قسم معلوم بالتفصیل کتوحیده سبحانه والحشر یوم المعاد فی مجال العقائد ، ووجوب الصلاة والزکاة ونحوهما فی مجال الأحکام ، وقسم منه معلوم بالإجمال نعلم وروده فی الکتاب والسنة ، فلا محیص للمؤمن أن یؤمن بالأول على وجه التفصیل ، وبالثانی على وجه الإجمال .
قال عضد الدین الإیجی : الإیمان : التصدیق للرسول فیما علم مجیئه به ضرورة وتفصیلا فیما علم تفصیلا ، وإجمالا فیها علم إجمالا . ( 1 )
وبعبارة أوضح : أن ما جاء به الرسول صلى الله علیه وآله وسلم إما أن یعلم به بالضرورة کوجوب الصلاة والزکاة والجهاد والحج ، وإما أن لا یعلم به کذلک .
فالمؤمن هو الذی یعتقد بصحة کل ما بعث به الرسول " صلى الله علیه وآله وسلم " إلى أمته ، غیر أن المعلوم بالضرورة ، یؤمن به تفصیلا وما لم یعلم ، یؤمن به على وجه الإجمال .
ویظهر مما تقدم أن الإیمان یتجلى فی أصول ثلاثة :
الأصل الأول : الإیمان بالله سبحانه وتوحیده .
الأصل الثانی : الإیمان بالآخرة وحشر الناس فی الیوم الموعود .
الأصل الثالث : الإیمان برسالة الرسول صلى الله علیه وآله وسلم وما جاء بها . والاعتقاد بهذه الأصول الثلاثة یورث الإیمان ویدخل الإنسان فی حظیرته ویتفئ فی ظلاله وظلال الإسلام . هذا ما علیه علماء الإسلام دون فرق بین طائفة وأخرى ، وقد آثروا فی ذلک ما روی عن النبی " صلى الله علیه وآله وسلم " فی غیر واحد من المواقف .
1 . روى الإمام علی بن موسى الرضا " علیهما السلام " ، عن آبائه ، عن علی " علیهم السلام " ، قال : " قال النبی صلى الله علیه وآله وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى یقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوا حرمت علی دماؤهم وأموالهم " . (2)
2 . أخرج الشیخان ، عن عمر بن الخطاب ، أن علیا صرخ : یا رسول الله على ماذا ، أقاتل ؟ قال (صلی الله علیه وآ له وسلم) : " قاتلهم حتى یشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإذا فعلوا ذلک فقد منعوا منک دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " . ( 3 )
3 . روى أبو هریرة أن رسول الله " صلى الله علیه وآله وسلم " قال : " لا أزال أقاتل الناس حتى یقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها فقد عصموا منی دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " . ( 4 ) إلى غیر ذلک من النصوص الدالة على أن محور الإسلام والکفر کلمة " لا إله إلا الله ومحمد رسول الله " ولو اقتصر فی بعض على أصل واحد ولم یذکر المعاد وحشر الناس أو لم یذکر رسالته فلوضوحهما .
نعم ، لیس الإیمان بالأصول الثلاثة فقط مورثا للسعادة ، ومنقذا عن العذاب والعقاب ، بل لا بد من انضمام العمل إلیه واقترانه بامتثال أوامره ونواهیه فی الکتاب والسنة ، وذلک من الوضوح بمکان ، وقد وردت فی هذا الصدد روایات عدیدة نقتصر على قلیل منها :
1 . روى عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله " صلى الله علیه وآله وسلم " : " بنی الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإیتاء الزکاة ، والحج ، وصوم شهر رمضان " . (5)
2 . ما روی عن رسول الله " صلى الله علیه وآله وسلم " متضافرا أنه قال : " من شهد أن لا إله إلا الله ، واستقبل قبلتنا ، وصلى صلاتنا ، وأکل ذبیحتنا ، فذلک المسلم ، له ما للمسلم وعلیه ما على المسلم " . ( 6 )
وعلى ضوء ذلک فالذی یمیز المؤمن عن الکافر هو الاعتقاد بالأصول الثلاثة ، وأما عندما یوجب السعادة الأخرویة فهو فی ظل العمل بالواجبات والانتهاء عن المحرمات .
ویشیر إلى الأمر الأول ما مر من الروایات التی ترکز على العقیدة ولا تذکر من العمل شیئا . کما تشیر إلى الأمر الثانی الروایات التی ترکز على العمل وراء العقیدة . إذا عرفت ما یخرج الإنسان من الإیمان ویدخله فی الکفر ، یعلم منه أنه لا یصح تکفیر فرقة من الفرق الإسلامیة ما دامت تعترف بالأصول الثلاثة .
وفی الوقت نفسه لا تنکر ما علم کونه من الشریعة بالضرورة کوجوب الصلاة والزکاة وأمثالهما . هذا ما نص علیه جمهور المتکلمین والفقهاء . ( 7 ) وها نحن نذکر بعض الشواهد على هذا الموضوع .
1 . قال ابن حزم عندما تکلم " فیمن یکفر ولا یکفر " : " وذهبت طائفة إلى أنه لا یکفر ولا یفسق مسلم بقول قاله فی اعتقاد أو فتیا ، وإن کل من اجتهد فی شئ من ذلک فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على کل حال ، إن أصاب الحق فأجران ، وإن أخطأ فأجر واحد . وهذا قول ابن أبی لیلى ، وأبی حنیفة ، والشافعی ، وسفیان الثوری ، وداود بن علی وهو قول کل من عرفنا له قولا فی هذه المسألة من الصحابة ( رضوان الله علیهم ) عندما نعلم منهم فی ذلک خلافا أصلا " . (8)
2 . وقال شیخ الإسلام تقی الدین السبکی : إن الإقدام على تکفیر المؤمنین عسر جدا ، وکل من فی قلبه إیمان ، یستعظم القول بتکفیر أهل الأهواء والبدع مع قولهم لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فإن التکفیر أمر هائل عظیم الخطر . (9)
3 . وقال أحمد بن زاهر السرخسی الأشعری : لما حضرت الوفاة أبا الحسن الأشعری فی داری ببغداد أمر بجمع أصحابه ثم قال : اشهدوا على أننی لا أکفر أحدا من أهل القبلة بذنب ، لأنی رأیتهم کلهم یشیرون إلى معبود واحد والإسلام یشملهم ویعمهم . (10)
المصدر :
بحوث قرآنیة فی التوحید والشرک - الشیخ جعفر السبحانی
1- الإیجی ، المواقف ، ص 384 .
2- البحار : 68 / 242 .
3- صحیح البخاری : 1 / 10 ، کتاب الإیمان ، صحیح مسلم : 7 / 17 ، کتاب فضائل علی " علیه السلام " .
4- الشافعی : الأم : 6 / 157 ، اقرأ کلامه فیه حول هذا الموضوع .
5- صحیح البخاری : 1 / 16 ، باب أداء الخمس من کتاب الإیمان .
6- ابن الأثیر : جامع الأصول : 1 / 158 .
7- لاحظ المواقف للإیجی : 392 .
8- ابن حزم : الفصل : 3 / 291 .
9- الشعرانی : ، الیواقیت والجواهر : 2 / 125 ، ط عام 1378 ه‍ .
10- الشعرانی : الیواقیت والجواهر : 2 /


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

موقف الخلافة من المصحف العلوي ومصيره بعد ذلك
عصمة الإمام في القرآن
زكاة الفطرة وفوائدها
ماذا بعد الموت
معاني الإمامة ومراتبها
العدل الإلهي والعقوبة الأُخروية
موقف ابن تيمية من مناقب علي بن أبي طالب عليه ...
مراتب وأقسام التوحید
شروط وصفات الولي
فكّر ثم فكّر ثم فكّر حتى يؤمن بك الناس وتؤمن ...

 
user comment